أبو ذر الغفاري: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
وسمان: تحرير من المحمول تعديل ويب محمول
لا ملخص تعديل
سطر 1:
{{عن|الصحابي|شخصاً آخر|أبو ذر (توضيح)}}
{{معلومات صحابيراوي حديث
| اسم_الميلاد = جندب بن جنادة بن سفيان
|الاسم = أبو ذر الغفاري
|صورة الصورة = تخطيط اسم أبو ذر الغفاري.png
| تاريخ_الميلاد =
|تعليق = تخطيط اسم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه
| مكان_الميلاد =
|الاسم_الكامل = جندب بن جنادة بن سفيان
| تاريخ_الوفاة = [[32 هـ]]
|النسب = [[الغفاري]] [[كنانة|الكناني]]
| مكان_الوفاة = [[الربذة]]
|لقب = أبو ذر، محامي الفقراء
| الطبقة =
|تاريخ_الميلاد =
| الكنية = أبو ذر
|مكان_الميلاد = بلاد بني غفار في [[يثرب]]، [[شبه الجزيرة العربية]]
| اللقب =
|تاريخ_الوفاة = [[32 هـ]] / [[652]]م
| النسب = الغفاري الكناني
|مكان_الوفاة = الربذة، 100 كم جنوب شرق [[محافظة الحناكية]]، 200 كم شرق [[المدينة المنورة]]
| إشتهر_بأنه =
|مكان_الدفن =
| مرتبتة_عند_ابن_حجر=
|زوج(ة) =
| مرتبتة_عند_الذهبي =
|أولاد =
| تاريخ_الإسلام =
|أهل = '''أبوه''': جنادة الغفاري<br />'''أمه''': رملة بنت الوقيعة <br />'''إخوته لأبيه''': [[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أنيس بن جنادة]]، الصامت<br />'''إخوته لأمه''': عمرو بن عبسة السلمي
| عدد_الأحاديث = 281 حديث
|مهنة =
| الغزوات = [[غزوة حنين]]<br/>[[غزوة تبوك]]<br/>[[الفتح الإسلامي للشام]]
|تاريخ_الإسلام =
|معارك أبوه =
| أمه =
|أهم_الإنجازات =
| زوجاته =
|قال_عنه = مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلاَ أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ<br />رحم الله أبا ذَرّ يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده
| أبنائه =
|مكانته = رابع أو خامس المسلمين<br /> أحد وزراء النبي الأربعة عشر
| أقاربه = '''أخوه لأبيه''':<br/>[[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أنيس بن جنادة]]<br />'''أخوه لأمه''':<br/>[[عمرو بن عبسة]]
| روى_له =
| لم_يروى_عنه =
}}
 
'''أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري الكناني''' (توفيالمتوفي سنة [[32 هـ]]/) [[652صحابة|صحابي]]م)، من صحابةالسابقين النبيإلى محمد[[إسلام|الإسلام]]، صلىقيل اللهرابع عليهأو وسلم، وهو رابعخامس من دخل في الإسلام وقيل الخامس، وأول من حيا رسول الله بتحية الإسلام، وأحد الذين جهروا بالإسلام في [[مكة]] قبل [[الهجرة<ref>[http://islamqa النبوية]].info/ar/222788 سؤالقال رقمعنه 222788:[[الذهبي]] بعضفي فضائلترجمته أبيله ذرفي الغفاريكتابه رضي«[[سير اللهأعلام عنهالنبلاء]]»: -{{مض|كان موقعرأسًا إسلامفي سؤالالزُهد، ووالصدق، جواب]</ref><ref>[http://islamqa.info/ar/224263والعلم سؤالوالعمل، رقمقوّالاً 224623:بالحق، نبذةلا مختصرةتأخذه عن أبي ذر رضيفي الله عنهلومة -لائم، موقععلى إسلامحِدّةٍ سؤالفيه}}.<ref وname="الذهبي1" جواب]</ref>.
 
== اسمه ونسبهسيرته ==
===نشأته ونسبه===
* '''هو''' : '''جندب بن جنادة''' بن سفيان بن عبيد بن حرام بن '''غفار''' بن مليل بن '''ضمرة''' بن [[بكر بن عبد مناة]] بن '''[[كنانة بن خزيمة|كنانة]]''' بن [[خزيمة بن مدركة|خزيمة]] بن [[مدركة بن إلياس|مدركة]] بن [[إلياس بن مضر|إلياس]] بن '''[[مضر بن نزار|مضر]]''' بن [[نزار بن معد|نزار]] بن [[معد بن عدنان|معد]] بن '''[[عدنان]]'''، الغفاري [[كنانة|الكناني]].
نشأ أبو ذر الغفاري في مضارب قبيلته [[قبيلة غفار|غفار]] أحد بطون [[بكر بن عبد مناة|بني بكر بن عبد مناة بن كنانة]]، والتي كانت مضاربها على طريق القوافل بين اليمن والشام، واشتهرت بالسطو على القوافل. أما اسمه ونسبه فقد تضاربت فيه عدة أقوال فقيل أن اسمه هو جندب بن جنادة،<ref name="الذهبي1" /><ref name="المزي1" /><ref name="أسد">[http://shamela.ws/browse.php/book-1110#page-6121 أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزري - أبو ذر الغفاري]</ref> وقيل جندب بن السكن،<ref name="الذهبي1" /><ref name="المزي1" /><ref name="أسد" /> وقيل برير بن جنادة،<ref name="الذهبي1" /><ref name="المزي1" /><ref name="أسد" /> وقيل برير بن عبد الله،<ref name="الذهبي1" /><ref name="أسد" /> وقيل يزيد بن جنادة،<ref name="الذهبي1" /> وقيل برير بن جندب،<ref name="المزي1" /> وقيل برير بن عشرقة،<ref name="المزي1" /><ref name="أسد" /> وقيل جندب بن عبد الله،<ref name="المزي1" /><ref name="أسد" /> وقيل برير بن جنادة،<ref name="سعد2">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1295 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (2)]</ref> أما نسبه فقيل هو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة،<ref name="الذهبي1" /><ref name="المزي1" /><ref name="أسد" /><ref name="الإصابة1">[http://shamela.ws/browse.php/book-9767#page-3637 الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني - أبو ذرّ الغفاريّ (1)]</ref> وقيل جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.<ref name="المزي1" /><ref name="أسد" /> وقيل جندب بن جنادة بن كعيب بن صعير بن الوقعة بن حرام بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.<ref name="سعد1">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1294 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (1)]</ref> أما أمه فهي رملة بنت الوقيعة الغفارية،<ref name="المزي1" /><ref name="أسد" /><ref name="الإصابة2">[http://shamela.ws/browse.php/book-9767#page-3638 الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني - أبو ذرّ الغفاريّ (2)]</ref> وهو أخو [[عمرو بن عبسة|عمرو بن عبسة السُلمي]] لأمه.<ref name="المزي1" /><ref name="الإصابة2" />
* '''أمه''' : '''رملة بنت الوقيعة''' بن حرام بن '''غفار''' بن مليل بن '''ضمرة''' بن [[بكر بن عبد مناة]] بن '''[[كنانة بن خزيمة|كنانة]]''' بن [[خزيمة بن مدركة|خزيمة]] بن [[مدركة بن إلياس|مدركة]] بن [[إلياس بن مضر|إلياس]] بن '''[[مضر بن نزار|مضر]]''' بن [[نزار بن معد|نزار]] بن [[معد بن عدنان|معد]] بن '''[[عدنان]]'''، الغفارية [[كنانة|الكنانية]].
 
===إسلامه وصحبته للنبي محمد===
واختلف في اسمه على 3 أقوال، فقيل أن اسمه جندب، وقيل: السكن، وقيل: برير، وجمهور النسابة على أن اسمه: '''جندب'''. كما اختلف في اسم أبيه فقيل جنادة، وقيل عبد الله، وقيل السكن، وقيل عشرقة، والمشهور أنه: '''جنادة'''. وكذلك اختلف في اسم جده ووالد جده على عدة أقوال مع اتفاق جميع النسابين على أن نسبه ينتهي إلى بني '''غفار''' من [[بني ضمرة]] من قبيلة '''[[كنانة]]'''.
[[ملف:Abi zar mosque in meiss.JPG|تصغير|يسار|300بك|مسجد منسوب لأبي ذر الغفاري في [[ميس الجبل]] في [[جنوب لبنان]]]]
ويروي [[ابن ماجة]] أنّ [[محمد بن عبد الله|رسول الله]] قال لأبي ذَر: {{اقتباس مضمن|'''يا جُنَيْدِبْ'''}} بالتصغير<ref>رواه [[ابن ماجة]].</ref>.
كان أبو ذر الغفاري في [[جاهلية|الجاهلية]] يتكسب من قطع الطريق،<ref name="الذهبي2">[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=110&idfrom=130&idto=133&bookid=60&startno=1 سير أعلام النبلاء» الصحابة رضوان الله عليهم» أبو ذر (2)]</ref> وعُرف عنه شجاعته في ذلك، فكان يُغير بمفرده في وضح النهار على ظهر فرسه، فيجتاز الحي، ويأخذ ما أخذ.<ref name="سعد3">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1296 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (3)]</ref> ورغم مهنته تلك، كان [[توحيد الألوهية|موحدًا]]، ولا يعبد الأصنام.<ref name="سعد4">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1297 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (4)]</ref> وحين بلغته الأخبار بأن هناك من يدعو للتوحيد في [[مكة]]، سارع إلى [[إسلام|الإسلام]]، فكان من السابقين إلى الإسلام<ref name="الإصابة2" /> على خلاف أكان رابع أربعة أم خامس خمسة انضمامًا إلى الإسلام.<ref name="الذهبي1" /><ref name="المزي1" />
 
