الدولة المرينية: الفرق بين النسختين
[مراجعة غير مفحوصة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
الرجوع عن 7 تعديلات معلقة إلى نسخة 25920699 من Mr.Ibrahembot |
|||
سطر 43:
|العاصمة = [[فاس]]
|الفترة التاريخية =
|اللغة =
|سنة البداية = 1244
|سنة النهاية =1465م
سطر 74:
|ملاحظات =
}}
'''المرينيون'''، '''بنو مرين''' أو '''بنو عبد الحق''' هي سلالة حكمت بلاد [[المغرب الأقصى]] من [[القرن الثالث عشر]] إلى [[القرن الخامس عشر]] ميلادي، وتوسعت حدود دولتهم خارج نطاق المغرب في عهد السلطان [[أبو سعيد عثمان بن يعقوب|أبي سعيد الأول]]، و[[يوسف بن يعقوب]] وخاصة أيام [[أبي الحسن المريني]]، الذي ضَمَّ لدولته [[المغرب الأوسط]] [[المغرب الأدنى|والأدنى]] فوحد المغرب الكبير تحت رايته، مسيطرا على [[بلاد السوس]] ومعاقل الصحراء جنوبا<ref>ابن خلدون، العبر ، ج 7 ص 244.</ref> إلى [[مصراته]] قرب الحدود المصرية شرقا، و[[رندة]] بالأندلس شمالا، ولم يستطع المرينيون بسط سيطرتهم على كامل الأراضي التي كانت تشكل الدولة الموحدية، غير أنهم استطاعوا توحيد المغرب الاقصى والعبور إلى الأندلس للجهاد لوقف زحف ممالك إسبانيا ومكافحة [[القرصنة]] المسيحية على سواحل المغرب. ويرجع ظهورهم لوضعية بلاد المغرب الأقصى بعد كارثة [[معركة العقاب|معركة العُقاب]] سنة [[609 هـ]]، حيث ضعف وتفتت كيان السلطة المركزية لدولة الموحدين، هذا بالإضافة لتفشي [[وباء الطاعون]] وهلاك الجند، فغاب الأمن في البلاد، فظهر بنو مرين على مسرح الأحداث السياسية واستطاعوا إلحاق الهزيمة بالجيش الموحدي الذي أعده والي فاس لحربهم في أول صدام لهم مع الموحدين،<ref>الناصري، أحمد: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق جعفر الناصري ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1954 م. ج 2، ص. صص. 226 ـ 227</ref> ثم تفاقم خطرهم، وازدادت قوتهم، فاستطاعوا القضاء على الدولة الموحدية والجلوس في مكانها بعد قضائهم على الموحدين في [[مراكش]] سنة [[668 هـ]]/ [[1269]] م ،<ref>العبر وديوان المبتدإ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، بيروت، 1959، ج 6، صص، صص. 542 ـ 551</ref><ref>عبد الواحد المراكشي ، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، ضبط وتحقيق وتعليق محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي، ط 7، الدار البيضاء، 1978، صص.، 476 ـ 477.</ref> واتخذوا من مدينة فاس عاصمة لهم. وأول سلطان لهم هو [[يعقوب بن عبد الحق]]. وحمل المرينيون مهمة الجهاد في [[الأندلس]]، وحازوا على مجموعة من المدن الأندلسية،<ref>[
وتميزت دولة بنو مرين عن بقية الدول التي سبقتها في حكم المغرب كونها لم تصل إلى الحكم تحت شعار فكرة دينية كما فعل [[المرابطين]] و[[الموحدين]]، فقد اعتمد بنو مرين على قوتهم العددية وتنظيماتهم القبلية، المكونة من قبائل [[زناتة]]، والمتحالفة لاحقا مع القبائل العربية، الذين شكلوا أساس [[المخزن (المغرب)|جهاز مخزنها]]. مما أعطى هامشاً كبيراً للإبداع والتطور الفكري والحضاري، فأطلق بنو مرين للناس حرية الاعتقاد والتمذهب، فعاد المذهب المالكي إلى الظهور قوياً كما كان أيام [[المرابطين]]، بعد أن نبذ وحارب الموحدون [[الفروع في الفقه المالكي|الفروع]] [[التقليد في الإسلام|والتقليد]]، وقرَّب المرينيون الأشراف الأدارسة وبجلوهم ب[[ظهير#ظهير التوقير والاحترام والإعفاء|ظهائر التوقير والاحترام]]، وأعادوا بناء [[ضريح مولاي إدريس]] وإحياء الإحتفالات [[المولد النبوي|بالمولد النبوي]]. كما قرَّبَ المرينيون العنصر اليهودي الفارّ من الأندلس.<ref>David Corcos, "The Jews of Morocco Under the Marinides," Jewish Quarterly Review, (N.S.) LV, (October, 1964), 136-50</ref> وعرفت الدولة المرينية تطورا عمرانيا وثقافيا، فبنى المرينيون مدن جديدة [[فاس الجديد|كفاس الجديد]] و[[تطاوين]] و[[المنصورة (ولاية تلمسان)|المنصورة]] بالمغرب و[[البنية (الجزيرة الخضراء)|البُنيَّة]] بالأندلس، كما اهتموا ببناء المدارس والمارستانات والمساجد والأربطة و[[الوقف في المغرب|المؤسسات الوقفية]] المختلفة. واستحدث المرينيون نظم إدارية وعسكرية، ك[[مشيخة الغزاة]]، وبرز في عصرهم كبار الرحالة أمثال [[ابن بطوطة]]، [[ابن رشيد السبتي|وابن رشيد السبتي]]، [[محمد العبدري الحاحي|والعبدري]]، [[القاسم بن يوسف التجيبي|والتجيبِي]]، [[خالد بن عيسى البلوي|والبلوي]] و[[أحمد زروق]]،<ref>[
== تاريخ ==
{{تاريخ المغرب}}
=== خلفية ===
ينحدر المرينيون من بني واسين [[زناتيون|الزناتية]]، واستقروا في المناطق الشرقية والجنوب الشرقي من المغرب الأقصى، وكانوا من البدو الرُحَّل في مطلع [[القرن السابع الهجري]] [[القرن الثالث عشر|الثالث عشر ميلادي]] يرعون الغنم والإبل في القفار بين منطقة [[فكيك]] [[واد ملوية|وملوية]] ([[الجهة الشرقية]] حاليا).<ref>[
