محمد علي العابد: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسمان: تعديلات طويلة تحرير مرئي
وسمان: تعديلات طويلة تحرير مرئي
سطر 66:
 
=== العلاقة مع المفوضية الفرنسية ===
كونه أول رئيس للجمهورية السورية، فقد منحه الرئيس الفرنسي [[ألبير فرانسوا لوبرون]] وسام الجمهورية الفرنسية في أكتوبر 1932، وتسلمه عن طريق المفوض الفرنسي هنري بونسو؛<ref>سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.244</ref> أصدر العابد في الفترة ذاتها عفوًا عامًا عن أعمالالمتهمين بأعمال الشغب التي حصلت خلال الانتخابات النيابية أواخر عام 1931، لكن العفو لم يشمل كبار الشخصيات الثورية مثل سلطان الأطرش وعبد الرحمن شهبندر وعادل أرسلان التي نفيت بعد الثورة السورية الكبرى (25-1927) -والتي لم يشملها أيضًا العفو الأسبق- نتيجة اعتراض المفوضية الفرنسية.<ref>سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.245</ref> منذ ديسمبر 1932 تولى العابد، تعاونه الحكومة، بموجب الدستور مهمة التفاوض حول معاهدة صداقة وتحالف مع فرنسا التي مثلتها المفوضية الفرنسية برئاسة هنري بونسو والتي كان يفترض أن تنهي الانتداب وتحوله إلى معاهدة شبيهة بالمعاهدة العراقية-البريطانية عام 1930. إلا أنّ فرنسا لم تحذ حذو بريطانيا في معاهدتها مع العراق، وتصلبت في مواقفها بينما قبل العابد معظم الشروط الفرنسية، مما أوجد فعليًا نقمة الكتلة الوطنية والجماهير التي أضربت وسيّرت مظاهرات خلال فترة المفاوضات التي استمرت طيلة النصف الأول من 1933، وأفضت إلى تأجيل اجتماعات البرلمان خشية رفضه التصديق على المعاهدة عند عرضها عليه؛ وقبل أن يتأزم الوضع كان [[ألبير الأول من بلجيكا|ألبير الأول ملك بلجيكا]] قد قام في أبريل 1933 بزيارة دمشق وتدمر، ليكون بذلك أول رئيس دولة خارجية رفيعة، يزور سوريا منذ عقود.<ref>سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.246</ref>
 
في نوفمبر 1933 عرض دي مارتيل نص معاهدة التحالف والصداقة بين الجمهورية السورية وفرنسا بعدما أقرتها الحكومة ودعمها العابد، غير أن البرلمان رفض التصديق عليها وردها بأغلبية 46 نائباً من أصل 68 (أكثر من الثلثين) لأنها لاتحوي موادَّ تقر السيادة والوحدة والاستقلال، فما كان من دي مارتيل إلا أن حلّ دورة المجلس في 24 نوفمبر وأوقف اجتماعاته طيلة ذلك الفصل التشريعي. ثالث حكومات عهد العابد شكلها رئيس الدولة السورية السابق [[تاج الدين الحسني]] وذلك في 17 مايو 1934 بعدما استقالت حكومة العظم الثانية بإيعاز من دي مارتيل.<ref>سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.397</ref>
سطر 72:
=== القلاقل الأمنية ===
==== اضطرابات حلب ====
في مايو 1934 أدت جولة قام بها رئيس الجمهورية يرافقه رئيس الوزراء إلى شمال سوريا لخروج مظاهرات قوية، وتعرّض العابد للسباب والشتيمة في [[الجامع الأموي (حلب)|الجامع الأموي]] بحلب أثناء وجوده فيه، وانتشرت المظاهرات وإضراب الأسواق، وإلقاء القنابل، والمصادمة مع رجال الشرطة بحلب طيلة فترة الزيارة؛ وقد اعتقل إثرها عدد كبير من المتهمين بينهم قيادات هامة مثل [[سعد الله الجابري]].<ref>سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.243</ref> في حينبينما هرع محامون من كل أنحاء سوريا للدفاع عنهم، وتجددت الاضطرابات في ذكرى [[المولد النبوي]]. كان العابد أصدر عفوًا خاصًا عن المتهم بإطلاق النار على إبراهيم هنانو الزعيم الحلبي والوطني وهو مامما سبب الاضطرابات؛<ref>سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.250</ref> إلى جانب النقمة الشعبية على شخصية رئيس الوزراء الشيخ تاج.
 
