إسبانيا هابسبورغ: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط إزالة قالب وصلة إنترويكي من وصلة زرقاء
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:تدقيق إملائي (تجريبي)
سطر 63:
تكون مفهوم "إسبانيا" في فترة آل هابسبورغ. بمعنى أنه أضفي عليه الطابع المؤسسي في القرن ال 18. وفي القرن ال 17 أي خلال وبعد نهاية [[الاتحاد الإيبيري]] اشتهر نظام هابسبورغ الملكي في إسبانيا أيضا باسم "الملكية الإسبانية" أو "الملكية في إسبانيا" إلى جانب إسمها الشائع مملكة اسبانيا.
 
ظهرت دولة إسبانيا الموحدة الىإلى حيز الوجود وب[[حكم القانون]] بعد وفاة [[كارلوس الثاني ملك إسبانيا|كارلوس الثاني]] في 1700 ومعه انتهت سلالة هابسبورغ الإسبانية وصعود [[بوربون|أسرة آل بوربون]] بتنصيب [[فيليب الخامس ملك إسبانيا|فيليب الخامس]] مع ظهور إصلاحات مركزية مماثلة لتلك في [[الحقبة الحديثة المبكرة لفرنسا|فرنسا]].
 
== التاريخ ==
سطر 79:
[[ملف:Habsburg Map 1547.jpg|تصغير|450px|خريطة لممتلكات آل هابسبورغ بعد [[معركة مولبرغ]] (1547) كما صوره "أطلس تاريخ كامبريدج الحديث" 1912; أراضي هابسبورغ مرسومة بالأخضر.]]
 
فاجأ نصر الملك كارلوس الأول في معركة بافيا العديد من الإيطاليين والألمان، مما أثار المخاوف من أنه سيسعى للحصول على سلطة أقوى من أي وقت مضى. فغير البابا [[كليمنت السابع]] ولاءه وانضم لقوات من فرنسا ودول الإيطالية بارزة ضد إمبراطور آل هابسبورغ، مما أدى إلى [[حرب عصبة كونياك]]. تململ كارلوس من تدخل البابا فيما أسماه بالشؤون العلمانية. ففي سنة 1527 تمرد جيش كارلوس الموجود في شمال إيطاليا بعد نقص بالتمويل فتقدم جنوبا نحو روما [[احتلال روما (1527)|حيث حاصرها ونهبها]] ولم يكن ذلك برغبة من كارلوس. مما سبب الحرج الشديد للبابا كليمنت والبابوات من بعده، فأصبحت البابوية بعد ذلك أكثر حذرا في تعاملها مع السلطة العلمانية. وفي سنة 1533 رفض البابا كليمنت طلب إبطال زواج [[هنري الثامن ملك إنجلترا]] الأول على [[كاثرين أراغون]] جزئيا أو كليا رغبة منه بعدم الإساءة إلى الإمبراطور كارلوس كي يمنع نهب عاصمته مرة الثانية، فقد وقع الطرفان معاهدة سلام في برشلونة سنة 1529 مما أوجد علاقة أكثر ودية بين الزعيمين. فأضحى إسماسم حامي الكاثوليكية فعّال لإسبانيا، فتوج كارلوس [[ملك إيطاليا|ملكا على إيطاليا]] ([[لومبارديا]]) مقابل مساعدة إسبانيا في الإطاحة ب[[جمهورية فلورنسا]] المتمردة.
 
