إسبانيا هابسبورغ: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
- 3 تصنيفات، + 3 تصنيفات باستخدام المصناف الفوري
ط تصحيح إملائي باستخدام أوب
سطر 10:
|البلد = إسبانيا
|الفترة التاريخية = [[أوائل العصر الحديث]]
|image_flagصورة علم = Flag of Cross of Burgundy.svg
|flag_typeتسمية وصلة العلم = علم صليب بورغاندي
|flagمقالة العلم = علم صليب بورغاندي
|image_coatصورة شعار = Greater Arms of Charles I of Spain, Charles V as Holy Roman Emperor.svg
|symbolشعار = شعار إسبانيا
|symbol_typeتسمية وصلة الشعار = شعار كارلوس الأول
|image_mapخريطة = MAPA DE ESPAÑA EN 1570.jpg
|image_map_captionتسمية الخريطة = خريطة شبه جزيرة ايبيريا في 1570
|year_startسنة البداية = 1516
|date_startتاريخ البداية = 23 يناير
|event_startحدث البداية = اعتلاء {{nowrap|[[كارلوس الخامس]]}}
|year_endسنة النهاية = 1700
|date_endتاريخ النهاية = 1 نوفمبر
|event_endحدث النهاية = وفاة [[كارلوس الثاني ملك إسبانيا|كارلوس الثاني]]
|event_preحدث سابق = اعتلاء [[فيليب الأول ملك قشتالة]]
|date_preتاريخ حدث سابق = 26 نوفمبر 1504
|event1حدث1 = [[الثورة الهولندية]]
|date_event1تاريخ حدث1 = 1568–1648
|event2حدث2 = [[الاتحاد الإيبيري]]
|date_event2تاريخ حدث2 = 1580–1640
|event3حدث3 = [[الحرب الفرنسية الإسبانية (1635–59)|الحرب الفرنسية الإسبانية]]
|date_event3تاريخ حدث3 = 1635–1659
|event4حدث4 = [[حرب الإستعادة البرتغالية]]
|date_event4تاريخ حدث4 = 1640–1668
|p1بلد سابق1 = تاج قشتالة
|flag_p1علم بلد سابق1 = Banner of arms crown of Castille Habsbourg style.svg
|p2بلد سابق2 = تاج أراغون
|flag_p2علم بلد سابق2 = Royal Banner of Arag%C3%B3n.svg
|border_p2 = no
| s1بلد لاحق1= Bourbon Spain
|flag_s1علم بلد لاحق1 = Bandera de España 1701-1760.svg
|العاصمة= [[مدريد]] <small>(1561–1601; 1606–1700)</small><br />[[بلد الوليد]] <small>(1601–06)</small>
|نظام الحكم = [[الملكية في إسبانيا|ملكية مركبة]]
|todayاليوم = {{علم|الجزائر}} (وهران)<br/>{{علم|البرتغال}}<br/>{{علم|إسبانيا}}
|العملة= [[الريال الإسباني]]
}}
سطر 62:
أنعم البابا [[إسكندر السادس]] على ايزابيلا وفرديناند لقب [[الملوك الكاثوليك|أصحاب الجلالة الكاثوليك]] سنة 1496 واستمر مصطلح ''Monarchia Catholica'' أي جلالة الملك الكاثوليكي (الإسبانية الحديثة: ''Monarquía Católica'') يستخدم لملوك [[هابسبورغ الإسبانية|هابسبورغ الإسبان]].
 
تكون مفهوم "إسبانيا" في فترة آل هابسبورغ. بمعنى أنه أضفي عليه الطابع المؤسسي في القرن ال 18. وفي القرن ال 17 أي خلال وبعد نهاية [[الاتحاد الإيبيري]] اشتهر نظام هابسبورغ الملكي في اسبانياإسبانيا أيضا باسم "الملكية الإسبانية" أو "الملكية في إسبانيا" إلى جانب إسمها الشائع مملكة اسبانيا.
 
ظهرت دولة إسبانيا الموحدة الى حيز الوجود وب[[حكم القانون]] بعد وفاة [[كارلوس الثاني ملك إسبانيا|كارلوس الثاني]] في 1700 ومعه انتهت سلالة هابسبورغ الإسبانية وصعود [[بوربون|أسرة آل بوربون]] بتنصيب [[فيليب الخامس ملك إسبانيا|فيليب الخامس]] مع ظهور إصلاحات مركزية مماثلة لتلك في [[الحقبة الحديثة المبكرة لفرنسا|فرنسا]].
سطر 73:
توفيت [[إيزابيلا الأولى]] سنة 1504 وحاول فرديناند الثاني الحفاظ على موقعه في قشتالة بعدها، إلا أن [[برلمان إسبانيا|برلمان قشتالة]] (وهو [[بلاط ملكي|البلاط الملكي]]) اختار تتويج [[خوانا الأولى]] ابنته من ايزابيلا ملكة عليهم، وهي متزوجة من [[فيليب الأول ملك قشتالة|فيليب]] ابن [[إمبراطور روماني مقدس|الإمبراطور الروماني المقدس]] [[ماكسيمليان الأول (إمبراطور روماني مقدس)|ماكسيميليان الأول]] آل هابسبورغ و[[ماري دوقة بورغونيا]]. وبعد بفترة تعرضت خوانا لإضطراب عقلي أدى إلى الجنون. ثم أعلن فيليب الأول في 1506 أنه ملك قشتالة بحكم الزيجة، إلا أنه توفي من نفس العام في ظل ظروف غامضة، ربما مسموما على يد فرديناند الثاني والد زوجته{{refn|[http://www.xs4all.nl/~kvenjb/madmonarchs/juana/juana_bio.htm Biography of Juana], xs4all.nl}}. وبما ان عمر ابنهما الأكبر (كارلوس) هو ست سنوات فقط، فقد سمح بلاط قشتالة على مضض والد خوانا فرديناند الثاني لحكم البلاد باعتباره [[وصي العرش|الوصي]] عليها وعلى كارلوس.
 
أضحى فرديناند بعد وفاة الملكة إيزابيلا ملك اسبانياإسبانيا الأوحد، فانتهج سياسة أكثر عدوانية من قبل، حيث ذهب إلى بلورة أفكاره [[الإحتلال الإسباني لنافار الإيبيرية|بغزو نافار]] فأرسل في البداية حملة قشتالية ثم دعمها لاحقا بقوات أراغونية (1512). فوسع أيضا من دائرة نفوذ بلاده في إيطاليا ضد فرنسا. فساهم -لكونه [[ملك أراغون]]- في الحرب ضد فرنسا و[[جمهورية البندقية|البندقية]] لحكم إيطاليا؛ فأصبحت هذه الصراعات محور سياسته الخارجية. وأتى أول نشر لجيشه في [[حرب عصبة كامبراي]] ضد البندقية، حيث ميز الجنود الاسبان أنفسهم في [[معركة أنياديللو]] (1509) إلى جانب حلفائهم الفرنسيين. وفي السنة التالية أضحى فردناند جزءا من [[حرب عصبة كامبراي|الحرب المقدسة]] ضد فرنسا، فوجدها فرصة ليستحوذ على كلا من [[ميلانو]] — وكانت عليها مطالبات ذو علاقة بالقرابة الملكية – و[[نافارا]] والتي طالب بها بحكم زوجته [[جيرمين من فوا|جيرمين]]. وكانت هذه الحرب أقل نجاحا من الحرب ضد البندقية، وفي سنة 1516 وافقت فرنسا على هدنة جعل ميلان تحت سيطرتها واعترفت بالسيطرة الإسبانية على [[نافارا|نافارا العليا]]. وفي السنة التالية توفي فردناند فورث حفيده [[كارلوس الخامس]] من آل [[هابسبورغ]] إمبراطورية قشتالة في أمريكا و[[تاج أرغون|ممتلكات تاج أراغون]] في البحر الأبيض المتوسط (بما فيها جزء كبير من إيطاليا). وورث بوفاة والده [[فيليب الأول ملك قشتالة|فيليب الأول]] سنة 1506 [[البلدان المنخفضة]] و[[فرانش كونته|كونته الفرنسية]] حيث ترعرع في [[فلاندر (بلجيكا)|الفلاندر]]. وفي سنة 1519 توفي جده [[ماكسيمليان الأول (إمبراطور روماني مقدس)|ماكسيميليان الأول]] فورث منه أراضي الهابسبورغ في [[ألمانيا]] حيث تم اختياره إمبراطورا بالترشيح. وظلت والدته خوانا ملكة قشتالة حتى وفاتها سنة 1555، إلا أنه ابقاها حبيسة بسبب مرضها وخوفه من أن يكون ملكا بديلا حسب اقتراح المعارضة (كما حدث في {{وصلة إنترويكي|تر=Revolt of the Comuneros|عر=ثورة العوام}}).
 
