أصول الفقه: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
طلا ملخص تعديل
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:الإبلاغ عن رابط معطوب أو مؤرشف V2.3 (تجريبي)
سطر 11:
==تعريف أصول الفقه==
{{أصول الفقه}}
لفظ: «أصول الفقه» أي: اللفظ المركب الذي يتألف من جزئين مفردين يسمى عند علماء [[اللغة العربية]]: مركبا إضافيا، بمعنى: أنه مركب من إضافة كلمة: أصول إلى كلمة: الفقه، أي: الأصول المضافة إلى الفقه، فالأصول مضاف والفقه مضاف إليه.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-2073 مذكرة أصول الفقه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ج1 ص1] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170302035000/http://shamela.ws/browse.php/book-2073 |date=02 مارس 2017}}</ref> وهو باعتبار نسبته إلى الفقه بمعنى: [[فروع الفقه]]، تمييزا لها عن أصول الدين المتعلقة بالعقيدة الإسلامية. والأصول المضافة للفقه بهذا اللفظ المركب تركيبا إضافيا تارة يقصد به الأصول المضافة إلى الفقه، وتارة يقصد به الفن أي: العلم المسمى بـأصول الفقه، فله معنيان عند علماء أصول الفقه أحدهما: أصول الفقه بالمعنى الإضافي، وثانيهما: أصول الفقه بالمعنى اللقبي.<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3&idto=32&bk_no=102&ID=6 بيان المختصر] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207113317/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3&idto=32&bk_no=102&ID=6 |date=07 فبراير 2017}}</ref> فأما أصول الفقه بالمعنى الإضافي أي: كلمة أصول مضافة إلى كلمة الفقه فهو: الأدلة الموصلة إلى العلم. وأما أصول الفقه بالمعنى اللقبي، أي: ما يلقب بـأصول الفقه هو: العلم المسمى بـعلم أصول الفقه.<ref>[http://islamport.com/w/usl/Web/878/7.htm إجابة السائل شرح بغية الآمل، محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني ج1 ص22 مؤسسةالرسالة بيروت الطبعة الأولى، 1986 تحقيق: القاضي حسين بن أحمد السياغي والدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170211155710/http://islamport.com/w/usl/Web/878/7.htm |date=11 فبراير 2017}}</ref> و'''أصول الفقه''' بمعنى العلم هو الذي يبحث في: الأدلة التي يبنى عليها الفقه، وما يتوصل بها إلى الأدلة على سبيل الإجمال، فهو يبحث في: الأدلة الموصلة إلى العلم، وما يتوصل به إلى الأدلة، وفي الاستدلال وصفات المجتهد. أما أصول الفقه بالمعنى الإضافي؛ فهو بمعنى [[أدلة الفقه]]. والفقه: بمعنى: '''معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها [[اجتهاد إسلامي|الاجتهاد]]'''، والأحكام الشرعية [[فرض]]، ومندوب ومكروه وحرام ومباح وصحيح وباطل. والأصل في اللغة: مايبنى عليه غيره،<ref>سعد الدين بن عمر التفتازاني. كتاب شرح التلويح على التوضيح. ص. 22</ref> حسيا كان البناء أو معنويا، وفي الإصطلاح بمعنى: '''[[أدلة الفقه|الدليل]]''' وقد يكون لمعان أخرى منها: «الرجحان» أو «القاعدة» أو «الصورة المقيس عليها»، المقصود هو الأول.
 
===تعريف أصول الفقه بالمعنى الإضافي===
سطر 30:
 
===تعريف أصول الفقه بالمعنى اللقبي===
أصول الفقه بالمعنى اللقبي هو التعريف الثاني لأصول الفقه باعتباره علما، ويقصد به العلم المسمى بـ«أصول الفقه»، من حيث أن العلماء أطلقوا هذا اللفظ على العلم المخصوص الذي لقبوه: بـ«أصول الفقه». قال [[ابن الحاجب]]: «أما حده لقبا؛ فالعلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية [[فروع الفقه|الفرعية]] عن أدلتها التفصيلية».<ref name="بيان"/> وما يتوصل به إلى الأدلة على سبيل الإجمال هو: الكلام على هذه [[أدلة الفقه|الأدلة]] ووجهها وترتيبها [[الاستنباط الفقهي|والاستنباط]] والترجيح والتعارض وكيفيات الاستدلال وشروطه وصفات المجتهد. والأدلة الموصلة إلى العلم هي: القواعد الكلية التي أخذت من الكتاب والسنة والإجماع؛ لأنها هي العمدة في الاستدلال، وهي: طرق الفقه. والفن المسمى بـ«أصول الفقه» هو: «طرق الفقه الإجمالية وكيفية الاستدلال بها وصفة المستدل بها»، والمقصود بأصول الفقه: طرقه على سبيل الإجمال، وطرق الفقه على سبيل الإجمال مثل: مطلق ال[[أمر]] من حيث أنه للوجوب، وال[[نهي]] من حيث أنه للتحريم عند الإطلاق، والصحة تقتضي النفوذ، قال إمام الحرمين في متن الورقات عند تعريف أصول الفقه باعتباره [[علم]]ا: «وأصول الفقه طرقه على سبيل الإجمال». وبين ذلك [[جلال الدين المحلي]] في شرح [[الورقات]] بقوله: «كمطلق الأمر والنهي وفعل النبي {{صلى الله عليه وسلم}} والإجماع والقياس والاستصحاب، من حيث البحث عن أولها بأنه للوجوب والثاني بأنه للحرمة والباقي بأنها حجج وغير ذلك».<ref name="الجلال المحلي">{{مرجع كتاب|المؤلف=جلال الدين محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المحلي الشافعي (المتوفى: 864 هـ)|وصلة المؤلف=جلال الدين المحلي|العنوان=شرح الورقات في أصول الفقه، مقدمة، تعريف أصول الفقه باعتباره علما|المسار=http://www.al-eman.com/الكتب/شرح%20الورقات%20في%20أصول%20الفقه/(تعريف%20أصول%20الفقه%20باعتباره%20عَلَمَاً)/i651&d980713&c&p1#s980713}}</ref> فيشتمل تعريف أصول الفقه بمعناه اللقبي على ثلاثة مكونات يتألف منها هي: «طرق الفقه وكيفية الاستدلال بها وصفات المستدل» وكيفية الاستدلال بطرق الفقه من حيث تفصيلها عند تعارضها لكونها ظنية من تقديم الخاص على العام والمقيد على المطلق وغير ذلك. وكيفية الاستدلال بها أو الاستفادة منها أي: معرفة كيفية استفادة الأحكام من أدلتها بدراسة أحكام [[استعمال الألفاظ|الألفاظ]] ودلالاتها من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وناسخ ومنسوخ وغير ذلك. وكيفية الاستدلال بهذه الطرق تستلزم وجود من يقوم بالاستدلال وهو المجتهد، فإنه بإدراكه يستفيد من أدلة الفقه أحكامها والاستدلال بها، ومعرفة صفات من يستدل بها وهو المجتهد، وهذه الثلاثة هي الفن المسمى بأصول الفقه؛ لتوقف الفقه عليه.<ref>متن الورقات في علم أصول الفقه لإمام الحرمين، مقدمة المتن.</ref> فالعلم المسمى بـ«أصول الفقه» هو: طرق الفقه الإجمالية، وكيفية الاستدلال بها، أو الإستفادة منها، ومعرفة حال المستفيد وهو المجتهد وسميّ مستفيدا؛ لأنه يستفيد أي: يستنبط بنفسه الأحكام من [[أدلة الفقه|أدلتها]] لبلوغه مرتبة [[اجتهاد إسلامي|الاجتهاد]]، فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمه ونحو ذلك.<ref name="ابن الفركاح">{{مرجع كتاب|المؤلف=تاج الدين عبد الرحمن الفزاري المعروف بـابن الفركاح الشافعي|وصلة المؤلف=ابن الفركاح|العنوان=شرح الورقات لإمام الحرمين|المسار=https://books.google.com/books?id=-ctFCwAAQBAJ&pg=PT113&lpg=PT113&dq=طرقه+على+سبيل+الإجمال+شرح+الورقات&source=bl&ots=1BqhgY20iZ&sig=qZyKNCQ12-l6Eb2Xp2wCiLFLOGo&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiR4snW5bPSAhUCbhQKHbKKBUoQ6AEIXDAR#v=onepage&q=%D8%B7%D8%B1%D9%82%D9%87%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84%20%D8%B4%D8%B1%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%AA&f=false|الصفحة=114|الناشر=دار البشائر الإسلامية}}</ref><ref name="المحلي">{{مرجع كتاب|المؤلف=جلال الدين محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المحلي الشافعي (المتوفى: 864 هـ)|وصلة المؤلف=جلال الدين المحلي|العنوان=شرح الورقات في أصول الفقه|الناشر=جامعة القدس|المكان=فلسطين|الطبعة= الأولى|السنة=1420 هـ/ 1999م.}}</ref> فيخرج بذلك الأدلة التفصيلية فلا تذكر في أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل على القاعدة.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-37591/page-6 التمهيد] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170508211214/http://shamela.ws:80/browse.php/book-37591/page-6 |date=08 مايو 2017}}</ref>
 