أعلن فرانسوا الأول سنة 1543 تحالفا لم يسبق له مثيل مع [[السلطان العثماني]] [[سليمان القانوني]] لإستعادة {{وصلة إنترويكي|تر=Siege of Nice|عر=حصار نيس|نص=مدينة نيس}} التي يسيطر عليها الاسبان. فانضم هنري الثامن ملك إنجلترا إلى كارلوس الخامس في غزوه لفرنسا، فهو يحمل ضغينة ضد فرنسا أكبر مما هو ضد الإمبراطور لوقوفه ضد طلاقه. وبالرغم من هزيمة الأسبان في [[معركة سيريسول]] في [[منطقة سافوا|سافوي]] إلا أن الفرنسيين ليسوا بالقادرين على تهديد جيش إسبانيا المسيطر على ميلان، وأيضا كانوا يعانون من هزيمة في الشمال على يد [[هنري الثامن|هنري]] مما أجبرهم على قبول شروط غير مرغوبة. أما النمساويين بقيادة [[فرديناند الأول إمبراطور الرومانية المقدسة|فرديناند]] شقيق كارلوس الأصغر فقد واصلوا حربهم ضد العثمانيين في الشرق، بينما ذهب كارلوس للإهتمام بمشكلة قديمة: وهي [[اتحاد شمالكالدي]].
سطر 113:
صد الهولنديون في سنة 1574 حصار الجيش الأسباني بقيادة لويس دي ريجيزينز على [[حصار ليدن|ليدن]] بعد كسرهم [[سد مائي|للسدود]] مما تسبب بفيضانات عارمة. ثم واجه فيليب في 1576 فواتير جيشه ال 80,000 جندي عند احتلال هولندا، ثم كلفة أسطوله الذي انتصر في [[معركة ليبانت|ليبانتو]]، إلى جانب تزايد خطر [[القرصنة]] في البحار المفتوحة الذي حد من دخله من المستعمرات الأمريكية. وفي النهاية اضطر فيليب إلى إعلانه الإفلاس. لم يمض وقت طويل على حصار أنتويرب حتى بدأ الجيش في هولندا بالتمرد ونهب جنوب هولندا، مما دفع عدة مدن مسالمة في المقاطعات الجنوبية للانضمام إلى التمرد. فاختار الإسبان التفاوض، مما أعاد الهدوء مرة أخرى إلى معظم المقاطعات الجنوبية من {{وصلة إنترويكي|تر=Union of Arras|عر=اتحاد أراس}} في 1579.
 
يتطلب اتفاق أراس ان تكون جميع القوات الاسبانيةالأسبانية خارج تلك الأراضي. ولكن في الوقت نفسه كانت عين [[فيليب الثاني ملك إسبانيا|فيليب]] على جعل كامل الجزيرة الايبيرية تحت حكمه، وهو هدف تقليدي للملوك الاسبان. ثم واتته الفرصة في 1578 عندما شن [[ملك البرتغال|الملك البرتغالي]] [[سبستيان الأول ملك البرتغال|سباستيان]] حملة صليبية ضد المغرب. تلك الحملة التي انتهت بكارثة، وضاعت جثة سيباستيان في [[معركة الملوك الثلاثة]]. فحكم عمه المقارب لسنه [[هنريك ملك البرتغال|هنري]] حتى وفاته في 1580. وعلى الرغم من فيليب قد أعد العدة ومنذ فترة طويلة للسيطرة على البرتغال، وقال انه لا يزال أنه من الضروري في إطلاق حملة عسكرية يقودها دوق ألفا، فتمكن فيليب من أخذها والفوز بلقب ملك البرتغال، ولكن مع ذلك استمرت تلك البلاد مستقلة وبقيت على قوانينها الخاصة بها في مؤسساتها وعملتها. فإن كانت البرتغال قد تنازلت عن استقلاليتها في السياسة الخارجية إلا أن العلاقات بين البلدين استمرت متوترة.
 
[[ملف:Invincible Armada.jpg|تصغير|250px|إسطول [[أرمادا]] (1588)]]
سطر 145:
كان اوليفاريس رجلا في غير زمانه. فقد أدرك أن إسبانيا بحاجة إلى إصلاح، وأن الإصلاح بحاجة إلى سلام. لذا كان من الضروري تدمير المقاطعات المتحدة الهولندية. حاولت السياسة الاستعمارية الهولندية لتقويض الهيمنة الإسبانية والبرتغالية. لذا ركز سبينولا وجيشه الإسباني في هولندا، وبدا أن الحرب ستكون لصالح إسبانيا.
 
