سلطنة لحج: الفرق بين النسختين

كان أئمةالزيدية يبسطون سيطرتهم على مناطق أسفل اليمن كما تعرف منذ عهد المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم [[1644]] [[1676]] ،غير أن هذه السيطرة اعتراها بعض الضعف والانهيار نتيجة التنافس على الإمامة، وكثرة الفتن، وعدم الاستقرار في نظام الحكم ذاته. استغلت قبائل يافع كل هذه العوامل السابقة، فكان لها الدور الرائد في خوض تجربةالحروب الانفصال عنلتحرير المناطق الشافعية من نفوذ أئمة الزيدية، وخلال حروبها مع الإمام المهدي [[1686]] [[1718]] اتجهت جهودها إلى الاستيلاء على لحج، ففي عام [[1702]] نجح قحطان بن معوضه سلطان يافع السفلى في الاستيلاء على لحج وعدن، ثم استردهااحتلها الجند الإمامي في العام نفسه وفي عام [[1705]] تمكن ناصر بن صالح بن أحمد هرهرههرهرة سلطان يافع العليا من الاستيلاء عليها، واستمر حكم يافع للحج حوالي اثنين وعشرين عاماً، ثم عادت إلى حكم الأئمة في عام [[1727]].

ونظراً لسوء تصرف عامل الإمام أعلن الشيخ علي بن عبدالله السلامي نقمته مما أثار العامل فعمد إلى إقصائه عن منصب المشيخة، فلما أخفق في مسعاه تآمر عامل الإمام على قتله، فالتف الأهالي حول فضل بن علي بن صلاح بن سلام بن علي العبدلي السلامي. وهو من أبناء عمومة القتيل علي السلامي. وليخففونصب الإمام المنصور الحسين بن القاسم [[1727]] [[1748]] من حدة الغضب الذي اجتاح سكانأهالي لحج ثبتالشيخ فضل بن علي شيخاًالعبدلي شيخا على مشايخ لحج كلها.

واستغل فضل بن علي فورة الغضب التي عصفت في نفوس أهالي لحج بعد مقتل علي بن عبدالله السلامي؛ فأراد أن يحقق هدفين في وقت واحد: الخلاص من الحكم الإمامي، والانفراد بالسلطة، فدخل مع أنصاره على عامل لحج في شهر [[أبريل]][[1731]] وقاموا بقتله،بقتله انتقاما لابن عمه، ثم قتلوا عامل عدن، وأعلن فضل بن علي انفصالهاستقلاله بلحج وعدن،وعدن واستعادتها، فأرسل الإمام المنصور قوات أخضعت الشيخ فضل بن علي،علي العبدلي ، وفرضت عليه غرامة مالية، ولما شعر الشيخ فضل بن علي العبدلي بعدم قدرته على استرداد مكانته لجأ إلى يافع السفلى مستجيراً بسلطانها سيف بن قحطان، واتفق الاثنان على أن يكون للسلطان سيف بن قحطان جزء من دخل عدن سنوياً.

وبموجب هذا الاتفاق نشبت معارك بين يافع وجند الإمام المنصور،
هي جزء من [[الحروب الشافعية الزيدية]]
على أثرها نجح السلطان سيف بن قحطان وفضلوالشيخ فضل بن علي العبدلي في[[فبراير]] [[1732]] في الاستيلاء على عدن.

وفي العام نفسه نجح الحليفان في الاستيلاء على لحج. وقد فشلت جهود الإمام المنصور في استعادةاحتلال لحج وعدن. وبذلك صار أمر لحج وعدن إلى العبادل، ومنذ تاريخ انفصالاستقلال لحج وعدن الشافعية من الحكم الزيدي أطلق فضل بن علي العبدلي على جميع قبائل مشيخته لقب عبادل نسبة إلى أسرته، واتخذ من الحوطة عاصمة له والتي كانت تعرف أيضاً باسم لحج.

في عام [[1837]]م في ظل سيطرة سلطنة لحج على [[عدن]] ، وقعت حادثة غرق السفينة البريطانية «[[داريا دولت]]» قرب الشواطئ اليمنيةالللحجية فوجدت [[بريطانيا]] ضالتها لاحتلال [[عدن]] وادعت بأن الصيادين اليمنيينالعدنيين قاموا بنهب تلك السفينة وطالبت بالتعويض من قبل سلطان سلطنة لحج [[السلطان محسن بن فضل العبدلي]] أو [[بتمكين بريطانيا]] من السيطرة على [[ميناء عدن]]وكان موقف السلطان العبدلي رفضه بالمساس بالسيادة اليمنيةالعبدلية ووافق على دفع أية تعويضات أخرى. ولكن بريطانيا التي لم يكن في نيتها الحصول على أية تعويضات وانماوإنما هدفها هو الاحتلال وفرض سيطرتها العسكرية على مدينة[[عدن]] ومينائها الاستراتيجي فعدلت عن قبول التعويض وطلبت احتلال [[عدن]] مقابل التعويض عما ادعته من نهب الصيادين اليمنيينالعدنيين لمحتويات السفينة «داريا دولت» وبدأت في الاستعداد لتنفيذ غرضها بالقوة المسلحة.

