أصول الفقه: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:إضافة طلب توضيح v2
سطر 5:
أو هو: «علم يبحث في أدلة [[فقه إسلامي|الفقه]] الإجمالية وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد (المجتهد)»، ويبين كيفية استنباط الحكم من دليله، كاستنباطه من صراحة نص الآية القرآنية، أو [[حديث نبوي|الحديث النبوي]]، أو من مفهومهما، أو من [[قياس (إسلام)|القياس]] عليهما، أو بغير ذلك، وعلم أصول الفقه يبحث في الأدلة بصفتها الإجمالية، وخصائص كل نوع منها وكيفية ارتباط أنواعها ببعض، والقواعد والشروط التي تبين للفقيه المسلك الذي يجب عليه أن يلتزمه في استخراج الأحكام من أدلتها.
 
كانت أصول الفقه معرفة حاضرة في أذهان [[فقهاء الصحابة]] والتابعين في الصدر الأول، حيث لم يكونوا بحاجة لعلم قواعد الاستدلال التي أخذت معظمها عنهم؛ لأنهم أصحاب ملكة لسانية، وخبرتهم في معرفة نقل الشرع وقرب العصر،<ref name="ابن خلدون">{{مرجع كتاب|المؤلف1=ابن خلدون المتوفى: 852 هـ.|العنوان=تاريخ ابن خلدون ج1|الصفحة=454 إلى 456|المسار=http://islamport.com/w/tkh/Web/912/456.htm|الناشر=|الطبعة=|السنة=1419 هـ 1989 م|تاريخ الوصول=25/ [[المحرم]]/ [[1438 هـ]]}}</ref> وبعد انتهاء فترة الصدر الأول وظهور عصر تدوين العلوم احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل قوانين الاستنباط وقواعده لاستفادة الأحكام من الأدلة فكتبوها فنا قائما برأسه سموه أصول الفقه. قال [[ابن خلدون]]: «وكان أول من كتب فيه [[الشافعي]] رضي الله تعالى عنه، أملى فيه [[الرسالة في أصول الفقه|رسالته]] المشهورة تكلم فيها في [[أمر|الأوامر]] [[نهي|والنواهي]] والبيان والخبر والنسخ وحكم العلة المنصوصة من [[قياس (إسلام)|القياس]]، ثم كتب فقهاء [[الحنفية]] فيه وحققوا تلك القواعد وأوسعوا القول فيها وكتب المتكلمون أيضا كذلك».<ref name="ابن خلدون"/> وفي مصادر أخرى فقد قيل إن أول من صنف في علم أصول الفقه وضبط القواعد: [[أبو يوسف]]، [[محمد بن الحسن الشيباني|ومحمد]] تلميذا [[{{المقصود|أبي حنيفة]]|أبي حنيفة}}، وقيل: بل [[أبو يوسف]] وحده، وقيل: بل هو [[أبو حنيفة النعمان]] حيث كتب كتاباً أسماه كتاب الرأي، ولكن لم يصل من ذلك شيء،<ref name="books.google.com">[https://books.google.com/books?id=JD1GCwAAQBAJ&pg=PT17&lpg=PT17&dq=كشف+الظنون+أول+من+صنف+أصول+الفقه&source=bl&ots=b4AM_vZGJI&sig=oAitEBmzlrIyvi51wnnj1uaxfVY&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiWwNys4PTRAhUoKsAKHYJ8Ao8Q6AEIJDAC#v=onepage&q=%D9%83%D8%B4%D9%81%20%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%86%D9%88%D9%86%20%D8%A3%D9%88%D9%84%20%D9%85%D9%86%20%D8%B5%D9%86%D9%81%20%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D9%87&f=false الوجيز في أصول الفقه عبد الكريم زيدان، ج1 ص16]</ref> والذي اشتهر قديما وحديثا: أن الشافعي أول من دون في علم أصول الفقه، وكتب فيه بصورة مستقلة في كتابه المشهور: «[[الرسالة في أصول الفقه|الرسالة]]» -وهو كتاب متداول مطبوع- وقد صرح بذلك جمع كابن خلكان وابن خلدون.<ref name="إسلام ويب">{{مرجع كتاب|المؤلف1=مركز الفتوى.|العنوان=موقع إسلام ويب، (من هو أول من صنف في أصول الفقه)|الصفحة=|المسار=http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=27124|الناشر=إسلام ويب|الطبعة=|السنة=1419 هـ 1989 م|تاريخ الوصول=25/ [[المحرم]]/ [[1438 هـ]]}}</ref>
 
