رومانسية (فن): الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسمان: لفظ تباهي تحرير مرئي
الرجوع عن تعديل معلق واحد من 37.46.38.236 إلى نسخة 26653909 من MichelBakni.
سطر 15:
 
 
'''الرومانسية أو''' أو '''الإبداعية''' {{إنج|Romanticism}} {{فر|Romantisme}} هي حركة فنية، أدبية وفكرية نشأت في [[فرنسا]] في أواخر [[القرن الثامن عشر]] للميلاد وسرعان ما راجت في بلدان [[أوروبا|أوروبية]] أخرى، وبخاصة [[إنجلترا]] و[[ألمانيا]] و[[إسبانيا]] حتى وصلت لذروتها في الفترة ما بين [[1800]]-[[1840]]. وقد ظهرت كرد فعل ضد [[الثورة الصناعية]] كما كانت تعتبر ثورة ضد [[الأرستقراطية]] والمعايير الاجتماعية والسياسية في [[عصر التنوير]]. وقد تجسدت الثورة بقوة في [[الفنون البصرية]]، [[الموسيقى]]، و[[الأدب]]. كما كان لها تأثير بالغ على [[التأريخ]]، [[التعليم]]، [[العلوم الطبيعية]] وتأثير كبير ومعقد على [[السياسة]]، حيث انه وبذروة الحركة الرومانسية كان هنالك ارتباطًا وثيقًا مع [[الليبرالية]] و[[الراديكالية]] وكان تأثيرها واضحًا على نمو [[القومية]] لدى الشعوب.'''
 
تؤكد '''تؤكد الرومانسية''' بأن قوة [[المشاعر]] والعواطف و[[الخيال]] الجامح هو المصدر الحقيقي والأصيل [[علم الجمال|للتجارب الجمالية]]، مع التركيز على شتى العواطف الإنسانية مثل الخوف والرعب والهلع والألم. مما أسهمت في رفع شأن [[الفنون الشعبية]] والتقليدية إلى درجة اسمى، وجعلت منها فنونًا مرغوبة (كما في [[الموسيقى الارتجالية]]). كما انها جعلت من الخيال الفردي سلطة ناقدة مما أسهم بالتحرر من أفكار المدارس [[الكلاسيكية]] و[[العقلانية]] المثالية والتي سعت لرفع شأن [[القرون الوسطى]] والإخلاص لها من خلال فرض قواعد وقيود على جميع أشكال الفنون لتوحي بأنها فنون [[قروسطية]] أصيلة في محاولة منها للهرب من [[النمو السكاني]] و[[الزحف العمراني]].'''
 
== أصل التسمية ==
ومانتيكية،الرومانتيكية، الالررومانسيةالرومانسية أو الرومانطيقية، كفن، تشتق من المصطلح الفرنسي ''رومان'' {{فرن|roman}} والتي تعني''' [[رواية]]، وأول ظهور موثق لهذا المصطلح يرجع إلى [[جيمس بوزويل]] في منتصف القرن الثامن عشر، واستخدمه وهو يشير إلى جزيرة [[كورسيكا]]. يشير هذا المصطلح إلى الأشياء والأماكن التي يعجز وصفها بالكلمات. ويذهب البعض إلى أنها مشتقة من لفظة "رومانيوس" التي أطلقت على اللغات والآداب المتفرعة عن [[اللغة اللاتينية]] القديمة، التي كانت تعد في [[القرون الوسطى]] لهجات للغة [[روما القديمة]]، ولم تعتبر لغات وآداباً فصيحة إلا ابتداء من [[عصر النهضة]]، حيث أخذت هذه اللغات مكانها لغات ثقافة وعلم وأدب. وقد اختار الرومانسيون "الرومانسية" - وهي إحدى لهجات [[سويسرا]] - عنواناً لمذهبهم وحركتهم، وتعبيراً عن معارضتهم لسيطرة [[الثقافة اليونانية]] و[[الثقافة اللاتينية]] على لغتهم وآدابهم القومية. وعرفت "الرومانسية" '''بالابتداعية''' أو '''الإبداعية''' بسبب أنها تعد ابتداعاً في [[الكلاسيكية|المذهب الكلاسيكي]]، وتقويضاً لمبادئه وأركانه.'''
 
