التاريخ الاجتماعي للفيروسات: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:تدقيق إملائي (تجريبي)
سطر 2:
يصف '''التاريخ الاجتماعي للفيروسات''' تأثير [[الفيروسات]] والعدوى الفيروسية على تاريخ البشرية. ظهرت [[وباء|الأوبئة]] بسبب الفيروسات منذ حوالي 12000 سنة، وذلك بسبب تغير سلوك الإنسان خلال [[عصر حجري حديث|العصر الحجري الحديث]] حيث بدء في إقامة مجتمعات زراعية ذات كثافة سكانية عالية وأدي هذا التطور إلى انتشار الفيروسات بسرعة إلى أن أصبحت أوبئة [[مرض متوطن|متوطنة]]. وزادت [[فيروس نبات|فيروسات النباتات]] والماشية أيضًا، وعندما اعتمد الإنسان في تلك الفترة على الزراعة وتربية الماشية أصبح لأمراض مثل البوتيفيروس ([[فيروسات البطاطا|فيروس البطاطا]]) والطاعون البقري عواقب مدمرة.
 
ويعد فيروس [[حصبة|الحصبة]] و[[جدري|الجدري]] من بين أقدم الفيروسات التي أصابت الإنسان. فبعد أن تطور الفيروس من خلال الحيوانات، ظهر لأول مرة على البشر في أوروبا وشمال أفريقيا منذ آلاف السنين. ومن ثم انتقل الفيروس إلى العالم الجديد عن طريق الأوربيين أيام [[الاستعمار الإسباني في الأمريكيتين]] مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت الملايين من [[أمريكيون أصليون|السكان الاصليين]] الذين لم يكن لديهم مناعة طبيعية لمقاومة الفيروس. أما عن فيروس الإنفلونزا، فقد رُصدت أول [[جائحة]] للإنفلونزا عام [[1580]] وزادت حالات الإصابة بالمرض بوتيرة متزايدة في القرون اللاحقة. وكانت [[وباء إنفلونزا 1918|الإنفلونزا الإسبانية]] التي انتشرت بين عامي [[1918]] [[1919|و1919]] هي الأكثر تدميرًا في التاريخ وخلفت ما بين 40 الىإلى 50 مليون حالة وفاة في أقل من سنة.
 
وقد كان الطبيبان [[لوي باستير]] و [[إدوارد جينر]] هم أول من قام بتحضير [[لقاح|القاحات]] للوقاية من العدوى الفيروسية. وظلت طبيعة الفيروسات غير معروفة إلا بعد اكتشاف [[مجهر إلكتروني|المجهر الإلكتروني]] في الثلاثينيات من القرن العشرين وعندها اكتسب [[علم الفيروسات]] زخمًا كبيرًا. وفي القرن العشرين ظهرت العديد من الأمراض الجديدة والقديمة التي سببتها الفيروسات، ومن الأمراض الجديدة التي ظهرت هو وباء [[شلل الأطفال]] ولم يتم السيطرة عليه إلا بعد تطوير لقاح في الخمسينيات، بالإضافة إلى فيروس الإيدز [[فيروس العوز المناعي البشري|نقص المناعة البشرية HIV]] الجديد وهو واحد من أكثر الفيروسات المسببة للأمراض التي ظهرت منذُ قرون. وبالرغم من وجود فوائد للعديد من الفيروسات إلا أن الاهتمام العلمي بالفيروسات قد ازداد بسبب ما ينتج عنها من أمراض خطيرة. وترجع فائدتها إلى أنها تدفع مسيرة التطور عن طريق [[نقل المورثات الأفقي|نقل الجينات الورائية]] عبر الأنواع، كما أنها تؤدي دورًا رئيسيًا في [[نظام بيئي|النظام البيئي]] ولا غنى عنها لاستمرار الحياة.
 
== عصور ما قبل التاريخ ==
على مدى من 50000 إلى 100000 سنة ماضية، ظهرت العديد من الأمراض المعدية الجديدة، بما فىفي ذلك تلك التي تسببها الفيروسات وذلك لازدياد أعداد الإنسان المتطور وانتشاره فىفي جميع أنحاء العالم.<ref name="McMichael AJ 2004 PMC"/> وفيما مضى كان البشر يعيشون فىفي مجتمعات صغيرة منعزلة، ولم يكن هناك أى وجود لأية أمراض وبائية.<ref>Clark, p. 56</ref><ref>Barrett and Armelagos, p. 28</ref> ثم ظهر [[الجدري]]، الذي يعد الفيروس الأكثر تدميرًا وفتكًا فىفي التاريخ، لأول مرة فىفي المجتمعات الزراعية فىفي الهند منذ حوالي 11,000 سنة.<ref>Villarreal, p. 344</ref> ومن المحتمل ان يكون هذا الفيروس، الذي أصاب البشر فقط، قد وصلهم من [[الفيروسات]] [[الجدري|الجدرية]] الموجودة في القوارض.<ref>Hughes AL, Irausquin S, Friedman R (2010). "The evolutionary biology of poxviruses". Infection, Genetics and Evolution 10 (1): 50–59. doi:10.1016/j.meegid.2009.10.001. PMC 2818276. {{PMID|19833230}}. Retrieved 2014-12-19.</ref> ومن المحتمل أن الإنسان تعامل وتواصل مع هذه القوارض التي كانت بالفعل تحمل هذه الفيروسات، ومن ثم تمت إصابة بعض البشر بهذه الفيرروسات عن طريق العدوي. وعندما تعبر هذه الفيروسات ما يُسمى "حاجز الأنواع" قد يصبح تأثيرها خطيرًا،<ref>Georges AJ, Matton T, Courbot-Georges MC (2004). "[Monkey-pox, a model of emergent then reemergent disease]". Médecine et Maladies Infectieuses (in French) 34 (1): 12–19. doi:10.1016/j.medmal.2003.09.008. {{PMID|15617321}}.</ref> وربما لم يكن لدى البشر [[مناعة]] طبيعية قوية عندئذ. وفي السابق، عاش الإنسان المعاصر في جماعات صغيرة، وأولئك الذين أصابتهم العدوى إما ماتوا بسببها أو اكتسبوا مناعة لمواجهتها. ولا تُوّرث هذه [[المناعة]] المكتسبة إلى النسل إلا بشكل مؤقت عن طريق الأجسام المضادة التى يحتويها حليب ثدي الأم وبعض [[الأجسام المضادة]] الأخرى التى تنتقل عبر [[المشيمة]] من دم الأم الىإلى دم الطفل الذى لم يولد بعد. لذلك، ربما وقعت حالات تفشي إصابات متفرقة في كل جيل. وفي حوالي 9000 قبل الميلاد، عندما بدء الكثير من الناس في الاستقرار على السهول الفيضية الخصبة ل[[نهر النيل]]، أصبح عدد السكان كثيفًا بما يكفي لاستمرار وجود الفيروس بسبب ارتفاع نسبة المعرضين للإصابة به.<ref name="Tucker, p. 6">Tucker, p. 6</ref> كما ظهرت العديد من الأوبئة للأمراض الفيروسية والتى تعتمد على تجمع عدد كبير من السكان لأول مرة فىفي هذا الوقت ومنها [[النكاف]] و[[حصبة ألمانية|الحصبة الألمانية]] و[[شلل الأطفال]].<ref>Clark, p. 20</ref>
 