وأدلة الفقه الإجمالية: [[أدلة الفقه#الكتاب|الكتاب]] [[أدلة الفقه#السنة|والسنة]] [[إجماع (فقه)|والإجماع]] [[قياس (إسلام)|والقياس]]، وهذه الأربعة الأدلة هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء،<ref name="إرشاد الفحول"/> وما عداها من الأدلة مختلف في تفاصيل الاستدلال بها، لا في إنكارها بالكلية، وتشمل: [[استصحاب]] الحال، وال[[استحسان]] [[مصالح مرسلة|والمصالح المرسلة]]، [[عرف (إسلام)|والعرف]]، و[[عمل أهل المدينة]] عند [[المالكية]]، و[[قول الصحابي]].<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1=تقي الدين أبو البقاء الفتوحي|العنوان=شرح الكوكب المنير (أدلة الفقه المتفق عليها)|الناشر=مطبعة السنة المحمدية|الصفحة=163|المسار=http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=32&ID=140|تاريخ الوصول=25/ [[المحرم]]/ [[1438 هـ]]}}</ref>
سطر 37:
{{مفصلة|فقه}}
[[ملف:Mustansiriya University CPT.jpg|تصغير|200بك|مبنى المدرسة المستنصرية التاريخي في بغداد]]
حيث أن «أصول الفقه» مركب من جزئين والجزء الثاني هو: «[[الفقه]]»، ومعناه في [[تعريف لغوي|اللغة]] الفهم. وبالمعنى الشرعي هو: «معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد»، كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة، وأن الوتر [[مندوب]]، وأن ال[[{{المقصود|نية]]|نية}} من الليل شرط في [[صوم رمضان]]، وأن [[الزكاة]] واجبة في مال الصبي، وغير واجبة في الحلي المباح، وأن القتل بمثقل يوجب القصاص، ونحو ذلك من مسائل الخلاف، بخلاف ما ليس طريقه [[الاجتهاد]]، كالعلم بأن الصلوات الخمس واجبة، وأن الزنا [[حرام]]، وغير ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى فقها، فالمعرفة هنا العلم بمعنى الظن.<ref>متن الورقات.</ref> والْفِقْهُ في اللغة: الْفَهْمُ للشيء والعلم به، وفهم الأحكام الدقيقة والمسائل الغامضة، وهو في الأصل مطلق الفهم، وغلب استعماله في العرف مخصوصا [[علوم شرعية|بـعلم الشريعة]]؛ لشرفها على سائر العلوم،<ref name="مختار الصحاح">مختار الصحاح، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي. حرف الفاء (فقه). المكتبة العصرية -الدار النموذجية، 1420 هـ/ 1999 م</ref> وتخصيص اسم الفقه بهذا الاصطلاح حادث، واسم الفقه يعم جميع الشريعة التي من جملتها ما يتوصل به إلى معرفة الله ووحدانيته وتقديسه وسائر صفاته، وإلى معرفة أنبيائه ورسله عليهم السلام، ومنها علم الأحوال والأخلاق والآداب والقيام بحق العبودية وغير ذلك.<ref name="الزركشي1"/> قال [[بدر الدين الزركشي]]: «وذكر الإمام الغزالي أن الناس تصرفوا في اسم الفقه فخصوه بعلم الفتاوى ودلائلها وعللها» واسم الفقه في العصر الأول كان يطلق على: «علم الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستلاب الخوف على القلب».<ref>[https://books.google.com/books?id=NuxyyqZ8JSEC&pg=PT98&lpg=PT98&dq=علم+الوجدانيات&source=bl&ots=JZxlBBNDY2&sig=CZXvI9fa5rIMNSDOrROdVNDS81s&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwie9e7M6YjRAhXBPxoKHTPbC_kQ6AEIHjAC#v=onepage&q=%D8%B9%D9%84%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%AA&f=false موسوعة: كشف اصطلحات الفنون والعلوم، لمحمد علي التهانوي ص40 و41.]</ref> وعرفه [[{{المقصود|أبو حنيفة]]|أبو حنيفة}} بأنه: «معرفة النفس مالها وما عليها»<ref>نقلا من كتاب مرآة الأصول:44/ 1، التوضيح لمتن التنقيح: 10/ 1. انظر: موسوعة الفقه الإسلامي لوهبة الزحيلي ج1 ص29</ref> وعموم هذا التعريف كان ملائماً لعصر أبي حنيفة الذي لم يكن الفقه فيه قد استقل عن غيره من [[العلوم الشرعية]].<ref>الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الشامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها) المؤلف: أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة، المطلب الأول: (معنى الفقه وخصائصه)، ج1 ص29، الناشر: دار الفكر - سوريَّة - دمشق، الطبعة: الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة)</ref> وعرف [[الشافعي]] الفقه بالتعريف المشهور بعده عند العلماء بأنه: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية».<ref>شرح جمع الجوامع للمحلي، ج1 ص32 ومابعدها، وشرح الإسنوي ج1 ص24، وشرح العضد لمختصر ابن الحاجب، ج1 ص18، ومرآة الأصول ج1 ص50، والمدخل إلى مذهب أحمد، ص58. انظر موسوعة الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي ج1 ص30</ref> وفي اصطلاح علماء أصول الفقه: «العلم بالأحكام الشرعية المكتسبة من أدلتها التفصيلية».<ref name="الزركشي1">البحر المحيط للزركشي، تعريف الفقه ج1 ص30 وما بعدها، دار الكتبي ط14، سنة 1414/ 1994م.</ref> ويسمي في اصطلاح المتأخرين علم الفقه ويطلق في العصور المتأخرة من [[التاريخ الإسلامي]] مخصوصا [[فروع الفقه|بالفروع]]، وهو أحد أنواع [[علوم شرعية|العلوم الشرعية]]، وهو: العلم بالأحكام الشرعية العملية المستمدة من أدلتها التفصيلية.<ref>تعريف الفقه، [http://shamela.ws/browse.php/book-437 موسوعة الفقه المصرية] صادر عن وزارة الأوقاف المصرية.</ref> والفقيه العالم بالفقه، وعند علماء أصول الفقه هو المجتهد.
 
=== المعنى اللغوي ===
'''الفِقْه''' بالمعنى اللغوي الْفَهْمُ، وأصله بالكسر وال[[فعل]] فَقِهَ يَفْقَهُ بكسر القاف في ال[[{{المقصود|ماضي]]|ماضي}} وفتحها في [[المضارع]]، يقال: فَقِهَ الرجل أي: فهم، وال[[{{المقصود|مصدر]]|مصدر}} فِقْهًا، وفلان لا يَفْقَهُ وَلَا يَنْقَه، مادته: '''([[ف|فِ]] [[ق|قْ]] [[هـ]])'''، وهو في الأصل لمعنى: مطلق الْفَهْمُ،<ref>[http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/فقه/ معجم المعاني]</ref> من فَقِهَ -بكسر الوسط- يقال: فَقِهَ الرجل فِقْهًا، وأَفْقَهْتُهُ الشيء، هذا أصله، ثم خص به علم الشريعة، والعالم به فَقِيهٌ، وقد فقه من باب ظرف أي: صار فقيها. وفَقَّهه الله تفقيها، وتفَقَّه إذا تعاطى ذلك، وفاقهه باحثه في العلم.<ref name="مختار الصحاح"/> قال ابن حجر: «يقال: فَقُهَ بالضم إذا صار الفقه له سجية، وفقه بالفتح إذا سبق غيره إلى الفهم، وفَقِهَ بالكسر إذا فهم».<ref>فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، ج71 ص198.</ref> وكلمة «فِقْه» في اللغة مصدر ماضيه في الأصل فَقِهَ -بكسر ال[[قاف]]- بمعنى: فَهْمُ الشي والعلم به مطلقا، أو مخصوصا بفهم الأشياء الغامضة والمسائل الدقيقة، ثم نقل لفظ «فقه» من معناه اللغوي بغلبة الاستعمال في العرف إلى معنى العلم بالدين. قال ابن منظور: «وغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم كما غلب النجم على الثريا والعود على المندل».<ref name="لسان العرب">لسان العرب لابن منظور، ج11 ص221</ref> قال ابن الأثير: «واشتقاقه من الشق والفتح، وقد جعله العرف خاصا بـعلم الشريعة، -شرفها الله تعالى-، وتخصيصا [[علم فروع الفقه|بـعلم الفروع]] منها».<ref>لسان العرب لابن منظور حرف الفاء (فقه) ج11 ص210</ref> قال ابن منظور: «والفقه في الأصل الفهم، يقال: أوتي فلان فقها في الدين أي فهما فيه. قال الله عز وجل: {{قرآن|ليتفقهوا في الدين}}<ref>سورة التوبة آية: 122</ref> أي: ليكونوا علماء به، وفقهه الله، ودعا النبي {{صلى الله عليه وسلم}} لابن عباس فقال: {{حديث|اللهم علمه الدين وفقهه في التأويل}} أي: فهمه تأويله ومعناه، فاستجاب الله دعاءه وكان من أعلم الناس في زمانه بكتاب الله تعالى». وقال ابن سيده: «وفقه عنه بالكسر: فهم، ويقال: فقه فلان عني ما بينت له يفقه فقها إذا فهمه».<ref>لسان العرب لابن منظور حرف الفاء (فقه) ج11 ص210 دار صادر 2003 م</ref> والفقه بمعنى: العلم بالشّيء، والفهم له، والفطنة فيه، وغلب على علم الدين لشرفه، وما ذكر في [[القرآن]] حكاية ما قاله قوم النبي شعيب، في قول الله تعالى: ﴿قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ﴾؛ فهو بمعنى: عدم الفهم مطلقا.<ref name="الزركشي"/> وقيل: هو عبارة عن كلّ معلوم تيقّنه العالم عن فكر.
 
