غنوصية: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:تدقيق إملائي V1 (تجريبي)
سطر 2:
'''الغنوصية''' أو '''العرفانية''' أو المعرفية هي مصطلحات حديثة تطلق على مجموعة من أفكار ومعارف من الديانات القديمة التي انبعثت من المجتمعات اليهودية في القرنين الأول والثاني الميلاديين. وبحسب تفسيرهم للتوراة، اعتبر الغنوصيون (أو العرفانيون) أن الكون المادي هو انبثاق للرب الأعلى الذي وضع الشعلة الإلهية في صلب الجسد البشري. ويمكن تحرير أو إطلاق هذه الشعلة عن طريق معرفتها، أي "أغنصتها".<ref>On the complexity of gnosticism, see {{مرجع كتاب|author=Larry W. Hurtado|title=Lord Jesus Christ: Devotion to Jesus in Earliest Christianity|year=2005|publisher=Wm. B. Eerdmans Publishing|pages=519–561}}</ref>
 
انتشرت الأفكار الغنوصية في محيط [[البحر الأبيض المتوسط|البحر المتوسط]] في القرن الثاني الميلادي متأثرة بأفكار [[مسيحية مبكرة|الحركة المسيحية الأولى]] وبنظريات [[افلاطونية وسطى|الأفلاطونية الوسطى]]. وبدأ انتشار الغنوصية الىإلى الإضمحلال من دون أن تغيب وتحولت الىإلى عامل مؤثر غير مباشر للثقافة الغربية التي ظهرت ببزوغ [[عصر النهضة|النهضة]] [[تعاليم باطنية غربية|والباطنية]] الغربيتين وبرزت شهرتها في [[روحانية|الروحانية الحديثة.]] انتشرت الغنوصية في زمن الامبراطورية الفارسية حتى ظهرت في الصين على شكل [[مانوية|الديانة المانوية]] وفي العراق بشكل [[مندائية|الديانة المندائية]].
 
والإشكال الأساسي الأكاديمي الذي يواجه الغنوصية هو ماهيتها، أهي ظاهرة عابرة لديانات متعددة أم هي ديانة بحد ذاتها؟
 
== التسمية ==
الأغنوصية هي تعريب لمصطلح (Gnosticism) الإنكليزي والذي يعود لكلمة  γνωστικός (غنوستسكوس) اليونانية والتي تعني "ذوي المعرفة". اختلف العرب في ترجمتها الىإلى العربية ومن المصطلحات الرديفة: "العرفانية" ، "المعرفية" و الغنوصية" ،"الروحية"، "الأدرية"، "مذهب العرفان" و"الإدراكية".<ref>{{مرجع ويب
| url = http://www.arabdict.com/en/english-arabic/Gnostic
| title = arabdict
سطر 19:
 
== البدايات ==
هناك اختلاف كبير حول بدايات الأفكار الغنوصية. يعتقد أن المجموعة المسيحية التي دعيت بالغنوصية هي من ابتدأت بطرح الأفكار. لكن الأبحاث الأكاديمية الحديثة تشير الىإلى أن البدايات تعود إلى البيئة اليهودية المتزمتة والىوإلى طوائف العهد المسيحي الأول.{{sfn|Magris|2005|p=3515-3516}}{{sfn|Cohen|Mendes-Flohr|2010|p=286}}{{refn|group=note|name="كوهن"}}{{sfn|Brakke|2011}} هناك دلائل الىإلى أن الغنوصية نشأت في [[الإسكندرية]] وتعايشت مع المسيحية الأولى حتى القرن الرابع الميلاد. وسبب شيوع الفكرة هو عدم وجود التنظيمات الكنسية في ذلك الزمن مما سمح بدمج أفكار جديدة مع معتقدات وأفكار قديمة لخلق معتقدات جديده وهذا ما لا تسمح به المؤسسات الكهنوتية والدينية المنظمة. ولهذا، يفرق الباحثون بين "الغنوص" (Gnosis) والتي يستعملونها في دراسة الغنوصية الأولى وبين "الغنوصية" (Gnostism) التي ترمز عندهم الىإلى الفرق الغنوصية المنظمة التي انبزغت في القرن الثاني الميلادي.<ref>Wilson, R. McL. "Nag Hammadi and the New Testament", ''New Testament Studies'', vol. 28, (1982), p.292.</ref> لا يمكن البت بشكل قاطع عن صحة بدايات الغنوصية لعدم وجود أي نصوص ترجع إلى ما قبل المسيحية.<ref>J. M. Robinson, "Jesus: From Easter to Valentinus (Or to the Apostles' Creed)," Journal of Biblical Literature, 101 (1982), p.5.</ref>{{refn|قال روبنسون: "في مرحلتنا هذه، لم نجد أي نص غنوصي يسبق مرحلة المسيحية الأولى". (Robinson: "At this stage we have not found any Gnostic texts that clearly antedate the origin of Christianity.") في مقالة ج. ل. روبنسون: " Sethians and Johannine Thought: The Trimorphic Protennoia and the Prologue of the Gospel of John" في كتاب ''The Rediscovery of Gnosticism'', مجلد 2، Sethian Gnosticism, eتحرير ب. لايتون. نشر دار لايدن. عام 1981، ص. 662.|group=note}}
 
