اليهودي التائه: الفرق بين النسختين

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط إضافة التصانيف المعادلة + تصحيح
ط قوالب الصيانة و/أو تنسيق باستخدام أوب (12088)
سطر 17:
كما نرى أيضاً أن هذه القصة مرتبطة بأحداث ذكرت في [[القرآن الكريم]]، عندما طلب [[موسى]] من بني [[إسرائيل]] أن يفتحوا معه [[بيت المقدس]] ويحرروه. لكنهم أجابونه بالرفض التام (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) فحرم الله عليهم الأرض، وفرض عليهم التيه فيها أربعين سنة.
 
ذكرت القصة للمرة الأولى في كتاب "زهور التاريخ" {{لات|Flores historiarum}} للمؤرخ [[روجر أوف واندوفر]]، وكان ذلك في العام [[1228]]، حيثُ أن كبير الأساقفة الأرمني زار [[إنجلترا]] فسألهُ رهبان [[سانت ألبان]] حول [[يوسف الرامي]] الذي يقال بأنهُ تكلم مع السيد [[المسيح]]، فحدثهم كبير الأساقفة أنه رأى بواباً ل[[بيلاطس البنطي]] يدعى كارتافيلوس، ضرب المسيح يوم صلبه.
 
[[ماثيو الباريسي]]، في تكرار لمقطع وندوفر، ذكر بأن أرمناً آخرين أكدوا القصة عند زيارتهم لسانت ألبان عام 1252، واعتبرها برهاناً عظيماً للدين المسيحي. حكاية مماثلة معطاة في سجلات فيليب موسك (مات 1243). وهناك حكاية مشابهة لنفس القصة عرفها [[غويدو بوناتي]] وهو فلكي اقتبس منه دانتي، ويدعو بطل الحكاية ضارب الرب {{لات| Butta Deus}} (بالإيطالية: Giovanni Buttades) لأنه ضرب السيد المسيح. تحت هذا الاسم يقال بأنه ظهر في [[مودجيلو]] في 1413 وفي [[بولونيا]] في 1415 (في زي راهب فرانسيسكاني من النظام الثالث).
سطر 23:
وأعيد إحياء القصة عام 1602 م في كُتيب ألماني ذكرت فيه قصة قصيرة، عن يهودي يدعى أحشويرش، لم يعمّد، ويذكر عام 1542 م قضة التقاء [[بولوس فون إتزن]] (وهو أسقف لوثري لشليزفيغ مات عام 1598 م) بيهودي عجوز ادعى ضربه للمسيح يوم صلبه، وهذا الاعتقاد على الأغلب أتى من فكرة ظهرت أن المسيح الدجال سيأتي عام 1600 م وسيسانده اليهود. هذا الكتيب ترجم وبيع بسرعة في أوروبا البروتستانتية، ويُظَن أن كاتبه هو خريسوستوموس من وستفاليا وطبعه كريستوف كروتزر، ولكن لم يعرف أي كاتب أو ناشر بهذا الاسم في تلك الفترة. ويُظَن أن القصة بكاملها خرافة اختلقت لدعم الرأي البروتستانتي حول الشهادة المستمرة عن حقيقة الكتاب المقدس في شخص اليهودي الذي لا يموت كمواجهة للتقاليد البابوية للكنيسة الكاثوليكية.
 
هناك أسطورة كانت مستندة على [[إنجيل يوجنا]] 21:20 {{حقيقةبحاجة لمصدر}} بأن التابع المحبوب من أتباع المسيح لن يموت قبل المجيء الثانيِ للمسيح؛ بينما أسطورة أخرى (تيار من القرن السادس عشرِ) أدانت مالخوس، الذي قطع بيتر أذنه في حديقة غيثسيماني (يوجنا 17:10) {{حقيقةبحاجة لمصدر}}، ليتجول للأبد حتى المجيء الثاني. الأسطورة تزعم بأنه كان مدانا لسخريته من السيد المسيح. هذه الأساطيرِ وجملة متى 16:28 أدخلت مع أسطورة [[يوسف الرامي]] و[[الكأس المقدسة]]، وأَخذت الشكل الذي قدمه كل من روجر من ويندوفر وماثيو الباريسي. لكن لا شيء يظهر انتشار هذه القصة بين الناس قبل كتيب 1602، ومن الصعب رؤية كيف أن كارتافيلوس هذا ساهم في انتشار أسطورةِ اليهودي التائه، حيث لم يكن يهوديا ولا متجولا. مؤلف كتيب 1602 كان على إطلاع بشكل مباشر أَو بشكل غير مباشر بالقصة كما تعامل معها ماثيو الباريسي حيث انه يعطي تقريبا نفس السجل. لكنه يعطي اسم جديد إلى بطله ويربط مباشرة بين مصيره وجملة إنجيل متى 16:28.
 
