عبد القادر مصطفى قباني: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:صيانة
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:تدقيق إملائي (تجريبي)
سطر 220:
هذا ما كان يراه الشيخ قباني في هذا المنصب وهكذا كان يحس بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه بعد توليه إياه. فقام بوضع لوائح تعليمية لتطوير التعليم الرسمي وقام بتقديمها إلى الجهات المختصة التي قامت بتجاهلها "فبقيت في زوايا الإهمال" على حد تعبير الشيخ قباني في ثمرات الفنون. وليس تصرف النظارة هذا بمستغرب إذ أن سياسة الأتراك في تلك الفترة لم تكن من أولوياتها نشرة الثقافة والتعليم بين المسلمين خوفاً من إنقلابهم.
 
وفي 13 آب 1908 وبعد مرور شهر واحد على إنقلاب جمعية الإتحادالاتحاد والترقي، أبلغته الجمعية نبأ إقالته من منصبه دون أي مبرر قانوني بل إكتفوا بإعطائه شهادة حسن سلوك تؤهله العمل في الدوائر الرسمية إذا شاء. أورد الشيخ قباني إقالته في صحيفته ثمرات الفنون كما يلي:
 
تبلغ صاحب هذه الجريدة من مقام الولاية نص تلغراف ورد من نظارة المعارف الجليلة بعزله من مديرية المعارف في الولاية وأن من المقتضى تعيين وكيل لرؤية الأشغال. ولما كان هذا العزل بهذه الصورة مخالفاً لأحكام القانون الأساسي وللعدالة التمس تلغرافياً من مقام الصدارة العظمى ومن نظارة المعارف بيان السبب للمدافعة عن الحقوق دفعاً للمغدورية.
سطر 236:
تفسير ما جرى في 13 آب 1919 يتطلب توضيح مسألتين:
 
الأولى: خلفية جمعية الإتحادالاتحاد والترقي وأهدافها المعلنة وغير المعلنة
 
الثانية: علاقة الشيخ قباني بالسلطات العثمانية والسلطان عبد الحميد على وجه الخصوص
 
أولاً: جمعية الإتحادالاتحاد والترقي:
 
كانت جمعية الاتحاد والترقي في بداياتها تطالب السلطان العثماني بالإصلاح الدستوري ورفع الظلم عن الولايات العثمانية. وكانت آنذاك جمعية سرية تناوىء السلطان عبد الحميد ، وتضم نخبة من أحرار ومفكري البلاد العربية وسائر انحاء السلطنة العثمانية.
سطر 248:
في 3 تموز 1908 قامت مجموعة من الضباط المنتمين إلى جمعية الاتحاد والترقي السرية، بثورة دستورية تمخضت عن أجبار السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909) على إعلان إعادة العمل بدستور 1876 المعطل منذ سنة 1877، وقد رفع الانقلابيون شعارات: الحرية والإخاء والمساواة ولم يتسلموا الحكم مباشرة، بالرغم من أنهم شكلوا الأكثرية في البرلمان (مجلس المبعوثان )، ولكنهم حرصوا على أن يكون السلطان والصدر الأعظم، تحت رقابتهم الشديدة وأشرافهم المستمر.
 
وكشف المحفل الماسوني في أول مؤتمر علني له في تركيا في كانون الثاني 2000 أن طلعت باشا، أحد مؤسسي جمعية تركيا الفتاة، والذي ترأس الحكومة التركية بين عامي 17-1918م، واغتيل في مدينة برلين هو الذي أسّس المحفل الماسوني في تركيا عام 1909م، وأن الماسونية قد لعبت دورًا أساسيًا في إصدار "لائحة التنظيمات"، وفىوفي تحرّكات جمعية "الاتحاد والترقِّي" التي نقلت الأفكار الغربية لتركيا بعد عصر السلطان عبد الحميد الثاني. وهاجم عضو المحفل الماسوني بعنف السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909) زاعمًا: "أن فترة الحكم الإسلامي وقت زمن السلطان عبد الحميد الثاني وقفت حجر عثرة أمام تأسيس وظهور المحفل الماسوني، ولكن بعد عبد الحميد وبمعاونة جمعية الاتحاد والترقي تمكنت الماسونية من الظهور والتغلغل في إدارة الدولة".
 
وهكذا فإن سياسة عبد الحميد الثاني إزاء الإتحاديين والماسونية والصهيونية ودول أوروبا قد أدت إلى إتفاق هذه العناصر للقيام بثورة 1908 حيث قامت جمعية الإتحادالاتحاد والترقي بأخذ قرار في مجلس المبعوثان بخلع السلطام عبد الحميد واجلاس أخيه محمد رشاد (1909-1918) باسم السلطان محمد الخامس على عرش الدولة العثمانية.
 
