الظاهر سيف الدين برقوق: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 63:
بدأ الأمير إينبك يعد نفسه ليكون سلطاناً، ولكن الأمير طشتمر العلائي صهر برقوق حث الأمراء اليلبغاوية في سوريا على الثورة ضده من ناحية، ومن ناحية أخرى أشار برقوق على إينبك بالخروج في حملة لقمع هذه الثورة وفي نفس الوقت اتفق مع كبار الأمراء اليلبغاوية في القاهرة الأمير يلبغا الناصري والأمير بركة الجوباني على التخلص من إينبك أثناء خروجه لحملة سوريا بتحريض عسكره للثورة عليه وهو ما حدث، وأصبح الحل والعقد بيد ثلاثة من الأمراء اليلبغاوية هم يلبغا الناصري الذي عين أتابكاً للعسكر، وبركة الجوباني الذي عين أمير مجلس<ref group="معلومة">'''أمير مجلس''': لقب لمن يتولى أمر مجلس السلطان.</ref>، وبرقوق الذي عين أمير آخور<ref group="معلومة">'''أمير آخور''': المشرف على اسطبل السلطان وخيوله.</ref>. ومع تزايد نفوذ هؤلاء الثلاثة ظهرت عدة محاولات من جانب الأمراء الترك بالمناداة بتولية سلطان كبير من أسرة قلاوون، فأراد بركة وبرقوق صرف انتباههم بتولية طشتمر العلائي الأتابكية بصفته أكبر الأمراء وأبعدا يلبغا الناصري إلى نيابة طرابلس وخفاءً نافس كل منهما الآخر على الزعامة وفي نفس الوقت أخذا يتآمران على طشتمر للتخلص منه حتى قبضوا عليه وسجن بالإسكندرية، وأسندت الأتابكية إلى برقوق وعين قريبة أيتمش البجاسي أمير آخور وبعد ثورة إينال اليوسفي عليه استدعى يلبغا الناصري ليتولى إمرة سلاح بدلاً منه، واستغل كره الناس والعلماء لبركة وأخذ يعمل على التخلص منه إلا أنه وجد نفسه بين فرقتين من المماليك أولهما المماليك الأشرفية الموالية للسلطان ومماليك بركة فتودد للفرقة الأولى وعادا الثانية وأظهر نفسه في موقف المدافع عن السلطان أمام طغيان بركة، وأصبح العداء سافراً بين المماليك الترك بقيادة بركة والذي انضم إليه يلبغا الناصري وبين المماليك الجراكسة بقيادة برقوق ودار بين الطرفين مناوشات ومعارك انتهت برجاحة كفة برقوق الذي وقف بجانبه العامة وقبض على بركة ومماليكه وحبسوا بالإسكندرية وحبس أيضاً يلبغا الناصري، وإمعاناً في إضعاف الروح المعنوية للعنصر التركي والقضاء على آمالهم أوعذ برقوق إلى نائب الإسكندرية سراً بقتل بركة في السجن وذلك حتى لا يظهر أمام العامة في صورة سفاك الدماء، وعندما أدى مهمته أظهر برقوق غضبه عليه وسلمه لأتباع بركة فقتلوه، واهتم برقوق بزيادة عدد الجراكسة وأحضر والده وأقاربه وأولاده إلى مصر وعينهم في وظائف مختلفة.
 
عندما توفي السلطان المنصور علي لم يجسر برقوق على التسلطن بعده رغم قوته ونفوذه وذلك لامتعاض كبار الأمراء الذين أجمعوا على الاحتفاظ بالعرش لبيت قلاوون، فسلطنوا [[الصالح صلاح الدين حاجي|الصالح حاجي]]<ref group="معلومة">الصالح صلاح الدين حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون.</ref> على أن يشترك معه برقوق في تدبير أمور الدولة فاتبع سياسة التقرب إلى العامة وزيادة شعبيته ما أخاف أعداؤه وخشي أنصاره على أنفسهم من المؤامرات فاجتمعوا واستقر رأيهم على سلطنة برقوق سنة 784هـ/1382م، فعمل على إرساء قواعد دولته ومكافحة المماليك الترك ومؤامراتهم المستمرة ضده وتمثلوا في ذلك الوقت في فرقتين اليلبغاوية الترك الذين وافقوا على سلطنته فأشركهم في الحكم شكلياً ليأمن شرهم وفرقة الأشرفية الترك وقد عادا هؤلاء وحرمهم إقطاعياتهم وعمل على إحلال مماليكه الجراكسة محلهم وكانت أولى هذه الثورات التركية ثور الطنبغا السلطاني نائب أبلستين والثانية كانت بالاتفاق بين الخليفة المتوكل على الله والمماليك الأشرفية وأحبط كلا المؤامرتين وأمعن في اضطهاد الأتراك من اليلبغاوية والأشرفية وإبعادهم إلى سوريا فاتحدوا ضده بقيادة الأمير تمربغا الأفضلي المعروف بمنطاش نائب ملطية فأفرج برقوق عن يلبغا الناصري وأعاده إلى نيابة حلب في محاولة لكسب تأييد اليلبغاوية فاتفق الاثنان منطاش ويلبغا على السلطان وحرضا أمراء مصر على الثورة ضده وانضم إليهما سولي بن ذلغدار التركماني ونعير بن حيار وقرابغا فرج الله وبزلار العمري ودمرداش اليوسفي وكتبغا الخاصكي وحتى إينال اليوسفي الجركسي الذي أفرج عنه السلطان ليقبض على يلبغا فلم يفعل حنقاً على اعتقاله وانضم إليهما مضطراً، ودخلت سائر المدن السورية في طاعة منطاش ويلبغا فاضطر برقوق إلى تجريد عدد من أمراؤه لقتالهما بقيادة الأمير جركس الخليلي فقتل وهزمت عساكر السلطان، وتقدم يلبغا إلى القاهرة وفر من مع السلطان من المماليك إلا بعض مماليكه الخاصكية الذين انكسروا أمام مماليك يلبغا فعرض برقوق الصلح وتنازله عن السلطنة مقابل الإبقاء على حياته، فوافق يلبغا وأمنه خوفاً من انتقام الجراكسة إذا قتله، وكرد للجميل إذا قبض عليه برقوق سابقاً ولم يقتله رغم أخطائه، كما أن وجوده حياً سيكون عقبة في وجه منطاش حليفه إذا فكر في الثورة عليه، وحبس برقوق في قلعة الكرك وأوصى يلبغا نائبها أن يفرج عنه إذا ثار منطاش عليه، أما يلبغا فلم يسلطن نفسه خوفاً من الأشرفية والجراكسة واستقر الرأي على إعادة السلطان [[الصالح صلاح الدين حاجي]] آخر ملوك أسروأسرة قلاوون ولقب بالمنصور.