أضحى [[كارلوس الخامس|الامبراطور والملك كارلوس]] أقوى رجل في [[العالم المسيحي]] في ذلك الوقت. فتجمع لدى رجل واحد من أسرة واحدة سلطة قوية جدا، أثارت قلقا شديدا ل[[فرانسوا الأول ملك فرنسا]]، الذي وجد نفسه محاطا بأراضي آل هابسبورغ. فغزا سنة 1521 [[الحرب الإيطالية 1521-1526|أملاك إسبانيا في إيطاليا]] و[[الإحتلال الإسباني لنافار الإيبيرية#الغزو الفرنسي 1521|نافار]] لتدشين الحرب الثانية من صراع فرنسا مع اسبانيا. فكانت الحرب كارثية لفرنسا، حيث عانت الهزيمة في معركتي [[معركة بيكوكا|بيكوكا]] و[[معركة بافيا 1525|بافيا]]، حيث أسر فرانسوا وسجن في مدريد<ref>{{citeمرجع bookكتاب|last1الأخير1=Presa González|first1الأول1=Fernanado|last2الأخير2=Grenda|first2الأول2=Agnieszka Matyjaszczyk|titleالعنوان=Madrid a los ojos de los viajeros polacos : un siglo de estampas literarias de la Villa y Corte (1850 - 1961)|date=2003|publisherالناشر=Huerga & Fierro|locationالمكان=Madrid|isbn=9788483744161|editionالطبعة=1.}}</ref>، وأيضا في {{وصلة إنترويكي|تر=Battle of Landriano|عر=معركة لاندريانو}} (1529) عندما رضخ وتخلى عن [[ميلانو|ميلان]] لإسبانيا مرة أخرى.
 
=== امبراطور وملك (1521–1556) ===
[[ملف:Habsburg Map 1547.jpg|تصغير|450px|خريطة لممتلكات آل هابسبورغ بعد [[معركة مولبرغ]] (1547) كما صوره "أطلس تاريخ كامبريدج الحديث" 1912; أراضي هابسبورغ مرسومة بالأخضر.]]
 
فاجأ نصر الملك كارلوس الأول في معركة بافيا العديد من الإيطاليين والألمان، مما أثار المخاوف من أنه سيسعى للحصول على سلطة أقوى من أي وقت مضى. فغير البابا [[كليمنت السابع]] ولاءه وانضم لقوات من فرنسا ودول الإيطالية بارزة ضد إمبراطور آل هابسبورغ، مما أدى إلى [[حرب عصبة كونياك]]. تململ كارلوس من تدخل البابا فيما أسماه بالشؤون العلمانية. ففي سنة 1527 تمرد جيش كارلوس الموجود في شمال إيطاليا بعد نقص بالتمويل فتقدم جنوبا نحو روما [[احتلال روما (1527)|حيث حاصرها ونهبها]] ولم يكن ذلك برغبة من كارلوس. مما سبب الحرج الشديد للبابا كليمنت والبابوات من بعده، فأصبحت البابوية بعد ذلك أكثر حذرا في تعاملها مع السلطة العلمانية. وفي سنة 1533 رفض البابا كليمنت طلب إبطال زواج [[هنري الثامن ملك إنجلترا]] الأول على [[كاثرين أراغون]] جزئيا أو كليا رغبة منه بعدم الإساءة إلى الإمبراطور كارلوس كي يمنع نهب عاصمته مرة الثانية، فقد وقع الطرفان معاهدة سلام في برشلونة سنة 1529 مما أوجد علاقة أكثر ودية بين الزعيمين. فأضحى إسم حامي الكاثوليكية فعّال لإسبانيا، فتوج كارلوس [[ملك إيطاليا|ملكا على إيطاليا]] ([[لومبارديا]]) مقابل مساعدة اسبانياإسبانيا في الإطاحة ب[[جمهورية فلورنسا]] المتمردة.
 
أعلن فرانسوا الأول سنة 1543 تحالفا لم يسبق له مثيل مع [[السلطان العثماني]] [[سليمان القانوني]] لإستعادة {{وصلة إنترويكي|تر=Siege of Nice|عر=حصار نيس|نص=مدينة نيس}} التي يسيطر عليها الاسبان. فانضم هنري الثامن ملك إنجلترا إلى كارلوس الخامس في غزوه لفرنسا، فهو يحمل ضغينة ضد فرنسا أكبر مما هو ضد الإمبراطور لوقوفه ضد طلاقه. وبالرغم من هزيمة الأسبان في [[معركة سيريسول]] في [[منطقة سافوا|سافوي]] إلا أن الفرنسيين ليسوا بالقادرين على تهديد جيش إسبانيا المسيطر على ميلان، وأيضا كانوا يعانون من هزيمة في الشمال على يد [[هنري الثامن|هنري]] مما أجبرهم على قبول شروط غير مرغوبة. أما النمساويين بقيادة [[فرديناند الأول إمبراطور الرومانية المقدسة|فرديناند]] شقيق كارلوس الأصغر فقد واصلوا حربهم ضد العثمانيين في الشرق، بينما ذهب كارلوس للإهتمام بمشكلة قديمة: وهي [[اتحاد شمالكالدي]].
سطر 93:
 
=== من [[معركة سانت كينتان (1557)|سانت كينتان]] إلى [[معركة ليبانت|ليبانت]] (1556–1571) ===
عندما استلم [[هنري الثاني ملك فرنسا|هنري الثاني]] عرش فرنسا في 1547 لم تكن اسبانياإسبانيا قد وصلت بعد إلى سلام مع فرنسا فتجدد الصراع بينهما. حيث ألهب فيليب الثاني وبشراسة حربه ضد فرنسا، فسحق الجيش الفرنسي في [[معركة سانت كينتان (1557)|معركة سانت كينتان]] في [[بيكاردي]] في 1558. ثم هزمهم مرة أخرى في {{وصلة إنترويكي|تر=Battle of Gravelines (1558)|عر=معركة جرافلين (1558)|نص=معركة جرافلين}}. بعد ذلك وقعت الدولتان [[صلح كاتو-كامبرازي]] في 1559، حيث اعترفت رسميا بمطالبات اسبانياإسبانيا في إيطاليا. وبعد الاحتفالات التي تلت المعاهدة قتل هنري بشظية طائشة من أحد الجنود. ولكن مصاب فرنسا الأكبر هو تعرضها في السنوات الثلاثين التالية [[حروب فرنسا الدينية|لحرب أهلية دينية]]، فتنحت من منافسة اسبانياإسبانيا وآل هابسبورغ في السيطرة على أوروبا. فتخلصت إسبانيا خلال تلك الفترة من خصم قوي، حيث شهدت أوج قوتها وحضورها الإقليمي في الفترة من 1559-1643.
[[ملف:Thetriumphofdeath.jpg|تصغير|250px|''لوحة انتصار الموت'' (حوالي. 1562) ل[[بيتر بروغل الأكبر]] تعكس المعاملة القاسية المتزايدة التي تلقاها [[الأقاليم السبعة عشر]] في القرن ال 16]]
 
سطر 105:
[[ملف:Battle of Lepanto 1571.jpg|تصغير|يمين|300px|شهدت [[معركة ليبانت]] (1571) بداية انتهاء هيمنة [[البحرية العثمانية]] في المتوسط]]
 