وخصه حملة الشرع بضرب من العلوم، ونقل ابن السمعاني عن ابن فارس: أنه إدراك علم الشيء، وقال الجوهري وغيره: هو الفهم، وقال الراغب هو التوسل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم. وفسر الفهم بمعرفة الشيء بالقلب، والعلم به، يقال: فهمت الشيء عقلته وعرفته، وفهمت الشيء فهما علمته، فلا يقصد فهم المعنى من اللفظ، ولا فهم غرض المتكلم، وقال أبو إسحاق وصاحب اللباب من الحنفية: «فهم الأشياء الدقيقة، فلا يقال: فقهت أن السماء فوقنا». قال القرافي: وهذا أولى؛ ولهذا خصصوا اسم الفقه بالعلوم النظرية، فيشترط كونه في مظنة الخفاء، فلا يحسن أن يقال: فهمت أن الإثنين أكثر من الواحد، ومن ثم لم يسم العالم بما هو من ضروريات الأحكام الشرعية فقيها.<ref name="الزركشي"/> والفقه [[التعريف اللغوي|اللغوي]] مكسور القاف في الماضي والاصطلاحي مضمومها فيه.<ref>رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر ابن عابدين، (مقدمة)، ج1 ص36، طبعة: (د.ط)، دار الكتب العلمية، 1412 هـ/ 1992 م.</ref> يقال: فقه -بالكسر- فهو فاقه إذا فهم، وفقه -بالفتح- فهو فاقه أيضا إذا سبق غيره إلى الفهم، وفقه -بالضم- فهو فقيه إذا صار الفقه له سجية. ونقل الفقه إلى علم الفروع بغلبة الاستعمال كما أشار إليه ابن سيده بقوله: «غلب على علم الدين لسيادته وشرفه كالنجم على الثريا، والعود على المندل».<ref name="الزركشي"/>
سطر 64:
 
والنظر هو الفكر في حال المنظور فيه ليؤدي إلى المطلوب.
والاستدلال طلب الدليل ليؤدي إلى المطلوب فمؤدى النظر والاستدلال واحد لكن جمع إمام الحرمين بينهما في الإثبات والنفي تأكيدا. وال[[{{المقصود|دليل]]|دليل}} هو المرشد إلى المطلوب؛ لأنه علامة عليه.
وال[[ظن]]: تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر عند المجوز. وال[[شك]]: تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر عند المجوز، فالتردد في قيام زيد ونفيه على السواء شك، ومع رجحان الثبوت أو الانتفاء ظن.<ref name="الجلال المحلي"/>
 
سطر 101:
'''الحكم الشرعي الوضعي''' هو: [[الحكم الشرعي]] غير التكليفي. وهو: «ما استفيد بواسطة نصب الشارع علما معرفا لحكمه» ويشمل: [[سبب شرعي|السبب]] والمانع، والشرط، و[[العزيمة والرخصة]]، و[[الصحة والبطلان]]، والقضاء، والأداء، والإعادة.
وهذا هو القسم الثاني من قسمي الأحكام الشرعية وهو: ما يرجع إلى [[خطاب الوضع]] وهو أنواع النوع الأول: في الأسباب، والنوع الثاني: في الشروط، والنوع الثالث: في الموانع، والنوع الرابع: في الصحة والبطلان، والنوع الخامس: في العزائم والرخص.
قال [[{{المقصود|الشاطبي]]|الشاطبي}}: القسم الثاني من قسمي الأحكام وهو يرجع إلى خطاب الوضع، وهو ينحصر في الأسباب والشروط والموانع، والصحة والبطلان، والعزائم والرخص، فهذه خمسة أنواع.<ref name="موافقات">{{مرجع كتاب|المؤلف1=الشاطبي|وصلة المؤلف1=الشاطبي|العنوان=الموافقات القسم الثاني كتاب الأحكام القسم الثاني ما يرجع إلى خطاب الوضع ج1|الصفحة=296 وما بعدها|الناشر=دار ابن القيم دار ابن عفان|المسار=http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=48&idto=115&bk_no=99&ID=64|السنة=1424 هـ/ 2003م|تاريخ الوصول=1/ [[رجب]]/ 1437 هـ}}</ref> قال [[{{المقصود|الشاطبي]]|الشاطبي}}: الأفعال الواقعة في الوجود المقتضية لأمور تشرع لأجلها أو توضع فتقتضيها على الجملة ضربان: أحدهما: خارج عن مقدور المكلف، والآخر: ما يصح دخوله تحت مقدوره، فالأول قد يكون سببا، ويكون شرطا، ويكون مانعا.<ref name="موافقات"/> فالسبب مثل: الاضطرار فإنه يكون سببا في إباحة الميتة، وخوف العنت فإنه يكون سببا في إباحة نكاح الإماء، وزوال الشمس أو غروبها أو طلوع الفجر فإنه يكون سببا في إيجاب تلك الصلوات في تلك الأوقات المحددة لها، ونحو ذلك من الأسباب التي هي مما هو خارج عن مقدور المكلف. والشرط: مثل كون الحول شرطا في إيجاب [[الزكاة]]، والبلوغ شرطا في التكليف مطلقاً، والقدرة على التسليم شرطا في صحة البيع، والرشد شرطا في دفع مال اليتيم إليه، وإرسال الرسل شرطا في الثواب والعقاب، وما كان نحو ذلك من الشروط التي هي مما ليس بمقدور المكلف. والمانع: مثل الحيض من حيث أنه يكون مانعا من الوطء حال الحيض، وكونه مانعا من الطواف بالبيت، ووكونه مانعا من وجوب الصلوات وأداء الصيام، وكون الجنون مانعا من القيام بالعبادات وإطلاق التصرفات، وما أشبه ذلك من الموانع مما ليس بمقدور المكلف، بمعنى: أن غروب الشمس أو حلول الحول مثلا: مما لا يدخل تحت مقدور المكلف.<ref name="موافقات"/>
 