أما قصة إسلامه، فقد جائت على روايتين، الأولى أنه بلغه مبعث النبي [[محمد]]، فقال لأخيه [[أنيس بن جنادة الغفاري|أنيس]]: {{مض|اركب إلى [[مكة|هذا الوادي]]، فاعلم لي علم [[محمد|هذا الرجل]] الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني}}، فانطلق أنيس وسمع قوله، ثم رجع إلى أبي ذر، فقال له: {{مض|رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، ويقول كلامًا ما هو بالشعر}}، فقال أبي ذر: {{مض|ما شفيتني مما أردت}}، فتزوّد أبو ذر، وقدم مكة، والتمس النبي محمد وهو لا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل، فاضطجع فرآه [[علي بن أبي طالب|علي]] فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه، واستضافه ثلاثة أيام، ثم سأله عن سبب قدومه، قال أبو ذر: {{مض|إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا أن ترشدني، فعلت}}. ففعل علي فأخبره، فقال: {{مض|إنه حقّ، وإنه رسول الله {{ص}}، فإذا أصبحت فاتبعني، فإني إن رأيت شيئًا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي}}، ففعل، وانطلق يلحق به حتى دخل على النبي محمد، وسمع من قوله، فأسلم لوقته، ثم أمره النبي قائلاً: {{مض|ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري}}، فقال أبو ذر: {{مض|والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم}}، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته: {{مض|أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله}}، فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه، وأتى [[العباس بن عبد المطلب|العباس]]، فأكب عليه، وقال: {{مض|ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غفار! وأنه من طريق تجارتكم إلى الشام؟}}، فأنقذه منهم.<ref name="الذهبي1" /><ref name="الإصابة2" /><ref name="سعد5">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1298 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (5)]</ref><ref name="أسد" />
ويقال أن أبا ذر كان أخا عمرو بن عبسة السلمي لأمه.<ref>[[الإصابة في تمييز الصحابة]]، [[ابن حجر العسقلاني]]، (7/125).</ref>
 
انطلق بعدها أبو ذر إلى قومه امتثالاً لأمر النبي محمد لدعوتهم إلى الإسلام، وقد لبّى نصف قومه دعوته إلى الإسلام، وأقام فيهم يقيم معهم شعائر الإسلام، يؤمهم كبيرهم إيماء بن رحضة الغفاري، وبقي النصف الآخر على دينه حتى هاجر النبي محمد إلى [[يثرب]]، فأسلموا، وتبعتهم [[قبيلة أسلم]]، ثم وفدوا على النبي محمد، وفيهم أبو ذر الغفاري، فدعا لهم النبي محمد فقال: {{مض|غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله}}.<ref name="الذهبي1" /><ref name="سعد3" /> وكان مقدم أبي ذر على النبي محمد في [[المدينة المنورة]] بعد غزوتي [[غزوة بدر|بدر]] و[[غزوة أحد|أحد]].<ref name="سعد6">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1299 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (6)]</ref><ref name="الإصابة3">[http://shamela.ws/browse.php/book-9767#page-3639 الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني - أبو ذرّ الغفاريّ (3)]</ref> ما أن هاجر أبو ذر حتى لازم النبي محمد، وشاركه في [[غزوات الرسول محمد|غزواته]].<ref name="الذهبي1" /> حمل أبو ذر راية قبيلته غفار [[غزوة حنين|يوم حنين]]، ولما انطلق النفير ليجمع الرجال للمسير إلى قتال [[الإمبراطورية البيزنطية|الروم]] في [[غزوة تبوك]]، تحسس المسلمون المتخلفين عن الغزوة، ويُعلمون النبي محمد، فيقولون: {{مض|يا رسول الله، تخلّف فلان}}، فيقول: {{مض|دعوه، إن يكن فيه خير فسيلحقكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه}}. حتى قيل: {{مض|يا رسول الله، تخلف أبو ذر}}، وكان بعير أبي ذر قد أبطأ به، فقرر أن يأخذ متاعه، فجعله على ظهره، وخرج يتبع الجيش، ونظر ناظر، فقال: {{مض|إن هذا لرجل يمشي على الطريق}}، فقال النبي محمد: {{مض|كن أبا ذر}}، فلما تأمله القوم، قالوا: {{مض|هو والله أبو ذر}}، فقال النبي محمد: {{مض|رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده}}.<ref name="الذهبي2" /><ref name="أسد" /><ref name="الإصابة5">[http://shamela.ws/browse.php/book-9767#page-3641 الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني - أبو ذرّ الغفاريّ (5)]</ref>
== صفاته الخلقية ==
 
أثناء إقامته بالمدينة، كان أبو ذر يقوم على خدمة النبي محمد، حتى إذا فرغ من خدمته، أوى إلى [[المسجد النبوي|المسجد]] لينام. وجده النبي محمد يومًا وهو نائم في المسجد، فنكته برجله، فاستوى أبو ذر جالسًا، فقال النبي: {{مض|ألا أراك نائمًا؟}}، قال أبو ذر: {{مض|فأين أنام، هل لي من بيت غيره؟}}، فجلس النبي إليه، ثم قال: {{مض|كيف أنت إذا أخرجوك منه؟}}، قال أبو ذر: {{مض|ألحق بالشام؛ فإن الشام أرض الهجرة، وأرض المحشر، وأرض الأنبياء، فأكون رجلاً من أهلها}}، فقال النبي: {{مض|كيف أنت إذا أخرجوك من الشام؟}}، قال: {{مض|أرجع [[المسجد النبوي|إليه]]؛ فيكون بيتي ومنزلي}}، قال النبي: {{مض|فكيف أنت إذا أخرجوك منه الثانية؟}}، قال أبو ذر: {{مض|آخذ إذا سيفي فأقاتل حتى أموت}}، فكشّر النبي، وقال: {{مض|أدلك على خير من ذلك؟}}، قال: {{مض|بلى، بأبي وأمي يا رسول الله}}، فقال النبي: {{مض|تنقاد لهم حيث قادوك، حتى تلقاني وأنت على ذلك}}.<ref name="الذهبي2" /> ولما اتسعت رقعة دولة الإسلام في آخر حياة النبي محمد، سأل أبو ذر النبي محمد الإمارة، فأبى النبي وقال: {{مض|إنك ضعيف، وإنها خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها}}.<ref name="الذهبي2" /><ref name="سعد11">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1304 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (11)]</ref>
كان أبو ذر الغفاري طويلًا أسمر اللون نحيفًا.<ref name="الطبقات الكبير لابن سعد">الطبقات الكبير لابن سعد</ref> قال رجل من بني عامر بن صعصعة: " دخلتُ [[مسجد الخيف|مسجد منى]] فإذا شيخ معروق آدَم، عليه حُلّة قِطْري، فعرفت أنه أبو ذَر بالنعت."
 
===بعد وفاة النبي محمد===
وقال [[الأحنف بن قيس]] التميمي: " رأيتُ أبا ذرّ رجلًا طويلًا آدم أبيض الرأس واللحية ".<ref>الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج 2 - الصفحة 143</ref>
بعد وفاة النبي محمد، شارك أبو ذر في [[الفتح الإسلامي للشام]]، وشهد فتح [[القدس|بيت المقدس]] مع [[عمر بن الخطاب]]،<ref name="الذهبي1" /> وبعد الفتح أقام في الشام يُفتي الناس ويُعلّمهم أمور دينهم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ولكن في حِدّة.<ref name="الذهبي1" /> تسببت حدته تلك في فساد العلاقة مع [[معاوية بن أبي سفيان]] والي الشام حين اختلفوا في آية {{قرآن مصور|التوبة|34}} فيمن نزلت، حيث قال معاوية: {{مض|نزلت في أهل الكتاب}}، بينما قال أبو ذر: {{مض|نزلت فينا وفيهم}}،<ref name="سعد6" /> فكتب معاوية يشكوه إلى الخليفة [[عثمان بن عفان]] بأنه أفسد عليه الشام، فطلبه عثمان؛ فخرج أبو ذر إلى المدينة.<ref name="سعد7">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1300 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (7)]</ref> أقام أبو ذر في المدينة يدعو الناس بنفس المنهج الحاد، مما دعا الخليفة عثمان لمعاملته معاملة خاصة يغالبها الحذر. حتى إذا كان يوم كان فيه أبو ذر عند باب عثمان ليؤذن له، إذ مر به رجل من قريش، فقال: {{مض|يا أبا ذر، ما يجلسك هاهنا؟}}، قال أبو ذر: {{مض|يأبى هؤلاء أن يأذنوا لنا}}، فدخل الرجل فقال: {{مض|يا أمير المؤمنين، ما بال أبي ذر على الباب؟}}. فأذن له، فجاء حتى جلس، فإذا عثمان يسأل [[كعب الأحبار]] في ميراث يُقسّم: {{مض|أرأيت المال إذا أدي زكاته، هل يخشى على صاحبه فيه تبعة؟}}، فقال كعب: {{مض|لا}}، فقام أبو ذر فضربه بعصا، ثم قال: {{مض|يا ابن اليهودية، تزعم أن ليس عليه حق في ماله، إذا آتى زكاته، والله يقول: {{قرآن مصور|الحشر|9}}. ويقول: {{قرآن مصور|الإنسان|8}}}}، وجعل يذكر نحو ذلك من [[القرآن]]، فقال عثمان للقرشي: {{مض|إنما نكره أن نأذن لأبي ذر من أجل ما ترى}}.<ref name="الذهبي3" /> لم يستطع أبو ذر أن يتأقلم مع ذلك، واستئذن عثمان للخروج للإقامة في [[الربذة]]،<ref name="سعد7" /> فأذن له؛ فخرج إليها.<ref name="الذهبي3">[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=110&idfrom=130&idto=133&bookid=60&startno=2 سير أعلام النبلاء» الصحابة رضوان الله عليهم» أبو ذر (3)]</ref>
 