انتهت الحرب مع فرنسا سنة 1559 ب[[صلح كاتو-كامبرازي]] مما جعل إسبانيا تشهد طفرة وحضور إقليمي. ومع ذلك فقد سقطت الحكومة بديون هائلة وأعلنت إفلاسها في ذات السنة. وكانت معظم إيرادات الحكومة تأتي من الضرائب والرسوم المفروضة وليس من الفضة أو السلع المستوردة. وفي الجانب الآخر كانت [[الدولة العثمانية]] تهدد الحدود الطويلة لأملاك هابسبورغ في النمسا وشمال غرب أفريقيا، وقد كان فرديناند وإيزابيلا قد أرسلا حملة على شمال أفريقيا فاستولت على [[مليلية]] في 1497 ثم [[وهران]] في 1509. أما كارلوس فقد فضل زيادة استخدام استراتيجية البحرية لمحاربتهم، مما اعاق استيلاء العثمانيين على أملاك البندقية في شرق المتوسط. عدا ماكان ردا على غارات على الساحل الشرقي لأسبانيا حيث قاد كارلوس شخصيا هجمات ضد مدن في شمال أفريقيا (1545). وفي 1560 طرد العثمانيين الإسبان من ساحل تونس في [[معركة جربة]]. ولكنهم هزموا عندما [[حصار مالطا|حاصروا مالطا]] في 1565 بعد وصول امدادات من [[الإمبراطورية الإسبانية|الإسبان]] لمساعدة [[فرسان القديس يوحنا]]. وبعدها بسنة توفي [[سليمان القانوني]] وخلفه ابنه [[سليم الثاني]] مما شجع [[فيليب الثاني ملك إسبانيا|فيليب]] على عزمه بنقل الحرب إلى الأراضي العثمانية. فتحركت في 1571 حملة بحرية ضخمة [[العصبة المقدسة|للعصبة المقدسة]] مكونة من الأسطول الإسباني والبندقية وسفن بابوية قادها [[دون خوان النمساوي]] ابن كارلوس غير الشرعي فأباد الأسطول العثماني في [[معركة ليبانت]]. وكان من ضمن الإسطول الروائي الإسباني [[ميغيل دي ثيربانتس]] مؤلف الرواية الإسبانية التاريخية [[دون كيخوتي]]. كبح هذا الإنتصار تهديد البحرية العثمانية على أوروبا وخاصة في غرب المتوسط. كانت خسارة البحارة ذوي الخبرة عائقا كبيرا لمواجهة الأساطيل المسيحية. ومع ذلك فإن العثمانيين نجحوا خلال سنة من إعادة بناء إسطولهم البحري وإعادة استخدامه لتعزيز هيمنتهم على شرق الساحل الأفريقي للبحر المتوسط ومعظم جزره. أما فيليب فلم تكن لديه الموارد اللازمة لمحاربة كلا من هولندا والعثمانيين في نفس الوقت، لذا فالجمود كان سيد الموقف في البحر المتوسط حتى وافقت اسبانياإسبانيا على هدنة في 1580.
 
=== الملك المتعثر (1571–1598) ===
[[ملف:Francisco de Zurbarán 014.jpg|تصغير|200px|''لوحة الدفاع عن قادس ضد الإنجليز'' رسمها زورباران 1634]]
لم تدم البهجة في مدريد طويلا. فقد أدت ال[[كالفينية]] في [[هولندا الإسبانية]] (حاليا [[هولندا]] و[[بلجيكا]] وقد ورثها فيليب من كارلوس وأسلافه [[دوقية بورغونيا|بورغونيون]]) إلى اندلاع أعمال شغب سنة 1566، فزحف [[فرناندو ألفاريز دي توليدو (دوق ألبا الثالث)|دوق ألبا]] بجيشه إلى تلك البلاد، فأطلق العنان لفترة من الرعب لاستعادة النظام. ولم يتمكن [[ويليام البرتقال]] المعروف بالكتوم سنة 1568 أن يطرده من هولندا. ولكن اعتبرت تلك المعارك أنها بداية ل[[حرب الثمانين عاما]] التي انتهت باستقلال [[جمهورية هولندا|الأقاليم المتحدة]]. وكان الإسبان متشددين في الحفاظ على سيطرتهم على تلك المقاطعات بسبب ماينالونه من ثروات ضخمة في هولندا وخاصة من [[أنتويرب|ميناء أنتويرب]] الحيوي. حتى قيل في تقديرات:"أن عائدات التاج الإسباني من ميناء أنتويرب أكثر بسبع مرات من عائداتهم من [[الاستعمار الإسباني في الأمريكيتين|الأمريكتين]]<ref>{{citation|titleالعنوان=Urban world history: an economic and geographical perspective|first1الأول1=Luc-Normand|last1الأخير1=Tellier|publisherالناشر=PUQ|yearالسنة=2009|isbn=2-7605-1588-5|pageالصفحة=308
|urlالمسار=https://books.google.com/books?id=cXuCjDbxC1YC}} [https://books.google.com/books?id=cXuCjDbxC1YC&pg=PA308 Extract of page 308]</ref>". وفي سنة 1572 استولت مجموعة متمردة من القراصنة الهولنديين عرفوا بإسم متسولي البحر {{هول|watergeuzen}} على عدد من مدن الساحل الهولندي، حيث أعلنوا دعمهم لوليام ورفضهم زعامة إسبانيا.
 
صد الهولنديون في سنة 1574 حصار الجيش الأسباني بقيادة لويس دي ريجيزينز على [[حصار ليدن|ليدن]] بعد كسرهم [[سد مائي|للسدود]] مما تسبب بفيضانات عارمة. ثم واجه فيليب في 1576 فواتير جيشه ال 80,000 جندي عند احتلال هولندا، ثم كلفة أسطوله الذي انتصر في [[معركة ليبانت|ليبانتو]]، إلى جانب تزايد خطر [[القرصنة]] في البحار المفتوحة الذي حد من دخله من المستعمرات الأمريكية. وفي النهاية اضطر فيليب إلى إعلانه الإفلاس. لم يمض وقت طويل على حصار أنتويرب حتى بدأ الجيش في هولندا بالتمرد ونهب جنوب هولندا، مما دفع عدة مدن مسالمة في المقاطعات الجنوبية للانضمام إلى التمرد. فاختار الإسبان التفاوض، مما أعاد الهدوء مرة أخرى إلى معظم المقاطعات الجنوبية من {{وصلة إنترويكي|تر=Union of Arras|عر=اتحاد أراس}} في 1579.
 
يتطلب اتفاق أراس ان تكون جميع القوات الاسبانية خارج تلك الأراضي. ولكن في الوقت نفسه كانت عين [[فيليب الثاني ملك إسبانيا|فيليب]] على جعل كامل الجزيرة الايبيرية تحت حكمه، وهو هدف تقليدي للملوك الاسبان. ثم واتته الفرصة في 1578 عندما شن [[ملك البرتغال|الملك البرتغالي]] [[سبستيان الأول ملك البرتغال|سباستيان]] حملة صليبية ضد المغرب. تلك الحملة التي انتهت بكارثة، وضاعت جثة سيباستيان في [[معركة الملوك الثلاثة]]. فحكم عمه المقارب لسنه [[هنريك ملك البرتغال|هنري]] حتى وفاته في 1580. وعلى الرغم من فيليب قد أعد العدة ومنذ فترة طويلة للسيطرة على البرتغال، وقال انه لا يزال أنه من الضروري في إطلاق حملة عسكرية يقودها دوق ألفا، فتمكن فيليب من أخذها والفوز بلقب ملك البرتغال، ولكن مع ذلك استمرت تلك البلاد مستقلة وبقيت على قوانينها الخاصة بها في مؤسساتها وعملتها. فإن كانت البرتغال قد تنازلت عن استقلاليتها في السياسة الخارجية إلا أن العلاقات بين البلدين استمرت متوترة.
سطر 131:
وبتوجيه من ليرما لجأت حكومة فيليب الثالث لتكتيك كان قد قاومه فيليب الثاني بحزم هو سك كمية ضخمة من عملة الفيلون (vellones) التي لا قيمة لها لدفع عجز الموازنة، مما تسبب بالتضخم في 1607 فواجهت الحكومة الإفلاس.
 
