وطنية: الفرق بين النسختين

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 93:
ترتبط الوطنية [[هوية قومية|بالهوية القومية]] وهي تعربفٌ للذات يُحدد موقع الشخص من الناحيتين الاجتماعية والنفسية، وتظهر ضمن نظام من التمثيل والعلاقات الاجتماعية، وتتطلب اعترافاً متبادلاً. معاييرها التعريفية هي الاستمرارية عبر الزمن، والتمايز عن الآخرين. تنبع الاستمرارية من إدراك تجذر الأمة تاريخياً، مع بناء تَصَوراتٍ واضحة للمستقبل، ويستوعب الأفراد هذه الاستمرارية من خلال مجموعة من التجارب الزمنية التي يفهمونها بشكلٍ موحد. أما التمايز فهو وعي بتَشكل مجتمع متميز [[ثقافة|بثقافة]]، وماضٍ، ورموز، وتقاليد أراضٍ مُعرَّفة. لا يتولد الإحساس بالحدود الإقليمية تلقائيًا، لأنَّ النخب هي أولَ من يكتسب مفهوماً واضحاً لها عبر التعليم، وبالتالي لا تُكَوِّنُ المجتمعات القروية إحساساً بالأمة من تلقاء نفسها.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف=Montserrat Guibernau|date=2007|العنوان=The Identity of Nations|الصفحة=15-25|الناشر=Polity|الرقم المعياري=9780745626635}}</ref>
 
بصورة عامة، يكتسب [[قروي|القرويون]] و[[عامة الشعب]] قِيَمهم ويتعلمون التعريف عن أنفسهم عبر ما يُسمى [[ثقافة عالية|بثقافة النخبة]]، أيًّا كان محتواها، التي تسقط نسخة مختارة من ثقافتها العالية على الجماهير. نجاح تعميم نسخة معينة من ثقافة النخبة يتطلب بيئة ترتبط فيه هذه الثقافة بهياكل السلطة، لتكون قادرة على توفير فرصٍ للجماهير التي ستتبناها، وأن تقدم النخبة بعضًا من التنازلات بدمج ثقافتها العالية بعناصر من [[ثقافة شعبية|الثقافة الشعبية]] حتى تتمكن الجماهير من استيعابها كما لو كانت مِلكهم. تنتقي النخبة الموروثات التاريخية بعناية شديدة، ثم تحورها بصورة راديكالية لتقديمها بلغة مفهومة للعوام.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف=Montserrat Guibernau|date=2007|العنوان=The Identity of Nations|الصفحة=22|الناشر=Polity|الرقم المعياري=9780745626635}}</ref> المقصود بالعوام هم أولئك الذين لا ينتمون إلى أسرٍ ملكية أو و[[أرستقراطية]]، أو حاكمة في المجمل، وليسوا من طبقة رجال الدين.
 
يفتقر العوام إلى الوعي الذاتي بأنفسهم، وتغير أحوالهم يكون نتيجة ظهور نخبة جديدة مشجعة على [[الحراك الاجتماعي]] بينهم، فالوطنية ظاهرة حديثة وارتبطت ب[[تقسيم العمل|التقسيم العقلاني للعمل]]. هذا لا يعني أنَّ فضائل الإخلاص والتضامن العضوي لم تكن معروفة في السابق، ولكن مغزى الوطنية حديثٌ نسبيًا، لأن المجتمعات الاقطاعية غير مركزية، ومصدر السلطة فيها متناثر وغير مستقر. تتميز بالتفاضل بين هويات اجتماعية، أي بين الفلاحين والقضاة والمقاتلين وأعضاء الدواوين وما إلى ذلك، ف[[عقلانية (علم اجتماع)|العقلانية الاجتماعية]] وما يصاحبها من حراك وتقسيم للعمل محدودة للغاية، ولذلك فإن فرد هذه المجتمعات لا يمتلك خيارات كثيرة في تحديد ارتباطاته بما أن القرارت المهمة في حياته مثل مكان اقامته، نوع عمله، أي دين يمارس، ومن يتزوج، محددة سلفًا من قبل محيطه سواء كان قبيلة، قرية أو فئة، وبالتالي لا يستغرق وقتًا طويلًا ليتسائل عن هويته.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف=Francis Fukuyama|العنوان=Political Order and Political Decay|date=2014|الصفحة=180|الناشر=Macmillan|الرقم المعياري=9781429944328}}</ref>