فلسفة العقل: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
ط clean up، الأخطاء المصححة: الاساس ← الأساس (2)، او ← أو، اخرى ← أخرى، الاخيرة ← الأخيرة، إي ← أي، يقال إن ← يقال أن (2)، الاون باستخدام [[Project:أو...
سطر 8:
| others =
| العنوان = Problems in the Philosophy of Mind. Oxford Companion to Philosophy
| سنةالسنة = 1995
| الناشر = Oxford University Press
| مكانالمكان = Oxford
| id =
| doi =
سطر 20:
| العنوان = Phaedo
| الإصدار =
| سنةالسنة = 1995
| الناشر = Clarendon Press
| مكانالمكان =
| id =
| الرقم المعياري = 1-4065-4150-8 }}</ref> ومدارس [[سامخيا|السامخيا]] و[[يوجا|اليوغا]] في [[فلسفة هندوسية|الفلسفة الهندوسية]]؛<ref name="Sa">{{citeمرجع webويب | urlالمسار=http://www.experiencefestival.com/a/Sankhya/id/23117
| titleالعنوان=Sankhya:Hindu philosophy: The Sankhya| authorالمؤلف=Sri Swami Sivananda}}</ref> كما تبنى الفلاسفة المسلمون نظريات الإغريق حول أصناف العقل. إلّا أنّ الشكل النهائي للمسألة صيغ بشكل دقيق من قبل [[رينيه ديكارت]] في القرن السابع عشر.<ref name="De">{{مرجع كتاب | المؤلف=Descartes, René | العنوان=Discourse on Method and Meditations on First Philosophy | الناشر=Hacket Publishing Company | الرقم المعياري=0-87220-421-9 | سنةالسنة=1998}}</ref> ناقشت المثنوية الجوهرية (ثنائية المواد) أنّ العقل هو جوهر متواجد بشكل مستقل، بينما حافظت [[مثنوية الخصائص]] على أنّ العقل هو مجموعة من الخصائص المستقلّة [[انبثاقية|المنبثقة]] عن الدماغ والتي لا يمكن حصرها به، مؤكّدة بأنّ العقل ليس جوهر منفصل.<ref name="Du">Hart, W.D. (1996) "Dualism", in Samuel Guttenplan (org) ''A Companion to the Philosophy of Mind'', Blackwell, Oxford, 265-7.</ref> بالمقابل، فإنّ الأحادية تتبنّى الرأي الذي يقول بأنّ العقل والجسد ليسا كيانين [[علم الوجود|وجوديّين]] منفصلين، إنّما هما جوهر واحد. لقى هذا الرأي تأييداً لأوّل مرّة في [[فلسفة غربية|الفلسفة الغربية]] من قبل [[بارمنيدس]] في القرن الخامس قبل الميلاد، ثم تبنّى [[عقلانية (فلسفة)|العقلاني]] [[باروخ سبينوزا]] هذا الرأي في القرن السابع عشر.<ref name="Spin">Spinoza, Baruch (1670) ''Tractatus Theologico-Politicus'' (A Theologico-Political Treatise).</ref>
 
يستدلّ أتباع المدرسة [[فيزيائية (فلسفة)|الفيزيائية]] بأنّ الكيانات المفترضة في النظرية الفيزيائية هي الموجودة فقط، وأنّ العمليات العقلية ستفسَّر بالنهاية في ضوء هذه الكيانات وذلك مع استمرار تطوّر النظرية الفيزيائية، وذلك بشكل يختزل الخصائص العقلية إلى خصائص فيزيائية، (وذلك بشكل متوافق مع مثنوية الخصائص)،<ref name="Schneider2013">{{cite journal|last1الأخير1=Schneider|first1الأول1=Susan|titleالعنوان=Non-Reductive Physicalism and the Mind Problem1|journal=Noûs|volume=47|issue=1|yearالسنة=2013|pagesالصفحات=135–153|issn=00294624|doi=10.1111/j.1468-0068.2011.00847.x}}</ref><ref name="DePaulBaltimore2013">{{cite journal|last1الأخير1=DePaul|first1الأول1=Michael|last2الأخير2=Baltimore|first2الأول2=Joseph A.|titleالعنوان=Type Physicalism and Causal Exclusion|journal=Journal of Philosophical Research|volume=38|yearالسنة=2013|pagesالصفحات=405–418|issn=1053-8364|doi=10.5840/jpr20133821}}</ref><ref name="GibbLowe2013">{{مرجع كتاب|المؤلف1=S. C. Gibb|المؤلف2=E. J. Lowe|المؤلف3=R. D. Ingthorsson|العنوان=Mental Causation and Ontology|مسارالمسار=http://books.google.com/books?id=-sBoAgAAQBAJ&pg=PA58|date=21 March 2013|الناشر=OUP Oxford|الرقم المعياري=978-0-19-165255-4|الصفحة=58}}</ref><ref name="Demircioglu2011">{{cite journal|last1الأخير1=Demircioglu|first1الأول1=Erhan|titleالعنوان=Supervenience And Reductive Physicalism|journal=European Journal of Analytic Philosophy|volume=7|issue=1|yearالسنة=2011|pagesالصفحات=25–35}}</ref><ref name="Francescotti">{{citeمرجع webويب|last1الأخير1=Francescotti|first1الأول1=Robert|titleالعنوان=Supervenience and Mind |workالعمل=The Internet Encyclopedia of Philosophy|urlالمسار=http://www.iep.utm.edu/supermin/ |issn=2161-0002|accessdateتاريخ الوصول=2014-08-10}}</ref><ref name="Gibb2010">{{cite journal|last1الأخير1=Gibb|first1الأول1=Sophie|titleالعنوان=Closure Principles and the Laws of Conservation of Energy and Momentum|journal=Dialectica|volume=64|issue=3|yearالسنة=2010|pagesالصفحات=363–384|issn=00122017|doi=10.1111/j.1746-8361.2010.01237.x}} See also {{cite journal|last1الأخير1=Dempsey|first1الأول1=L. P.|titleالعنوان=Consciousness, Supervenience, and Identity: Marras and Kim on the Efficacy of Conscious Experience|journal=Dialogue|volume=51|issue=3|yearالسنة=2012|pagesالصفحات=373–395|doi=10.1017/s0012217312000662}} See also {{cite journal|last1الأخير1=Baltimore|first1الأول1=J. A.|titleالعنوان=Defending the piggyback principle against Shapiro and Sober's empirical approach|journal=Dialectica|volume=175|issue=2|yearالسنة=2010|pagesالصفحات=151–168|doi=10.1007/s11229-009-9467-2}}.</ref> وأنّ الحالة الوجودية للخصائص العقلية لا تزال غير واضحة.<ref name="Francescotti" /><ref name="McLaughlinAndBennett">{{citeمرجع webويب|last1الأخير1=McLaughlin|first1الأول1=Brian|last2الأخير2=Bennett|first2الأول2=Karen|titleالعنوان=Supervenience |workالعمل=The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Spring 2014 Edition)|editorالمحرر=Edward N. Zalta (ed.)|urlالمسار=http://plato.stanford.edu/archives/spr2014/entries/supervenience/ |dateالتاريخ=2014|accessdateتاريخ الوصول=2014-08-10}}</ref><ref name="Megill2012">{{cite journal|last1الأخير1=Megill|first1الأول1=Jason|titleالعنوان=A Defense of Emergence|journal=Axiomathes|volume=23|issue=4|yearالسنة=2012|pagesالصفحات=597–615|issn=1122-1151|doi=10.1007/s10516-012-9203-2}}</ref> يذهب [[أحادية محايدة|الأحاديون المحايدون]] مثل [[إرنست ماخ]] و[[ويليام جيمس|وليام جيمس]] إلى أنّ الأحداث في العالم يمكن تفسيرها إمّا عقلياً (نفسياً) أو فيزيائياً اعتماداً على شبكة الأحداث التي يتمّ بها استقبالها، أمّا الأحاديون ثنائيو الجانب من أمثال سبينوزا فيؤمنون بالرأي القائل بأنّ هناك مادّة محايدة، وأنّ العقل والجسد هما إحدى خواص هذه المادة المحايدة. إنّ أشهر الأحاديات في القرن العشرين والحادي والعشرين هي كلّها أشكال للمدرسة الفيزيائية وتتضمّن [[السلوكية|السلوكيات]] و[[نظرية هوية العقل|الفيزيائية النموذجية]] و[[أحادية شاذة|الأحادية الشاذّة]] و[[وظائفية (فلسفة)|الوظائفية]].<ref name="Kim">Kim, J., "Mind–Body Problem", ''Oxford Companion to Philosophy''. Ted Honderich (ed.). Oxford:Oxford University Press. 1995.</ref>
 
يتبنّى معظم فلاسفة العقل الحداثيون الرأي الفيزيائي سواءً بشكل اختزالي أو لااختزالي، محافظين بطرقهم المختلفة بأنّ العقل ليس شيئاً منفصلاً عن الجسد.<ref name="Kim"/> هذه المناهج أثّرت بشكل خاص على العلوم، وخصوصاً في [[علم الأحياء الاجتماعي]]، و[[علم الحاسوب]]، و[[علم النفس التطوري]]، بالإضافة إلى مختلف مجالات [[علوم عصبية|العلوم العصبية]].<ref name="PsyBio">Pinel, J. ''Psychobiology'', (1990) Prentice Hall, Inc. ISBN 88-15-07174-1</ref><ref name="LeDoux">LeDoux, J. (2002) ''The Synaptic Self: How Our Brains Become Who We Are'', New York:Viking Penguin. ISBN 88-7078-795-8</ref><ref name="RussNor">Russell, S. and Norvig, P. ''Artificial Intelligence: A Modern Approach'', New Jersey:Prentice Hall. ISBN 0-13-103805-2</ref><ref name="DawkRich">Dawkins, R. ''The Selfish Gene'' (1976) Oxford:Oxford University Press. ISBN</ref> تؤكّد الفيزيائية الاختزالية أنّ الحالات والخصائص العقلية يمكن تفسيرها دائماً عن تقديرات علمية للحالات والعمليات الفيزيولوجية.<ref name="Pat">{{مرجع كتاب | المؤلف=Churchland, Patricia | العنوان=Neurophilosophy: Toward a Unified Science of the Mind–Brain. | الناشر=MIT Press | سنةالسنة=1986 | الرقم المعياري=0-262-03116-7}}</ref><ref name="Paul">{{cite journal | authorالمؤلف=Churchland, Paul | titleالعنوان=Eliminative Materialism and the Propositional Attitudes | journal=Journal of Philosophy | yearالسنة=1981 | pagesالصفحات=67–90 | doi=10.2307/2025900 | volume=78 | issue=2 | publisherالناشر=Journal of Philosophy, Inc. | jstor=2025900}}</ref><ref name="Smart">{{cite journal | authorالمؤلف=Smart, J.J.C. | titleالعنوان=Sensations and Brain Processes | journal=Philosophical Review | yearالسنة=1956}}</ref> أمّا الفيزيائية اللااختزالية فهي تناقش أنّه على الرغم من أنّ العقل ليس جوهراً منفصلاً، إلّا أنّ الخصائص العقلية [[تابعية|تابعة]] للخصائص الفيزيائية، أو أنّ الإسنادات والألفاظ المستخدمة في التفسيرات والأوصاف العقلية تكون متلازمة، ولا يمكن اختزالها في اللغة والتفسيرات الدنيا لتفسير العلوم الفيزئيائية.<ref name="Davidson">{{مرجع كتاب | المؤلف=Donald Davidson | العنوان=Essays on Actions and Events | الناشر=Oxford University Press | سنةالسنة=1980 | الرقم المعياري=0-19-924627-0}}</ref><ref name="Pu">Putnam, Hilary (1967). "Psychological Predicates", in W. H. Capitan and D. D. Merrill, eds., ''Art, Mind and Religion'' (Pittsburgh: University of Pittsburgh Press.)</ref> ساعد تطوّر العلوم العصبية المستمر على توضيح بعض هذه المشاكل، إلّا أنّه على الرغم من ذلك تظلّ تلك المشكلات بعيدة عن الحلول. بالتالي لا تزال قضية فلسفة العقل إحدى القضايا التي يستمرّ فلاسفة العقل الحداثيون في إلقاء الأسئلة من أجل تفسير كلّ من الإمكانيات الذاتية والخصائص والحالات العقلية [[القصدية]] وذلك بمصطلحات [[طبيعانية (فلسفة)|المذهب الطبيعي]].<ref name="Int">{{مرجع كتاب | المؤلف=Dennett, Daniel | العنوان=The intentional stance | الناشر=MIT Press | مكانالمكان=Cambridge, Mass. |سنةالسنة=1998 |الرقم المعياري=0-262-54053-3}}</ref><ref name="Searleint">{{مرجع كتاب | المؤلف=Searle, John | العنوان=Intentionality. A Paper on the Philosophy of Mind | الناشر=Nachdr. Suhrkamp | مكانالمكان=Frankfurt a. M. | سنةالسنة=2001 |الرقم المعياري=3-518-28556-4}}</ref>
 
