المنصورية (تونس): الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
سطر 26:
'''المنصورية''' أو '''صبرة''' أو '''صبرة المنصورية''' هي [[موقع أثري]] في [[تونس]] يقع على بُعد يُقدَّر بأقل من كيلومترين جنوب [[القيروان]] لمدينةٍ كانت عاصمة خلافة [[الدولة الفاطمية]] لمائة عامٍ تقريباً في عهديّ [[المنصور بالله الفاطمي]] ([[946]]م-[[953]]م) و[[المعز لدين الله]] ([[953]]م-[[975]]م)، وآثارها موجودة اليوم بالقرب من مدينة [[القيروان]] في [[تونس]].
 
بُنِيت المدينة بأمر من المنصور بالله الفاطمي بين عامي [[946]] و[[972]]م، وهي محصنةٌ ومحاطةٌ بسورٍ له أربعة أبواب مُلبسة بالحديد وهي: باب قبلي وباب شرقي أُطلق عليهما [[باب زويلة]]، وباب جوفي وباب غربي يُسمى [[باب الفتوح]]، وباب القصارين،<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|المؤلف1= محمد بوذينة|المؤلف2= |المؤلف3= |العنوان= تونسيون في تاريخ الحضارات|الإصدار= الأولى|الصفحة= |السنة= |الناشر= منشورات محمد بوذينة، 1998|الرقم المعياري= 9789973261366|تاريخ الوصول= 13 أيلول / سبتمبر 2008|المكان= |اللغة= العربية|العنوان بالعربي=}}</ref> وبُنِيت فيها [[قصر|قصور]] مُحاطة ب[[الحدائق]] والغرس وجُلِبت إليها [[المياه]] من المناطق المجاورة لها، ومن بين هذه القصور: مجلس الكافور وحجرة التاج ومجلس الريحان وحجرة الفضة وقصر الخلافة.{{sfnSfn|Grabar|1985|p=28}} كانت المدينة لفترة قصيرة مركزاً إدارياً قوياً [[الدولة الفاطمية|للدولة الفاطمية]]، التي كان الجزء الأكبر منها يمتد في [[شمال أفريقيا]] و[[صقلية]]، وظلت بمثابة عاصمة للدولة أثناء حكم [[الزيريين]] إلى حين سنة [[448 هـ]] الموافقة لـ [[1057]]م، حيث دُمِّرت بعدما غزتها قبائل [[بني هلال (قبيلة)|بني هلال]] و[[بني سليم]]. ونُهِبت كل آثارها وبقاياها خلال القرون التي تلت ذلك، حيث لم يبق منها حالياً سوى أطلال طمرتها الرمال كما نُهِبت حجارتها ومواردها.<ref group="ْ">[http://www.turess.com/alchourouk/154138 القيروان: صبرة المنصورية أو عاصمة الفاطميين المعمورة.. تحت التراب مطمورة]، ''تورس''، اطلع عليه بتاريخ 12 سبتمبر 2016 {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170806221708/http://www.turess.com/alchourouk/154138 |date=06 أغسطس 2017}}</ref><ref group="ْ">[http://omandaily.om/?p=361401 حضارة إسلامية: صبرة المنصورية.. شديدة العمارة حسنة الأسواق]، اطلع عليه بتاريخ 12 سبتمبر 2016</ref>
 