قال [[جلال الدين المحلي]] في شرح الورقات ل[[إمام الحرمين]]: «بخلاف طرقه على سبيل التفصيل نحو: {{قرآن|وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}} {{قرآن|وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}} وصلاته {{صلى الله عليه وسلم}} في الكعبة» كما أخرجه الشيخان».<ref name="الجلال المحلي"/> قال [[ابن حجر العسقلاني]]: «والصلاة في الكعبة ثابت في الصحيحين، لكن لم يثبت أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} صلى فيها الفرض».<ref>[http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=11&ID=1692#docu التلخيص الحبير في تخريج أحاديث [[الإمام الرافعي|الرافعي]] الكبير، لابن حجر العسقلاني، كتاب النذور ج4 ص331] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207192411/http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=11&ID=1692 |date=07 فبراير 2017}}</ref> وروى مسلم عن يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على [[الإمام مالك|مالك]] عن [[نافع مولى ابن عمر|نافع]] «عن [[ابن عمر]] أن رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} دخل [[الكعبة]] هو [[أسامة بن زيد|وأسامة]] [[بلال بن رباح|وبلال]] وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه ثم مكث فيها، قال ابن عمر فسألت بلالا حين خرج ما صنع رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}؟ قال: جعل عمودين عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، ثم صلى».<ref>[http://library.islamweb.net/Newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=53&ID=3913 شرح [[النووي]] على [[صحيح مسلم|مسلم]] كتاب الحج، باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة فيها والدعاء في نواحيها كلها، حديث رقم: (1329)] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207113550/http://library.islamweb.net/Newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=53&ID=3913 |date=07 فبراير 2017}}</ref><ref>[http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=7&ID=958 الموطأ ج1 ص310 رقم الحديث: (910)] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207192409/http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=7&ID=958 |date=07 فبراير 2017}}</ref> وأيضا: [[إجماع (فقه)|كالإجماع]] على أن لبنت الابن [[فروض الإرث#فرض السدس|السدس]] مع بنت الصلب حيث لا [[تعصيب|عاصب]] لهما. [[قياس (إسلام)|وقياس]] الأرز على البر في امتناع بيع بعضه ببعض، إلا مثلاً بمثل يداً بيد، كما رواه مسلم في صحيحه.<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4854&idto=4871&bk_no=53&ID=716 شرح النووي على مسلم، باب بيع الطعام مثلا بمثل حديث رقم: (1592)] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207115322/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4854&idto=4871&bk_no=53&ID=716 |date=07 فبراير 2017}}</ref> وأيضا مثل: استصحاب [[الطهارة في الإسلام|الطهارة]] لمن شك في بقائها، فكلها ليست من أصول الفقه وإن ذكر بعضها في كتبه تمثيلا.<ref name="الجلال المحلي"/>
 
===تعريف الفقه===
{{مفصلة|فقه}}
[[ملف:Mustansiriya University CPT.jpg|تصغير|200بك|مبنى المدرسة المستنصرية التاريخي في بغداد]]
حيث أن «أصول الفقه» مركب من جزئين والجزء الثاني هو: «[[الفقه]]»، ومعناه في [[تعريف لغوي|اللغة]] الفهم. وبالمعنى الشرعي هو: «معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد»، كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة، وأن الوتر [[مندوب]]، وأن ال[[نية (إسلام)|نية]] من الليل شرط في [[صوم رمضان]]، وأن [[الزكاة]] واجبة في مال الصبي، وغير واجبة في الحلي المباح، وأن القتل بمثقل يوجب القصاص، ونحو ذلك من مسائل الخلاف، بخلاف ما ليس طريقه [[الاجتهاد]]، كالعلم بأن الصلوات الخمس واجبة، وأن الزنا [[حرام]]، وغير ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى فقها، فالمعرفة هنا العلم بمعنى الظن.<ref>متن الورقات.</ref> والْفِقْهُ في اللغة: الْفَهْمُ للشيء والعلم به، وفهم الأحكام الدقيقة والمسائل الغامضة، وهو في الأصل مطلق الفهم، وغلب استعماله في العرف مخصوصا [[علوم شرعية|بـعلم الشريعة]]؛ لشرفها على سائر العلوم،<ref name="مختار الصحاح">مختار الصحاح، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي. حرف الفاء (فقه). المكتبة العصرية -الدار النموذجية، 1420 هـ/ 1999 م</ref> وتخصيص اسم الفقه بهذا الاصطلاح حادث، واسم الفقه يعم جميع الشريعة التي من جملتها ما يتوصل به إلى معرفة الله ووحدانيته وتقديسه وسائر صفاته، وإلى معرفة أنبيائه ورسله عليهم السلام، ومنها علم الأحوال والأخلاق والآداب والقيام بحق العبودية وغير ذلك.<ref name="الزركشي1"/> قال [[بدر الدين الزركشي]]: «وذكر الإمام الغزالي أن الناس تصرفوا في اسم الفقه فخصوه بعلم الفتاوى ودلائلها وعللها» واسم الفقه في العصر الأول كان يطلق على: «علم الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستلاب الخوف على القلب».<ref>[https://books.google.com/books?id=NuxyyqZ8JSEC&pg=PT98&lpg=PT98&dq=علم+الوجدانيات&source=bl&ots=JZxlBBNDY2&sig=CZXvI9fa5rIMNSDOrROdVNDS81s&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwie9e7M6YjRAhXBPxoKHTPbC_kQ6AEIHjAC#v=onepage&q=%D8%B9%D9%84%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%AA&f=false موسوعة: كشف اصطلحات الفنون والعلوم، لمحمد علي التهانوي ص40 و41.]</ref> وعرفه [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة]] بأنه: «معرفة النفس مالها وما عليها»<ref>نقلا من كتاب مرآة الأصول:44/ 1، التوضيح لمتن التنقيح: 10/ 1. انظر: موسوعة الفقه الإسلامي لوهبة الزحيلي ج1 ص29</ref> وعموم هذا التعريف كان ملائماً لعصر أبي حنيفة الذي لم يكن الفقه فيه قد استقل عن غيره من [[العلوم الشرعية]].<ref>الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الشامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها) المؤلف: أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة، المطلب الأول: (معنى الفقه وخصائصه)، ج1 ص29، الناشر: دار الفكر - سوريَّة - دمشق، الطبعة: الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة)</ref> وعرف [[الشافعي]] الفقه بالتعريف المشهور بعده عند العلماء بأنه: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية».<ref>شرح جمع الجوامع للمحلي، ج1 ص32 ومابعدها، وشرح الإسنوي ج1 ص24، وشرح العضد لمختصر ابن الحاجب، ج1 ص18، ومرآة الأصول ج1 ص50، والمدخل إلى مذهب أحمد، ص58. انظر موسوعة الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي ج1 ص30</ref> وفي اصطلاح علماء أصول الفقه: «العلم بالأحكام الشرعية المكتسبة من أدلتها التفصيلية».<ref name="الزركشي1">البحر المحيط للزركشي، تعريف الفقه ج1 ص30 وما بعدها، دار الكتبي ط14، سنة 1414/ 1994م.</ref> ويسمي في اصطلاح المتأخرين علم الفقه ويطلق في العصور المتأخرة من [[التاريخ الإسلامي]] مخصوصا [[فروع الفقه|بالفروع]]، وهو أحد أنواع [[علوم شرعية|العلوم الشرعية]]، وهو: العلم بالأحكام الشرعية العملية المستمدة من أدلتها التفصيلية.<ref>تعريف الفقه، [http://shamela.ws/browse.php/book-437 موسوعة الفقه المصرية] صادر عن وزارة الأوقاف المصرية. {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170725165159/http://shamela.ws:80/browse.php/book-437 |date=25 يوليو 2017}}</ref> والفقيه العالم بالفقه، وعند علماء أصول الفقه هو المجتهد.
 