وخلال تزعم محيو بن أبي بكر لبني مرين، شهدوا [[معركة الأرك]] وقاتلوا في صفوف [[الموحدين]] في عهد السلطان [[أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنصور]]، وأصيب زعيمهم محيو بن أبي بكر في تلك الغزوة وهلك على إثرها سنة 592هـ - 1195م.<ref>[
بعد تقلص الرقعة الجغرافية والسلطة الفعلية للإمبراطورية الموحدية على شمال أفريقيا والأندلس، شهد النصف الأول من القرن الثالث عشر ميلادي تقسيما جديدا للغرب الإسلامي، ظهرت أربع قوى إسلامية جديدة، حيث انفصل الحفصيون [[المغرب الأدنى|بالمغرب الأدنى]]، واستولى [[بنو عبد الواد]] على [[المغرب الأوسط]]، بينما استقر الأمر فيما تبقى من الأندلس المسلمة ل[[بني الأحمر]]، بعدما استولى على معظم الجزيرة الإيبيرية القشتاليون والكتلانيون والبرتغاليون، في حين كان المرينيون يمهدون الطريق نحو إقامة دولتهم.<ref>[http://scholar.najah.edu/ar/content/دولة-بني-مرين-تاريخها-وسياستها-تجاه-مملكة-غرناطة-الأندلسية-والممالك-النصرانية-في-إسبانيا، دولة بني مرين: تاريخها، وسياستها تجاه مملكة غرناطة الأندلسية والممالك النصرانية في إسبانيا، 668 - 869 هـ / 1269 - 1465م] جامعة النجاح الوطنية، تاريخ الولوج 29 مايو 2014</ref>
=== انتشار بني مرين ===
بعد [[معركة العقاب|معركة العُقاب]] سنة [[609 هـ]] ومهلك الخليفة [[محمد الناصر]] رابع خلفاء الموحدين سنة 610 هـ، تولى الأمر من بعده ابنه [[يوسف المستنصر]]، الذي كان لا يزال غلاماً لم يبلغ الحلم. فضعف نفوذ الموحّدين وضاعت معها الثغور. وفي سنة [[610 هـ]] / 1213م أقبل بنو مرين على عادتهم ودخلوا المغرب فوجدوا أحواله قد تبدلت، فاغتنموا الفرصة فشرعت القبائل المرينيّة في التوسّع في الريف وفي الغرب، ووضعوا أنفسهم مؤقّتًا تحت السلطة الاسميّة [[الحفصيين|للحفصيّين]]، بعد أن دعا أهل مكناس عند فتحها إلى مبايعة الحفصيين، وقد افادتهم هذه الخطة حيث هادن الحفصيون المرينيين وأمدوهم بالسلاح. فأرسل الخليفة المستنصر أبا علي بن وانودين على رأس الجيش الموحدي من مراكش إلى حيث تجتمع جيوش الموحدين بفاس. ''وأوعز إليه أن يخرج لغزو بني مرين وأمره أن يثخن ولا يستبقي''، حسب قول ابن خلدون. فالتقى الجمعان [[وادي نكور|بوادي نكور]] فانتصر بنو مرين تحت قيادة [[عبد الحق الأول|عبد الحق بن محيو]] وولّى الموحدين مُدْبِرِينَ إلى تازة وفاس، وانظمت للمرينيين القبائل القريبة لهم في النسب، فتحالفوا معهم من أجل قتال قبائل رياح من بني هلال، المناصرين للموحدين للعهد الذي بينهم حيث وطنهم المنصور بذلك القطر، بالإضافة لبني عسكر أبناء عمومة بني مرين، الذين انضموا إلى الموحدين، وجرت حروب دموية سنة 614 هـ / 1217م، انتهت بسقوط زعيم بنو مرين الأمير عبد الحق محيو وكبير أولاده إدريس. فأقسم بنو مرين الأخذ بالثأر،<ref>[
=== إنشاء الدولة ===
[[ملف:Murallas meriníes de Ceuta.jpg|200px|تصغير|يسار|بقايا أسوار مرينية في مدينة [[سبتة]].]]
[[ملف:Fes Jdid gate.jpg|200px|تصغير|يسار|[[باب الأمر]] شيده المرينيون سنة 1276م كمدخل غربي ل[[فاس الجديد]].]]
تولّى إمارة بني مرين بعد مقتل أبي معروف، أخوه أبوبكر بن عبد الحق الملقّب بأبي يحيى، الذي رفع شأن بني مرين فأصبح لهم دولة منظمة، بجيش منظم وأصدر القوانين وقسم بلاد المغرب وقبائله وأقطع كلاً منهم ناحية. واستولى جنده على [[مكناسة]] سنة [[643 هـ]]، ثم زحفوا على فاس واستولوا عليها بعد حصار شديد سنة [[648 هـ]] - [[1250]]م، وكان سقوط فاس أعظم ضربة أصابت دولة الموحِّدين. ولما رسخت قدم [[يعقوب بن عبد الحق]] بالمغرب واتسع سلطانه وقطع دعوة الحفصيين. واستمرّ التوسّع المرينيّ في عهد [[أبو يحيى بن عبد الحق|أبي يحيى]] بين 1244 - 1258م، وبشكل خاصّ في عهد [[أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق|أبي يوسف يعقوب]]، الذي نجح في استبعاد [[إدريس الواثق]] آخر خليفة موحّديّ، واحتلّ مرّاكش. وعرّف السلطان الجديد أبو يوسف عن نفسه بأنّه أمير المسلمين، وهو نفس اللقب الذي اعتمده [[المرابطون]] في السابق.<ref>[
وفي سنة [[655هـ]]/[[1255]]م غدر عامل سجلماسة [[محمد القطراني]] بالموحدين وانحاز إلى الأمير أبا يحيى بن عبد الحق المريني وساعده على احتلال سجلماسة مقابل تعيينه واليا عليها.<ref>ابن عذاري، ج3، صص.416-417</ref><ref>الاستقصا، ج3، صص.18-19.</ref> فتعاظم أمر القطراني بعد ذلك وكثر أتباعه وازدادت قوته، وجاءه خبر موت الأمير أبي يحيى المريني سنة 656هـ/1256م، فثار القطراني على الدولة المرينية وانفرد بالحكم على سجلماسة، واعتذر من السلطان الموحدي [[أبو حفص عمر المرتضى|المرتضى]] وقدم له طاعته وولائه بشرط استقلاله في سجلماسة فوافقه المرتضى، وأرسل له القاضي ابن حجاج، وعدد من الجند، وسيدا من الموحدين ليقيم في سجلماسة من غير أن يحكم. واتفق [[أبو حفص عمر المرتضى|المرتضى]] مع القاضي ابن حجاج وقائد الجند على القطراني وقتلوه بالحيلة.