أعطت الهدنة مع انكلترا وفرنسا فرصة لإسبانيا في تركيز طاقتها لاستعادة سيطرتها على المقاطعات الهولندية. فقد قاد [[موريس أوف ناساو أمير أورانج|موريس ناساو]] المقاومة الهولندية وهو ابن [[وليام الكتوم]] ويعد من خيرة الاستراتيجيين في زمانه، حيث نجح سنة 1590 في الإستيلاء على عدد من المدن الحدودية بما فيها [[بريدا|قلعة بريدا]]. ولكن بعد سلام إسبانيا مع انكلترا، استلم القيادة الإسبانية الجنرال [[:en:Ambrogio Spinola, 1st Marquis of the Balbases|امبروجيو سبينولا]] وهو ند كفؤ لموريس، حيث ضغط على الهولنديين وكاد يعيد احتلال بلدهم لولا حالة [[إعسار (مالي)|الإفلاس]] التي أصابت اسبانياإسبانيا في 1607. وبعدها تم توقيع [[هدنة اثني عشر سنة|هدنة مصالحة]] في 1609 بين اسبانياإسبانيا و[[جمهورية هولندا|المقاطعات المتحدة]].
 
[[ملف:Velazquez surrender breda soldiers.jpg|تصغير|يمين|200px|جنود هولنديون: صورة ل ''حصار بريدا'' 1625]]
استعادت إسبانيا عافيتها خلال الهدنة، فانتظمت مواردها المالية وتفعل الكثير من الهيبة والاستقرار في الفترة التي سبقت الحرب العظمى الأخيرة والتي كانت ستلعب فيها دورا رئيسيا. وفي الأراضي المنخفضة التي حكمتها ابنة فيليب الثاني [[انفانتا ايزابيلا كلارا يوجينا من إسبانيا|ايزابيلا كلارا يوجينا]] مع زوجها [[أرشيدوق ألبرت (1559-1621)|أرشيدوق ألبرت]] فقد أعادت الاستقرار لجنوب هولندا. إلا أن فيليب الثالث وليرما يفتقر كل منهما القدرة على اتخاذ أي تغيير حقيقي في السياسة الخارجية للبلاد. فقد تمسكا بفكرة وضع أخته إيزابيلا على العرش الإنجليزي بعد وفاة [[الملكة إليزابيث الأولى|الملكة اليزابيث]] وأرسلا قوة محدودة للتدخل السريع إلى أيرلندا لمساعدة المتمردين. وقد هزمهم الإنجليزية، ولكن {{وصلة إنترويكي|تر=Nine Years' War (Ireland)|عر=حرب التسع سنوات (إيرلندا)|نص=حرب الإستنزاف}} الطويلة استنفذت خزانة انجلترا من المال والرجال وأيضا الروح المعنوية. فأراد خليفة اليزابيث [[جيمس الأول ملك إنجلترا|جيمس الأول]] بداية جديدة لحكمه. فانتهت الحرب التي استمرت منذ 1585. ثم كادت ان تندلع حربا مع فرنسا في 1610 ولكن هنري الرابع قد اغتيل بعد فترة وجيزة. فسقطت فرنسا في هوة الحرب الأهلية. فنعمت إسبانيا في سلام واستقرار حتى سنة 1630 واستمر مركزها المهيمن في أوروبا. وفي 1618 عزل الملك ليرما ووضع بدلا عنه الدون [[بالتازار دي زونيغا]] وهو سفير مخضرم إلى [[فيينا]] وهو الذي دعا إلى سياسة خارجية أكثر تشددا.
 
وبذات السنة بدأ العمل بسياسة القذف من النافذة حيث شرعت النمسا و[[إمبراطور روماني مقدس|الإمبراطور]] [[فرديناند الثاني (إمبراطور روماني مقدس)|فرديناند الثاني]] في حملة ضد {{وصلة إنترويكي|تر=Protestant Union|عر=الاتحاد البروتستانتي}} و[[بوهيميا]]. شجع دون بالتازار الملك فيليب للانضمام إلى هابسبورغ النمسا في الحرب، فأرسل الجنرال [[امبروجيو سبينولا|سبينولا]] نجم الجيش الإسباني في هولندا الصاعد على رأس {{وصلة إنترويكي|تر=Army of Flanders|عر=جيش فلاندرز}} للتدخل. وهكذا دخلت اسبانياإسبانيا في [[حرب الثلاثين عاما]].
 
بعد عدة انتصارات هزم البوهيميين في [[معركة الجبل الأبيض]] في 1620. وفي سنة 1621 استلم الحكم [[فيليب الرابع ملك إسبانيا|فيليب الرابع]] وهو أكثر تدينا. وفي السنة التالية ازيح دون بالتازار وخلفه [[غاسبار دي غوزمان]] دوق اوليفاريس. وفي 1623 تعرض البوهيميون لهزيمة أخرى في [[معركة شتاتلون]]. اما في هولندا فقد عادت الحرب مجددا في 1621 حيث أخذ سبينولا قلعة بريدا في 1625. فحاول الملك [[كريستيان الرابع ملك الدنمارك والنرويج|كريستيان الرابع]] التدخل لتغيير مسار الحرب مما هدد وضع إسبانيا، ولكن هزيمة الدنماركيين أمام الجنرال [[ألبرشت فون فالنشتاين|ألبرت فالنشتاين]] في معركتي [[معركة جسر ديساو|جسر ديساو]] و[[معركة لوتر|لوتر]] (كليهما في 1626) قضي على هذا التهديد.
 
كان لدى مدريد أمل في أن تندمج هولندا داخل الإمبراطورية. وقد بدا أن البروتستانت في ألمانيا قد انتهى امرهم بعد هزيمة الدنمارك. وقد تورطت فرنسا مرة أخرى في مشاكلها الداخلية (بدأ [[حصار لاروشيل]] الشهير في 1627). حتى بدا واضحا سمو وعظمة اسبانيا، حيث عبر الدوق اوليفاريس وبحدة: "إن الرب إسباني وأنه يناضل من أجل أمتنا هذه الأيام"<ref>{{harvnbharvard citation no brackets|Brown|Elliott|1980|p=190}}</ref>.
 
=== الطريق إلى روكروا (1626–1643) ===
سطر 146:
كان اوليفاريس رجلا في غير زمانه. فقد أدرك أن إسبانيا بحاجة إلى إصلاح، وأن الإصلاح بحاجة إلى سلام. لذا كان من الضروري تدمير المقاطعات المتحدة الهولندية. حاولت السياسة الاستعمارية الهولندية لتقويض الهيمنة الإسبانية والبرتغالية. لذا ركز سبينولا وجيشه الإسباني في هولندا، وبدا أن الحرب ستكون لصالح إسبانيا.
 
تعرضت قشتالة في سنة 1627 لإنهيار اقتصادي. فاضطر آل هابسبورغ لتخفيض عملتهم لدفع ثمن الحرب [[تضخم اقتصادي|فانفجرت الأسعار]] تماما كما كان في حالة الإفلاس السابقة. استمرت أجزاء من قشتالة تعمل ب[[نظام المقايضة]] بسبب أزمة العملة حتى 1631، ولم تتمكن الحكومة من جمع أي ضرائب ذات قيمة من الفلاحين، حيث اعتمدت على إيراداتها من المستعمرات. أما الجيوش الإسبانية وغيرهم في أراضي ألمانيا فقد لجؤا إلى "عرض أنفسهم" للإرتزاق. تراجع اوليفاريس عن إصلاحات ضريبية معينة في إسبانيا بانتظار نهاية الحرب، ولكنه أسرف بدخوله حرب أخرى محرجة وغير مثمرة [[حرب الخلافة المانتوفية|في شمال إيطاليا]]. أما الهولنديون فقد استغلوا هدنة السنوات الإثني عشر حيث كانت أولويتهم تقوية اسطولهم البحري، (والتي أظهرت قوتها الكاملة في [[معركة جبل طارق 1607]])، واستطاع الكابتن بيت هين من توجيه ضربة كبيرة ضد تجارة البحرية الإسبانية [[معركة خليج ماتنزاس|وتمكن من أخذ]] أسطول المال الاسباني والتي كانت اسبانياإسبانيا تعتمد عليه بعد الانهيار الاقتصادي.
 