===وفاته===
== حاله في الجاهلية ==
[[ملف:قبر أبي ذر الغفاري.jpeg|تصغير|يسار|300بك|قبر أبي ذر في [[الربذة]].]]
كان أبو ذَرّ يتعبد في الجاهليّة يقول: لا إله إلاّ الله، وكان لا يعبد الأصنام.<ref name="الطبقات الكبير لابن سعد"/>
توفي أبو ذر الغفاري في ذي الحجة سنة 32 هـ في [[الربذة]]،<ref name="الذهبي4" /><ref name="المزي2" /><ref name="أسد" /><ref name="الإصابة5" /> وكان أبو ذر لما حضرته الوفاة، قد أوصى امرأته وغلامه، فقال: {{مض|إذا مت فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولا: هذا أبو ذر}}. فلما مات فعلا به ذلك، فإذا ركب من أهل [[الكوفة]] فيهم [[عبد الله بن مسعود]]، فسأل: {{مض|ما هذا؟}}، قيل جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وتذكر قول النبي محمد: {{مض|يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده}}.<ref name="الذهبي2" /> فصلى عليه،<ref name="المزي2" /><ref name="أسد" /><ref name="الإصابة5" /> وألحده بنفسه.<ref name="الذهبي4" />
 
أما صفته، فقد كان أبو ذر الغفاري رجلاً آدمًا ضخمًا جسيمًا، كث اللحية،<ref name="المزي1" /> طويلاً، أبيض الشعر واللحية،<ref name="الذهبي1" /><ref name="سعد10">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1303 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (10)]</ref> نحيفًا.<ref name="الإصابة3" /> وقد ترك من الذرية بنتًا واحدة<ref name="سعد12">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1308 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (12)]</ref> ضمها عثمان بن عفان إلى عياله بعد وفاة أبي ذر.<ref name="الذهبي4" /> وكان أبو ذر آية في الزهد وحب الفقراء، فكان عطاؤه من بيت المال أربعة آلاف، فكان إذا أخذ عطاءه، يدعو خادمه، فيسأله شراء ما يكفيهم للسنة، ثم يستبدل باقي المال بفلوس يفرقها على الفقراء، ويقول: {{مض|إنه ليس من وعاء ذهب ولا فضة يوكى عليه إلا وهو يتلظى على صاحبه}}.<ref name="الذهبي4" /><ref name="سعد9">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1302 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (9)]</ref>
كما كان أبو ذر رجلا يصيب الطريق، وكان شجاعًا يتفرّد وحده يقطع الطريق ويُغير على الصِّرم في عماية الصبح على ظهر فرسه أو على قدميه كأنه السبع، فيطرق الحي ويأخذ ما أخذ.<ref name="سير أعلام النبلاء">سير أعلام النبلاء</ref>
 
==روايته للحديث النبوي==
== إسلامه ==
*'''روى عن''': النبي [[محمد]]<ref name="الإصابة4">[http://shamela.ws/browse.php/book-9767#page-3640 الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني - أبو ذرّ الغفاريّ (4)]</ref> و[[معاوية بن أبي سفيان]].<ref name="المزي1">[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=1857&pid=660025 تهذيب الكمال للمزي » أَبُو ذر الغفاري (1)]</ref>
[[ملف:قبر أبي ذر الغفاري.jpeg|تصغير|يسار|300بك|قبر أبي ذر في [[الربذة]] ب[[المدينة المنورة]]]]
*'''روى عنه''': [[أنس بن مالك]] و[[عبد الله بن عباس]] و[[أبو إدريس الخولاني]] و[[زيد بن وهب|زيد بن وهب الجهني]] و[[الأحنف بن قيس]] و[[جبير بن نفير]] وعبد الرحمن بن تميم و[[سعيد بن المسيب]] وابن خالته خالد بن وهبان وابن أخيه عبد الله بن الصامت و[[خرشة بن الحر]] وزيد بن ظبيان وأبو أسماء الرحبي و[[أبو عثمان النهدي]] و[[أبو الأسود الدؤلي]] والمعرور بن سويد و[[يزيد بن شريك|يزيد بن شريك التيمي]] وأبو مراوح الغفاري و[[عبد الرحمن بن أبي ليلى]] وعبد الرحمن بن حجيرة الخولاني وعبد الرحمن بن شماسة المُهري و[[عطاء بن يسار]]<ref name="الإصابة4" /> و[[حذيفة بن أسيد|حذيفة بن أسيد الغفاري]] و[[عبد الله بن عمر بن الخطاب]] و[[أبو مسلم الخولاني]] و[[ربعي بن حراش]] و[[زر بن حبيش]] وأبو سالم الجيشاني و[[عبد الرحمن بن غنم|عبد الرحمن بن غنم الأشعري]] وقيس بن عباد البصري و[[سويد بن غفلة]] وصعصعة بن معاوية التميمي وعبد الله بن شقيق العقيلي و[[عبيد بن عمير الليثي]] وغضيف بن الحارث وعاصم بن سفيان الثقفي و[[عبيد بن الخشخاش]] وأبو مسلم الجذمي و[[موسى بن طلحة بن عبيد الله]] وأبو الشعثاء المحاربي و[[مورق العجلي]] وأبو الأحوص المدني مولى بني ليث و[[أبو بصرة الغفاري]] و[[أبو العالية الرياحي]] ويزيد بن الحوتكية وجسرة بنت دجاجة العامرية<ref name="الذهبي1">[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=130&idto=133&bk_no=60&ID=110 سير أعلام النبلاء» الصحابة رضوان الله عليهم» أبو ذر (1)]</ref> وأسامة بن سلمان وأهبان ابن امرأة أبي ذر وزيد بن يثيع و[[سلمة بن الأكوع]] و[[شهر بن حوشب]] وعبد الله بن وديعة الأنصاري وعمرو بن بجدان العامري و[[عمرو بن ميمون]] ومالك بن زبيد الهمداني ومرثد الذماري و[[معاوية بن حديج]] ونعيم بن قعنب ويحيى بن معمر وأبو تميم الجيشاني وأبو زرعة بن عمرو بن جرير وأبو سريحة الغفاري وأبو سلام الأسود وأبو عبد الله الجسري وأبو عبد الرحمن الحبلي وأبو علي الأزدي وأبو مروان الأسلمي.<ref name="المزي1" />
[[ملف:Abi zar mosque in meiss.JPG|تصغير|يسار|300بك|المسجد المنسوب لأبي ذر الغفاري في [[ميس الجبل]] في [[جنوب لبنان]]]]
*'''أحاديثه''': عدّ [[بقي بن مخلد]] في مسنده 281 حديثًا لأبي ذر، [[متفق عليه|اتفق]] [[محمد بن إسماعيل البخاري|البخاري]] و[[مسلم بن الحجاج|مسلم]] على اثني عشر حديثًا منها، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بتسعة عشر حديثًا،<ref name="الذهبي4">[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=110&idfrom=130&idto=133&bookid=60&startno=3 سير أعلام النبلاء» الصحابة رضوان الله عليهم» أبو ذر (4)]</ref> كما [[رواه الجماعة|روى له الجماعة في كتبهم]].<ref name="المزي2">[http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=1857&pid=660025 تهذيب الكمال للمزي » أَبُو ذر الغفاري (2)]</ref>
قدم أبو ذر على رسول الله وهو بمكّة، فأسلم ثم رجع إلى قومه فكانَ يَسْخَر بآلهتهم؛ ثم إنه قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينة فلما رآه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وَهم في اسمه فقال: {{اقتباس مضمن|أَنْتَ أَبُو نَمْلَة}}. فقال: "أنا أبو ذر". قال: {{اقتباس مضمن|نَعَمْ أَبُو ذَرّ}}.
 