وأما الضرب الثاني وهو ما يصح دخوله تحت مقدور المكلف: فله نظران الأول: من حيث هو مما يدخل تحت [[خطاب التكليف]]، -سواء كان مأمورا به أو منهيا عنه أو مأذونا فيه- من جهة اقتضائه للمصالح أو المفاسد جلبا أو دفعا، مثل البيع والشراء للانتفاع، قال الله تعالى: {{قرآن|وأحل الله البيع وحرم الربا..}}، فاقتضاء جلب المصلحة من حيث أن الله أحل البيع من أجل انتفاع الناس، واقتضاء دفع المفسدة في تحريم [[الربا]]. وأيضا مثل النكاح للنسل، والانقياد للطاعة لحصول الفوز، وما أشبه ذلك.
سطر 120:
قال [[بدر الدين الزركشي]]: «الشافعي رضي الله عنه أول من صنف في أصول الفقه صنف فيه كتاب الرسالة، وكتاب أحكام القرآن، واختلاف الحديث، وإبطال الاستحسان، وكتاب جماع العلم، وكتاب "القياس" الذي ذكر فيه تضليل المعتزلة ورجوعه عن قبول شهادتهم، ثم تبعه المصنفون في الأصول». وقال الإمام [[أحمد بن حنبل]]: «لم نكن نعرف الخصوص والعموم حتى ورد الشافعي». وقال الجويني في شرح الرسالة: «لم يسبق الشافعي أحد في تصانيف الأصول ومعرفتها». وقد حكي عن [[ابن عباس]]: تخصيص عموم، وعن بعضهم: القول بالمفهوم، ومن بعدهم لم يقل في الأصول شئ ولم يكن لهم فيه قدم، فإنا رأينا وكتب السلف من التابعين وتابعي التابعين وغيرهم لم ينقل عنهم فيها أنهم صنفوا فيه.<ref>البحر المحيط، للزركشي، ج1 ص18 و19 دار الكتبي الطبعة الأولى، ومن نسخة خطية بالمكتبة الأهلية بباريس.</ref> قال [[بدر الدين الزركشي]]: «واعلم أن الشيخ أبا الحسن الأشعري كان يتبع الشافعي في الفروع والأصول وربما يخالفه في الأصول، كقوله بتصويب المجتهدين في الفروع، وليس ذلك مذهب الشافعي، وكقوله: "لا صيغة للعموم"». قال الشيخ [[أبو محمد الجويني]]: «ونقل مخالفته أصول الشافعي ونصوصه وربما ينسب المبتدعون إليه ما هو بريء منه كما نسبوا إليه أنه يقول: ليس في المصحف قرآن، ولا في القبور نبي، وكذلك الاستثناء في الإيمان ونفي قدرة الخالق في الأزل، وتكفير العوام، وإيجاب علم الدليل عليهم. وقد تصفحت ما تصحفت من كتبه، وتأملت نصوصه في هذه المسائل فوجدتها كلها خلاف ما نسب إليه». وقال [[ابن فورك]] في كتاب شرح كتاب [[مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين|المقالات]] للأشعري في مسألة تصويب المجتهدين: «اعلم أن شيخنا أبا الحسن الأشعري يذهب في الفقه ومسائل الفروع وأصول الفقه أيضا [[مذهب الشافعي]] ونص قوله في كتاب التفسير في باب إيجاب قراءة الفاتحة على المأموم: خلاف قول أبي حنيفة، والجهر بالبسملة: خلاف قول مالك، وفي إثبات آية البسملة في كل سورة آية منها قرآنا منزلا فيها، ولذلك قال في كتابه في أصول الفقه بموافقة أصوله».<ref name="الزركشي">البحر المحيط للزركشي، المقدمة فصل أول من صنف في الأصول ج1 ص18 و19 و20، دار الكتبي ط1، سنة 1414/ 1994م.</ref>
 
من جهة أخرى فقد قيل إن أول من صنف في علم أصول الفقه وضبط القواعد هما: [[أبو يوسف]]، [[محمد بن الحسن الشيباني|ومحمد]] تلميذا [[{{المقصود|أبي حنيفة]]|أبي حنيفة}}، وقيل: بل [[أبو يوسف]] وحده هو أول من صنف في علم أصول الفقه، إلا أنه لم يصل من ذلك شيء من الكتب في هذا المجال. وفي قول ثالث: إن أول من كتب في أصول الفقه هو [[أبو حنيفة النعمان]] حيث كتب كتاباً أسماه كتاب الرأي، ولكن لم يصل من ذلك شيء،<ref name="books.google.com"/> والذي اشتهر قديما وحديثا: أن الشافعي أول من دون في علم أصول الفقه، وكتب فيه بصورة مستقلة في كتابه المشهور: [[الرسالة في أصول الفقه|الرسالة]] -وهو كتاب متداول مطبوع- وقد صرح بذلك جمع كابن خلكان وابن خلدون.<ref>[http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=27124 إسلام ويب مركز الفتوى] (من هو أول من صنف في أصول الفقه؟).</ref> قال الرازي: «اتفق الناس على: إن أول صنف في هذا العلم -أي: علم أصول الفقه- الشافعي، وهو الذي رتب أبوابه وميز بعض أقسامه من بعض وشرح مراتبها في القوة والضعف». وروى: أن عبد الرحمن بن مهدي التمس من الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا يذكر فيه شرائط الاستدلال بالقران والسنة، والإجماع والقياس، وبيان الناسخ والمنسوخ ومراتب العموم والخصوص فوضع الشافعي رضى الله عنه: «الرسالة» وبعثها إليه، فلما قرأها عبد الرحمن بن المهدي قال: ما أظن أن الله عز وجل خلق مثل هذا الرجل.<ref>[http://islamport.com/w/usl/Web/940/3.htm الإبهاج للسبكي ج1 ص4 العلمية بيروت]</ref><ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-8180/page-9 الرسالة للإمام الشافعي تحقيق أحمد شاكر المقدمة ص11]</ref>
 
قال الرازي: «واعلم: أن نسبة الشافعي إلى علم الأصول كنسبة ارسططاليس إلى علم المنطق وكنسبة الخليل بن أحمد إلى علم العروض».<ref>مناقب الشافعي للرازي ج1 ص57.</ref> بمعنى أنه أول من جمع كتابا شاملا حول هذا الموضوع بالذات، ف[[الخليل بن أحمد]] هو أول من وضع علم العروض، وصاغ قواعده، وقد كان نظم الشعر قبله يعتمد على القريحة وبمجرد الطبع. وكذلك قبل الإمام الشافعي، وأضاف [[فخر الدين الرازي]]: كان الذين يتكلمون في مسائل أصول الفقه ويستدلون ويعترضون، ولكن ما كان لهم قانون كلي مرجوع إليه في معرفة دلائل الشريعة وفي كيفية معارضتها، وترجيحاتها، فاستنبط الشافعي علم (أصول الفقه) ووضع للخلق قانونا كليا يرجع إليه في معرفة أدلة الشرع.<ref>مناقب الشافعي للرازي نفس المرجع السابق</ref><ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-8180/page-11 الرسالة للإمام الشافعي (المقدمة) ج1 ص13 المحقق أحمد شاكر]</ref>
سطر 127:
قال صاحب كتاب كشف الظنون: «وأول من صنف فيه الإمام الشافعي» ذكره الأسنوي في التمهيد وحكى الإجماع فيه.<ref>كشف الظنون ص 334</ref>
 
