وطنية: الفرق بين النسختين

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 88:
* الإحساس بهوية خاصة مع البلد
* الاستعداد لتقديم تضحيات تعزز من مصالح البلد، أي المصالح القومية.
[[ملف:Jean-Jacques_Rousseau_(painted_portrait).jpg|يمين|تصغير|270x270بك|<center>جادل جان جاك روسو أن الحقوق الطبيعية والمساواة تؤسس عقدًا اجتماعيًا أفضل من ثيولوجيا الأديان.</center>]]
تقول الموسوعة أنَّ مامن فرق بين كلمتي ''عاطفة'' '''و''' ''حب'' ويمكن استعمالهما بشكل متعاوض، غير أن الحب من دون القلق ليس كافياً للوطنية، ولذلك وجب تضمين الاهتمام أو القلق في التعريف. الاهتمام والقلق بحالة البلد ينطوي ضمناً على استعدادٍ بتضحية لمصالح شعبها. الاحساس بالخصوصية عبارة مبهمة وتسمح للمرء أن يطلق على بلد ما خاصته بصورة رسمية وبالغة الشكلية. لذلك، يمكن تمييز الوطني من طريقة تعريفه عن نفسه مع بلده خلال التعبير عن مشاعره بشكل غير مباشر، من فخر بمزاياها وانجازاتها أو شعور بالعار لإخفاقاتها، وتشمل الاعتراف بجرائمها، إن وجدت، بدلاً من إنكارها. هذا مُجَرَّدُ تعريف [[تجريد|تجريدي]] وليس تقريراً متكاملاً تقول الموسوعة، لأنه لا يتطرق لمعتقدات ومواقف الوطني إزاء شمائل بلاده، فضلاً عن الظروف السياسية والاجتماعية المؤثرة على المد والجزر الوطني، وتأثير الوطنية ثقافيًا وسياسيًا.<ref name="Patriotism222222">[http://plato.stanford.edu/archives/spr2015/entries/patriotism/ Patriotism], The Stanford Encyclopedia of Philosophy, Spring 2015 Edition</ref>
 
سطر 94:
 
الوطنية ظاهرة حديثة في التاريخ البشري، وارتبطت بظهور المجتمعات الحديثة [[تقسيم العمل|والتقسيم العقلاني للعمل]]. هذا لا يعني أنَّ فضائل الإخلاص والتضامن العضوي لم تكن معروفة في السابق، ولكن مغزى الوطنية المتعارف عليه حديثٌ نسبيًا. جادل نيكولو ماكيافيلي بضرورة إعادة إحياء العبادات [[وثنية|الوثنية]] لإضعاف تأثير الكنيسة على الدولة، لأن الأديان السابقة للمسيحية كانت تخدم معتنيقها عوضًا عن تسخير الناس لخدمتها، وبما أنَّ لكل حضارة قديمة إله قومي، كان ولاء الأفراد لجهة واحدة وهي دولتهم. طبيعة إيمان ماكيافيلي الديني موضع آراءٍ مختلفة بين العلماء المتخصصين، كان يتحدث عن فكرة طورها وصاغها جان جاك روسو لاحقًا وسماها [[دين مدني|بالدين المدني]] في [[العقد الاجتماعي (كتاب)|كتاب العقد الاجتماعي]]، وهو معتقد بمحتوًى [[ثيولوجيا|ثيولوجي]] ضئيل. مثل ماكيافيلي، رأى روسو بأن [[مسيحية|المسيحية]] وإن كانت محقة من منظور ثيولوجي، فهي عديمة الفائدة كـ”دين جمهوري“ لأنها لا تُعلم الناس الفضائل الضرورية لخدمة الدولة.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف=Brian Duignan|العنوان=Modern Philosophy: From 1500 CE to the Present|date=2011|الصفحة=137|الناشر=The Rosen Publishing Group|الرقم المعياري=9781615301454}}</ref>
[[ملف:Henry St John, 1st Viscount Bolingbroke (1678-1751).jpg|180px|تصغير|يمينيسار|<center> تبنى [[هنري ساينت جون، نبيل بولينغبروك|بولينغبروك]] موقفًا حادًا من الأحزاب الدينية في إنجلترا لسعيها إلى خدمة الدين بدلًا من الناس<center>]]
لم يكن جان جاك روسو أول من تحدث عن الدين المدني، إذ أشار فلاسفة آخرون لنفس الفكرة مستخدمين مصطلحات أخرى مثل الحقوق الطبيعية أو الدين الطبيعي. كتب [[جون لوك]] مقالة بعنوان [[معقولية المسيحية]] ليُظهر جوانبًا منطقية من ذلك المعتقد في ضوء الدين الطبيعي، ومَيَّزَ بولينغبروك بين هذه الجوانب التي تبدو منطقية، وما أسماه بالثيولوجيا المزيفة أو اللاهوت المصطنع. بالنسبة لبولينغبروك، كان اللاهوت المصطنع اختراع مشرعين وفلاسفة أصبحوا كهنة، لجئوا إلى توظيف الخرافات بطريقة منهجية لتقويم سلوكيات أقوامأقوامٍ كانت إلى الهمجية أقرب. دافع بولينغبروك عن هذا التوظيف باعتباره ضرورة في العصور القديمة، غير أن استمرار جهل العوام شكل دافعًا لديمومة مصالح الكهنة، وأصبحت سلطتهم خارج دائرة [[مساءلة|المساءلة العامة]] ليتحولوا إلى [[دولة داخل الدولة]].<ref>{{cite book|author=Harvey Mansfield|title=Statesmanship and Party Government: A Study of Burke and Bolingbroke|page=60|publisher=University of Chicago Press|isbn=978-0-226-02220-8}}</ref>
 