==== الإضراب الستيني ====
{{مفصلة|الإضراب الستيني}}
في 21 ديسمبر 1935 نظمت الكتلة الوطنية حفل تأبين كبير بمناسبة [[أربعين الميت|ذكرى أربعين وفاة]] إبراهيم هنانو سكرتير الكتلة الوطنية على مدرج [[جامعة دمشق|الجامعة السورية]] بدمشق أعلن [[فارس الخوري]] خلاله "الميثاق الوطني"، واندلعت عقبه الإضرابات والاضطرابات الأمنية الدامية، بينما عجز العابد ومعه حكومة الشيخ تاج عن قمعها. أغلقت في أعقاب هذه الاحتجاجات مكاتب الكتلة الوطنية في [[دمشق]] و[[حلب]] واعتقل عدد من قادتها كسعد الله الجابري، فردّ الشعب بإضراب شامل دام في دمشق ومدن أخرى سبعة وخمسين يوماً ودعي بالإضراب الستيني، ووصف بأنه أطول إضراب جرى في العالم حتى تاريخه، واضطر الجيش الفرنسي للانتشار في شوارع المدن الرئيسية وهدد دي مارتيل بقصف دمشق كما حصل عام 1925، وشهدتوشهد [[العراق]] و[[لبنان]] و[[الأردن]] و[[فلسطين]] و[[مصر]] مظاهرات مؤيدة للشعب السوري فضلاً عن دعمٍ من [[بريطانيا]] وبسبب الضغطين الشعبي والدولي اضطر المفوض الفرنسي للالتقاء بهاشم الأتاسي رئيس الكتلة الوطنية واتفق معه على تأليف حكومة جديدة وتشكيل وفدٍ يسافر إلى فرنسا للتفاوض حول معاهدةٍ جديدةٍ تضمن حقوق السوريين، ونتيجةوهكذا الاتفاق شكلتولدت حكومة عطا الأيوبي التي شملتضمت وجوهًا محايدة وكانت مهمتها الأساسية إدارة المرحلة الانتقالية.<ref>سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.398</ref>
 
بعد حوالي شهر في 21 مارس غادر وفد الكتلة الوطنية إلى فرنسا وبقيت المفاوضات ستة أشهر حين أعلن عن الاتفاق بين الوفد والحكومة الفرنسية في 9 سبتمبرسبتمبر، ونشرت نصوص مسودة الاتفاق في 22 أكتوبر على أن توقع قبل نهاية العام. دعا العابد لانتخابات نيابية هي الثالثة في تاريخ سوريا (الأولى1928 والثانية1932) فازت بها الكتلة بالأغلبية الساحقة، وكان من النتائج المباشرة للاتفاق بين الكتلة وفرنسا، عودة ارتباط [[دولة جبل العلويين]] ودولة [[جبل الدروز]] بالجمهورية السورية في 5 ديسمبر 1936 مع احتفاظهما بالاستقلال الإداري والمالي، غير أن نائب [[جبلة]] علي أديب عضو برلمان دولة اللاذقية أعلن التنازل عن استقلالها المالي والإداري لتكون "متساوية مع سائر المحافاظت السورية"، وأيدّه في ذلك سائر النواب وعيّن مظهر باشا رسلان أحد نواب الكتلة الوطنية محافظًا عليها.<ref name="سوريا">سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.403</ref> افتتح البرلمان الجديد أعماله في 21 ديسمبر 1936 وفي اليوم نفسه أرسل العابد كتاب استقالته إلى المجلس فقبلها، وقد عللها العابد بأسباب صحيّة، بينما وجدأرجع عدد من المؤرخين أن السبب يرجع لفوز الكتلة الوطنية وعدم تمكن رئيس محايد من الاستمرار إثر فوزها بأغلبية ساحقة، ورأى خالد العظم في مذكراته أن استقالته جاءت بسبب الضغط الكبير من الكتلة لترشيح زعيمها هاشم الأتاسي الذي انتخب الرئيس اللاحق، وقال يوسف الحكيم إنّ كبير أمناء الرئيس نجيب الأرمنازي نصحه بالاستقالة بعد إعلان نتائج الانتخابات لإفساح المجال أمام الكتلة الوطنية لإكمال ما بدأت به من تفاهم مع فرنسا، وهو ما يدل على ضغط من قبل الكتلويين لأن الأرمنازي وثيق الصلة بهم.<ref>سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.265</ref>
 