بعد أن تم للسلطان يعقوب بن عبد الحق إخضاع معظم أجزاء المغرب وأنهى دولة الموحدين، بقيت [[سبتة]] و[[طنجة]] و[[سجلماسة]] خارجة عن حكمه وسلطته، فقرر إخضاعهم قبل أن يبدأ بمهمة الجهاد في الأندلس. وبعد عودته من حصار [[تلمسان]]، توجه لحصار طنجة التي كانت تحت حكم [[إمارة العزفيين|العزفيين]] وحاصرهم مدة ثلاثة أشهر، واقتحموها سنة [[672هـ]]/[[1273]]م بعد استسلام بعض جنودها بعد خلاف وقع بينهم.<ref>عبد الرحمن بن خلدون، "العبر وديوان المبتدإ والخبر"، بيروت، منشورات الأعلمي للمطبوعات، 1971، ج7، ص.187</ref> وبعد فك الحصار على طنجة أرسل ولده الأمير يوسف إلى سبتة فحاصرها، ولكنها استعصت وصمدت، فثم التوقيع على معاهدة صلح بين الأمير [[أبي العباس العزفي]] والسلطان المريني بشرط أن يحتفظ الأول بحكم سبتة واستقلال العزفيين فيها لقاء [[خراج]] سنوي يؤديه إلى السلطان المريني.<ref>أبو العباس أحمد بن خالد الناصري، "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى"، تحقيق جعفر الناصري، محمد الناصري، الدار البيضاء، دار الكاتب، 1954، ج3، ص.35.</ref>
{{اقتباس|«... فما قدموا عملا من الأعمال قبل تمهيد البلاد، والضرب على أيدي أهل الضرر والفساد، فأمنوا السبل، وسدوا الخلل، فاتسعت أحوالهم وانبسطت آمالهم، فصار أهل تلك البلاد يعظمونهم غاية الإعظام، ويعاملونهم بالبر والإكرام».<ref>[[البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب]] [
=== الأندلس ===
{{اقتباس|إن الصّلات بين المغرب الأقصى والأندلس قديمة ترقى إلى التاريخ القديم، وهي صلات فرضتها طبيعة الجوار وأملتها المعطيات الجغرافية... فمن المعروف أن الأندلس بعد فترة الطوائف قد اندمجت في الإمبراطورية المرابطيّة والموحديّة، أي خلال أكثر من ثلاثة قرون، كما أن دولة بني نصْر في مملكة غرناطة لم يكن لها أن تكون لولا بنو مَرين. <small>[[محمد بن شريفة]]</small>.<ref>[
حاول المرينيون بين سنتي [[674 هـ|674]] و[[741 هـ]]، إعادة تكرار التجربة الموحدية والمرابطية في الحضور المغربي بالأندلس، وتزامنت مساهمة المرينيين مع مرحلة انقلبت فيها موازين القوى بالبحر المتوسط الغربي لصالح المسيحيين منذ [[معركة العقاب]]، التي قال عنها ابن عذاري بأنها «''كانت السبب في هلاك الأندلس''».<ref>ابن عذاري، البيان المغرب، قسم الموحدين، ص. 236.</ref> حيث ساهم القشتاليون في إنشاء [[مملكة غرناطة]] كدولة تابعة لهم، ولم يعد المغرب الأقصى قادراً على تهديد الممالك المسيحية بالأندلس، بل إنه أصبح مهدداً في عقر داره عندما نجح القشتاليون، ولو لمدة قصيرة، في السيطرة على [[سلا]] سنة [[658 هـ]]/ [[1260]] م.<ref>ابن أبي زرع، القرطاس، ص. 301.</ref>
[[ملف:Torre de Santa María (Écija).JPG|200px|تصغير|يمين|جرت أحداث [[معركة الدونونية]] قرب [[إستجة]] بين إشبيلية وقرطبة، والتي انتصر فيها المرينيون، وتعود تسمية المعركة ل[[نونيو غونثاليس دي لارا]] قائد الجيش القشتالي، الذي أرسل المغاربة رأسه لأهل غرناطة يبشرونهم بالنصر.]]
سطر 107:
[[ملف:Puente merini2.jpg|250px|تصغير|يسار|قنطرة مرينية في مدينة [[الجزيرة الخضراء]]، اكتشفت خلال عمليات تنقيب سنة 1997م.]]
[[ملف:Gibraltar Moorish Castle 01.jpg|250px|تصغير|يسار|حصن المرينيين ب[[جبل طارق]].]]
وبعد اشتداد الضغط الذي فرضته [[مملكة قشتالة]] على مملكة غرانطة لجأ حكامها إلى الاستنجاد بسلاطين المغرب المرينيين، وكان أولهم السلطان المريني [[يعقوب بن عبد الحق]] الذي جهز جيشا سنة [[673 هـ]] / [[1275]]م وعبر به البحر، بعد أن اشترط على ملوك غرناطة تنازلهم على [[جزيرة طريف]] و[[الجزيرة الخضراء (إسبانيا)|الجزيرة الخضراء]] على الساحل الجنوبي لبلاد الأندلس، لتسهيل عبور المغاربة للأندلس وتكون قواتهم مددًا قريبًا للبلاد إذا احتاجوا إليهم في حربهم ضد النصارى. وفي سنة [[674 هـ]] [[1276]]م هزم جيش يعقوب بن عبد الحق القشتاليين قرب مدينة [[إستجة]] في [[معركة الدونونية|موقعة الدونونية]]، ثم عبر البحر ثلاث مرات بعدها لوقف القشتاليين عند حدود غرناطة. فقاموا بحصار وغزو [[إشبيلية]] واستولوا على نواحي [[شريش]]، وأسس بقرب [[الجزيرة الخضراء]] مدينة حصينة؛ سماها «البُنيَّة»، وفي سنة 676هـ، عاد لإشبيلية، وفتك بالجيوش الإسبانية، واستولى على [[جبل الشرف]] وحصن [[قطنيانة]] و[[جليانة (إسبانيا)|جليانة]] والقليعة، ثم توجهوا لقرطبة واشتبكوا مع الإسبان في أبوابها بينما توجه فرع من الجيش لتدمير القرى المجاورة، وفتحوا بعض الحصون بالقرب من [[الزهراء (مدينة)|مدينة الزهراء]] كما توجهوا نحو [[جيان]]،<ref>[
[[ملف:ZaharaSierra07.jpg|200px|تصغير|يمين|سنة 1282م طلب [[ألفونسو العاشر]] الملقب ب"الحكيم" مقابلة أمير المسلمين [[أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق]] بمدينة [[زهراء دي لا سيرا]]، وطلب منه مساعدته لوقف تمرد ابنه [[سانشو الرابع ملك قشتالة|سانشو]]، فأصبحت منذ ذاك الحين من قلاع المرينيين.]]
[[ملف:Moorish Baths, Gibraltar Museum 09.jpg|250px|تصغير|يسار|حمامات المرينيين، بمتحف بجبل طارق.]]