في سنة 1630 حط في ألمانيا [[غوستاف الثاني أدولف]] السويدي حيث خلص ميناء [[اشترالزوند]] آخر المعاقل الأوروبية للقوات الألمانية المحاربة للإمبراطور. ثم سار غوستاف جنوبا فجذب إليه المزيد من البروتستانت مع كل خطوة يخطوها وانتصر في [[معركة برايتنفلد]] وأيضا في [[معركة لوتسن]] سنة 1632 التي كلفته حياته. فتحسن وضع الكاثوليك بعد موته، حيث انتصروا في [[معركة نوردلنجن (1634)]]. لذا ومن موقع قوة اقترب الإمبراطور من الولايات الألمانية التي أنهكتها الحرب في 1635 مع عرض للسلام: فوافقت عدة ولايات بما فيها [[براندنبورغ]] و[[سكسونيا]].
سطر 158:
=== آخر ملوك هابسبورغ الإسبان ===
{{مفصلة|إسبانيا هابسبورغ في القرن السابع عشر}}
بدأت [[حرب الإستعادة البرتغالية|الثورة البرتغالية]] على إسبانيا في عقد 1640 بمساعدة من أهالي [[كتالونيا]] و[[مملكة نابولي|نابولي]] و[[الفرنسيون]]. وعلقت الأراضي المنخفضة الإسبانية بين القبضة المحكمة للقوات الفرنسية والهولندية بعد [[معركة لنس]] في 1648، مما أجبر الاسبان بإعطاء سلاما مع الهولنديين حيث اعترف باستقلال المقاطعات المتحدة بمعاهدة [[صلح وستفاليا]] التي أنهت كلا من [[حرب الثمانين عاما]] و[[حرب الثلاثين عاما]].
 
حاول اوليفاريس قمع [[الثورة الكتالانية]] خلال شن غزو على جنوب فرنسا. لكن إيواء القوات الاسبانية في كاتالونيا جعلت الأوضاع تزداد سوءا، فقرر الكاتالونيون الانفصال عن أسبانيا والإندماج مع فرنسا. فاستغلت فرنسا ذلك وأرسلت قواتها إلى كاتالونيا، ولكن ماإن تجددت [[حرب فروند|الحرب الأهلية]] في فرنسا حتى تمكنت القوات الإسبانية من اخراجهم في 1652.
سطر 164:
[[الحرب الفرنسية الإسبانية (1635–59)|استمرت الحرب مع فرنسا]] لمدة أحد عشر سنة أخرى. على الرغم من أن فرنسا تعاني من [[حرب فروند|حرب أهلية 1648-1652]]، إما إسبانيا فقد استنفدت قوتها في حرب الثلاثين عاما بالإضافة إلى الثورة المشتعلة في البرتغال وكاتالونيا ونابولي. تلك الحرب الطويلة والمرهقة انتهت ب{{وصلة إنترويكي|تر=Battle of the Dunes (1658)|عر=معركة ديونز (1658)}} حيث تمكن الفرنسيون بقيادة [[الفيكونت دورين]] (بمساعدة الإنجليز) من هزيمة الإسبان. فوافق الإسبان سنة 1659 على [[صلح البرانس]] حيث تنازلوا بموجبه لفرنسا عن مقاطعة هولندا الإسبانية [[ارتوا]] ومقاطعة [[روسيون]] وجزءا من [[دوقية لورين|اللورين]].
 
استغل البرتغاليون الثورة الكاتالونية لإعلان استقلالهم سنة 1640. فقد كانت السنوات الستين من الوحدة بين اسبانياإسبانيا والبرتغال لم تكن جيدة. فقد زار فيليب الثاني الذي يجيد البرتغالية بطلاقة البلاد مرتين، وزارها فيليب الثالث مرة واحدة، وهي زيارة رسمية قصيرة. أما فيليب الرابع فلم يكلف نفسه عناء الزيارة. فالإسبان الذين يتعرضون لضغوطات في أماكن أخرى، ملامين لعدم حمايتهم الحماية الكافية للمستعمرات البرتغالية من الهولنديين (الذين ضموا جزء من البرازيل إليهم). ولم تكن المستعمرات الإسبانية عند الانكماش الاقتصادي تتمتع بتجارة ومنافسة مع نظيراتها البرتغالية. وفوق ذلك فإن وضع الحكم الذاتي للبرتغال المتساوي مع غيرها في الاتحاد بدأ بالإضمحلال بعد فيليب الثاني فقد كان ينظر إليها في مجالس الدولة باعتبارها مقاطعة. وعند أعلان البرتغال الاستقلال واختيارها دوق براجانزا ملكا عليها بإسم [[جواو الرابع]]، كانت اسبانياإسبانيا منشغلة بإخماد {{وصلة إنترويكي|تر=Andalusian independentist conspiracy (1641)|عر=مؤامرة استقلال الأندلس (1641)|نص=ثورة في الأندلس}} وبالتالي اختارت عدم فعل أي شيء حيال ذلك.
 
أدت الثورة البرتغالية -نوعا ما- لإسبانيا أن تبرم معاهدة سلام مع فرنسا في 1659. وقد تعايشت كلا من إسبانيا والبرتغال حالة فعلية للسلام من 1644 إلى 1656. وعندما توفي جواو في 1656 حاول الإسبان انتزاع البرتغال من ابنه [[ألفونسو السادس ملك البرتغال|ألفونسو السادس]] ولكن هزموا في معركتي [[معركة اميكسيال|اميكسيال]] (1663)، و[[معركة مونتيس كلاروس|مونتيس كلاروس]] (1665) فأجبر الأسبان على اعتراف باستقلال البرتغال عام 1668.
 
[[ملف:Juan de Miranda Carreno 002.jpg|تصغير|200px|[[كارلوس الثاني ملك إسبانيا|كارلوس الثاني]] آخر [[ملوك إسبانيا]] من آل [[هابسبورغ]] (حكم 1665–1700)]]
شهد عهد فيليب الرابع انحسار نفوذ الامبراطورية الاسبانية، فقد غرق ببطء في حالات الاكتئاب بعد أن اضطر إلى إقالة اوليفاريس وزيره المخلص في 1643. ثم فقد ابنه الأكبر ووريثه [[بالتازار كارلوس، أمير أستورياس|بالتازار كارلوس]] في 1646 وهو في سن ال 16. أما [[كارلوس الثاني ملك إسبانيا|كارلوس]] فقد تلاعبت به مختلف الزمر السياسية. فقد وقع لفترة قصيرة تحت تأثير أخيه الأصغر الدون [[خوان خوسيه الأصغر من النمسا]] فهيمن النبلاء على اسبانياإسبانيا مرة أخرى. ومعظمهم يخدم مصالحه الخاصة، إلا أن هناك عدد قليل منهم مثل الكونت أوروبيسا، الذي تمكن (بالرغم من الانكماش الإقتصادي المدمر) من استقرار العملة. وحاول آخرون إضعاف سلطة محاكم التفتيش (التي استمرت حتى 1808) وتشجيع التنمية الاقتصادية.
 
ومع ذلك فقد انكمش الاقتصاد الاسباني (خاصة القشتالي) وانخفض عدد سكانها إلى ما يقرب من مليوني شخص في القرن 17. وأسباب هذا الإنخفاض يعود بعضه إلى الطاعون الذي ضربها، وأيضا إلى كثرة قتلى الحروب المتتالية. فوصل عدد السكان إلى أدنى مستوى في 1677-1686 حيث المجاعة والطاعون والكوارث الطبيعية والاضطرابات الاقتصادية فازدادت الهجرة إلى العالم الجديد.
 
أضحت فرنسا الآن قوية وموحدة تحت حكم [[لويس الرابع عشر]] فبعد [[صلح البرانس]] (1659) أزيحت اسبانياإسبانيا كقوة مهيمنة في أوروبا وأخذت فرنسا مكانها. فقد خاضت فرنسا ثلاث حروب خلال تلك الفترة: [[حرب أيلولة]] (1667-1668) و[[الحرب الفرنسية الهولندية]] (1672-1678) و[[حرب التسع سنوات|حرب التحالف الكبير]] (1688-1697). وبالرغم من خسائر إسبانيا الإقليمية ([[فرانش كونته]] وبعض المدن في جنوب هولندا وجزء من جزيرة [[هيسبانيولا]]) كانت قليلة نسبيا إلا أنها أظهرت بعض الضعف. وقد خطط لويس الرابع عشر (وغيره من حكام أوروبا) لما بعد وفاة كارلوس الثاني، فقد كان واضحا انه لا ينجب أطفال وأن سلالة هابسبورغ الإسبانية ستموت معه. وجائت نهاية كارلوس عن عمر ناهز 39 في 1 نوفمبر 1700.
 