==علمه ومكانته==
وروي أن أبا ذر قال: "كنتُ في الإسلام خامسًا"، وروي عنه أنه قال: "أنا رُبُع الإسلام". وقال حكّام ابن أبي الوضّاح البصريّ : "كان إسلام أبي ذرّ رابعًا أو خامسًا." <ref name="الطبقات الكبير لابن سعد"/>
كان أبو ذر حريصًا على التعلم من النبي محمد، فكان يُكثر سؤاله،<ref name="الذهبي2" /> حتى أصبح أبو ذر علمًا مُقدّمًا للفتوى على عهد [[أبو بكر الصديق|أبي بكر]] و[[عمر بن الخطاب|عمر]] و[[عثمان بن عفان|عثمان]]،<ref name="الذهبي1" /> بل وكان يُعد موازيًا [[عبد الله بن مسعود|لابن مسعود]] في علمه، مما دعا الخليفة الثاني عُمر أن يفرض له فرضًا كأهل [[غزوة بدر|بدر]] رغم أنه لم يشهدها.<ref name="المزي2" /><ref name="الإصابة5" /> كان [[علي بن أبي طالب]] يرى أن أبا ذر كان على قدر كبير من العلم، إلا أنه لم يُخرجه إلى طُلابه، فقال: {{مض|أبو ذر وعاء ملئ علمًا، أوكى عليه، فلم يخرج منه شيء حتى قُبض}}.<ref name="الذهبي2" /><ref name="المزي2" /><ref name="الإصابة4" />
 
أما عن مكانته، فقد حظي أبو ذر بمكانة خاصة عند النبي محمد، فيروي [[أبو الدرداء]] أن النبي محمد كان يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده إذا غاب،<ref name="الذهبي2" /> كما أردفه النبي خلفه يومًا على حماره،<ref>[http://islamport.com/w/mtn/Web/189/869.htm إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري - حديث رقم:5472]</ref> وقد سمع [[عبد الله بن عمرو بن العاص]] النبي محمد يقول: {{مض|ما أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر}}،<ref name="المزي1" /><ref name="الذهبي2" /><ref name="سعد8">[http://shamela.ws/browse.php/book-1686#page-1301 الطبقات الكبرى لابن سعد - أبو ذر (8)]</ref><ref name="الإصابة4" /> ويروي [[أبو هريرة]] عن النبي قوله: {{مض|من سره أن ينظر إلى تواضع [[عيسى بن مريم]]، فلينظر إلى أبي ذر}}.<ref name="الذهبي2" /> وقال عنه علي بن أبي طالب: {{مض|لم يبق أحد لا يبالي في الله لومة لائم، غير أبي ذر}}، ثم ضرب بيده على صدره وقال ولا نفسي.<ref name="الذهبي3" /><ref name="سعد11" />
يروي أبو ذر قصة إسلامه قائلا: "خرجنا من قومنا غفار وكانوا يُحِلّون الشهرَ الحرامَ، فخرجتُ أنا وأخي [[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أُنيس]] وأُمّنا فانطلقنا حتى نزلنا على خالٍ لنا فأكرمنا خالُنا وأحسن إلينا، قال فحسدنا قومُه فقالوا له: إنّك إذا خرجتَ عن أهلك خالف إليهم [[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أُنيس]]. قال فجاء خالنا فنثا علينا ما قيل له فقلتُ: أما ما مضى من معروف فقد كدّرت ولا جماعَ لك فيما بعدُ. قال فقرّبنا صِرْمَتَنا فاحتملنا عليها وتغطّى خاُلنا بثوبه وجعل يبكي، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة [[مكة]]، فنافر [[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أُنيس]] عن صِرْمتنا وعن مثلها فأتيا الكاهن فخبَر أُنيسًا بما هو عليه، قال فأتانا بصرمتنا ومثلها معها وقد صلّيتُ يابن أخي قبل أن ألْقى رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثلاث سنين، فقلتُ: لمن؟ قال: لله. فقلتُ: أين تَوَجّهُ؟ قال: أتَوَجّهُ حيث يُوَجّهُني الله، أصلّي عشاءً حتى إذا كان من آخر السّحَرِ أُلْقيتُ كأنْي خفاءٌ حتى تعلوني الشمس. فقال [[أنيس بن جنادة|أُنيس]]: إنّ لي حاجة بمكّة فاكْفِني حتى آتيَك. فانطلق [[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أُنيس]] فراث عَلَيَّ، يعني أبطأ، ثمّ جاء فقلتُ: ما حبسك؟ قال: لقيتُ رجلًا بمكّة على دينك يزعم أنّ الله أرسله. قال: فما يقول الناس له؟ قال: يقولون شاعر كاهن ساحر. وكان [[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أُنيس]] أحد الشعراء، فقال [[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أُنيس]]: والله لقد سمعتُ قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعتُ قوله على أقراء الشّعْر فلا يلتئِمُ على لسان أحدٍ بعيد أنّه شعر، والله إنّه لصادق وإنّهم لكاذبون! فقلتُ اكفني حتى أذهب فأنظر! قال: نعم، وكُنْ من أهل [[مكة]] على حَذَرٍ فإنّهم قد شَنِفُوا له وتَجهَّمُوا له. فانطلقتُ فقدمتُ [[مكة]] فاستضعفتُ رجلُا منهم فقلتُ أين هذا الذي تَدْعونَ الصابئ؟ قال فأشار إليّ فقال: هذا الصابئ. فمال عليّ أهلُ الوادي بكلّ مَدَرَةٍ وعَظْمٍ فخررتُ مغشيًّا عليّ فارتفعتُ حين ارتفعتُ كأنّي نَصْب أحمر، فأتيتُ زمزمَ فشربتُ من مائِها وغسلتُ عني الدّماء فلبثتُ بها يا بن أخي ثلاثين من بين ليلةٍ ويومٍ ما لي طعام إلاّ ماء زمزم، فسَمِنْتُ حتى تكسّرتْ عُكَنُ بطني وما وجدتُ على كبدي سَخْفَة جوعٍ. قال فبينا أهلُ [[مكة]] في ليلةٍ قَمْراءَ إضْحِيان إذ ضرب اللهُ على أصْمِخَتِهِم فما يطوف بالبيت أحد منهم غير امرأتين فأتتا عليّ وهما تدعوان إسافًا ونائلَةَ. قال فقلتُ أنْكِحا أحدهما الآخر، فما ثناهما ذاك عن قولهما. قال: فأتتا عليّ فقلتُ هَنًا مثلُ الخشَبَةِ غير أني لم أكْنِ، فانطلقتا تُوَلْوِلان وتقولان: لو كان هاهنا أحد من أنفارنا. قال فاستقبلهما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر وهما هابطان من الجبل فقال: {{اقتباس مضمن|ما لكما؟}} قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها، قال: {{اقتباس مضمن|فما قال لكم؟}} قالتا قال لنا كلمة تَمْلأ الفَمَ. فجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وصاحبه فاستلما الحجَرَ وطافا بالبيت ثمّ صلّى فأتيتُه حين قضى صلاتَه فكنتُ أوّل من حيّاه بتحيّة الإسلام، فقال: {{اقتباس مضمن|وعليك رحمة الله، ممّن أنت؟}} قال قلتُ: من غِفار فأهْوى بيده إلى جَبْهَته هكذا. قال قلتُ في نفسي: "كَرِهَ أني انتميتُ إلي غِفار". فذهبتُ آخذ بيده فَقَدَعَنى صاحبه وكان أعلم به مني فقال: {{اقتباس مضمن|متى كنتَ هاهنا؟}} قلتُ: كنتُ هاهنا منذ ثلاثين من بين ليلةٍ ويوم، قال: {{اقتباس مضمن|فمن كان يُطْعِمُك؟}} قال قلتُ: ما كان لي طعام إلاّ ماء زمزم فسَمِنْتُ حتى تكسّرت عُكَنُ بطني فما وجدتُ على كبدي سَخْفَةَ جوعٍ. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|إنّها مباركة، إنّها طعام طُعْمٍ".}}. قال أبو بكر: يا رسول الله ائْذَنْ لي في طعامه الليلةَ، قال ففعل فانطلق النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وأبو بكر وانطلقتُ معهما، ففتح أبو بكر بابًا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف. فقال أبو ذرّ: فذاك أوّل طعامٍ أكلتُه بها.
 