سطر 114:
وراسل السلطان المريني ابن الأحمر يُجَدِّد له الرغبة في الصلح والتحالف، وحذره من خطورة انفصام تحالف المسلمين على مصير الأندلس.<ref>تاريخ ابن خلدون، 7/201-204</ref><ref>ابن الخطيب: أعمال الأعلام القسم الثالث، ص289</ref><ref>محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/102، 103.</ref> وبعد ثورة [[سانشو الرابع ملك قشتالة|سانتشو]] على أبيه ألفونسو العاشر، لجأ والده الملك ألفونسو العاشر إلى المنصور المريني، وطلب منه مقابلته [[زهراء دي لا سييرا]]، فعبر السلطان المغربي إلى الأندلس معاونةً لألفونسو. ثم عبر مرة ثانية بعد أن موت ألفونسو العاشر، فصالحه القشتاليون وعقدوا معه عقدًا للهدنة والموادعة.<ref>تاريخ ابن خلدون، 7/205، 206.</ref> وباستمرار دخول المجاهدين من المغرب إلى الأندلس قرر قادة الجيش المغربي إنشاء مراكز للمرابطة فيها، ليكون العسكر على أهبة الاستعداد لمجاهدة الممالك الإسبانية، فعُرفت هذه المجموعة بـ"[[مشيخة الغزاة]]" ورئيسها باسم ''شيخ الغزاة''، فأصبح الحضور المريني بالأندلس يمر عبر هذه المشيخة والتي كانت تشكل اللعبة السياسية القائمة آنذاك بين المرينيين وبني الأحمر.<ref>[[الإحاطة في أخبار غرناطة (كتاب)|الإحاطة]]، ج 1، ص. 381</ref><ref>[[الإحاطة في أخبار غرناطة (كتاب)|الإحاطة]]، ج 2، ص. 16</ref><ref>[[الإحاطة في أخبار غرناطة (كتاب)|الإحاطة]]، ج 4، ص. 321</ref> ومن الأمور التي عرقلت التواجد المريني بالأندلس غياب ولاة تابعين مباشرة لحكم فاس، حيث كان المرينيون يسارعون إلى العودة نحو المغرب الأقصى حتى وإن حققوا مكاسب مهمة بالأندلس. بسبب القنط بين صفوف الجند وتشوقهم إلى أولادهم وديارهم.<ref>ابن أبي زرع، القرطاس، ص. 321.</ref>
[[ملف:Tajo de Ronda.jpg|200px|تصغير|يمين|تحولت [[رندة]] إلى أهم مدن بني مرين بالأندلس، وعرفت كثافة سكانية عالية، نظرا للزحف المسيحي وهروب المسلمين واليهود جنوبا.<ref>[
وضع ملوك بنو الأحمر خطة للسيطرة على جزيرة طريف لإبعاد المرينيين عن شؤون غرناطة، فتعهد [[أبو عبد الله محمد الثاني|محمد الثاني]] ل[[سانشو الرابع ملك قشتالة]] بالإنفاق على جيشه مدة حصاره لمدينة طريفة لقاء أن يسلمها إليه بعد سقوطها. وبعد أربعة أشهر من الحصار المفروض عليها والذي اشترك فيه الملك [[خايمي الثاني ملك أراغون]] بموجب الاتفاق القائم مع قشتالة آنذاك ضد المرينيين، سقطت في شوال سنة 691 هـ/ 1291 م ، وجاءت مصيبة الغرناطيين عندما رفض ملك قشتالة التنازل عن جزيرة طريف بالرغم من استلامه ستة حصون من ابن الأحمر لقاء تعاونه.<ref>ابن أبي الزرع، الأنيس المطرب بروض القرطاس، دار المنصور للطباعة، الرباط، 1973، ص ص. 380 ـ 381.</ref> فذهبت طريف من يد السلطان المغربي، وهي المعبر الستراتيجي الذي يتم منه جواز المغاربة، والقاعدة التي تشكل عيناً على من يفقدها من الاثنين المغاربة والغرناطيين.<ref>ابن خلدون، العبر، ج 4، ص. 173.</ref> فعبر الملك الغرناطي [[أبو عبد الله محمد الثاني|محمد الفقيه]] إلى المغرب ليعتذر للسلطان المغربي عما حدث وليعيد المياه إلى مجاريها. وفعلا تحقق له ما أراد.<ref>ابن أبي الزرع، الأنيس المطرب بروض القرطاس، دار المنصور للطباعة، الرباط، 1973، ص. 384 ـ 384.</ref>
سطر 120:
=== الخروج من الأندلس ===
[[ملف:TarifaArco.JPG|200px|تصغير|يسار|باب شريش (بالإسبانية: لا بويرتا دي خيريز La Puerta de Jerez) من معالم مدينة طريف، تم إشائها بعد سقوط المدينة في يد [[سانتشو الرابع ملك قشتالة|سانتشو الرابع]]. عليها لوحة تذكارية مكتوب عليها: «''مدينة طريف النبيلة والمخلصة والشجاعة، انتزعت من المغاربة في حكم سانتشو الرابع في 21 سبتمبر 1292''».<ref>[
في يوم [[7 جمادى الثانية]] [[741 هـ]] / [[28 نوفمبر]] [[1340]]م، جرت أحداث [[معركة طريف]] عند ريو سالادو أسفرت عن مذبحة للمسلمين، وأسر عدد من الجنود، ومن بينهم أحد أبناء السلطان أبي الحسن، ووفاة زوجة السلطان الحفصية التي قتلت مع زوجة أخرى، وهروب السلطان بنفسه نحو سبتة، ووصف [[ابن الخطيب]] هذا الحدث: «''فهذه الواقعة من الدواهي المعضلة الداء والأرزاء، التي تضعضع لها ركن الدين بالمغرب، وقرت بذلك عيون الأعداء''» وتعتبر آخر معركة يشارك فيها المغاربة بشكل رسمي ومباشر في الأندلس. واكتفى السلطان المريني بمساعدة الأندلسيين من بعيد. فعند [[حصار الجزيرة الخضراء (1342)|حصار الجزيرة الخضراء]] بداية سنة [[743 هـ]]/ يوليوز [[1342]]م اكتفى أبو الحسن بمساعدة المحاصرين من مدينة سبتة، وأرسل المؤونة لهم بحراً. وبعد سقوط الجزيرة الخضراء في بداية شوال [[743 هـ]]/ مارس [[1344]] م فقد المغرب المريني نقطة هامة للعمليات العسكرية ولانتقال الجيوش، وأصبح [[ألفونسو الحادي عشر]] سيد [[مضيق جبل طارق|بحر الزقاق]] بدون منازع.