== '''تاريخ''' ==
'''وكانت [[فرنسا|البلاد الفرنسية]] المهد الأول للرومانسية وللكلاسيكية، ولجميع المذاهب الأدبية والمناحي الفكرية حتى قيل : '''"إن فرنسا معامل أفكار لأوروبا"'''، ومما لا شك فيه أن [[الفرنسيين]] يمتازون بالعقول المتزنة والأفكار المنطقية الواضحة، وهذا مما يلائم المبادئ الكلاسيكية، على العكس من [[الإنجليز]] و[[الألمان]]، إذ يتميزون بتشعب العواطف والغموض، والخيال الجامع الواسع الفضفاض. أما الظروف التي نشأت فيها الرومانسية في [[فرنسا]]، ودعت إليها فما تقلبت فيه البلاد الفرنسية من أحوال سياسية واجتماعية واقتصادية، كونت لدى الفرنسيين تلك الحالة النفسية، والتمزق الداخلي والتغني بالآلام الفردية التي هي من مميزات الرومانسية.'''
 
'''ولعل من عوامل نشوء الرومانسية في [[فرنسا]] ما كان من هجرة بعض كبار كتباها إلى إنجلترا وألمانيا إثر قيام [[الثورة الفرنسية]] سنة [[1789]]م، وتأثرهم بآداب تلك البلاد ومعطياتها الفكرية والثقافية، مما جعلهم يصدرون عن وحيها بكل حماسة وإعجاب. كتلك الحماسة التي أظهرها [[شاتوبريان]] ([[1768]]-[[1848]])، عندما عاد من مهجره في إنجلترا، وتسنى له أن يترجم إلى الفرنسية "[[الفردوس المفقود]]" ل[[جون ملتون]]، وكذلك الإعجاب الذي أبدته مدام [[دي ستايل]] ([[1766]]-[[1817]]) ، حينما عادت من منفاها [[ألمانيا]] بهذا الأسلوب الجديد الساري في أدب الشمال، إذ قالت: {{اقتباس مضمن|'''شعر أهل الشمال يناسب تفكير الأمم الحرة أكثر مما يناسبها شعر الإغريق'''}}. وكتبت [[دي ستايل]] عن [[ألمانيا]] كتاباً فريداً، أشادت فيه بالروح الألمانية، وعرفت فيه الفرنسيين بروائع [[الأدب الألماني]] الغارق في الرومانسية، وتعتبر دي ستايل من الرواد الأوائل لنشوء الرومانتيكية.'''
 
'''وإذا تجاوزنا الأسباب المباشرة لحدوث الرومانسية فإننا نجد كاتبين وفيلسوفين كبيرين أثرا في الحياة العقلية والأدبية الأوروبية، وإن كان هذا التأثير بعيداً عن محيط الرومانسية، ولكنه ـ على كل حال ـ ساعد على تمهيد أرض صلبة لنشوئها. وهذان الفيلسوفان هما: [[جان جاك روسو]] ([[1722]]-[[1778]]) ، و[[فولتير]] ([[1649]]-[[1778]]).'''
 
'''أما [[روسو]] فقد دعا إلى العودة إلى الطبيعة والحياة الفطرية، إذ إن أطماع الإنسان قد تطورت بتطور المجتمع، وأحس أنه في مجتمع يفرض عليه تبادل المصالح مع الآخرين، ومن شأن هذا أن يكوِّن في نفسه الأثرة وحب الذات والامتلاك والحرص، ولقد كان الإنسان الفطري البدائي سعيداً في حياته، وفي معيشته، آمناً في كوخه، لا يحمل لغيره من الناس إلا الخير والحب، وروسوو'''روسو''' هو صاحب المبدأ التربوي المشهور {{اقتباس مضمن|'''علينا أن نترك الطفل يدرج وحده في الطبيعة ليكتسب خبراته بنفسه'''}}، وكتابه "[[أميل]]" إنما هو شرح لهذا المبدأ.'''
 