== مسألة العقل - الجسد ==
سطر 41:
== المثنوية كحل لمسألة العقل - الجسد ==
[[ملف:Frans Hals - Portret van René Descartes.jpg|thumb|صورة لرينيه ديكارت بواطسة [[فرانز هالز|فرانس هالس]] (1648)]]
[[مثنوية (فلسفة العقل)|المثنوية]] هي مجموعة من الآراء ووجهات النظر عن العلاقة بين [[العقل]] و[[الجسد]] (المصوّر من [[المادة]]). إنّ أوّل أمر بدأت فيه المثنوية هو الإدّعاء أنّ العمليات العقلية تعتبر في بعض النواحي غير فيزيائية (مادية)،<ref name="Du" /> وتلك الملاحظة صيغت بشكل مبكر في المدارس الفلسفية الشرقية، وخصوصاً في الهند القديمة، وذلك في مدارس [[فلسفة هندوسية|الفلسفة الهندوسية]]: [[سامخيا|السامخيا]] و[[يوجا|اليوغا]] (حوالي 650 قبل الميلاد)، واللتان قسّمتا العالم إلى [[بوروشا]] (العقل أو الروح) و[[براكريتي]] (المادّة).<ref name="Sa"/>{{cite webوبشكل |خاص، url=http://www.experiencefestivalقدّمت [[يوغا سوترا]] نهجاً تحليلياً لطبيعة العقل ضمن نصوص [[باتانجالي]].com/a/Sankhya/id/23117
| title=Sankhya:Hindu philosophy: The Sankhya| author=Sri Swami Sivananda}}</ref> وبشكل خاص، قدّمت [[يوغا سوترا]] نهجاً تحليلياً لطبيعة العقل ضمن نصوص [[باتانجالي]].
 
كان [[أفلاطون]] أوّل من ناقش المثنوية في [[الفلسفة الغربية]] من خلال كتاباته، حيث ذكر أن الذكاء الإنساني (أو العقل) لا يمكن أن يُحدَّد أو يُشرَح ضمن مصلحات الجسم الفيزيائي.<ref name="Plato" /><ref name="Rob">Robinson, H. (1983): 'Aristotelian dualism', Oxford Studies in Ancient Philosophy 1, 123–44.</ref>. وبالرغم من ذلك، فإنّ أشهر طرح [[ثنائية ديكارتية|للمثنوية]] كان عن طريق [[رينيه ديكارت]] سنة 1641، إذ كان يرى أنّ العقل غير محدود في إطاره الفيزيائي، فهو جسم غير مادي.<ref name="De"/> بالإضافة إلى ذلك، فإنّ ديكارت كان أوّل من حدّد بوضوح علاقة العقل مع [[الوعي]] و[[الإدراك الذاتي]]، وميّزه عن [[الدماغ]] مقرّ الذكاء. بالتالي، يعدّ ديكارت أوّل من حدّد وصاغ مسألة (معضلة) العقل - الجسد التي ما زالت موجودة حتى الآن.<ref name="De"/> ويطلق عليها أيضاً اسم الثنائية الديكارتية.<ref group="ْ">{{citeمرجع webويب | titleالعنوان=جدلية العلاقة بين الجسد والعقل في الفكر الفلسفي - بقلم عماد الدين ابراهيم عبد الرازق| publisherالناشر=مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث| urlالمسار=http://www.mominoun.com/articles/%D8%AC%D8%AF%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B3%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%8A-3692| dateالتاريخ = 5مارس 2016}}</ref>
 
=== حجج المثنوية ===
السطر 51 ⟵ 50:
هناك حجة أخرى لصالح المثنوية وهي أنّ العقلي والجسدي لديهما خصائص مختلفة تماماً، بل وفي بعض الأحيان لا يمكن التوفيق بينهما.<ref name="Ja">Jackson, F. (1982) "Epiphenomenal Qualia." Reprinted in Chalmers, David ed. :2002. ''Philosophy of Mind: Classical and Contemporary Readings''. Oxford University Press.</ref> إنّ للأحداث العقلية ميّزة وهي كونها شخصية، في حين أنّ الأحداث المادّية ليست كذلك. فمثلاً يمكن للمرء أن يتساءل عمّا يشعر به عندما تحرق إصبعاً، أو كيف تبدو السماء الزرقاء، أو ما هي الموسيقى الجميلة بالنسبة لشخص مستمع لها؛ ولكنّه من غير المنطقي، أو على الأقل من الغريب، أن تسأل كيف تشعر عندما يكون هنالك تزايد في مستوى امتصاص [[حمض الجلوتاميك|حمض الغلوتاميك]] في منطقة [[حصين (تشريح)|الحُصين]] من قشرة البطين الجانبي للدماغ.
 
يدعو فلاسفة العقل الجوانب الشخصية (الذاتية) للأحداث العقلية باسم [[كيفيات محسوسة|الكيفيات المحسوسة]] ("كواليا" 'qualia') أو بالمشاعر الأوّلية (الخام).<ref name="Ja"/> وهي شيء يمثّل حالة الشعور بالألم، أو رؤية درجة مألوفة من اللون الأزرق، وما إلى ذلك. إنّ جميع تلك الأحداث والحالات الذهنية (العقلية) تنطوي على الكيفيات المحسوسة، ويبدو من الصعب اختصارها إلى أيّ وصف مادّي بحت.<ref name="Nagel">{{cite journal | authorالمؤلف=Nagel, T. | titleالعنوان=What is it like to be a bat? | journal=Philosophical Review | issue=83 | pagesالصفحات=435–456 |yearالسنة=1974}}</ref> يشرح [[ديفيد تشالمرز]] تلك الحجة بالقول أنّه من الممكن أن نعرف ونعلم كل المعلومات الموضوعية عن شيء ما، مثل حالات الدماغ و[[طول موجة|أطوال الموجة]] المتعلقة برؤية اللون الأحمر، ولكن لا توجد معلومات أساسية حول وصف الحالة المرافقة للشعور عند رؤية اللون الأحمر.<ref name="Nagel" />
 
هناك حجّة أخرى اقترحت من الكاتب [[سي. إس. لويس|كليف ستابلز لويس]] <ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Lewis, C.S | العنوان=Miracles | سنةالسنة=1947 | الرقم المعياري=0-688-17369-1}}</ref> مستعيناً بمبدأه (''الحجّة من السبب Argument from reason'') يقول فيه: إذا كانت كل أفكارنا هي نتيجة لأسباب مادّية كما تفترض الواحدية، إذاً فليس لدينا أي سبب لافتراض أنّها أيضاً [[تال (منطق)|أمر تالٍ]] لأساس منطقي. إنّ المعرفة تُدرَك عن طريق استخدام المنطق تدرّجاً من الأساس إلى النتيجة، وعلى هذا فإذا كان مبدأ الواحدية صحيحاً، فلن يكون هناك أيّ وسيلة لمعرفة ذلك أو لمعرفة أي شيء آخر ولن نستطيع حتى أن نفترض ذلك، إلّا بمحض الصدفة، أو برمية من غير رام كما يقال.
 
تعتمد حجّة [[زومبي|الزومبي]] الفلسفية على [[تجربة الفكر|تجربة فكرية]] (ذهنية) اقترحها تود مودي ''Todd Moody''، ثم طوّرها [[ديفيد تشالمرز]] في كتابه ''العقل الواعي The Conscious Mind''. تكمن الفكرة الأساسية لتلك الحجة أنّه يمكن للمرء أن يتصوّر جسد أحد ما، وبالتالي يدرك ويفهم وجود ذلك الجسد، بدون ارتباط حالة الوعي بذلك الجسد. يجادل تشالمرز بأنّه يبدو من المعقول جدّاً أن مثل هذا الكائن يحتمل وجوده، لأن كل ما هو مطلوب هو أن تكون كلّ ومجرد الأمور التي تصفها العلوم الفيزيائية (المادية) عن الزومبي صحيحة. بما أنّ أيّاً من المبادئ ذات الصلة بالعلوم تشير إلى الوعي أو أيّ من الظواهر العقلية الاخرى،الأخرى، وبما أنّ أيّ كيان مادّي -بطبيعته- يمكن وصفه علمياً بواسطة [[الفيزياء]]، فإنّ الانتقال من "المعقولية" (التصوّر) إلى "الاحتمالية" ليس بخطوة كبيرة.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Chalmers, David | العنوان=The Conscious Mind | الناشر=Oxford University Press | سنةالسنة=1997 | الرقم المعياري=0-19-511789-1}}</ref> بالمقابل، يرى آخرون مثل [[دانيال دينيت]] أن نظرية الزومبي الفلسفية غير مترابطة<ref name="Dennett, Daniel 1995 322\u20136">{{cite journal |authorالمؤلف=Dennett, Daniel |titleالعنوان=The unimagined preposterousness of zombies |yearالسنة=1995 |journal=J Consciousness Studies |volume=2|pagesالصفحات=322\u20136}}</ref> وبعيدة الاحتمال.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Dennett, Daniel | العنوان=Consciousness Explained | الناشر=Little, Brown and Co. | سنةالسنة=1991 | الصفحة=95 | الرقم المعياري=0-316-18065-3}}</ref> يرى البعض أنه استناداً إلى مبدأ المادّية فإنّ على المرء أن يعتقد إمّا بكونه هو والجميع زومبي، أو أنّهم جميعاً لا يمكن أن يكونوا كذلك. والتأكّد من قناعة المرء بكونه (أو عدم كونه) زومبي هو من نتاج العالم المادّي، وبالتالي لا يختلف ذلك الشخص عن البقيّة. يثير دينيت الجدل حول هذا الموضوع بقوله "يعتقد الزومبي أنهم واعون، أنهم يتّسمون بالكيفيات المحسوسة (الكواليا)، وأنّهم يشعرون بالألم، ولكنّهم (وفقا لهذا التقليد البائس) مخطئون في ذلك بشكلٍ لا يمكننا ولا يمكنهم اكتشافه ابداً".<ref name="Dennett, Daniel 1995 322\u20136"/>
 
