هيكتور بيرليوز: الفرق بين النسختين

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 74:
اكتشافان آخران في هذا الوقت لهما أهمية قصوى: في مارس 1828 سمع برليوز السمفويتين الثالثة والخامسة ل[[بيتهوفن]] عزفهما هبانيك وجمعية الحفلات في الكونسرفتوار، “فتح بيتهوفن امامي عالما جديدا من الموسيقى مثلما كشف شكسبير عن عالم جديد من الشعر”. للمرة الأولى اتسعت آفاقه من الأنواع الصوتية كليا للأوبرا والكنتاتا والرومانس للإمكانيات التعبيرية للموسيقى الآلية البحتة. أن برليوز كتب سمفونيات على الإطلاق هو كليا يرجع إلى حبه لبيتهوفن، ويمكن النظر إلى “السيمفونية الخيالية” كمحاولة عن قصد لوضع أفكار درامية وشعرية يشبه سيمفونيات بيتهوفن. والأهم من ذلك، اكتشف برليوز أن موسيقى الآلات تملك قوة تعبيرية أكثر اختراقا من الألحان الغنائية، وهو اكتشاف يظهر بوضوح في “روميو وجولييت”، وفي المارش الجنائزي في هامليت، وفي مراحل معينة في “الطرواديون”. تمام مثلما بالكاد لحن برليوز أي اشعار لشكسبير بالمثل نادرا ما اقتبس اي من نغمات محددة لبيهوفن. استوعب هذا الأثر على مستوى عميق، حيث اعتبر بيتهوفن كاتب مسرحي في الموسيقى واشبه بشاعر من كصانع.
 
“مسرحية فاوست” ل[[جوتهغوته]] وصلت لبرليوز خلال ترجمة جيرارد دو نيرفال، التي نشرت في ديسمبر 1827، ومرة أخرى كان أثرها عميق وفوري. تصور فاوست عن الإنسان كان له أصداء عديدة في نفس برليوز. في رسالة عام 1828 وصف شكسبير وجوتهوغوته بأنهما “أمين سر صامت لمعاناتي، فما يملكان المفتاح لحياتي”. واصل القول أنه فقط وضع لحن بالاد ملك ثول، وكان أول من 8 مشاهد وألحان لأجزاء الشعر التي ترجمها نيرفيل. الثمانية مشاهد في فاوست نشرت على نفقة برليوز، وهو عمل مصنف رقم 1 كان اصيل ومبتكر. كل مشهد يحمل اقتباس من شكسبير، وكل واحد له لحنه الموسيقي المناسب، حيث يتنوع من Concert de Sylphes لستة أصوات صولو والأوركسترا للسرينادة حيث يصحب مفستفوليس مع الجيتار. لكن رغم طابعه المميز وجد برليوز العمل “غير مصقول وكتب على نحو سيء”. جمع كل النسخ التي تمكن من جمعها ودمرها. لم يدرك أن هذه الموسيقى ستجد مكانها المناسب في النهاية كجزء أكبر من عمل “لعنة فاوست” الذي اكتمل عام 1846.
 
التأثيرات الأدبية من نوع اقل كانت عديدة، كان اساسي بينهم أعمال توماس مور وولاتر سكوت ولورد بايرون. كل الثلاثة ألهموا أعمال موسيقية. أيضا انغمس في شاتوبراياند هوفمان وفنيمور كوبر واعمال كتبها مواطنوه ومعاصروه هوجو ودوفيجني ودو ماسيه ونيرفال. لاحقا استوعب واعجب ب[[بلزاك]] و[[فلوبير]] وجوتييه الذين قدمت اشعارهم نص عمل “ليالي الصيف”.
سطر 127:
عام 1845 بدأت سلسلة أكثر كثافة وتنوعا للحفلات الموسيقية. الأولى كانت لمارسيليا وليونز تلاها زيارة إلى بون لمهرجان بيتهوفن الذي نظمه ليست وحضره موسيقيون رواد من كل أنحاء أوروبا وعدد من الملوك. تلا ذلك جولة مطولة للنمسا وبوهميا والمجر التي أحضرت أسمه وموسيقاه حتى بشكل أكثر حسما في مقدمة الاهتمام الأوروبي. مرة أخرى سرد تفاصيل أسفاره في مجلة بعد عامين ولاحقا في مذكراته. كانت تنقله كالتالي: بالمركبة إلى لينز وبالتالي بالباخرة إلى فيينا، حيث مكث اكثر من شهرين وقدم خمس حفلات. أضاف أغنيتين جديدتين لبرنامجه "الجد" للسوبرانو و"الصياد الدانماركي" للباص، وحفلاته التي تضمن على الأقل أجزاء من كل اعماله الكبرى حتى الآن، حققت نجاحا كبيرا. أحد الحفلات خصص لعرض كامل لروميو وجولييت ولم يحتاج للمبالغة في تقاريره عن التصفيق والحماس؛ كان استقبال مختلف كليا من أي شيء عرفه ابدا في باريس. ثم قدم ثلاث حفلات في [[براغ]] في عدة أسابيع ثم واحدة أخرى عند العودة لفيينا. في فبراير 1846 قدم ثلاث حفلات في بيس بما في ذلك توزيع جديد لمارس راكوسزي، الذي تلقاه الجمهور بحماس وهو يعي الطموح الوطني له. قدم حفلا في بريسلاف ثم ثلاث حفلات أخرى في براغ، حيث وجد الموسيقيين "بشكل عام الأفضل في أوروبا" وحيث تمتع بنجاح واعجاب اكثر مما في فيينا. في طريق العودة إلى باريس قدم حفلا واحدا في برونسفيك في 24 ابريل 1846.
 