وذكر [[ابن النديم]] في كتاب الفهرست في ترجمة [[{{المقصود|محمد بن الحسن]]|محمد بن الحسن}} ذكر كتاب له يسمى كتاب أصول الفقه.
ويقول الموفق المكي في كتابه: مناقب الإمام الأعظم نقلا عن طلحة بن محمد بن جعفر: إن أبا يوسف أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة.<ref>مناقب الإمام الأعظم للموفق المكي ج 2 ص245</ref> ونقل ذلك طاش كيري زاده في كتابه مفتاح السعادة.<ref>مفتاح السعادة طاش كيري زاده ج 2 ص 102</ref> ولم يرد كتاب في هذا العدد فيما أورده صاحب الفهرست لأبي يوسف من الكتب، وإذا صح إن لأبي يوسف أو لمحمد كتابا في أصول الفقه؛ فهو فيما يذكر فيه لتأييد ما كان يأخذ به أبو حنيفة مما يخالف فيه أهل الحديث من الاستحسان، والقول بان أبا يوسف هو أول من تكلم في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة لا يعارض القول بان الشافعي هو الذي وضع أصول الفقه علما ذا قواعد عامه يرجع إليها كل مستنبط لحكم شرعي وقد لا يكون بعيدا عن غرض [[الشافعي]] في وضع أصول الفقه: إن يقرب الشقة بين أهل الرأي وأهل الحديث ويمهد للوحدة التي دعا إليها الإسلام.<ref>مجلة الرسالة/العدد 29/الشافعي واضع علم أصول الفقه</ref>
 
سطر 156:
 
===أصول الدين===
علاقة علم أصول الفقه بعلم الكلام هي علاقة قوية، لكن هذه العلاقة لا تخلو من بعض الاختلافات. وتعريف علم أصول الفقه هو النظر في الأدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الأحكام والتكاليف.<ref>ابن خلدون، المقدمة، ص: 418.</ref> وهو يعني بالأحكام الكلية العامة ووضع قواعد استنباط الأحكام الشرعية الكلية، أما ال[[{{المقصود|فقه]]|فقه}} فهو يعني بالأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية ب[[الاستدلال]].<ref>ابن الحاجب، منتهى الوصول والأمل، ص: 2.</ref>
 
ومن هنا يمكن القول بأن علمي الكلام وأصول الفقه يتناولان الأحكام الكلية العامة ولا يعنينان بالمسائل الجزئية الفرعية، فعلم الكلام يتناول مسائل الاعتقاد العامة، وعلم أصول الفقه يتناول أصول الأحكام الكلية التي تندرج تحتها المسائل الفرعية الشرعية، فعلى هذا فعلم الكلام يتناول الجانب الاعتقادي في [[{{المقصود|الشريعة]]|الشريعة}}، وهو جانب نظري لا صلة له بالعمل، أما بالنسبة لعلم أصول الفقه فعلى الرغم من أن موضوعه الأحكام العامة، إلا أن هذه الأحكام الكلية تندرج تحتها مسائل عملية فرعية، ونجد [[{{المقصود|الشاطبي|الشاطبي]]}} في [[كتاب الموافقات]] وهو يبين المقدمات التي ينبني عليها علم أصول الفقه، يقرر أن كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أو لا تكون عوناً في ذلك، فوضعها في أصول الفقه عارية، أي أنه يرى أن المسائل التي يختص بها علم أصول الفقه تندرج تحتها مسائل فرعية فقهية فقط، وعلى هذا يتميز علم أصول الفقه عن سائر العلوم ك[[علم النحو]] واللغة و[[اشتقاق (لسانيات)|الاشتقاق]] و[[صرف (لسانيات)|التصريف]] و[[علم المعاني]] والبيان والعدد والمساحة وغير ذلك من العلوم التي يتوقف عليها تحقيق الفقه وينبني عليها من مسائله، فليس كل ما يفتقر إليه الفقه يعد من أصوله، وإنما اللازم أن كل أصل يضاف إلى الفقه لا ينبني عليه فقه فليس بأصل له.<ref>الشاطبي، الموافقات، ج1، ص: 42-45.</ref> بل لقد عد الشاطبي أن كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأن الاشتغال بالمباحث النظرية التي ليس لها ثمرة عملية مذموم شرعاً.<ref>الشاطبي، الموافقات، ج1، ص: 46-49.</ref>
 
وعلى هذا يمكن القول بأن علمي الكلام وأصول الفقه ينفصلان من حيث طبيعة الأحكام الكلية العامة التي يتناولها كل منهما، فهي نظرية اعتقادية في علم الكلام، وهي أحكام عامة تندرج تحتها المسائل الفقهية العملية في علم أصول الفقه. لكن ليس معنى ذلك انقطاع الصلة بين العلمين، فإن علم أصول الفقه يستند إلى علم الكلام ويستمد منه، ويبين [[ابن الحاجب]] ذلك فيقول: "وأما استمداده - أي علم أصول الفقه - فمن الكلام والعربية والأحكام، أما الكلام فلتوقف الأدلة الكلية على معرفة الباري وصدق نسبة خطاب التكليف إليه، ويتوقف على أدلة حدث العالم، وعلى دلالة المعجزة على صدق المُبلغ، وتتوقف دلالتها على العلم بحدثها، وامتناع تأثير غير القدرة الأزلية فيها، وتتوقف على قاعدة خلق الأعمال، وتتوقف على العلم والإرادة، ولا تقليد في ذلك لاختلاف العقلاء فلا يحصل علم".<ref>ابن الحاجب، منتهى الوصول والأمل، ص: 2-3.</ref>
سطر 164:
وعلى هذا فعلم أصول الفقه كسائر العلوم الشرعية يستند إلى علم الكلام، من حيث أن هذه العلوم لا تقوم إلا بعد تقرير مسائل الاعتقاد وهي مبحث الكلام، لكن استناد علم أصول الفقه إلى ذلك أكثر من غيره من سائر العلوم الشرعية، إذ على هذه الأصول الاعتقادية تنبني قواعد أصول الفقه، وقد يبين ذلك اختلاف الأصوليين بينهم باختلافهم في فهم الأصول الاعتقادية على طريقة أهل السنة أو على طريقة المعتزلة، ولا نريد الدخول في تفصيل ذلك بل يكفي الإشارة إلى أهمية الأصول الاعتقادية في على أصول الفقه. ويقوم كل من علم الكلام وعلم أصول الفقه، على إقامة الأدلة، وهذه الأدلة إما سمعية (نقلية) أو عقلية، وهناك اتفاقاً واختلافاً في كلا العلمين، على سبيل المثال: استخدام كلا العلمين للأدلة الشرعية وهي [[القرآن|الكتاب]] و[[سنة (إسلام)|السنة]] و[[إجماع (فقه)|الإجماع]] و[[قياس (إسلام)|القياس]]. وبالنسبة للكتاب وهو [[القرآن]]، فلابد لل[[فقيه]] من أن يعرف تأويله ووجوه الخطاب فيه من الخصوص والعموم و[[نسخ (إسلام)|الناسخ والمنسوخ]] والأمر والنهي والإباحة والحظر ونحوها.<ref>الخوارزمي، مفاتيح العلوم، ص: 6-7، وابن خلدون، المقدمة، ص: 419.</ref>
 