وقد كان للسلطان عبد الحميد وقفات مشرِّفة فيما يختص بإستيطان اليهود لفلسطين. فعندما جاء أوليفانت (Oliphant) المبعوث اليهودي لمطالبته بإنشاء كيان لليهود في فلسطين جاء رد السلطان بأن اليهود يستطيعون العيش بسلام في أية منطقة من المملكة إلا في فلسطين، لأن الدولة ترحب بالمضطهدين إلا أنها ترفض مساعدة اليهود على إقامة دولة لهم في فلسطين يكون أساسها الدين.
سطر 256:
وسرعان ما تبدلت سياسة الدولة العثمانية تجاه فلسطين والدول العربية بعد الثورة فازدادت موجة الهجرة اليهودية وكما كان عهد الاتحاديين هو العهد الذهبي بالنسبة لليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين كذلك كان العهد الذهبي في فتح المحافل الماسونية في طول البلاد وعرضها في الدولة العثمانية. يقول فخر البارودي في مذكراته واصفاً وضع دمشق بعد وصول الاتحاد والترقي إلى الحكم : "وقد ساعد الاتحاديين على نشر دعايتهم اللوج ـ أي المحفل ـ الماسوني الذي كان مغلقاً قبل الدستور" ثم يقول: "وبعد الانقلاب فتح المحفل أبوابه، وجمع الأعضاء شملهم وأسسوا محفلاً جديداً أسموه محفل "نور دمشق" وربطوه بالمحفل الإسكتلندي"
 
وبعد هذه اللمحة عن مواقف السلطان عبد الحميد وعن تاريخ جمعية الإتحادالاتحاد والترقي تصبح واضحة الأسباب التي وقفت وراء إقصاء رجالات الدولة الشرفاء العاملين على رفعة البلاد وخير العرب والمسلمين والوطن من أمثال الشيخ قباني
 
ثانياً: علاقة الشيخ قباني بالسلطات العثمانية والسلطان عبد الحميد.
سطر 266:
== إعادة العمل بالدستور ==
 
بعد أن أعلن إعادة العمل بالدستور في تموز 1908، عمت البهجة أوساط المثقفين الذين تفاءلوا خيراً وأملوا بأن زمن حرية التعبير والمساواة والعدلة ومحاربة الفساد قد أتى، ولعل المسلمين من بين هؤلاء كاموا الأكثر حماسة كونهم كانوا يرون في الحكم التركي خلافة إسلامية وليس إحتلالاً عثمانياً وكانوا دوماً إلى الإصلاح والىوإلى الوصول بالعلاقة مع الحكام إلى ما كانت عليه حال المسلمين دوماً في ظل الخلافة الإسلامية من عدل ومساواة. ألا أن نظرة الأتراك للعرب وممارساتهم في الحكم كانت دوماً علاقة المحتل مع المحتلين في ما عدا بعض المثقفين الذين كانوا يدعون لخلاف ذلك.
 
وهكذا، بعد صدور الدستور كان الشيخ قباني من أشد المتحمسين وهو المسلم المؤمن الذي تضارب ولاءه مع ما كان يراه من فساد وتضييق على الحريات مما تعافه نفسه. فقام مع مجموعة من رفاقه بتأسيس جمعية "الجامعة العثمانية" من منطلق أن جميع أبناء السلطنة من أي دين أو قومية كانوا هم عثمانيون متساوون في الحقوق والواجبات. وانطلقت وفود من الجمعية في أنحاء السلطنة "لبث روح الآخاء وجمع الكلمة بين إخواننا العثمانيين" كما ذكرت ثمرات الفنون التي تحدثت عن إنشاء الجمعية فقالت:
 
"حي الله الجامعة العثمانية في كل صقع وناد ويسرنا أن بعض المتفكرين الأحرار قد راق لهم تشكيل جمعية بعد نشر القانون الأساسي تتألف من سائر أبناء الوطن لخدمة الوطن وقد أسفر سعيهم عن تشكيل جمعية بإسم "الجامعة العثمانية" ومساء الإثنين الماضي إحتفلت في مرسح زهرة سوريا بتلاوة قانونها وتقدم ذلك إرتجال بعض الخطب وكان المرسح غاصاً بالناس وتقدم القوم إلى الإشتراكالاشتراك بهذه الجمعية ولم يزل يتزايد أعضائها.
 
وغاية هذه الجمعية صريحة في قانونها وهي توطيد القانون الأساسي والمحافظة عليه والدفاع عنه وعن محبيه ومريديه الأحرار في كل ما يؤيد الحرية والمساواة والآخاء وخدمة الوطن العزيز".