أمر بين الأمرين: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:صيانة 2.V2، أزال وسم يتيمة
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:صيانة 2.V2، أزال وسم يتيمة
سطر 1:
'''الجبر والتفويض''' وهي من المسائل الكلامية المهمّة والتي تبحث عن كيفيّة صدور أفعال العباد، حيث إنهم مختارون في أفعالهم أم مجبرون، ومضطرون إليها. والمسألة ذات صلة وثيقة بمسألة [[اصول الدين|العدل الالهي]]، فإنَّ [[العقل|العقل البديهي]] حاكم على قُبح تكليف المجبور ومؤاخذته عليه، وإنَّ الله {{عز وجل}} مُنزّه عن فعل القبيح، ويُسمى هذا الأمر أيضا بـ الجبر والكسب.
{{مقالة غير مراجعة|تاريخ=سبتمبر 2016}}
 
== تعريف الجبر والتفويض ==
'''الأمر بين الأمرين''' من عقائد المذهب الشيعي الإثنا عشري في أفعال الإنسان،و هي من مباحث العدل ؛الأصل الثاني من أصول الدين عند الشيعة الإثنا عشرية، و نظرية الأمر بين الأمرين في مقابل نظرية الجبر عند المذهب الأشعري و نظرية التفويض عند المذهب المعتزلي.
الجبر لغة: هو الإكراه، فـ(أَجبره على الحكم أَكرهه).<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج10، ص419.</ref>
 
والتفويض: (فوّض) الأمر إليه جعل له التصرف فيه.<ref>ابراهيم، المعجم الوسيط، ج2، ص325.</ref>
<table class="infobox collapsible collapsed" style="float: left; clear:left; margin:0 0 1em 1em; padding: 7px; padding-right: 4px; font-size:12px; width: 170px; text-align:center; background: #E7EFE0; border: 1px solid #D6E1CB;">
<tr><th colspan="2">
[[ملف:Basmala.svg|150px|بسم الله الرحمن الرحيم]]<br />
<small>جزء من سلسلة [[الشيعة]]<br />
<span style="font-size:160%;">[[الإثنا عشرية|<span style = "font-family: Palatino Linotype; font-size: 110%;">شيعة إثنا عشرية</span>]]</span>
 
الجبر في الإصطلاح إجبارُ الله {{عز وجل}} عبادَه على ما يفعلون، خيراً كان أو شراً، حسناً كان أو قبيحاً، دون أنْ يكون للعبد إرادة واختيارُ الرفض والامتناع، ويرى الجبريّة الجبر مذهباً يرى أصحابُه أنّ كلّ ما يحدث للإنسان قُدّر عليه أَزَلا، فهو مُسيّر لا مُخيّر، وهو قول [http://ar.wikishia.net/view/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%D8%A9 الأشاعرة].<ref>العسكري، دراسة حول الجبر والتفويض والقضاء والقدر، ص5.</ref>
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''[[عصمة|<span style="color: #3B4630;">المعصومون</span>]]'''
[[محمد بن عبد الله|الرسول الأكرم]]{{·}} [[فاطمة الزهراء عند الشيعة|فاطمة الزهراء]]
----
'''[[الأئمة الإثنا عشر]]'''<br />
[[علي بن أبي طالب|علي]]{{·}} [[الحسن بن علي|الحسن]]{{·}} [[الحسين بن علي|الحسين]]{{·}} [[علي زين العابدين|السجاد]]{{·}} [[محمد الباقر|الباقر]]<br />[[جعفر الصادق|الصادق]]{{·}} [[موسى الكاظم|الكاظم]]{{·}} [[علي الرضا|الرضا]]{{·}} [[محمد الجواد|الجواد]]<br />
[[علي الهادي|الهادي]]{{·}} [[الحسن العسكري|العسكري]]{{·}} [[المهدي عند الشيعة|المهدي]]
 
والتفويض: أي إنَّه ليس لله {{عز وجل}} أي صنع في فعل العبد، وإنَّ ذات الانسان وإن كانت مخلوقة لله {{عز وجل}} ولكن لا يمت فعله إليه بصلة، فالانسان مستقلٌ في فعله وفي إيجاده وتأثيره حفظا لعدل الله {{عز وجل}}.<ref>السبحاني، الإلهيات، ج2، ص257.</ref>
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''[[أصول الدين (الشيعة)|<span style="color: #3B4630;">أصول الدين</span>]]'''
[[التوحيد عند الإثناعشرية|التوحيد]]{{·}} [[المعاد عند الإثنا عشرية|المعاد]]{{·}} [[العدل عند الإثناعشرية|العدل]]{{·}} [[النبوة عند الإثنا عشرية|النبوة]]{{·}} [[إمامة|الإمامة]]
 
== تأريخ مسألة الجبر والتفويض ==
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''<span style="color: #3B4630;">فروع الدين</span>'''
لا يمكن تحديد زمن تكوّن هذه المسألة لانها من المسائل الفكريّة التي يتطلعُ لها كل إنسان لكي يحلها سواء قَدِرَ عليها أم لا، وقد كانت مطروحة في الفلسفة الإغريقيّة، ثم طُرحت في الأوساط الإسلاميّة وبحث عنها المتكلمون والفلاسفة الإسلاميون، كما وقع البحث عنها في المجتمعات الغربيّة الحديثة.<ref>الكلبايكاني، محاضرات في الإلهيات، ص191</ref>
[[الصلاة]]{{·}} [[الصوم]]{{·}} [[الحج عند الشيعة|الحج]]{{·}} [[الزكاة]]<br />
[[خمس|الخمس]]{{·}} [[الجهاد]]{{·}} [[الامر بالمعروف]]<br />
[[النهي عن المنكر]]{{·}} [[التولي]]{{·}} [[التبري]]
 
