المسجد الإبراهيمي: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
طلا ملخص تعديل
JarBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت:تدقيق إملائي (تجريبي)
سطر 98:
بعد ظهور [[الإسلام]] في [[الجزيرة العربية]]، وفي عهد [[خليفة|الخليفة]] [[عمر بن الخطاب]] (حَكَم 634 - 644) تم [[الفتح الإسلامي لبلاد الشام]]، وسيطر المسلمون بقيادة [[عمرو بن العاص]] على منطقة [[الخليل]] عام 634 بعد [[معركة أجنادين]] ضد [[البيزنطيين]]، وفي تلك الفترة لم تكن [[الخليل]] ذات أهميّة حيث أزال [[الإمبراطورية الفارسية|الفُرس]] منها مظاهر الحضارة، وكان المسجد الإبراهيمي مُجرّد سور مُهمَل. ومع الفتح الإسلامي، وبعد اعتناق الأهالي [[الإسلام]]، اعتبروا الحير مكانًا مقدّسًا، فجعلوه مسجدًا يزورونه ويُصلّون فيه، ويقيمون المساكن حوله.<ref name="عربية2"/>
 
وفي عهد '''[[الدولة الأموية]]''' (662 - 750)، حظيت مدينة [[الخليل]] بشكلٍ عام والمسجد الإبراهيمي بشكلٍ خاص بعناية الأمويين، فقاموا بأعمال البناء، فسقفوا المسجدَ، وتم وضع [[قبة|قباب]] لمدافن الأنبياء، وبنوا [[مزار|المشاهد]] فوق الأضرحة، وأخذت الأبنية تتسع حول المسجد. وكان الخلفاء الأمويون يتقربون إلى [[الله]] بما يهبون إلى هذه المقامات من أنواع [[نذر|النذور]] و[[صدقة|الصدقات]] ويوقفون [[نظام الوقف الإسلامي|الوقفيات]].<ref name="عربية2">{{مرجع كتاب|العنوان=الخليل عربيّة إسلاميّة|الناشر=مطابع دار الأيتام الإسلاميّة|الصفحات=72-92|المؤلف=محمد ذياب أبو صالح|الإصدار=2000}}</ref> لكن لم يُعلَم بالتحديد متى بُني المسجد، وما هو شكل البناء الإسلامي الأوّل، وقد ورد وصفٌ للمسجد للرحّالةللرحّآلة أركولف قبل عام 680، لم يذكر فيه وجود سقف للحير ولا مسجد، ولكن ذَكَر وجود صناديق حجرية تُشبه القبور التذكارية الحالية فوق كل قبرٍ من القبور الستة، ما يرجّح كون المسجد بُني في أواخر عهد [[الدولة الأموية]].<ref name="سحر1"/>
 
وفي عهد '''[[الدولة العباسية]]''' (750 -1519)، استمرّ اهتمام الخلفاء في مدينة [[الخليل]] والمسجد الإبراهيمي، ففي بداية العهد العباسي، فتح الخليفة [[أبو عبد الله محمد المهدي]] عام 775 بابًا في السور الشمالي الشرقي بارتفاع ثلاثة أمتار ونصف، وتم تركيب باب حديدي له، وزيّن المسجدَ وفرشه ب[[سجاد|السجاجيد]]، وأدخل على عمارته إصلاحًا كبيرًا.<ref name="عربية2"/><ref name="خسرو"/> وفي أواخر القرن التاسع الميلادي تمّ بناء ما يُعرف "بالمُغطّى" وهو سقف ساحة المسجد الرئيسية، إضافة إلى بعض الغرف لإسكان الزوّار.<ref name="حروب-معماري"/> وفي عهد الخليفة [[المقتدر بالله]] (حَكَم 908 - 932) بُني على قبر النبي [[يوسف]] [[قبة]].<ref name="عربية2"/> وفي ظلّ سيطرة '''[[الدولة الفاطمية]]''' على [[الشام]] ومدن [[فلسطين]] ومنها [[الخليل]] عام 972، تطوّرت العِمارة في المسجد، وتوسّع المسلمون في نشاط المسجد فبنوا دورًا للزوّار حول المبنى،<ref name="حروب1"/> وتم بناء القِباب على قبور [[إبراهيم]] و[[سارة]] في عام 985.<ref name="وجهات"/> ثمّ تعرّض المبنى لزلازل قويّة عام 1016 ممّا أدّى إلى تخريب بعض مكوّناته.<ref name="حروب1"/>
 