== أصل التسمية ==
 
ترجع تسمية المدينة بهذا الاسم (المنصورية) نسبة إلى مؤسسها [[المنصور بالله الفاطمي]]، ويُقصد بكلمة "المنصور" الفوز والنصر،{{sfnSfn|Tracy|2000|p=234}} فقد كانت [[وثيقة|الوثائق الرسمية]] الصادرة عن [[السلطة]] مثل [[العملة]] لا تذكر المدينة إلا باسم "المنصورية"، وقد سادت هذه التسمية طوال [[القرن الثالث الهجري]] حتى حدود سنة [[439 هـ]]، حيث كان كُتَّاب القصر المعاصرين للفاطميين لا يستعملون سوى الاسم الرسمي، أي المنصورية، ك[[القاضي النعمان]] الذي ولاَّه المنصور قضاء المدينة فلا يذكر في كتابه «المجالس والمسايرات» سوى اسم المنصورية، وكذلك الشأن بالنسبة ل[[ابن الأبار]] و[[المقريزي]] في كتابه «[[اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء]]» و[[القضاعي]] في كتاب «الحلة السيراء»، وتُسمى في مصادر أخرى ب'''صبرة''' ك[[المقدسي البشاري]] في كتابه «[[أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم (كتاب)|أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم]]»، حيث قال: {{اقتباس مضمن|وصبرة بناها الفاطمي أول ما ملك الإقليم واشتق اسمها من صبر عسكره في الحرب}}،<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|المؤلف1= محمد العجابي|المؤلف2= |المؤلف3= |العنوان= دائرة المعارف التونسية، المجلد 3|الإصدار= |الصفحة= |السنة= 1992|الناشر= [[مؤسسة بيت الحكمة]]|الرقم المعياري= |تاريخ الوصول= 7 أيلول / سبتمبر 2007|المكان= |اللغة= العربية|العنوان بالعربي=}}</ref> كما أن هناك من يجمع بين الاسمين فيُطلق عليها '''صبرة المنصورية'''، فقد ذكر المؤرخ [[ابن حماد]] أن الاسمين كانا متواجدين في نفس الوقت، وأن '''صبرة''' كان الأكثر شيوعاً.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[حسن الأمين]]|المؤلف2= |المؤلف3= |العنوان= دائرة المعارف الإسلامية الشيعية، المجلد 10|الإصدار= |الصفحة= |السنة= |الناشر= دار التعارف للمطبوعات، 1990|الرقم المعياري= |تاريخ الوصول= 13 تشرين الثاني / نوفمبر 2008|المكان= |اللغة= العربية|العنوان بالعربي=}}</ref>
 
== خلفية ==
{{مفصلة|الدولة الفاطمية}}
[[ملف:Fatimid Caliphate-ar.png|تصغير|270بك|يمين|أقصى امتداد للدولة الفاطمية كان حوالي عام 969م.]]
[[الخلافة الفاطمية]] هي إحدى دُولُ [[الخلافة الإسلامية|الخِلافةُ الإسلاميَّة]] التي يُعتقد أن نسبهم هو من ذرية [[فاطمة الزهراء]] بنت [[النبي محمد]]، والتي تتبع [[المذهب الشيعي]] [[إسماعيلية|الإسماعيلي]]<ref name="yeomans43">{{HarvspHarvard citation|Yeomans|2006|p=43}}</ref>، الذي يُعد [[إسماعيل بن جعفر]] [[الإمامة عند الشيعة|الإمام]] السابع له حسب التقليد الإسماعيلي.<ref>{{مرجع ويب|المسار=http://www.metmuseum.org/toah/hd/fati/hd_fati.htm|العنوان=The Art of the Fatimid Period (909–1171)|العمل=The Met’s Heilbrunn Timeline of Art History|تاريخ الوصول=9 سبتمبر 2016}}</ref> وفي [[285 هـ]] ([[899]]م) أصبح [[عبيد الله المهدي]] زعيم الحركة، الذي فرَّ عام [[292 هـ]] ([[905]]م) من أعدائه إلى [[سجلماسة]] في [[المغرب]] بعد ورود أنباء له عن نجاح داعيته [[أبي عبد الله الشيعي]] في [[المغرب]]، حيث تنكر في زي [[تاجر]]، وكان المهدي يتواصل معه سراً، وبعد أن اكتشف أمير [[سجلماسة]] أمره سجنه حتى أخرجه [[أبو عبد الله الشيعي]] بعد قضائه على [[دولة الأغالبة]]. ثم تولى المهدي بعدها منصب إمام وخليفة الدولة الفاطمية التي كان مؤسسها عام [[909]]م.<ref name="yeomans43"/>
 