وعرّف الشهرستاني الجبريون بانهم الذين يقولون: إنَّ الإنسانَ لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالإستطاعة؛ وإنما هو مجبور في أفعاله: لا قدرة له، ولا إرادة، ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتُنسب إليه الأفعال مجازاً، كما تُنسبُ إلى الجمادات؛ كما يُقال: أثمرت الأشجار، وجرى الماء، وتحرّك الحجر، وطلعت الشمس وغربت، وتغيّمت السماء وأمطرت، واهتزت الأرض وأنبتت ... إلى غير ذلك. والثواب والعقاب جبرٌ، كما أن الأفعال كلها جبرٌ؛ قال: وإذا ثبت الجبر، فالتكليف أيضاً كان جبراً.<ref>الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص87.</ref>
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''[[:تصنيف:أماكن مقدسة للشيعة|<span style="color: #3B4630;">مدن مقدسة</span>]]'''
[[مكة المكرمة]]{{·}} [[المدينة المنورة]]{{·}} [[القدس]]<br />
[[النجف|النجف الأشرف]]{{·}} [[كربلاء|كربلاء المقدسة]]<br />
[[مشهد|مشهد المقدسة]]{{·}} [[سامراء|سامراء المقدسة]]<br />
[[الكاظمية|الكاظمية المقدسة]]{{·}} [[قم|قم المقدسة]]
 
== المذاهب في مسألة الجبر والتفويض ==
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''[[قائمة الأماكن المقدسة عند المسلمين الشيعة|<span style="color: #3B4630;">مزارات مقدسة</span>]]'''
إنَّ المذاهب والآراء المطروحة في مسألة الجبر والتفويض في الكلام الإسلامي أربعة :
[[المسجد النبوي|الروضة الشريفة]]{{·}} [[البقيع]]{{·}} [[الروضة الحيدرية|الروضة العلوية]] <br />
# مذهب الجبر المحض.
[[الروضة الحسينية]]{{·}} [[الحضرة الكاظمية]]<br />
# مذهب الكسب.
[[الروضة الرضوية]]{{·}} [[ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري|حضرة العسكريين]]<br />
# مذهب التفويض.
[[حرم فاطمة بنت موسى الكاظم|الحضرة الفاطمية بقم]]{{·}} [[مقام السيدة زينب في الشام|مقام السيدة زينب]]<br />
# مذهب الأمر بين أمرين.
[[مقام رقية بنت الحسين|مقام السيدة رقية]]{{·}} [[سرداب الغيبة]]
 
=== مذهب الجبر المحض ===
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''[[مسجد|<span style="color: #3B4630;">مساجد</span>]]'''
وهو منسوب إلى جهم بن صفوان (ت 128 ه‍) قال الأشعري: تفرّدَ جهم بإمور منها: انَّه لا فعل لإحد في الحقيقه الا اللّه {{عز وجل}} وحده، وانَّهُ هو الفاعل، وإنَّ الناس انَّما تُنسبُ إليهم أفعالهم على المجاز، كما يُقال: تحركت الشجرة ودار الفلك وزالت الشمس.<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ج1، ص312.</ref>
[[المسجد الحرام]]{{·}} [[المسجد النبوي]]<br />
[[المسجد الأقصى]]{{·}} [[مسجد جمكران]]<br />
[[جامع براثا|مسجد براثا]]{{·}} [[مسجد الكوفة]]{{·}} [[مسجد السهلة]]
 
==== دليل بطلان الجبر المحض ====
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''[[المرجعية|<span style="color: #3B4630;">المرجعية</span>]]'''
لا ريبَ في بطلان هذا المذهب بالبداهة، إذ لو كانَ كذلك لبطلَ التكليف والوعد، والوعيد، والثواب، والعقاب، ولصار بعث الأنبياء وإنزال الكتب والشرائع السماويّة لغوا تعالى الله {{عز وجل}} عن ذلك علوا كبيرا.
[[مراجع الشيعة|قائمة المراجع]]{{·}} [[مرجعية دينية|التقليد]]{{·}} [[آية الله]]
 
=== مذهب الكسب ===
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''[[:تصنيف:كتب الشيعة|<span style="color: #3B4630;">كتب الإثنا عشرية</span>]]'''
لقد طُرحت نظرية الكسب قبل ظهور الشيخ الأشعري بأكثر من قرن ومن القائلين بها:
[[قرآن|القرآن الكريم]]{{·}} [[الصحيفة السجادية]]<br />
# الطائفة الضراريّة<ref>وهم أصحاب ضرار بن عمر وقد ظهر في أيام واصل بن عطاء(ت [[131ه‍]])</ref> : قالت: إنَّ أفعال العباد مخلوقة لله {{عز وجل}} حقيقة والعبد مكتسبها<ref>الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص90.</ref>
[[نهج البلاغة]]{{·}} [[مفاتيح الجنان]]{{·}} [[الكافي (كتاب)|الكافي]] <br />
# الطائفة النجاريّة<ref>هم أصحاب الحسين بن محمد بن عبد الله النجار(ت [[230ه‍]])، له مناظرات مع النظّام.</ref>: فقد عرّفهم الشهرستاني بأنهم يقولون: الباري {{عز وجل}} مريد لنفسه، كما هو عالم لنفسه؛ فألزم عموم التعلّق، فالتزم؛ وقال: هو مريد الخير والشر، والنفع والضر. وقال أيضاً: معنى كونه مريداً أنَّه غير مستكره ولا مغلوب. وقال: هو خالق أعمال العباد: خيرها وشرها، حسنها وقبيحها؛ والعبد مكتسب لها. وأثبتَ تأثيراً للقدرة الحادثة، وسمى ذلك كسباً <ref>الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص89.</ref>
[[من لا يحضره الفقيه]]{{·}} [[الاستبصار]]
ومع ذلك فقد اشتهرت نسبة نظريّة الكسب [[الأشاعرة|للأشاعرة]] وعُدّت من مميزات منهجهم وقد قامَ الشيخ الأشعري وتلامذته بسَوق الأدلة العقليّة والنقليّة على هذه النظريّة ولكن اضطربت عبائرهم في تفسير هذه النظريّة ومرجع ذلك لأمرين:
# انَّ للقدرة المحدثة (قدرة العبد) نحو تأثير في اكتساب الفعل وهو يُسمى كسبا وهذا يظهرُ من جماعة من [http://ar.wikishia.net/view/ الأشاعرة].
# ليس للقدرة المحدثة تأثير في الفعل سوى مقارنتها لتحقق الفعل من جانبه سبحانه، وهذا التفسير يظهرُ من كلمات جماعة أخرى من الأشاعرة.
 