تعرضت قشتالة في سنة 1627 لإنهيار اقتصادي. فاضطر آل هابسبورغ لتخفيض عملتهم لدفع ثمن الحرب [[تضخم اقتصادي|فانفجرت الأسعار]] تماما كما كان في حالة الإفلاس السابقة. استمرت أجزاء من قشتالة تعمل ب[[نظام المقايضة]] بسبب أزمة العملة حتى 1631، ولم تتمكن الحكومة من جمع أي ضرائب ذات قيمة من الفلاحين، حيث اعتمدت على إيراداتها من المستعمرات. أما الجيوش الإسبانية وغيرهم في أراضي ألمانيا فقد لجؤا إلى "عرض أنفسهم" للإرتزاق. تراجع اوليفاريس عن إصلاحات ضريبية معينة في إسبانيا بانتظار نهاية الحرب، ولكنه أسرف بدخوله حرب أخرى محرجة وغير مثمرة [[حرب الخلافة المانتوفية|في شمال إيطاليا]]. أما الهولنديون فقد استغلوا هدنة السنوات الإثني عشر حيث كانت أولويتهم تقوية اسطولهم البحري، (والتي أظهرت قوتها الكاملة في [[معركة جبل طارق 1607]])، واستطاع الكابتن بيت هين من توجيه ضربة كبيرة ضد تجارة البحرية الإسبانية [[معركة خليج ماتنزاس|وتمكن من أخذ]] أسطول المال الاسبانيالأسباني والتي كانت إسبانيا تعتمد عليه بعد الانهيار الاقتصادي.
 
في سنة 1630 حط في ألمانيا [[غوستاف الثاني أدولف]] السويدي حيث خلص ميناء [[اشترالزوند]] آخر المعاقل الأوروبية للقوات الألمانية المحاربة للإمبراطور. ثم سار غوستاف جنوبا فجذب إليه المزيد من البروتستانت مع كل خطوة يخطوها وانتصر في [[معركة برايتنفلد]] وأيضا في [[معركة لوتسن]] سنة 1632 التي كلفته حياته. فتحسن وضع الكاثوليك بعد موته، حيث انتصروا في [[معركة نوردلنجن (1634)]]. لذا ومن موقع قوة اقترب الإمبراطور من الولايات الألمانية التي أنهكتها الحرب في 1635 مع عرض للسلام: فوافقت عدة ولايات بما فيها [[براندنبورغ]] و[[سكسونيا]].
سطر 159:
بدأت [[حرب الإستعادة البرتغالية|الثورة البرتغالية]] على إسبانيا في عقد 1640 بمساعدة من أهالي [[كتالونيا]] و[[مملكة نابولي|نابولي]] و[[الفرنسيون]]. وعلقت الأراضي المنخفضة الإسبانية بين القبضة المحكمة للقوات الفرنسية والهولندية بعد [[معركة لنس]] في 1648، مما أجبر الاسبان بإعطاء سلاما مع الهولنديين حيث اعترف باستقلال المقاطعات المتحدة بمعاهدة [[صلح وستفاليا]] التي أنهت كلا من [[حرب الثمانين عاما]] و[[حرب الثلاثين عاما]].
 
حاول اوليفاريس قمع [[الثورة الكتالانية]] خلال شن غزو على جنوب فرنسا. لكن إيواء القوات الاسبانيةالأسبانية في كاتالونيا جعلت الأوضاع تزداد سوءا، فقرر الكاتالونيون الانفصال عن أسبانيا والإندماج مع فرنسا. فاستغلت فرنسا ذلك وأرسلت قواتها إلى كاتالونيا، ولكن ماإن تجددت [[حرب فروند|الحرب الأهلية]] في فرنسا حتى تمكنت القوات الإسبانية من اخراجهم في 1652.
 
