الفتح الإسلامي لفارس: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
ط ←‏الوضع الاجتماعي: تدقيق لغوي
سطر 108:
=== الوضع الاجتماعي ===
[[ملف:Sassanid Music Plate 7thcentury.jpg|تصغير|يمين|لوحة من [[القرن السابع|القرن السَّابع الميلادي]] تُصوَّر موسيقيي العصر الساساني يعزفون أمام أحد النُبلاء.]]
كان المُجتمع الفارسي الساساني قائمٌقائمًا على نظام مُلزم للطبقات وفق هيكلٍ أنشأه مؤسس هذه السُلالة الشاه [[أردشير الأول|أردشير بن بابك]]، وقد بقي هذا الهيكل الاجتماعيّ والإداريّ من الأُمور المُقدَّسة التي لا تحتمل التغيير حتَّى أواخر عهد الإمبراطوريَّة.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= كريستنسن، آرثر|المؤلف2= ترجمة وتحقيق يحيى الخشَّاب وعبد الوهَّاب عزَّام|العنوان= إيران في عهد الساسانيين|الإصدار= الأولى|الصفحة= 84 - 85|السنة= [[1998]]م|الناشر= [[الهيئة المصرية العامة للكتاب|الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب]]|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> ونصَّت [[الأبستاق]]، أي الكتاب المُقدَّس [[مجوس|للمجوس]]، على ثلاث طبقات اجتماعيَّة باستثناء طبقة الحُكَّام، هي: رجالُ الدين، ورجالُ الحرب والحرَّاثين، وأصحاب المهن والحِرف. غير أنَّ تطوّر الحياة العامَّة في الإمبراطوريَّة، أفرز نظامًا سُباعيًا على أساس سبع طبقات، وقُسِّمت كُل طبقة بدورها إلى عدَّة أقسام. كانت '''الطبقة الأولى''' تتكوَّن من المُلوك والأُمراء وحُكَّام الولايات، وعلى رأسهم شاه فارس الذي يحكم وفقًا لِنظريَّة الحق الإلهي المُقدَّس للمُلوك، ويحمل لقب «شاهَنشاه» أي «ملك المُلوك»، ويُدعى حاكم الولاية «مرزبان» ويحمل لقب «شاه» أي «ملك». والإمارة وراثيَّة شرط الالتزام بما يفرضه الشاهَنشاه من تدابير يتمثَّل بعضها بالتزام الأمير المُقطع وضع قوَّاته العسكريَّة تحت تصرُّفه وتأدية جزية مُعيَّنة.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= كريستنسن، آرثر|المؤلف2= ترجمة وتحقيق يحيى الخشَّاب وعبد الوهَّاب عزَّام|العنوان= إيران في عهد الساسانيين|الإصدار= الأولى|الصفحة= 89|السنة= [[1998]]م|الناشر= [[الهيئة المصرية العامة للكتاب|الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب]]|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> وكانت '''الطبقة الثانية''' هي طبقة الأشراف، ويُشكِّلُ هؤلاء الطبقة القويَّة المُكوَّنة من رؤساء الأُسر السبع المُمتازة، ولِكُلِّ أسرةٍ من هذه الأُسر منطقة نُفوذ تُقيمُ فيها إلى جانب انخراط أفرادها في البلاط، ويحتكرون بعض الوظائف العامَّة مثل تتويج الملك والتعبئة العسكريَّة وإدارة شؤون الحرب وجباية الضرائب.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= كريستنسن، آرثر|المؤلف2= ترجمة وتحقيق يحيى الخشَّاب وعبد الوهَّاب عزَّام|العنوان= إيران في عهد الساسانيين|الإصدار= الأولى|الصفحة= 93 - 96|السنة= [[1998]]م|الناشر= [[الهيئة المصرية العامة للكتاب|الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب]]|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> وتكوَّنت '''الطبقة الثالثة''' من رجال الدين، وهم عدَّة أقسام، يرأسهم قاضي القضاة أو «موبذان موبذ»، ثُمَّ المؤابذة والزُهَّاد والسدنة، والهرابذة خُدَّام النار المُقدَّسة.