[[ملف:Bolaños.jpg|200px|تصغير|يسار|كرات من الحجر قُصفت بها الجزيرة الخضراء خلال [[حصار الجزيرة الخضراء (1342)|الحصار الطويل بين 1342 - 1344]] الذي فرضه [[ألفونسو الحادي عشر]] المدعوم بأساطيل [[أراغون]] و[[جنوى]].]]
وبقي موقعان تحت الإدارة المغربية على أرض الأندلس، وهما [[رندة]]، التي تنازلوا عنها للنصريين سنة 1361م، [[جبل طارق|وجبل طارق]] الذي تنازلوا عنه سنة [[1374]] م، وبذلك لم يعد هناك وجود مريني بأرض الأندلس. ودخل المغرب مرحلة الانحلال والضعف، ولم يسلم بعدها من تدخل ودسائس بنو الأحمر في شؤونه الداخلية.<ref>[
== نظام الحكم ==
سطر 140:
خَلَّفَ انكسار الموحدين حالة من الضعف في البر والبحر، فقام بنو مرين بإعادة بناء الأسطول على عهد السلطان أبي الحسن، ووصل عدد قطعه نحو 600 سفينة حربية. لم يستطع المرينيون أن يستعيدوا عظمة القوة البحرية، فكان الأسطول المريني – بعد تجديده – في موقف الدفاع أكثر منه في موقف الهجوم، خصوصا ضد أعمال [[القرصنة]] المسيحية التي نشطت في تلك المدة على طول السواحل المغربية، الأمر الذي دفع المرينيين إلى إقامة [[مرابطون#الأربطة|الأربطة]] والمحارس من [[آسفي]] حتى [[تونس]]، فكانت بمثابة مراكز دائمة للمراقبة ضد القراصنة المسيحيين الذين اعتادوا الهجوم على شواطئ شمال أفريقيا لسلب ما تصل إليه أيديهم وبخاصة اختطاف أطفال البدو ونسائهم ليبيعوهم أرقاء في أوروبا.
تميزت هذه المحارس البحرية بطريقة الإشعار السريع والاستنفار عند ظهور العدو، ففي كل محرس رجال مرتبون في أبراج لاستطلاع البحر، فما أن تظهر سفينة غريبة تقترب من الشواطئ المغربية حتى يوقدوا النار في أعلى البرج فيراها البرج القريب ويوقد النار بدوره وهكذا فيتم الإنذار بالخطر في ليلة أو في بعضها في مسافة تسير فيها القوافل شهرين، وبذلك يتأهب الجيش ولا يؤخذ على غرة.<ref>[
== العلاقات الخارجية ==
سطر 151:
=== العملات ===
[[ملف:Abu Inan coin.jpg|250px|تصغير|يسار|الدينار المريني مسكوك في عهد السلطان أبي عنان]]
ضربت الدولة المرينية نقودها من الذهب والفضة، وكان شكلها مماثلا لدنانير الموحدين، تميزت بوجود ثلاثة مربعات متداخلة حول كتابات مركزية الوجه والظهر، بينما انحصرت كتابات الهامش في الوجه والظهر داخل المناطق الاربع المحصورة بين محيط القطعة النقدية واضلاع المربع الخارجي. ولم يذكر تاريخ السك على الدنانير، واكتفت بذكر اسم دار الضرب، وفئات العملة هي أجزاء الدينار كالنصف والربع والدينار المفرد، ثم الدينار المضاعف. وفي نقودهم الأولى لم يسجلوا عليها اسم الحاكم المريني، حيث كانوا يرفعون في بداية دولتهم شعارات الحفصيين، لذا جاءت كتابات النقود المرينية كصدى لمثيلاتها الحفصية، ففي نقود هاتين الدولتين يوجد شعار دولة الموحدين: ''وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم''.<ref>[[سورة البقرة]]:163</ref> وبعد أن اتخذ الحكام المرينيون لأنفسهم لقب ''أمير المسلمين''، بدأت تظهر اسمائهم مسجلة على مركز الظهر في الاصدارات الذهبية، كما هو حال عهد أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق ''656 -685هـ'' حيث جاءت على هذا النحو ''امير المسلمين وناصر/ الدين القائم لله/ باعلاء دين الحق/ عبدالله يعقوب/ ابن عبدالحق''. وعندما نجح السلطان أبي الحسن علي في هزيمة الدولة الحفصية ودولة بني زيان والاستيلاء على مدنهم تونس وتلمسان حرص على تسجيل على دنانيره أسماء المدن التي كانت بحوزة هاتين الدولتين مثل [[تونس]] و[[تلمسان]] و[[الجزائر]]، إضافة إلى [[بجاية]] و[[سجلماسة]].<ref>[
== الدين ==
سطر 168:
كان مؤسس الدولة المرينية السلطان [[يعقوب بن عبد الحق]] هو أول من احتفل بهذه المناسبة من بني مرين بفاس ، وقام ابنه [[يوسف بن يعقوب]] بتعميم ظاهرة الاحتفالات [[المولد النبوي|بالمولد النبوي]] في جميع أنحاء البلاد سنة [[691هـ]]/1292م،<ref>عبد الهادي التازي، »لماذا المولد النبوي في المغرب الإسلامي«، مجلة دعوة الحق، عدد 277، ص. 49.</ref> وبدأت مراسيم الاحتفالات في نفس تلك السنة بإشراف خطيب [[جامع القرويين]] في فاس محمد بن أيوب بن أبي الصبر. فتحول يوم [[12 ربيع الأول]] إلى عيد مولد رسمي بالمغرب.<ref>حركات، المغرب عبر التاريخ، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، ط. 1، 1978، صص. 27 - 48</ref><ref>الشاهري، »المولد النبوي بالمغرب«، مجلة الرسالة الإسلامية، العدد 6، حزيران، 2000، ص. 66 وما بعدها.</ref> وكانت تربط في عصر الدولة المرينية مسألة الجهاد دائماً بمناسبة المولد النبوي.<ref>ابن أبي زرع، الأنيس المطرب ، ص. 314، 348، 383، 393</ref><ref>ابن خلدون، العبر، ، ج 7، صص. 210 - 211.</ref>
واتخذت ذكرى المولد النبوي منذ عهد أبي الحسن [[أبي عنان المريني|وأبي عنان]] طابعا خاصا، حيث تحمّلت الدولة نفقات هذه الاحتفالات في سائر جهات البلاد.<ref>[
== المجتمع ==
بنو مرين انفسهم كانوا بدوا جندوا لخدمة الموحدين،<ref name="العروي2"/> ومع اتساع نفوذهم، انتهج المرينيون نفس السياسة الموحدية في نشر الجموع القبلية العربية في جميع تراب المغرب وخاصة ضواحي المدن المعروفة آنذاك في الوسط والجنوب والشرق، وبهذه العملية تم "تعريب المغرب الأقصى" تعريبا سلاليا ولغويا وحضاريا.<ref>[