==== دليل بطلان الكسب ====
<tr><td style = "background: #D6E1CB; border-bottom: 3px solid #A7BF8F; border-right: 3px solid #A7BF8F; border-top: 3px solid #E7EFE0;">'''<span style="color: #3B4630;">انظر أيضا</span>'''
لقد أدركَ بعض رجال الأشاعرة بطلان هذه النظريّة وعدم كونها طريقا صحيحا لحل معضلة الجبر فأبطلوها ومنهم :
[[زينب بنت علي|السيدة زينب]]{{·}} [[العباس بن علي]]<br />
# إمام الحرمين: فقدَ اعترف بنظام الأسباب والمسببات الكونيّة أولا وانتهائها لله {{عز وجل}} وإنَّه خالقٌ للأسباب ومسبباتها المستغني على الإطلاق ثانيا وإنَّ لقدرة العباد تأثير في أفعالهم وإنَّ قدرتهم تنتهي إلى قدرة الله {{عز وجل}} ثالثا <ref>الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص98.</ref>
[[مسلم بن عقيل بن أبي طالب|مسلم بن عقيل]]{{·}} [[معركة كربلاء]]{{·}} [[الأركان الأربعة|صحابة]]<br />
# الشيخ عبدالوهّاب الشعراني: وهو من أقطاب الحديث والكلام في القرن العاشر، فقد وافقَ إمام الحرمين في هذا المجال وقال: من زعم أنّه لا عمل للعبد فقد عاند، فإنّ القُدرة الحادثة، إذا لم يكن لها أثر فوجودها وعدمها سواء، ومن زعم أنّه مستبد بالعمل فقد أشرك، فلابدّ أنّه مضطرّ على الإختيار.<ref>الشعراني، اليواقيت والجواهر في بيان عقيدة الأكابر، ص139-141.</ref>
[[أيام الشيعة الإثناعشرية]]{{·}} [[:تصنيف: وجهات نظر شيعية|رؤى شيعية]]
# الشيخ محمد عبده: فقد قالَ في كلام طويل: منهم القائل بسلطة العبد على جميع أفعاله واستقلاله المطلق (يريد [http://ar.wikishia.net/view/ المعتزلة]) وهو غرور ظاهر، ومنهم من قال: بالجبر وصرَّح به - يريد الجبريّة الخالصة -، ومنهم من قال به وتبرّأ من إسمه - يريد الأشاعرة- وهو هدم للشريعة ومحو للتكاليف، وإبطال لحكم العقل البديهي، وهو عماد الايمان ودعوى أن الاعتقاد بكسب العبد لأفعاله يؤدّي إلى [http://ar.wikishia.net/view/ الإشراك] باللّه- وهو الظلم العظيم- دعوى من لم يلتفت إلى معنى‏ الإشراك على ما جاء به [http://ar.wikishia.net/view/ الكتاب] و [http://ar.wikishia.net/view/ السنّة]، فالإشراك اعتقاد أنّ لغير اللّه أثراً فوق ما وهبه اللّه من الأسباب الظاهرة، وأنّ لشي‏ء من الأشياء سلطاناً على ما خرج عن قدرة المخلوقين...».<ref>عبده، رسالة التوحيد، ص59- 62.</ref>
 
=== مذهب التفويض ===
<tr><td>{{وصلات قالب|اثنا عشرية}}
المنقول عن المعتزلة هو أنّ أفعال العباد مفوَّضة إليهم وهم الفاعلون لها بما منحهم اللّه من القدرة، وليس للّه سبحانه شأن في أفعال عباده، قال [[المعتزلة|القاضي عبد الجبّار]]: ذكر شيخنا أبو علي (رحمه الله): اتّفق أهل [[اصول الدين|العدل]] على أنّ أفعال العباد من تصرّفهم وقيامهم وقعودهم، حادثة من جهتهم، وأن اللّه {{عز وجل}} أقدرهم على ذلك ولا فاعل لها ولا محدث سواهم‏.<ref>القاضي عبد الجبار، المغني في أصول الدين، ج6، ص41.</ref> وقال أيضاً: فصلٌ في خلق الأفعال، والغرض به، الكلام في أنّ أفعال العباد غير مخلوقة فيهم وأنّهم المُحدِثون لها.<ref>القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، ص323.</ref>
</table>
 
==== دافع المعتزلة للقول بالتفويض ====
== تعريف النظرية ==
إنّ دافع المعتزلة إلى القول بالتفويض هو الحفاظ على العدل الإلهي، فلمّا كان العدل عندهم هو الأصل والأساس في سائر المباحث، عمدوا إلى تطبيق مسألة أفعال العباد عليه، فوقعوا في التفويض لاعتقادهم بأنّ القول بكون أفعال العباد مخلوقة للّه {{عز وجل}} ينافي عدله تعالى وحدّدوا بذلك خالقيته تعالى وسلطانه.<ref>الكلبايكاني، محاضرات في الإلهيات، ص203-204.</ref>
المقصود بلا جبر و لا تفويض بل أمر بين الأمرين أي أن الأفعال التي تصدر من الإنسان هي فعل الإنسان و بااختياره و في الوقت نفسه فعل الله تعالى، أي أن الإنسان يصدر منه الفعل باإرادته و في الوقت نفسه با إرادة الباري تعالى و مشيئته التي يعطي الإنسان الإرادة و الاختيار.<ref>(تنبيه: ليس المقصود بنظرية الأمر بين الأمرين في الفعل الإنساني أن يكون هناك شراكة في الفعل بين الله تعالى و الإنسان بحيث ينسب نصف الفعل لله تعالى و النصف الآخر للإنسان، بل المقصود أن الفعل كله لله تعالى كما أنه كله للإنسان، و لكن مع حفظ الجهة بين الوجد الغني لله تعالى و الوجود الفقير للموجود الإمكاني)الحيدري،الإنسان بين الجبر و التفويض مدخل لدراسة نظرية الأمر بين الأمرين،ص165</ref>
 