يعد العصرالحجرى الحديث، والذى بدء في الشرق الأوسط في حوالي 9500 قبل الميلاد، الوقت الذي أصبح فيه البشر مزارعين.<ref>Barker, p. 1</ref> هذه [[الثورة الزراعية]] شجعت تطور [[زراعة أحادية|الزراعة الأحادية]]، وأتاحت فرصة الانتشار السريع للكثير من أنواع [[فيروس نبات|الفيروسات النباتية]].<ref name="Gibbs AJ 2008 PMC">Gibbs AJ, Ohshima K, Phillips MJ, Gibbs MJ (2008). Lindenbach, Brett, ed. "The prehistory of potyviruses: their initial radiation was during the dawn of agriculture". PLoS ONE 3 (6): e2523. doi:10.1371/journal.pone.0002523. PMC 2429970. {{PMID|18575612}}. Retrieved 2014-12-19.</ref> ويرجع تاريخ تشعب وانتشار نوع من [[الفيروس]] ليس له عائلة وهو فيروس تبرقش [[الفول]] الجنوبي إلى هذا الوقت.<ref>Fargette D, Pinel-Galzi A, Sérémé D, Lacombe S, Hébrard E, Traoré O, Konaté G (2008). Holmes, Edward C., ed. "Diversification of rice yellow mottle virus and related viruses spans the history of agriculture from the neolithic to the present". PLOS Pathogens 4 (8): e1000125. doi:10.1371/journal.ppat.1000125. PMC 2495034. {{PMID|18704169}}.</ref> أما انتشار [[فيروسات]] [[البطاطا]] والخضروات والفاكهة فقد بدء قبل حوالى 6,600 عام.<ref name="Gibbs AJ 2008 PMC"/>
 
منذ حوالى 10,000 عام بدء البشر الذين كانوا يقنطوا [[الأراضى]] المحيطة [[بحر الأبيض المتوسط|بالبحر الأبيض المتوسط]] فىفي ترويض الحيوانات البرية. وتم الاحتفاظ بكل من [[الخنازير]]، و[[الأبقار]]، و[[الماعز]]، و[[الأغنام]]، و[[الخيول]]، و[[الجمل|الجمال]]، و[[القطط]]، و[[الكلاب]] وتربيتها في أماكن أسرها.<ref>Zeder MA (2008). "Domestication and early agriculture in the Mediterranean Basin: origins, diffusion, and impact". Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America 105 (33): 11597–11604. doi:10.1073/pnas.0801317105. PMC 2575338. {{PMID|18697943}}. Retrieved 2014-12-19.</ref> ومن المحتمل أن هذه الحيوانات حملت الفيروسات معها.<ref>McNeill, p. 71</ref> ويُمكن انتقال الفيروسات من الحيوانات إلى البشر ولكن مثل هذه [[مرض حيواني المنشأ|الأمراض الحيوانية المنشأ]] نادرة وبالتالى فإن انتقال الفيروسات الحيوانية من إنسان الىإلى إنسان يكون أكثر ندرةً، على الرغم من وجود بعض الاستثناءات التى لا يمكن تجاهلها مثل [[الإنفلونزا]]. وتُصيب معظم الفيروسات أنواع محددة وقد لا تشكل أى خطر على البشر.<ref>Baker, pp. 40–50</ref> ويقصر أجل الأوبئة النادرة للأمراض الفيروسية حيوانية المنشأ بسبب عدم تكيف الفيروسات بشكل كامل مع البشر<ref>McNeill, p. 73</ref> وبسبب أن التجمعات البشرية كانت صغيرة جدًا بحيث أنه لا يمكنها الحفاظ على سلاسل العدوى.<ref>Clark, p. 57–58</ref>
 
كانت الفيروسات الأخرى القديمة تمثل أقل خطورة. وقد أصابت [[الفيروسات]] [[الهربس|الهربسية]] أولًا أسلاف الإنسان المعاصر منذ ما يزيد على 80 مليون سنة.<ref name="Crawford 2000, p. 225">Crawford (2000), p. 225</ref> وقد طور البشر قدرة احتمال هذه الفيروسات، وأُصيب أغلبهم على الأقل بنوع واحد.<ref>White DW, Suzanne Beard R, Barton ES (2012). "Immune modulation during latent herpesvirus infection". Immunological Reviews 245 (1): 189–208. doi:10.1111/j.1600-065X.2011.01074.x. PMC 3243940. {{PMID|22168421}}.</ref> ويندر وجود تسجيل لهذه العدوى الفيروسية الأكثر اعتدالًا تكون نادرة، ولكن من المرجح أن كائنات شبيهة بالإنسان مبكرًا كانت تعانى من نزلات البرد، والإنفلونزا، والإسهال الناجمة عن الفيروسات كما هو حال الإنسان اليوم. وفى الآونة الأخيرة، تسبب الفيروسات المتطورة [[الأوبئة]] والجوائح، وهذا مايسجله التاريخ.<ref name="Crawford 2000, p. 225"/> ويبدو أن فيروس الإنفلونزا عبر حاجز الأنواع بانتقاله من الخنازير إلى البط، والطيور المائية وبالتالي إلى البشر. ومن الممكن أن يرتبط الوباء القاتل الذي انتشر فىفي الشرق الأوسط فىفي وقت أواخر عهد [[أسرة مصرية ثامنة عشر|الأسرة الثامنة عشر]] بانتقال فيروسي على الشاكلة السابقة في [[تل العمارنة]].<ref>Martin, P; Martin-Granel E (June 2006). "2,500-year evolution of the term epidemic". Emerg Infect Dis 12 (6): 976–80. doi:10.3201/eid1206.051263. PMC 3373038. {{PMID|16707055}}. Retrieved 2014-12-19.</ref>
 
== فى العصور القديمة ==
[[ملف:Polio Egyptian Stele.jpg|200px|تصغير|يسار|لوحة تذكارية مصرية تصور أحد ضحايا شلل الأطفال، الأسرة الثامنة عشر (1580-1350 قبل الميلاد)]]
توجد بين أقدم تسجيلات للعدوى الفيروسية [[لوحة تذكارية]] [[مصرية]] يُعتقد أنها تصور أحد الكهنة من [[الأسرة الثامنة عشر]] (1350-1580 قبل الميلاد) يعاني من تشوه قدمه واصابته ب[[إعاقة]] [[حركية]] نتيجة إصابته بشلل الأطفال.<ref>Shors, p. 13</ref> يظهر على [[مومياء]] [[سبتاح]]،وهو أحد حكام الأسرة التاسعة عشر، علامات [[شلل الأطفال]]، كما يظهر على مومياء [[رمسيس الخامس]] وبعض المومياوات المصرية الأخرى المدفونة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام ظهرت علامات الإصابة بالجدري.<ref>Donadoni, p. 292</ref><ref>Taylor, p. 4</ref> وفى أثينا فىفي عام 430 قبل الميلاد تفشى وباء الجدري، وفى ذلك الوقت توفى ربع الجيش الأثينى والعديد من المواطنين بسبب العدوى.<ref>Zimmer, p. 82</ref>
 