== الدين ومحاكم التفتيش الإسبانية ==
سطر 182:
وسع [[فيليب الثاني ملك إسبانيا|فيليب الثاني]] من محاكم التفتيش وجعل الكنيسة التقليدية هدف السياسة العامة. وفي 1559 أي بعد ثلاث سنوات من حكم فيليب منع الطلبة الإسبان من السفر إلى الخارج، وحمل قادة محاكم التفتيش مسؤولية الرقابة، ولم يعد من الممكن استيراد الكتب. فمحاولة فيليب القوية لاستئصال البروتستانت من أسبانيا، حيث أدار حملات عديدة لإستئصال أدبيات [[اللوثرية]] وال[[كالفينية]] من البلاد على أمل تجنب الفوضى التي تشهدها فرنسا. كان فيليب أكثر تدينا من والده، وكان مقتنعا أنه إذا لجأ البروتستانت إلى القوة العسكرية فلا بد له من أن يحذو حذوها. وكان على استعداد للقيام بكل ماهو ممكن لمحاربة الزنادقة والحفاظ على الهيمنة الاسبانية. وقد تدخل في الانتخابات البابوية لضمان اختيار بابا مؤيد لإسبانيا، حيث نجح ثلاث مرات مع الباباوات [[أوربان السابع]] و[[غريغوري الرابع عشر]] و[[إينوسنت التاسع]]. ولكن في المرة الرابعة فشل فيليب في منع انتخاب [[كليمنت الثامن]] الموالي لفرنسا.
 
تم تطهير الكنيسة الإسبانية من تجاوزاتها الإدارية العديدة في القرن 15 بإدارة [[فرانثيسكو خيمينيث دي ثيسنيروس|الكاردينال خيمينيث]]، فمحاكم التفتيش عملت على تطهير العديد من الإصلاحيين الأكثر راديكالية الذين سعوا إلى تغيير لاهوت الكنيسة كما أرادها المصلحين البروتستانت. بدلا من ذلك، أصبحت إسبانيا مطعمة [[إصلاح مضاد|بمكافحة الإصلاح]] لأنها خرجت بالتو من الاسترداد. فقد أنجبت اسبانياإسبانيا خطين فريدين من فكر مكافحة الإصلاح تمثل في شخصيات [[القديسة تريزا]] الأفيلاوية و[[شعب الباسك|الباسكي]] [[إغناطيوس دي لويولا]]. فدعت تيريزا إلى [[رهبانية]] صارمة وإحياء المزيد من التقاليد القديمة للتوبة. وقالت إنها شهدت النشوة الدينية التي أصبحت مؤثرة بعمق على الثقافة والفنون الاسبانية. وكان اغناطيوس لويولا مؤسس [[الرهبنة اليسوعية]] ذات تأثير قوي في جميع أنحاء العالم بإجهاده الروحي والعقلي، وساهمت في عودة للتعلم في جميع أنحاء أوروبا. وفي سنة 1625 ذروة الهيبة الإسبانية وسلطتها أنشأ [[غاسبار دي غوزمان]] دوق اوليفاريس الكلية الإمبريالية اليسوعية في مدريد لتدريب النبلاء الإسبان العلوم الإنسانية والفنون العسكرية.
 
[[ملف:Embarco moriscos en el Grao de valencia.jpg|تصغير|300px|طرد [[المورسكيون]] من [[بلنسية]]]]
تم تبديل دين [[الموريسكيين]] في جنوب اسبانياإسبانيا قسرا إلى المسيحية منذ 1502، لكنهم تحت حكم كارلوس الأول تمكنوا من الحصول على بعض التسامح من حكامهم المسيحيين. فسمح لهم بممارسة عاداتهم ولباسهم ولغتهم. ولكن يبقى تطبيق قوانين دينية على الجنسين بنفس القدر. (ولكن فإن كارلوس قد أقر قانون {{وصلة إنترويكي|تر=Limpieza de sangre|عر=تنقية الدم}} وهو القانون الذي استبعد من ليس لهم دم مسيحي نقي قديم من مسلم أو يهودي من تبوء المناصب العامة.) إلا أن فيليب أعاد تلك القوانين المقيدة للأجيال السابقة. [[حرب البشرات|فثار الموريسكيين]] في 1568. فأرسل فيليب قوات إيطالية لقمع تلك الثورة بقيادة [[دون خوان النمساوي]]، وحتى ذلك الحين فقد تراجع الموريسكيين إلى الجبال ولم يتم هزيمتهم إلا في 1570. وأعقب تلك الثورة برنامج إعادة توطين هائل بنقل 12,000 فلاح مسيحي واستبدال الموريسكيين. وفي سنة 1609 وبناء على نصيحة من [[دوق ليرما]] أمر [[فيليب الثالث]] [[طرد الموريسكيين من إسبانيا|بطرد 300,000 موريسكي من إسبانيا]].
 
لم يساعد طرد العمالة اليهودية او المورو أو المورسكيين في دفع عجلة الإقتصاد الإسباني. فاقتاتت مجموعات متفرقة من الموريسكيين إما على الزراعة بأطراف الجبال أو العمل في أمور غير ماهرين في بلد فيه نقص كبير من العمالة. فحاول مجلس قشتالة التقصي في المسألة فوجده أمر بسيط وليس ذو تأثير. ولكن هناك أجزاء من أراغون وخصوصا فالنسيا حيث كان يعيش فيها نصف الموريسكيين، وكانوا فيها أقلية كبيرة من السكان وتأثيرها ملحوظ بقوة خاصة لأصحاب الأراضي الذين فقدوا المستأجرين.
 
== الإدارة والبيروقراطية ==
تدفقت على إسبانيا كميات ضخمة من الذهب من مستعمراتها في العالم الجديد نهبت عند غزوهم تلك المناطق، وقد استخدمها كارلوس الأول لتمويل حروبه في أوروبا. وفي عقد 1520 بدأ باستخراج الفضة بكميات ضخمة من رواسب غنية في [[ولاية غواناخواتو]] في المكسيك، ولكن فتح مناجم أخرى في [[زاكاتيكاس]] بالمكسيك و[[بوتوسي]] في بيرو العليا (حاليا [[بوليفيا]]) في 1546 جعل الفضة ثروة اسطورية. تركت الحكومة الإسبانية حرية استخراج الفضة للشركات الخاصة ولكنها وضعت ضريبة سميت باسم الخمس الملكي {{إسبإسبانية|quinto real}} بحيث يكون للحكومة خمس المعادن المستخرجة. وقد نجح الإسبان نجاحا باهرا في جمع الضريبة من جميع أنحاء إمبراطوريتها المترامية في العالم الجديد. فجميع السبائك يجب أن تمر خلال غرفة التجارة الإسبانية في [[إشبيلية]]، وذلك بتوجيه من مجلس الإنديز. وتتحكم الدولة في تزويد [[زئبق]] [[المادن]] الذي هو أساسي [[ملغمة|لاستخراج الفضة]] من [[الخامات]]، وهو مما ساهم في صرامة السياسة الضريبية الإسبانية.
 
تسببت الديون في تعرض إسبانيا وباقي أوروبا ل[[تضخم اقتصادي]]، ولكن بعدها أنخفض مستوى الدين مع ارتفاع واردات الفضة. وقد أدار كارلوس معظم حروبه بالديون. وقد ظهر ذلك جليا بعد تنازله عن العرش بسنة أي في 1557 حيث اضطرت اسبانياإسبانيا لأول تأجيل سداد ديون، ووضعت نمط ممكن تكراره دائما عند حدوث آثار اقتصادية مدمرة.
 
استخدم بعض الاسبان في البداية فكرة القتل بالجملة والاستعباد في إجبار الهنود على تغيير دينهم. وبالرغم من أن البعض مثل [[بارتولومي دي لاس كاساس]] طالب بالمزيد من المعاملة الإنسانية لهم. مما قاد إلى الكثير من الجدل والعمل الحكومي، فأصدرت عدة قوانين مثل [[قوانين بورغوس]] و[[القوانين الجديدة]] وهناك تعديلات قانونية وتشريعية أخرى خففت نوعا ما ظروف هنود أمريكا، بما في ذلك إطلاق سراح جميع العبيد من سكان أمريكا الأصليين.
سطر 198:
[[ملف:Spanish Galleon.jpg|تصغير|200px|[[الغاليون]] الإسباني. رمز بحرية الإمبراطورية الإسبانية.]]
 
