زيد بن علي: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسمان: تحرير من المحمول تعديل ويب محمول
←‏أسباب النهضة: إزالة تفخيم ونصوص غير موسوعية
وسمان: تحرير من المحمول تعديل ويب محمول
سطر 316:
 
== أسباب النهضة ==
كان السبب الوحيد الدافع للشهيد زيدلزيد على هذه النهضة، تنبيه الأمة على زلات ولاة الأمر وتعريفهم مضار تلك السطوة الغاشمة وذلك الحكم الجائر، ولولا نهضة [[الهاشميين]] في سائر الأنحاء والازمان لذهب الدين الحنيف الذي لاقى المتاعب صادعه وكابد في تأييده كل شدة، ادراج المنكرات، وذلك النهوض الباهر أفاد الامة شعوراً واحساساً بما عليه القوة العادية من الأخذ بالمشاق والحكْم بالشفاعات، كما عرفهم الصالح للقيام بتلك الوظيفة التي لا يقوم بها إلا نبي أو وصي نبي. ولا شك في محبوبية ذلك القيام للأئمّة الاطهار لما فيه من فوائد ومنافع أهمها ابقاء الناس على موالاتهم واعتقاد تقدمهم ومظلوميتهم، وإليه يشير الصادق عليه السّلام بقوله: ( خير الناس بعدنا مَن ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذِكرنا )؛ وكون زيد قاصداً تلك الغاية فشيء لا ينكر خصوصاً بعدما نقرأ في حديث [[أهل البيت]] المتواتر ( انما دعا إلى الرضا من آل محمّد {{صلاة}}، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، انما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه ) وقوله [[لجابر بن عبدالله الأنصاري]]: إني شهدت هشاماً ورسول الله يُسَب عنده، فوالله لو لم يكن إلا أنا وآخر لخرجت عليه.
تُعرّفنا هذه المصارحة مقاصده العالية، ونيته الحسنى في أمة جده، واسترجاع الامامة إلى اهلها: تراجمة الوحي ومصدر الحِكم والاسرار. فلقد تلاعب الأُمويون بالدين الإسلامي، تلاعب الصبيان بالكرة.
تحكّم فيه معاوية عشرين عاماً بما شاء له هواه، كما اخبره عن نفسه بقوله:
« اني تضجعت فيها ظهراً لبطن » <ref>(66)66 ـ ربيع الابرار للزمخشري ـ في باب الاوقات وذكر الدنيا والآخرة، أسقطنا صدر الحديث فراجعه.</ref> وخطبته بالنُّخَيلة بعد صلح الحسن بن عليّ عليه السّلام القائل فيها: « انما قاتلتكم لأتأمّر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون، ألا وان كل شيء أعطيتُه الحسن بن عليّ تحت قدميّ لا أفي به » <ref>(67)67 ـ مقاتل الطالبيين.</ref>، شاهد عدل على الغاية المتوخاة له، وانها ليست الا حب الدنيا، ونهمة الاستعمار واتباع المطامع، فلا غرابة إذاً إذا حدث عنه أبو إسحاق الموصلي ، بقوله: كان بين المغنين وبين معاوية ستارة لئلا يظهر ذلك للناس؛ ويقول أبو الفدا في « المختصر من اخبار البشر » <ref>(68)68 ـ ج 1 ص 189.</ref>: غنّاه بعض المغنين بشعر يحبه وذكر الابيات فطرب وتحرك، حتّى ضرب برجله الأرض وقوله لابنه يزيد وقد استمع عنده ليلة غناء أعجبه فلما أصبح قال له: من ملهيك البارحة ؟ قال: سائب بن خاثر، قال: فأكثرْ له من العطاء <ref>(69)69 ـ العقد الفريد ج 3 ص 229.</ref>.