[[الحصبة]] هى مرض قديم، ولكنه لم يكن معروف حتى القرن العاشر حين اكتشفه وتعرف عليه الطبيب الفارسى [[محمد بن زاكريا الرازى]] (865-925) المعروف باسم الرازى.<ref name="Levins, pp. 297–298">Levins, pp. 297–298</ref> واستخدم الرازى المصطلح العربى "الحصبة" للإشارة إلى المرض. وكان للحصبة العديد من الأسماء الأخرى ومنها الحصبة روبيولا وهى من الكلمة [[اللاتينية]] ريبيوس أي اللون الأحمر، وموربيللى ويعني الطاعون الصغير.<ref>Dobson, pp. 140–141</ref> ونظرًا لأوجه التشابه الوثيقة بين فيروس الحصبة و[[فيروس]] [[حمى الكلاب]] و[[فيروس]] [[الطاعون البقرى]] اشتد الاعتقاد بأن الحصبة قد انتقلت للانسان عن طريق الكلاب المدجنة أو الماشية.<ref>Karlen, p. 57</ref> وقد اتضح أن فيروس الحصبة قد تشعب على نطاق واسع فىفي القرن الثانى عشر بعيدًا عن فيروس الطاعون البقري.<ref>Furuse Y, Suzuki A, Oshitani H (2010). "Origin of measles virus: divergence from rinderpest virus between the 11th and 12th centuries". Virology Journal 7: 52. doi:10.1186/1743-422X-7-52. PMC 2838858. {{PMID|20202190}}.</ref>
 
تمنح عدوى الحصبة الحصانة مدى الحياة، لذا يتطلب الفيروس وجود كثافة سكانية عالية ليصبح مرض متوطن وعلى الأرجح أن هذا لم يحدث في [[العصر الحجرى]] الحديث.<ref name="Levins, pp. 297–298"/> وبعد ظهور الفيروس فىفي منطقة [[الشرق الأوسط]] وصل الهند فىفي 2500 قبل الميلاد.<ref name="Retief F 2010">Retief F, Cilliers L (2010). "Measles in antiquity and the Middle Ages". South African Medical Journal 100 (4): 216–217. {{PMID|20459960}}.</ref> وقد كانت الحصبة شائعة عند الأطفال فىفي الوقت بشكل كبير حتى أنها لم تكن تعد مرضًا. وقد وصفت الحصبة فىفي الكتابات الهيروغليفية المصرية بأنها مرحلة طبيعية من مراحل التنمية.<ref name="Zuckerman, p. 291">Zuckerman, p. 291</ref>
 
ويُمكن العثور على أقدم وصف لنبات أصيب بفيروس فىفي قصيدة كتبتها [[الأمبراطورة|الامبراطورة]] [[شوتوكو]](718-770)، والتى كانت تصف فيها نبات أرواقه صفراء في الصيف. وقد عُرف النبات بعد ذلك باسم "[[يوباتيريم ليديلانيوم]]" وهو غالبًا مايكون مُصاب بفيروس تجعد [[الأوراق]] الصفراء [[الطماطم|للطماطم]].<ref>Mahy, (a) p. 10</ref>
 
== العصور الوسطى ==
[[ملف:Middle Ages rabid dog.jpg|200px|تصغير|يسار|نقش خشبى من العصور الوسطي يعرض كلب مسعور]]
وبسبب نمو السكان بسرعة في أوروبا وازدياد كثافة السكان فىفي البلدان والمدن، أصبحت هناك أرض خصبة لوجود العديد من الأمراض المعدية ومنها [[الموت الأسود]]، وهي عدوى بكتيرية، وهو الأكثر شهرة.<ref>Gottfried RS (1977). "Population, plague, and the sweating sickness: demographic movements in late fifteenth-century England". The Journal of British Studies 17 (1): 12–37. doi:10.1086/385710. {{PMID|11632234}}.</ref> وباستثناء الجدري والإنفلونزا، كان من النادر وجود توثيق لموجات تفشي العدوى التي يُعرف الآن أن سبب حدوثها كان فيروسي. وكان [[داء الكلب]]، وهو مرض عُرف لأكثر من 4000 عام،<ref name="Mahy, b p. 243">Mahy, (b) p. 243</ref> منتشر فىفي أوروبا واستمر على هذا النحو حتى اكتشاف [[لوي باستور]] للقاح فىفي عام 1886.<ref name="Shors, p. 352">Shors, p. 352</ref> وكان متوسط العمر المتوقع فىفي أوروبا فىفي العصور الوسطى 35 سنة، وكان يتوفى 60% من الأطفال قبل بلوغ سن السادسة عشر، وكان يتوفى الكثير منهم خلال السنوات الست الأولى من الحياة. اعتمدالأطباء، على قلة عددهم، على التنجيم بنفس قدر اعتمادهم على معلوماتهم الطبية المحدودة. وتألفت بعض علاجات الأمراض من مراهم المُحضرة من قطط مشوية فىفي دهون القنقذ.<ref>Mortimer, (2009) p. 211</ref> وكانت الحصبة والإنفلونزا والجدري من بين عدد كبير من الأمراض التى تسبب الوفاة فىفي مرحلة الطفولة.<ref>Pickett, p. 10</ref> وساعدت [[الحروب الصليبية]] و[[الفتوحات الإسلامية]] فىفي انتشار الجدري الذي كان سببًا في أوبئة متكررة فىفي أوروبا بعد وصوله للقارة بين القرنين الخامس والسابع.<ref>Riedel S (2005). "Edward Jenner and the history of smallpox and vaccination". Proceedings (Baylor University. Medical Center) 18 (1): 21–25. PMC 1200696. {{PMID|16200144}}.</ref><ref>Clark, p. 21</ref>
 
كانت الحصبة متوطنة فىفي جميع أنحاء البلدان ذات الكثافة السكانية العالية من أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط.<ref>Gilchrist, p. 41</ref> وفى [[إنجلترا]] عُرف المرض باسم "ميزيلس"، ووجد أول وصف له فىفي القرن الثالث عشر، وعلى الأرجح أنه كان واحد من التسعة وأربعون وباء الذين وقعوا فيما بين 526 و1087.<ref name="Retief F 2010"/> ويعد الطاعون البقرى، الذى يسببه فيروس يرتبط ارتباطًا وثيقًا بفيروس الحصبة، مرض يصيب الماشية وهو معروف منذ العصور الرومانية.<ref>Barrett, p. 15</ref> ونشأ هذا المرض في آسيا، ووصل إلى أوروبا لأول مرة عن طريق [[الهون|قبائل الهون]] الغازية فىفي عام 370. وفيما بعد، نشرت غزوات [[المغول]] بقيادة [[جنكيز خان]] وجيشه الأوبئة فىفي أوروبا في أعوام 1222 و1233 و1238.<ref name="Barrett, p. 87">Barrett, p. 87</ref> وانتقلت العدوى لاحقًا إلى إنجلترا فىفي أعقاب استيراد الماشية من القارة. وكان الطاعون البقرى فىفي ذلك الوقت مرضًا مدمرًا وكان معدل الوفيات الناجمة عنه من 80 إلى 90%. وأدت وفاة الماشية الناجمة عن المرض إلى مجاعة.<ref name="Barrett, p. 87"/>
 