== المراجع ==
قال خفاف بن إيماء بن رحضة وكان سيد بني غفار الكنانيين: "إن الله قذف في قلب أبي ذر الإسلام وسمع النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وهو يومئذٍ بمكّة يدعو مختفيًا، فأقبل يسأل عنه حتى أتاه في منزله، وقبل ذلك قد طلب مَن يوصله إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلم يجد أحدًا فانتهى إلى الباب فاستأذن فدخل، وعنده [[أبو بكر]] وقد أسلم قبل ذلك بيوم أو يومين، وهو يقول: " يا رسول الله والله لا نستسرّ بالإسلام وَلنُظْهِرَنّه". فلا يردّ عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، شيءًا فقال: " يا محمد إِلاَمَ تدعو؟ " قال: {{اقتباس مضمن|إلى الله وَحْدَه لا شريك له وخَلْعِ الأوثان وتشهد أني رسول الله}}. فقال: " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّك رسول الله". ثمّ قال أبو ذرّ: "يا رسول الله إني منصرف إلى أهلي وناظرٌ متى يُؤمَرُ بالقتال فألحَقُ بك فإني أرى قومك عليك جميعًا". فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|أصبتَ فانصرف}}. فكان يكون بأسفل [[ثنية غزال|ثنيّة غَزال]] فكان يعترض لعِيَرات [[قريش]] فيقتطعها فيقول: " لا أردّ إليكم منها شيئًا حتى تشهدوا ألاّ إلهَ إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله "، فإن فعلوا ردّ عليهم ما أخذ منهم وإن أبوا لم يَرُدّ عليهم شيءًا. فكان على ذلك حتى هاجر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ومضت [[غزوة بدر]] و[[غزوة أحد]]، ثمّ قدم فأقام بالمدينة مع النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم".
 
وقال نَجيح أبو معشر قال: كان أبو ذَرّ يَتَألّهُ في الجاهليّة ويقول: لا إله إلاّ الله، ولا يعبد الأصنام. فمرّ عليه رجل من أهل مكّة بعدما أوحي إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم. فقال: يا أبا ذرّ إنّ رجلًا بمكّة يقول مثل ما تقول لا إله إلاّ الله، ويزعم أنّه نبيّ. قال: ممّن هو؟ قال: من [[قريش]]، قال فأخذ شيءًا من بَهْشٍ وهو المُقْلُ فتزوّده حتى قدم مكّة فرأى [[أبو بكر الصديق|أبا بكر]] يُضيف الناس ويُطْعِمُهُم الزبيب، فجلس معهم فأكل ثمّ سأل من الغد: هل أنكرتم على أحدٍ من أهل مكّة شيءًا؟ فقال رجل من بني هاشم: نعم ابن عمّ لي يقول لا اله إلاّ الله ويزعم أنّه نبيّ. قال: فدُلّني عليه قال فدلّه، والنبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، راقد على دُكّان قد سدل ثوبَه على وجهه، فنبّهه أبو ذرّ فانتبه فقال: انْعَمْ صباحًا، فقال له النبيّ: "عليك السلام"، قال له أبو ذرّ: أنْشِدْني ما تقول، فقال: "ما أقول الشعر ولكنّه القُرآنُ، وما أنا قلتُه ولكنّ الله قاله"، قال: اقْرَأ عليّ. فقرأ عليه سورة من القرآن فقال أبو ذرّ أشهد ألاّ إله ألاّ الله وأشهد أنّ محمدًا رسوله. فسأله النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|ممّن أنت؟}} فقال: من بني غفار. قال فعجب النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، أنّهم يقطعون الطريق، فجعل النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، يرفع بَصَرَه فيه ويصوّبه تعجبًا من ذلك لِما كان يعلم منهم ثمّ قال: {{اقتباس مضمن|إن الله يَهْدي مَن يشاء"}}. فجاء [[أبو بكر]] وهو عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبره بإسلامه فقال له [[أبو بكر]]: "أليس ضيفي أمْسِ؟" فقال:" بلى"، قال: "فانْطلقْ معي". فذهب مع [[أبو بكر الصديق|أبي بكر]] إلى بيته فكساه ثوبين ممشّقين.
 
=== إسلام قومه بني غفار بدعوته ===
قال فغبرتُ ما غبرتُ فلقيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: {{اقتباس مضمن|إنّه قد وُجّهْتُ إلى أرضٍ ذاتِ نخل ولا أحْسِبُها إلاّ يثرب، فهل أنت مبْلِغٌ عني قومك، عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟}} فانطلقتُ حتى لقيتُ أخي [[أنيس بن جنادة الغفاري الكناني|أنيسا]] فقال: " ما صنعتَ؟" قلتُ: " صنعتُ أني قد أسلمتُ وصدّقتُ". قال أُنيس: "ما بي رغبةٌ عن دينك فإني قد أَسلمتُ وصدّقتُ". قال فأتينا أمّنا فقالت: ما بي رغبةٌ عن دينكما فإنّي قد أسلمتُ وصدّقتُ قال فاحتملنا فأتينا قومَنا فأسلم نِصْفُهم قبل أن يقدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينة. وكان يؤمّهم إيماءُ بن رَحَضَةَ، وكان سيّدهم، وقال بقيّتهم: إذا قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينةَ أسلمنا. فقدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم بقيّتهم وجاءت [[قبيلة أسلم|أسْلَمُ]] وكانوا حلفاء غفار فقالوا: يا رسول الله، إخوتنا، نُسْلِمُ على الذي أسلم إخوتُنا. فأسلموا فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|غِفارٌ غَفَرَ الله لها وأسْلَمُ سالَمها الله}}.
 
=== جهره بالإسلام في مكة ===
 
بعد أن ضيف [[أبو بكر الصديق]] أبا ذر في منزله أقام أيَامًا ثمّ رأى امرأة تطوف بالبيت وتدعو بأحسن دُعاء في الأرض تقول: " أعْطني كذا وكذا وافعلْ بي كذا وكذا"، ثمّ قالت في آخر ذلك: "يا إساف ويا نائلة"، قال أبو ذرّ: " أنْكِحي أحدهما صاحبه". فتعلّقت به وقالت: " أنت صابئٌ". فجاء فِتْيَةٌ من [[قريش]] فضربوه، وجاء ناس من بني [[بكر بن عبد مناة]] بن [[كنانة]] - وبنو غفار من بني بكر - فنصروه وقالوا: " ما لصاحبنا يُضرَبُ وتتركون صُباتَكم؟ " فتحاجَزوا فيما بينهم.
 
فجاء إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: " يا رسول الله أمّا [[قريش]] فلا أدعُهم حتى أثْأرَ منهم، ضربوني". فخرج حتى أقام بعسفان وكلّما أقبلت عِيرٌ [[قريش|لقريش]] يحملون الطعام يُنَفِّرُ بهم على [[ثنية غزال|ثنيّة غَزال]] فتلقى أحمالها فجمعوا الحِنَطَ، قال يقول أبو ذرّ لقومه: " لا يمسّ أحد حَبّة حتى تقولوا لا إله إلاّ الله "، فيقولون لا إله إلا الله ويأخذون الغرائر.<ref>الطبقات الكبرى - محمد بن سعد - ج 4 - الصفحة 224</ref>
 
== حادثته مع معاوية وعثمان ==
قال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|يا أبا ذرّ كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يستأثرون بالفئ؟}} فقال أبو ذر: "إذًا والذي بعثك بالحقّ أضرب بسيفي حتى ألحق به". فقال: {{اقتباس مضمن|أفلا أدُلّك على ما هو خير من ذلك؟ اصْبِرْ حتى تلقاني}}.
 
وقال زيد بن وهب : مررتُ بالرّبَذةِ فإذا أنا بأبي ذرّ، فقلتُ ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنتُ بالشأم فاختلفتُ أنا و[[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] في هذه الآية: '''{{قرآن مصور|التوبة|34}}'''<ref>[[القرآن الكريم]], [[سورة التوبة]], [[الآية]] 34.</ref>.، وقال [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]]: "نَزَلَتْ في [[أهل الكتاب]]"، قال فقلتُ "نَزَلَتْ فينا وفيهم". قال فكان بيني وبينه في ذلك كلام فكتب يشكوني إلى [[عثمان بن عفان|عثمان]]، قال فكتب إليّ [[عثمان بن عفان|عثمان]] أن أقدم المدينة، فقدمتُ المدينةَ وكَثُر الناسُ علي كأنّهم لم يَرَوْني قبل ذلك. قال فذُكِرَ ذلك لعثمان فقال لي: إن شئتَ تنحّيتَ فكنتَ قريبًا. فذاك أنزلني هذا المنزل ولو أُمّرَ عليّ حَبَشيّ لسمعتُ ولأطَعْتُ.
 
وقال محمّد بن سيرين أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال لأبي ذرّ: {{اقتباس مضمن|إذا بلغ البِنَاءُ سَلْعًا فاخرج منها}}، ونحا بيده نحو الشام، {{اقتباس مضمن| ولا أرى أمراءك يَدَعونَك!}} قال: " يا رسول الله أفلا أقاتل مَن يحول بيني وبين أمرك؟" قال: {{اقتباس مضمن|لا}}، قال: "فما تأمرني؟" قال: {{اقتباس مضمن|اسْمَعْ واطِعْ ولو لعبدٍ حَبَشيّ}}. قال: فلمّا كان ذلك أرسل [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] إلى عثمان: "إنّ أبا ذرّ قد أفسد الناس بالشأم"، فبعث إليه [[عثمان بن عفان|عثمان]] فقدم عليه، ثمّ بعثوا أهله من بعده فوجدوا عنده كيسًا أو شيءًا فظنّوا أنّها دراهم، فقالوا: ما شاء الله! فإذا هي فلوس. فلمّا قدمَ المدينةَ قال له [[عثمان بن عفان|عثمان]]: "كُنْ عندي تغدو عليك وتروح اللقاح"، قال: "لا حاجة لي في دنياكم"، ثمّ قال: ائْذَنْ لي حتى أخرج إلى الرّبَذَة"، فأذن له فخرج إلى الربذة وقد أقيمت الصلاةُ وعليها عبدٌ لعثمان حبشيّ فتأخّر فقال أبو ذرّ: تَقَدّمْ فصلّ فقد أُمِرْتُ أن أسْمَعَ وأطيعَ ولو لعبدٍ حَبشيّ فأنت عبد حبشيّ".
 