=== المثنوية التفاعلية ===
المثنوية التفاعلية، أو ببساطة التفاعلية، هي شكل معيّن للمثنوية كان ديكارت أول من تبناه في التأمّلات.<ref name="De"/> أهمّ من دافع عن هذه النظرية في القرن العشرين [[كارل بوبر]] و[[جون إيكلس]] <ref name="PopE">{{مرجع كتاب | المؤلف=Popper, Karl and Eccles, John | العنوان=The Self and Its Brain | الناشر=Springer Verlag | سنةالسنة=2002 | الرقم المعياري=3-492-21096-1}}</ref> تقوم هذه النظرية على فكرة أنّ الحالات العقلية، مثل المعتقدات والرغبات، تتفاعل سببياً مع الحالات المادّية.<ref name="Du"/>
 
يمكن تلخيص حجة ديكارت الشهيرة على النحو التالي: لأحدهم فكرة واضحة ومتميّزة عن عقله وأنّه كشيء مفكّر ليس له امتدادات مكانية، (أي ليس بالإمكان القياس بالأبعاد مثل الطول والارتفاع والوزن وغيرها). كما أنّ لديه فكرة واضحة ومتميّزة أيضاً عن جسده كشي لديه امتداد مكاني، له مقاييس وغير قابل للتفكير. بالتالي يترتّب على ذلك وجود عدم مطابقة بين العقل والجسد حيث لكلّ منهما خصائصه المختلفة جذرياً.<ref name="De"/>
السطر 64 ⟵ 63:
وبنفس الوقت، وبالرغم من ذلك، فمن الواضح أن حالات ذلك الشخص العقلية (الرغبات، المعتقدات،...الخ) لها تأثيراتها [[علية|السببية]] على جسده، والعكس بالعكس: على سبيل المثال: عندما يلمس طفل موقداً ساخناً (حدث فيزيائي) يتسبّب ذلك بالألم (حدث عقلي) ومن ثمّ يجعله يصرخ (حدث فيزيائي)، وهذا بدوره يثير شعوراً بالخوف والرغبة بالحماية (حدث عقلي)، وهلمّ جرّا.
 
اعتمدت حُجة ديكارت بشكل حاسم على فرضية أنّ ما يعتقده ذلك الشخص بكونها أفكاراً واضحة وجليّة في عقله هي [[حقيقة منطقية|صحيحة]] بالضرورة. وقد شكّك العديد من الفلاسفة المعاصرين في هذا.<ref name="CE">Dennett D., (1991), ''Consciousness Explained'', Boston: Little, Brown & Company</ref><ref name="SS">Stich, S., (1983), ''From Folk Psychology to Cognitive Science''. Cambridge, MA: MIT Press (Bradford)</ref><ref>Ryle, G., 1949, The Concept of Mind, New York: Barnes and Noble</ref> على سبيل المثال، أشار ''جوزيف أغاسي Joseph Agassi'' إلى أنّ هناك اكتشافات علمية متنوعة أُنجزت في بداية القرن العشرين والتي قوّضت مفهوم الوصول المتميّز للأفكار الذاتية. كما ادّعى [[سيغموند فرويد|فرويد]] أن المُراقب المتدرّب تدريبًا نفسيًا بإمكانه فهم الدوافع اللاواعية لشخص ما أفضل من الشخص نفسه. وأظهر [[بيير دويم]] أنّ الفيلسوف صاحب العلم يمكنه معرفة الطريقة التي يتّبعها الشخص في اكتشاف الأشياء أفضل من ذلك الشخص نفسه، بينما أظهر [[برونسيلاف مالينوفسكي|مالينوفسكي]] أنّ [[علم الإنسان|عالم الإنسانيات]] يمكنه معرفة عادات الشخص وطبائعه أكثر من صاحب هذه العادات والطبائع نفسه. و يؤكّد أيضاً أنّ التجارب النفسية الحديثة والتي سبّبت للناس رؤية أشياء غير موجودة قد وفّرت الأسس اللازمة لرفض حجّة ديكارت، لأنّ العلماء بإمكانهم وصف تصوّرات الشخص أفضل من الشخص نفسه.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Agassi, J. | العنوان=Privileged Access; ''Science in Flux, Boston Stidues in the Philosophy of Science'', 80| الناشر=Reidel| مكانالمكان=Dordrecht| سنةالسنة=1975}}</ref><ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Agassi, J. | العنوان=La Scienza in Divenire | الناشر=Armando | مكانالمكان=Rome | سنةالسنة=1997}}</ref> إنّ نقطة الضعف المشتركة بين تلك الحجج التي تقف ضد التفاعلية بين العقل والجسد أنها تشكّك في فكرة التبصّر المتعمّق. جميعنا يعلم أنّ الناس يرتكبون الأخطاء في نظرتهم للعالم (بما في ذلك نظرتهم لأحوالهم الداخلية)، ولكن ليس دائمًا. ولذلك، فإنّه من السخف منطقياً الافتراض أنّ الأشخاص مخطئون دائماً في فهم حالتهم الذهنية وفي أحكامهم حول طبيعة أذهانهم.
 
=== أشكال أخرى للمثنوية ===
السطر 70 ⟵ 69:
 
==== التوزاي العقلي البدني ====
التوازي النفسي (العقلي والبدني) أو ببساطة مجرّد التوازي هو الرأي القائل بأنّ العقل والجسد لا تؤثّر سببياً في بعضها البعض وذلك أثناء كونهما في حالات وجودية مختلفة؛ بدلاً من ذلك فإنّها تتحرّك على طول مسارات متوازية (أي أنّ أحداث العقل تتفاعل سببياً مع العقل، وأحداث الدماغ تتفاعل سببياً مع الدماغ)، وهي تبدو أنّها تتفاعل مع بعضها.<ref name="DuSEP">{{citeمرجع webويب
| urlالمسار = http://plato.stanford.edu/archives/fall2003/entries/dualism/
| titleالعنوان = Dualism
| accessdateتاريخ الوصول = 2006-09-25
| authorالمؤلف =
| lastالأخير = Robinson
| firstالأول = Howard
| وصلة المؤلف =
| authorlink =
| المؤلفين المشاركين =
| coauthors =
| dateالتاريخ = 2003-08-19
| workالعمل = The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Fall 2003 Edition)
| publisherالناشر = Center for the Study of Language and Information, Stanford University
| pagesالصفحات =
| languageاللغة =
| مسار الأرشيف =
| archiveurl =
| تاريخ الأرشيف =
| archivedate =
}}</ref> من أبرز من دافع عن هذا الرأي هو [[غوتفريد لايبنتس]]، بالرغم من أنّه كان وجودياً أحادياً، إذ كان يعتقد أنّه يوجد نوع واحد فقط من المادّة في الوجود ([[الجوهر الفرد]])، أحد عناصر الوجود الأولية، وأنّ كلّ شيء قابل للاختزال إليها؛ ومع ذلك استمرّ بالقول أنّ هناك اختلاف مهم بين "العقلية" و "الجسدية" من حيث السببية. ذكر لايبنتس أيضاً أنّ الإله قد رتّب الأمور مسبقاً بحيث أنّ العقول والأجسام ستكون متوافقة مع بعضها البعض، وهذا هو المعروف بعقيدة ''ما قبل التأسيس المتوافق pre-established harmony''.<ref>{{مرجع كتاب | الأخير=Leibniz | الأول=Gottfried Wilhelm | العنوان=Monadology | سنةالسنة=1714 | الرقم المعياري=0-87548-030-6}}</ref>.
 
==== العرضية أو المناسبية ====
العَرَضية أو [[مذهب مناسبة|المناسبية]] هي الرأي الذي تبنّى فكرته [[نيكولا مالبرانش]]، والذي يؤكّد فيه أنّ جميع العلاقات السببية افتراضياً بين الأحداث الجسدية أو بين الأحداث العقلية والجسدية هي ليست فعلاً سببية على الإطلاق؛ ففي حين أن الجسم والعقل هما مادّتان مختلفتان، فإنّ الأسباب (سواء عقلية أو جسدية) هي متعلّقة بآثارها نتيجة فعل تدخّل الإله في كلّ مناسبة معيّنة.<ref>{{citeمرجع webويب| urlالمسار = http://plato.stanford.edu/archives/sum2002/entries/malebranche/
| titleالعنوان = Nicolas Malebranche
| accessdateتاريخ الوصول = 2006-09-25
| lastالأخير = Schmaltz
| firstالأول = Tad
| dateالتاريخ =
| yearالسنة = 2002
| workالعمل = The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2002 Edition)
| publisherالناشر = Center for the Study of Language and Information, Stanford University
| مسار الأرشيف =
| archiveurl =
| تاريخ الأرشيف =
| archivedate =
}}</ref>
 