[[الحرب الفرنسية الإسبانية (1635–59)|استمرت الحرب مع فرنسا]] لمدة أحد عشر سنة أخرى. على الرغم من أن فرنسا تعاني من [[حرب فروند|حرب أهلية 1648-1652]]، إما إسبانيا فقد استنفدت قوتها في حرب الثلاثين عاما بالإضافة إلى الثورة المشتعلة في البرتغال وكاتالونيا ونابولي. تلك الحرب الطويلة والمرهقة انتهت ب{{وصلة إنترويكي|تر=Battle of the Dunes (1658)|عر=معركة ديونز (1658)}} حيث تمكن الفرنسيون بقيادة [[الفيكونت دورين]] (بمساعدة الإنجليز) من هزيمة الإسبان. فوافق الإسبان سنة 1659 على [[صلح البرانس]] حيث تنازلوا بموجبه لفرنسا عن مقاطعة هولندا الإسبانية [[ارتوا]] ومقاطعة [[روسيون]] وجزءا من [[دوقية لورين|اللورين]].
سطر 168:
 
[[ملف:Juan de Miranda Carreno 002.jpg|تصغير|200px|[[كارلوس الثاني ملك إسبانيا|كارلوس الثاني]] آخر [[ملوك إسبانيا]] من آل [[هابسبورغ]] (حكم 1665–1700)]]
شهد عهد فيليب الرابع انحسار نفوذ الامبراطورية الاسبانية،الأسبانية، فقد غرق ببطء في حالات الاكتئاب بعد أن اضطر إلى إقالة اوليفاريس وزيره المخلص في 1643. ثم فقد ابنه الأكبر ووريثه [[بالتازار كارلوس، أمير أستورياس|بالتازار كارلوس]] في 1646 وهو في سن ال 16. أما [[كارلوس الثاني ملك إسبانيا|كارلوس]] فقد تلاعبت به مختلف الزمر السياسية. فقد وقع لفترة قصيرة تحت تأثير أخيه الأصغر الدون [[خوان خوسيه الأصغر من النمسا]] فهيمن النبلاء على إسبانيا مرة أخرى. ومعظمهم يخدم مصالحه الخاصة، إلا أن هناك عدد قليل منهم مثل الكونت أوروبيسا، الذي تمكن (بالرغم من الانكماش الإقتصادي المدمر) من استقرار العملة. وحاول آخرون إضعاف سلطة محاكم التفتيش (التي استمرت حتى 1808) وتشجيع التنمية الاقتصادية.
 
ومع ذلك فقد انكمش الاقتصاد الاسبانيالأسباني (خاصة القشتالي) وانخفض عدد سكانها إلى ما يقرب من مليوني شخص في القرن 17. وأسباب هذا الإنخفاض يعود بعضه إلى الطاعون الذي ضربها، وأيضا إلى كثرة قتلى الحروب المتتالية. فوصل عدد السكان إلى أدنى مستوى في 1677-1686 حيث المجاعة والطاعون والكوارث الطبيعية والاضطرابات الاقتصادية فازدادت الهجرة إلى العالم الجديد.
 
أضحت فرنسا الآن قوية وموحدة تحت حكم [[لويس الرابع عشر]] فبعد [[صلح البرانس]] (1659) أزيحت إسبانيا كقوة مهيمنة في أوروبا وأخذت فرنسا مكانها. فقد خاضت فرنسا ثلاث حروب خلال تلك الفترة: [[حرب أيلولة]] (1667-1668) و[[الحرب الفرنسية الهولندية]] (1672-1678) و[[حرب التسع سنوات|حرب التحالف الكبير]] (1688-1697). وبالرغم من خسائر إسبانيا الإقليمية ([[فرانش كونته]] وبعض المدن في جنوب هولندا وجزء من جزيرة [[هيسبانيولا]]) كانت قليلة نسبيا إلا أنها أظهرت بعض الضعف. وقد خطط لويس الرابع عشر (وغيره من حكام أوروبا) لما بعد وفاة كارلوس الثاني، فقد كان واضحا انه لا ينجب أطفال وأن سلالة هابسبورغ الإسبانية ستموت معه. وجائت نهاية كارلوس عن عمر ناهز 39 في 1 نوفمبر 1700.
سطر 179:
أطلقت [[محاكم التفتيش الإسبانية]] رسميا في عهد [[الملوك الكاثوليك]] وأكملها خلفائهم آل هابسبورغ ولم تنتهي إلا في القرن 19. وأضحت محاكم التفتيش إدارة رسمية في الحكومة الإسبانية في عهد [[كارلوس الأول]]، فاندفعت حتى أصبحت خارج السيطرة مع مرور القرن 16.
 