وكانت عاصمة [[الدولة الفاطمية]] هي [[المهدية]]. وكانت الخلافة الفاطمية دولة شاسعة تمتد لتشمل [[صقلية]] و[[شمال أفريقيا]]، والجزء الشمالي من [[ليبيا]]<ref name="yeomans44">{{HarvspHarvard citation|Yeomans|2006|p=44}}</ref>. وبعد تولي الزعيم [[الشيعة|الشيعي]] المنصور بالله الفاطمي الحكم سنة [[334 هـ|334 هجرية]] أمر ببناء المدينة في [[أغسطس]] [[946]]م بعد انتصاره في معركة [[ثورة صاحب الحمار]] التي انطلقت في [[12 أبريل]] [[946]] ب[[المهدية]]،{{sfnSfn|Kupferschmidt|1987|p=435}} حيث كانت هذه الأخيرة مُحاصَرة من طرف المتمرد [[أبو يزيد]] [[الخوارج]]ي. وقام المنصور مباشرة بعد فرضه سيطرته على [[القيروان]]{{sfnSfn|Kupferschmidt|1987|p=435}} بإنشاء المدينة في موقع المعسكر الذي يُعرف باسم صلب الجمل في جنوب [[القيروان]]{{sfnSfn|Barrucand|Rammah|2009|p=349}}<ref group="ْ">[http://www.archaeology.land/forums/viewtopic.php?t=29932 علماء الآثار. زخارف العمائر الدينية الفاطمية - archaeology.land]، اطلع عليه بتاريخ 12 سبتمبر 2016 {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170806222626/http://www.archaeology.land/forums/viewtopic.php?t=29932 |date=06 أغسطس 2017}}</ref>. وفي [[336 هـ]] ([[948]]م)، نقل [[الفاطميون]] مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة التي اتخذوها عاصمة لهم.{{sfnSfn|Kupferschmidt|1987|p=436}}
 
== البناء ==
سطر 43:
| رصف = center
| اتجاه = horizontal
| رأس =
| رصف_رأس = center
| خلفية_رأس =
| ذيل = أنقاض قصر [[المنصور بالله الفاطمي]] بالمدينة.
| رصف_ذيل = center
| خلفية_ذيل =
| عرض =
 
| صورة1 = Palais ElMansour 2.JPG
| عرض1 = 195
| بدل1 =
| تعليق1 =
 
| صورة2 = Palais ElMansour 3.JPG
| عرض2 = 195
| بدل2 =
| تعليق2 =
 
| صورة3 = Palais ElMansour 1.JPG
| عرض3 = 350
| بدل3 =
| تعليق3 =
 
| صورة4 = Palais ElMansour 4.JPG
| عرض4 = 195
| بدل4 =
| تعليق4 =
 
| صورة5 = Palais ElMansour 6.JPG
| عرض5 = 130
| بدل5 =
| تعليق5 =
}}
تقع المنصورية على بعد مسافة تُقدَّر بأقل من كيلومترين (1.2 [[ميل]]) جنوب مدينة [[القيروان]] الحالية،{{sfnSfn|Jayyusi|Holod|Petruccioli|2008|p=128}} وقد حلّت مكان [[المهدية]] كعاصمة [[الدولة الفاطمية|للدولة الفاطمية]]، وانتقل المنصور للمدينة الجديدة في [[29 جمادى الثانية]] [[336 هـ]] الموافق لـ [[15 يناير]] [[948]].{{sfnSfn|Halm|1996|p=331}} وبعد أن دمر المتمردون [[الخوارج]] الذين كانوا من أشد الفرق [[الإسلام]]ية دفاعاً عن مذهبها وتعصباً لآرائها مدينة [[رقادة]] التابعة [[الأغالبة|للأغالبة]]، تم أخد مواد البناء من المساكن القديمة. وقد غطت المدينة الجديدة مساحة نحو 100 هكتار (250 [[فدان]]).{{sfnSfn|Jayyusi|Holod|Petruccioli|2008|p=129}}<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|المؤلف1= |المؤلف2= |المؤلف3= |العنوان= الحضارة الإسلامية في تونس|الإصدار= |الصفحة= 40|السنة= |الناشر= [[المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة]] (إيسيسكو)، 1997|الرقم المعياري= |تاريخ الوصول= 19 كانون الثاني / يناير 2016|المكان= |اللغة= العربية|العنوان بالعربي=}}</ref>
 