=== البدايات اليهودية المسيحية ===
لدى الباحثون المعاصرون قناعات ثابتة بأن الغنوصية نشأت في أوساط يهودية الغير كهنوتية أو بين المسيحيين اليهود الأوائل في القرن الأول الميلادي.{{sfn|Magris|2005|p=3515-3516}}{{sfn|Cohen|Mendes-Flohr|2010|p=286}}{{refn|group=note|name="Cohen"}} من هذه الدلائل أن آباء الكنيسة المسيحية الأولى أشاروا لرؤساء الفرق الغنوصية [[مسيحيون يهود|بالمسيحيون اليهود]] كما اعتمد الغنوصيين الأوائل المصطلحات اليهودية واسماءوأسماء ألهة اليهود<ref name="JE-G">Jewish Encyclopedia, [http://www.jewishencyclopedia.com/view.jsp?artid=280&letter=G&search=gnosticism#ixzz1L59waxy8 Gnosticism]</ref> وبخاصة من [[أدب القصور (يهودية)|أدب "قصور السماء"]] اليهودية<ref name="Kabbalah New Perspectives">Idel, Moshe. ''Kabbalah: New Perspectives'', [[Yale University Press]], 1990, [https://books.google.com/books?id=utWy5kz5K7IC&lpg=PA31 p. 31]. {{ISBN|978-0-300-04699-1}}</ref> ومن المفارقات أن بعض الباحثين، مثل غيرشوم شوليم، اعتبر الغنوصية أهم قضية ميتافيزيقية ضد اليهود<ref>{{Cite book|publisher=Oxford University Press|isbn=978-0-19-503607-7|last=Gager|first=John G.|title=The origins of anti-semitism: attitudes toward Judaism in pagan and Christian antiquity|page=168|date=1985-02-14}}</ref> بينما اعتبرها الباحث ستيفن بايمي نوع من أنواع [[معاداة السامية]].<ref>Understanding Jewish History: Texts and Commentaries by [[Steven Bayme]] Publisher: Ktav Publishing House {{ISBN|0-88125-554-8}} {{ISBN|978-0-88125-554-6}} [https://books.google.com/books?id=56QJ9O7MFJ4C&pg=PA122&lpg=PA122&dq=gershom+scholem+gnosticism+anti-semitic&source=bl&ots=qKECnoMshu&sig=wdV7x2W3FJjtdmWVCSgyrMigPyE&hl=en&ei=EAELStOJDYuMtgemr5HFAg&sa=X&oi=book_result&ct=result&resnum=5 <nowiki>[1]</nowiki>]</ref>
 