==== دليل بطلان التفويض ====
- كما يعبّر عنها السبزواري بقوله: ( و الفعل فعل الله و هو فعلنا )<ref>السبحاني، جعفر، لب الأثر في الجبر و القدر و تليه رسالة أخرى في الأمر بين الأمرين، ص 236</ref>
يُستدلُ على بطلان التفويض بأدلة كثيرة من القرآن والسنة وهي:
* بطلان التفويض من القرآن الكريم
* يقول سبحانه: {{قرآن|يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ}}<ref>فاطر :15.</ref>
* ويقول سبحانه: «وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ»<ref>البقرة: 102.</ref>
* ويقول تعالى: {{قرآن|كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}}<ref>البقرة:249.</ref>
* ويقول سبحانه: {{قرآن|وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}}<ref>يونس:100.</ref>
إلى غير ذلك من الآيات الّتي تُقيّد فعل الإنسان بإذنه {{عز وجل}}، والمراد منه الإذن التكويني ومشيئته المطلقة.
* بطلان التفويض من السُنّة الشريفة
وأمّا السُنّة، فقد تضافرت [http://ar.wikishia.net/view/ الروايات] على نقد نظرية التفويض فيما أُثِرَ من [http://ar.wikishia.net/view/ أئمة أهل البيت] وكان المعتزلة مدافعين عن تلك النظريّة في عصرهم، مروّجين لها، ومن الروايات في المقام:
* ما رواه [http://ar.wikishia.net/view/ الصدوق] في «الأمالي» عن هشام، قال: قال [http://ar.wikishia.net/view/2_ أبو عبد اللّه] {{عليه السلام}}: «إنّا لا نقول جبراً ولا تفويضاً».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص4.</ref>
* ما ورى في «الإحتجاج» عن [http://ar.wikishia.net/view/ أبي حمزة الثمالي] أنّه قال: قال [http://ar.wikishia.net/view/ أبو جعفر] {{عليه السلام}} للحسن البصري: «إيّاك أن تقول بالتفويض فإنّ اللّه {{عز وجل}} لم يفوّض الأمر إلى خلقه وهناً منه وضعفاً، ولا أجبرهم على معاصيه ظلماً».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص17.</ref>
* ما ورد في «العيون» عن [http://ar.wikishia.net/view/_% الرضا] {{عليه السلام}} أنّه قال: «مساكين القدرية<ref>القدريّة أسلاف المعتزلة وهم الّذين أنكروا القدر الإلهي السابق المتعلق بأفعال العباد الإختيارية.</ref>، أرادوا أن يصفوا اللّه {{عز وجل}} بعدله فأخرجوه من قدرته وسلطانه».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص54.</ref>
 
=== مذهب الأمر بين أمرين ===
'''مثال لتوضيح'''
لقد جنح المجبّرة إلى الجبر لأجل التحفّظ على التوحيد الأفعالي وحصر الخالقية في اللّه {{عز وجل}}، كما أنّ المفوّضة انحازوا إلى التفويض لغاية التحفّظ على عدله {{عز وجل}}، وكلا الفريقين غفلا عن نظرية ثالثة يؤيّدها العقل ويدعمها الكتاب والسنّة، وفيها الحفاظ على كلٍّ من أصلي [http://ar.wikishia.net/view/ التوحيد] والعدل، مع نزاهتها عن مضاعفات القولين، وهذا هو مذهب الأمر بين الأمرين الّذي قال به أئمّة أهل البيت وهو مختار الحكماء الإسلاميين. [http://ar.wikishia.net/view/ والإمامية] من المتكلّمين.<ref>الكلبايكاني، محاضرات في الإلهيات، ص205.</ref>
 
ومعنى الأمر بين أمرين: هو وجود النسبتين والإسنادين في فعل العبد، نسبة إلى اللّه {{عز وجل}}، ونسبة إلى العبد، من دون أن تزاحم إحداهما الأخرى‏، ومن الأمثلة عليه: أنّه لو فرضنا شخصاً مرتعش اليد فاقد القدرة، فإذا ربط رجل بيده المرتعشة سيفاً قاطعاً وهو يعلم أن السّيف المشدود في يده سيقع على آخر ويهلكه، فإذا وقع السّيف وقتل، يُنسب القتل إلى من ربط يده بالسّيف دون صاحب اليد الّذي كان مسلوب القدرة في حفظ يده، فهذا مثال لما يتبنّاه الجبري في أفعال الإنسان.
قول جعفر بن محمد الصادق: ( لا جبر و لا تفويض و لكن أمر بين أمرين، فقيل ما أمر بين أمرين؟ قال الصادق: مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينتهِ، فتركته، ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فَتَرَكْته كنت أنت الّذى أمرته بالمعصية).
 
ولو فرضنا أنّ رجلًا أعطى سيفاً لمن يملك حركة يده وتنفيذ إرادته فقتل هو به رجلًا، فالأمر على العكس، فالقتل يُنسب إلى المباشر دون من أعطى، وهذا مثال لما يعتقده التفويضي في أفعال الإنسان.
يشرح صدر الدين الشيرازي هذا الحديث بقوله: لا يخفى عليك أنّ تحقيق معنى أمر بين أمرين ممّا يعجز عن إدراكه عقول كثير من العلماء و الحكماء فضلا عن العوام والضعفا، و المثال الّذى ذكره ( عليه السلام) مثال حسن لمخاطبة العامى الضعيف تقريباً لفهمه و حفظا لاعتقاده في أفعال العباد حتى لا يعتقد كون العبد مجبورا في فعله و لا مفوّضا أمره إليه بالكلّية، فحيث نهاه فلم يكن مفوّضا له، و حيث تركه فلم يكن جابرا له، فهذا نعم المثال في حقّ من قصر فهمه عن درك كيفية الأمر بين الأمرين.
 