وقال عبد الله بن سيدان السّلَميّ: "تَناجى أبو ذر و[[عثمان بن عفان|عثمان]] حتى ارتفعت أصواتهما، ثم انصرف أبو ذرّ متبسّمًا فقال له الناس: "ما لك ولأمير المؤمنين؟" قال: "سامعٌ مُطيعٌ ولو أمرني أن آتيَ [[صنعاء]] أو [[عدن]] ثمّ استطعتُ أن أفعل لفعلتُ"، وأمره عثمان أن يخرج إلى الرّبَذَة.
 
وقال عبد الله بن الصامت الغفاري ابن أخي أبي ذر قال: دخلتُ مع أبي ذرّ في رَهْطٍ من غِفار على [[عثمان بن عفان|عثمان]] من الباب الذي لا يُدْخَلُ عليه منه، قال: وَتَخَوَّفْنَا [[عثمان بن عفان|عثمان]] عليه، قال فانتهى إليه فسلّم عليه، قال: ثمّ ما بدأه بشيء إلاّ أن قال: "أحَسِبْتَني منهم يا أمير المؤمنين؟ والله ما أنا منهم ولا أدركهم، لو أمرتَني أن آخذ بِعَرْقُوَتَيْ قَتَبٍ لأخذتُ بهما حتى أمرتَ". قال ثمّ استأذنه إلى الرّبَذَةِ، فقال له [[عثمان بن عفان|عثمان]]: "نعم نأذن لك ونأمر لك بنَعَمٍ من نعم الصدقة فتُصيبُ من رِسْلها". فقال فنادى أبو ذرّ: "دونكم معاشر [[قريش]] دنياكم فاعْذَمُوها لا حاجة لنا فيها". قال فما بزاه بشيء. قال فانطلق وانطلقتُ معه حتى قدمنا الرّبَذَةَ، قال: فصادفنا مولًى لعثمان غلامًا حبشيًّا يؤمّهم فنُودِيَ بالصلاة فتقدّم فلمّا رأى أبا ذرّ نكص، فأومأ إليه أبو ذرّ: تَقَدّمْ فصلّ. فصلّى خلفه أبو ذرّ.
 
وقال [[الأحنف بن قيس]] التميمي قال: أتيتُ المدينةَ ثمّ أتيتُ الشأم فَجمَّعت فإذا أنا برجل لا ينتهي إلى سارية إلا فَرَّ أهلها، يصلّي ويُخِفّ صلاته، قال فجلستُ إليه فقلتُ له: "يا عبد الله مَن أنت؟" قال: أنا أبو ذرّ فقال لي: "فأنتَ من أنت؟" قال قلتُ: "أنا [[الأحنف بن قيس]]". قال: " قُمْ عني لاَ أعُرُّكَ"، فقلتُ له: "كيف تَعُرُّنِي بشرّ؟" قال: "إنّ هذا، يعني [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]]، نادى مناديه ألاّ يجالسَني أحد".
 
=== أهل العراق يبيايعونه ===
قال شيخان من بني ثَعْلَبَة رجل وامرأته: "نَزَلْنا الرّبذة فمرّ بنا شيخ أشعث أبيض الرأس واللحية فقالوا: هذا من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. فاستأذنّاه أن نغسل رأسه فأذن لنا واستأنس بنا، فبينا نحن كذلك إذ أتاه نفر من أهل [[العراق]]، حَسِبْتُه قال من أهل [[الكوفة]]، فقالوا: "يا أبا ذرّ فعل بك هذا الرجل وفعل فهل أنت ناصبٌ لنا رايةً؟ فَنُكْمِلُكَ برجال ما شئتَ؟" فقال: "يا أهل الإسلام لا تَعْرِضوا عليّ ذاكم ولا تُذِلّوا السلطان فإنّه مَن أذلّ السلطان فلا توبة له، والله لو أنّ [[عثمان بن عفان|عثمان]] صلبني على أطول خشبةٍ أو أطول جبل لَسمعتُ وأطعتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي، ولو سيّرني ما بين الأفق إلى الأفق، أو قال ما بين المشرق والمغرب، لسمعتُ وأطَعْتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي. ولو ردّني إلى منزلي لسمعتُ وأطعتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي".
 
== فضله ومناقبه ==
كان أبو ذر رابع أربعة في الإسلام، وقيل: خامس خمسة في الإسلام، وهو أول من حيا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتحية الإسلام. وكان يوازي [[عبد الله بن مسعود]] في العلم.
 
قال أبو ذر: " كنتُ رِدْفَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو على حمار وعليه بَرْدَعَةٌ أو قطيفة".
 
وقال [[أبو الدرداء]]: "كان رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسلم يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده إذا غاب".
 
وقال [[عبد الله بن مسعود]] قال: كان لا يزال يتخلّف الرجلُ في [[غزوة تبوك|تَبُوك]] فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان. فيقول: {{اقتباس مضمن|دَعُوهُ فَإِنَّ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللهُ بِكُمْ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْر ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللهُ مِنْهُ}}. فتلوَّم أبو ذَر على بعيره فأبطأ عليه، فأخذ متاعه على ظهره، ثم خرج ماشيًا فنظر ناظرٌ من المسلمين، فقال: إن هذا الرجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|كُنْ أَبَا ذَرٍّ}}. فلما تأملت القوم قالوا:" يا رسول الله، هو والله أبو ذر"؛ فقال: {{اقتباس مضمن|يَرْحَمُ اللهُ أَبَا ذَرٍّ، يَعِيشُ وَحْدَهُ، ويموتُ وَحْدَهُ، وَيُحْشَرُ وَحْدَهُ}}.<ref>الإصابة في تمييز الصحابة</ref>
 
وقال [[علي بن أبي طالب]]: "لم يبقَ اليومَ أحد لا يبالي في الله لومةَ لائم غير أبي ذرّ ،ولا نفسي"، ثمّ ضرب بيده على صدره.
 
وسُئِلَ [[علي بن أبي طالب]] عن أبي ذرّ فقال: "وعى علمًا عجز فيه وكان شحيحًا حريصًا، شحيحًا على دينه حريصًا على العلم، وكان يُكْثرُ السّؤالَ فيُعْطى ويُمْنَعُ أما أن قد مُلِئَ له في وِعائِه حتى امتَلأ". فلم يدروا ما يريد بقوله وعى علمًا عجز فيه، أعجز عن كَشْفِ ما عنده من العلم أم عن طَلَبِ ما طلب من العلم إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.
 
وقال أبو ذر: قال لي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|يا أبا ذرّ إني أراك ضعيفًا وإني أحبّ لك ما أحبّ لنفسي، لا تأمُرَنّ على اثنين ولا تَوَلَيَّنَ مالَ يَتيمٍ}}.
 
وقال الحارث بن يزيد الحضرميّ: سأل أبا ذرّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الإمارة فقال: {{اقتباس مضمن|إنّك ضعيف وإنّها أمانةٌ وإنّها يومَ القيامة خَزْيٌ وندامة إلاّ مَن أخذها بحقّها وأدّى الذي عليه فيها}}.
 
وقال عراك بن مالك: قال أبو ذَر: "إني لأقْرَبَكُم مجلسًا من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم القيامة؛ وذلك أني سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: {{اقتباس مضمن|أَقْرَبُكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ تَرَكْتُهُ فِيهَا}}"؛ <ref>كتاب الزهد - أحمد بن حنبل</ref>
 
== صفاته ==
=== صدقه ===
 
قال [[أبو هريرة]]: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|ما أظَلّتِ الخَضْراءُ ولا أقَلّتِ الغَبْراءُ على ذي لَهْجَةٍ أصدق من أبي ذرّ، مَن سرّه أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فَلْيَنْظُرْ إلى أبي ذرّ}}.
 
وقال مالك بن دينار أنّ النبيّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم، قال: {{اقتباس مضمن|أيكم يلقاني على الحال التي أفارقه عليها؟}} فقال أبو ذرّ: أنا، فقال له النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: {{اقتباس مضمن|صدقتَ}}. ثمّ قال: {{اقتباس مضمن|ما أظَلّتِ الخَضْراءُ ولا أقَلّتِ الغَبْراءُ على ذي لَهْجَةٍ أصدق من أبي ذرّ، مَن سرّه أن ينظر إلى زُهْدِ عيسى بن مريم فَلْيَنْظُرْ إلى أبي ذرّ}}.
 