'''وأما [[فولتير]]، فإنه نشر في [[أوروبا]] كلها أدب [[شكسبير]] "[[1564]]-[[1616]]"، ونوه به، وهو أدب متحرر من النظام الإغريقي في بناء [[مسرح|المسرحيات]]، على الرغم من أن [[شكسبير]] عاش في عصر [[الكلاسيكية]]، ولكنه لم يلتزم بمبادئها وأصولها، بل اعتمد على نفسه وخبرته في تكوين مسرحه، واستطاعت عبقريته أن تسعفه في ذلك، حيث أهلته للنجاح الباهر المنقطع النظير. وبالطبع لم يعتنق [[فولتير]] جميع آراء شكسبير ويأخذ بها كلية، ولكنه اختار ما يلائم طبعه في تجديد [[الأدب الفرنسي]]، ولا شك أن لهذا التجديد أثراً في اهتزاز قيمة المذهب الكلاسيكي. ولم يكن [[فولتير]] ناقلاً لآراء شكسبير فقط، وإنما كان - بالإضافة إلى هذا - ناقداً اجتماعياً جريئاً في نقده، حتى إنه انتقد [[صك الغفران|صكوك الغفران]] ورجال الكنيسة، وقد عرض فولتير آراءه في المسرحيات التي ألفها، وكانت سبباً لتهيئة الجو الملائم للرومانسية.'''
 
'''كذلك أخذ بعض الفلاسفة - غير هذين - يمهدون لهذا المذهب ويبشرون بعالم أفضل من أمثال الفيلسوف الفرنسي [[ديدرو]] ([[1713]]-[[1784]])، والفيلسوف الألماني [[كانت]] ([[1724]]-[[1804]]) ، ولا شك أيضاً أن هؤلاء الفلاسفة أثروا في الأدب ونقده، حينما خالفوا [[أفلاطون]] في نظريته المشهورة "'''[[عالم المثل|المثل]]'''". ومن متممات البحث أن أشير إلى أن هؤلاء الفلاسفة قد انصرفوا في أبحاثهم الفلسفية إلى سبر طبيعة الجمال وحقيقته وعلاقته بالمتعة، والفرق بين الجميل والنافع، واستطاعوا أن يحددوا نظرياتهم وآراءهم نحو الجمال، ثم أتى فلاسفة بدأوا من حيث انتهى أولئك، وفي مقدمتهم الفيلسوف الألماني الرومانتيكي [[فريدريك نيتشه|نيشته]] ([[1762]]-[[1814]]) ، والفيلسوف الألماني [[شوبنهور]] ([[1788]]-[[1860]])، الذي زرع فلسفة التشاؤم.'''
 