وكانت المدينة [[دائرة|دائرية]] كما كانت مدينة [[بغداد]] في الأصل، وربما جاء اختيار هذا التخطيط بالذات بنِيَّة تحدي [[الخلافة العباسية]] السنية في [[بغداد]].{{sfnSfn|The Art of the Fatimid Period}} وقد بلغ عرض سورها 12 [[ذراع (وحدة قياس)|ذراعاً]]<ref group="ملاحظة">"يبلغ الذراع حوالي 18 بوصة (460 مم)، وبذلك فإن عرض هذا السور البالغ 12 ذراعاً هو 18 قدم (5.5 متر)"</ref>{{sfnSfn|Deza|Deza|2012|p=533}} وهو مصنوع من [[الطوب]] المحروق المطعم (أو المعشق) بملاط [[الجير]]. وكانت المسافة بين الأسوار والمباني الداخلية مساوية لعرض [[طريق سريع]]، {{sfnSfn|Ruggles|2011|p=120}} ويُذكَر أنه كان فيها أيام عمارتها 300 حمام أكثرها للديار.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|المؤلف1= |المؤلف2= |المؤلف3= |العنوان= الحياة الثقافية|الإصدار= |الصفحة= 74 و124 و125|السنة= |الناشر= [[وزارة الشؤون الثقافية (تونس)|وزارة الشؤون الثقافية]]، 2009|الرقم المعياري= |تاريخ الوصول= 26 شباط / فبراير 2016|المكان= |اللغة= العربية|العنوان بالعربي=}}</ref>
 
كانت المدينة تحتوي على [[مسجد جامع]]،{{sfnSfn|Ruggles|2011|p=120}} وكان قصر الخليفة قريباً من وسط المدينة الذي كان يحتوي قصوراً أُخرى كانت تُستخدم لأغراض احتفالية أو [[دبلوماسية]] أو إدارية.{{sfnSfn|Cortese|Calderini|2006|p=71}} سُمِّي القصر الرئيسي بالصبرة وغطت أساساته مساحة 44 [[هكتار]] (110 [[فدان]]).{{sfnSfn|Ruggles|2011|p=120}} وقد وصف المؤرخ [[ابن حماد]] القصر بأنه عبارة عن مبان مرتفعة مُحاطة بالحدائق والمياه كانت تُظهِر ثروة وقوة الخليفة،{{sfnSfn|Tracy|2000|p=235}} وعندما تُوفي المنصور سنة [[341 هـ]]/[[952]]م دُفِن في قصره بالمنصورية، ثم قام بالأمر بعده ابنه [[المعز لدين الله]] الذي سار على نسق أبيه، فقد كان كلفاً ب[[العمارة]] فبنى كثيراً من [[القصور]] منها قصر الإيوان والمعزية، وأنشأ البساتين في المنصورية وضواحيها، ومن هذه البساتين ذلك الذي أقامه في جهة تُعرف "بواد القصارين" على مقربة من المدينة.<ref group="ْ">{{مرجع كتاب|المؤلف1= آمنة أبو حجر|المؤلف2= |المؤلف3= |العنوان= موسوعة المدن العربية|الإصدار= |الصفحة= |السنة= 2002|الناشر= دار أسامة للنشر والتوزيع|الرقم المعياري= |تاريخ الوصول= |المكان= |اللغة= العربية|العنوان بالعربي=}}</ref>
 