ويلاحظ استخدام المتكلمين وعلماء أصول الفقه للأدلة العقلية، لكن بينما يستخدم المتكلمون الأدلة العقلية المبنية على مقدمات سمعية، والأدلة العقلية المحضة، نجد أن علماء أصول الفقه لا يستخدمون الأدلة العقلية المحضة، ويستخدمون فقط الأدلة العقلية المبنية على مقدمات سمعية، فيبين الشاطبي استخدام الأدلة العقلية في علم أصول الفقه، فيقول: "الأدلة العقلية إذا استعملت في هذا العلم (يقصد علم أصول الفقه) فإنما تستعمل مركبة على الأدلة السمعية، أو معينة في طريقها، أو محققة لمناطها، أو ما أشبه ذلك، لا مستقلة بالدلالة، لأن النظر فيها نظر في أمر شرعي، والعقل ليس بشارع".<ref>الشاطبي، الموافقات، ج1، ص: 35.</ref> أي أن الأدلة في علم أصول الفقه لا تكون مركبة من مقدمات عقلية محضة، بل قد تكون إحدى المقدمات عقلية والأخرى شرعية، وذلك بالنظر إلى طبيعة العلم التي تقوم على المسائل الشرعية، فالعقل يستخدم معيناً لإثبات تلك المسائل. ونرى اتفاقاً بين المتكلمين وعلماء أصول الفقه على عدم معارضة النقل للعقل، وأن الأدلة الشرعية لا تتناقض مع الأدلة العقلية، وعلم الكلام كما سبق القول يقول أساساً على استخدام العقل في الدين وإثبات ما جاء به النقل بالأدلة العقلية، فلا تناقض بين العقل والشرع. وبالنسبة لعلم أصول الفقه، يدلل [[{{المقصود|الشاطبي]]|الشاطبي}} على أن الأدلة الشرعية لا تنافي قضايا العقول، والدليل على ذلك من وجوه:
 
'''أحدها:''' أنها لو نافتها لم تكن أدلة للعباد على حكم شرعي ولا غيره، لكنها أدلة باتفاق العقلاء، فدل أنها جارية على قضايا العقول، وبيان ذلك أن الأدلة إنما نصبت في الشريعة لتتلقاها عقول المكلفين، حتى يعلموا بمقتضاها من الدخول تحت أحكام التكليف، ولو نافتها لم تتلقها فضلاً أن تعمل بمقتضاها، ويسوي الشاطبي بين الأدلة التي تنصب على مسائل الاعتقاد والأدلة التي تنصب على المسائل العملية.
سطر 176:
'''الخامس:''' أن الاستقراء دل على جريانها على مقتضى العقول بحيث تصدقها العقول الراجحة، وهذا يعني جريانها على مقتضى العقول.<ref>الشاطبي، الموافقات، ج3، ص: 27-29.</ref>
 
وعلى هذا فإن الأدلة العقلية لها مكانتها في أصول الفقه ولا تعارض بينها وبين الأدلة الشرعية، بل إننا نجد حجج [[{{المقصود|الشاطبي]]|الشاطبي}} في مجملها لا تخرج عما قرره المتكلمون. ويلاحظ أن كلا من المتكلمين وعلماء أصول الفقه يأخذون بالنظر كسبيل لل[[معرفة]]، وهم بهذا يرفضون المعرفة ال[[صوفية]] التي تقوم على الإلهام، وبالنسبة لعلماء أصول الفقه فهم يرون أن النظر وسيلة إلى المعرفة، وأنه لابد من معلم ولابد من أن يكون المعلم متحققاً بالعلم، وطريق أخذ ال[[علم]] من معلم تتم مشافهة أو من الكتب.<ref>الشاطبي، الموافقات، ج1، ص: 91-99.</ref>
 
==الأصول التي يبنى الفقه عليها==
سطر 200:
* [[الاستحسان]]
* ال[[استصحاب]]
* [[{{المقصود|الاستقراء]]|الاستقراء}}
* عند المالكية
** [[عمل أهل المدينة]]
سطر 267:
ومن الأدلة على ثبوت القياس: إجماع الصحابة فإنهم اتفقوا على العمل بالقياس، ونقل ذلك عنهم قولا وفعلا. قال [[أبو الوفاء بن عقيل|ابن عقيل الحنبلي]]: وقد بلغ التواتر المعنوي عن الصحابة باستعماله، وهو قطعي. وقال الهندي: دليل الإجماع هو المعول عليه جماهير المحققين من الأصوليين، وقال ابن دقيق العيد: عندي أن المعتمد اشتهار العمل بالقياس في أقطار الأرض شرقا وغربا قرنا بعد قرن عند جمهور الأمة إلا عند شذوذ متأخرين قال: وهذا من أقوى الأدلة. وقال ابن برهان: أوجز بعض العلماء العبادة فقال: انعقد الإجماع على أن التعبد بالدليل المقطوع بدليله جائز، فكذلك ينبغي أن يجوز التعبد بالقياس المظنون دليله.
 
ودليل القياس بطريق العقل: أن النصوص لا تفي بالأحكام؛ لأنها متناهية والحوادث غير متناهية، فلا بد من طريق آخر شرعي يضاف إليه، لكن لهم أن يمنعوا تناهي النصوص فإن المعنى إذا ظهر تناول ذلك الفرع على سبيل العموم في جميع الأذهان، فإن أفراد العموم لا تتناهى، فإذا تصور عدم التناهي في الألفاظ ففي المعاني أولى، قال القفال: ولأنه لا حادثة إلا ولله فيها حكم اشتمل القرآن على بيانه لقوله تعالى: {{قرآن|ما فرطنا في الكتاب من شيء}} ورأينا المنصوص لم يحط بجميع أحكام الحوادث فدل على أنا مأمورون بالاعتبار والقياس. قال [[{{المقصود|المزني]]|المزني}} في كتاب «إثبات القياس»: «لو لم يكن للنظير حكم نظيره في الحلال والحرام لبطل القياس ولما جاز لأحد أن يقول إلا بنص كتاب أو سنة وكان ما اختلف فيه مهملا لا حكم له، وهذا غير جائز». والمقصود من هذا القياس القائم على طرق شرعية سليمة من غير المجازفة، كما أنه لا يكون إلا عند الحاجة لتعذر الحصول على نص أو إجماع. قال الزركشي: قلت: ومن البلية اقتصار كثير من الفقهاء على الاستدلال على القياس وعدم بحثهم عن النص فيها وهو موجود لو تطلبوه.<ref name="البحر المحيط"/>
 