ولمواجهة تهديدات [[القرصنة]] المتزايدة، اعتمد الإسبان في 1564 نظام القوافل البحرية سابقة زمنها، بحيث تسافر [[أسطول المال الاسباني|أساطيل المال]] من أمريكا في ابريل وأغسطس من كل عام. أثبتت تلك السياسة فعاليتها وكانت ناجحة جدا. ولم تسقط من تلك القوافل إلا اثنتين فقط: الأولى في 1628 عندما استولى عليها الهولنديين، والأخرى في 1656 واستولى عليها الإنجليز، ولكن بحلول ذلك الوقت كانت قوافل هي صورة منعكسة ما كانت عليه اسبانياإسبانيا بذروتها في نهاية القرن الماضي. ومع هذا فكثيرا ماتعرضت تلك القوافل للهجوم، وتكون خسائرها نوعية. طبعا ليست كل أساطيل الشحن التابعة للإمبراطورية المبعثرة تكون محمية من قوافل حراسة كبيرة، فكانت فرصة [[قرصنة تفويضية|للقرصنة المفوضة]] من الهولنديين والإنجليز والفرنسيين وأيضا [[القراصنة]] المنفردين في مهاجمة السفن التجارية على طول السواحل الأمريكية والإسبانية ونهب المستوطنات المعزولة. بدأت تلك القرصنة تأخذ طابع وحشي لا سيما في عقد 1650، فسقطت جميع الأطراف إلى مستويات مرتفعة من الوحشية، وبمعايير قاسية في ذك الوقت. وقد كان رد فعل اسبانياإسبانيا هو استقدام أعداد كبيرة من القراصنة المفوضين وجعل دونكيرك التي استردوها قاعدة {{وإووصلة إنترويكي|لغ=en|تر=Dunkirk Raiders|عر=غزاة دونكيرك|نص=لغزاة دونكيرك}} لمهاجمة التجارة الهولندية والإنجليزية والفرنسية. وكان الجزء الأخطر هو حماية الحصون البرتغالية المتناثرة في أفريقيا وآسيا، والتي تعاني من نقص مزمن من الرجال. وقد ثبت أنه من الإستحالة عمل حماية كاملة لها، بسبب مشاركة اسبانياإسبانيا مشاركة كاملة في عدة جبهات، ولا يمكنها إلا أن تدخر القليل من الجنود لحماية الحصون. وأيضا اضطرت أن تواجه [[جهاد بحري|البحرية الإسلامية]] المتناثرة في المتوسط المدعومة عثمانيا، وهو تهديد أكبر بكثير من تهديد قراصنة الكاريبي والقرصنة الهولندية والشرقية المحيطة ب[[الفلبين]].
 
تتحكم اشبيبلية في انجازات توسع الامبراطورية الاسبانية في العالم الجديد، بدون توجيه مباشر من بلاط مدريد، حيث كان اهتمام كارلوس الأول وفيليب الثاني ينصب في المقام الأول على أوروبا، لذا كانت إدارة الأمريكتين يقوم بها {{وإووصلة إنترويكي|لغ=en|تر=viceroy|عر=نائب الملك|نص=نواب الملك}} والمسؤولون الاستعماريون الذي يديرون البلاد بحالة شبه استقلال ذاتي. فملوك هابسبورغ ينظرون إلى مستعمراتهم بأنها جمعيات إقطاعية وليست جزءا لا يتجزأ من اسبانيا، ولم يرغبوا بزيارة المستعمرات. فقد أجبرت أسرة هابسبورغ التي حكمت مناطق غير مترابطة ومتعددة بتفويض حكم المناطق الذاتية إلى إدارة محلية مكررة بذلك صورة السياسة الإقطاعية في إسبانيا، ولا سيما في [[بلاد الباسك]] و[[أراغون]]. وهذا يعني أن الإدارة المحلية هي التي تحدد الضرائب وتحسين البنية التحتية وسياسة التجارة الداخلية، مما أدى إلى حواجز جمركية داخلية ومكوس مختلفة وسياسات متضاربة بين أقاليم مملكة هابسبورغ. وقد تمكن كارلوس الأول وفيليب الثاني من السيطرة على البلاطات المختلفة من خلال قدرتهم السياسية المثيرة للإعجاب، ولكن سياسة فيليب الثالث والرابع الضعاف أدت إلى الخمول، أما كارلوس الثاني فقد كان غير قادر على السيطرة نهائيا. وقد كان وجود كارلوس وابنه فيليب خارج إسبانيا معظم وقتهم أعاق تطور اسبانيا. وأدارت كلا من [[بروكسل]] و[[أنتويرب]] إسبانيا في معظم القرن 16، وقد استقر فيليب في إسبانيا فقط خلال [[الثورة الهولندية]]، حيث أمضى معظم وقته في عزلة قصر [[إسكوريال]] الرهباني. فقد شهدت الإمبراطورية التي يمسكها ملك حازم يحافظ على البيروقراطية نكسة عندما جاء حاكم ليس بثقة إلى العرش. فكان فيليب الثاني لايثق بالنبلاء وأحبط جميع نزعاتهم بالإستقلال. ففي الوقت الذي عرض فيه الكتاب حلولا جديدة لمشاكل اسبانياإسبانيا مثل استخدام الري في الزراعة وتشجيع النشاط الاقتصادي، فإن النبلاء لم يخرج منهم أحدا يمكنه إحداث إصلاحات جدية.
 
إصطدم الملك كارلوس عند استلامه الحكم بالنبلاء خلال {{وإووصلة إنترويكي|لغ=en|تر=Castilian War of the Communities|عر=حرب العوام القشتالية}} عندما حاول أن يضخ بالحكومة مسئولين هولنديين وفلمنكيين. وأيضا واجه فيليب الثاني مقاومة عامة عند محاولته فرض سلطته على هولندا فساهمت في تمرد هذا البلد. وأيضا كان ينظر إلى [[غاسبار دي غوزمان]] دوق اوليفاريس رئيس وزراء فيليب الرابع على أنه ضروري لبقاء إسبانيا أن تكون مركز البيروقراطية. فحتى حين دعم اوليفاريس اتحادا كاملا للبرتغال مع اسبانياإسبانيا إلا أنه لم ينل فرصة لتحقيق أفكاره. فازدادت البيروقراطية تضخما وفسادا وقت إقالة اوليفاريس في 1643.
 
== الإقتصاد ==
[[ملف:Vista de Zaragoza en 1647.jpg|تصغير|300px|''منظر ل [[سرقسطة]]'' 1647. بريشة: خوان باتيستا مارتينيز دلمازو]]
عانت إسبانيا مثل معظم دول أوروبا من المجاعة والطاعون خلال القرنين 14 و15. وماأن تعافت من تلك الكوارث الديموغرافية بدءا من 1500 حتى بدأ أعداد السكان بالإنفجار. ف[[إشبيلية]] التي كان يقطنها 60,000 نسمة في 1500 ارتفع إلى 150,000 بحلول نهاية القرن. كانت هناك هجرة كبيرة إلى المدن الأسبانية حيث الفرص مثل بناء السفن والتجارة لخدمة الإمبراطورية الإسبانية المزدهرة. كان القرن 16 هو قرن التنمية في اسبانياإسبانيا حيث ازدهرت الزراعة والتجارة معا. فمع الصعوبات الداخلية فقد نما انتاج قشتالة من الحبوب والصوف، فهي غذت التوسع في عدد السكان. وتلك غذت صناعة الغزل والنسيج المحلي والتجارة مع هولندا المربحة. وازدهرت مدن قشتالة: [[برغش]] و[[شقوبية]] و[[قونكة]] و[[طليطلة]] مع التوسع في صناعات النسيج والتعدين. ونمت الثروة في [[سانتاندير]] على ساحل الأطلسي الشمالي، بسبب دورها التقليدي بأنها ميناء يربط المناطق الداخلية من البلاد مع شمال أوروبا وهو مركز لبناء السفن. وتمددت مدن الجنوب مثل [[قادش]] و[[إشبيلية]] بسرعة بسبب التجارة وبناء السفن بايعاز من المستعمرات الأمريكية. اما [[برشلونة]] فهي لاتزال واحدة من أكثر المدن الساحلية التجارية أهمية ورقيا في أوروبا منذ العصور الوسطى. وبحلول 1590 أضحى عدد سكان إسبانيا أعلى بكثير مما كان عليه في أي فترة سابقة. ثم بدأت قشتالة خلال العقد الأخير من القرن 16 تعاني من تلف المحاصيل ثم ضربها الطاعون في 1596 والذي أسفر عن أول تراجع خطير في عدد السكان. وتلك دورة تكررت عدة مرات في أجزاء مختلفة من البلاد في القرن 17{{efn|دخل الطاعون من السفن الآتية سانتاندير سنة 1596، من المحتمل أنه قدم من طاعون ابتليت به شمال غرب أوروبا. ثم انتشر جنوبا خلال الطرق الرئيسة حتى مركز قشتالة، فضرب مدريد 1599 ثم اشبيلية 1600 حتى تلاشى بالنهاية في مناطق إشبيلية النائية في 1602.}}.
 