واكتملت المنصورية في عهد [[المعز لدين الله]]، الذي حرص على تهيئة إمدادات المدينة من المياه وبناء [[قناة مياه|قناة]]، والتي كان عرضها حوالي 36 كيلومتراً وكانت مبنية على أساس مشابه لتلك التي بناها [[الأغالبة]]. بنى [[المعز لدين الله]] القناة محل القديمة وأضاف لها 9 كيلومترات لتزويد المنصورية ب[[المياه]].{{sfnSfn|Halm|1996|p=345}} وبنى أيضاً صالة كبيرة. وكان عرض أعمدتها الضخمة يزيد عن المتر (3 أقدام و3 بوصات)، وجُلِبت هذه الأخيرة من [[سوسة]]{{sfnSfn|Halm|1996|p=344}} التي تبعد مسافة يوم كامل مشياً عنها. كما بنى قصراً له وهو من قاس أبعاده ووضع تصميمه بنفسه، وأنشأ وسطه [[بركة]] كبيرة أسماها بحراً لاتساع سطحها، ثم أقام الجسور لتصل القصر الداخلي بالقصر الخارجي. ولم يكتمل بناء المدينة حتى عام [[361 هـ]] ([[972]]م) أي قبل انتقال [[المعز لدين الله|المعز]] ل[[مصر]] بعامٍ.{{sfnSfn|Yeomans|2006|p=44}}
 
== الأهمية ==
[[ملف:Mansuriyya dinar.png|170px|تصغير|دينار مسكوك في '''المنصورية''' في 953-954م]]
كانت المدينة في المقام الأول مُخصَّصة للإقامة الملكية. فهي تحتوي على [[قصر|القصور]] و[[الحدائق]]، كما كانت بها [[حديقة حيوان]] تحتوي على [[أسد|الأسود]]، إضافة إلى [[ثكنة|الثكنات]] والإسطبلات الملكية. وقد نقل إليها المنصور حوالي 14،000 أسرة من [[كتامة]]، وبنى بها [[سوق]]اً. وفقاً لابن المهذب، قال: {{اقتباس مضمن|أمر [[المعز لدين الله|المعز]] تُجَّار [[القيروان]] أن يأتوا إلى محلاتهم و[[ورشة عمل|ورش العمل]] في المنصورية في الصباح، والعودة إلى ديارهم وأسرهم في المساء.}}{{sfnSfn|Halm|1996|p=345}} وقد كان يتم جمع مبلغ 26،000 [[درهم]]اً فضياً يومياً على دخول البضائع إلى المدينة من خلال أبوابها الأربعة، كما نقل إليها [[المنصور بالله الفاطمي|المنصور]] مُختلف المصالح الإدارية من [[المهدية]]، فمنها كانت تصدر الأوامر، وتخرج الجيوش الفاتحة.{{sfnSfn|Halm|1996|p=361}}
 
وفي أوجها، كانت المنصورية عاصمة الدولة التي شملت مُعظم [[شمال أفريقيا]] من [[المغرب]] إلى [[ليبيا]]، وكذلك [[صقلية]]، كما أنها كانت تقوم بمقام الحراسة ضد أي هجوم من [[الإمبراطورية البيزنطية]] أو من الملك [[أوتو الأول]] من [[ألمانيا]]، الذان كانا ينشطان في [[جنوب إيطاليا]].{{sfnSfn|Halm|1996|p=407}} وفي عام [[345 هـ]] ([[957]]م)، وَجَّهت سفارة من [[بيزنطة]] التحيَّة من الإمبراطور لاحتلاله [[كالابريا]] من هناك، مع هدايا من [[الأواني]] الذهبية والفضية المُزَيَّنة ب[[المجوهرات]] و[[الحرير]] و[[الأقمشة]] المُطَرَّزة وغيرها من الأشياء الثمينة.{{sfnSfn|Grabar|1985|p=31}} وفي [[إيطاليا]]، خطَّط [[المعز لدين الله|المعز]] لغزو [[مصر]]، والذي كان من شأنه أن يجعل [[الفاطميين]] منافسين في السلطة [[العباسيين|للعباسيين]] في [[بغداد]].{{sfnSfn|Halm|1996|p=408}}{{sfnSfn|The Art of the Fatimid Period}}
 