== أوائل العصر [[عصور حديثة|الحديث]] حتى أخره==
سطر 36:
واجتاح لندن وباء في صيف عام 1508، ولقي العديد من الضحايا مصرعهم خلال يوم واحد، وكانت حالات الوفاة منتشرة في جميع أنحاء المدينة. وأصبحت الشوارع خالية تمامًا إلا من العربات التي تنقل الجثث. وأصدر الملك هنري إعلان بحظر الدخول للمدينة (منع الدخول إليها) باستثناء الأطباء والصيادلة.<ref>Penn, pp. 325–326</ref> وفي عام 1556 تفشى وباء جدبد راح ضحيته عشرات الآلاف، ربما كان مرض الانفلونزا أو عدوى فيروسية مماثلة. ولكن لا يُمكن الاعتماد على ما كُتب في ذلك الوقت والأخذ به لأن الطب لم يكن علمًا متخصصًا بعد.<ref name="Mortimer 2012, p. 278">Mortimer (2012), p. 278</ref><ref>Quinn, p. 41</ref><ref>Karlen, p. 81</ref> وبعدما أصبح الطب علمًا، أصبحت أوصاف الأمراض أكثر وضوحًا. وبالرغم من ضعف إمكانات الطب والدواء لتخفيف معاناة الضحايا المصابين، تم اتخاذ التدابير للحد من انتشار المرض ومنها: فرض قيود على التجارة والسفر، وعزل الأسر المنكوبة من المجتمع، وتبخير المباني وقتل الماشية.<ref>Porter, p. 9</ref>
 
ترجع المصادر التي تشير الىإلى عدوى الإنفلونزا الىإلى أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر،<ref>Quinn, p. 9</ref> ولكن من المؤكد أن هذه العدوى قد ظهرت قبل ذلك بمدة طويلة.<ref>Quinn, pp. 39–57</ref> ظهر وباء الإنفلونزا لأول مرة عام 1173 م في أوروبا، وفي عام 1493 تفشى وباء آخر وضرب السكان الأصليين (الهنود الحمر ) في [[هيسبانيولا]]. ويُعتقد أن هذا الوباء هو مرض [[إنفلونزا الخنازير]]، وتوجد بعض الأدلة على أن مصدر تلك العدوى هو الخنازير التي كانت على متن سفن [[كريستوفر كولومبوس|كولومبوس]].<ref>Dobson, p. 172</ref> و في الفترة بين 1557 و1559 ظهر وباء إنفلونزا في إنجلتر وراح ضحيته خمسة بالمئة من عدد السكان أي حوالي 150.000 شخص. وكان معدل الوفيات تقريبا خمسة أضعاف وباء إنفلونزا عام 1918.<ref name="Mortimer 2012, p. 278"/> وفي في يوليو 1580، تم تسجيل أول وباء بشكل صحيح واجتاح ذلك الوباء أنحاء مختلفة في أوروبا وأفريقيا وآسيا، وارتفعت معدلات الوفيات حيث توفى 8،000 شخص في روما.<ref name="Potter CW 2001">Potter CW (2001). "A history of influenza". Journal of Applied Microbiology 91 (4): 572–579. doi:10.1046/j.1365-2672.2001.01492.x. {{PMID|11576290}}. Retrieved 2014-12-19.</ref> وفي القرن الثامن عشر ظهرت ثلاثة أوبئة أخرى من ضمنها الوباء الذي ظهر في الفترة ما بين 1781 و1782.<ref>Quinn, p. 71</ref> ويُعد هذا الوباء الأكثر تدميرًا في التاريخ؛ حيث بدأ في الصين في نوفمبر 1781 إلى أن وصل [[موسكو]] في ديسمبر، ثم اجتاح [[سانت بطرسبرغ|سانت بطرسبرج]] في فبراير 1782، وبحلول شهر مايو كان قد وصل إلى الدنمارك.<ref name="Potter CW 2001"/><ref>Quinn, p. 72</ref> وفي غضون ستة أسابيع كان 75 بالمئة من السكان الإنجليز قد أصابتهم العدوى وسرعان منا انتشر المرض إلى الأمريكتين.<ref>Dobson, p. 174</ref>
 
[[ملف:Aztec smallpox victims.jpg|200px|تصغير|رسومات [[آزتك]] من القرن السادس عشر في (الأعلى) ضحايا الجدري و(الأسفل) ضحايا الحصبة[[ملف:Measles Aztec drawing.jpg|200px|تصغير]]]]ظلت أمريكا وأستراليا خاليتين من الحصبة والجدري حتى وصول المستعمر الأوروبي ما بين القرن الخامس عشر حتى القرن الثامن عشر.<ref name="McMichael AJ 2004 PMC">McMichael AJ (2004). "Environmental and social influences on emerging infectious diseases: past, present and future". Philosophical Transactions of the Royal Society B 359 (1447): 1049–1058. doi:10.1098/rstb.2004.1480. PMC 1693387. {{PMID|15306389}}.</ref> لم يحمل الأسبان الحصبة والإنفلونزا فقط إلى الأمريكتين، بل حملوا الجدري معهم أيضاً.<ref name="McMichael AJ 2004 PMC"/> وكان الجدري مستوطنًا في أسبانيا حيث حمله [[مورو|المورو]] (الموريون) من افريقيا.<ref>Glynn, p. 31</ref> وانتشر وباء الجدري في [[تينوتشتيتلان]] عاصمة [[ازتك|امبراطورية الآزتك]] في [[المكسيك]] عام 1519. بدأ الوباء عن طريق جيش [[بانفيلو دي نارفاييث|بانفيلو دي نارفييث]] الذي لحق [[إرنان كورتيس|بإرنان كورتيس]] ومعه على ظهر سفينته أحد العبيد الأفارقة الذي كان مصابًا بالعدوى. وعندما دخل الأسبان العاصمة في صيف عام 1521 وجدوها ممتلئة بجثث الضحايا المتناثرة.<ref>Tucker, p. 10</ref> وفي النهاية قتل الوباء أكثر من نصف السكان الأصليين.<ref>Berdan, pp. 182–183</ref> أما الأسبان فكان لديهم مناعة من مرض الجدري. ولم يكن كورتيس لينتصر على الآزتك ويغزو المكسيك، مع جيش يبلغ عدده أقل من 900 شخص، دون مساعدة من الجدري.<ref>Glynn, p. 33</ref> وهكذا لقى العديد من [[أمريكيون أصليون|السكان الأصليين]] حتفهم عن طريق انتشار المرض الذي دخل دون قصد مع الاستعمار الأوروبي. وبعد 150 عام من وصول كولومبوس إلى الأمريكتين، كان عدد السكان الأصليين قد انخفض بنسبة 80 بالمئة بسبب الأمراض المختلفة ومنها الجدري والحصبة والإنفلونزا.<ref>Standford, p. 108</ref><ref>Barrett and Armelagos, p. 42/</ref> وساهم الهلاك الذي الحقته تلك الفيروسات في محاولات الأوروبيون لتهجير السكان الأصليين وغزوهم.<ref>Oldstone, pp. 61–68</ref>
سطر 43:
في عام 1546 كتب الطبيب الإيطالي [[جيرولامو فراكاسترو]] وصفاً تقليديًا عن الحصبة. واافترض أن مسببات الأمراض الوبائية هي دقائق قادرة على الانتقال من شخص لأخر وتشبه "[[بذرة|البذور]]". وفي عام 1670 سجل [[توماس سيدنهام]] وباء الحصبة الذي اجتاح لندن وافترض أيضًا أن الوباء ناتج من أبخرة سامة منبعثة من الأرض.<ref name="Retief F 2010"/> وبالرغم من خطأ نظريته إلا أنه كان ملاحظ ذو مهارة واحتفظ بسجلاك دقيقة للمرض.<ref>Sloan AW (1987). "Thomas Sydenham, 1624–1689". South African Medical Journal 72 (4): 275–278. {{PMID|3303370}}.</ref>
 