==== مثنوية الخصائص ====
[[مثنوية الخصائص]] هي الفكرة (النظرية) القائلة بأنّ العالم يتألّف من نوع واحد من المادّة -المادّة الفيزيائية- وأنّه هناك نوعان من الخصائص: [[خاصية فيزيائية|الخصائص الفيزيائية]] والخصائص العقلية (الذهنية). بمعنى آخر، هو ذلك الرأي القائل بأنّ الخصائص العقلية (الذهنية) غير الفيزيائية (اللامادية)، مثل الاعتقادات والرغبات والعواطف، تلازم بعض الأجسام الفيزيائية (على الأقلّ الدماغ). إنّ كيفية تداخل الخصائص العقلية والفيزيائية (المادّية) بشكل سببي يعتمد على تنوّع مثنوية الخصائص التي نتحدث عنها، وذلك أمرٌ ليس بالواضح دائماً. تتضمّن الأنواع الفرعية لمثنوية الخصائص التالي:
# [[تولد|الانبثاق]] القوي: وتفترض أنّه عندما يتمّ ترتيب المادّة بالشكل المناسب (أي بشكل مشابه لترتيب جسم الإنسان)، فإنّ الخصائص العقلية (الذهنية) تتولّد وتنبثق بطريقة لا يمكن عزوها بشكل كامل [[قانون فيزيائي|للقوانين الفيزيائية]]. لذا فهي تعتبر نوع من أنواع ''المادّية المنبثقة emergent materialism'' <ref name="Du"/>. هذه الخصائص المنبثقة لها وضع وجودي مستقلّ، ولا يمكن اختزاله أو شرحه بناءً على البنية الفيزيائية المادّية التي انبثق عنها. لكنّها في نفس الوقت، تعتمدّ على الخصائص الفيزيائية التي انبثقت عنها. تبنّى [[ديفيد تشالمرز]] شكلاً من أشكال مثنوية الخصائص، ممّا أدّى في السنوات الأخيرة إلى إعادة إحياء هذا المبدأ،<ref name="Chalmers">{{مرجع كتاب | الأخير=Chalmers |الأول=David | العنوان=The Conscious Mind | الناشر=Oxford University Press | سنةالسنة=1996 | الرقم المعياري = 978-0-19-511789-9}}</ref> وكان [[ويليام جيمس|وليام جيمس]] قد اقترحه بالفعل خلال القرن التاسع عشر.
# [[ظاهراتية مصاحبة|الظاهراتية المصاحبة]]: كان أوّل من صاغ هذا المذهب هو عالم الأحياء [[توماس هنري هكسلي]]،<ref>Huxley, T. H. [1874] "On the Hypothesis that Animals are Automata, and its History", ''The Fortnightly Review'', n.s.16:555\u2013580. Reprinted in ''Method and Results: Essays by Thomas H. Huxley'' (New York: D. Appleton and Company, 1898).</ref> وهو يرى أنّ الظواهر العقلية هي غير فعّالة أو غير مثمرة سببياً، حيث تكون واحدة أو أكثر من الحالات العقلية (الذهنية) ليست ذات تأثير على الحالة الفيزيائية (المادّية). حسب وجهة النظر التي تبنّاها أنّ الحوادث المادية تتسبّب في حوادث مادّية أخرى، كما يمكنها التسبّب في حوادث عقلية (ذهنية). أمّا الحوادث العقلية لا يمكنها التسبّب بأيّ شيء، لكونها مجرّد نواتج ثانوية خاملة سببياً (ظاهرة مصاحبة) للعالم الفيزيائي المادّي.<ref name="DuSEP"/>. يعد فرانك جاكسون Frank Cameron Jackson من أبرز المدافعين عن هذه النظرية في الآونة الاخيرةالأخيرة.<ref>{{cite journal | authorالمؤلف=Jackson, Frank | titleالعنوان=What Mary didn't know | journal=Journal of Philosophy. | yearالسنة=1986 |pagesالصفحات=291\u2013295}}</ref>.
# الفيزيائية اللااختزالية: وهي النظرة القائلة بأنّ الخصائص العقلية تشكّل فئة وجودية منفصلة بالنسبة للخصائص الفيزيائية المادّية: فالحالات العقلية (الذهنية) مثل [[كيفيات محسوسة|الكيفيات المحسوسة]] (الكواليا)، لا يمكن اختزالها أو اختصارها أو عزوها إلى حالة مادّية فيزيائية. إنّ الموقف الوجودي تجاه الكيفيات (الكواليا) في حالة الفيزيائية اللااختزالية لا ينصّ على أنّ الكيفات (الكواليا) خاملة أو سلبية أو غير مسبّبة، وهذا ما يفرّقها عن الظاهراتية المصاحبة.
# [[روحية شاملة|النظرية الروحية الشاملة]] (عمومية الخصائص العقلية): هي النظرة التي ترى أنّ كلّ المواد لديها جانب عقلي (ذهني)، أو بشكل بديل، أنّ كلّ الاشياء لديها مركز خبرات أو وجهة نظر موحّدة. تبدو هذه النظرية ظاهرياً وكأنّها شكل من أشكال مثنوية الخصائص، وذلك لأنّها تعتبر أنّ كلّ شيء لديه خصائص عقلية ومادّية على حدّ سواء. يذكر بعض المؤمنين بهذه النظرية أنّ السلوك الميكانيكي مشتقّ من عقليات بدائية للذرّات والجزيئات، كما هو الحال مع العقليات المتطوّرة والسلوكيات الأساسية العضوية. يكمن الفرق هنا في غياب أو وجود هيكل [[تعقد|معقّد]] متطوّر في الكائن المركّب. إذاً فطالما يتمّ اختزال الخصائص اللاعقلية إلى خصائص عقلية فإنّ هذه النظرية الروحية الشاملة ليست شكلاً (قويّاً) من أشكال مثنوية الخصائص.
السطر 113 ⟵ 112:
 
== الأحادية كحل لمسألة العقل - الجسد ==
على العكس من [[المثنوية]]، فإنّ الأحادية رفضت أيّة تقسيمات جوهرية كحلّ [[مسألة العقل - الجسد|لمسألة العقل - الجسد]]. كان هذا الرفض بالتقسيم بين العقل والجسد الأساس الذي قامت عليه [[فلسفة شرقية|الفلسفات الشرقية]] منذ أكثر من [[ألفية|ألفيتين]]. تؤمن الفلسفتان [[فلسفة هندية|الهندية]] و[[فلسفة صينية|الصينية]] بالأحادية، وذلك ككلّ متكامل من أجل إدراك العقل وفهمه للخبرات والتجارب. في الوقت الحالي، فإنّ أكثر المناهج شيوعاً للأحادية في [[الفلسفة الغربية]] هو منهج فلسفة [[فيزيائية (فلسفة)|الفيزيائية]].<ref name="Kim"/> تؤكّد الأحادية الفيزيائية بأنّ كينونة الأشياء ومبعثها مادّي، وأنّ المادّة الوحيدة الموجودة هي فيزيائية، وهو ما وضّحه العلم الحديث بشكل من الأشكال.<ref name="Stol">{{citeمرجع webويب
| urlالمسار = http://plato.stanford.edu/archives/win2005/entries/physicalism/
| titleالعنوان = Physicalism
| accessdateتاريخ الوصول = 2006-09-24
| lastالأخير = Stoljar
| firstالأول = Daniel
| وصلة المؤلف =
| authorlink =
| dateالتاريخ =
| yearالسنة = 2005
| monthالشهر =
| workالعمل = The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2005 Edition)
| publisherالناشر = Center for the Study of Language and Information, Stanford University
| مسار الأرشيف =
| archiveurl =
| تاريخ الأرشيف =
| archivedate =
}}</ref> بالإضافة إلى ذلك، فإنّ هناك الكثير من الصياغات لهذه الفلسفة، والتي انبثقت من النظرية الأحادية مثل النظرية [[مثالية|المثالية]]، والتي تؤمن أنّ المادّة الموجودة هي عقلية فقط. على الرغم من أنّ المثالية الصافية، مثل التي اعتنقها [[جورج بيركلي]]، غير شائعة في في الفلسفة الغربية الحديثة، إلّا أنّ هناك صياغة أكثر تعقيداً تدعى [[روحية شاملة|الروحية الشاملة]]، والتي تكون الخصائص والتجارب الذهنية وفقاً لها الأساس للخصائص والتجارب المادّية. تبنّى هذا الطرح الأخير من الروحية الشاملة عدّة فلاسفة من أمثال [[ألفريد نورث وايتهيد]]، <ref>Cf. Michel Weber and Anderson Weekes (eds.), ''[http://www.academia.edu/279961/Process_Approaches_to_Consciousness_in_Psychology_Neuroscience_and_Philosophy_of_Mind Process Approaches to Consciousness in Psychology, Neuroscience, and Philosophy of Mind (Whitehead Psychology Nexus Studies II)]'', Albany, New York, State University of New York Press, 2009.</ref> و[[ديفيد راي غريفن]].<ref name="Chalmers"/>
 
السطر 133 ⟵ 132:
=== الأحادية الفيزيائية ===
==== السلوكيّة ====
سيطرت [[السلوكية]] على فلسفة العقل على أغلب فترات القرن العشرين، وخاصّة في النصف الأول منه.<ref name="Kim"/> تطوّرت النظرية السلوكية في علم النفس كردّ فعل على القصور في نظرية [[مطالعة نفس|الاستبطان]]<ref name="Stol"/> إذ أنّ تقارير الاستقراء على الحياة الخاصّة داخل عقل إنسان ما لا تخضع لدراسة متأنّية للتأكّد من دقّتها ولا يمكن استخدامها لتكوين التعميمات التنبّؤية، ولهذا يحتجّ السلوكيّون بأنّه دون القدرة على التعميم و دون إمكانية الفحص من قبل طرف ثالث خارجي فلا يمكن أن يكون علم النفس قائماً على أساسٍ علميّ.<ref name="Stol"/> المخرج من هذه الجدلية كان بالقضاء تماماً على فكرة الحياة العقلية الداخلية (وبالتالي: العقل المستقل وجودياً) والتركيز بدلاً من ذلك على السلوك الذي يمكن وصفه.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Skinner, B.F. | العنوان=Beyond Freedom & Dignity | الناشر=Bantam/Vintage Books |مكانالمكان=New York | سنةالسنة=1972 | الرقم المعياري=0-553-14372-7}}</ref>
 
بالتوازي مع هذه التطورات في علم النفس، ظهرت المدرسة السلوكية الفلسفية (التي تسمّى أحيانا المدرسة السلوكية المنطقية).<ref name="Stol"/> تتميّز هذه المدرسة بدرجة عالية من [[برهنة|التَّحقُّقِيّة]]، والتي تعتبر بشكل عام بيانات الحياة العقلية الداخلية التي لا يمكن التحقّق منها أنّها بلا معنى. فبالنسبة للسلوكيين تكون الحالات الذهنية ليست حالات داخلية يمكن لشخص ما أن يُعد تقارير استبطانية عنها، بل هي مجرد أوصاف للتصرفات (السلوك) أو قواعد للتصرف بطرق معينة والتي وضعها طرف ثالث خارجي لشرح وللتنبّؤ بسلوك الآخرين.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Ryle, Gilbert | العنوان=The Concept of Mind | الناشر=Chicago University Press | مكانالمكان=Chicago | سنةالسنة=1949 |الرقم المعياري=0-226-73295-9}}</ref>
 
في النصف الأخير من القرن العشرين انهارت السلوكية الفلسفية بالتزامن مع صعود [[معرفية|المدرسة المعرفية]] <ref name="Kim1"/> حيث رفض المعرفيّون المدرسة السلوكية بسبب العديد من المشاكل المتصوّرة. على سبيل المثال، يمكن أن يقال إنّ المدرسة السلوكية غير بديهية عندما ترى أنّ هناك من يتحدّث عن السلوك في حال كان الشخص يعاني من صداع مؤلم.
 
==== نظرية الهوية ====
تطوّرت [[نظرية هوية العقل]] (أو الفيزيائية النوعية، أو نظرية الهوية النوعية) بواسطة [[جون سمارت]] <ref name="Smart"/> و[[يولين بليس]]<ref>{{cite journal | authorالمؤلف=Place, Ullin | titleالعنوان=Is Consciousness a Brain Process? | journal=British Journal of Psychology | yearالسنة=1956}}</ref> كردّ فعل مباشر لفشل السلوكية. جادل هذان الفيلسوفان أنّه إذا كانت الحالات العقلية مادّية وليست سلوكية، فمن المحتمل أن تكون الحالات العقلية مطابقة للحالات الداخلية للدماغ. بعبارات أبسط: الحالة العقلية (ع) ليست سوى الحالة حالة (د) للدماغ. الحالة العقلية التي مفادها "هناك رغبة في فنجان قهوة" ليست سوى "إشارات من خلايا عصبية من مناطق معينة في الدماغ".<ref name="Smart"/>
 
[[ملف:Anomalous Monism-ar.png|thumb|left|250px|نظرية الهوية التقليدية مقابل الأحادية الشاذّة. بالنسبة لنظرية الهوية، فكلّ تجسيد رمزي لنوع عقلي واحد (كما يتضح من الأسهم) يوافق رمز فيزيائي لنوع فيزيائي واحد. أمّا بالنسبة للأحادية الشاذّة، فإنّ توافقات رمز-رمز يمكن أن يقع خارج توافقات نوع-نوع. والنتيجة هي هوية رمزية.]]
السطر 146 ⟵ 145:
بالرغم من المعقولية المبدئية لنظرية الهوية إلّا أنّها تواجه تحدّياً قويّاً متمثّلاً في أطروحة [[تحقيقية متعددة|التحقيقية المتعدّدة]] التي شكّلها أوّلاً الفيلسوف [[هيلاري بوتنام]].<ref name="Pu"/> إذ من الواضح أنّ ليس فقط البشر هم من يستطيعون تجربة الألم، بل عدّة أنواع من الحيوانات تستطيع ذلك أيضاً. ومع ذلك يبدو أنّه من غير المحتمل أنّ كل هذه المخلوقات المتنوّعة التي تمرّ بنفس تجربة الألم تكون في حالة دماغية متطابقة. حتّى لو كانت هذه هي الحالة، فإنّ الألم لا يمكن أن يكون مطابقاً لحالة معيّنة للدماغ. ولذلك فإنّ نظرية هوية العقل لا أساس لها تجريبياً.<ref name="Pu"/>
 