{{اقتباس| وَأما لهَذَا الْعَهْد وَهُوَ آخر الْمِائَة الثَّامِنَة فقد انقلبت أَحْوَال الْمغرب الَّذِي نَحن شاهدوه وتبدلت بِالْجُمْلَةِ واعتاض من أجيال البربر أَهله على الْقدَم بِمن طَرَأَ فِيهِ من لدن الْمِائَة الْخَامِسَة من أجيال الْعَرَب بِمَا كثروهم وغلبوهم وانتزعوا مِنْهُم عَامَّة الأوطان وشاركوهم فِيمَا بَقِي من الْبلدَانِ بملكتهم وبأسهم. <small>[[ابن خلدون]].<ref>[
صار لبني هلال نفوذ وقوة في كل بلاد المغرب، وانتشرت قبائل [[بني معقل|معقل]] في منطقة [[سجلماسة]] الحدودية والإستراتيجية بين المملكة الزيانية والمرينية، ولم يستطع الأمراء الاستغناء عن قوتهم، لقمع وارهاب السكان في الداخل. ولئن تخصص بنو هلال في شؤون السيف، فإن الأندلسيين استقلوا بأمور القلم.<ref name="العروي2">{{مرجع كتاب |الأخير=العروي|الأول=عبد الله |وصلة المؤلف= |العنوان=مجمل تاريخ المغرب |مسار= |تاريخ الوصول= |سنة=[[2012]] |الناشر=[[المركز الثافي العربي]] |مكان=[[الدار البيضاء]] - [[المغرب]] |9789953681832 isbn= |الصفحة=374|الصفحات=}}</ref> وتقاطروا على مدن مثل فاس وتلمسان ومراكش، وحيثما حلوا أدخلوا النظام والمراسيم والتراتيب والآداب ، أي الهيبة التي تحفظ نظام الملك.<ref name="العروي2"/>
سطر 179:
=== اليهود ===
حافظ [[يهود المغرب]] على مكانتهم ضمن الجهاز المخزني المريني، إذ قرَّبهم وأَجَلَّهم المرينيون،<ref>[
=== المسيحيون ===
استفاد المرينيون من الخبرة العسكرية للعنصر المسيحي المقيم في المغرب. فعند دخول بني مرين لمراكش كانت بها كنيسة سمح ببنائها [[الموحدون]] زمن [[عبد الواحد الرشيد]]. وكانت [[الفاتيكان|السلطة الدينية للكاثوليك]] في روما على تواصل دائم مع سلاطين المغرب لحماية رعايها، منها رسائل [[إنوسنت الرابع|البابا إنوسنت الرابع]] إلى سلطان المغرب سنتي 1246م و1251 م يطلب منه منح المسيحيين أماكن يحتمون بها عند الخطر، وتواصل قبله [[غريغوري التاسع|البابا غريغوري التاسع]] مع الخليفة الموحدي [[عبد الواحد الرشيد]] سنة 1233م ، حيث شكره على العناية التي يبديها نحو النصارى. وفي سنة 1308م عندما كان جل المغرب خاضعا للمرينيين، اعتدت عصابة على نصارى مراكش واستولت على أموالهم وهربت [[أغمات|لأغمات]]، فكان رد قائد حامية مراكش أبو ثابت المريني بتتبعهم وقتله مئات من أتباع العصابة، وعلقت رؤوسهم على أبواب مراكش، انتقاما من قتلهم النصارى.<ref>PIER DE CENIVAL في هسبريس 1- 1927 ص 81.</ref> وبسبب تصاعد الغارات الإسبانية والبرتغالية، وكذا نفوذ النصارى في الجيش المغربي، كانت العامة تلجأ إلى الانتقام من النصارى، فيضطر القادة الملوك المرينيون إلى حمايتهم. وعند اتخاذ فاس عاصمة للدولة المرينية صحبوا معهم معظم القوة النصرانية من مراكش، وتركوا عددا منها بمراكش، وقد بلغ عددهم بمراكش في عهد المنصور المريني حوالي خمسمائة، وكانوا يؤدون طقوسهم إلى جانب أولادهم ونسائهم في الكنيسة المسيحية بمراكش التي كانت موجودة جنوب جامع المنصور بالقصبة. وبحلول سنة 1390م طلبت الحامية النصرانية المؤلفة من 50 فارسا الدخول إلى إسبانيا لخدمة [[خوان الأول ملك قشتالة]].<ref>[
== الصحة ==
ساهمت السلطات المرينية في إحداث مؤسسات خيرية متعددة، استفادت منها جميع طبقات المجتمع من فقراء ومعوقين وحتى الأجانب، ويصف [[علي الجزنائي]] كيف خُصص للمرضى مستشفى خارج [[باب الخوخة (فاس)|باب الخوخة]] لإبعاد ضرر الماء المستعمل، وكانت توفر للمرضى الأغذية والأشربة، ووظف الأطباء لتفقد أحوالهم مرتين كل يوم.<ref>[[روض القرطاس (كتاب)|روض القرطاس]]، ط في 1305، ص 214</ref><ref>«الذخيرة السنية»، المطبعة الملكية، ص 91.</ref> ويذكر ابن جزي تشييد السلطان أبو عنان للمارستانات في كل أقاليمه،<ref>«تحفة النظار» نشر المكتبة التجارية الكبرى بمصر، 2/184.</ref> ك[[تازة]] [[مكناس|ومكناس]] وسلا وآسفي وفاس ومراكش والرباط وغيرها، خصصت لها [[الوقف في المغرب|أوقاف]] لتغطية مؤن المرضى، ويعد [[مارستان سيدي فرج]] أهم مارستان في تاريخ المغرب، أمر ببنائه السلطان المريني أبو يعقوب يوسف، سنة [[685هـ]] / [[1286]]م وجدده السلطان أبو عنان عام [[766هـ]] وأدخل عليه زيادات مهمة،<ref>«المسند الصحيح الحسن» لابن مرزوق، ط الشركة الوطنية للنشر والتوزيع بالجزائر ص 415.</ref> وكان تلقى في هذا المستشفى دروس فيه الطب، وقد عمل [[الحسن الوزان]] ككاتب في هذا المارستان، ويحتمل أن يكون هذا المارستان قد اتخذ كنموذج لبناء أول مستشفى للأمراض النفسية في العالم الغربي، [[بلنسية]] بإسبانيا سنة 1410م.<ref>[
العدد 230 شوال-ذو القعدة 1403/ يوليوز-غشت 1983</ref> إذ استصدر فتوى تجيز له اقتراض أموال أوقاف المارستانات بفاس لتغطية نفقات الحرب وإدارة باقي شؤون الدولة، وقد عرفت هذه الفتوى معارضة شديدة داخل الأوساط الفاسية، وتوفي أبي سعيد قبل أداء السلف فتراجع دور هذه المستشفيات. وبلغ الرقي الحضاري في هذا العصر في مجال التعاطي مع ذوي الاحتياجات الخاصة بل وفي العناية بالحيوانات كذلك، حيث كانت هذه المستشفيات ملجأ للطيور، خصوصا [[اللقلاق]]، الذي كانت تعالجه إذا انكسر أو أصيب بأذى. وذكر [[الحسن الوزان]] عند وصفه لمدينة فاس:<ref>«[[وصف أفريقيا (كتاب)|وصف أفريقيا]]»، الترجمة المغربية، مطبعة وراقة البلاد بالرباط، 1/180.</ref> {{اقتباس|توجد مستشفيات ومدارس نهاية في الرونق والإتقان وكل غريب دخل المدينة له أن يقيم بهذه المستشفيات مدة ثلاثة أيام، وتوجد خارج المدينة عدة مستشفيات لا تقل إتقانا عن التي بداخلها، وكانت لها قبل مداخيل قارة}}. كما بادر السلطان أبو الحسن، ببناء محكم يستر المستحمين بحمة خولان ([[سيدي حرازم|حمة سيدي حرازم]])، لا يزال محتفظا به في قبو ينفصل فيه مغتسل الرجال عن النساء.<ref>جني زهرة الآس، للجزنائي، المطبعة الملكية، ص 36.</ref>