ليس فقط فاز برليوز بترحاب غير مسبوق في هذه الجولة: ألف أيضا مجموعة أعمال جديدة "لغنة فاوست". لبعض السنوات كان ذهنه يعود إلى [[فاوست]] ل[[جوتهغوته]] والألحان التي رفضها عام 1826. كاتب الليبريتو يدعى ألمير جاندونييه قدم بعض المواد قبل رحيله من باريس، وكتب بليوز الباقي بنفسه. ثم كتب كل نصوصه الكبرى. جمع "لعنة فاوست" في مدن كثيرة بقى فيما بما في ذلك بساو و[[فيينا]] وبيست وبرسلاف و[[براغ]]. اكتمل العمل ووزعه اوركستراليا عند عودته، رغم انه قاطع التاليف لفترة قصيرة بتكليف le chant des chemins de fer لافتتاح "خط سكة الحديد لشمالي فرنسا" في مدينة "ليل" في 14 يونيو 1846 وهي مناسبة رواها في "غرائب الموسيقى". العرض الأول لعمل "لعنة فاوست" الذي قدم في 5 ديسمبر 1846 في الاوبرا كوميك، كان العكس فنيا وماليا.
 
"فاوست عرضت مرتين امام دار اوبرا بنصف العدد. جمهور باريس الانيق الجمهور الذي يرتاد الحفلات ويفترض انه مهتم بالموسيقى مكث في راحة بالمنزل ولم يهتم بعملي الجديد كأني طالب كونسرفتوار غامض.. لا شيء في مشواري الفني كفنان جرحني اعمق من هذه اللامبالاة غير المتوقعة".
سطر 153:
تزوج ماري ريتشيو بعد سبعة أشهر، وهي خطوة طبيعية بعد ارتباطهم لمدة 12 سنة، ورغم عدم غنائها أمام الجمهور لبعض السنوات ما زال عليه أن يعاني من الضرر الذي حدث بسبب موقفها الحقود تجاه الموسيقيين الآخرين خاصة فاجنر. معها جاءت والدتها الأسبانية التي عاشت بعد وفاتهما وقامت برعاية برليوز في سنواته الأخيرة. ابنه لويس الذي كان في البحرية الفرنسية كان مصدر قلق كبير لبريوز بعد مراهقة صعبة، لكن تدريجيا تطور بينهما رابط قوي. على حد قول لويس "خيط حياتي هو امتداد لحياة والدي. حين يقطع سوف تنتهي حياتنا نحن الاثنين". شارك لويس في القتال في الحرب الكرميالينية والبلطيق. عام 1867 حين كان قبطان في السفينة التجارية في رحلة فرنسية إلى [[المكسيك]]، توفى من الحمى في [[هافانا]]، وكانت هذه اشد الصدمات التي عانى منها برليوز وسبب مباشر لتدهور صحته آخر الأمر. وكان حب لويس للسفر والبحر انعكاس لحب برليوز نفسه الذي دام مدى الحياة للسفر إلى الاراضي النائية، الذي امتزج مع حلمه بأرض حيث تمتع الفن والموسيقى بالاهتمام، حيث خيبة الأمل والتعاسة في باريس لم تكن موجودة. عام 1862 في الرد على ذلك أحب لويس وأعجب موسيقى والده.
 