بدأت الغنوصية المسيحية بشكل واضح مع تباشير [[بولص الرسول]] ويوحنا وبخاصة عندما تناولوا الفرق بين الجسد والروح، قيمة الكاريزما، وتجريد الشريعة اليهودية من الأهلية. ففي هذه الحقبة، اعتبر أن الجسد هو مادي يفنى بينما الروح فهي أبدية يمكن خلاصها. وبدأت معهم تأخذ فكرة الغنوصية معاني مهمة وعميقة.{{sfn|Magris|2005|p=3516}} وتعتبر الإسكندرية منشأ الاغنوصية بسبب تزاوج العديد من الثقافات فيها منها [[مسيحيون يهود|المسيحيون اليهود]] [[اليونان القديمة|والإغريق]] كما انتشرت فيها مختلف الطروحات الفكرية والمعروفة في ذلك الزمن مثل القيامة اليهودية وطروحات الحكمة الربانية والفلسفة اليونانية والديانات الهيلينية السرية.{{sfn|Magris|2005|p=3516}}
سطر 30:
 
=== مؤثرات فارسية ===
اشار الباحثون الاكاديميون، منهم ويلهيم بوسيت (1865-1920) وريتشارد رايتجنستين (1861-1931) في أوائل القرن العشرين الىإلى امكانية نشؤ الفكر الغنوصية كتزاوج لمعتقدت بلاد فارس وبلاد ما بين النهرين مع الفكر اليهودي.{{sfn|Albrile|2005|p=3532}} الا أن هذه الطروحات رُفضت من قبل كارستن كولبي الذي أثبت عدم صحتها.{{sfn|Albrile|2005|p=3534–3535}} وعرض جيو ويدينغرين فكرة أن للغنوصية [[زرادشتية|الزردشتية]] جذور في الثقافة [[آراميون|الأرامية]] في بلاد ما بين النهرين.{{sfn|Albrile|2005|p=3534}}
 
=== أوجه التشابه مع البوذية ===
سطر 38:
 
=== علم الكونيات ===
تعتقد المرويات المصرية الشامية عن وجود أله أعظم يسمى "موناد" أو الواحد الذي ينبثق عنه ألهة دنيا تسمئ "أيون". آحد هذه الأيونات هو "ديميروج" خالق الكون المادي. وعندما "تسقط" بعض العناصر الالهية تحتجز في جسد البشر. وتعود هذه العناصر الىإلى العلي مرة أخرى عندما يصل الجسد إلى إدراك هذه العناصر بصورة بديهية، أي بغنوصية.
 
=== الثنائية والتوحيد ===
تتفاوت طروحات الغنوصية بمفهوم ثنائية الوجود بين الله والعالم<ref>Hans Jonas, ''The Gnostic Religion'', p. 42, Beacon Press, 1963, {{ISBN|0-8070-5799-1}}; 1st ed. 1958</ref> بمستاويات متفاوتة ما بين الثنائية الأصولية الراديكالية المتبعة في المانيةألمانية حيث الثنائيتين متساويتي السلطة وبين "الثنائية الملطفة" التي اعتمدتها الغنوصية التقليدية حيث لكل ثنائية سلطة متفاوتة وتقترب للتوحيد. ومن هنا تبدو الغنوصية الفلانتينية مبدأ توحيدي يستخدم مفردات ثنائية.
 
=== الممارسات الشعائرية والأخلاقية ===
سطر 52:
 
=== الملأ الأعلى (بليروما) ===
تسمى القدرة الكاملة لله عند الغنوصيين بـ"بليروما"، أي الملاء الأعلى، والتي هي مركز الحياة اإلهية ومنطقة النور التي تتخطى عالمنا والتي يقيم بها مخلوقات روحية مثل الإيون (المخلوقات الأبدية) وبعض الأرشون (خدم الخالق المادي الذين يتصلون بالبشر). ويعتقد البعض أن المسيح هو من الإيون الذي أرسل من الملاء الأعلى الىإلى الأرض ليدل البشر على إعادة اكتشاف المعرفة التي تعيدهم الىإلى المعرفة الإلهية المفقودة.
 
=== الفيض ===
يعتقد الغنوصيون بأن النور الألهي يفيض تنازليا عبر سلسلة من المراحل والتدرجات والعوالم والأقاليم ليصبح ماديا. ثم يعاود التتابع بشكل عكسي ليعود الىإلى الواحد الأحد عن طريق التأمل والمعرفة الروحية.
 