ولكن لو فرضنا شخصاً مشلول اليد (لا مرتعشها) غير قادر على الحركة إلّا بإيصال رجل آخر التيّار الكهربائي إليه ليبعث في عضلاته قوّة ونشاطاً بحيث يكون رأس السلك الكهربائي بيد الرجل بحيث لو رفع يده في آنٍ انقطعت القوّة عن جسم هذا الشخص، فذهب بإختياره وقتل إنساناً به، والرجل يعلم بما فعله، ففي مثل ذلك يستند الفعل إلى كلّ منهما، أمّا إلى المباشر فلأنّه قد فعل باختياره وإعمال‏ قدرته، وأمّا إلى الموصل، فلأنّه أقدره وأعطاه التمكّن حتّى في حال الفعل والإشتغال بالقتل، وكان متمكّناً من قطع القوّة عنه في كلّ آنٍ شاء وأراد<ref>السبحاني، جعفر، لب الأثر في الجبر و القدر، ص241</ref>، فالإنسان في كلّ حال يحتاج إلى إفاضة القوّة والحياة منه {{عز وجل}} إليه بحيث لو انقطع الفيض في آنٍ واحد بطلت الحياة والقدرة، فهو حين الفعل يفعل بقوّة مفاضة منه وحياة كذلك من غير فرق بين الحدوث والبقاء.
- المثال الذي ذكره أبو القاسم الخوئي لتوضيح نظرية لا جبر و لا تفويض بل أمر بين الأمرين:
لو فرضنا شخصاً مرتعش اليد، فاقد القدرة، فإذا ربط رجل بيده المرتعشة سيفاً قاطعاً، و هو يعلم أن السيف المشدود في يده سيقع على آخر و يهلكه، فإذا وقع السيف و قتله، ينسب القتل إلى من ربط يده بالسيف، دون صاحب اليد الذي كان مسلوب القدرة في حفظ يده.'''(هذا المثال يضرب للجبر )'''
 
محصّل هذا التمثيل أنّ للفعل الصادر من العبد نسبتين واقعيتين، إحداهما نسبته إلى فاعله بالمباشرة باعتبار صدوره منه باختياره وإعمال قدرته، وثانيهما نسبته إلى اللّه {{عز وجل}} باعتبار أنّه معطي الحياة والقدرة في كلّ آنٍ وبصورة مستمرّة حتى في آن اشتغاله بالعمل‏.<ref>السبحاني، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف‌، ج3، ص99.</ref>
و لو فرضنا أن رجلاً أعطى سيفاً لمن يملك حركة يده و تنفيد إرادته فقتل هو به رجلاً، فالأمر على العكس، فالقتل ينسب إلى المباشر دون من أعطى. '''( و هذا المثال يضرب لنظرية التفويض )'''
يعبّر السبزواري عنها بقوله:(و الفعل فعل الله و هو فعلنا)<ref>السبحاني، جعفر، لب الأثر في الجبر و القدر و تليه رسالة أخرى في الأمر بين الأمرين، ص 236</ref>
 
==== أدلة الأمر بين أمرين في الكتاب والسنة ====
و لكن لو فرضنا شخصاً مشلول اليد ( لا مرتعشها ) غير قادر على الحركة إلّا بإيصال رجل آخر التيار الكهربائي إليه ليبعث في عضلاته قوة و نشاطاً بحيث يكون لو رفع يده في آنٍ، انقطعت القوة عن جسم هذا الشخص في الحال و أصبح عاجزاً. فلو أوصل الرجل تلك القوة إلى جسم هذا الشخص، فذهب باختياره و قتل إنساناً، و الرجل يعلم بما فعله، ففي مثل ذلك يستند الفعل إلى كل منهما، أمّا إلى المباشر فلأنه قد فعل باختياره و إعمال قدرته، و أمّا إلى الموصل فلأنه أقدره و أعطاه التمكن، حتى في حال الفعل و الاشتغال بالقتل، كان متمكناً من قطع القوة عنه في كل آنٍ شاء و أراد.'''( و هذا مثال للأمر بين الأمرين )''' <ref>السبحاني، جعفر، لب الأثر في الجبر و القدر، ص241</ref>
* أدلة الأمر بين أمرين في القرآن الكريم
إذا نظرنا إلى آيات القرآن الكريم سنجد إنَّ الكثير من [[الآيات]] الشريفة ذكرت النسبتين - نسبة الفعل لله تعالى وللعبد - في كثير من المواضع ومنها :
 
1 - قوله سبحانه:{{قرآن|وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى‏}}<ref>الانفال:17.</ref> فنرى أنّ القرآن الكريم ينسب الرمي إلى [http://ar.wikishia.net/view/ النبيّ] {{صل}}، وفي الوقت نفسه يسلبه عنه وينسبه إلى اللّه تعالى.
== إثباتها==
=== الدليل النقلي ===
'''القرآن الكريم:'''
 
2 - قوله سبحانه: {{قرآن|قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}}<ref>التوبة:14.</ref> فإنّ الظاهر أنّ المراد من التعذيب هو القتل، لأنّ التعذيب الصادر من اللّه تعالى بأيد من المؤمنين ليس إلّا ذاك، لا العذاب البرزخي ولا الأُخروي،فإنّهما راجعان إلى اللّه سبحانه دون المؤمنين، وعلى ذلك فقد نسب فعلًا واحداً إلى المؤمنين وإلى خالقهم.
- من الآيات القرانية التي يستدل بها على نظرية الأمر بين الأمرين:
 
3 - إنّ القرآن الكريم يذمّ اليهود بقساوة قلوبهم ويقول: {{قرآن|ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِىَ كَالْحِجارَةِ...}}<ref>البقرة:74.</ref> ولا يصحّ الذم واللوم إلّا أن يكونوا هم السّبب لعروض هذه الحالة على قلوبهم، وفي الوقت نفسه يسند حدوث القساوة إلى اللّه {{عز وجل}} ويقول: {{قرآن|فَبما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً}}<ref>المائدة:13.</ref>
* { فَلَمْ تَقْتُلُوهم و لَكِنّ الله قَتَلَهُم و ما رَمَيتَ إذْ رَمَيْتَ و لكِنّ الله رَمَى}.<ref>سورة الأنفال: الآية 17</ref>
* أدلة الأمر بين أمرين في السُنّة الشريفة
* قوله تعالى: { قَاتِلُوهم يُعذّبْهُمُ اللهُ بأيدِيكُم و يُخْزِهِم و يَنْصُرْكُمْ عليهِم و يَشْفِ صُدُورَ قَومٍ مُؤْمِنِين }<ref>سورة التوبة: الآية 14</ref>
وأمّا الروايات فقد ذكر كل من الشيخ [http://ar.wikishia.net/view/ الصدوق] في «توحيده» [http://ar.wikishia.net/view/5 والعلّامة المجلسي] في [http://ar.wikishia.net/view/) «بحاره]» الشئ الكثير نذكر منها :
تشير الآيتين إلى أن للفعل نسبتين؛ نسبة إلى الإنسان و نسبة إلى الله عز و جل إلاّ أن هذه النسبة ليست على الشراكة أو على حدٍّ سواء.يقول [[محمد حسين الطباطبائي]]: ( للأفعال جهتان: جهة ثبوت و وجود، و جهة الانتساب إلى الفاعل، و هذه الجهة الثانية هي التي تتصف بها الأفعال بأنّها طاعة أو معصية، أو حسنة أو سيئة ).<ref>الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن،ج1،ص103</ref>
 