وبنهاية القرن 16 كان التضخم في إسبانيا (نتيجة لديون الدولة والأهم استيراد الذهب والفضة من العالم الجديد) قد سبب معاناة كبيرة للفلاحين. فمتوسط تكلفة السلع تضاعفت خمس مرات في القرن 16 في إسبانيا، وأولها الصوف والحبوب. فحين ان الأسعار كانت معقولة بالمقارنة مع القرن 20، فإنها في القرن 15 تغيرت قليلا جدا، واهتز الاقتصاد الأوروبي بما يسمى [[ثورة الأسعار]]. فقد كانت أسبانيا مع إنجلترا هما المنتجان الوحيدان للصوف في أوروبا، وقد استفادتا في البداية من النمو السريع. إلا أنه قد بدأت في إسبانيا حركة [[تسييج]] كما في إنجلترا، مما خنق التوسع في الزراعة وهجرت قرى بأكملها فأجبر السكان على الانتقال إلى المدن. وأيضا كان ارتفاع معدل التضخم، وعبء حروب هابسبورغ والعديد من الرسوم الجمركية التي قسمت البلاد وقيدت التجارة مع الأمريكتين، مما خنق نمو الصناعة التي ربما قدمت مصدر بديل للدخل في المدن. وثمة عامل آخر هو الطبيعة العسكرية في نبلاء قشتالة، التي تطورت خلال القرون من حروبهم مع المسلمين لإستعادة شبه الجزيرة الايبيرية. فهم يفضلون وظائف في الإدارة الحكومية أو الجيش أو الكنيسة والابتعاد عن الأنشطة الاقتصادية. وهذا يعني أيضا أن عسكرية إسبانيا قد استنفدت ثرواتها ورجالها في حروب شبه مستمرة. وقد فعلت تلك الحروب تحت حكم فيليب الثاني الكثير في مكافحة البروتستانتية، ولكن في القرن 17 أصبح واضحا أنه لا يمكن استعادة العالم الذي كان قائما قبل 1517. أصبح هم حروب إسبانيا خلال هذا القرن هو الحفاظ ماأمكن على هيمنة تحالف هابسبورغ في أوروبا؛ والجدير بالإشارة إلى أن تحالف هابسبورغ قد نجح بشأن دعم الكنيسة الكاثوليكية ضد صعود البروتستانتية.
 
كانت مهنة رعي الأغنام منتشرة في قشتالة، وازدادت بسرعة مع ارتفاع أسعار الصوف بدعم من الملك. وكانت أغنام [[مارينو]] [[ترحال رعوي|تنتقل كل شتاء]] من جبال الشمال إلى الجنوب الدافئ متجاهلة مسارات حددتها الدولة تهدف إلى منع الماشية من الدوس على الأراضي الزراعية. وتجاهل فيليب الثاني شكاوى ضد رابطة الرعاة (Mesta) الذين يدفعون أرباح كبيرة من إيرادات الصوف. ولكن ارهاق أراضي قشتالة الزراعية بالرعي جعلها في نهاية المطاف قاحلة، مما جعل إسبانيا وبالذات قشتالة تعتمد على واردات الحبوب لتعويض نقص المحاصيل، وبسبب ارتفاع كلفة النقل وخطر القرصنة، أضحت أسعار المواد الغذائية في اسبانياإسبانيا أغلى من أي مكان آخر. ونتيجة لذلك ولم تكن الكثافة السكانية في اسبانياإسبانيا وفي قشتالة بالذات عالية بسبب الجفاف والأرض الصخرية. فالنمو السكاني في شبه الجزيرة الجبلية ابطأ بكثير من فرنسا. فقد كان عدد سكان فرنسا في عهد لويس الرابع عشر أكثر من اسبانياإسبانيا وانجلترا مجتمعة.
[[ملف:Pieter Bruegel the Elder- The Harvesters - Google Art Project.jpg|تصغير|300px|''الحصاد'' بريشة [[بيتر بروغل الأكبر]]]]
 
انتشر أداة الائتمان المالية في حركة التجارة الإسبانية في القرن 17. وتكمن مدينة [[أنتويرب]] [[هولندا الإسبانية|الهولندية]] في قلب التجارة الأوروبية، ومصرفييها هم الذين مولوا بالدين معظم حروب كارلوس الخامس وفيليب الثاني. فشاع استخدام "أرواق مقايضة" بحيث ازدادت بنوك أنتويرب قوة، وأدت إلى تكهنات واسعة النطاق مما ساعد على تضخم فارق الأسعار. وبالرغم من تلك النزعات التي وضعت الأساس لتطور الرأسمالية في أسبانيا وأوروبا إجمالا، إلا أن الإنعدام التام للتنظيم والفساد المتفشي جعل أصحاب الأراضي الصغيرة غالبا ما يفقدون كل شيء بضربة واحدة خاسرة. نمت {{وصلة إنترويكي|تر=Latifundium|عر=أملاك شاسعة|نص=أسعار العقارات}} تدريجيا في اسبانياإسبانيا وبالخصوص قشتالة، وأضحى الاقتصاد مع الوقت غير قادر على المنافسة، وخاصة خلال عهدي فيليب الثالث والرابع عندما هزت أزمات المضاربة المتكررة اسبانيا.
 
كانت الكنيسة الكاثوليكية منذ العصور الوسطى لها أهمية على الاقتصاد الاسباني. وازدادت تلك الأهمية قوة في عهدي فيليب الثالث والرابع، حيث تصيبهما نوبات قوية من التقوى والورع والعمل الخيري فيتبرعون إلى الكنيسة مناطق شاسعة من البلاد. ولم يفعل آل هابسبورغ اللاحقين شيئا لإعادة توزيع الأراضي. بحيث أضحت معظم قشتالة بحلول نهاية عهد كارلوس الثاني في أيدي قلة مختارة من ملاك الأراضي، وأكبر الملاك كانت هي الكنيسة. وتشير التقديرات إلى أن حيازات الكنيسة الإسبانية قد ازدادت نهاية القرن 17 لتشمل حوالي 20٪ من أراضي قشتالة ويقدر نسبة رجال الدين حوالي 10٪ من الذكور البالغين في قشتالة. فاتجهت سياسة الحكومة في عهد ال[[بوربون]] الذين خلفوا هابسبورغ للحد من أراضي الكنيسة الشاسعة والتي ينظر إليها في ذاك الوقت باعتبارها عائقا للتنمية في البلاد.
سطر 256:
*Various (1983). ''Historia de la literatura espanola''. Barcelona: Editorial Ariel
*Gallardo, Alexander (2002), "Spanish Economics in the 16th Century: Theory, Policy, and Practice", Lincoln, NE:Writiers Club Press,2002. ISBN 0-595-26036-5.
* {{citeمرجع bookكتاب | titleالعنوان= The Age of the Reformation | firstالأول= Preserved | lastالأخير= Smith | author-link= Preserved Smith | editor-first= Charles Homer | editor-last= Haskins | editor-link= Charles Homer Haskins | series= American Historical Series | yearالسنة= 1920 | publisherالناشر= Henry Holt and Company | locationالمكان= New York | oclc= 403814 | urlالمسار= https://books.google.com/books?id=_FcJAQAAIAAJ&pg=PA522 | ref= harv}}
 
{{شريط بوابات|تاريخ أوروبا|إسبانيا}}