أجل، يقف القارئ موقف الدهشة والاستغراب، وان وجدت هذه الاحاديث في المصادر الموثوق بها، بعد ان يشاهده قريب العهد بزمن التشريع، والشريعة نفسها تمنع بتاتاً من سماع الغناء، فضلاً عن بذل مال المسلمين بازائه؛ لكنه إذا تصفحنا الآثار والجوامع وقرأنا اليسير من سيرته ارتفعت كل دهشة واستغراب، فهذاوهذا أحمد بن حنبل يحدّث في المسند ج 5 ص 347 عن عبدالله بن بريدة الاسلمي قال: دخلت انا وأبي على معاوية فأجلَسنا على الفراش ثمّ أُتينا بالطعام فأكلنا ثمّ أُتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي فقال: ما شربته منذ حرّمه [[رسول الله]] {{صلاة}}. ويقول أبو الفرج في الأغاني ج 2 ص 79: خرج عبدالرحمن بن سيحان سكرانا من دار الوليد بن عثمان، فضربه الحد ثمانين سوطاً [[مروان بن الحكم]] أيّام ولايته المدينة، فغاظ معاوية ذلك حينما اقرأه البريد هذه الحادثة، وقال: لو كان حليف أبي العاص لما ضربه، وانما ضربه لكونه حليف [[حرب بن أمية]]. ثمّ أمر الكاتب أن يكتب إلى [[مروان|مروان بن الحكم]] باعطاء ابن سيحان ألفَي درهم ويعلن أنه ضربه على شبهة، ففعل ذلك مروان. ويحدّث [[الزمخشري]] في [ ربيع الابرار ] في باب التأديب والحبس والنكال، « إن معاوية بن أبي سفيان قُدّم إليه حمزة السارق فأمر بقطعه، فاستعطفه بهذه الابيات:
{{قصية|يـديْ يـا أمير المؤمنين أُعيذها|بـعفوك مـن عار عليها يشينها}}
{{قصيدة|خير في الدنيا ولا في نعيمها|إذا مـا شـمالي فـارقتها يمينها}}
{{قصيدة|قد أتى الاخبار قومي تقلصت|إليك المطايا وهي خوصٌ عيونُها}}
فأبطل عنه الحد وهو أول حد بطل في الإسلام ».
لقدكما هانت على الدين الحنيف كل صعوبة لاقاها تلك الأيّام القاسية، بعد ما شاهد أيّام « يزيد » ذلك الذي سوّد صحائف حياته بالمنكرات، فكانت أيامه كلها جوراً وضلالاً وانهماكاً في الخمور <ref>(70)70 ـ تاريخ الخلفاء، للسيوطيّ ص 114.</ref>، فمثلتمثلت تلك الأيّام المظلمة موقفه السيّئ في هذه الشريعة المقدسة. ومن هنا مقته الناس، وخرج عليه أهل المدينة فاسرف جيشه المتمرد في دماء الابرياء من [[الصحابة]] و[[التابعين]]، واتخذ من بقي من الناس عبيداً له في طاعة الله ومعصيته ومن لم يقبل تُضرب عنقه، فبايعوه على ذلك الا رجلاً من [[قريش]] قال: أبايعه في طاعة الله، فلم يقبل منه فقُتل <ref>(71)71 ـ تاريخ المدينة للسمهودي ج 1 ص 95 طبع سنة 1326.</ref>.
كانت تلك الفضائع والمنكرات بمرأىً منه ومسمع، يشهد له وصيته أمير الجيش لمّا سيره بإباحة حرم الرسول {{صلاة}} ثلاثة أيّام <ref>(72)72 ـ تاريخ الطبري ج 7 ص 6.</ref>، ذلك الحرم الذي يقول فيه النبيّ {{صلاة}}: من أخاف أهل المدينة ظالماً لهم اخافه الله وكانت عليه لعنة الله <ref>(73)73 ـ تاريخ المدينة ج 1 ص 31.</ref>، ولم يعلمنا التأريخ باستيائه وغضبه حينما اقرأه البريد انتهاب ذلك الجند أموال الابرياء واستباحته الفروج والاعراض <ref>(74)74 ـ في الفخري ص 87: كان الرجل إذا زوّج ابنته لا يضمن بكارتها ويقول لعلها افتُضّت يوم الحرة، وفي [[تذكرة السبط]] ص 163: ولدت ألفُ امرأة يوم الحرة من غير زوج ويقال عشرة آلاف امرأة.</ref>، نعم حمل الينا التاريخ مجازاته [[مروان بن الحكم]] بكل جميل لإعانته أمير الجيش على أهل المدينة، فقربه وأدناه وشكر له <ref>(75)75 ـ تاريخ الطبري ج 7 ص 6.</ref>.
ليس الغرض في هذا الموقف احصاء زلات القوم وان كثرت، لاني لم أكن في هذا المختصر بصدد ذلك؛ وانما كان التعرض لهذه الجملة اليسيرة كمثل تتعرف منه القراء الغاية الباعثة للشهيد زيد على الخروج، وهي استرجاع الخلافة إلى أهلها، واظهار العدل في امة جده {{صلاة}}، وقلع الفساد الذي نشروه بين الأمة.
 
== موقفه مع [[هشام بن عبد الملك|هشام]] ==