وقال عِراك بن مالك يقول: قال أبو ذرّ: إني لأقرَبُكم مجلسًا من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم القيامة وذلك أني سمعتُه صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: {{اقتباس مضمن| أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة مَن خرج من الدنيا كهيئة ما تركتُه فيها}}، وإنّه والله ما منكم من أحد إلاّ وقد تشبّث منها بشيء غيري"
 
وقال مَرْثَد أو ابن مرثد عن أبيه قال: جلستُ إلى أبي ذرّ الغفاريّ إذ وقف عليه رجل فقال: "ألم يَنْهَكَ أَمير المؤمنين عن الفُتْيَا؟" فقال أبو ذَرّ: "والله لو وضعتم الصّمصامة على هذه، وأشار إلى حَلْقه، على أن أترك كلمةً سمعتها من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لأنْفَذْتُها قَبْلَ أن يكون ذلك".
 
وروى مُنْذر الثّوْريّ عن أبي ذرّ أنه قال: " لقد تركنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وما يَقلب طائرٌ جَناحَيْه في السّماء إلا ذكرنا منه علمًا".<ref>الطبقات الكبير</ref>
 
=== تواضعه وزهده ===
 
قال رسول الله: {{اقتباس مضمن|مَن سرّه أن ينظر إلى زُهْدِ عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذرّ}}.
 
ولما قدم [[أبو موسى الأشعري]] لقي أبا ذرّ فجعل أبو موسى يلزمه، وكان الأشعري رجلًا خفيف اللحم قصيرًا، وكان أبو ذرّ رجلًا أسود كَثّ الشعر. فجعل الأشعريّ يلزمه ويقول أبو ذرّ: "إليك عني"، ويقول الأشعريّ، "مَرْحَبًا بأخي"، ويدفعه أبو ذرّ ويقول: "لستُ بأخيك إنّما كنتُ أخاك قبل أن تُسْتَعْمَلَ". قال ثمّ لقي [[أبو هريرة|أبا هريرة]] فالتزمه وقال: "مرحبًا بأخي"، فقال أبو ذرّ: "إليك عني، هل كنتَ عَمِلْتَ لهؤلاء؟" قال: "نعم"، قال: "هل تطاولتّ في البِناء أو اتْخَذتَ زَرْعًا أو ماشيةً؟" قال: لا"، قال: "أنت أخي أنت أخي".
 
وقال كُليب بن شهاب الجرْميّ: سمعتُ أبا ذرّ يقول: " ما يُوئسني رِقّة عَظمي ولا بياض شَعْري أن ألقى عيسى بن مريم".
 
وقال يونس عن محمد: "سألتُ ابنَ أختٍ لأبي ذرّ ما ترك أبو ذرّ؟" فقال: "ترك أتانَين وعَفْوًا وأعْنُزًا وركائب". والعَفْوُ هو الحمار الذّكَرُ.
 
وقال غالب بن عبد الرحمن قال: لقيتُ رجلًا قال: كنتُ أصلّي مع أبي ذرّ في [[بيت المقدس]] فكان إذا دخل خلع خُفّيْه فإذا بزق أو تنخَّع تَنَخَّع عليهما، قال ولو جُمِعَ ما في بيته لكان رِداء هذا الرجل أفضل من جميع ما في بيته. قال جعفر: فذكرت هذا الحديث لمهران بن ميمون فقال: ما أراه كان ما في بيته يَسْوي درهمَينِ.
 
وحدث سعيد بن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن أبي ذرّ أنّه رآه في نَمِرَة مُؤتَزِرًا بها قائمًا يصلّي فقلتُ: " يا أبا ذرّ أما لك ثوب غير هذه النمرة؟" قال:" لو كان لي لرأيتَه عليّ"، قلتُ: "فإنّي رأيتُ عليك منذ أيّام ثوبين"، فقال: "يا ابن أخي أعطيتَهما مَن هو أحوج إليهما مني"، قلتُ: "والله إنّك لمحتاج إليهما"، قال: "اللهمّ غفرًا، إنّك لمعظّم للدنيا، أليس ترى عليّ هذه البُرْدة ولي أُخْرى للمسجد ولي أعْنُزٌ نحلبها ولي أحْمِرَةٌ نحتمل عليها ميرتَنا وعندنا مَن يخدمنا ويكفينا مهْنَةَ طعامِنا فأيّ نعمةٍ أفضل ممّا نحن فيه؟".
 
وقال أبو شُعْبة: جاء رجل من قومنا أبا ذرّ يعرض عليه فأبَى أبو ذرّ أن يأخذ وقال: "لنا أحمرة نحتمل عليها وأعْنُزٌ نحلبها ومُحرَّرة تخدمنا وفضل عباءة عن كِسْوتنا وإني لأخاف أن أحاسَبَ بالفضلِ".
 
وقال عيسى بن عُميلة الفَزاريّ: أخبرني من رأى أبا ذرّ يحلب غُنيمة له فيبدأ بجيرانه وأضيافه قبل نفسه، ولقد رأيتُه ليلةً حلب حتى ما بقي في ضُروع غنمه شيء إلاّ مَصَرَه، وقرّب إليهم تمرًا وهو يسير، ثمّ تعذّر إليهم وقال: "لو كان عندنا ما هو أفضل من هذا لجئنا به". قال وما رأيتُه ذاق تلك الليلةَ شيءًا.
 
وقال خالد بن حيان: "كان أبو ذرّ وأبو الدَّرداء في مِظَلَّتَيْنِ من شَعْر بدمشق".
 
وقال عبد الله بن خِراش الكعبيّ: وجدتُ أبا ذرّ في مظَلّةِ شَعْرٍ بالرّبَذَةِ تحته امرأة سحماء فقلتُ: يا أبا ذرّ تَزَوّج سحماء! قال: "أتزوّج من تضعني أحبّ إليّ ممّن ترفعني، وما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المُنْكَر حتى ما ترك لي الحقّ صديقًا".
 
ودخل أبو أسماء الرّحبيّ على أبي ذرّ وهو بالرّبَذة وعنده امرأة له سوداء مشنّفة ليس عليها أثر المَجاسِد ولا الخلوقِ، قال فقال: "ألا تنظرون ما تأمرني به هذه السّويداء؟ تأمرني أن آتي العراق فإذا أتيتُ العراق مالوا عليّ بدنياهم، ألا وإنّ خليلي عهد إليّ أنّ دون جِسْر جهنّم طريقًا ذا دَحْضٍ ومَزَلّة، وإنّا أن نأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار أحرى أن ننجو من أن نأتي عليه ونحن مواقير".
 
وقال أبو عثمان النّهْديّ: رأيتُ أبا ذرّ يميد على راحلته وهو مستقبل مَطْلِعَ الشمس فظننتُه نائمًا فدنوتُ منه فقلتُ أنائم أنت يا أبا ذرّ؟ فقال: "لا بل كنتُ أصلّي".<ref name="سير أعلام النبلاء"/>
 
وذكر يزيد بن عبد الله أنّ أبا ذرّ تَبِعَتْه جُويرية سوداء فقيل له: يا أبا ذرّ هذه ابنتُك؟ قال: "تزعم أمّها ذاك".
 
وقال عون بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود: كُسِيَ أبو ذرّ بُرْدَينِ فأتَزَرَ بأحدهما وارتدي بشِمْلَةٍ وكسا أحدهما غلامَه ثمّ خرج على القوم فقالوا له: لو كنتَ لبستَهما جميعًا كان أجمل، قال: أجل ولكني سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: {{اقتباس مضمن|أطْعِموهم ممّا تأكلون وألبسوهم ممّا تكسون}}
 
وقال رجل من أهل البادية: "صحبتُ أبا ذرّ فأعجبَتْني أخلاقُه كلّها إلاّ خُلقٌ واحد". قلتُ: "وما ذاك الخلق؟"، قال: "كان رجلًا فَطِنًا فكان إذا خرج من الخلاء انتضح".
 
=== كرمه ===
 
قال عبد الله بن الصامت عن أبي ذرّ: "أوصاني خليلي بسبعٍ: أمرني بحبّ المساكين والدّنُوّ منهم، وأمرني أن أنظر إلى مَن هو دوني ولا أنظر إلى مَن هو فوقي، وأمرني أن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أصِلَ الرّحِم وإن أَدْبَرَتْ، وأمرني أن أقول الحقّ وإن كان مُرًّا، وأمرني أن لا أخاف في الله لَوْمَةَ لائم، وأمرني أن أكْثرَ من لا حول ولا قوّة إلاّ بالله فإنّهنّ من كنز تحت العرش".
 
وذكر عبد الله بن الصامت أنّه كان مع أبي ذرّ فخرج عطاؤه ومعه جارية له، قال فجعلت تقضي حوائجَه، قال ففضل معها سِلَعٌ، قال فأمرها أن تشتري به فلوسًا، قال قلتُ لو إذّخرتَه للحاجة تبوء بك أو للضيف ينزل بك، قال: "إنّ خليلي عهدَ إليّ أن أيّ مالٍ ذَهَبٍ أو فضّةٍ أُوكِيَ عليه فهو جَمْرٌ على صاحبه حتى يُفَرّغَه في سبيل الله".
 