على الجانب الأخر، حتّى مع موافقة ما ذكر أعلاه، فإنّ ذلك لا يوجب تجاهل جميع أنواع نظريات الهوية. وفقاً لنظريات الهوية الرمزية، فإنّ حقيقة حالة معينة للدماغ والتي تكون متّصلة بحالة عقلية واحدة فقط لشخص ما لا يعني بالضرورة أنّ هناك ارتباطاً مطلقاً بين أنواع الحالات العقلية وأنواع حالات الدماغ. التمييز بين النوع والرمز يمكن توضيحه بمثال بسيط: كلمة green تحتوي على أربع أنواع من الحروف g, r, e, n ورمزين (حدثين) للحرف e بمقابل واحد من كل من الأحرف الأخرى. إنّ فكرة هوية الرمز هي أنّ هناك أحداث معينة من حوادث عقلية تكون متطابقة مع أحداث أو ترميزات معينة لحوادث فيزيائية محسوسة.<ref>Smart, J.J.C, [http://plato.stanford.edu/archives/sum2002/entries/malebranche "Identity Theory"], ''The Stanford Encyclopedia of Philosophy'' (Summer 2002 Edition), Edward N. Zalta (ed.)</ref> تعتبر نظرية الأحادية الشاذّة (انظر الأسفل) ومعظم غيرها من النظريات الفيزيائية غير الاختزالية هي نظريات هوية رمزية.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Davidson, D.| العنوان=Subjective, Intersubjective, Objective | الناشر=Oxford University Press | مكانالمكان=Oxford | سنةالسنة=2001 | الرقم المعياري=88-7078-832-6}}</ref> على الرغم من تلك المسائل، فإنّ هناك اهتمام متجدّد بنظرية الهوية النوعية اليوم، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى تأثير الفيلسوف [[جايغون كيم]].<ref name="Smart"/>
 
==== الوظائفية ====
السطر 194 ⟵ 193:
 
== النقد اللغوي لمسألة العقل والجسد ==
إنّ كلّ محاولة للإجابة عن مسألة العقل والجسد تواجَه بمشاكل جوهرية. أبدى بعض الفلاسفة رأيهم في هذا الخصوص بقولهم بوجود التباس بالمفهوم غير ظاهر للعيان.<ref name="Hacker">{{مرجع كتاب | المؤلف=Hacker, Peter | العنوان=Philosophical Foundations of Neuroscience | الناشر=Blackwel Pub. | سنةالسنة=2003 | الرقم المعياري=1-4051-0838-X}}</ref> قام هؤلاء الفلاسفة، مثل [[لودفيغ فيتغنشتاين]] وأتباعه من منهج النقد اللغوي التقليدي، برفض المسألة ككلّ واعتبارها وهمية.<ref name="Witt">{{مرجع كتاب | المؤلف=Wittgenstein, Ludwig | العنوان=Philosophical Investigations | الناشر=Macmillan | مكانالمكان=New York | سنةالسنة=1954 | الرقم المعياري=0-631-14660-1}}</ref> كان اعتراضهم أنّه من الخطأ طرح سؤال كيف يمكن للحالات العقلية والحيوية (البيولوجية) أن تتلاءم سويّة، إذ ينبغي بالأصحّ أن يكون مقبولاً ببساطة أنّ التجربة الإنسانية يمكن وصفها بأساليب مختلفة، على سبيل المثال، باستخدام مفردات عقلية وحيوية (بيولوجية). تنشأ المشاكل الوهمية عندما يحاول شخص وصف مشكلة ما من كل ناحية باستخدام مفردات الأخرين أو قام باستخدام المفردات الذهنية في السياقات الخاطئة.<ref name="Witt"/> هذه الحالة، على سبيل المثال، هي ما يجده الشخص لو بحث عن حالات القدرات الذهنية للدماغ. الدماغ ببساطة هو السياق الخاطئ في استخدام المفردات العقلية، والبحث عن الحالات الذهنية للدماغ هو [[خطأ التصنيف|خطأ في التصنيف]] أو نوع من [[مغالطة|المغالطة المنطقية]].<ref name="Witt"/>
 
غالباً ما تعتمد وجهة النظر هذه في وقتنا الحالي من قبل المفسّرين لكتابات فيتغنشتاين مثل [[بيتر هاكر]].<ref name="Hacker"/> مع العلم أن [[هيلاري بوتنام]] المدافع عن مبدأ الوظائفية، كان قد تبنّى وجهة النظر القائلة أنّ مسألة العقل والجسد هي مسألة وهمية، وينبغي حلّها وفقاً لأسلوب فيتغنشتاين.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Putnam, Hilary | العنوان=The Threefold Cord: Mind, Body, and World | الناشر=Columbia University Press |مكانالمكان=New York | سنةالسنة=2000 |الرقم المعياري=0-231-10286-0}}</ref>
 
== الداخليانية والخارجيانية ==
السطر 225 ⟵ 224:
=== القصدية ===
{{مفصلة|قصدية}}
تعني [[قصدية|القصدية]] القدرة على توجيه الحالات [[عقل|العقلية]] إلى ''أو'' في علاقة بالعالم الخارجي.<ref name="Searleint"/> وعلى هذا يمكن تصنيفها على أنّها [[قيمة الحقيقة|قيم حقيقة]]. عندما يحاول أحدهم أن يختزل هذه الحالات إلى عمليات طبيعية تنشأ هنا مشكلة: فالعمليات أو الآليات الطبيعية ليست صائبة أو خاطئة، هي تحدث فقط "بكل بساطة".<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Fodor, Jerry | العنوان=Psychosemantics. The problem of meaning in the philosophy of mind | الناشر=MIT Press | مكانالمكان=Cambridge | سنةالسنة=1993 | الرقم المعياري=0-262-06106-6}}</ref> ولن يكون من المنطقي أن نقول أنّ العملية الطبيعية صائبة أم خاطئة. لكن الأفكار العقلية والأحكام هي التي تكون صحيحة أو خاطئة. لذا كيف يمكن أن يكون للحالات العقلية (التي هي الأفكار والأحكام) أن تكون عمليات طبيعية؟ إنّ إمكانية تحديد القيمة الدلالية إلى أفكار يفرض بحدّ ذاته أن تكون الأفكار حقائق. ولذلك مثلاً: إنّ فكرة أنّ [[هيرودوت]] كان مؤرّخاً تشير إلى هيرودوت وإلى حقيقة أنّه كان مؤرّخاً. إذا كانت الحقيقة صحيحة، فالفكرة إذاً صحيحة: وإلّا كانت خاطئة. لكن من أين تأتي هذه العلاقة؟ في الدماغ، هناك عمليّات كهروكيميائية فقط، ولا يبدو أنّ لها أيّ علاقة مع هيرودوت.<ref name="Int"/>
 
== فلسفة العقل والعلم ==
السطر 236 ⟵ 235:
إنّ الخلفية النظرية لعلم الأحياء مادّية في الأساس، كما هو الحال مع [[علوم طبيعية|العلوم الطبيعية]] الحديثة بشكل عام. الغاية من الدراسة في المقام الأول، هي العمليات الجسدية، والتي تعتبر أساسيات النشاط الذهني والسلوك.<ref name="Bear">Bear, M. F. et al. Eds. (1995). ''Neuroscience: Exploring The Brain''. Baltimore, Maryland, Williams and Wilkins. ISBN 0-7817-3944-6</ref> يمكن ملاحظة النجاح المتزايد لعلم الأحياء في تفسير الظواهر العقلية في ظل غياب أيّ تجربة من شأنها دحض الافتراض المسبق لها والتي تنصّ على أنّه "لا يمكن أن يحصل تغيّر على حالة العقل للشخص من دون حصول تغيّر على حالة الدماغ".<ref name="Pinker"/>
 
في مجال بيولوجيا الأعصاب، هناك العديد من التخصّصات الفرعية التي تهتمّ بالعلاقة بين الحالات العقلية والعمليات الجسدية: <ref name="Bear"/> ومن ذلك: علم [[فزيولوجيا عصبية|الفيزيولوجيا العصبية الحسّية]]، والذي يبحث العلاقة بين عمليات [[إدراك حسي|الإدراك]] و[[منبه (فسلجة)|التحفيز]].<ref name="Pinel">{{مرجع كتاب | المؤلف=Pinel, J.P.J | العنوان=Psychobiology | الناشر=Prentice Hall | سنةالسنة=1997 | الرقم المعياري=88-15-07174-1}}</ref> بينما يقوم [[علم الأعصاب المعرفي]] على دراسة العلاقات المتبادلة بين العمليات العقلية والعمليات العصبية.<ref name="Pinel"/>. أمّا [[علم النفس العصبي]] فيصف اعتماد القدرات العقلية على مناطق تشريحية محدّدة من الدماغ.<ref name="Pinel"/> وأخيراً، [[علم الأحياء التطوري]] والذي يدرس أصل وتطوّر النظام العصبي البشري وأساس العقل، كما يصف أيضاً النشوء و[[تطور الجنين|التطور]] و[[علم الوراثة العرقي|النمو السلالاتي]] للمظاهر العقلية بدءاً من مراحلها الأوّلية.<ref name="Pinker"/> علاوةً على ذلك، يضع علم الأحياء التطوّري قيوداً مشدّدة على أيّة نظرية فلسفية للعقل، حيث أنّ الآلية الجينية القائمة على [[اصطفاء طبيعي|الانتقاء الطبيعي]] لا تسمح لأي قفزات عملاقة في مجال تطوير البرمجيات العصبية أو تعقيدها، ولكن ذلك يتمّ فقط من خلال خطوات تدريجية على مدى فترات زمنية طويلة.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Metzinger, Thomas | العنوان=Being No One – The Self Model Theory of Subjectivity | الناشر=MIT Press | مكانالمكان=Cambridge | سنةالسنة=2003 | الصفحات=349–366. | الرقم المعياري=0-262-13417-9}}</ref>
 
أدّت الاكتشافات [[المنهجية]] لعلوم الأعصاب، خاصّةً مع استخدام وسائل التقنية الحديثة العالية في مجال [[التصوير العصبي]]، إلى دفع العلماء لوضع برامج أبحاث واعدة، أحد أهمّ أهدافها هو وصف وشرح العمليات العصبية التي تحدث مع الوظائف العقلية الموافقة، أي [[ربط عصبي للوعي|الربط العصبي للوعي]].<ref name="Bear"/>
السطر 243 ⟵ 242:
''المقال الرئيسي: [[علم الحاسوب]]''
 
يركّز [[علم الحاسوب]] على دراسة المعالجة الآلية [[معلومة|للمعلومات]] (أو على الأقل يركّز على الأنظمة الفيزيائية للرموز، والتي تحدّد المعلومات) باستخدام جهاز [[الحاسوب]].<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Sipser, M.| العنوان=Introduction to the Theory of Computation | مكانالمكان=Boston, Mass. | الناشر=PWS Publishing Co. | الرقم المعياري=0-534-94728-X | سنةالسنة=1998}}</ref> تمكّن [[مبرمج|مبرمجو]] الحاسوب من تطوير البرامج التي تسمح للحاسوب بتنفيذ المهام التي يحتاج الإنسان إلى استخدام العقل لحلّها. ومثال بسيط على ذلك هو [[ضرب|عملية الضرب]]، إذ أنّه من الواضح أنّ الحاسب لا يستخدم العقل في عملية الضرب. هنا يتبادر إلى الذهن سؤال: «هل من الممكن أن يأتي يوم يصبح للحاسب ما يدعى العقل؟». دفع هذا السؤال إلى مقدّمة النقاشات الفلسفية كثيراً بسبب الأبحاث في مجال [[ذكاء اصطناعي|الذكاء الصناعي]].
 