وبأمر من [[المعز لدين الله]] قام القائد الفاطمي، [[جوهر الصقلي]]، بغزو [[مصر]] في [[358 هـ]] ([[969]]م). وبنى مدينة جديدة بها، بالقرب من [[الفسطاط]]، وقد سماها أيضاً [[المنصورية (الجيزة)|المنصورية]]. وعندما وصل المعز إليها عام [[362 هـ]] ([[973]]م) برفقة أهله وجُنده وذخائره، قام بتغيير اسمها إلى [[القاهرة]]. وكانت المدينة الجديدة [[مستطيل]]ة الشكل بدلاً من أن تكون مُدَوَّرة.{{sfnSfn|Safran|2000|p=68}} وكانت مساجد المدينتين تحملان اسم [[الأزهر]] المُشتقَّة من اسم ابنة [[النبي محمد]]، [[فاطمة الزهراء بنت محمد|فاطمة الزهراء]]، بينما كانت البوابات تحمل أسماء باب الفتوح و[[باب زويلة]].{{sfnSfn|Yeomans|2006|p=44}} كما تضمنت كلتا المدينتين قصرين للخليفة [[ولي عهد|ولولي عهده]].{{sfnSfn|Safran|2000|p=68}}
 
وبعد أن انتقل الخُلفاء الفاطميين ل[[مصر]]، ظلت المنصورية عاصمة [[الزيريين|للزيريين]]، الذين أصبحوا الحكام المحليين لخمسة وثمانين عاماً.{{sfnSfn|Tracy|2000|p=234}} وقد بنى الحاكم الزيري [[منصور بن بولقان]] قصراً لنفسه في المنصورية.{{sfnSfn|Barrucand|Rammah|2009|p=349}} وهُناك جرى [[زواج|الزواج الفخم]] في [[1022]]م-[[1023]]م لحفيده الشاب الزيري [[المعز بن باديس]]. وقد بنى منزلاً صيفياً خارج المدينة، وقد قُدِّمت مجموعة كبيرة من [[المنسوجات]] المُصَنَّعة جيداَ، وعزف [[الموسيقى]] عدد كبير من العازفين خلال حفل الزواج.{{sfnSfn|Cortese|Calderini|2006|p=92}} وقد حكم [[المعز بن باديس]]، [[إفريقية]] في عهد الفاطميين للفترة [[1015]]م-[[1062]]م، وأعاد بناء سور القيروان كما قام ببناء جدارين على جانبي الطريق من القيروان إلى المنصورية.{{sfnSfn|Barrucand|Rammah|2009|p=349}} وأمر بنقل الحرف اليدوية والتجارية من [[القيروان]] إلى [[المنصورية]].{{sfnSfn|Jayyusi|Holod|Petruccioli|2008|p=128}}
 
== الوضع الحالي والخطط المستقبلية ==
=== التدمير ===
 
في [[442 هـ]] ([[1051]]م) تعَرَّضت المدينة للعديد من الهجمات من قبل [[البدو]] [[العرب]] خاصة [[قبيلة|قبيلتي]] [[بني هلال (قبيلة)|بنو هلال]] و[[بني سليم]]. وفي [[448 هـ]] ([[1057]]م) هجرها [[الزيريون]] الذين كانوا يتخذون من [[المهدية]] عاصمة لهم<ref name="barrucand349">{{HarvspHarvard citation|Barrucand|Rammah|2009|p=349}}</ref>، وأعلنوا بعد ذلك انتهاء سلطتهم على المدينة، حيث لم تُحتل بعد ذلك مرةً أخرى. فقد كان [[المعز بن باديس]] آخر حكامها، وتم استعمال ما تبقى من الآثار التاريخية و[[مواد البناء|مواد بنائها]] لاحقاً من قبل سكان [[القيروان]].<ref name="daftary75">{{HarvspHarvard citation|Daftary|1998|p=75}}</ref>
 