وقال سعيد بن أبي الحسن أنّ أبا ذرّ كان عطاؤه أربعة آلاف فكان إذا أخذ عطاءه دعا خادمه فسأله عمّا يكفيه لسنةٍ فاشتراه له، ثمّ اشترى فلوسًا بما بقي وقال: "إنّه ليس من وعى ذهبًا أو فضّة يُوكي عليه إلا وهو يتلظّى على صاحبه".
 
وقال الأحنف بن قيس: قال لي أبو ذرّ: " خُذ العطاء ما كان مُتْعَةً فإذا كان دَيْنًا فارفضه".<ref>الطبقات الكبير - ابن سعد</ref>
 
== روايته للحديث ==
 
روى أَبُو ذَرٍّ عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم.
 
روى عنه [[عمر بن الخطاب]]، وابنه [[عبد الله بن عمر]]، و[[أنس بن مالك]]، و[[ابن عباس]]، وأبو إدريس الخولاني، وزيد بن وهب الجهني، والأحنف بن قيس التميمي، وجُبير بن نُفير الحضرمي، وعبد الرحمن بن تميم، و[[سعيد بن المسيب]]، وخالد بن وهبان ابن خالة أبي ذر، ويقال ابن أهبان، وقيل ابن أخيه، وامرأة أبي ذر، وعبد الله بن الصامت الغفاري ابن أخي أبي ذر، وخرشة بن الحر الفزاري، وزيد بن ظبيان، وأبو أسماء الرَّحَبي، وأبو عثمان النهدي، و[[أبو الأسود الدؤلي]]، والمعرور بن سُوَيد الأسدي، ويزيد بن شريك التيمي، وأبو مُرَاوح الغِفَاري، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الرحمن بن حجيرة، وعبد الرحمن بن شماسة، و[[عطاء بن يسار]]، وآخرون.<ref>الإصابة في تمييز الصحابة.</ref>
 
== فضله ==
* قَالَ [[محمد بن عبد الله|رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]]: "''' إنه لم يكن قبلي نبي إلا قد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء، وإني أعطيت أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وعلي، وحسن، وحسين، وأبو بكر، وعمر، والمقداد، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر، وحذيفة، وسلمان، وعمار، وبلال '''".<ref>[[مسند الإمام أحمد بن حنبل]] رقم [[الحديث]]: 1219 (حديث مرفوع) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ نَافِعٍ النَّوَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُلَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: [[حمزة بن عبد المطلب|حَمْزَةُ]]، وَ[[جعفر بن أبي طالب|جَعْفَرٌ]]، وَ[[علي بن أبي طالب|عَلِيٌّ]]، وَ[[الحسن بن علي|حَسَنٌ]]، وَ[[الحسين بن علي|حُسَيْنٌ]]، وَ[[أبو بكر الصديق|أَبُو بَكْرٍ]]، وَ[[عمر بن الخطاب|عُمَرُ]]، وَ[[المقداد بن الأسود|الْمِقْدَادُ]]، وَ[[عبد الله بن مسعود|عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ]]، وَأَبُو ذَرٍّ، وَ[[حذيفة بن اليمان|حُذَيْفَةُ]]، وَ[[سلمان الفارسي|سَلْمَانُ]]، وَ[[عمار بن ياسر|عَمَّارٌ]]، وَ[[بلال بن رباح|بِلَالٌ]] ".</ref>
 
== وفاته ==
عن [[إبراهيم بن الأشتر النخعي]]، عن أبيه عن أم ذرّ زوجة أبي ذرّ، قالت: لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيْتُ. فقال لي:" ما يبْكيك؟" فقلت: " ومَا لِي لا أَبْكي وأنت تموت بِفلَاةٍ من الأرض، وليس عندي ثوبٌ يَسَعك كفنًا لي ولا لك؟ ولا يَدَ لي للقيام بجهازك". قال: "فابْشِري وَلَا تَبْكِي؛ فإني سَمِعْتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، يقولُ: {{اقتباس مضمن|لَا يَمُوتُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَيَصْبِرَانِ وَيَحْتَسِبَانِ فَيَرَيَانِ النَّارَ أَبَدًا}}، وقد مات لنا ثلاثة من الولد، وإني سمعْتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لنفَر أنا فيهم: {{اقتباس مضمن|لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ، تَشْهِدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}}، وليس من أولئك النفَر أحدُ إلّا وَقد مات في قَرْيَة وجماعة، فأنا ذلك الرّجل، والله ما كذَبت ولا كُذبت فأبْصِري الطريقَ". قلت: "وأنَّى وقد ذهب الحاجُّ، وتقطَّعَتِ الطّريق؟ "، قال: " اذهبي فتبصَّري". قالت: "فكنْتُ أشتدُّ إلى الكثيب فأنظر ثم أرجع إليه فأمرضُه، فبينما هو وأنا كذلك، إذ أنا برجال على رِحَالهم كأنهم الرّخم تحثّ بهم رواحلهم، فأسرعوا إليّ حتى وقفُوا عليّ"، فقالوا: "يا أمَةَ الله، ما لك؟"، قلت: "امرؤ من المسلمين يموتُ، تُكَفّنونه؟" قالوا: "ومَنْ هو؟" قلت: "أبو ذرّ". قالوا: "صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟" قلت: " نعم". قالت: "فَفَدوْه بآبائهم وأمهاتهم، ووضعوا السيّاط في نحورها. يستبقون إليه حتى جاءوه"، فقال لهم: "أَبْشِروا، فإنِّي سمعْتُ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم يقول لنَفَرٍ أنا فيهم: {{اقتباس مضمن|لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}}. وليس من أولئك النّفر أحدٌ إلّا وقد هلك في قرية وجماعة، واللهِ ما كَذَبْت، ولا كذبت، ولو كان عندي ثوبٌ يسعُني كفنًا لي أو لامرأتي لم أكفَّنْ إلا في ثوب هو لي أو لها، وإني أنشدكم لله ألا يكفنني رجل منكم كان أميرًا أو عريفًا أو بريدًا أو نقيبًا"، وليس من أولئك النّفر أحدٌ إلا وقد قارف بعْضَ ما قال، إلّا فتًى من [[الأنصار]]، فقال: "أنا أَكفّنك يا عم في ردائي هذا، وفي ثوبين في عَيْبتي من غزْل أمّي". قال: "أنت تكفنني يا بني". قال: فكفّنه الأنصاريُّ وغسَّله في النّفر الذين حضَرُوه، منهم حُجْر بن الأدبر و[[مالك بن الحارث الأشتر|مالك الأشتر]] وقامُوا عليه وَدفَنُوه في نفرٍ كلهم يَمَان.<ref>الاستيعاب في معرفة الأصحاب</ref> ولما نفى عثمان أبا ذرّ إلى الرّبَذَةِ وأصابه بها قدرهُ ولم يكن معه أحد إلاّ امرأتهُ وغلامه فأوصاهما أن اغسلاني وكفّناني وضعاني على قارعة الطريق فأوّل رَكْبٍ يمرّ بكم فقولوا هذا أبو ذرّ صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأعينونا على دَفْنِه. فلمّا مات فعلا ذلك، ثمّ وضعاه على قارعة الطريق، وأقبل عبد الله بن مسعود في رَهْط ٍمن أهل العراق عُمّارًا فلم يَرُعْهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطأها، فقام إليه الغلام فقال: هذا أبو ذرّ صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه. فاستهلّ عبد الله يبكي ويقول: صدق رسول الله، {{اقتباس مضمن|تمشي وحدك وتموت وحدك وتُبْعَثُ وحدك}}.
 
توفي أبو ذر في الربذة سنة 32 هـ وقيل بآخر شهر ذي الحجة سنة 31 هـ بعد انصراف الحجيج، وصلى عليه [[عبد الله بن مسعود]] في النفر الذين شهدوا موته، ثم حملوا عياله إلى [[عثمان بن عفان]] بالمدينة، فضم ابنة أبي ذر إلى عياله، وقال: "يرحم الله أبا ذر". وتقع الربذة اليوم 100 كم جنوب شرق [[محافظة الحناكية]] و200 كم شرق [[المدينة المنورة]].<ref>الرّبذة صورة للحضارة الإسلامية المبكرة في المملكة العربية السعودية</ref>
 
== المصادر ==
{{مراجع}}
{{ويكي مصدر}}
{{تصنيف كومنز|Abū Dharr al-Ghifārī}}
{{ويكي الاقتباس}}
{{مراجع|2}}
 
{{صحابة}}
{{وزراء الرسول}}
{{السابقون الأولون}}
{{أصحاب الإمام علي}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|الحديث النبوي|الإسلام|التاريخ الإسلامي|محمد|صحابة|أعلام|المدينة المنورة}}
 
{{أصحاب الإمام علي}}
 
[[تصنيف:أشخاص من المدينة المنورة]]
[[تصنيف:أشخاص من شبه الجزيرة العربية]]
[[تصنيف:أشخاص من قبيلة كنانة]]
[[تصنيف:أصحاب علي]]
[[تصنيف:رواة الحديث]]
السطر 195 ⟵ 80:
[[تصنيف:وفيات 32 هـ]]
[[تصنيف:وفيات 652]]
{{لا للتصنيف المعادل}}