=== المخلوقات الأبدية (الإيون) ===
المخلوقات الأبدية، الإيون، عند الغنوصيون هم من فيض الواحد الأحد الذين يتكاثرون بالتتالي كجوزين من الفيض، السالب والموجب أو المذكر والمؤنث.<ref name="valen_syzygy">{{cite web|title=The Pair (Syzygy) in Valentinian Thought|url=http://www.gnosis.org/library/valentinus/Syzygy_Valentinian.htm|accessdate=2009-02-13}}</ref> وبحسب النصوص، وصل عددهم الىإلى ثلاثون مخلوق.<ref name="fragments_mead">{{cite book|title=Fragments of a Faith Forgotten|last=Mead|first=G.R.S.|publisher=Kessinger Publishing|isbn=1-4179-8413-9|year=2005}}</ref> ومن أمثلة زوجي المخلوقات الأبدية: المعرفة (وهي قرين المسيح) وروح القدس (أي الحكمة).<ref name="valen_expos">{{cite web|title=A Valentinian Exposition|publisher=The Gnostic Society Library|url=http://www.gnosis.org/naghamm/valex.html|accessdate=2009-02-13}}</ref>
 
=== الحكمة (صوفيا) ===
سطر 64:
 
=== خالق العالم المادي (ديميورغ) ===
[[خالق الكون المادي (فلسفة)|الديميورغ]]، عند الغنوصيين، هو فيض من الحكمة وهو المسؤول عن خلق الكون المادي والشكل المادي للبشر.<ref name="na_demiurge">{{cite web|title=Demiurge|publisher=Catholic Encyclopedia|url=http://www.newadvent.org/cathen/04707b.htm|accessdate=2009-02-12}}</ref> الذي بدوره يخلق عدد من الأزواج المساعدة التي تترأس مهام مادية مختلفة من الخلق والتي من أدوارها أن تضع العقبات امام البشر لمنعهم من العودة الىإلى المعرفة الربانية. من أسمائه المتداولة عبر الثقافات اسماءأسماء: سمئيل (الإله الأعمى)، سكلاس (المعتوه)، [[أهريمان]] ، [[إل (إله)|ئيل]]، [[شيطان|الشيطان]] و [[يهوه]].
 
=== خدم خالق العالم المادي (أرشون) ===
سطر 70:
 
=== المسيح كمخلص غنوصي ===
يعتقد بعض الغنوصيين أن المسيح هو تجسيد للواحد الأحد آتى الىإلى الكون المادي ليدل البشر على الغنوصية.<ref>{{cite book|last=Roukema|first=Riemer|title=Jesus, Gnosis and Dogma|url=https://books.google.com/books?id=AfcRBwAAQBAJ&pg=PA53|date=18 February 2010|publisher=Bloomsbury Publishing|isbn=978-0-567-61585-5|page=53|chapter=Jesus′ Origin and Identity – Theodotus &#91;of Byzantium&#93;|quote=The Saviour, jesus Christ, who from the fullness (the ''pleroma'') of the Father descended on earth, is identified with the Logos, but initially not entirely with the Only Begotten Son. In john 1:14 is written, after all, that his glory was ''as'' of the Only Begotten, from which is concluded that his glory must be distinguished from this (7, 3b). When the Logos or Saviour descended, Sophia, according to Theodotus, provided a piece of flesh (''sarkion''), namely a carnal body, also called ‘spiritual seed’ (1, 1).}}</ref><ref name="nhlintro">{{cite web|last1=Hoeller|first1=Stephan A.|authorlink1=Stephan A. Hoeller|title=The Gnostic World View: A Brief Summary of Gnosticism|url=http://www.gnosis.org/gnintro.htm|website=www.gnosis.org|publisher=The Gnostic Society|accessdate=15 May 2017}}</ref>  بينما رفضوا أخرون فكرة تجسيد الرب في المسيح واعتبروا المسيح كبشري استطاع للوصول الىإلى الغنوصية وعلم مريديه نفس الطريقة. بينما يعتبر المندائيون المسيح كمسيح زائف لأنه شوه التعاليم التى علمها إياه يوحنا المعمدان.<ref name="macuch">{{cite book|last=Macuch|first=Rudolf|title=Handbook of Classical and Modern Mandaic|publisher=De Gruyter & Co.|location=Berlin|year=1965|pages=61 fn. 105}}</ref>
 
== للإستزادة ==