===مصادر الفقه عند الشيعة الإمامية===
سطر 274:
==الاجتهاد==
{{طالع أيضا|اجتهاد}}
'''الاجتهاد''' عند علماء أصول الفقه هو «بذل الجهد في إدراك الأحكام الشرعية» أو هو: «بذل الجهد في تعرف [[الحكم الشرعي]]»، ويقابله: [[تقليد (إسلام)|التقليد]].<ref>شرح مختصر الروضة، نجم الدين أبو الربيع سليمان الطوسي، ج3 ص575 الاجتهاد،[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=682&idto=683&bk_no=98&ID=33شرح مختصر الروضة]</ref> والاجتهاد إما تام أو ناقص، فالتام هو: «استفراغ القوة النظرية حتى يحس الناظر من نفسه العجز عن مزيد طلب»، والناقص هو: «النظر المطلق في تعرف الحكم». وهناك شروط وتفاصيل مذكورة في علم أصول الفقه.<ref name="الموافقات للشاطبي">الموافقات للشاطبي (كتاب الاجتهاد) ج5 ص5 وما بعدها [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=372&idto=406&bk_no=99&ID=487 الموافقات]</ref> روى [[الترمذي]] و[[أبو داود]] و[[{{المقصود|الدارمي]]|الدارمي}}: {{حديث|عن [[معاذ بن جبل]]: أن [[محمد|رسول الله]] {{صلى الله عليه وسلم}} لما بعثه إلى [[اليمن]] قال: «{{أخضر|كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟}}» قال: أقضي بكتاب الله، قال: «{{أخضر|فإن لم تجد في كتاب الله؟}}» قال: فبسنة رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}، قال: «{{أخضر|فإن لم تجد في سنة رسول الله؟}}» قال: أجتهد رأيي ولا آلو، قال: فضرب رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} على صدره، وقال: «{{أخضر|الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى به رسول الله}}»}}.<ref>مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي القاري. كتاب الإمارة والقضاء، باب العمل في القضاء والخوف منه، رقم: (3737) ص: 2428 و2429، دار الفكر، سنة: 1422 هـ/ 2002 م</ref> وفي الحديث: دليل على إقرار معاذ بن جبل على الاجتهاد، وشهادة له بتلك الأهلية حيث بعث واليا وقاضيا في اليمن، وفيه امتحان له بسؤاله كيف يقضي إذا عرض له قضاء؟ وقد أجاب معاذ بن جبل بأنه يقضي بكتاب الله فإن لم يجد فبسنة رسول الله، فإن لم يجد فيهما اجتهد. ومعنى قوله: أجتهد رأيي: أي أطلب حكم تلك الواقعة بالقياس على المسائل التي جاء فيها نص وأحكم فيها بمثل المسألة التي جاء فيها نص لما بينهما من المشابهة. ومعنى ولا آلو: ما أقصر للاعتمال والسعي وبذل الوسع، ونسبته إلى الرأي.
 
قال الخطابي: لم يرد به الرأي الذي يسنح له من قبل نفسه أو يخطر بباله على غير أصل من كتاب أو سنة، بل أراد رد القضية إلى معنى [[قرآن|الكتاب]] [[الحديث|والسنة]] من طريق [[قياس (فقه)|القياس]] وفي هذا إثبات للحكم بالقياس. قال الطيبي: «فيه استصواب منه {{صلى الله عليه وسلم}} لرأيه في استعماله» وهذا معنى قولهم: كل مجتهد مصيب، ولا ارتياب أن المجتهد إذا كدح في التحري وأتعب القريحة في الاستنباط استحق أجرا لذلك، وهذا بالنظر إلى أصل الاجتهاد، فإذا نظر إلى الجزئيات، فلا يخلو من أن يصيب في مسألة من المسائل، أو يخطيء فيها، فإذا أصاب ثبت له أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإن أخطاء فله أجر واحد هو أجر الاجتهاد ولا شيء عليه في في الخطأ.<ref>مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان محمد القاري. كتاب الإمارة والقضاء، باب العمل في القضاء والخوف منه، رقم: (3737) ص: 2428 و2429، دار الفكر، سنة: 1422 هـ/ 2002 م</ref>
سطر 284:
 
=== الاستنباط ===
'''الاستنباط''' في [[تعريف لغوي|اللغة]]: استخراج ال[[ماء]] من العين من قولهم: [[{{المقصود|نبط]]|نبط}} الماء إذا خرج من منبعه، والنبط: الماء الذي ينبط من قعر البئر إذا حفرت، واستنبطه واستنبط منه علما وخبرا ومالا: استخرجه، والاستنباط: الاستخراج.<ref name="ابن منظور">لسان العرب لابن منظور، حرف النون نبط، الجزء الرابع عشر ص176 و177، دار صادر، سنة النشر: 2003م.</ref> وفي الاصطلاح: استخراج المعاني من النصوص بفرط الذِّهن وقوَّة القريحة. وفي الفقه: استخراج المجتهد المعاني والأحكام الشرعية من النصوص ومصادر الأدلة الأخرى.<ref>[http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/استنباط/ معجم المعاني]</ref> أو هو: استنتاج الأحكام من الأدلة.<ref name="القرافي">حاشيتي الشربيني، والعطار، على محلى جمع الجوامع انظر: أنوار البروق في أنواع الفروق، للقرافي= حاشية ابن حسين المكي المالكي ج2، ص128 و129، عالم الكتب، رقم الطبعة: د.ط : د.ت</ref> ومنه في [[القرآن]] قول الله تعالى: {{قرآن|وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ.}}، قال [[ابن جرير]]: وكل مستخرج شيئا كان مستترا عن أبصار العيون أو عن معارف القلوب فهو له: مستنبط، يقال: استنبطت [[بئر|الركية]] إذا استخرجت ماءها، ونبطتها أنبطها، والنبط الماء المستنبط من الأرض.<ref name="الطبري">تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، ج8 ص570 إلى 573، دار المعارف، تفسير سورة النساء القول في تأويل قوله تعالى {{قرآن|[[قالب:قرآن-سورة 4 آية 83|وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ.]]}}.</ref> وفي الآية دليل على مشروعية الاستنباط، الذي هو في الأصل مخصوص بالبحث عن معرفة حكم خفي يستدعي [[الاجتهاد]] في تحصيله بطريق الاستنباط، وأن مرده إلى العلماء الذين لديهم أهلية النظر والاجتهاد. روى ابن جرير بسنده: عن قتادة: «{{قرآن|ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم}}: يقول: إلى علمائهم؛ {{قرآن|[[قالب:قرآن-سورة 4 آية 83|لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ.]]}} لعلمه الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك». وعن ابن جريج: «ولو ردوه إلى الرسول، حتى يكون هو الذي يخبرهم: وإلى أولي الأمر منهم: الفقه في الدين والعقل». وعن أبي العالية: {{قرآن|ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم}}: العلم {{قرآن|الذين يستنبطونه منهم}}: يتتبعونه ويتحسسونه.<ref name="الطبري"/>
 