=== المعنى اللغوي ===
سطر 46:
=== بالمعنى الاصطلاحي ===
{{مفصلة|فروع الفقه}}
'''الفقه''' في اصطلاح علماء أصول الفقه هو: «العلم بالأحكام الشّرعيّة العمليّة المكتسب من [[أدلة الفقه|أدلّتها]] التّفصيلة». وعرفه [[أبو إسحاق الشيرازي]] بأنه: «معرفة الأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد»،<ref>اللمع في أصول الفقه لأبي إسحاق الشيرازي تعريف الفقه</ref> أو هو: «علم كل حكم شرعي بالاجتهاد»، أو «العلم بالأحكام الشرعية العملية بالاستدلال»، أو من طريق أدلتها التفصيلية، وفق أصول فقهية سليمة، واستدلالات منهجية، يتوصل منها إلى معرفة الأحكام الشرعية، المكتسبة من الأدلة التفصيلية.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-37064 خلاصة الجواهر الزكية في فقه المالكية] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170707003602/http://shamela.ws:80/browse.php/book-37064 |date=07 يوليو 2017}}</ref> ومعنى العلم بالأحكام الشرعية أي: «المستنبطة بطريق الاجتهاد»، أو «ال[[علم]] بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من [[أدلة الفقه|الأدلة]] التفصيلية». والفقه بالمعنى الاصطلاحي يطلق على العلم المسمى بـ([[علم فروع الفقه]]). فالعلم بالذوات من أجسام وصفات وسواها ليس فقها؛ لأنه ليس علم أحكام. والعلم بالأحكام العقلية والحسية والوضعية كأحكام الحساب والنحو والصرف لا يسمى فقها؛ لأنه علم أحكام ليست بشرعية، وعلم أحكام أصول الدين وأصول الفقه ليس فقها، لأنها أحكام شرعية علمية وليست عملية، وعلم المقلد بالأحكام الشرعية العملية لا يسمى فقها؛ لأنه علم ليس عن استدلال، وما هو معلوم بالضرورة لا يسمى فقها؛ لأنه من غير استدلال. فهو: «العلم الحاصل بالاجتهاد»، والفقيه لا يطلق إلا على المجتهد. قال [[يحيى العمريطي|العمريطي]] في منظومته على الورقات لإمام الحرمين:
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|والفقه علم كل حكم شرعي|جاء اجتهادا دون نص قطعي.}}
سطر 68:
 
====أبواب أصول الفقه====
علم أصول الفقه عبارة عن مجموع طرق [[الفقه]] وكيفية الاستدلال بها وكيفية حال المستدل بها، وأبواب أصول الفقه أو موضوعاته التي يتناولها البحث فيه تشمل: المقدمات وهي عبارة عن مبادئ وتعريفات وأوليات ومنها: تعريف أصول الفقه بمعناه الإضافي واللقبي، وتعريف الفقه في اللغة والاصطلاح، وتعريف الأصول، ومبادئ علم أصول الفقه ومنها: حده أي: تعريفه وموضوعه ومباحثه واسمه وحكمه وغير ذلك. والعلم والجهل والشك والظن والنظر والاستدلال. ثم اللغات إذ أن معرفة نصوص الأدلة الشرعية تحتاج إلى معرفة اللغة، وهي الألفاظ ودلالاتها و[[الحقيقة والمجاز]] والعام وصيغ العموم، والخاص والتخصيص وأقسام المخصص، والمجمل والبيان والنص والظاهر والمؤل، وال[[أمر]] وال[[نهي]] والعموم والخصوص والمجمل والمبين، ومن أبواب أصول الفقه: أقسام [[الحكم الشرعي]]: [[خطاب التكليف|الخطاب التكليفي]] و[[خطاب الوضع]]، والصحيح والباطل أو الفاسد والشروط والموانع والأسباب، والأفعال والناسخ والمنسوخ والنسخ ومسائله بين الكتاب والسنة ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر، والتعارض، والإجماع وبيان حجيته، وحجية [[قول الصحابي]]، والأخبار والمسند والقياس والاستصحاب، والتراجيح والاستفتاء وشروط ال[[مفتي]] أو المجتهد وشروط المستفتي، والاجتهاد.<ref>[http://fawzan.al-eman.com/الكتب/شرح%20الورقات%20في%20أصول%20الفقه/(أبواب%20أصول%20الفقه)/i651&d980714&c&p1 شرح الورقات للمحلي]</ref> والأمور التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي طرق للأحكام الشرعية أم لا.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-2022/page-24#page-149 المحصول للرازي] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170621061830/http://shamela.ws:80/browse.php/book-2022/page-24 |date=21 يونيو 2017}}</ref>
 
وفي متن الورقات لأبي المعالي الجويني:
سطر 112:
كان الاستدلال الفقهي للأحكام الشرعية في بدايات التاريخ الإسلامي يبنى على أصول الفقه التي كانت حاضرة في أذهان [[فقهاء الصحابة]] وكانوا إذا استنبطوا أحكاماً شرعية لتطبيقها على وقائع جديدة؛ يصدرون استنباطهم عن أصول مستقرة في أنفسهم، علموها من نصوص الشريعة وروحها، ومما أخذوه وعايشوه، وربما صرح بعضهم في بعض المسائل بالأصل الذي استند إليه في استنباطه للحكم الفرعي، كقول [[علي بن أبي طالب|علي]] رضي الله عنه في [[حد (عقوبة)|عقوبة]] شارب الخمر: «إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فحده حد المفترين». والمفتري هو [[قذف (رمي بالزنا)|القاذف]] الذي ورد في قول الله تعالى: {{قرآن|والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولاتقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون}}. فيكون علي قد قرر أن علة الإفتراء هي السكر، فيحكم على السكران بحكم المفتري أو القاذف، وبذلك يكون قد قرر قاعدة أصولية.
 