إن [[حمى صفراء|الحمّى الصفراء]] هي مرض فيروسي قاتل وفتاك يُسببه فيروس فلافي أو [[فيروسات مصفرة|الفَيروسَةُ المُصَفِّرَة]] (جِنْسٌ مِنَ الفَيروسات). وينتقل الفيروس إلى البشر عن طريق البعوضة المُسماة بالبعوضة [[زاعجة مصرية|(الزاعجة)المصرية]] (Aedes aegypti). ظهر المرض لأول مرة منذُ أكثر من 3.000 سنة.<ref>Mahy, (b) p. 514</ref> وتم تسجيل أول اصابة بوباء الحمى الصفراء عام 1647 م في جزيرة [[باربادوس]]، ولكن أطلق عليه حاكم الجزيرة (جون وينثرب) ذلك الوقت اسم "باربادوس ديستمبر" أو مرض حُمى الديستمبر. وفُرضت قوانين [[حجر صحي|الحجر الصحي]] للمرة الأولى على الأطلاق في أمريكا الشمالية من أجل حماية الشعب.<ref>Dobson, pp. 146–147</ref> ومن ثم ظهرت أمراض أخرى في أمريكا الشمالية في القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر.<ref>Patterson KD (1992). "Yellow fever epidemics and mortality in the US, 1693–1905". Social Science and Medicine (1982) 34 (8): 855–865. doi:10.1016/0277-9536(92)90255-O. {{PMID|1604377}}.</ref> ظهرت أول حالة معروفة من مرض [[حمى الضنك|حُمى الضنك]] في [[إندونيسيا]] و[[مصر]] عام 1779م. وحملت السفن التجارية المرض الىإلى الولايات المتحدة فظهر الوباء وانتشر في [[فيلادلفيا]] عام 1780 م.<ref>Chakraborty, pp. 16–17</ref>
 
[[ملف:Ambrosius Bosschaert the Elder (Dutch - Flower Still Life - Google Art Project.jpg|200px|تصغير|يسار|لوحة "الطبيعة الصامتة" للفنان (Ambrosius Bosschaert (1573–1620]][[ملف:Semper Augustus Tulip 17th century.jpg|100px|تصغير|يسار|رسم بالألوان المائية من القرن 17 Semper Augustus، تشتهر بأنها أغلى توليب تم بيعها في عصر جنون التوليب.]]
سطر 54:
 
[[ملف:Edward Jenner2.jpg|200px|تصغير|يسار|إدوارد جينر]]
[[ماري وورتلي مونتاغيو]](1689-1762) كاتبة ارستقراطية، زوجة عضو البرلمان إدوارد وورتلي مونتاغيو. في عام 1716 تم تعيين زوجهاالسفير اليريطاني في إسطنبول أيام الدولة العثمانية، ولحقت به الىإلى هناك. بعد أسبوعين من وصولها أكتشفت اللممارسات المحلية للوقاية من مرض الجدري عن طريق عملية التَجْدير (تلقيح بالجدري في الشرق القديم) وهي ممارسة يتم فيها حقن الجلد بالصديد او القيح من ضحايا الجدري.<ref name="Tucker, p. 6"/> كانت ماري قد أصيب بعدوى الجدري في وقت سابق، كما مات أخوها من نفس المرض، لذلك قررت ماري أن تحمي ابنها إدوارد وعمره خمس سنوات من المعاناة، فأرسلت في طلب طبيب السفارة تشارلز ميتلاتد ليقوم بتجدير ابنها (يحقنه بالجدري). وعندما عادت الىإلى لندن طلبت من ميتلاند ان يقوم بتجدير ابنتها وعمرها أربع سنوات أمام الطبيب الملكي.<ref>Tucker, pp. 16–17</ref> وفي وقت لاحق تمكنت مونتاغيو من اقناع أمير وأميرة [[ويلز]] ابن الملك ([[جورج الثاني ملك بريطانيا العظمى|جورج الثاني]]) بان يتبنو اقتراحها في القيام بذلك الاجراء على العامة. عرض الملك منح العفو الكامل لستة سجناء ممن كان محكوم عليهم بالإعدام وينتظرون تنفيذ في سجن نوغت، وذلك في نظير قيامهم بتطبيق التجربة عليهم من اجل خدمة العامة. وبالفعل وافق السجناء وتم حقنهم بالجدري عام 1721 م وتم شفاء جميع السجناء من هذا الاجراء. وللتأكد من تأثير التجربة في الوقاية من المرض قامت واحدة من هؤلاء السجينات وعمرها 19 عاما بالنوم لمدة ستة أسابيع في سرير أحد الضحاياالمصابين بالمرض وكان طفل 10 سنوات ولم تصيبها العدوى.<ref>Tucker, p. 17</ref>
 
كُررت التجربة على أحد عشر طفلاُ من الأيتام ونجو جميعهم من ذلك البلاء. وتم تطعيم أحفاد الملك [[جورج الأول ملك بريطانيا العظمى|جورج الأول]] عام 1722 م.<ref>Lane, p. 137</ref> لم تكن تلك الطريقة آمنة تماما حيث كان هناك فرصة واحدة لحدوث وفاة من بين خمسين حالة.<ref name="Rhodes, p. 21">Rhodes, p. 21</ref> بالاضافة الىإلى ذلك كانت تلك الممارسة مُكلفة؛ كان الطبيب يتقاضى مان بين 5 و10 جنيه استرليني نظير القيام بذلك الاجراء. وكانت تُباع للممارسين الأخرين بأتعاب بين 50الى 100 جنيه استرليني أو مقابل نصف الأرباح. أصبحت ممارسة التجدير (التطعيم بالجدري) مُربحة ولكنها ظلت بعيدة عن متناول الكثيرين لتكلفتها العالية حتى أواخر 1770s.<ref name="Rhodes, p. 21"/> في ذلك الوقت لم يعرف أحد شيئاً حول الفيروسات أو [[جهاز مناعي|الجهاز المناعي]] ولم يعرفوا حتى كيف لتلك الممارسة بالتجدير أن تُوفر المناعة والوقاية من مرض الجدري.<ref>Zimmer, p. 83</ref>
 