والاستنباط في اصطلاح علماء أصول الفقه هو: استخراج المعاني من النصوص بفرط الذهن وقوة القريحة كما في تعريفات الجرجاني. أو هو: استنتاج الأحكام من الأدلة.<ref name="القرافي"/><ref>أنوار البروق في أنواع الفروق، أحمد بن إدريس (القرافي)، حاشية ابن حسين المكي المالكي ج2، ص128 و129، عالم الكتب، رقم الطبعة: د.ط : د.ت</ref> فهو بمعنى: استنتاج الأحكام الشرعية من [[أدلة الفقه|أدلتها]] التفصيلية واستخراجها واستخلاصها منها، والحصول على المعرفة بحكم لم يرد في الشرع نص يدل عليه بخصوصه، فمثلا: تحريم الخمر فإنه ورد في الشرع نص بخصوصه، والمسكرات التي لم يرد نص شرعي بخصوصها يلحق حكمها بالخمر قياسا عليه بجامع الإسكار، وبناء على [[قاعدة فقهية|قاعدة]] شرعية عامة في حديث: {{حديث|كل مسكر حرام}}. وكتحريم ضرب الوالدين قياسا على تحريم التأفف. وقد ذكر علماء أصول الفقه في تعريفهم الفقه بأنه: استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وأن المسائل المدونة في كتب الفقه ليست بفقه اصطلاحا، وأن حافظها ليس بفقيه، وبه صرح العبدري في باب الإجماع من شرح المستصفى. قال: وإنما هي نتائج الفقه، والعارف بها فروعي، وإنما الفقيه هو المجتهد الذي ينتج تلك الفروع عن أدلة صحيحة، فيتلقاها منه الفروعي تقليدا ويدونها ويحفظها. وقال أبو إسحاق في كتاب الحدود: الفقيه من له الفقه، فكل من له الفقه فقيه، ومن لا فقه له فليس بفقيه. قال: والفقيه هو العالم بأحكام أفعال العباد التي يسوغ فيها الاجتهاد.<ref>البحر المحيط، بدر الدين بن محمد بهادر الزركشي، المقدمات، (تعريف الفقه) ج1 ص37 و38، دار الكتبي، سنة النشر: 1414هـ/1994م، رقم الطبعة: ط1.</ref> قال الشافعي: «إذا رفعت إلى المجتهد واقعة فليعرضها على نصوص الكتاب فإن أعوزه فعلى الأخبار المتواترة ثم على الآحاد فإن أعوزه لم يخض في القياس بل يلتفت إلى ظواهر القرآن فإن وجد ظاهرا نظر في المخصصات من قياس أو خبر فإن لم يجد تخصيصا حكم به وإن لم يعثر على لفظ من كتاب ولا سنة نظر إلى المذاهب فإن وجدها مجمعا عليها اتبع الإجماع، فإن لم يجد إجماعا خاض في القياس».<ref>أنوار البروق في أنواع الفروق، أحمد بن إدريس (القرافي)، حاشية ابن حسين المكي المالكي ج2، ص128 و129، عالم الكتب، رقم الطبعة: د.ط : د.ت</ref>
سطر 295:
'''مراتب الاجتهاد''' هي درجات ومراتب علمية محددة في [[الفقه]] وأصوله، ويقصد بها ترتيب المستويات العلمية للمجتهدين ودرجاتهم. وقد ذكر علماء الشرع الإسلامي مراتب الفقهاء، وبينوا خصائص كل صنف من المجتهدين وشروطه في الاجتهاد، كما قسم العلماء مراتب المجتهدين إلى قسمين أساسيين وهما: المجتهد المستقل وغير المستقل، فالمجتهد المستقل أو المجتهد المطلق المستقل، هو الذي بلغ رتبة [[الاجتهاد]] في جميع أبواب الشرع وفق شروط محددة لذلك، وتعد رتبة المجتهد المستقل من أعلى [[مراتب الاجتهاد]]، فالمستقل ك[[الأئمة الأربعة]]، وغير المستقل هو المنتسب إلى مذهب إمام من أئمة المذاهب الفقهية.<ref>أدب المفتي والمستفتي ل[[ابن الصلاح]]، ج1 ص21 إلى ص25.</ref> وقد فقد الاجتهاد المستقل في القرن الرابع الهجري، ولم يبق إلا اجتهاد المنتسبين إلى المذاهب الفقهية، الذين عملوا في استكمال بناء المذاهب الفقهية، حتى نضج [[علم فروع الفقه]] خصوصا في العصور المتأخرة، فالمسائل والأحكام الفقهية ومعاقد الإجماع أصبحت مقررة، والفقهاء بعد الانتهاء من تمهيد الأحكام مقلدون لأئمة مذاهبهم في الأحكام المفروغ منها.
 
قال [[السيوطي]]: وقد نص العلماء ك[[ابن الصلاح]] و[[النووي]] وغيرهما على وجود اختلاف بين [[مراتب الاجتهاد]]، وأنه من دهر طويل فقد المجتهد المستقل، ولم يبق إلا المجتهدون المنتسبون إلى المذاهب.<ref>إرشاد المهتدين ج1 ص14</ref> وقرروا أن المجتهدين أصناف: مجتهد مطلق مستقل، ومجتهد مطلق منتسب إلى إمام من الأئمة، كالمنتسبين إلى [[الأئمة الأربعة]]، ومجتهد مقيد.<ref>[http://islamport.com/w/usl/Web/3359/14.htm إرشاد المهتدين] ج1 ص14</ref> وأن الصنف الأول فقد من القرن الرابع الهجري، ولم يبق إلا الصنفان الآخران: المطلق المنتسب والمقيد. وقال السيوطي: وممن نص على ذلك من [[شافعية|أصحابنا]] أيضا [[ابن برهان]] في الوجيز، ومن المالكية [[{{المقصود|ابن المنير]]|ابن المنير}}، وذكر السيوطي عباراتهم وعبارات غيرهم في كتاب الرد على من أخلد على الأرض.<ref>إرشاد المهتدين للسيوطي، ج1 ص15، الرد على من أخلد إلى الأرض للسيوطي ج1 ص113.</ref>
 
===الإفتاء===