وفي عهد التابعين ومن بعدهم كثرت الحاجة إلى الاستنباط، لكثرة الحوادث التي نشأت عن دخول بلاد شاسعة تحت الحكم الإسلامي. فتخصص في الفتيا كثير من [[فقهاء التابعين]]، فاحتاجوا إلى أن يسيروا في استنباطهم على قواعد محددة، ومناهج معروفة، وأصول واضحة، وكان لبعضهم كلام واضح في أثناء كلامهم في علم الفقه، غير أن علم أصول الفقه بمعناه العلمي الذي يقصد به الفن الموضوع بقوانين، لم يتميز عن غيره إلا في القرن الثاني الهجري تقريبا، وكان للإمام [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]] الدور الأساسي في جمع مباحث الأصول في كتابه: «[[الرسالة في أصول الفقه|الرسالة]]»، إضافة إلى تجديد وإضافة القواعد الأساسية في علم الأصول حتى تم تعديله وشرحه وإضافه القواعد الأخرى على يد العلماء العاملين من مختلف المذاهب الإسلامية.<ref>[http://islamport.com/w/tkh/Web/912/456.htm تاريخ ابن خلدون ج1 ص: (456)] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207113844/http://islamport.com/w/tkh/Web/912/456.htm |date=07 فبراير 2017}}</ref> قال [[ابن خلدون]] في تاريخه: «واعلم أن هذا الفن من الفنون المستحدثة في الملة»، حيث لم يكن موجودا بهذا المسمى في الصدر الأول من عصر السلف؛ لأنهم كانوا في غنية عنه بما أن استفادة المعاني من الألفاظ لا يحتاج فيها إلى أزيد مما عندهم من الملكة اللسانية، وأما القوانين التي يحتاج إليها المجتهد في استفادة الأحكام خصوصا؛ فمنهم أخذ معظمها، وأما الأسانيد فلم يكونوا يحتاجون إلى النظر فيها لقرب العصر وممارسة النقلة وخبرتهم بهم.<ref>تاريخ ابن خلدون ج1 ص454.</ref>
 
وبعد حقبة الصدر الأول من [[السلف]] وتحول العلوم كلها صناعة، بدء تطور العلوم الشرعية، من خلال تدوين [[المذاهب الفقهية]]، وكانت هناك طريقتان في الاستدلال: طريقة أصحاب الرأي في العراق، وكان أشهر أعلامهم [[أبو حنيفة النعمان]] ثم أصحابه من بعده، وطريقة أصحاب الحديث في الحجاز، وكان أشهر أئمتهم [[مالك بن أنس]] ثم الشافعي من بعده، وكانت المذاهب الفقهية تعمتد على أصول فقهية تبنى عليها، وكان أصحاب الرأي أكثر اهتماما بقواعد الاستدال العقلي، بينما كان أهل الحديث لكثرة اعتمادهم على النص كانوا أكثر تعرضا لذكر الدلائل من أهل الرأي. وكان اتجاه المذاهب الفقهية قبل الشافعي إلى جمع المسائل وترتيبها وردها إلى أدلتها التفصيلية عندما تكون دلائلها نصوصا.
فلما جاء الشافعي بمذهبه الجديد كان قد درس المذهبين ولاحظ ما فيهما من نقص بدا له أن يكمله وأخذ ينقض بعض التفريعات من ناحية خروجها عن متابعة نظام متحد في طريق الاستنباط. وذلك يشعر باتجاهه الجديد في الفقه الذي لم يقتصر على الفروع فقط، بل اتجه إلى الاهتمام بأصول الفقه، التي لم تكن مقصورة على مذهبه الفقهي، بل لتكون منهجا عاما للاستدلال. قال [[ابن خلدون]]: «احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل هذه القوانين والقواعد لاستفادة الأحكام من الأدلة فكتبوها فنا قائما برأسه سموه أصول الفقه. وكان أول من كتب فيه الشافعي رضي الله تعالى عنه أملى فيه رسالته المشهورة تكلم فيها في الأوامر والنواهي والبيان والخبر والنسخ وحكم العلة المنصوصة من القياس ثم كتب فقهاء الحنفية فيه وحققوا تلك القواعد وأوسعوا القول فيها وكتب المتكلمون أيضا كذلك».<ref>تاريخ ابن خلدون ج1 ص455</ref> وقد كان الشافعي من المتصدرين في وضع القواعد اللغوية، وتأسيس قواعد مهمة في علم التفسير والحديث.<ref>[https://books.google.com/books?id=i3tHCwAAQBAJ&pg=PT165&lpg=PT165&dq=واعلم+أن+نسبة+الأصول+للشافعي+الرازي&source=bl&ots=oi5MiQUGLS&sig=7l_sr6xXeW4KqXsHpEmztfUjjj0&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwj9kpXzm-jRAhXKx4MKHaubBtwQ6AEINDAF#v=onepage&q=%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%84%D9%85%20%D8%A3%D9%86%20%D9%86%D8%B3%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84%20%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%81%D8%B9%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D9%8A&f=false تفسير الشافعي المبحث الثاني تأسيس الإمام الشافعي لقواعد مهمة في علم التفسير ص66 جمع وتحقيق ودراسة الدكتور أحمد بن مصطفى الفران دار التدمرية]</ref><ref>[http://islamport.com/w/tkh/Web/912/456.htm تاريخ ابن خلدون ج1 ص456] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207113844/http://islamport.com/w/tkh/Web/912/456.htm |date=07 فبراير 2017}}</ref>
 
===أول من صنف في الأصول===
قال [[بدر الدين الزركشي]]: «الشافعي رضي الله عنه أول من صنف في أصول الفقه صنف فيه كتاب الرسالة، وكتاب أحكام القرآن، واختلاف الحديث، وإبطال الاستحسان، وكتاب جماع العلم، وكتاب "القياس" الذي ذكر فيه تضليل المعتزلة ورجوعه عن قبول شهادتهم، ثم تبعه المصنفون في الأصول». وقال الإمام [[أحمد بن حنبل]]: «لم نكن نعرف الخصوص والعموم حتى ورد الشافعي». وقال الجويني في شرح الرسالة: «لم يسبق الشافعي أحد في تصانيف الأصول ومعرفتها». وقد حكي عن [[ابن عباس]]: تخصيص عموم، وعن بعضهم: القول بالمفهوم، ومن بعدهم لم يقل في الأصول شئ ولم يكن لهم فيه قدم، فإنا رأينا وكتب السلف من التابعين وتابعي التابعين وغيرهم لم ينقل عنهم فيها أنهم صنفوا فيه.<ref>البحر المحيط، للزركشي، ج1 ص18 و19 دار الكتبي الطبعة الأولى، ومن نسخة خطية بالمكتبة الأهلية بباريس.</ref> قال [[بدر الدين الزركشي]]: «واعلم أن الشيخ أبا الحسن الأشعري كان يتبع الشافعي في الفروع والأصول وربما يخالفه في الأصول، كقوله بتصويب المجتهدين في الفروع، وليس ذلك مذهب الشافعي، وكقوله: "لا صيغة للعموم"». قال الشيخ [[أبو محمد الجويني]]: «ونقل مخالفته أصول الشافعي ونصوصه وربما ينسب المبتدعون إليه ما هو بريء منه كما نسبوا إليه أنه يقول: ليس في المصحف قرآن، ولا في القبور نبي، وكذلك الاستثناء في الإيمان ونفي قدرة الخالق في الأزل، وتكفير العوام، وإيجاب علم الدليل عليهم. وقد تصفحت ما تصحفت من كتبه، وتأملت نصوصه في هذه المسائل فوجدتها كلها خلاف ما نسب إليه». وقال [[ابن فورك]] في كتاب شرح كتاب [[مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين|المقالات]] للأشعري في مسألة تصويب المجتهدين: «اعلم أن شيخنا أبا الحسن الأشعري يذهب في الفقه ومسائل الفروع وأصول الفقه أيضا [[مذهب الشافعي]] ونص قوله في كتاب التفسير في باب إيجاب قراءة الفاتحة على المأموم: خلاف قول أبي حنيفة، والجهر بالبسملة: خلاف قول مالك، وفي إثبات آية البسملة في كل سورة آية منها قرآنا منزلا فيها، ولذلك قال في كتابه في أصول الفقه بموافقة أصوله».<ref name="الزركشي">البحر المحيط للزركشي، المقدمة فصل أول من صنف في الأصول ج1 ص18 و19 و20، دار الكتبي ط1، سنة 1414/ 1994م.</ref>
 