كانت أعمال برليوز في الأربعينات عفوية في الأصل والتكرار، جزئيا بسبب تحويل المجهود للسفر وقيادة الاوركسترا والتصحيح والمراجعة والصحافة. في العقد التالي لم يكن التنوع أقل إلحاحا لكن الآن وجد الهدوء العقلي والروحاني للتمتع بسلسلة روائع سطعت بشكل ملحوظ خلال المعارك اليومية التي أجبر على خوضعها. بعد التسبيحة عام 1849، كانت اعماله الاساسية "طفولة المسيح" التي كتبها على نص من تأليفه غالبا عام 1854. عمل آخر سنة 1854 هو كنتاتا غير هامة l'imperiale للمعرض العالمي. وزع معظم "ليالي الصيف" (كان وزع مقطوعة "غياب" عام 18439 لتنشر في فنترثار، رغم أنه لم يسمع سوى الغياب و"روح الورد" في الشكل الاوركسترالي. في تلك المرحلة (ابريل 1856) استسلم لرغبة في تأليف اوبرا ملحمية واسعة تعتمد على الكتاب الثاني والرابع لل[[إلياذة]] لفرجيل الفكرة كانت في ذهنه لخمس سنوات او نحو ذلك وبلا شك لازمته منذ الطفولة حين كان يبكي عند قراءة والده لفرجيل. حبه لفرجيل استمر معه حتى الاكتشافات لشكسبير وجوتهوغوته وعادت له مع قوة لا تقاوم في نضجه. الالهام لديه وصل ذروته لخيبة الامل الطويلة مع العالم بدت تقلل الشعلة الابداعية رغم انه عرف اي الصعوبات التي واجهها لو كانت كتبت من قبل. بالتنازل عن معظم جولاته للحفلات الموسيقية ومعظم اعماله الصحفية التي قام بها فيا لواقع اكمل "الطرواديون"، الكلمات والموسيقى، في اقل من عامين، مع اضافات صغيرة ومراجعات لتتم في الفواصل على مدى الخمس سنوات. هي جراند اوبرا من خمسة فصول على التقليد الفرنسي الكلاسيكي، على نفس المقياس التقريبي مثل اوبرات مايربير والاوبرات الكثيرة الاخرى التي تمتعت بتامين العروض المنتظمة في باريس. مع ذلك فرص برليوز لتامين الانتاج حيث نالت اعماله اهتمام على الاطلاق بما يقترب من مزاياه كانت مهملة من البداية – وهي حقيقة ادركها بالكامل.
 
كرس الخمس سنوات التالية سلسلة محاولات محبطة ليشهد عرض "الطرواديون" على المسرح. اعداء برليوز في الصحيفة سرعان ما بالغوا في طولها ومطالبها، وفشل بنفنيتو تشيلليني مازال لا ينسى في الاوبرا. قدم عدة قراءات للقصيدة لجماهير مختارة بعناية؛ سعى بلا فائدة للحصول على رعاية نابليون الثالث ووزراءه. وآخر الامر، عام 1860، وافق على عرض لتقديمه في المسرح الغنائي، وهو مسرح مستقل قام به متعهد الحفلات كارفالو في حين عرضت تانهاوزر لفاجنر مع نجاح غير مسبوق في الاوبرا. فشله في مارس 1861 كان امر مثير للسخرية المريرة لبرليوز، وشكل فرصة للطرواديون ليقبل في الأوبرا. هذا الاتفاق حدث في اوائل 1863 لذا العودة لبرليوز في المسرح الغنائي حيث أجبر من أجل رؤية أي اتجاه على الإطلاق لتقسيم أوبراه إلى جزئين، الفصلين او حيث اصبح "الاستيلاء على طروادة" والفصلين 3 إلى 5 "الطرواديون في قرطاجة" الجزء الثاني عرض أول مرة في 4 نوفمبر 1863 مع مدام شارتون ديمور في دور دايدو. كان نجاح قاطع اعجب به اغلب الصحافة وجرى ل21 عرض. كان برليوز فخور ومتأثر لكن تدريجيا شعر بالمرارة والغضب ليرى الحذف الذي قام به كرفالو في العروض اللاحقة وليرى النوت الغنائية المطبوعة التي شوهت العروض "مثل جسم البقرة المعلقة في دكان الجزار". “الاستيلاء على طروادة" سمع برليوز فقط جزء عرض في بادن بادن عام 1859.<ref name="The New Grove Early Romantic Masters 2"/>