ضمن نطاق الذكاء الصناعي هناك فرق بين برامج الأبحاث المتواضعة وبين الأبحاث الطموحة: وهذا الفرق صاغه [[جون سورل]] بوضع تصنيف [[فلسفة الذكاء الاصطناعي|ذكاء اصطناعي قويّ و ذكاء اصطناعي ضعيف]]. الهدف الأساسي من الذكاء الاصطناعي الضعيف حسب سورل هو المحاكاة الناجحة للحالات الذهنية بدون أيّة محاولة لجعل الحاسب واعياً أو مدركاً لذلك. بالمقابل، فإنّ الهدف من الذكاء الصناعي القويّ حسب سورل، هو جعل الحاسوب مماثلاً للتفكير البشري.<ref name="Searle">{{cite journal | authorالمؤلف=Searle, John | titleالعنوان=Minds, Brains and Programs | journal=The Behavioral and Brain Sciences | issue=3 | pagesالصفحات=417–424 |yearالسنة=1980}}</ref> يعدّ [[آلان تورنغ]] أحد الروّاد في مجال الذكاء الاصطناعي "القويّ"، والذي قام بوضع [[اختبار تورنغ]] الشهير كإجابة للسؤال: «هل يستطيع الكمبيوتر التفكير؟».<ref>{{Citation| lastالأخير = Turing | firstالأول = Alan | authorlinkوصلة المؤلف=Alan Turing | titleالعنوان = Computing Machinery and Intelligence | journal=Mind | issn=0026-4423 | volume = LIX | issue = 236 | dateالتاريخ=October 1950 | pagesالصفحات= 433–460 | urlالمسار =http://loebner.net/Prizef/TuringArticle.html | doi=10.1093/mind/LIX.236.433 |accessdateتاريخ الوصول=2008-08-18}}</ref> آمن تورنغ أنّ الحاسب يمكن أن يقال عنه أنه “يفكّر”، إذا وضع في حجرة بمفرده بجوار حجرة أخرى فيها إنسان لديه نفس الأسئلة التي تطرح عليه من قبل إنسان يمثل الطرف الثالث، وكانت ردود الحاسوب بشكل لا يمكن التمييز بينها وبين ردود الإنسان الذي يحلّ الأسئلة. فمن حيث المبدأ، تتبع نظرة تورينغ حول ذكاء الآلات النموذج السلوكي للعقل بشكل أساسي — وهو أنّ الذكاء هو ما يفعله الذكاء —. تلقّى اختبار تورنغ الكثير من الانتقادات، ومن ضمن هذه الانتقادات الأكثر شهرة على الأغلب [[تجربة الفكر|التجربة الفكرية]] التي صاغها سورل تحت اسم "[[الغرفة الصينية]]".<ref name="Searle"/>
 
[[ملف:John Searle 2002.jpg|thumb|[[جون سورل]] هو واحد من أكثر فلاسفة العقل تأثيراً ومن دعاة المذهب الطبيعي الحيوي (بيركلي 2002))]]
 
السؤال حول مدى [[الكيفات المحسوسة|حساسية]] الحواسيب أو الروبوتات لازال مفتوحاً. يؤمن بعض علماء الحاسوب أنّ تخصّص الذكاء الاصطناعي هذا ما زال بمقدوره إصدار إسهامات جديدة لحلّ مسألة العقل والجسد. وقد اقترحوا لذلك، أنه بناءً على علاقة التأثير المتبادل بين البرمجيات والعتاد التي تحدث في جميع الحواسيب، فإنّه من الممكن في يومٍ ما أن تكتشف نظريات تساعدنا على فهم العلاقة المتبادلة بين عقل الإنسان والدماغ.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Russell, S. and Norvig, R. | العنوان=Artificial Intelligence:A Modern Approach | مكانالمكان=New Jersey | الناشر=Prentice Hall, Inc. | سنةالسنة=1995 | الرقم المعياري=0-13-103805-2}}</ref>
 
=== علم النفس ===
''المقال الرئيسي:[[علم النفس]]''
 
علم النفس هو العلم الذي يبحث في الحالات العقلية بشكل مباشر. يستخدم بشكل عام طرق تجريبية ليتحّقق من أوضاع العقل المحسوسة والمحدّدة مثل [[سعادة|الفرح]]، [[الخوف]] [[اضطراب الوسواس القهري|الوساوس]]. يبحث علم النفس في القوانين التي تربط هذه الأوضاع العقلية مع بعضها البعض أو مع مدخلات ومخرجات أعضاء جسم الإنسان.<ref>{{citeمرجع webويب | urlالمسار=http://www.psychology.org | titleالعنوان=Encyclopedia of Psychology}}</ref>
 
مثال ذلك علم النفس الإدراكي، إذ اكتشف العلماء الذين يعملون في هذا المجال المبادئ العامة [[إدراك حسي|لإدراك]] الأشكال. إحدى قوانين علم النفس للأشكال تقول أنّ الأجسام المتحرّكة في نفس الاتّجاه ينظر إليها بأنّها مترابطة مع بعضها البعض.<ref name="Pinker"/> هذا القانون يشرح العلاقة بين المدخلات البصرية وحالة الإدراك العقلي. ومع ذلك، فإنه لم يتمّ الإشارة إلى أيّ شيء عن طبيعة الحالة الإدراكية. القوانين التي تمّ اكتشافها بواسطة علم النفس متوافقة مع جميع الأجوبة التي تم وصفها لمسألة العقل والجسد.
السطر 262 ⟵ 261:
 
== فلسفة العقل في الفلسفة القارية ==
ركّز معظم النقاش في هذا المقال على أسلوب أو تقليد واحد فقط للفلسفة في الثقافة الغربية الحديثة والتي تدعى عادة [[فلسفة تحليلية|بالفلسفة التحليلية]] أو (الأنجلو - أمريكية).<ref name="Dummett">{{مرجع كتاب | المؤلف=Dummett, M.| العنوان=Origini della Filosofia Analitica | الناشر=Einaudi | سنةالسنة=2001 | الرقم المعياري=88-06-15286-6}}</ref> هناك العديد من المدارس الفكرية الأخرى الموجودة، ولكنّها كانت تندرج تحت وسم فلسفي واسع ومبهم أحياناً وهو [[فلسفة قارية|الفلسفة القارّية]]،<ref name="Dummett"/> على كلّ الأحوال، وبالرغم من كثرة المواضيع والطرق هنا، فبالنظر إلى العلاقة مع فلسفة العقل يمكن القول أنّ المدارس المتعددة التي تقع تحت هذا التصنيف ([[علم الظواهر|الظواهر]] ال[[وجودية]]، الخ ) تختلف عالمياً عن المدرسة التحليلية، حيث أنّهم يركّزون بشكل أقلّ على اللغة والتحليل المنطقي لوحده، ولكنّها تأخذ بأشكال أخرى من فهم وجود الإنسان وخبرته. عند الإشارة تحديداً إلى مناقشة العقل، فهذا يميل إلى أن يُفسر بمحاولات لفهم [[تفكير|الفكر]] و[[خبرة|التجربة]] المحسوسة بمعنى أن لا تنطوي على مجرّد تحليل الأشكال اللغوية.<ref name="Dummett"/>
 
نشر [[إيمانويل كانط]] سنة 1781 كتابه [[نقد العقل الخالص]]، ثم قام لاحقاً بمراجعات رئيسية للكتاب سنة 1787. ترك هذا الكتاب أثراً مهمّاً فيما سمّي لاحقاً باسم فلسفة العقل، حيث عدّ [[نقد]] كانط أوّل عمل مهم في [[الفلسفة الحديثة]] في الغرب على الإجمال، سواء في الفلسفة القارية أو الفلسفة التحليلية (الأنجلو-أمريكية). طوّرت أعمال كانط آليّات الدراسة المتعمّقة للوعي في [[مثالية متعالية|المثالية المتعالية]] ولحياة العقل كما هو مفهوم [[المقولة عند كانت|بالمقولات]] العامّة عند الوعي.
السطر 274 ⟵ 273:
== العقل في الفلسفة الإسلامية ==
[[ملف:BAE09705.jpg|تصغير|100 بك|يمين|تمثال لابن رشد في قرطبة]]
كان موضوع العقل محطّ نقاش ودراسات وآراء في الفكر و[[الفلسفة الإسلامية]]. تأثّر الفلاسفة المسلمون بآراء الفلاسفة الإغريق مثل [[أرسطو]] الذي قسّم العقل إلى أربعة أصناف وهي (أ) العقل الهيولاني، أو العقل بالقوة (ب) العقل بالفعل أو العقل بالمَلَكة؛ أي النفس الناطقة (ج) العقل الفعَّال (د) العقل المستفاد أو العقل المطلق. وتبنّى هذا الرأي الفلاسفة المسلمون أمثال [[ابن سينا]] و[[الكندي]] و[[الفارابي]] و[[الغزالي]] و[[ابن ماجه]] حيث أبرزوا تدرّج هذه العقول وارتبط ذلك بمفهوم [[الروح في الإسلام|النفس]] (أو الروح) وفق المنظور الديني.<ref group="ْ">{{citeمرجع webويب | titleالعنوان=العقل بين الفكر الفلسفي والفكر الديني - بقلم عمر حيمري| publisherالناشر=وجدة سيتي oujdacity| urlالمسار=http://www.oujdacity.net/national-article-73566-ar/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A.html| dateالتاريخ =05/02/2013}}</ref>
 
أمّا [[ابن رشد]] فقسّم العقول إلى ثلاثة أنواع: (أ) العقول البرهانية (ب) العقول المنطقية (ج) العقول التي تستجيب للوعظ والأدلة الخطابية. إلّا أن بعض علماء المسملين مثل [[أبو بكر بن العربي]] أنكروا هذه التقسيمات، ورأوا أنّ العقل هو العلم، وهو صفة يتأتَّى بها إدراك العلوم، وهذا التعريف للعقل هو إحدى مقولات [[ابن تيمية]] في تعريف العقل.<ref group="ْ">{{citeمرجع webويب | titleالعنوان=ماهية العقل (العقل في اللغة وعند الفلاسفة ) - د. فهمي قطب الدين النجار| publisherالناشر=شبكة الألوكة| urlالمسار=http://www.alukah.net/culture/0/64646/| dateالتاريخ =1/1/2014}}</ref> ممّا أدّى في النهاية إلى وجود مفهومين غير متطابقين للعقل في الفلسفة الإسلامية وهما العقل الفلسفي والعقل القرآني (أو العقل الديني)؛ فالأوّل يصل إلى النتائج بتسطير [[مقدمة (منطق)|المقدّمات]] و[[الاستدلال]] بها؛ لهذا، يبدو لنا أنّه من غير الممكّن الادّعاء بأنّ الدين كالفلسفة، يريد الدفاع عن قضاياه دفاعاً عقلياً فلسفياً؛ لأنّ الدفاع العقلاني الفلسفي ينظر إلى العالم بوصفه مجموعةً واحدة في بادئ الأمر، ثم يقوم بنظرةٍ فلسفية للدفاع عن تعاليمه، أمّا العقل القرآني فينظر لظواهر العالم بصورةٍ جزئية، ويعتبرها آيات.<ref group="ْ">{{citeمرجع webويب | titleالعنوان=مفهوم العقل بين الفلسفة والدين، قراءة نقدية مقارنة - إعداد: أ. محمد تقي فاضل| publisherالناشر=مركز البحوث المعاصرة في بيروت| urlالمسار=http://nosos.net/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%8C-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9/| dateالتاريخ =18 يونيو 2014}}</ref>
 