من جهة أخرى فقد قيل إن أول من صنف في علم أصول الفقه وضبط القواعد هما: [[أبو يوسف]]، [[محمد بن الحسن الشيباني|ومحمد]] تلميذا [[أبو حنيفة النعمان|أبي حنيفة]]، وقيل: بل [[أبو يوسف]] وحده هو أول من صنف في علم أصول الفقه، إلا أنه لم يصل من ذلك شيء من الكتب في هذا المجال. وفي قول ثالث: إن أول من كتب في أصول الفقه هو [[أبو حنيفة النعمان]] حيث كتب كتاباً أسماه كتاب الرأي، ولكن لم يصل من ذلك شيء،<ref name="books.google.com"/> والذي اشتهر قديما وحديثا: أن الشافعي أول من دون في علم أصول الفقه، وكتب فيه بصورة مستقلة في كتابه المشهور: [[الرسالة في أصول الفقه|الرسالة]] -وهو كتاب متداول مطبوع- وقد صرح بذلك جمع كابن خلكان وابن خلدون.<ref>[http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=27124 إسلام ويب مركز الفتوى] (من هو أول من صنف في أصول الفقه؟). {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180119120121/http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=27124 |date=19 يناير 2018}}</ref> قال الرازي: «اتفق الناس على: إن أول صنف في هذا العلم -أي: علم أصول الفقه- الشافعي، وهو الذي رتب أبوابه وميز بعض أقسامه من بعض وشرح مراتبها في القوة والضعف». وروى: أن عبد الرحمن بن مهدي التمس من الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا يذكر فيه شرائط الاستدلال بالقران والسنة، والإجماع والقياس، وبيان الناسخ والمنسوخ ومراتب العموم والخصوص فوضع الشافعي رضى الله عنه: «الرسالة» وبعثها إليه، فلما قرأها عبد الرحمن بن المهدي قال: ما أظن أن الله عز وجل خلق مثل هذا الرجل.<ref>[http://islamport.com/w/usl/Web/940/3.htm الإبهاج للسبكي ج1 ص4 العلمية بيروت] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170225130101/http://islamport.com/w/usl/Web/940/3.htm |date=25 فبراير 2017}}</ref><ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-8180/page-9 الرسالة للإمام الشافعي تحقيق أحمد شاكر المقدمة ص11] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170718231521/http://shamela.ws:80/browse.php/book-8180/page-9 |date=18 يوليو 2017}}</ref>
 
قال الرازي: «واعلم: أن نسبة الشافعي إلى علم الأصول كنسبة ارسططاليس إلى علم المنطق وكنسبة الخليل بن أحمد إلى علم العروض».<ref>مناقب الشافعي للرازي ج1 ص57.</ref> بمعنى أنه أول من جمع كتابا شاملا حول هذا الموضوع بالذات، ف[[الخليل بن أحمد]] هو أول من وضع علم العروض، وصاغ قواعده، وقد كان نظم الشعر قبله يعتمد على القريحة وبمجرد الطبع. وكذلك قبل الإمام الشافعي، وأضاف [[فخر الدين الرازي]]: كان الذين يتكلمون في مسائل أصول الفقه ويستدلون ويعترضون، ولكن ما كان لهم قانون كلي مرجوع إليه في معرفة دلائل الشريعة وفي كيفية معارضتها، وترجيحاتها، فاستنبط الشافعي علم (أصول الفقه) ووضع للخلق قانونا كليا يرجع إليه في معرفة أدلة الشرع.<ref>مناقب الشافعي للرازي نفس المرجع السابق</ref><ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-8180/page-11 الرسالة للإمام الشافعي (المقدمة) ج1 ص13 المحقق أحمد شاكر] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207113846/http://shamela.ws/browse.php/book-8180/page-11 |date=07 فبراير 2017}}</ref>
ويقول الرازي: «واعلم إن الشافعي صنف كتاب: الرسالة ببغداد ولما رجع إلى مصر أعاد تصنيف كتاب: الرسالة وفي كل واحد منهما علم كثير».<ref>مناقب الشافعي للرازي ص 89 ـ102</ref><ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-9995/page-430 تاريخ التشريع الإسلامي مناع خليل ج1 ص317] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207114109/http://shamela.ws/browse.php/book-9995/page-430 |date=07 فبراير 2017}}</ref>
وفي كتب طبقات الفقهاء للقاضي شمس الدين العثماني الصفدي: «وابتكر الشافعي ما لم يسبق إليه من ذلك أصول الفقه فانه أول من صنف أصول الفقه بلا خلاف».
قال صاحب كتاب كشف الظنون: «وأول من صنف فيه الإمام الشافعي» ذكره الأسنوي في التمهيد وحكى الإجماع فيه.<ref>كشف الظنون ص 334</ref>
سطر 182:
الأصول التي يبنى عليها الفقه هي الأدلة الإجمالية للفقه أو هي: أدلة الأحكام الشرعية، قال [[أبو حامد الغزالي]] في أدلة الأحكام وهي أربعة: الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل المقرر على النفي الأصلي، فأما [[قول الصحابي]] وشريعة ما قبلنا فمختلف فيه.<ref name="المستصفى">المستصفى، [[محمد بن محمد الغزالي]] المستصفى القطب الثاني في أدلة الأحكام، دار الكتب العلمية، سنة النشر: 1413 هـ/1993م رقم الطبعة: ط1</ref> والأصل الأول من أصول الأدلة: كتاب الله تعالى، ثم [[أدلة الفقه#السنة|السنة]] ثم الإجماع ثم القياس،<ref name="إرشاد الفحول"/> قال [[بدر الدين الزركشي]]: اختلف العلماء في عدد الأصول التي يبنى عليها الفقه، فالجمهور على أنها أربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. قال [[الإمام الرافعي|الرافعي]] في باب القضاء: وقد يقتصر على الكتاب والسنة، ويقال: الإجماع يصدر عن أحدهما، والقياس الرد إلى أحدهما فهما أصلان. قال في المطلب: وفيه منازعة لمن جوز انعقاد الإجماع لا عن إمارة، ولا عن دلالة، وجوز القياس على المحل المجمع عليه. قال أبو حامد الغزالي في [[المستصفى في علم أصول الفقه|المستصفى]]: «واعلم أنا إذا حققنا النظر بأن أن أصل الأحكام واحد، وهو قول الله تعالى، إذ قول الرسول {{صلى الله عليه وسلم}} ليس بحكم ولا ملزم، بل هو مخبر عن الله تعالى أنه حكم بكذا وكذا، فالحكم لله تعالى وحده، والإجماع يدل على السنة، والسنة على حكم الله تعالى. وأما العقل فلا يدل على الأحكام الشرعية، بل يدل على نفي الأحكام عند انتفاء السمع، فتسمية العقل أصلا من أصول الأدلة تجوز على ما يأتي تحقيقه».<ref name="المستصفى"/> وفي كلامه: أنا إذا نظرنا إلى ظهور الحكم في حق من تعلق به؛ فلا يظهر إلا بقول الرسول إذ لا يصل إلينا ما جاء من عند الله إلا بواسطته، فباعتبار المظهر لهذه الأحكام فهو قول الرسول فقط، إذ الإجماع يدل على أنهم استندوا إلى قوله. وإن اعتبرنا السبب الملزم فهو واحد وهو حكم الله تعالى، لكن إذا لم نجرد النظر وجمعنا المدارك صارت الأصول التي يجب النظر فيها أربعة كما سبق.<ref name="المستصفى"/> واختصر بعضهم فقال: أصل ومعقول أصل، فالأصل للكتاب والسنة والإجماع، ومعقول الأصل هو القياس.
 