=== الوضع الراهن ===
سطر 111:
== علم الآثار ==
[[ملف:سيدة صبرة.jpg|تصغير|صورة لسلطانية تم العثور عليها أثناء عمليات التنقيب في المنصورية.]]
يُؤَكد [[مسح جوي|المسح الجوي]] للموقع وجود سياج اصطناعي كبير [[دائري]] الشكل تقريباً، وبداخله ما بقي من أحواض [[دائرة|دائرية]] و[[مستطيل]]ة.{{sfnSfn|Grabar|1985|p=28}} ويُمكِن التعرف على هذه الأحواض عن طريق تلك الأحواض الاصطناعية التي تحدث عنها “شاعر المحكمة“ محمد بن علي العيادي، والتي كانت تحيط ب[[القصر]].{{sfnSfn|Grabar|1985|pp=28–29}} وقد تم اكتشاف المباني من خلال عمليات [[الحفر]] و[[التنقيب]] الأثرية،{{sfnSfn|Daftary|1998|p=75}} وكذلك آثار من [[عمود|أعمدة]] القاعة الكبرى{{sfnSfn|Halm|1996|p=344}} وكذلك أجزاء من [[قناة مياه|القناة]].{{sfnSfn|Halm|1996|p=345}}
 
وقد أُجريت عمليات الحفر الأوَّلِية (أو الصغرى)، بواسطة [[جورج مارصي]] في العشرينات من [[القرن العشرين]]، بينما أجرى [[سليمان زبيس|سليمان مصطفى زبيس]] عمليات [[حفر]] أكثر دقة في [[الخمسينات]]، وذلك في القصر [[جنوب شرقي (اتجاه)|الجنوبي الشرقي]] في المدينة.{{sfnSfn|Barrucand|Rammah|2009|p=350}} ثم أُجريت عمليات حفر جديدة بواسطة فريق [[فرنسا|فرنسي]]-[[تونس]]ي حول القصر، في أواخر السبعينات وانتهت في [[1982]].{{sfnSfn|Barrucand|Rammah|2009|p=350}} إلا أن القليل من النتائج قد نُشِرت من هذه العمليات الأولى للحفر، ولم يتم تقديم معلومات عن مواقع [[طبقة أرضية|طبقات الأرض]]، أو شظايا [[الجص]] التي تم العثور عليها.{{sfnSfn|Barrucand|Rammah|2009|p=350}} ومن خلال عمليات [[التنقيب]] هاته تم العثور على مجموعة من الحفريات كان آخرها [[سلطانية]] "سيدة صبرة" وهي متواجدة حاليا ب[[المتحف الوطني للفن الإسلامي برقادة]].<ref group="ْ">[http://www.qantara-med.org/qantara4/public/show_document.php?do_id=444&lang=ar Qantara - سلطانية "سيدة صبرة"]، اطلع عليه بتاريخ 12 سبتمبر 2016 {{وصلة مكسورة|date= أغسطس 2017 |bot=JarBot}} {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20160911034110/http://www.qantara-med.org/qantara4/public/show_document.php?do_id=444&lang=ar |date=11 سبتمبر 2016}}</ref>
 
وما بين عامي [[2003]] و[[2008]]، تم تنفيذ [[مشروع]] أكثر حرصاََ، مع بذل مجهود أكبر لوضع شظايا [[الجص]] في أماكنها، وتجميع أكثر من 6000 قطعة تم العثور عليها بعد عمليات التنقيب. وكان هُناك دليل على وجود عدة مراحل متعددة من الأشغال مع أشكال وأنماط مختلفة من [[الزينة]] و[[زخرفة|الزخارف]] بما في ذلك [[نقوش]] وزخارف ل[[زهور]] و[[أوراق]] نباتات وأُخرى [[هندسية]] وثالثة لعناصر [[حيوان]]ية و[[بشر]]ية وكذلك نقوش نصية. وهُناك تُوجد بعض الزخارف تُشبِه الأعمال الزخرفية في [[تونس]] لحقبة ما قبل [[الإسلام]]، بينما هُناك زخارف أُخرى تُشبِه الزخارف المعروفة في مواقع وأماكن إسلامية أخرى في [[تونس]].{{sfnSfn|Barrucand|Rammah|2009|p=351}} وكانت الشواهد على التبادل [[الثقافة|الثقافي]] مع [[مصر]] أقل من المتوقع، بينما يظهر قدر كبير ومفاجئ من [[التواصل]] مع بلاد [[الأندلس]] رغم العداوة المتواصلة التي كانت بين [[الفاطميين]] و[[بني أمية]] في بلاد [[الأندلس]].{{sfnSfn|Barrucand|Rammah|2009|p=352}}
 
== انظر أيضًا ==