وسع [[فيليب الثاني ملك إسبانيا|فيليب الثاني]] من محاكم التفتيش وجعل الكنيسة التقليدية هدف السياسة العامة. وفي 1559 أي بعد ثلاث سنوات من حكم فيليب منع الطلبة الإسبان من السفر إلى الخارج، وحمل قادة محاكم التفتيش مسؤولية الرقابة، ولم يعد من الممكن استيراد الكتب. فمحاولة فيليب القوية لاستئصال البروتستانت من أسبانيا، حيث أدار حملات عديدة لإستئصال أدبيات [[اللوثرية]] وال[[كالفينية]] من البلاد على أمل تجنب الفوضى التي تشهدها فرنسا. كان فيليب أكثر تدينا من والده، وكان مقتنعا أنه إذا لجأ البروتستانت إلى القوة العسكرية فلا بد له من أن يحذو حذوها. وكان على استعداد للقيام بكل ماهو ممكن لمحاربة الزنادقة والحفاظ على الهيمنة الاسبانيةالأسبانية. وقد تدخل في الانتخابات البابوية لضمان اختيار بابا مؤيد لإسبانيا، حيث نجح ثلاث مرات مع الباباوات [[أوربان السابع]] و[[غريغوري الرابع عشر]] و[[إينوسنت التاسع]]. ولكن في المرة الرابعة فشل فيليب في منع انتخاب [[كليمنت الثامن]] الموالي لفرنسا.
 
تم تطهير الكنيسة الإسبانية من تجاوزاتها الإدارية العديدة في القرن 15 بإدارة [[فرانثيسكو خيمينيث دي ثيسنيروس|الكاردينال خيمينيث]]، فمحاكم التفتيش عملت على تطهير العديد من الإصلاحيين الأكثر راديكالية الذين سعوا إلى تغيير لاهوت الكنيسة كما أرادها المصلحين البروتستانت. بدلا من ذلك، أصبحت إسبانيا مطعمة [[إصلاح مضاد|بمكافحة الإصلاح]] لأنها خرجت بالتو من الاسترداد. فقد أنجبت إسبانيا خطين فريدين من فكر مكافحة الإصلاح تمثل في شخصيات [[القديسة تريزا]] الأفيلاوية و[[شعب الباسك|الباسكي]] [[إغناطيوس دي لويولا]]. فدعت تيريزا إلى [[رهبانية]] صارمة وإحياء المزيد من التقاليد القديمة للتوبة. وقالت إنها شهدت النشوة الدينية التي أصبحت مؤثرة بعمق على الثقافة والفنون الاسبانيةالأسبانية. وكان اغناطيوس لويولا مؤسس [[الرهبنة اليسوعية]] ذات تأثير قوي في جميع أنحاء العالم بإجهاده الروحي والعقلي، وساهمت في عودة للتعلم في جميع أنحاء أوروبا. وفي سنة 1625 ذروة الهيبة الإسبانية وسلطتها أنشأ [[غاسبار دي غوزمان]] دوق اوليفاريس الكلية الإمبريالية اليسوعية في مدريد لتدريب النبلاء الإسبان العلوم الإنسانية والفنون العسكرية.
 