قال [[ابن السمعاني]]: وأشار [[الشافعي]] إلى أن جماع الأصول نص ومعنى، فالكتاب والسنة والإجماع داخل تحت النص، والمعنى هو [[قياس (إسلام)|القياس]]، وزاد بعضهم العقل فجعلها خمسة. وقال أبو العباس بن القاص: الأصول سبعة: الحس، والعقل، والكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، واللغة. قال الزركشي: والصحيح: أنها أربعة، وأما العقل: فليس بدليل يوجب شيئا أو يمنعه، وإنما تدرك به الأمور فحسب، إذ هو آلة العارف، وكذلك الحس لا يكون دليلا بحال؛ لأنه يقع به درك الأشياء الحاضرة. وأما اللغة: فهي مدركة اللسان، ومطية لمعاني الكلام، وأكثر ما فيه معرفة سمات الأشياء ولا حظ له في إيجاب شيء.<ref>البحر المحيط للزركشي، تعريف أصول الفقه ج1 ص28، دار الكتبي ط14، سنة 1414/ 1994م.</ref> وقال الجيلي في الإعجاز: أنها أربعة: الكتاب والسنة والقياس ودليل البقاء على النفي الأصلي، وردها القفال الشاشي إلى واحد فقال: أصل السمع هو كتاب الله تعالى، وأما السنة والإجماع والقياس فمضاف إلى بيان الكتاب؛ لقوله تعالى: {{قرآن|تبيانا لكل شيء}} وقوله: {{قرآن|ما فرطنا في الكتاب من شيء}}. وفي الحديث: «ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه».<ref name="إرشاد الفحول1">{{مرجع كتاب|المؤلف1=محمد بن علي الشوكاني|وصلة المؤلف=الشوكاني|العنوان=إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، المقصد الثاني في السنة، البحث الثاني في استقلال السنة بالتشريع ج1|الصفحة=132 إلى 134|المسار=http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=100&ID=40&idfrom=33&idto=63&bookid=100&startno=1|الإصدار=دار السلام|الطبعة=|السنة=1418 هـ 1998م|تاريخ الوصول=25/ [[المحرم]]/ [[1438 هـ]]}}</ref> روي عن [[ابن مسعود]] أنه لعن الواصلة والمستوصلة، وقال: «ما لي لا ألعن من لعنه الله». فقالت امرأة: قرأت كتاب الله فلم أجد فيه ما تقول، فقال: «إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه {{قرآن|وما آتاكم [[محمد|الرسول]] فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}} وأن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} لعن الواصلة والمستوصلة».<ref>[http://library.islamweb.net/NEWLIBRARY/display_book.php?flag=1&bk_no=4&ID=3639 سنن أبي داود، كتاب الترجل، باب صلة الشعر، حديث رقم: (4168)] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170207112951/http://library.islamweb.net/NEWLIBRARY/display_book.php?flag=1&bk_no=4&ID=3639 |date=07 فبراير 2017}}</ref> وجاء في رواية مسلم بلفظ: «لعن الله الواصلة والمستوصلة».<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=6439&idto=6453&bk_no=53&ID=1008 شرح مسلم للنووي كتاب اللباس والزينة حديث رقم: (2122)] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170726122802/http://library.islamweb.net:80/newlibrary/display_book.php?idfrom=6439&idto=6453&bk_no=53&ID=1008 |date=26 يوليو 2017}}</ref> فأضاف عبد الله بن مسعود بلطيف حكمته قول الرسول إلى كتاب الله، وعلى هذا إضافة ما أجمع عليه مما لا يوجد في الكتاب والسنة نصا. قال بدر الدين الزركشي: «قلت: ووقع مثل ذلك للشافعي في مسألة قتل المحرم للزنبور». قال الأستاذ أبو منصور: وفي هذا دليل على أن الحكم المأخوذ من السنة أو الإجماع أو القياس مأخوذ من كتابه سبحانه؛ لدلالة كتابه على وجوب اتباع ذلك كله.<ref>البحر المحيط للزركشي، (تعريف أصول الفقه) ج1 ص28 و29، دار الكتبي ط14، سنة [[1414 هـ]]/ 1994م.</ref>
 
=== الأدلة ===
سطر 245:
===الإجماع===
{{طالع أيضا|الإجماع}}
الإجماع هو الأصل الثالث من أصول الفقه ويطلق في اللغة على أحد معنيين هما: التصميم على الأمر والعزم على فعله وإمضائه، ومنه قوله تعالى على لسان نوح: {{قرآن|فأجمعوا أمركم وشركائكم..}} الآية. وقوله تعالى في شأن أخوة يوسف: {{قرآن|وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون}} ومنه قول الرسول: «من لم يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له».<ref>رواه أحمد في مسنده والنسائي وأبو داود</ref> ومن معانيه التواطؤ والاتفاق فيقال: أجمع الناس على كذا أي اتفقوا عليه. وفي الاصطلاح عرفه [[بدر الدين الزركشي]] بقوله: «اتفاق مجتهدي أمة محمد {{صلى الله عليه وسلم}} بعد وفاته في حادثة، على أمر من الأمور في عصر من الأعصار».<ref>[http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?idfrom=1173&idto=1173&bk_no=35&ID=956 البحر المحيط لبدر الدين الزركشي، كتاب الإجماع ج6 ص379 و380] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20170212093037/http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?idfrom=1173&idto=1173&bk_no=35&ID=956 |date=12 فبراير 2017}}</ref> فيختص بكونه من أهل الاجتهاد، أما العوام فلا عبرة بوفاقهم ولا بخلافهم ولا يعد دليلا شرعيا، وكونهم من أمة محمد، فخرج به اتفاق الأمم السابقة، وبعد وفاته، على أمر من الأمور الحادثة فخرج بالحادثة: انعقاد الإجماع على الحكم الثابت بالنص والعمل به، وكونه: على أمر من الأمور، يتناول الشرعيات والعقليات والعرفيات واللغويات.<ref name="البحر">{{مرجع كتاب|المؤلف1=بدر الدين ابن محمد بهادر الزركشي|وصلة المؤلف1=بدر الدين الزركشي|العنوان=البحر المحيط، كتاب الإجماع (الفصل الأول)|الصفحة=378 وما بعدها|الناشر=دار الكتبي|السنة=1414 هـ/1994م|الإصدار=الأولى|المسار=http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?idfrom=1173&idto=1249&bk_no=35&ID=954}}</ref> وقد كان [[فقهاء الصحابة]] يجتهدون فيما يستجد وما يطرأ من معضلة وكان الخلفاء يستشيرونهم وانعقد إجماع الصحابة في مسائل مثل إجماعهم على وجوب تنصيب خليفة للمسلمين وجمع القرآن في مصحف واحد وغير ذلك، وقد اهتم العلماء بالكتابة عن معاقد الإجماع وبيان أحكامه.<ref>انظر كتاب المستصفى للغزالي 1/112</ref> ومباحثه في النظر في مسماه لغة واصطلاحا، وفي إمكانه في نفسه، وفي جواز العلم به، وجواز نقله، ثم في كونه حجة، وبماذا ثبتت حجيته، ثم في كونه قطعيا، ثم في استحالة الخطأ فيه، ثم في وجوب العمل به، ثم في استصحابه بعد ثبوته، وفي كونه من خصائص هذه الأمة، وغيرها من مباحث الأحكام المتعلقة به في علم أصول الفقه. والمجمع عليه هو ما يكون الإجماع فيه دليلا وحجة وهو كل أمر ديني لا يتوقف ثبوت حجة الإجماع على ثبوته.<ref>البحر المحيط ج6 ص492</ref>
 