'''[[إدوارد جينر]]'''(17 مايو 1749 - 26 يناير 1823) هو طبيب ملكي إنكليزي كان أول من اكتشف [[لقاح]] لمرض الجدري. تلقى التطعيم بالتجدير وهو طفل صغير وعانى كثيراً من الجدري لكنه عاش ونشأ محمياً منه.<ref>Booss, p. 57</ref><ref>Reid, p. 16</ref> لاحظ "جينر" ان عُمال حلب الأبقار الذين أصابهم مرض حمى جدري البقر معتدلة ( cowpox ) لديهم مناعة ضد مرض الجدري. لذلك قرر إختباراختبار تلك النظرية ولكنه لم يكن أول من يقوم بذلك. وفي 14 مايو 1796 اختار جينر طفل سليم "[[جيمس فيبس]]" عمره 8 سنوات ليقوم بتطعيمه بمرض جدري البقر. ونجا الطفل من التطعيم التجريبي لفيروس جدري البقر، وعانى الطفل من حُمى خفيفة فقط . وفي 1 يوليو 1796 أخذ "جينر" عينة من قيح الجدري وقام ب[[تطعيم]] الطفل "فيبس" بها في ذراعه وقام بالأمر مرارا وتكرارً، ونجا الطفل بعد أكثر من 20 مرة دون استسلام للمرض. بعد وقت قليل اتضح ان طريقة جينر للتطعيم بجدري البقر أكثر أماناً من طريقة التجدير، وفي عام 1801 م تم تطعيم أكثر من 100.000 شخص ضد المرض.<ref name="Lane, p. 140">Lane, p. 140</ref>
[[ملف:Jenner cartoon from 1802.jpg|200px|تصغير|يسار|رسم كارتون عام 1802 م ، يُصور "إدوارد جينر" يقوم بتطعيم الناس بلقاح جدري البقر، والأبقار تخرج من أجسامهم .]]
بالرغم من اعتراضات الممارسين الطبيين للتلقيح بالجدري(varilation) لأنهم توقعوا انخفاضاً في دخلهم، جعلت [[المملكة المتحدة]] التطيعم بالمجان للفقراء في عام 1840 م. وفي العام نفسه تم منع الممارسة بالحقن بالجدري وأعُلن انها ممارسة غير قانونية بسبب الوفيات المصاحبة لها.<ref name="Lane, p. 140"/> ثم أصبح التطعيم إجباريا في بريطانيا وويلز بموجب قانون التطيعم لعام 1853 م، ونص القانون على تغريم الأباء £1 جنيه استرليني ما لم يتم تطيعم أطفالهم قبل بلوغهم عمر ثلاثة أشهر. ولم يُطبق القانون بالشكل الكافي بالاضاقة الىإلى عدم فعالية نظام توفير التطعيمات والذي لم يتغير منذ 1840 م.وبعد أن اظهر السكان امتثالا مبكرا للتطعيم، نسبة قليلة فقط تم هي التي خضعت للتطعيم.<ref>Brunton, pp. 39–45</ref> فلم يلقى التطعيم الاجباري ترحيباً، وبعد مظاهرات معارضة، تم تكوين رابطة مناهضة للتطعيم وأُخرى مناهضة للتطعيم الإجباري في عام 1866 م.<ref>Glynn, p. 153</ref><ref>Brunton, p. 91</ref> وعقب الحملات المناهضة للتطعيم الاجباري تفشى الجدري في صورة وباء خطير في مدينة [[غلوستر]]، حيث ضرب الوباء المدينة لأول مرة منذ 20 سنة ومات 434 شخص من بينهم 281 طفل.<ref>Glynn, p. 161</ref> وبالرغم من ذلك وافقت الحكومة على رأي معارضي التطعيم، وارضاءاً لهم أصدرت قانون التطعيم لعام 1898 م ومنعت بموجبه الغرامات، كما أدرجت بنداً لأول مرة "[[المستنكف الضميري]]" (Conscientious objector) يتعلق بأن يعمل المرء بما يمليه عليه ضميره، ويسمح للآباء والأمهات الذين لا يؤمنون بفعالية التطعيم أو سلامته بالحصول علي شهادة إعفاء من التطعيم. وخلال السنوات التالية تم منح 205.000 اعفاء من التطعيم، وبحلول عام 1912 تم تطعيم أقل من نصف عدد السكان من المواليد الجُدد.<ref>Glynn, p. 163</ref> وفي عام 1948 م لم يعد التطعيم ضد الجدري اجبارياً في المملكة المتحدة.<ref>Glynn, p. 164</ref>
=== لويس باستير و مرض داء الكلب ( السُعار ) ===
[[ملف:Louis Pasteur, foto av Félix Nadar Crisco edit.jpg|200px|تصغير|يمين|[[لوي باستير|لويس باستير]]]]
[[داء الكلب]] أو السُعار بالانجليزية rabies هو مرض فيروسي فتاك و يؤدي في الغالب الىإلى الوفاة تسببه عدوى تنتقل عن طريق [[ثدييات|الثدييات]] أي حيوانات ذوات دم حار. عُرف في القرن 21 انه يصيب الثدييات البرية مثل الثعالب والخفافيش ولكنه واحد من أقدم الأمراض الفيروسية: داء الكلب rabies هي كلمة تنتمي للغة [[لغة سنسكريتية|السنسكريتية]] (''Rabhas'') التي ترجع الىإلى 3000 سنة قبل الميلاد،<ref name="Shors, p. 352"/> وتعني " الجنون " أو " العنف "،<ref name="Zuckerman, p. 291"/> وهذا المرض معروف منذ أكثر من 4000 سنة.<ref name="Mahy, b p. 243"/> يُمكن العُثور على وصف لداء الكلب في نصوص [[بلاد الرافدين]] والنصوص [[اليونان القديمة|اليونانية القديمة]] و أطلقت عليه اسم ليسا ''lyssa'' او ليتا ''lytta'' وتعني الجنون.<ref name="Mahy, b p. 243"/> كما يُكن العُثور على مراجع لداء الكلب في قانون [[قانون بلالاما|مملكة أشنونا]] التي تعود الىإلى 2300 سنة قبل الميلاد. وكتب الفيلسوف اليوناني [[أرسطو]] أقدم وصفاً غير مُختلف عليه للمرض وكيف ينتقل المرض للبشر. كما سجل الفيلسوف اليوناني ''سلسوس'' في القرن الأول الميلادي أعراض المرض و أطلق عليه [http://www.altibbi.com/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B6-%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1 هيدروفوبيا] ''hydrophobia'' "[[رهاب|رُهاب]] الماء" وذلك لأن ضحاياه المصابون الغير قادرين على الابتلاع عُرف عنهم الإصابة بتهيّج عند رؤية الماء، وافترض أن لُعاب الحيوانات الحاملة للعدوى يحتوى على جُرثومَة مُخاطِية ( حيوان غَروي ) أو سُم، وليصف ذلك اخترع كلمة "''فيروس''".<ref name="Mahy, b p. 243"/> على الرغم من عدم تسببه في حدوث أوبئة كانت الإصابة بعدوى االسُعار أو مرض داء الكلب مُخيفة حقاً وذلك بسبب أعراضه ومنها الجنون ورُهاب الماء والموت.<ref name="Mahy, b p. 243"/>
 