عداء بولينغبروك للأحزاب وتفضيله للـ”ملكللملك الوطني“،الوطني، كان نتيجة لأزمة الأحزاب الدينية الكبرى في إنجلترا القرن السابع عشر. الفكرة الأساسية هي أن ادعاء المسيحية السيادة سواء بشكل متكافئ أو أعلى من سيادة الدولة، أنتج دولة داخل هذه الدولة، وهو ما يؤدي عادة إلى اضطراب [[المجتمع المدني]] وربما إلى الحرب. لتكون المسألة أكثر وضوحًا، لم تمتلك الأحزاب الإنجليزية حينها برامجًا سياسية، وجميع بياناتها كانت تفسيرات للنصوص والتقاليد المسيحية. المشكلة أن تفسير النصوص الدينية أو مجرد نقل أوامر الله وتطبيقها على المسائل الاجتماعية والسياسية، ليس عملًا منهجيًا بصورة كاملة ولا يرقى ليكون آيديولوجية سياسية مستجيبة للضرورات والطبيعة البشرية. كونهاوبما أنها مبنية على المعرفة الإلهية وليس المعرفة البشرية، سعت تلك الأحزاب إلى إجبار السياسة على خدمة الدين في المقام الأول، ومن ثم خدمة الضرورات البشرية بشكل عرضي.<ref>{{cite book|author=Harvey Mansfield|title=Statesmanship and Party Government: A Study of Burke and Bolingbroke|page=80|publisher=University of Chicago Press|isbn=978-0-226-02220-8}}</ref>
 