'''ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن تلك الأسباب المباشرة، وغير المباشرة لم تصنع بين عشية وضحاها الظروف التي نبتت فيها الرومانسية حتى غدت مذهباً أدبياً قائماً بذاته، كما أن تلك المؤثرات الإنجليزية والألمانية التي أشرنا إليها من قبل، لا تستطيع وحدها تشييد صرح الرومانسية لو لم تتضافر ظروف الحياة في فرنسا لتهيئة الحالة النفسية التي تصدر منها الرومانسية. ولا شك أنه وجد في فرنسا عدد من الأدباء الناشئين استجابوا لنداء هذه الأحداث، وكانوا الانطلاقة للرومانسية. ولم تقيد الرومانسية نفسها بأصول ومبادئ فنية، كما حدث مثلاً في الكلاسيكية، إلا أنها قد بلورت بطريقة عفوية تلقائية بعض الاتجاهات التي أصبحت فيما بعد من مميزاتها من مثل "مرض العصر"، ويطلقونه على تلك الحالة النفسية الناتجة من عجز الفرد من التوفيق بين القدرة والأمل و"اللون المحلي" ، ويقصدون به محاربة الاتجاه الإنساني السائد في الكلاسيكية و"الخلق الشعري"، حيث قرر الرومانسيون أن الأدب ليس محاكاة للحياة وللطبيعة كما تذهب الكلاسيكية، بل خلقاً، وأداة الخلق هي الخيال المبتكر، مع ذكريات الماضي وأحداث الواقع الراهن وإرهاصات المستقبل. وكان من نتيجة ذلك ظهور اتجاهات متعددة في الرومانسية، إذ توغلت في [[العقيدة]] و[[الأخلاق]] و[[الفلسفة]] و[[التاريخ]] و[[الفن|الفنون الجميلة]]. تجلت في [[نظرية الإنسان الأعلى]] (السوبرمان) عند [[نيتشة]] ([[1844]]-[[1900]]) و[[نظرية الوثبة الحيوية]] عند [[برغسون]] ([[1859]]-[[1941]]) .'''
 
== '''الخصائص الأساسية''' ==
وتعد '''وتعد الرومانسية،الرومانسية'''، ثورة على العقل وسلطانه، وعلى الأصول والقواعد السائدة في [[الكلاسيكية]] كافة، وبعبارة أوسع وأشمل، كانت الرومانسية تهدف إلى التخلص من سيطرة الآداب [[الإغريقية]] و[[الرومانية]]، وتقليدها ومحاكاتها، وبخاصة حينما أخذت أقطار [[أوروبا]] تأخذ نفسها نحو الاستقلال في [[اللغة]] و[[الأدب]] و[[الفكر]]. كما قال الرسام الألماني الرومانسي [[كاسبر ديفيد فريدريش]] : {{اقتباس مضمن|إن مشاعر الفنان هي قوانينه الخاصة (The artist's feeling is his law)}}'''
 
'''وفي الواقع لم تكن '''الرومانسية''' ثورة على الآداب الإغريقية واللاتينية والكلاسيكية فحسب، وإنما كانت أيضاً ثورة على جميع القيود الفنية المتوارثة، واعتبرت هذه القيود، قيودًا ثقيلة حدت من تطور الأدب وحيويته، وتعبيراً عن طابع العصر، وثقافة الأمة وتاريخها. لقد غلبت على الرومانسيين نزعة التمرد على هذه القيود التي التزمها الكلاسيكيون، فدعوا إلى التخلص من كل ما يكبل الملكات، ويقيد [[الفن]] و[[الأدب]]، ويجعلهما محاكاة جامدة لما اتخذه [[اليونان]] و[[اللاتين]] من أصول، لتنطلق العبقرية البشرية على سجيتها دون ضابط لها سوى هدي السليقة وإحساس الطبع. حيث كان [[الأدب الكلاسيكي]] يعد أدب العقل والصنعة الماهرة وجمال الشكل، والمواضيع الإنسانية العامة، واتباع الأصول الفنية القديمة. فجاءت الرومانسية لتشيد بأدب العاطفة والحزن والألم والخيال والتمرد الوجداني، والفرار من الواقع، والتخلص من استعباد الأصول التقليدية للأدب.'''
 
'''ويمكن إجمال هذه الأفكار والمباديء فيما يلي''' [[رواية]]، وأول ظهور موثق :
* '''الذاتية أو الفردية''': وتعد من أهم مبادىء الرومانسية ، وتتضمن الذاتية عواطف [[الحزن]] و[[الكآبة]] و[[الأمل]]، وأحياناً الثورة على المجتمع. فضلاً عن التحرر من قيود العقل والواقعية والتحليق في رحاب الخيال والصور والأحلام.
* '''التركيز على التلقائية والعفوية في التعبير الأدبي'''، لذلك لا تهتم الرومانسية بالأسلوب المتأنق، والألفاظ اللغوية القوية الجزلة.