[[ملف:Embarco moriscos en el Grao de valencia.jpg|تصغير|300px|طرد [[المورسكيون]] من [[بلنسية]]]]
سطر 199:
ولمواجهة تهديدات [[القرصنة]] المتزايدة، اعتمد الإسبان في 1564 نظام القوافل البحرية سابقة زمنها، بحيث تسافر [[أسطول المال الاسباني|أساطيل المال]] من أمريكا في ابريل وأغسطس من كل عام. أثبتت تلك السياسة فعاليتها وكانت ناجحة جدا. ولم تسقط من تلك القوافل إلا اثنتين فقط: الأولى في 1628 عندما استولى عليها الهولنديين، والأخرى في 1656 واستولى عليها الإنجليز، ولكن بحلول ذلك الوقت كانت قوافل هي صورة منعكسة ما كانت عليه إسبانيا بذروتها في نهاية القرن الماضي. ومع هذا فكثيرا ماتعرضت تلك القوافل للهجوم، وتكون خسائرها نوعية. طبعا ليست كل أساطيل الشحن التابعة للإمبراطورية المبعثرة تكون محمية من قوافل حراسة كبيرة، فكانت فرصة [[قرصنة تفويضية|للقرصنة المفوضة]] من الهولنديين والإنجليز والفرنسيين وأيضا [[القراصنة]] المنفردين في مهاجمة السفن التجارية على طول السواحل الأمريكية والإسبانية ونهب المستوطنات المعزولة. بدأت تلك القرصنة تأخذ طابع وحشي لا سيما في عقد 1650، فسقطت جميع الأطراف إلى مستويات مرتفعة من الوحشية، وبمعايير قاسية في ذك الوقت. وقد كان رد فعل إسبانيا هو استقدام أعداد كبيرة من القراصنة المفوضين وجعل دونكيرك التي استردوها قاعدة {{وصلة إنترويكي|لغ=en|تر=Dunkirk Raiders|عر=غزاة دونكيرك|نص=لغزاة دونكيرك}} لمهاجمة التجارة الهولندية والإنجليزية والفرنسية. وكان الجزء الأخطر هو حماية الحصون البرتغالية المتناثرة في أفريقيا وآسيا، والتي تعاني من نقص مزمن من الرجال. وقد ثبت أنه من الإستحالة عمل حماية كاملة لها، بسبب مشاركة إسبانيا مشاركة كاملة في عدة جبهات، ولا يمكنها إلا أن تدخر القليل من الجنود لحماية الحصون. وأيضا اضطرت أن تواجه [[جهاد بحري|البحرية الإسلامية]] المتناثرة في المتوسط المدعومة عثمانيا، وهو تهديد أكبر بكثير من تهديد قراصنة الكاريبي والقرصنة الهولندية والشرقية المحيطة ب[[الفلبين]].
 
تتحكم اشبيبلية في انجازات توسع الامبراطورية الاسبانيةالأسبانية في العالم الجديد، بدون توجيه مباشر من بلاط مدريد، حيث كان اهتمام كارلوس الأول وفيليب الثاني ينصب في المقام الأول على أوروبا، لذا كانت إدارة الأمريكتين يقوم بها [[نائب الملك|نواب الملك]] والمسؤولون الاستعماريون الذي يديرون البلاد بحالة شبه استقلال ذاتي. فملوك هابسبورغ ينظرون إلى مستعمراتهم بأنها جمعيات إقطاعية وليست جزءا لا يتجزأ من اسبانيا، ولم يرغبوا بزيارة المستعمرات. فقد أجبرت أسرة هابسبورغ التي حكمت مناطق غير مترابطة ومتعددة بتفويض حكم المناطق الذاتية إلى إدارة محلية مكررة بذلك صورة السياسة الإقطاعية في إسبانيا، ولا سيما في [[بلاد الباسك]] و[[أراغون]]. وهذا يعني أن الإدارة المحلية هي التي تحدد الضرائب وتحسين البنية التحتية وسياسة التجارة الداخلية، مما أدى إلى حواجز جمركية داخلية ومكوس مختلفة وسياسات متضاربة بين أقاليم مملكة هابسبورغ. وقد تمكن كارلوس الأول وفيليب الثاني من السيطرة على البلاطات المختلفة من خلال قدرتهم السياسية المثيرة للإعجاب، ولكن سياسة فيليب الثالث والرابع الضعاف أدت إلى الخمول، أما كارلوس الثاني فقد كان غير قادر على السيطرة نهائيا. وقد كان وجود كارلوس وابنه فيليب خارج إسبانيا معظم وقتهم أعاق تطور اسبانيا. وأدارت كلا من [[بروكسل]] و[[أنتويرب]] إسبانيا في معظم القرن 16، وقد استقر فيليب في إسبانيا فقط خلال [[الثورة الهولندية]]، حيث أمضى معظم وقته في عزلة قصر [[إسكوريال]] الرهباني. فقد شهدت الإمبراطورية التي يمسكها ملك حازم يحافظ على البيروقراطية نكسة عندما جاء حاكم ليس بثقة إلى العرش. فكان فيليب الثاني لايثق بالنبلاء وأحبط جميع نزعاتهم بالإستقلال. ففي الوقت الذي عرض فيه الكتاب حلولا جديدة لمشاكل إسبانيا مثل استخدام الري في الزراعة وتشجيع النشاط الاقتصادي، فإن النبلاء لم يخرج منهم أحدا يمكنه إحداث إصلاحات جدية.
 