==== أحكام الإجماع ====
سطر 259:
=== القياس ===
{{طالع أيضا|قياس (إسلام)}}
'''القياس''' في علم أصول الفقه هو الدليل الرابع من أدلة [[الفقه الإسلامي]] بعد [[القرآن|الكتاب]] و[[حديث نبوي|السنة]] و[[الإجماع]]، وإنما يعد دليلا شرعيا عند عدم وجود دليل شرعي للحكم من نص من الكتاب والسنة والإجماع، فلا قياس مع النص.<ref>[http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?idfrom=1270&idto=1270&bk_no=35&ID=1010 البحر المحيط للزركشي، كتاب القياس، ج7 ص45 و46] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20171201041758/http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?idfrom=1270&idto=1270&bk_no=35&ID=1010 |date=01 ديسمبر 2017}}</ref> والقياس دليل ثبت تقرير العمل به بأدلة شرعية ومن أشهر ما يدل عليه من القرآن قوله تعالى: {{قرآن|فاعتبروا يا أولي الأبصار}} وقد سئل أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وهو من أئمة اللسان عن "الاعتبار" فقال: أن يعقل الإنسان الشيء فيعقل مثله. فقيل: أخبرنا عمن رد حكم حادثة إلى نظيرها أيكون معتبرا؟ قال: نعم هو مشهور في كلام العرب. حكاه البلعمي في كتاب: «الغرر في الأصول». ونقل القاضي أبو بكر في "التقريب": اتفاق أهل اللغة على أن الاعتبار اسم يتناول تمثيل الشيء بغيره واعتباره به، وإجراء حكمه عليه، والتسوية بينهما في ذلك، وإنما سمي الاتعاظ والفكر اعتبارا؛ لأنه مقصود به التسوية بين الأمر ومثله، والحكم فيه بحكم نظيره، ولولا ذلك لم يحصل الاتعاظ والازدجار عن الذنب بنزول العذاب والانتقام بأهل الخلاف والشقاق، ثم حكي ما سبق عن ثعلب.
 
واحتج الشافعي رحمه الله تعالى في «[[الرسالة في أصول الفقه|الرسالة]]» بقوله تعالى: {{قرآن|فجزاء مثل ما قتل من النعم}} وقال: فهذا تمثيل الشيء بعدله وقال: {{قرآن|يحكم به ذوا عدل منكم}} وأوجب المثل ولم يقل أي مثل فوكل ذلك إلى اجتهادنا، وأمرنا بالتوجه إلى القبلة بالاستدلال فقال: {{قرآن|وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}} واحتج ابن سريج في الودائع بقوله تعالى: {{قرآن|ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}} فأولو الأمر هم العلماء، والاستنباط هو القياس، فصارت هذه الآية كالنص في إثباته. وقوله تعالى: {{قرآن|إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها}} الآية؛ لأن القياس تشبيه الشيء فإذا جاز من فعل من لا تخفى عليه خافية ليريكم وجه ما تعلمون فهو ممن لا يخلو من الجهالة والنقص أجوز. واحتج غيره بقوله تعالى: {{قرآن|قال من يحيي العظام وهي رميم{{آية|78}} قل يحييها الذي أنشأها أول مرة.}} فهذا صريح في إثبات الإعادة قياسا. وقال الزركشي: واحتج أصحابنا بقوله تعالى: {{قرآن|لعلمه الذين يستنبطونه منهم}} قال: والاستنباط مختص بإخراج المعاني من ألفاظ النصوص، مأخوذ من استنباط الماء إذا استخرج من معدنه.<ref name="البحر المحيط">{{مرجع كتاب|المؤلف1=بدر الدين بن محمد بهادر الزركشي|العنوان=البحر المحيط كتاب القياس الباب الثالث في وجوب العمل بالقياس ج7|الصفحة=27 وما بعدها|الناشر=دار الكتبي|السنة=1414 هـ/ 1994م|الإصدار=الأولى}}</ref>
سطر 274:
==الاجتهاد==
{{طالع أيضا|اجتهاد}}
'''الاجتهاد''' عند علماء أصول الفقه هو «بذل الجهد في إدراك الأحكام الشرعية» أو هو: «بذل الجهد في تعرف [[الحكم الشرعي]]»، ويقابله: [[تقليد (إسلام)|التقليد]].<ref>شرح مختصر الروضة، نجم الدين أبو الربيع سليمان الطوسي، ج3 ص575 الاجتهاد،[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=682&idto=683&bk_no=98&ID=33شرح مختصر الروضة]</ref> والاجتهاد إما تام أو ناقص، فالتام هو: «استفراغ القوة النظرية حتى يحس الناظر من نفسه العجز عن مزيد طلب»، والناقص هو: «النظر المطلق في تعرف الحكم». وهناك شروط وتفاصيل مذكورة في علم أصول الفقه.<ref name="الموافقات للشاطبي">الموافقات للشاطبي (كتاب الاجتهاد) ج5 ص5 وما بعدها [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=372&idto=406&bk_no=99&ID=487 الموافقات] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20180119060656/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=372&idto=406&bk_no=99&ID=487 |date=19 يناير 2018}}</ref> روى [[الترمذي]] و[[أبو داود]] و[[الدارمي السمرقندي|الدارمي]]: {{حديث|عن [[معاذ بن جبل]]: أن [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}} لما بعثه إلى [[اليمن]] قال: «{{أخضر|كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟}}» قال: أقضي بكتاب الله، قال: «{{أخضر|فإن لم تجد في كتاب الله؟}}» قال: فبسنة رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، قال: «{{أخضر|فإن لم تجد في سنة رسول الله؟}}» قال: أجتهد رأيي ولا آلو، قال: فضرب رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} على صدره، وقال: «{{أخضر|الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى به رسول الله}}»}}.<ref>مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي القاري. كتاب الإمارة والقضاء، باب العمل في القضاء والخوف منه، رقم: (3737) ص: 2428 و2429، دار الفكر، سنة: 1422 هـ/ 2002 م</ref> وفي الحديث: دليل على إقرار معاذ بن جبل على الاجتهاد، وشهادة له بتلك الأهلية حيث بعث واليا وقاضيا في اليمن، وفيه امتحان له بسؤاله كيف يقضي إذا عرض له قضاء؟ وقد أجاب معاذ بن جبل بأنه يقضي بكتاب الله فإن لم يجد فبسنة رسول الله، فإن لم يجد فيهما اجتهد. ومعنى قوله: أجتهد رأيي: أي أطلب حكم تلك الواقعة بالقياس على المسائل التي جاء فيها نص وأحكم فيها بمثل المسألة التي جاء فيها نص لما بينهما من المشابهة. ومعنى ولا آلو: ما أقصر للاعتمال والسعي وبذل الوسع، ونسبته إلى الرأي.
 