سطر 199:
اهتمت الدولة المرينية منذ عهد مؤسسها السلطان يعقوب بن عبد الحق بالحركة العلمية من خلال بناء المدارس وتخصيص الرواتب والمؤن للمدرسين؛<ref>الناصري، الاستقصا، ج 3، ص. 24.</ref><ref>ابن الأحمر، روضة النسرين، ص. 23</ref><ref>الناصري، الاستقصا، ج 3، صص. 103 - 104.</ref> فضلاً عن وضع [[الوقف في المغرب|الوقف]] لهذه المنشآت العلمية لغرض استمراريتها،<ref>ابن خلدون، العبر، ، ج 7، ص. 42.</ref> كما كان السلطان يحتضن الأدباء.<ref>محمد بن أحمد شقرون، مظاهر الثقافة المغربية من القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر، مطبعة الرسالة، الرباط، 1982، صص. 67 - 68.</ref> ويظهر اهتمام بنو مرين بالكتب في الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرموها مع الإسبان، ويذكر المؤرخ ابن أبي زرع كيف اشترط يعقوب بن عبد الحق على وفد حاكم قشتالة سانشو الرابع:<ref>الناصري، الاستقصا، ج 3، صص. 63 - 64.</ref> {{اقتباس|أن يبعث إليه ما يجده في بلاده بأيدي النصارى واليهود من كتب المسلمين ومصاحفهم، فبعث إليه منها ثلاثة عشر حملاً، ككتب الحديث والأصول والأدب واللغة العربية وغيرها.}}
أنشأ سلاطين بنو مرين مؤسسات تعليمية، بها إقامات مخصصة لطلبة العلم ومركز تكوين نخبة الدولة الحاكمة، كما وظفوها في الدعاية السياسية ولتدعيم مشروعيتهم الدينية.<ref>Virgilio Enamorado Martinez, Epigrafia y poder. Inscripciones árabes de la Madrasa al Yadida de Ceuta, Ceuta, 1998, p. 17.</ref> وانتشرت هذه المؤسسات بالأندلس تأكيداً لسيرورة «أسْلَمة» [[مملكة غرناطة|مملكة غرناطة النصريّة]] و«مَغْرَبَتها» خلال عهد السلطان [[محمد الخامس النصري|محمد الخامس النَّصْري]]. ومن أبرز المعاهد التعليمية المرينية [[المدرسة الجديدة]] التي بناها السلطان أبو الحسن علي المريني سنة 747 هـ/ 1347 م بمدينة سبتة، وسُميت بالمدرسة الجديدة تمييزاً لها عن المدرسة القديمة أو المدرسة الشاريّة. وكانت سبتة أحد مراكز الثقافة العربية الإسلامية الكبرى في الغرب الإسلامي، وكان لهذه المدرسة تأثيرها المحتمل في تأسيس [[مدرسة غرناطة|المدرسة اليوسفيّة]] بغرناطة. وتم تحويل »المدرسة الجديدة« عقب الاحتلال البرتغالي للمدينة إلى دير للرهبان الفرانسيسكيين، وظلت صامدة في مكانها حتى سنة 1891م،<ref>[
وتحول المغرب المريني إلى نقطة استقطاب فكري، حيث تردد طلاب [[مملكة مالي|إمبراطورية مالي]] على المراكز الفكرية المرينية، نتيجة لسيادة المذهب المالكي في كلا البلدين. واتجه اختيار الطلبة المالنكيين لمركز فاس بين المراكز العديدة التي وصل عددها في المدن إلى ثلاثة عشر،<ref>[[محمد المنوني]]، ورقات عن الحضارة المغربية في عصر بني مرين، الرباط، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1979، ص. 200 – 201.</ref><ref>Benchekroun (M.), La vie intellectuelle marocaine sous les Marinides et les wattasides (13ème, 14ème, 15ème, 16ème siècle). Rabat. 1974, p.9</ref> زيادة على المراكز الواقعة في الأرياف، ويرجع تميز مدارس فاس للأسبقية التي أعطاها بنو مرين على باقي المدن، من حيث بناء المدارس وإحداث المكتبات والإنفاق على العلماء والطلبة، ما دفع الكثير من الباحثين اعتبار بنو مرين "المؤسسين الحقيقيين لجامعة فاس". وتمركزت باقي المادرس ب[[تازة]] ومكناسة، و[[سلا]]، و[[سبتة]]، و[[أنفا]]، و[[أزمور]]، و[[أسفي]]، و[[أغمات]]، و[[مراكش]]، و[[القصر الكبير]]، و[[تلمسان]]، و[[الجزائر العاصمة|الجزائر]]، وثلاث ب[[تونس (مدينة)|تونس]]<ref>أحمد العمري، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، من الباب الرابع عشر، تحقيق مصطفى أبو ضيف، الدار البيضاء، دار النجاح، 1988، صص. 85، 117 وهامش 62.</ref><ref>أحمد القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، القاهرة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، د. ت. ج. 5، ص. ص. 102، 156.</ref><ref>محمد العابد الفاسي، الخزانة العلمية بالمغرب، الرباط الرسالة، 1960، ص. 17.</ref><ref>Benjelloun (L.). Les bibliothèques au maroc. Paris. Maisonneuve et Larose. 1990. p. p. 133. 135.</ref>
سطر 208:
اهتم السلطان يعقوب بن عبد الحق بتشييد الأبنية كالمدارس [[مارستان|والمارستانات]] للمرضى والمجانين.<ref>محمد بن أحمد شقرون، مظاهر الثقافة المغربية من القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر، مطبعة الرسالة، الرباط، 1982، ص. 225.</ref> ومن إنجازاته الأخرى بناء دار للصناعة الحربية في [[سلا]]، وشروعه ببناء [[فاس الجديد]] سنة [[674 هـ]]/ [[1275]]م. وشرع السلطان يوسف سنة 696 هـ/ 1299 م بإعادة بناء مدينة [[وجدة]] حيث بنى قصبة وداراً للإمارة وجامعا وحماماً.<ref>،يحيى بن أبي بكر ابن خلدون، بغية الرواد في ذكر ملوك بني عبد الواد، تحقيق ألفريد بل، الجزائر، 1903، ج 1، ص. 15</ref>. وفي عهد السلطان [[سليمان أبي الربيع]] تطور البناء واهتم بالأناقة والرقي، فأدخل الرخام والنقوش فيه؛ فوصلت أسعار الدور إلى مبالغ كبيرة؛ وقد قدر سعر الدار الواحدة بألف دينار من الذهب.