== العقل في الفلسفة الشرقية ==
=== العقل في الفلسفة الهندية ===
==== المثنوية ====
تعدّ [[ثنائية ديكارتية|المثنوية]] السمة المشتركة بين العديد من [[أستيكا وناستيكا|المدارس الأصولية]] الهندوسية بما في ذلك [[سامخيا]] و[[نيايا]] و[[يوجا|يوغا]] وغيرها. في هذه المدارس هناك اختلاف واضح بين المادّة والروح غير المادّية، والتي هي أبدية وتخضع [[سامسارا|للسامسارا]]؛ وهي دورة الموت والبعث. ناقشت مدرسة [[نيايا]] فكرة أنّ الصفات والكيفات مثل الإدراك والمعرفة والرغبة هي صفات وكيفات جوهرية متأصّلة لا تُمتلك بواسطة أي شيء مادّي بحت، وبالتالي فعملية الإزالة يجب أن تنتمي إلى النفس غير المادية، وهي [[أتمان|الأتمان]].<ref>{{citation|urlالمسار=http://www.iep.utm.edu/nyaya/#H2/|titleالعنوان= The Internet Encyclopedia of Philosophy}} Nyāya, Matthew R. Dasti</ref> العديد من هذه المدارس ينظرون إلى هدفهم الروحي على هيئة [[موكشا]]؛ أي التحرّر من دورة [[تناسخ|التناسخ]].
 
==== مثالية فيدانتا الأحادية ====
[[ملف:Raja Ravi Varma - Sankaracharya.jpg|thumb|left|x200px|شانكارا]]
في مذهب [[أدفايتا|أدفياتا فيدانتا]] الفلسفي من القرن الثامن جعل الفيلسوف الهندي [[آدي شانكارا|شانكارا]] كلّ من العقل والجسد والعالم عبارة عن كيان مدرك وأبدي وغير متغيّر وهو [[البراهمان]]. تعني كلمة أدفياتا
غير مزدوج (غير مثنوي)، وتحمل في طيّاتها معنى أنّ كلّ ما هو موجود هو [[الوعي]] المطلق الخالص. إنّ حقيقة أنّ العالم يبدو مكوّناً من كيانات متغيّرة هو وهم، أو [[مايا (سنسكريتية)|مايا]]. الشيء الوحيد الموجود هو البراهمان والذي يوصف بأنّه (الوجود، والوعي، والسعادة أو الهناء). أفضل وصف لأدفياتا فيدانتا هو في المقطع الذي ينصّ على أنّ "[[البراهمان]] وحده الحقيقي، وهذا العالم التعدّدي هو زيف، والذات الفردية لا تختلف كثيراً عن البراهمان".<ref>{{citation|urlالمسار=http://www.iep.utm.edu/adv-veda/|titleالعنوان= The Internet Encyclopedia of Philosophy}} Advaita Vedanta, Sangeetha Menon</ref>
 
يمثّل مذهب [[فيشيشتادفايتا]] شكلاً آخر من أشكال فيدانتا الأحادي هو (اللامثنوية الكيفية)، كما افترض الفيلسوف [[رامنوغا|رامانوجا]] بحلول القرن الحادي عشر. قام رامنوجا بانتقاد أدفياتا فيدانتا بالقول إنّ الوعي هو دائماً [[قصدية|قصدي]]، وأنّه هو أيضاً دائماً خاصّية لشيء ما. يتمّ تعريف براهمية رامانوجا من خلال تعدّد الصفات والخصائص في كيان واحد أحادي. ويسمّى هذا المذهب بـسامانادهيكارانيا (عدة أشياء في ركيزة مشتركة)<ref>{{citation|urlالمسار=http://www.iep.utm.edu/ramanuja|titleالعنوان= The Internet Encyclopedia of Philosophy}} Ramanuja, Shyam Ranganathan</ref>.
 
==== المادّية ====
ربّما يكون أوّل ظهور للمذهب أو النظرية [[المادية]] [[تجريبية (فلسفة)|التجريبية]] في تاريخ الفلسفة هو في مدرسة [[شارفاكا]] (التي تدعى أيضاً لوكاياتا). رفضت مدرسة شارفاكا وجود أيّ شيء عدا [[مادية|المادّة]] (التي تعرف بأنّها تتكوّن من [[عنصر تقليدي|العناصر الأربعة]])، بما في ذلك الإله والروح. وبالتالي رأت بأنّ الوعي ما هو إلّا عبارة عن تركيب متكوّن من ذرّات. يعتقد قسم من مدرسة شارفاكا أنّ معدن الروح متكوّن من الهواء أو النّفَس، ولكن لأن هذا هو أيضاً شكل من أشكال المادّة، لم يُقَدّر لها النجاة من الموت.<ref>{{citation|urlالمسار=http://www.iep.utm.edu/indmat/#H1|titleالعنوان= The Internet Encyclopedia of Philosophy}} Lokāyata/Cārvāka – Indian Materialism, Abigail Turner-Lauck Wernicki</ref>
 
=== فلسفة العقل عند البوذية ===
السمة البارزة في [[فلسفة بوذية|الفلسفة البوذية]] التي تميّزها عن العقيدة الهندية هو الدور المركزي لمبدأ [[أناتا|اللاذات]] (يسمى أناتا بلغة [[بالي (لغة)|بالي]]، وأناتمان [[لغة سنسكريتية|باللغة السنسكريتية]]). مبدأ اللاذات البوذي يرى الإنسان كمركّب مؤقّت من [[سكاندا|خمس]] نواحٍ نفسية وفيزيائية عوضًا عن نفس واحدة دائمة. في هذا المعنى، ما يسمى الأنا أو الذات هو مجرّد خيال ووهم، والذي لا ينطبق على أي شي حقيقي، ولكن يطلق بشكل خاطئ على الدفق مستمر التغيير من عوامل المجاميع الخمسة المتّصلة (سكاندا).<ref name="Coseru">{{citation|urlالمسار=http://plato.stanford.edu/entries/mind-indian-buddhism/|titleالعنوان= Coseru, Christian, "Mind in Indian Buddhist Philosophy"}}, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2012 Edition), Edward N. Zalta (ed.)</ref> إنّ العلاقة بين هذه المجاميع تعتمد على [[النشأة المعتمدة]]؛ وهذا يعني أنّ كل الأشياء، بما في ذلك الأحداث العقلية، تنشأ بشكل تابع لمجموع الأسباب والظروف الأخرى. ويبدو أنّ هذا يرفض كلّ مفاهيم [[حتمية|الحتمية السببية]] و[[ظاهراتية مصاحبة|الظاهراتية المصاحبة]] للعقل.<ref name="Coseru"/>
 
==== نظريات أبهيدهارما عن العقل ====
السطر 304 ⟵ 303:
 
==== ماهايانا الهندي ====
تبنّت مدرسة [[سوترانتيكا]] شكلاً من أشكال [[الظاهراتية]] والتي رأت العالم على أنّه غير محسوس. ورأت أنّ وجود الكائنات الخارجية عبارة عن وسيلة فقط لدعم الإدراك المعرفي، والتي تفهم فقط التمثيلات العقلية. وقد أثّرت هذه المدرسة بعد ذلك على مدرسة [[يوغاكارا]] التابعة لبوذية [[ماهايانا|الماهايانا]]. وتسمّى مدرسة اليوغاكارا مدرسة العقل فقط بسبب موقفها [[داخليانية|الداخلي]]، والذي يمثّل فيها الوعي الواقع النهائي الموجود. وقد فسّرت أعمال [[فاسوباندو]] كشكل من أشكال الردّ على مذهب المثالية. ويستخدم فاسوباندو حجّة الحلم والدحض [[علم الأجزاء|الجزئي]] لمذهب [[ذرية|الذرّية]] لمهاجمة واقع الكائنات الخارجية كأيّ شيء عدا أن تكون كيانات عقلية.<ref name="Gold">{{citation|urlالمسار=http://plato.stanford.edu/entries/vasubandhu/|titleالعنوان= Gold, Jonathan C., "Vasubandhu"}}, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2012 Edition), Edward N. Zalta (ed.)</ref> و قد تتفاوت التفسيرات البحثية لفلسفة فاسوباندو بشكل كبير، والتي تشمل مذهب [[الظاهراتية]] و[[أحادية محايدة|الواحدية المحايدة]] و[[علم الظواهر (فلسفة)|علم الظواهر الواقعي]].
 
انقسمت [[مدارس البوذية|مدارس ماهايانا]] الهندية بشأن مسألة إمكانية الوعي الانعكاسي، وقبل [[دارماكرتي]] فكرة الوعي الانعكاسي على النحو الذي طرحته مدرسة يوغاكارا، مقارناً إيّاه بالمصباح الذي يضيء نفسه ويضيء الأشياء الأخرى. كانت هذه الفكرة محلّ رفض قاطع من طرف أتباع مدرسة [[مادهياماكا]] مثل [[كاندراكيرتي]]. إذ أنّ فلسفة مادهياماكا تقول أنّ كل الاشياء والأحداث العقلية عبارة عن فراغ ([[سونياتا]])، وقد اختلفوا بأنّ الوعي لا يمكن أن يكون في نهاية المطاف انعكاسياً بطبعه، لأنّ ذلك يعني أنّها قد تتحقّق من تلقاء نفسها، وبالتالي لا يمكن التعبير عنها بالفراغ.<ref name="Coseru"/> تمّ التوفيق بين وجهات النظر هذه فيما بعد من قبل المفكر [[شانتاراكشيتا]]، والذي تبنّى في توليفة آراء يوغاكارا المثالية في فهم الوعي الانعكاسي كمصطلح للحقيقة في بناء حقائق المذهبين. وبالتالي قال: "من خلال الاعتماد على نظام العقل فقط، نعرف أنّ الكيانات الخارجية لا وجود لها، وبالاعتماد على النظام المتوسّط، نعرف أنّه لا يوجد نفس موجودة بالكامل، حتى في ذلك العقل."<ref name="Blumenthal">{{citation|urlالمسار=http://plato.stanford.edu/entries/saantarak-sita/|titleالعنوان= Blumenthal, James, "Śāntarakṣita"}}, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (fall 2009 Edition), Edward N. Zalta (ed.)</ref>
 
طوّرت مدرسة يوغاكارا نظرية مستودع الوعي لشرح استمرارية العقل في ولادة جديدة وتراكم الكارما. يعمل مستودع الوعي هذا كمخزن للأعمال _البذور_ عندما تغيب كلّ الحواس خلال مرحلة الموت والبعث، كما أنّه يكون سبباً في ظهور [[دارما|الدارما]].<ref name="Coseru"/>
 