وفي تلك الفترة مرّ بالخليل عدّة رحّالةرحّآلة وصفوا المسجد في كتبهم، منهم [[المقدسي البشاري]] الذي كتب عام 985 وصفه قائلاً: « فيها (أي [[الخليل]]) حصنٌ منيع يزعمون أنّه من بناء [[جن|الجنّ]] من حجارة عظيمة منقوشة، وسطه قُبّة من الحجارة إسلاميّة على قبر [[إبراهيم]] وقبر [[إسحاق]] قدّام في المغطّى، وقبر [[يعقوب]] في المؤخّر حذاء كلّ نبيّ امرأته، وقد جُعل الحيرُ مسجدًا وبُني حوله دُورٌ للزوّار، واختلطت به العمارة».<ref>{{مرجع كتاب|العنوان=أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم|الناشر=مكتبة مدبولي القاهرة|الصفحات=172|المؤلف=المقدسي البشاري|الإصدار=1991}}</ref> أمّا الرحّالةالرحّآلة [[فارسي|الفارسي]] [[ناصر بن خسرو]] فقد زار المسجدَ عام 1047 أي قبل الغزو الصليبي بخمسين عامًا، ووصف المسجدَ وصفًا مُفصلاً قائلاً في بعضه: «والمشهد (أي المسجد) على حافة القرية من ناحية الجنوب وهي في الجنوب الشرقي، والمشهد يتكون من بناء ذي أربع حوائط من الحجر المصقول طوله ثمانون ذراعاً وعرضه أربعون وارتفاعه عشرون وثخانة حوائطه ذراعان، وبه مقصورة و[[محراب]] في عرض البناء، وبالمقصورة محاريب جميلة بها قبران رأسهما للقبلة وكلاهما من الحجر المصقول بارتفاع قامة الرجل الأيمن قبر اسحق بن إبراهيم والآخر قبر زوجه عليها السلام وبينهما عشرة أذرع وأرض هذا المشهد وجدرانه مزينة بالسجاجيد القيمة والحُصر المغربية التي تفوق الديباج حسنا».<ref name="خسرو">{{مرجع كتاب|العنوان=سفر نامه|الصفحات=70|المسار=https://ar.wikisource.org/wiki/سفرنامه#.D9.88.D8.B5.D9.81_.D9.82.D8.A8.D8.B1_.D8.A7.D9.84.D8.AE.D9.84.D9.8A.D9.84_.D8.B5.D9.84.D9.88.D8.A7.D8.AA_.D8.A7.D9.84.D9.84.D9.87_.D8.B9.D9.84.D9.8A.D9.87|المؤلف=[[ناصر خسرو]]}}</ref>
 
=== العهد الصليبي ===
سطر 110:
وكان من أهمّ الأحداث أيضًا ما تم إعلانه عن '''اكتشاف قبور الأنبياء الحقيقية''' عام 1119، فتحت إشراف رئيس كنيسة القديس أبراهام واسمه رينيه، وفي يوم 7 يوليو عام 1119 تم بالصدفة اكتشاف المغارة التي فيها رفات الأنبياء أسفل المسجد عن طريق فتحة قرب مقام [[إسحق]] فقاموا بفتح المغارة وعثروا على رفات [[يعقوب]]، وفي مغارة أخرى فرعية وجدوا رفات [[إبراهيم]] و[[إسحق]]، ووفقًا لراهب الخليل (أحد رواة قصة اكتشاف المقابر نقلاً عن اثنين من رجال الدين المشاركين بعملية الاكتشاف) فإنه بعد فتح المغارة تم حمل الرفات والطواف بها في شوارع الخليل، ثم العودة بها للمغارة ووضعها على طاولة من [[خشب]] ليتم إغلاق مدخل المغارة بعد ذلك.