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= كريستنسن، آرثر|المؤلف2= ترجمة وتحقيق يحيى الخشَّاب وعبد الوهَّاب عزَّام|العنوان= إيران في عهد الساسانيين|الإصدار= الأولى|الصفحة= 103|السنة= [[1998]]م|الناشر= [[الهيئة المصرية العامة للكتاب|الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب]]|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> وتألَّفت '''الطبقة الرَّابعة''' من رجال الحرب، يترأسهم «إيران سپهبد»، وتشمل صلاحيَّاته وزارة الحرب وقيادة الجيش العُليا، يليه الضُبَّاط على اختلاف رُتبهم ويُطلق عليهم لقب «الأساورة».<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= كريستنسن، آرثر|المؤلف2= ترجمة وتحقيق يحيى الخشَّاب وعبد الوهَّاب عزَّام|العنوان= إيران في عهد الساسانيين|الإصدار= الأولى|الصفحة= 118 - 119|السنة= [[1998]]م|الناشر= [[الهيئة المصرية العامة للكتاب|الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب]]|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> أمَّا '''الطبقة الخامسة''' فكانت تتألَّف من موظفي الدواوين أو الكُتَّاب، وهي تضم كُتَّاب الرسائل والحسابات والشُعراء والأطباء والمُنجمون. وكانت '''الطبقة السَّادسة''' تتكوَّن من «الدَّهاقون»، وهم رؤساء القُرى ومُلَّاك الأراضي الذين يستمدون قوَّتهم من الملكيَّة الوراثيَّة للإدارة المحليَّة، ووظيفتهم الأساسيَّة هي استلام الضرائب وتمويل الدولة. أمَّا '''الطبقة السَّابعة'''، فهي طبقة الشعب، وهم الفلَّاحون والصُنَّاع والرُعاة والتُجَّار وأهل الحِرف.<ref name="طقوش2">{{مرجع كتاب|المؤلف1= طقّوش، مُحمَّد سُهيل|العنوان= تاريخ الخُلفاء الرَّاشدين: الفُتوحات والإنجازات السياسيَّة|الإصدار= الأولى|الصفحة= 96 - 97|السنة= [[1424هـ]]ـ - [[2002]]م|الناشر= دار النفائس|الرقم المعياري= 9953181012|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref>
 
تفاوتت الطبقات الاجتماعيَّة الفارسيَّة سالِفة الذِكر في النسب والمنزلة، وظهر التمييز بينها واضحًا في المركب والملبس والمسكن وعدد الزوجات والجاريات والخدم،<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= كريستنسن، آرثر|المؤلف2= ترجمة وتحقيق يحيى الخشَّاب وعبد الوهَّاب عزَّام|العنوان= إيران في عهد الساسانيين|الإصدار= الأولى|الصفحة= 302|السنة= [[1998]]م|الناشر= [[الهيئة المصرية العامة للكتاب|الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب]]|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> فلِكُلِّ فردٍ منزلته ومرتبته ومكانه المُحدد في الجماعة. وحُظر الانتقال من طبقةٍ إلى طبقة أعلى منها بوجهٍ عام إلَّا في حُدودٍ ضيِّقةٍ، على أنَّ هذا الاستثناء لا يطالُ الارتقاء إلى طبقة رجال الدين. فالموبذ يجب أن يكون ابن موبذ، لاعتقاد أفراد هذه الطبقة أنَّهم أُسرة واحدة لا يجوز لأجنبيّ أن ينتسب إليها. ضاق أبناء الشعب الفارسيّ بهذا النظام، فالفرد منهم كان يشقى ويتعب لِتربية أولاده ورعايتهم، حتَّى إذا شبُّوا وبدأوا يُساعدونه على تحمّل أعباء الحياة؛ جمعهم الأشراف ليُقدموهم إلى الشاهَنشاه الذي يقذف بهم في أُتون الحروب. ولقد استهان الشاهَنشاهات بِرؤساء الطبقات الرفيعة، فلم يُراعوا حق الدين والوطن، ورُبَّما أجلس بعضهم عدوَّ البلاد على العرش. كما أنَّ رجال الدين خلعوا لِباس التقوى، وألهاهم جمع المال، وفُتنوا بالمظاهر، وناصبوا الأشراف العداء السافر، وأخذ بعضهم يكيدُ لِبعض، وكانت كُلُّ طائفةٍ تسعى لِمصلحتها دون النظر إلى مصلحة المجموع.<ref name="طقوش2"/> أفقدت هذه الأوضاع الشَّاذة ثقة الفارسيّ بِمُجتمعه ووطنه، وتزعزع إيمانه بهذا النظام، ولم تقضِ إصلاحات [[كسرى الأول|كسرى الأوَّل أنوشروان]] على ما في نُفوس الناس من الشُعور بالظلم، والتطلُّع إلى من يتحدَّث عن المُساواة وتكافؤ الفُرص بين النَّاس، حتَّى وجدوا ذلك في الدين الإسلامي.<ref name="طقوش2"/>