وفي فرنسا خلال عهد [[لوي باستير|لويس باستير]] (1822-1895) كان هناك بضع المئات من العدوى بالسُعار بين البشر كل سنة،ويأس الناس من الشفاء من المرض. بالرغم من إدراك باستير للخطر المُحتمل له قام بالبحث عن الجرثومة في الكلاب المسعورة.<ref>Reid, pp. 93–94</ref> أوضح باستير انه عند طحن النخاع الشوكي الذي استخلصه من الكلاب الميتة بسبب المرض وتجفيفه لإضعاف الفيروس في الأنسجة العصبية من خمس إلى 10 أيام، ومن ثم حقن كلب سليم بتلك الأنسجة ووجد ان الكلب لم يُصب بالعدوى. وكرر باستير تلك التجربة عدة مرات على نفس الكلب باستخدام أنسجة تم تجفيفها لأيام أقل في كل مرة، وعاش الكلب حتى بعد الحقن بأنسجة عصبية نشيطة مصابة بالدوى. وبذلك قام باستير بتحصين الكلب كما فعل ذلك مع 50 كلب غيره.<ref>Reid, p. 96</ref>
[[ملف:Rabies cartoon circa 1826.jpg|200px|تصغير|يسار|رسم كارتوني يُصور كلب مسعور في أحد شوارع لندن]]
كان لدى ''باستير'' فكرة ضئيلة عن كيفية عمل طريقته ونجاحها ومع ذلك قام باختبارها على ''جوزيف مايستر''، هو صبي أحضرته أمه الي باستير في 6 يوليو عام1886، وكان الصبي مُغطى بالعضات بسبب كلب مسعور، توسلت أم الصبي الىإلى ''باستير'' لكي يُنقذ طفلها. ولم يكن باستير طبيباً بل كان عالماً لذلك كان مدركاً للعواقب التي من الممكن أن تحدث اذا سارت الأمور على غير ما يُرام او عند حدوث خطأ ما. ومع ذلك قرر ''باستير'' مساعدة الطفل وقام بحقنه بأنسجة من أرنب مُصاب بالسُعار على مدار 10 أيام متتالية.<ref>Reid, pp. 97–98</ref> وفي وقت لاحق كتب باستير " يبدو ان وفاة هذا الطفل أمر لا مفر منه، و بالرغم من القلق الشديد ... قررت أن اقوم بتطبيق الممارسة اللتي نجحت مع الكلاب على ''جوزيف مايستر''".<ref>Dobson, p. 159</ref> وشُفي جوزيف وعاد مع أمه الي البيت في 27 يوليو. وفي أكتوبر من نفس السنة نجح باستر في معالجة صبي آخر؛ جين بابتيست جوليب صبي راعي يبلغ 15 عاماً، تم عضه بشدة أثناء محاولته حماية أطفال أخرين من كلب مسعور.<ref>Dobson, pp. 159–160</ref> وظلت طريقة باستير للعلاجة مستخدمة لأكثر من 50 سنة بعد ذلك.<ref>Dreesen DW (1997). "A global review of rabies vaccines for human use". Vaccine 15: S2–6. doi:10.1016/S0264-410X(96)00314-3. {{PMID|9218283}}.</ref>
 
كانت المعلومات عن مسببات هذا المرض قليلة جدا حتى عام 1903، وكان طبيب [[علم الأمراض]] '''نيغري إلشي''' أول من اكتشف الفيروسات المجهرية الدقيقة في أدمغة الحيوانات المسعورة خلال قيامه بدراسة البنية المجهرية للأنسجة، ويُطلق على تلك الأجسام الدقيقة الآن '''[http://www.altibbi.com/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B6/%D8%AC%D8%B3%D9%85-%D9%86%D9%8A%D8%BA%D8%B1%D9%8A أجسام نغري]''' Negri bodies.<ref>Kristensson K, Dastur DK, Manghani DK, Tsiang H, Bentivoglio M (1996). "Rabies: interactions between neurons and viruses. A review of the history of Negri inclusion bodies". Neuropathology and Applied Neurobiology 22 (3): 179–187. doi:10.1111/j.1365-2990.1996.tb00893.x. {{PMID|8804019}}.</ref>، واعتقد بالخطأ ان تلك الاجسام هي [[أولي (كائن)|أَوَالي]] طفيلية او كائنات وحيدة الخلية. بعد ذلك قام الطبيب الفرنسي '''بول رملنجر''' (1871-1964) بتجارب الترشيح والتي اظهرت ان تلك الأجسام هي أصغر بكثير من الكائنات وحيدة الخلية وحتى أصغر من البكتريا. وبعد 30 عام اتضح ان اجسام نيغري هي تراكمات دقائق غروانية يصل طولها من 100-150 [[نانومتر]] وهو حجم اجسام [[فيروسات ربدية|الفيروسات الربدية]] المعروفة الآن المُسببة لفيروس الُسعار او داء الكلب.<ref name="Mahy, b p. 243"/>
سطر 77:
الجدري هو أحد الأمراض البشرية العديدة التي تسببها الفيروسات في القرن ال20، و قد تم القضاء عليه. ولكن الأمراض مثل مرض [[فيروس العوز المناعي البشري|نقص المناعة البشرية]] HIV والأنفلونزا تسببها فيروسات أكثر تعقيدا ويصعب السيطرة عليها.<ref>Baker, p. 70</ref> و تُمثل الأمراض اللتي تسببها أربوفيروس (نوع من الفيروسات) تحدياً جديداً.<ref>Levins, pp. 123–125, 157–168, 195–198, 199–205</ref>
عندما تغير سلوك البشر تغيرت الفيروسات أيضاً. في العصور القديمة كان عدد السكان صغير جدا بحيث لا يُمكن للاؤبئة الانتشار او البقاء على قيد الحياة. وفي القرن 20 و21 أدت الكثافة السكانية المتزايدة و الثورة في اساليب الزراعة بالاضافة الىإلى سرعة السفر العالية الىإلى انتشار فروسات جديدة و كما ادت الىإلى اعادة ظهور فيروسات أخرى قديمة من جديد.<ref>Karlen, p. 229</ref><ref>Mahy, (b) p. 585</ref> يُمكن القضاء على بعض الامراض الفيروسية مثل الجُدري، ولكن الأمراض الفيروسية الجديدة سوف تستمر في الظهور مثل مرض '''[[التهاب رئوي لانمطي حاد (سارس)|السارس]]''' واسمه العلمي '''متلازمة التنفسية الحادّة الوخيمة''' <ref>Dobson, p. 202</ref> بالرغم من كون اللقاحات هي السلاح الأقوي ضد الفيروسات، ظهرت في العقود الجديدة [[مضاد فيروسات (دواء)|أدوية مضادة للفيروسات]] تستهدف الفيروسات اللتي تتكرر في [[عائل (أحياء)|العائل المضيف]].<ref>Carter, p. 315</ref> وأظهر [[وباء إنفلونزا الخنازير 2009|وباء انفلونزا 2009]] (وباء انفلونزا الخنازير) كيف تستمر [[ذرية (أحياء)|سلالات]] فيروسات جديدة في الانتشار حول العالم بسرعة وذلك بالرغم من الجهود والمحاولات لاحتوائها و السيطرة عليها.<ref>Taubenberger JK, Morens DM (April 2010). "Influenza: the once and future pandemic". Public Health Reports. 125 Suppl 3 (Suppl 3): 16–26. PMC 2862331. {{PMID|20568566}}.</ref>
 