<ref name="حروب-اكتشاف">{{مرجع كتاب|العنوان=الخليل والحرم الإبراهيمي في عصر الحروب الصليبيّة|الناشر=دار الفكر العربي|الرقم المعياري=977-10-1101-4|الصفحات=267-278|المؤلف=علي أحمد محمد السيّد|الإصدار=1998}}</ref> كما تمّ العثور في المغارة على 15 إناء [[فخار|فخّاري]] تضم عظامًا لموتى دون معرفة أصحابها، وقد شاع فيما بعد أنّ هذه العظام تعود لأبناء النبي [[يعقوب]] الأحد عشر (عدا [[يوسف]]).<ref name="حروب-اكتشاف"/>
 
وقد روى الرّحّالةالرّحّآلة المسلمون الذين زاروا المسجد في تلك السنة هذه القصّة، فقد روى [[المؤرخ]] [[ابن القلانسي]] في أحداث عام 1119: «وفي هذه السَّنة حَكَى من وَرَد من [[بيت المقدس]] ظُهُور قبور الخليل وولديه [[إسحق]] و[[يعقوب]] الأنبياء عليهم الصلاة من الله والسلام وهم مجتمعون في مغارة بأرض بيت المقدس وكأنَّهم كالأحياء، لم يَبْلُ لهم جسد ولا رُمَّ [[عظم]]، وعليهم في المغارة [[قنديل|قناديل]] مُعلَّقة من [[الذهب]] و[[الفضة]]، وأُعيدت القبور إلى حالها التي كانت عليه. هذه صورة ما حكاه الحاكي والله أعلم بالصَّحيح من غيره».<ref>{{مرجع كتاب|العنوان=تاريخ دمشق|الناشر=دار حسان للطباعة والنشر|الصفحات=321|المسار=http://shamela.ws/browse.php/book-22799#page-345|المؤلف=[[ابن القلانسي]]|الإصدار=1983}}</ref> ويقول الرحّالةالرحّآلة [[أبو الحسن الهروي]] والذي زار المسجد عام 1173: «لمَّا كان في زمان الملك بردويل انخسف الموضع في هذه المغارة، فدخل جماعة من [[الفرنج]] إليها بإذن الملك، فوجدوا فيها إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام قد بليت أكفانهم وهم مستندون إلى حائط وعلى رؤوسهم مناديل ورؤوسهم مكشوفة فجدد الملك أكفانهم ثم سدّ الموضع، وذلك سنة ثلاث عشرة وخمسمائة هجرية».<ref>{{مرجع كتاب|العنوان=الاشارات إلى معرفة الزيارات|الناشر=مكتبة الثقافة الدينية|الصفحات=35-36|المسار=http://shamela.ws/browse.php/book-10797/page-31#page-30|المؤلف=[[أبو الحسن الهروي]]|الإصدار=2002}}</ref>
[[ملف:Issac Hall Drawing 2.png|تصغير|مقطع عرضي لكنيسة القديس أبراهام، التي أقامها الصليبيون مكان المُغطّى في الجهة الجنوبية للحير، وتظهر فيه الأروقة الثلاثة]]