1 - روى الصدوق عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه قالا: «إنّ اللّه {{عز وجل}} أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب، ثمّ يعذّبهم عليها واللّه أعزّ من أن يريد أمراً فلا يكون».قال: فسئلا: هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: «نعم أوسع ممّا بين السماء والأرض».<ref>الصدوق، التوحيد، ص360.</ref>
- هناك العديد من الآيات القرآنية التي نسبت الفعل الواحد إلى الإنسان و آيات آخرى تنسب نفس الفعل إلى الله عز وجل، كما جاء في قوله تعالى في حديثه عن قسوة القلوب:
* { ثم قَستْ قُلُوبُكُم مِنْ بَعْدِ ذلِك فهي كالحجارةِ أو أشَدُّ قسوةً }<ref>سورة البقرة: الآية 74</ref>
* { و لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُم و زيَّنَ لَهُمُ الشيطانُ ما كانوا يعملُون }<ref>سورة الأنعام: الآية 43</ref> نُسب فعل القسوة في هذه الآيات إلى الإنسان "اليهود".
* ( فَبِمَا نَقْضِهِم مِيثَاقَهُم لَعَنّاهُم و جَعَلْنَا قُلُوبَهُم قَاسِيةً )<ref>سورة المائدة: الآية 13</ref> و في هذه الآية الكريمة نُسب الفعل نفسه و هو قساوة القلب إلى الله عز و جل.
 
2 - وروى الصدوق بإسناد صحيح عن [http://ar.wikishia.net/view/ الرضا] {{عليه السلام}} أنّه قال: «إنّ اللّه {{عز وجل}} لم يُطَع‏ بإكراه، ولم يُعصَ بغلبة، ولم يهمل العباد في ملكه، وهو المالك لما ملّكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن إئتمر العباد بطاعته، لم يكن اللّه عنها صادّاً ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الّذي أدخلهم فيه».<ref>الصدوق، التوحيد، ص361.</ref>
- هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تشير إلى أن الإنسان مختار في أفعاله، منها:
 
3 - وروى أيضاً عن المفضّل بن عمر عن أبي عبداللّه {{عليه السلام}} قال: «لا جبر ولاتفويض ولكن أمر بين أمرين».قال، فقلت: وما أمر بين أمرين؟ قال: «مثل ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته، فتركته ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فتركته، أنت الّذي أمرته بالمعصية».<ref>الكليني، أصول الكافي، ج1، ص160.</ref>
* قوله تعالى: { مَن عَمِلَ صَالحاً فلِنفسِهِ و من أساءَ فَعَلَيْهَا و مَا رَبُّكَ بِظَلام لِلْعَبِيدِ }<ref>سورة فصلت: الآية 46</ref>.
* قوله تعالى: { كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين } <ref>سورة الطور: الآية 21</ref>.
* قوله تعالى: { إنا هديناه السبيل إما شاكراً و إمّا كَفوراً }<ref>سورةالإنسان: الآية 3</ref>.
 
4 - وللإمام [http://ar.wikishia.net/view/% الهادي] {{عليه السلام}} رسالة مبسّطة في الردِّ على أهل الجبر والتفويض، وإثبات العدل والأمر بين الأمرين نقلها علي بن شعبة في [http://ar.wikishia.net/view/_() تحف العقول]، [http://ar.wikishia.net/view/ والطبرسي] في [http://ar.wikishia.net/view/) الاحتجاج]، وممّا جاء فيها في بيان حقيقة الأمر بين الأمرين، قوله: «وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض، وبذلك أخبر [http://ar.wikishia.net/view/ أمير المؤمنين] {{عليه السلام}} عباية بن ربعى الأسدي حين سأله عن الاستطاعة الّتي بها يقوم ويقعد ويفعل، فقال له أمير المؤمنين {{عليه السلام}}: سألت عن الاستطاعة تملكها من دون اللّه أو مع اللّه؟ فسكت عباية، فقال‏ له أمير المؤمنين {{عليه السلام}}: قل يا عباية، قال: وما أقول؟ قال {{عليه السلام}}: ... تقول إنّك تملكها باللّه الّذي يملّكها من دونك، فإن يملّكها إيّاك كان ذلك من عطائه، وإن يسلبكها كان ذلك من بلائه، والمالك لما ملّكك، والقادر على ما عليه أقدرك».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج5، ص75.</ref>
كما أن هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تتحدث عن مشيئة الله تعالى و إرادته بكل شيء، و إن كل شي تحت قدرته و سلطانه، منها:
* قوله تعالى :{ و ما تَشَاءُون إلاّ أنْ يَشَاءَ الله رَبُّ العالمين }<ref>سورة التكوير: الآية 29</ref>
* قوله تعالى: { قُلْ لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً و لاَ ضَرّاً إلاَّ مَا شَاءَ الله } <ref>سورة الأعراف: الآية188</ref>
* قوله تعالى: { و مَا كَانَ لِنَفْسٍ أنْ تُؤمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } <ref>سورة يونس: الآية100</ref>
 
== انظر ايضاً ==
'''السنة النبوية'''
*[[الحسن والقبح العقليين]]
*[[العدل عند الإثناعشرية]]
 
== وصلات خارجية ==
هناك الكثير من الروايات الواردة في السنة النبوية التي يثبت و يبين فيها أهل البيت نظرية الأمر بين الأمرين و يبطل الجبر و التفويض، منها:
* [http://ar.wikishia.net/view/ هذه المقالة اُخذت من الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت (ويكي شيعة)]
 
* [http://alfeker.net/library.php?id=3199 لب الأثر في الجبر و القدر، جعفر السبحاني]
* عن يزيد بن عمير ابن معاوية الشامي قال: دخلت على علي بن موسى الرضا بمرو فقلت له: يا بن رسول الله روي لنا عن جعفر بن محمد الصادق أنه قال: لا جبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين فما معناه؟ فقال: من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر و من زعم أن الله عز وجل فوض أمر الخلق و الرزق إلى حججه فقد قال بالتفويض، فالقائل بالجبر كافر و القائل بالتفويض مشرك.
 