== بعد الرئاسة ==
=== إرث العابد ===
في الجلسة التي قبلت فيها الاستقالة انتخب [[هاشم الأتاسي]] رئيسًا، أما العابد فقد غادر سوريافغادر إلى [[باريس]] وقيل خوفًا من الاغتيال، وبقي فيها إلى أنحتى وافته المنية عام 1939 حين نقلفنقل جثمانه إلى دمشق ودفن فيها.<ref name="سوريا"/> حاليًا يوجد شارع راقٍ باسمه في دمشق بقربيمتد شارعبين ساحتي السبع بحرات الحمراءوالنجمة يمتاز ببعض الأبنية ذات الطراز المعماري المميز لفترة الانتداب كوزارة الصحة ودير اللاتين ومدرسة الفرنسيسكان. قيّم المؤرخ والسياسي السوري [[يوسف الحكيم (سوريا)|يوسف الحكيم]] شخصية العابد بوصفه كان يتمتع بمزايا عالية من العلم والخبرة الاقتصادية والحياة السياسية والاجتماعية فضلاً عن "مكارم الأخلاق" إلى جانب "التواضع".<ref>سورية والانتداب الفرنسي، مرجع سابق، ص.231</ref> ويمكن القول عن فترة العابد:<ref name="تاريخ"/>
:''إن فترة محمد العابد كانت أشبه ما يكون بالهدوء الذي جاء بالعاصفة، امتاز عهده بتحدّي القوى الوطنية لسلطة الاحتلال وظهور الكتلة الوطنية الواضح، والتي تقدّمت على حزب الشعب الذي أسسه الدكتور [[عبد الرحمن الشهبندر]] عام 1925، والتي استطاعت فيه الكتلة الوطنية تحريك الشارع لإرغام الاحتلال للإذعان للتوقيع على مُعاهدة الاستقلال وبطلان الانتداب الفرنسي، وهو ما لم يتم في عهده.''
 
=== ثروته ===
[[ملف:VictoriaBridgeHotelDamascus.jpg|يسار|200بك|thumb|جسر فيكتوريا على [[نهر بردى]] ويظهر جزء من فندق فكتوريا أكبر فنادق [[دمشق]]، والمملوك لعائلة العابد.]]
اشتهر العابد بكونه "أغنى رجل في دمشق، إن لم يكن في سوريا كلّها" في زمانه، وقدرت ثروته بمليون ليرة إنكليزية ذهبية؛<ref>سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.427</ref> كانت ثروته متوزعة بين أسهم يملكها في [[قناة السويس]]، ومجموعة عقارات منتشرة في أوروبا، وأراضٍ زراعية واسعة بما فيها من قرى في [[غوطة دمشق]] لاسيّما في [[منطقة دوما]]، وحدائق في [[حي القنوات]]، فضلاً عن [[فندق فيكتوريا]]، أقدم فنادق دمشق وأشهرها، والذي كان يدرّ دخلاً سنويًا كبيرًا. ثروة العابد المالية كان يحتفظ بها في بنوك أوروبية وأمريكية، وهو ما عرّضه لنقد صحفي شديد بوصفه "بخيل" و"غير وطني" لعدم نقله ثروته إلى داخل سوريا وعدم توسيعوتوسيع استثماراته فيها بالداخل. وحسبما يذكرهيذكر المؤرخ فيليب خوري فإنّ استثماراته في سوريا لم تتم إلا بعد ضغط من رجال الكتلة الوطنية عليه،عليه لإقناعه بأهمية الاستثمار، فأصبح مساهمًا رئيسيًا في شركة الإسمنت الوطنية (الواقعة في دمر غربي دمشق) إحدى أبرز مشاريع الكتلة الاقتصادية، كما دعم صحيفة الأيام لصاحبها نجيب الأرمنازي بشرائه حصة فيها بقيمة 5000 جنيه استرليني.<ref>سوريا والانتداب الفرنسي - سياسة القومية العربية، ص.428</ref>
 
لايزال قصر محمد علي العابد إلى اليوم في [[ساروجة|حي ساروجة]] ضمن [[دمشق القديمة]] ويرجع عمره لحوالي 350 عاماً،<ref name="بيت">[http://www.esyria.sy/edamascus/index.php?p=stories&category=ruins&filename=200904121030021 65 مفتاحًا لقصر أول رئيس سوري]، سوريا الإلكترونية، 23 أغسطس 2011. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20150924002957/http://www.esyria.sy/edamascus/index.php?p=stories&category=ruins&filename=200904121030021 |date=24 سبتمبر 2015}}</ref> ويعود تاريخ اقتنائه لهولو العابد جد والد محمد علي العابد، واعتبر في بداية رئاسته قصرًا جمهوريًا واستمر كذلك ستة أشهر فقط، حتى تم الانتهاء من القصر الجمهوري الحالي في منطقة المهاجرين بدمشق. وبعد فاة العابد حوّل القصر عام 1942 إلى سليم اليازجي الذي قام بتحويله إلى مدرسة ثانوية حتى عام 1970، حين تم تأميم المدارس الخاصة في سوريا، وأتبع البناء لملكية وزارة التربية التي حولته لمديرية تربية،<ref name="بيت"/> وقد أهمل القصر وأتلفتوأتلف الكثير من محتوياته وسرق بعضها الآخر لاسيّما الأسقف العجمية، وفي عام 1995 استعاد اليازجي ملكيته، كما تعرض في عام 2006 لحريق قضى على أحد طوابقه.<ref name="بيت"/>
 
== انظر أيضًا ==