 
اتبع يلبغا سياسة العنف والتهديد مع العامة فكرهوه وأخذ يشتت الجراكسة في سوريا فأحسوا بالحرمان بعد رغد العيش، كما أن أمراء الترك انقسموا بعدما رفع يلبغا شأن أمراؤه دون غيرهم، ونقم عليه منطاش ومماليكه لاستأثره بالسلطة فهاجم القلعة وانضم إليه العامة فهرب يلبغا وتودد منطاش إلى السلطان بكونه من مماليك أبيه الأشرفية فعينه أتابكاً وزاد من توطيد مركزه بزواجه من أخت السلطان وتتبع يلبغا حتى قبض عليه وسجنه بالإسكندرية، واضطهد الجراكسة الذين ساندوه في ثورته وحنث وعده بالإفراج عن أستاذهم برقوق، وزادت الأحوال سوءاً بتدهور الأحوال الداخلية بالقاهرة وسوريا وبدت الظروف تؤازر عودة برقوق فدبر منطاش لقتله ومعه حسن الكجكني نائب الكرك فكشف الأخير المؤامرة وتحالف مع برقوق وبايع أهل الكرك برقوق وانضم إليه الأمراء الجراكسة في مصر وسوريا في الوقت الذي كان فيه منطاش مشغولاً في قمع ثورات الجراكسة ضده في الوجه القبلي، ومع وصول أنباء موقف برقوق إلى القاهرة جهز حملة بقيادته للزحف إلى سوريا ومعه السلطان وجمع الخيل والمال لها من المماليك البحرية والكتاب والفقهاء وأعيان البلد فكسب نقمتهم جميعاً وعندما التقى الجيشان انكسرت عساكر منطاش وتقهقر إلى دمشق واعتقل برقوق السلطان فأبدى رغبته بالتخلي عن السلطنة وخلع نفسه وبويع برقوق بالسلطنة، ورأى برقوق أن يعود إلى القاهرة بعدما أيد منطاش مركزه في دمشق بزواجه من ابنة أمير العرب نعير، وبعدما صار الطريق إلى القاهرة مفتوحاً فتنافس الناس من شدة فرحهم به بإقامة الزينات بالقاهرة وخرجوا أفواجاً لاستقباله، فلما تأكد من ميل الناس له جدد لنفسه البيعة، وبدأ بناء دولته الجديدة معتمداً على العصبية الجركسية بسياسة عاقلة حذرة مع أعداؤه فأفرج عن يلبغا الناصري وألطنبغا الجوباني كسباً لودهم واستغلالاً لعدائهم لمنطاش وأرسلهما لقتاله فقتل ألطنبغا بينما انقلب يلبغا على السلطان بعد حين، فخرج السلطان على رأس تجريدة إلى الشام وبقي في حلب منتظراً يلبغا الذي أعلن فشله في القبض على منطاش، فأمر السلطان بحبسه ثم قتله بعدما تأكد أنه ما أخرج من قلبه النفاق، وعمل السلطان على تطهير البلاد من بقايا المماليك الترك، أما منطاش فأوقع به نائب حلب الأمير جلبان الكمشبغاوي فأرسل السلطان رسوله إلى حلب فقطع رأسه وحملها على رمح وطاف بها مدينة حلب وعاد بها إلى القاهرة وطاف بها بشوارعها، ثم علق رأسه على باب القلعة أياماً، ثم نقل ليعلق أياماً أخرى على باب زويلة. وبالقضاء على منطاش أزال السلطان أهم عقبات توطيد حكمه ولم تقم بعد ذلك أي محاولة للترك لإثارة الفتن والقلاقل ضد السلطنة المملوكية الثانية.<ref name="عبد الوهاب">'''[[حسن عبد الوهاب]]'''، "تاريخ المساجد الأثرية"، طبعة 1946، جزأين.</ref>{{rp|ج1ص192}}<ref name="الحافظ">'''عبد الله عطية عبد الحافظ'''، "معجم أسماء سلاطين وأمراء المماليك في مصر والشام"، ''دار النيل''.</ref>{{rp|73}}<ref name="المغلوث">'''سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث'''، "أطلس تاريخ العصر المملوكي"، طبعة 2013، 327 صفحة، ''العبيكان للنشر''.</ref>{{rp|171}}<ref name="إيمان">'''إيمان عمر شكري'''، "السلطان برقوق مؤسس دولة المماليك الجراكسة 784-801هـ/1282-1398م من خلال مخطوط عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان لبدر العيني"، طبعة 2002، 612 صفحة، ''[[مكتبة مدبولي]]''.</ref>{{rp|43:88}}