فقلت له: يا بن رسول الله فما أمر بين أمرين؟
 
فقال: وجود السبيل إلى إتيان ما امروا به و ترك ما نهوا عنه. فقلت له: فهل لله عز وجل مشيئة و إرادة في ذلك؟ فقال: أما الطاعات فإرادة الله و مشيئته فيها الامر بها، و الرضا لها، و المعاونة عليها، و إرادته و مشيئته في المعاصي النهي عنها، و السخط لها، والخذلان عليها.<ref>النوري الموسوي، محسن، القصص العقائدية في التوحيد و العدل و النبوة و الإمامة و المعاد،ص 103</ref>
 
=== الدليل العقلي ===
 
== نظرية الجبر و التفويض ==
=== الجبر ===
 
{{مفصلة|جبرية}}
'''* القائل بهذه النظرية هم''' الأشاعرة.
 
'''* تعريفها:''' نظرية الجبر تعني أن الإنسان في أفعاله مجبور، فجميع أفعال الإنسان هي في الحقيقة أفعال الباري تعالى.
يعرّف محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتابه الملل و النحل نظرية الجبر و الجبرية بقوله: ( الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن العبد و إضافته إلى الرب تعالى. و الجبرية أصناف: فالجبرية الخالصة هي التي لا تثبت للعبد فعلاً و لا قدرة على الفعل أصلاً. و الجبرية المتوسطة هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثِّرة أصلاً. و أما من أثبت للقدرة الحادثة أثراً ما في الفعل و سمّى ذلك كسباً، فليس بجبريّ )
 
و '''تنطلق نظرية الجبر''' من مقولة ( لا مؤثر في الوجود إلاّ الله تعالى ).
 
'''* الدافع:''' السبب في ذهاب الأشاعرة إلى القول بنظرية الجبر هو الحفاظ على أصل التوحيد ( توحيد الخالقية).
 
'''* الدليل:'''
 
'''الدليل النقلي'''
من الآيات القرآنية التي يستدل إليها الأشاعرة في إثبات نظرية الجبر:
* قوله تعالى: { الله خَلَقَكُمْ و مَا تَعْمَلُون }<ref>سورة الصافات : الآية 96</ref>
* قوله تعالى: { و جَعَلْنَا على قُلُوبِهِم أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ و في آذَانِهِمْ وَقْراً } <ref>سورة الأنعام: الآية 25</ref>
 
'''* من أقوال الأشاعرة في نظرية الجبر:'''
 
* قول الأشعري في كتاب الإبانة: ( إنّه لا خالق إلّا الله، و إنّ أعمال العبد مخلوقة لله مقدّرة كما قال تعالى: { و الله خَلَقَكُمْ و مَا تَعْمَلُونَ }<ref>سورة الصافات: الآية 96</ref>، و إن العباد لا يقدرون أن يَخلقوا شيئاً و هم يُخلقون، كما قال تعالى: { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله} <ref>سورة فاطر: الآية 3</ref> ) <ref>السبحاني، جعفر، بحوث في الملل و النحل، ج2، ص147</ref>
 
'''* النتائج:''' إن القول بنظرية الجبر يؤدي إلى:
# نفي العدل عن الله تعالى و نسبة الظلم إليه.
# نفي الحكمة عنه تعالى و ذلك في عبثية الخلق و تكليف الإنسان و إرسال الأنبياء و إنزال الكتب السماوية و الوعد و الوعيد و العقاب.
# نفي قانون السببية و العلّيه و المعلولية في عالم الإمكان، فطبق نظرهم لا يوجد هناك الإّ علة واحدة تامة تقوم مقام جميع العلل، فلا تأثير في الوجود إلّا لله سبحانه و تعالى.
# نفي الاختيار عن الإنسان.
 
إن نظرية الجبر تنطلق من الفهم الخاطئ لتوحيد الخالقية، بأن الله تعالى خالق كل شيء و المالك لكل شيء.
 
=== الأدلة على بطلان الجبر ===
 
من الأدلة التي يستدل بها المذهب الشيعي على بطلان الجبر:
صحيحة يونس بن عبدالرّحمن عن غير واحد عن أبي جعفر وأبي عبد الله قالا : (إنّ الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثمّ يعذّبهم عليها ، والله أعزّ من أن يريد أمراً فلا يكون...)
 
=== التفويض ===
 
{{مفصلة| قدرية}}
 
'''* القائل بها هم''' المعتزلة.
 
'''* تعريفها:''' أن الله تعالى ليس له أي صلة با أفعال الإنسان، فهو تعالى خلق الإنسان فقط و فوض إليه أمره.
 
'''توضيح''' يرى أصحاب نظرية التفويض أن حاجة الموجود الممكن إلى واجب الوجود في الحدوث فقط دون البقاء، أي أن الله تعالى بعد أن يحدث و يوجد الإنسان يعطيه الاستقلال التام، فيكون الإنسان في أفعاله تام الاستقلال و الاختيار و الإرادة من دون أن يكون لله تعالى في أفعاله أي إرادة و مشيئة.
 
'''* الدافع:''' للحفاظ على العدل الالهي، الذي يعد في مذهب المعتزلة من أصول الدين، و عدم نسبة الظلم الذي يرتكبه الإنسان إلى الله تعالى و تنزيهه عن ذلك.
 