قال الخطابي: لم يرد به الرأي الذي يسنح له من قبل نفسه أو يخطر بباله على غير أصل من كتاب أو سنة، بل أراد رد القضية إلى معنى [[قرآن|الكتاب]] [[الحديث|والسنة]] من طريق [[قياس (فقه)|القياس]] وفي هذا إثبات للحكم بالقياس. قال الطيبي: «فيه استصواب منه {{صلى الله عليه وسلم}} لرأيه في استعماله» وهذا معنى قولهم: كل مجتهد مصيب، ولا ارتياب أن المجتهد إذا كدح في التحري وأتعب القريحة في الاستنباط استحق أجرا لذلك، وهذا بالنظر إلى أصل الاجتهاد، فإذا نظر إلى الجزئيات، فلا يخلو من أن يصيب في مسألة من المسائل، أو يخطيء فيها، فإذا أصاب ثبت له أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإن أخطاء فله أجر واحد هو أجر الاجتهاد ولا شيء عليه في في الخطأ.<ref>مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان محمد القاري. كتاب الإمارة والقضاء، باب العمل في القضاء والخوف منه، رقم: (3737) ص: 2428 و2429، دار الفكر، سنة: 1422 هـ/ 2002 م</ref>
سطر 289:
 
=== مفهوم القول بالرأي في الاجتهاد ===
لا يكون الاجتهاد إلا فيما يعرض من إشكالات وفيما هو غامض أو من الدقائق الخفية عند عدم وجود نص شرعي يدل عليه بعينه، ولا يكون الاجتهاد بالرأي إلا في هذه الحالة، فلا رأي في ثبوت نص ثابت، ولا في أمر مجمع عليه، والمقصود بالرأي في الحكم الشرعي: المستند إلى دليل شرعي ووفق شروط مخصوصة لل[[اجتهاد]]، وممن لديه أهلية الاجتهاد. أما إذا كان مجرد رأي عادي فهو موصوف بالخطأ دائما، وعليه يحمل قول [[علي بن أبي طالب]]: {{اقتباس مضمن|لو كان الدين بالرأي لكان مسح الخف من أسفله أولى بالمسح من أعلاه..}}.<ref>حاشية الزرقاني على الموطأ [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=153&idto=156&bk_no=77&ID=22 شرح الموطأ] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161120005629/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=153&idto=156&bk_no=77&ID=22 |date=20 نوفمبر 2016}}</ref> فالاجتهاد والإفتاء لا يكون بالرأي الشخصي وإن وافق الحق. وفي الحديث: {{حديث|عن جندب قال قال رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: {{أخضر|من قال في كتاب الله عز وجل برأيه فأصاب؛ فقد أخطأ}}}}.<ref>عون المعبود شرح سنن أبي داود، محمد شمس الحق العظيم آبادي، كتاب العلم، (باب فضل نشر العلم)، رقم: (3652) ص67. دار الفكر، 1415 هـ/ 1995 م.</ref> وسبب الخطأ: تقديم الرأي على الشرع، وكون الحكم مبنيا على اتباع الهوى، وعدم وجود الأهلية. ومن تعلم أو قرأ شيئا من العلم؛ لا يجوز له الإقدام على الإفتاء في الأحكام الشرعية؛ لأن الأحكام الظاهرة قد تأخذ منحى آخر ربما يقصر فهمه عن إدراكة، فقد أصيب رجل بشج وصل إلى باطن رأسه، فأصابته جنابة فسأل عن الحكم، فقيل له: عليك الاغتسال بتعميم جميع البدن ولا مخرج لك من ذلك، وكانت الفتوى أخذا بظاهر الشرع، فاغتسل الرجل فوصل الماء إلى دماغه فمات، وقد جاء في ذلك حديث،<ref group=".">{{حديث|عن عطاء عن جابر قال خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب شك موسى على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده.}} رواه أبو داود.</ref> يدل على ذلك، وجاء في الحديث: {{حديث|قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب -شك موسى- على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده.}}<ref>سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، حديث رقم: (336)، ج1 ص: 93. [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=4&ID=284 سنن أبي داود] {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161002025404/http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=4&ID=284 |date=02 أكتوبر 2016}}</ref>
 
===مراتب الاجتهاد===
سطر 295:
'''مراتب الاجتهاد''' هي درجات ومراتب علمية محددة في [[الفقه]] وأصوله، ويقصد بها ترتيب المستويات العلمية للمجتهدين ودرجاتهم. وقد ذكر علماء الشرع الإسلامي مراتب الفقهاء، وبينوا خصائص كل صنف من المجتهدين وشروطه في الاجتهاد، كما قسم العلماء مراتب المجتهدين إلى قسمين أساسيين وهما: المجتهد المستقل وغير المستقل، فالمجتهد المستقل أو المجتهد المطلق المستقل، هو الذي بلغ رتبة [[الاجتهاد]] في جميع أبواب الشرع وفق شروط محددة لذلك، وتعد رتبة المجتهد المستقل من أعلى [[مراتب الاجتهاد]]، فالمستقل ك[[الأئمة الأربعة]]، وغير المستقل هو المنتسب إلى مذهب إمام من أئمة المذاهب الفقهية.<ref>أدب المفتي والمستفتي ل[[ابن الصلاح]]، ج1 ص21 إلى ص25.</ref> وقد فقد الاجتهاد المستقل في القرن الرابع الهجري، ولم يبق إلا اجتهاد المنتسبين إلى المذاهب الفقهية، الذين عملوا في استكمال بناء المذاهب الفقهية، حتى نضج [[علم فروع الفقه]] خصوصا في العصور المتأخرة، فالمسائل والأحكام الفقهية ومعاقد الإجماع أصبحت مقررة، والفقهاء بعد الانتهاء من تمهيد الأحكام مقلدون لأئمة مذاهبهم في الأحكام المفروغ منها.
 
قال [[السيوطي]]: وقد نص العلماء ك[[ابن الصلاح]] و[[النووي]] وغيرهما على وجود اختلاف بين [[مراتب الاجتهاد]]، وأنه من دهر طويل فقد المجتهد المستقل، ولم يبق إلا المجتهدون المنتسبون إلى المذاهب.<ref>إرشاد المهتدين ج1 ص14</ref> وقرروا أن المجتهدين أصناف: مجتهد مطلق مستقل، ومجتهد مطلق منتسب إلى إمام من الأئمة، كالمنتسبين إلى [[الأئمة الأربعة]]، ومجتهد مقيد.<ref>[http://islamport.com/w/usl/Web/3359/14.htm إرشاد المهتدين] ج1 ص14 {{Webarchive|url=http://web.archive.org/web/20161103235443/http://islamport.com/w/usl/Web/3359/14.htm |date=03 نوفمبر 2016}}</ref> وأن الصنف الأول فقد من القرن الرابع الهجري، ولم يبق إلا الصنفان الآخران: المطلق المنتسب والمقيد. وقال السيوطي: وممن نص على ذلك من [[شافعية|أصحابنا]] أيضا [[ابن برهان]] في الوجيز، ومن المالكية [[ابن المنير السكندري|ابن المنير]]، وذكر السيوطي عباراتهم وعبارات غيرهم في كتاب الرد على من أخلد على الأرض.<ref>إرشاد المهتدين للسيوطي، ج1 ص15، الرد على من أخلد إلى الأرض للسيوطي ج1 ص113.</ref>
 
===الإفتاء===