وفي يوم [[16 يناير]] [[1839]]م دفع القبطان «هينس» بعدد من السفن الحربية بهدف احتلال [[ميناء صيرة]] فقاوم اليمنيونالجند العبدلي وأبناء القبائل المجاورة [[لعدن]] و الصيادون بشراسة مستميتة الأمر الذي أجبر السفن البريطانية بالتراجع والانسحاب، ولعل هذه الخطوة من قبل البريطانيين كانت بمثابة بالون اختبار لمدى إمكانات المقاومين اليمنيينالعبادل والذين بالطبع كانوا يمتلكون أسلحة بدائية ومنها عدد قليل من المدافع التقليدية الرابضة فوق قلعة صيرة المطلة على ميناء عدن القديم.

وفي يوم [[19 يناير]] من عام [[1839]]م عاد القبطان «هينس» بقوته البحرية لاحتلال ميناء صيرة وهناك خاض المقاومون اليمنيونأبناء القبائل المجاورة [[لعدن]] ملحمة اشترك فيها الأهالي والمشائخ والعلماء وعلى رأسهم السيد/علوي بن زين بن علوي العيدروس إلى جانب الجنود العبادل المدافعين عن [[عدن]] .

ونظراً لعدم التكافؤ بالعتاد العسكري والعدد البشري فقد بلغ عدد قتلى اليمنيينالجيش العبدلي نحو مائة وعشرين شهيداً واستخدم المقاومون في تلك المعركة الأسلحة البسيطة التي توفرت لديهم ومنها الأسلحة البيضاء من سيوف وحراب وخناجر .

ومنذ احتلال مدينة [[عدن]] في [[19 يناير]] [[1839]]م عمدت [[بريطانيا]] إلى عقد الاتفاقيات والمعاهدات مع[[الدولة التركية]] المسيطرة على الجزء الشمالي من [[اليمن]] ومن ثم مع دولة [[المملكة المتوكلية]] ومع سلاطين ومشائخ المناطق[[الجنوب الجنوبيةالعربي]].

على الرغم من سياسات شراء الذمم التي عمدت إليها سلطات الاحتلال البريطاني بهدف تأمين بقائها وتمكين سيطرتها وضمان سلامة قواتها فقد شهدت مناطق الجنوب العربي العديد من الانتفاضات الغاضبة والرافضة في مختلف أرياف الجنوب اليمنيالعربي المحتل ومن أهم وأبرز تلك الانتفاضات:

ولم يقتصر نضال شعبناشعب السلطنات وكفاحه المعبر عن رفضه لبقاء الاحتلال البريطاني على تلك الانتفاضات المسلحة في العديد من أرياف [[الجنوب اليمني،العربي ]] ، إذ شهدت مدينة [[عدن]] ومنذ فترة الخمسينيات مخاضاً وارهاصات وطنية بمختلف أشكال الفعاليات السياسية والنقابية والطلابية والنسوية المعبرة عن الشأن المحلي وتفاعلاً وتضامناً مع قضايا الأمة العربية والإسلامية وقضايا التحرر العالمية.. حيث تأسست التنظيمات السياسية والنوادي والتكتلات ومن أهمها:

# تكوين [[رابطة أبناء الجنوب العربي]] عام 1950م.

# تأسيس نادي الشباب الثقافي الواجهة الأمامية لحركة القوميين العرب عام 1953م والذين سلموا الحكم فيما بعد للاشتراكية والشيوعية الماركسية اليسارية.

وكان لقيام [[ثورة 23 يوليو]] 1952م في [[مصر]] أثر كبير في تصعيد الأشكال النضالية المعبرة عن رفضها لبقاء الاستعمار البريطاني على أرض الجنوب العربي والتطلع ليوم النصر في جلاء قوات المستمعمر ونيل الاستقلال، فكانت فترة الخمسينيات فترة التعبير عن ذلك الزخم العظيم سياسياً ونقابياً وطلابياً، وعكست القناعات والطموحات وترسخ الإيمان بضرورة الأخذ بخيار الكفاح المسلح لتخليص الجنوب العربي من براثن الاستعمار البريطاني.