إصطدم الملك كارلوس عند استلامه الحكم بالنبلاء خلال {{وصلة إنترويكي|لغ=en|تر=Castilian War of the Communities|عر=حرب العوام القشتالية}} عندما حاول أن يضخ بالحكومة مسئولين هولنديين وفلمنكيين. وأيضا واجه فيليب الثاني مقاومة عامة عند محاولته فرض سلطته على هولندا فساهمت في تمرد هذا البلد. وأيضا كان ينظر إلى [[غاسبار دي غوزمان]] دوق اوليفاريس رئيس وزراء فيليب الرابع على أنه ضروري لبقاء إسبانيا أن تكون مركز البيروقراطية. فحتى حين دعم اوليفاريس اتحادا كاملا للبرتغال مع إسبانيا إلا أنه لم ينل فرصة لتحقيق أفكاره. فازدادت البيروقراطية تضخما وفسادا وقت إقالة اوليفاريس في 1643.
سطر 209:
وبنهاية القرن 16 كان التضخم في إسبانيا (نتيجة لديون الدولة والأهم استيراد الذهب والفضة من العالم الجديد) قد سبب معاناة كبيرة للفلاحين. فمتوسط تكلفة السلع تضاعفت خمس مرات في القرن 16 في إسبانيا، وأولها الصوف والحبوب. فحين ان الأسعار كانت معقولة بالمقارنة مع القرن 20، فإنها في القرن 15 تغيرت قليلا جدا، واهتز الاقتصاد الأوروبي بما يسمى [[ثورة الأسعار]]. فقد كانت أسبانيا مع إنجلترا هما المنتجان الوحيدان للصوف في أوروبا، وقد استفادتا في البداية من النمو السريع. إلا أنه قد بدأت في إسبانيا حركة [[تسييج]] كما في إنجلترا، مما خنق التوسع في الزراعة وهجرت قرى بأكملها فأجبر السكان على الانتقال إلى المدن. وأيضا كان ارتفاع معدل التضخم، وعبء حروب هابسبورغ والعديد من الرسوم الجمركية التي قسمت البلاد وقيدت التجارة مع الأمريكتين، مما خنق نمو الصناعة التي ربما قدمت مصدر بديل للدخل في المدن. وثمة عامل آخر هو الطبيعة العسكرية في نبلاء قشتالة، التي تطورت خلال القرون من حروبهم مع المسلمين لإستعادة شبه الجزيرة الايبيرية. فهم يفضلون وظائف في الإدارة الحكومية أو الجيش أو الكنيسة والابتعاد عن الأنشطة الاقتصادية. وهذا يعني أيضا أن عسكرية إسبانيا قد استنفدت ثرواتها ورجالها في حروب شبه مستمرة. وقد فعلت تلك الحروب تحت حكم فيليب الثاني الكثير في مكافحة البروتستانتية، ولكن في القرن 17 أصبح واضحا أنه لا يمكن استعادة العالم الذي كان قائما قبل 1517. أصبح هم حروب إسبانيا خلال هذا القرن هو الحفاظ ماأمكن على هيمنة تحالف هابسبورغ في أوروبا؛ والجدير بالإشارة إلى أن تحالف هابسبورغ قد نجح بشأن دعم الكنيسة الكاثوليكية ضد صعود البروتستانتية.
 