==== البوذية التبتية ====
تطوّرت نظريات العقل عند معتنقي [[بوذية تبتية|البوذية في التبت]] تطوّرًا مباشرًا من آراء مذهب الماهايانا الهندي. بالتالي ناقش مؤسس مدرسة [[غيلوغ]]: [[جي تسونغكهابا]] نظام اليوغاكارا للإدراكات الثمانية في كتابه شرح النقاط الصعبة.<ref name="Sparham">{{citation|urlالمسار=http://plato.stanford.edu/archives/fall2011/entries/tsongkhapa/|titleالعنوان= Sparham, Gareth, "Tsongkhapa"}}, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (fall 2011 Edition), Edward N. Zalta (ed.)</ref> وقد تبرّأ جي تسونغكهابا فيما بعد من [[المثالية]] البراغماتية التي دعا إليها [[شانتاراكشيتا]]. ووفقًا لما قاله [[تينزن غياتسو|الدلاي لاما الرابع عشر]] بأن يمكن تعريف العقل بأنّه كيان له طبيعة التجربة لا أكثر، فهو "الوضوح والمعرفة"؛ وهو طبيعة المعرفة أو المؤسّسة التي تدعى العقل، وهو شيء غير مادّي.<ref>{{citation|urlالمسار=http://www.lamayeshe.com/index.php?sect=article&id=417|titleالعنوان= Talk by His Holiness the Dalai Lama at Cambridge, MA USA}}, From MindScience, edited by Daniel Goleman and Robert F. Thurman, first in 1991 by Wisdom Publications, Boston, USA.</ref> بالتالي فطبيعة العقل المزدوجة في وقت واحد هي على النحو الآتي:
:: 1.'''الوضوح''' "gsal" - النشاط العقلي المنتج للظواهر المعرفية "snang-ba".
:: 2.'''المعرفة''' "rig" - النشاط العقلي المدرك للظواهر المعرفية.
ولأنّ فلسفة العقل التبتية هي في الأساس [[علم الخلاص|خَلاصية]]، فهي تُركّز على الممارسات التأمّلية مثل [[دزوغشن]] و [[ماهامودرا]]، اللتان تسمحان للممارس أن يعيش الطبيعة الانعكاسية الصحيحة للعقل بطريقة مباشرةً. وتصف مدارس مختلفة طبيعة عمق العقل بأنّها السطوع الصافي اوأو "الضوء الواضح" ''od gsal'' وغالبًا ما تقارن بكرةٍ بلّورية أو مرآة.
 
==== بوذية زن ====
الموضوع الاساسيالأساسي في فلسفة العقل عند طائفة الزن الصينية هو الفرق بين العقل الصافي والمتيقّظ وبين العقل المشوّش. وقد وصف معلم فرقة [[تشان]] الصينية "هوانغبو" العقل بأنّه بلا بداية ولا شكل ولا حدود، بينما العقل المشوّش هو ذلك الذي كان مغمورًا تحت ملحقات الأشكال والمفاهيم.<ref name="Zeuschner">{{citation|urlالمسار=http://www.thezensite.com/ZenEssays/HistoricalZen/Understanding_mind_in_NorthernChan.htm|titleالعنوان= Zeuschner, Robert B., "The Understanding of Mind in the Northern Line of Ch'an (Zen)"}}, Philosophy East and West, V. 28, No. 1 (January 1978), pp. 69–79, University of Hawaii Press, Hawaii, USA.</ref> فعقل بوذا الصافي هو الذي يستطيع رؤية الاشياء "كما تبدو في الحقيقة"، وكما "الهكذائية" ([[تاتهاتا]]) المطلقة غير المزدوجة. إنّ هذه الرؤية تشمل أيضًا الحقيقة التناقضية بعدم وجد فرق بين العقل المشوّش والصافي، كما هو الحال في عدم وجود فرق بين [[سامسارا|السامسارا]] و[[نيرفانا|النيرفانا]].<ref name="Zeuschner"/>
 
ففي تعاليم الشوبوغينزو ''Shobogenzo'' يزعم الفيلسوف الياباني [[دوغين]] أنّ الجسد والعقل لا يختلفان من ناحية الوجود ولا من ناحية الظواهر ولكن يوصفان بواحدية تسمى "شن جن" ''shin jin'' (العقل الجسد). ووفقًا لما قاله دوغين فإنّ "ربط الجسد والعقل" في التأمّل ([[زازين]]) سيسمح للمرء أن يجرّب الأشياء كما هي: (''genjokoan'') وهذا هو طبيعة التنوير الأصيل (''hongaku'').<ref name="Shaner">{{citation|urlالمسار=http://www.thezensite.com/ZenEssays/HistoricalZen/Understanding_mind_in_NorthernChan.htm|titleالعنوان= David E. Shaner, "The bodymind experience in Dogen's Shobogenzo: a phenomenological perspective"}}, Philosophy East and West 35, no. 1 (January 1985), University of Hawaii Press, Hawaii, USA.</ref>
 
== مواضيع متعلقة بفلسفة العقل ==
السطر 327 ⟵ 326:
''المقال الرئيسي: [[حرية الإرادة]]''
 
في سياق فلسفة العقل، تكمن مشكلة حرّية الإرادة بالنسبة لأتباع مذهب [[حتمية|الحتمية]] المادّية.<ref name="Kim1"/> إذ أنّه وفقاً لوجهة نظرهم فإنّ القوانين الطبيعية تحدّد مسار العالم المادّي بشكل كامل. الحالات الذهنية، وبالتالي الإرادة، تصنّف على أنّها حالات مادّية، وذلك يعني أنّ سلوك وقرارات الإنسان تتحدّد بالكامل من قبل القوانين الطبيعية. يأخذ البعض هذا التحليل إلى مدى أبعد حين يقال: أنّ الاشخاصالأشخاص لا يمكنهم تحديد ما يريدونه أو ما يفعلونه بأنفسهم، لذلك فهم ليسوا أحراراً.<ref name="Hond">{{citeمرجع webويب | urlالمسار=http://www.ucl.ac.uk/~uctytho/dfwIntroIndex.htm |titleالعنوان=Philosopher Ted Honderich's Determinism web resource}}</ref>
 
تم رفض هذا الحجّة من جهة أخرى من قبل [[توافقية (فلسفة)|التوافقيين]]. أولئك الذين يتبنّون هذا الموقف يشيرون إلى أن السؤال «هل نحن أحرار؟» لا يمكن الإجابة عليه إلّا بعد أن نكون قد حدّدنا معنى مصطلح "التحرّر"؛ كما أنّ "الإجبار" أو "الإكراه" هو عكس "التحرّر" وليس "السببية"؛ فمن غير المناسب تحديد الحرّية مع غير المحدد. الفعل الحرّ هو عندما يتمكّن الفاعل من فعله إلّا إذا قد اختار خلاف ذلك. وبهذا المعنى يمكن للشخص أن يكون حرّاً على الرغم من صحّة الحتمية.<ref name="Hond"/> كان [[ديفيد هيوم]] من أهمّ من دافع عن مفهوم الفلسفة التوافقية (أو الانسجامية) في تاريخ الفلسفة.<ref>Russell, Paul, ''Freedom and Moral Sentiment: Hume's Way of Naturalizing Responsibility'' Oxford University Press: New York & Oxford, 1995.</ref> أمّا في الاونةالآونة الأخيرة، فتمّ الدفاع عن هذا الرأي من طرف [[دانيال دينيت (فيلسوف)|دانيال دينيت]] على سبيل المثال.<ref>{{مرجع كتاب| المؤلف=Dennett, Daniel | العنوان=The Varieties of Free Will Worth Wanting | الناشر=Bradford Books–MIT Press |مكانالمكان=Cambridge MA | سنةالسنة=1984 |الرقم المعياري=0-262-54042-8}}</ref>
 
من جهة أخرى، يوجد الكثير من غير المؤيّدين للحجّة لأنهم يعتقدون أنّ الإرادة تكون حرّة في شعور أقوى تسمى التحرّرية.<ref name="Hond"/> هؤلاء الفلاسفة أكّدوا أنّ مسار العالم يكون أحد هذه الأمور: أ) غير محدّد بشكل كامل بقانون الطبيعة، والذي يعترض عليه من قبل فاعل مستقل فيزيائياً.<ref>{{مرجع كتاب|الأول=René|الأخير=Descartes|سنةالسنة=1649|العنوان=Passions of the Soul|الرقم المعياري=0-87220-035-3}}</ref> ب) محدّد بقانون طبيعة غير حتمي فقط. ج) محدّد بقانون طبيعة غير حتمي ويتماشى مع جهود التدخل الذاتية لفاعل فيزيائي غير قابل للاختزال.<ref>{{cite journal |lastالأخير=Kane |firstالأول=Robert |yearالسنة=2009 |titleالعنوان=Libertarianism |journal=Philosophical Studies |publisherالناشر=Springer Netherlands |volume=144 |issue=1 |pageالصفحة=39 |urlالمسار=http://www.springerlink.com/content/g2vg712u87804766 |doi= 10.1007/s11098-009-9365-y}}</ref> وبموجب مبدأ التحررية، لا ينبغي للإرادة أن تكون حتمية، وبالتالي تصبح حرّة. منتقدو الاقتراح (ب) يتّهمون غير التوافقيين باستخدام مفاهيم الحرّية بشكل غير مترابط. ويحتجّ المنتقدون بأنّه: إذا لم يكن هناك ما يحدّد إرادتنا، فإنّ الصدفة البحتة هي ما سيحدّد رغباتنا. وإذا كانت كلّ رغباتنا صدفة محضة، فنحن لسنا أحراراً. لذا، فلو أنّ إرادتنا لا يحدّدها أيّ شيء، فنحن لسنا أحراراً.<ref name="Hond"/>
 
=== الذات ===
فلسفة العقل لها أيضاً تبعات مهمّة بالنسبة لمفهوم الذات. إنّ "الذات" أو "الأنا" تشير إلى أمر أساسي، وهو عدم قابلية نواة الشخص للتغيير. كثير من فلاسفة العقل الحديثين يؤكّدون أنّه لا وجود لشيء من هذا القبيل.<ref name="DHof">{{مرجع كتاب | المؤلف=Dennett, C. and Hofstadter, D.R. | العنوان=The Mind's I | الناشر=Bantam Books | سنةالسنة=1981 |الرقم المعياري=0-553-01412-9}}</ref> فكرة وجود الذات كنواة أساسية غير قابلة للتغيير مستمدّة من فكرة [[الروح]] غير المادّية. إنّ فكرة كهذه لم يتقبّلها معظم الفلاسفة المعاصرين، بسبب توجّهاتهم الفيزيائية المادّية، وبسبب القبول العام لدى الفلاسفة بالتشكيك في مفهوم الذات حسب [[ديفيد هيوم]].<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=Searle, John | العنوان=Mind: A Brief Introduction | الناشر=Oxford University Press Inc, USA | date=1 November 2004|الرقم المعياري=0-19-515733-8}}</ref> بالرغم من ذلك، على ضوء النتائج التجريبية من [[علم النفس التنموي|علم النفس النمائي]] و[[علم الأحياء النمائي]] و[[علم الأعصاب]] فإنّ فكرة وجود نواة مادّة جوهرية متغيّرة على شكل نظام تمثيلي متكامل موزّع على أنماط متغيّرة من قنوات اتّصال مشبكية تبدو معقولة.<ref>{{مرجع كتاب | المؤلف=LeDoux, Joseph | العنوان=The Synaptic Self | مكانالمكان=New York | الناشر=Viking Penguin | سنةالسنة=2002 | الرقم المعياري=88-7078-795-8}}</ref>
 
== انظر أيضا ==