واتبع المرينيون سياسة عمرانية تقوم على "ثنائية المدينة" أو "المدن المزدوجة" مثل: [[فاس الجديد]] ب[[فاس البالي]]، [[المنصورة (ولاية تلمسان)|والمنصورة]] قرب [[تلمسان]]، و[[أفراك]] قرب [[سبتة]]،<ref>ابن خلدون، العبر ج. 7 ص. 247.</ref> - و[[الرباط]] و[[سلا]]، وانتهج نفس السياسية عند قرار بناء [[البنية]] بشهر يوليو 1279م عقب نجاح المرينيين في فك [[حصار الجزيرة الخضراء (1278)|حصار الجزيرة الخضراء]]. والغاية من هذه السياسة العمراية ترسيخ رموز السلطة المرينية، وإبراز قوتها أمام منافسيها وأعدائها على حد سواء. فكانت الغاية من مدينة الْبُنَيَّة «''تقوية الوجود المريني بالأندلس عن طريق استخدام المنشآت المعمارية كعناصر دعائية، ورموز لقوة السلطة السياسية، فجاء البناء من خلال ضخامة المنشآت، وقوة الأسوار، ومناعة العناصر الدفاعية، لا ليظهر عظمة المملكة وقوتها ومقدرتها الاقتصادية والعسكرية فحسب، وإنما لإبراز حضور سلطة الأمير، وقدرة دولته التنظيمية والمادية''.<ref>[
=== الموسيقى ===
نجم عن [[معركة طريف]] نزوح عدد كبير من الأندلسيين، الذين كانوا سابقا قد لاجؤا واستقروا بمدينة طريف آتين من مختلف جهات إسبانيا بسبب [[حروب الاسترداد]]، فنزحوا مرة أخرى بعد هذه المعركة نحو عدوة المغرب، خاصة البلنسيون الذين هاجروا نحو فاس، فتلقى المغرب أولا أسلوب التأليف البلنسي، الذي ظل سائدا طيلة حكم المرينيين، وعقب سقوط غرناطة على عهد الوطاسيين حدث التمازج بين الأسلوبين البلنسي والغرناطي، وقد أصبح عماد المدرسة المغربية في [[طرب أندلسي|طرب الآلة]]. فترعرعت الآلة بجميع طبوعها خلال هذا العصر حتى كان للجيش المريني نفسه في عهد أبي عنان موسيقاه الخاصة به كما كان للأسطول موسيقاه.<ref>[
ومن علامات ازدهار الموسيقى في عهد المرينيين ، استخدام الموسيقى لعلاج [[الأمراض العقلية]] [[مرض نفسي|والنفسية]]، حيث كان يطلب الأطباء من الموسيقيين الحضور مرة أو مرتين في كل أسبوع، «''لأن ذلك يفيد في انشراح الصدر وإنعاش الروح، فتقوى ضربات القلب، وتعود الأعضاء الجسمية لتأدية وظائفها''». وسادت هذه الظاهرة في العديد من المدن، كمراكش وسلا وفاس، التي [[الوقف في المغرب|حبست فيها أملاك]]، خصصت مداخيلها لأداء أجرة جوق الموسيقى الأندلسية المغربية، عند عزفهم بالمستشفيات.<ref>[
== حكام بنو مرين ==
[[ملف:Marinid tombs 1.jpg|250px|تصغير|يسار|بقايا المقبرة المرينية بهضبة القُلة، وتُعرف عند سكان فاس باسم «قبيبات بني مرين»، تشرف من جهة الشمال على [[فاس البالي]] وأسوارها التاريخية. اختير هذا الموقع من طرف السلاطين المرينيين لإقامة مقبرة ملكية، استقبلت خلال الفترة الممتدة من 1361 إلى غاية 1398م جثامين السلاطين والأمراء الذين حكموا بعد [[أبي الحسن المريني]]. وهي ثاني أهم مقابر بنو مرين، بعد المقبرة التي أحدثت على أنقاض موقع [[شالة]] الأثري بالرباط.<ref>[
=== السلاطين والشيوخ ===
{{Columns-list|2|
سطر 265:
{{الدول التاريخية الإسلامية}}
{{مواضيع المغرب}}
{{شريط بوابات|الأمازيغ|التاريخ|المغرب|الجزائر|المغرب العربي}}
{{ضبط استنادي}}
[[تصنيف:الجزائر الوسيطة]]
سطر 275:
[[تصنيف:انحلالات القرن 15 في أفريقيا]]
[[تصنيف:إمبراطوريات سابقة]]
[[تصنيف:تأسيسات عقد 1240 في أفريقيا]]
[[تصنيف:تاريخ الجزائر]]
[[تصنيف:تاريخ جبل طارق]]
[[تصنيف:تاريخ شمال أفريقيا]]
سطر 282:
[[تصنيف:دول سابقة في أفريقيا]]
[[تصنيف:دول نشأت بعد ظهور الإسلام]]
[[تصنيف:زناتة (قبيلة)]]▼
[[تصنيف:سلالات حاكمة أمازيغية]]
[[تصنيف:سلالات حاكمة في المغرب]]
السطر 290 ⟵ 287:
[[تصنيف:مرينيون]]
[[تصنيف:ملوك الأمازيغ]]
▲[[تصنيف:زناتة (قبيلة)]]
|