كما قام الصليبيون بتحويل [[المسجد]] إلى [[كنيسة]] أطلقوا عليها اسم '''كنيسة القدّيس أبراهام''' واتخذوا منها مركزًا دينيًا لكل المناطق المجاورة،<ref name="حروب-صليبي1"/> وقد اتبعت الكنيسة النظم [[الأوغسطينية|الرهبانية الأوغسطينية]]، أو قوانين أوستين الكنسية،<ref>{{مرجع كتاب|العنوان=The Latin charch in the crusader states|الصفحات=67-68|المؤلف=Hamilton B|الإصدار=1980}}</ref> وتم تسجيل ذلك في الوثائق لأول مرة عام 1112. وقد ورد ذكر منصب "رئيس رهبان القديس أبراهام" و"منصب رئيس كنيسة القديس أبراهام"، ما يُفهَم منه وجود [[دير]] إضافة ل[[كنيسة]] في مكان المسجد الإبراهيمي.<ref name="حروب-صليبي2">{{مرجع كتاب|العنوان=الخليل والحرم الإبراهيمي في عصر الحروب الصليبيّة|الناشر=دار الفكر العربي|الرقم المعياري=977-10-1101-4|الصفحات=124-131|المؤلف=علي أحمد محمد السيّد|الإصدار=1998}}</ref> ويؤكد باحثون حديثون مختصون أنّ الكنيسة المذكورة لم يكن على رأسها إلا مجرد [[مطران]] أو رئيس كنيسة، وكانت تتبع مباشرة لبطريرك [[بيت المقدس]]، وظل الأمر على حاله حتى ارتقت من كونها مجرد [[مطرانية]] إلى أن أصبحت [[أسقفية]] عام 1168، وكان أوّل [[أسقف|الأساقفة]] هو رينو.<ref name="حروب-صليبي2"/>
سطر 129:
مع انتهاء [[الحرب العالمية الأولى]]، دخلت القوّات [[بريطانيا|الإنجليزية]] مدينة [[الخليل]] بعد انسحاب [[الجيش العثماني]] منها في عام 1917، فأسسوا فيها إدارة عسكرية استمرّت لعام 1920 لتصبح بعدها تحت '''[[الإنتداب البريطاني على فلسطين|الإنتداب البريطاني]]''' (1920 - 1948)، وتمّ تشكيل "المجلس الإسلامي الأعلى" لرعاية شؤون الأماكن الإسلامية في المدينة. وكان من أبرز الأعمال التي قام بها هذا المجلس: تعمير المنبر عام 1920، و قصارة وتكحيل المسجد عام 1922، وتبليط مصلى الجاولية وتكحيل سطحه عام 1945، وإنشاء ميضأة في ساحة القلعة عام 1944.<ref name="عربية-انتداب">{{مرجع كتاب|العنوان=الخليل عربيّة إسلاميّة|الناشر=مطابع دار الأيتام الإسلاميّة|الصفحات=180-188|المؤلف=محمد ذياب أبو صالح|الإصدار=2000}}</ref>
 
وبعد أن انسحب البريطانيون من [[فلسطين]] عام 1948، خضعت مدينة [[الخليل]] رسميًا الىإلى '''[[الأردن|حُكم الأردن]]''' (1950 - 1967)، بعد قرار [[وحدة الضفتين]] عام 1950، والذي جعل [[الضفة الغربية]] جزءًا من [[المملكة الأردنية الهاشمية]].
وقد انجزت في ذلك العهد إصلاحات عديدة للمسجد الإبراهيمي، فزادت العناية فيه وتحسّنت أوضاعه وزاد عدد موظفيه، من هذه الأعمال: بناء درج حديث في الساحة الجنوبية للمسجد وإعمار وترميم حائط مقام [[يوسف]] عام 1950، وطلاء الواجهات الداخلية للمسجد عام 1951، وطلي المسجد [[هيدروكسيد الكالسيوم|بالكلس]] و[[الزيت]] عام 1957، وفتح بابين للدرج الجديد وتسوية أرض القلعة عام 1953، وإصلاح رصاص قبة مقام [[يعقوب]] عام 1957، وإعادة بناء جزء من البرج الملاصق للبرج الشمالي الغربي سنة 1965. كما أزيلت بعض الأبنية المُحيطة بالمسجد عام 1964، والتي كانت تحوي سوق عجرود و[[التكية الإبراهيمية]] والرباط المنصوري وأبنية لعائلات كانت تخدم المسجد.<ref name="عربية-انتداب"/>