'''* الدليل:'''
 
'''- الدليل العقلي'''
 
* يستدل القاضي عبد الجبار على نظرية التفويض بأدلة منها:
 
-أنّه توجد في أفعال الإنسان ما هو ظلم و جور ،
-فلو كانت هذه الأفعال الظالمة و الجائرة من فعل الله تعالى
-يستلزم ذلك كون الله تعالى ظالما و جائرا، و الله تعالى منزه عن ذلك.
 
* كما أن المذهب المعتزلي ينطلق في نظريته من قانون ( أن علة احتياج ممكن الوجود إلى علة تكمن في حدوثه " حدوث الفعل " لا شيء آخر) و من هذا المنطلق يكون ممكن الوجود بعد حدوثه و إيجاده مستغني عن العلة في بقاء وجوده. و يذكرون إمثلة حسية لإثبات ذلك، منها:
# البناء؛ أن البناء يحتاج إلى البنّاء فقط في حدوثه، و بعد ذلك ليس بحاجة إليها، بحيث لو مات البنّاء فلا يؤثر ذلك في وجود البناء أبداً.
# الكتاب؛ فإن احتياجه و علاقته بالمؤلف فقط في حدوثه، و بعد ذلك ليس بحاجة إليها.
 
'''* من أقوال المعتزلة في التفويض:'''
 
* قول القاضي عبد الجبار: ( ذكر شيخنا أبو علي: اتفق اهل العدل على أن افعال العباد من تصرفهم و قيامهم و قعودهم، حادثة من جهتهم، و أن الله عز و جل اقدرهم على ذلك و لا فاعل لها و لا محدث سواهم).
 
'''* النتائج'''
# نفي تعلق الإرادة الإلهية با أفعال الإنسان.
# إن نظرية التفويض تستلزم الشرك، و القول بمخلوقين مستقلين.
# كما أنها تستلزم محدودية القدرة الالهية، يقول على بن موسى الرضا:( مساكين القدرية ارادوا ان يصفوا الله عز و جل بعدله فاخرجوه من قدرته و سلطانه).
 
=== الأدلة على بطلان نظرية التفويض ===
 
==== من القرآن الكريم ====
 
تتعارض نظرية التفويض مع ظاهر الآيات القرآنية، من ذلك:
 
* قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }<ref>سورة فاطر: الآية 15</ref>
* قوله تعالى: {وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ}<ref>سورة البقرة : الآية 102</ref>
 
== مسائل متعلقة بنظرية الأمر بين الأمرين ==
* هناك بعض علماء غير المذهب الشيعي ممن قبل بهذه النظرية، كالشيخ عبده في رسالة التوحيد، و أتباعه، و أيضاً قبل بها الرازي، و بعض مفكري مصر.<ref>السبحاني، جعفر، لب الأثر في الجبر و القدر، ص 236</ref> يقول محمد عبده: ( فمنهم القائل بسلطة العبد على جميع أفعاله و استقلاله المطلق، و هو غرور ظاهر. و منهم من قال بالجبر و صرّح به، و هو هدم للشريعة و محو للتكاليف، و إبطال لحكم العقل).
 
== انظر ايضاً ==
* الحسن و القبح العقليين.
* العدل عند الإثناعشرية.
 
== المصادرالهوامش ==
{{مراجع|2}}
 
== المصادر والمراجع ==
== مراجع ==
* القرآن الكريم
* الحيدري، كمال، موسوعة العدل الإلهي.
* إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار، '''المعجم الوسيط'''، مجمع اللغة العربية.
* الحيدري، كمال، الإنسان بين الجبر و التفويض ـ مدخل لدراسة نظرية الأمر بين الأمرين.
* ابن بابويه، محمد بن علي‏، '''التوحيد'''، الناشر: جامعة المدرسين‏، ط1، قم-ايران، 1398 هـ.
* السبحاني، جعفر، تلخيص محاضرات في الإلهيات.
* ابن منظور، محمد بن مكرم، '''لسان العرب'''، الناشر : دار صادر، ط1، بيروت-لبنان.
* السبحاني، جعفر، لب الأثر في الجبر و القدر، و تليه رسالة في الأمر بين الأمرين.
* الأشعري، علي بن إسماعيل، '''مقالات الإسلاميين'''، ط3، 1400هـ.
* الأمر بين الأمرين دراسة في مسألة الجبر و الاختيار، مركز الرسالة.
* السبحاني،جعفر، '''الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف‌'''، الناشر: مؤسسه الأمام الصادق {{عليه السلام}}‌، ط1، قم- ايران‌، 1423 ه‍ .
* [http://www.al-khoei.us/books/?id=5851 مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية]
* السبحاني، جعفر، '''الإلهيات على هدى الكتاب والسُنّة والعقل'''، مؤسسة الإمام الصادق {{عليه السلام}}، ط7، قم-ايران، 1388هـ/1430م.
* الشعراني، عبد الوهاب، '''اليواقيت والجواهر'''، دار احياء التراث العربي، بيروت-لبنان.
* الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، '''الملل والنحل'''، دار المعرفة، بيروت- لبنان، 1402هـ.
* العسكري، مرتضى، '''دراسة حول الجبر والتفويض والقضاء والقدر'''، د.ن، د.م، د.ت.
* القاضي، عبد الجبار، '''المغني في أصول الدين'''، الناشر: الشركة العربية، ط1، مصر، 1380هـ.
* القاضي، عبد الجبار، '''شرح الأصول الخمسة'''، مكتبة وهبه، ط3، القاهرة- مصر، 1996م.
* الكلبايكاني، علي، '''محاضرات في الإلهيات'''، اضواء الحوزة، طبعة جديدة، بيروت -لبنان، 1431هـ-2010م.
* الكلينى، محمد بن يعقوب‏،'''اصول الكافي'''، الناشر: دار الكتب الإسلامية، ط4، طهران-ايران، 1407 هـ.‏
* المجلسي، محمد باقر، '''بحار الأنوار'''، دار احياء التراث العربي، ط2، بيروت – لبنان، د.ت.
* عبده، محمد، '''رسالة التوحيد'''، دار ابن حزم، بيروت - لبنان، 1421هـ.
 
{{علم الكلام الإسلامي}}
السطر 219 ⟵ 129:
[[تصنيف:شريعة إسلامية]]
[[تصنيف:علم الكلام]]
[[تصنيف:معتزلة]]