استمرالتقدم في اكتشاف الفيروسات وطرق السيطرة عليها. تم اكتشاف فيروس الالتهاب الرئوي في عام 2001 وهذا الفيروس هو السبب في أمراض التهابات الجهاز التنفسي بما في ذلك [[ذات الرئة|الالتهاب الرئوي]].<ref>van den Hoogen BG, Bestebroer TM, Osterhaus AD, Fouchier RA (2002). "Analysis of the genomic sequence of a human metapneumovirus". Virology 295 (1): 119–132. doi:10.1006/viro.2001.1355. {{PMID|12033771}}.</ref> كما تم تطوير لقاح ضد [[فيروسات الأورام الحليمية]] الذي يُسبب [[سرطان الرحم]] بين عامي 2002و 2006.<ref>Frazer IH, Lowy DR, Schiller JT (2007). "Prevention of cancer through immunization: Prospects and challenges for the 21st century". European Journal of Immunology 37 (Suppl 1): S148–155. doi:10.1002/eji.200737820. {{PMID|17972339}}.</ref> بالاضافة الىإلى اكتشاف [[فيروس تي- الليمفاوي البشري|فيروس T 3و4 الليمفاوي البشري]] في عام 2005.<ref>Wolfe ND, Heneine W, Carr JK, Garcia AD, Shanmugam V, Tamoufe U, Torimiro JN, Prosser AT, Lebreton M, Mpoudi-Ngole E, McCutchan FE, Birx DL, Folks TM, Burke DS, Switzer WM (2005). "Emergence of unique primate T-lymphotropic viruses among central African bushmeat hunters". Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America 102 (22): 7994–7999. doi:10.1073/pnas.0501734102. PMC 1142377. {{PMID|15911757}}.</ref> وفي عام 2008 قامت [[منظمة الصحة العالمية]] بإعادة اطلاق مبادرة عالمية لإستئصال شلل الأطفال تمتد لعام 2015.<ref>Pirio GA, Kaufmann J (2010). "Polio eradication is just over the horizon: the challenges of global resource mobilization". Journal of Health Communication. 15 Suppl 1: 66–83. doi:10.1080/10810731003695383. {{PMID|20455167}}.</ref> وفي عام 2010 تم اكتشاف أكبر الفيروس [[ميجا فيروس]] وهو المُسبب لعدوى [[متموريات الحركة|الأميبا]].<ref>Arslan D, Legendre M, Seltzer V, Abergel C, Claverie JM (2011). "Distant mimivirus relative with a larger genome highlights the fundamental features of Megaviridae". Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America 108 (42): 17486–17491. doi:10.1073/pnas.1110889108. PMC 3198346. {{PMID|21987820}}.</ref> جددت تلك الفيروسات العملاقة الأهتمام بالدور الذي تقوم به في عملية التطُور والاتمام بموقعها في [[شجرة الحياة (مفهوم)|شجرة الحياة]].<ref>Zimmer, p. 93</ref>
 
=== القضاء على مرض الجدري ===
 
[[ملف:Rahima Banu.jpg|200px|تصغير|يسار|رحيمة بانو، آخر شخص أُصيب بالجدري، في عام 1975.]]
فيروس الجدري هو أحد مُسببات الوفاة الرئيسية في القرن العشرين، وقتل العديد من البشر أكثر من أي فيروس أخر حوالي 300 مليون شخص.<ref>Oldstone, p. 4</ref><ref>Wolfe, p. 113</ref> في عام 1966 توصلت هيئة اتخاذ القرارات التابعة ل[[منظمة الصحة العالمية]] الىإلى اتفاق للبدء بعمل " برنامج مُكثف لاستئصال الجدري " والقضاء على المرض خلال 10 سنوات.<ref name="Glynn, p. 200">Glynn, p. 200</ref> وفي ذلك الوقت كان الجدري متوطناً في 31 دولة؛<ref name="Crawford 2000, p. 220">Crawford (2000), p. 220</ref> من بينها البرازيل وشبه القارة الهندية كلها و إندونيسيا و جنوب الصحراء الكبري في أفريقيا.<ref name="Glynn, p. 200"/> وكان القضاء على الجدري هدف طموح يُمكن تحقيقه لعدة أسباب منه: أعطى اللقاح حماءة استثنائية، ولم يكن هناك حيوانات مصابة طبيعياً بالمرض، بالاضافة الي ان فترة حضانة المرض كانت معروفة و تتراوح بين 12 يوم، وكانت العدوى دائماً ما تكون مصحوبة بظهور أعراض ؛ فكان يُمكن تمييز المُصابين بالمرض.<ref>Karlen, p. 154</ref><ref>Shors, p. 388</ref>
 
وبعد حملة تطعيم واسعة أصبح الكشف عن حالات المرض واحتوائها مرتبطة بحملة استئصال الجدري التابعة لمنظمة الصحة العالمية. وبمجرد الكشف عن الحلات تم عزل الضحايا ويتم تطعيم من حولهم ايضا.<ref>Glynn, p. 201</ref> وجاءت النجاحات بسرعة، بحلول عام 1970 لم يُصبح الجدري متوطنا في في غرب أفريقيا، ولا في [[البرازيل]] عام1971.<ref>Glynn, pp. 202–203</ref> وفي عام 1973 لم يعد الجدري متوطناً الا في شبه القارة الهندية و[[بوتسوانا]] و[[إثيوبيا]].<ref name="Crawford 2000, p. 220"/> واخيراً وبعد 13 عام من التعاون والتنسيق بين العمليات البشرية لمراقبة الأمراض و حملات التطعيم في جميع أنحاء العالم، أعلنت منظمة الصحة العالمية القضاء على الجدري في عام 1979م.<ref>Belongia EA, Naleway AL (2003). "Smallpox vaccine: the good, the bad, and the ugly". Clinical Medical Research 1 (2): 87–92. doi:10.3121/cmr.1.2.87. PMC 1069029. {{PMID|15931293}}. Retrieved 2014-12-19.</ref> كان السلاح الرئيسي المستخدم هو '''فَيروس الوَقس''' '''vaccinia virus''' أو مصل التطعيم فيروس الفاكسينيا، ويبدو أن لا أحد يعلم من أين أتى هذا المصل؛ حيث انه ليس النوع من جدري البقر الذي استخدمه إدوارد جينر، وليست نوع أضعف من الجدري.<ref>Glynn, pp. 186–189</ref>