بالعودة إلى النظرة العامة للوطنية، يكتسب [[قروي|القرويون]] و[[عامة الشعب]] بشكل عام، قِيَمهم ويتعلمون التعريف عن أنفسهم عبر ما يُسمى [[ثقافة عالية|بثقافة النخبة]] أيًّا كان محتواها، إذ تُسقط النخبة نسخة مختارة من ”ثقافتها العالية“ على هؤلاء. نجاح تعميم نسخة معينة من ثقافة النخبة يتطلب بيئة ترتبط فيه هذه الثقافة بهياكل السلطة، لتكون قادرة على توفير فرصٍ للجماهير التي ستتبناها، وأن تقدم النخبة بعضًا من التنازلات بدمج ثقافتها العالية بعناصر من [[ثقافة شعبية|الثقافة الشعبية]] حتى تتمكن الجماهير من امتصاصها وتبنيها كما لو كانت مِلكهم. تقوم النخبة بانتقاء الموروثات التاريخية بعناية شديدة ثم تحورها بصورة راديكالية وتقدمها بلغة مفهومة للعوام.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف=Montserrat Guibernau|date=2007|العنوان=The Identity of Nations|الصفحة=22|الناشر=Polity|الرقم المعياري=9780745626635}}</ref> تتضمن الاستراتيجيات العامة للبناء عادة:
سطر 105:
* خلق عدو خارجي مشترك للأمة، ليس توجهًا تقليديًا ولكنه أثبت فعاليته في تعزيز الإحساس بالمجتمع سواء كان الخطر وشيكًا، محتملًا أو مصطنعًا.
* التوطيد التقدمي للتعليم القومي والنظم الإعلامية لترسيخ صورة الأمة. وبالتحديد، اختلاق تجسيد نمطي عن ”المواطن الصالح“.
{{multiple image|caption_align=center|header_align=center|align=left|background color=|width=90|image1=ColumbiaStahrArtwork.jpg|alt1=|image2=Wislicenus Germania.jpg|footer_background=|footer_align=|footer=<center>[[جرمانيا (تجسيد)|جرمانيا]] و[[كولومبيا (إسم)|كولومبيا]]، تجسيدات قومية لكلٍ من [[ألمانيا]] و[[الولايات المتحدة]]. أُستخدمت هذه التجسيدات للتدليل على خصالٍ قومية مُميِّزةٍ للأمة<center>}}
 
بما أن الوطنية والهوية القومية هي نتيجة إسقاط فهم النخبة لذاتها على الجماهير، يُمكن التمييز بين نوعين رئيسين من الوطنية:<ref>{{cite journal|الأخير=Grammes|الأول=Tilman|التاريخ=2011|العنوان=Patriotism, Nationalism, Citizenship and Beyond|المسار=http://www.jsse.org/index.php/jsse/article/viewFile/1158/1061|journal=Journal of Social Science Education|الناشر=Bielefeld University|volume=10|issue=1|الصفحات=8|ISSN=1618-5293|تاريخ الوصول=22 February 2016}}</ref>
{{multiple image|caption_align=center|header_align=center|align=left|background color=|width=90|image1=ColumbiaStahrArtwork.jpg|alt1=|image2=Wislicenus Germania.jpg|footer_background=|footer_align=|footer=<center>[[جرمانيا (تجسيد)|جرمانيا]] و[[كولومبيا (إسم)|كولومبيا]]، تجسيدات قومية لكلٍ من [[ألمانيا]] و[[الولايات المتحدة]]. أُستخدمت هذه التجسيدات للتدليل على خصالٍ قومية مُميِّزةٍ للأمة<center>}}
# '''الوطنية السلطوية:''' تروج أن البلد بطبيعتها ولذاتها قبل أي شيء آخر، متفوقة على البلدان الأخرى. يتوقع من المواطنين الولاء الكامل والغير مشكوك، ويتم اتباع القادة والامتثال لهم بطريقة غرائزية وغير مشروطة. غالباً ما تتجاهل أوجه القصور والعيوب والشقاق الاجتماعي داخل الأمة، لأنها [[الامتثال (علم نفس)|إمعية]] وترى [[معارضة|المعارضة]] بحد ذاتها خطراً وزعزعة للاستقرار.
# '''الوطنية الديمقراطية:''' تتميز باعتقاد مواطينها أن القِيَم والمُثُل العليا للبلد جديرة بالاحترام والاعجاب، وبذلك يكون الولاء للقيم المؤسسية للديمقراطية. الولاء فيها متعمد ومستطلع، واهتمامهم بالمجتمع من حولهم نابعٌ من مبادئ محددة مثل الحرية والعدالة، وفق مستوى إدراكهم أو تفسيرهم لهذه القيم. يتحدث فيها المواطنون عن أوجه القصور أو العيوب و[[حرية التعبير|حرية الشجب]] والاستنكار مكفولة، ذلك لأنهم يعتبرون المعارضة وليس [[امتثال (علم نفس)|الامتثال]] عملاً وطنياً.