كانت مهنة رعي الأغنام منتشرة في قشتالة، وازدادت بسرعة مع ارتفاع أسعار الصوف بدعم من الملك. وكانت أغنام [[مارينو]] [[ترحال رعوي|تنتقل كل شتاء]] من جبال الشمال إلى الجنوب الدافئ متجاهلة مسارات حددتها الدولة تهدف إلى منع الماشية من الدوس على الأراضي الزراعية. وتجاهل فيليب الثاني شكاوى ضد رابطة الرعاة (Mesta) الذين يدفعون أرباح كبيرة من إيرادات الصوف. ولكن ارهاق أراضي قشتالة الزراعية بالرعي جعلها في نهاية المطاف قاحلة، مما جعل إسبانيا وبالذات قشتالة تعتمد على واردات الحبوب لتعويض نقص المحاصيل، وبسبب ارتفاع كلفة النقل وخطر القرصنة، أضحت أسعار المواد الغذائية في إسبانيا أغلى من أي مكان آخر. ونتيجة لذلك ولم تكن الكثافة السكانية في إسبانيا وفي قشتالة بالذات عالية بسبب الجفاف والأرض الصخرية. فالنمو السكاني في شبه الجزيرة الجبلية ابطأأبطأ بكثير من فرنسا. فقد كان عدد سكان فرنسا في عهد لويس الرابع عشر أكثر من إسبانيا وانجلترا مجتمعة.
[[ملف:Pieter Bruegel the Elder- The Harvesters - Google Art Project.jpg|تصغير|300px|''الحصاد'' بريشة [[بيتر بروغل الأكبر]]]]
 
انتشر أداة الائتمان المالية في حركة التجارة الإسبانية في القرن 17. وتكمن مدينة [[أنتويرب]] [[هولندا الإسبانية|الهولندية]] في قلب التجارة الأوروبية، ومصرفييها هم الذين مولوا بالدين معظم حروب كارلوس الخامس وفيليب الثاني. فشاع استخدام "أرواق مقايضة" بحيث ازدادت بنوك أنتويرب قوة، وأدت إلى تكهنات واسعة النطاق مما ساعد على تضخم فارق الأسعار. وبالرغم من تلك النزعات التي وضعت الأساس لتطور الرأسمالية في أسبانيا وأوروبا إجمالا، إلا أن الإنعدام التام للتنظيم والفساد المتفشي جعل أصحاب الأراضي الصغيرة غالبا ما يفقدون كل شيء بضربة واحدة خاسرة. نمت {{وصلة إنترويكي|تر=Latifundium|عر=أملاك شاسعة|نص=أسعار العقارات}} تدريجيا في إسبانيا وبالخصوص قشتالة، وأضحى الاقتصاد مع الوقت غير قادر على المنافسة، وخاصة خلال عهدي فيليب الثالث والرابع عندما هزت أزمات المضاربة المتكررة اسبانيا.
 
كانت الكنيسة الكاثوليكية منذ العصور الوسطى لها أهمية على الاقتصاد الاسبانيالأسباني. وازدادت تلك الأهمية قوة في عهدي فيليب الثالث والرابع، حيث تصيبهما نوبات قوية من التقوى والورع والعمل الخيري فيتبرعون إلى الكنيسة مناطق شاسعة من البلاد. ولم يفعل آل هابسبورغ اللاحقين شيئا لإعادة توزيع الأراضي. بحيث أضحت معظم قشتالة بحلول نهاية عهد كارلوس الثاني في أيدي قلة مختارة من ملاك الأراضي، وأكبر الملاك كانت هي الكنيسة. وتشير التقديرات إلى أن حيازات الكنيسة الإسبانية قد ازدادت نهاية القرن 17 لتشمل حوالي 20٪ من أراضي قشتالة ويقدر نسبة رجال الدين حوالي 10٪ من الذكور البالغين في قشتالة. فاتجهت سياسة الحكومة في عهد ال[[بوربون]] الذين خلفوا هابسبورغ للحد من أراضي الكنيسة الشاسعة والتي ينظر إليها في ذاك الوقت باعتبارها عائقا للتنمية في البلاد.
 
== الفنون والثقافة ==