لقيت القصة فبولاً وشعبية كبيرين، وظهرت ثمان إصدارات للكتيب عام 1602 وظهر الإصدار الرابع عشر قبل نهاية القرن، وترجمت إلى الهولندية والفلمنكية بنجاح مساوٍ، وأصبحت مشهورة في [[إنجلترا]] قبل العام 1625، وكذلك ظهرت نسخ ساخرة في [[السويد]] و[[الدنمارك]]، بينما اشتهر في [[التشيك]] تعبير اليهودي الخالد، أي أنها ظهرت في كل الأماكن التي كان يوجد فيها [[بروتستانت]]، بينما لا تُسمع هذه الحكاية في [[جنوب أوروبا]] كثيراً، لكن رودولف بوتوريوس وهو أحد وكلاء البرلمان في باريس، يتكلم باستخفاف عن الإيمان الشعبي بقصة اليهودي التائه في ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا.
سطر 40:
 
== تحليل الأسطورة ==
بنيت التقارير المكررة عن الوجود الأصلي لليهودي التائه الذي يحتفظ في ذاكرته بتاريخ صلب [[المسيح]] على مجموعة من الأساطير الألمانية في [[القرن التاسع عشر]]، والفكرتان اللتان جُمعتا في قصة الهارب القلق قريب [[قابيل]] والتائه إلى الأبد فتتمثلان بشكل منفصل في الأسماءِ الحالية المعطاة لهذه الشخصية في البلدان المختلفة. وفي أكثر [[اللغات التيوتونية]] يمتد التركيز إلى الشخصية الملعونة وهي المعروفة بالأبدي، أَو اليهودي الأبدي {{ألمألمانية|Ewige Jude}}. في الأراضي التي تتكلم [[اللغات الرومانسية]]، فإنه يدعى باسم الجوال أو التائه {{فرنسيةفرن|le Juif errant}} وهو ما يتبعه الشكل الإنجليزي، حيث من المحتمل أن يكون مشتقاً مباشرة من فرنسا.
 
أعطى الاسم الفعلي إلى يهودي غامض يتفاوت في النسخ المختلفة: الكتيب الأصلي يدعوه [[أهاسفر]] أو [[أحشويرش]]، وقد اتبع ذلك في أغلب النسخ الأدبية؛ مع ذلك من الصعب تخيّل أي يهودي يدعى باسم الملك المعادي لليهود المثالي في [[سفر إستر]]. عندما ظهر مرة في [[بروكسل]] كان اسمه إسحاق لاكيديم، ويدل هذا على معرفة ناقصة [[العبرية|بالعبرية]] في محاولة لتمثيل إسحاق "من الكبير" [[أليكساندر دوماس]] استعملَ هذا العنوانِ أيضاً.
 
في الجاسوسِ التركيِ، اليهودي التائه يدعى [[بول ماران]] ويفترض بأنه عانى من الاضطهاد على يد [[محاكم التفتيش]] الإسبانية التي كانت تتعامل مع [[مارانوس|المارانوس]] أو [[اليهود السريون|اليهود السريين]] لشبه الجزيرة الآيبيرية. في إشارات إلى الأسطورة في الكتابات الإسبانية، فاليهودي التائه يدعى خوان إسبيرا إن ديوس.
 
إن مصدر كل هذه التقارير شاهد عملية الصلب الذي يعيش للأبد من المحتمل أن يكون إنجيل متى 16:28 : "يكون البعض منهم يقفون هناك حيث لا يذوق حكيم طعم الموت حتى يرى ابن الإنسان يجيء إلى مملكته."{{حقيقةبحاجة لمصدر}} وبما أن المملكة لم تأتِ، فتم الافتراض بأنه لا بد أن يكون هناك أشخاص أحياء الآن كانوا حاضرون في زمن الصلب. هذه الكلماتِ في الحقيقة اقتبستْ في كتيبِ 1602.
 
حاول الباحث مونكيور دي. كونواي أن يربط بين أسطورة اليهودي التائه وكل سلسلة أساطير الأبطال الخالدين مثل [[الملك آرثر]]، و[[فريدريك الأول برباروسا]]، و[[أهل الكهف]]، و[[توماس الناظم]]، و[[ريب فان وينكل]]. فذهب للربط بين الأسطورة والفانين الذي يزورون الأرض، مثل ييما في ثقافة [[الفرس]]، و"قدامى من الأيامِ" في أسفار [[دانيال]] و[[إينوخ]]. ويربط بين الأسطورة والميل الكامل من القرون الوسطى لاعتبار اليهودي كشيء غريب وغامض. لكن كل هذه التفسيرات الأسطورية زائدة عن المطلوب، حيث يمكن تتبع الأسطورة الفعلية موضع السؤال بالتأكيد إلى كتيب 1602. نفس الملاحظة تقدم إلى فهم حكاية [[الخضر]].
 
== الأثر الأدبي ==
هذه التشكيلة من العقاب الأبدي بالتجول القلق جذبت خيال عدد غير معدود من الكتّاب في كل الألسن الأوروبية تقريباً. اعتبر اليهودي التائه رمزاً يمثل رحلات وآلام شعبه. انجذب [[ألمانيا|الألمان]] [[أسطورة|للأسطورة]] بشدة فأصبحت موضوعاً لعدد من [[قصيدة|قصائد]] [[فرانز شوبرت]] وشرايبر و[[مولر]] و[[نيكولاوس ليناو]] وكاميسو وشليغل وموسن وكولر؛ ومن هذا التعداد يمكن رؤية بأن الحكاية كانت موضوعاً مفضلاً في المدرسة الرومانسية. هؤلاء ربما تأثروا بمثال [[غوته]]، الذي يصفون في سيرته الذاتية حبكة قصيدة نظمها عن اليهودي التائه. هناك قصائد أحدث أعدت عن الموضوعِ بالألمانية بقلم [[أدولف فيلبرانت]] و[[فريتز لينهارد]] وآخرين؛ وبالإنجليزية ثمة قصائد بقلم الشاعر [[اسكتلندا|الاسكتلندي]] [[روبرت وليامز بيوكانان]]، وبالهولندية بقلم هـ. هايرمانز.
 
ثمة روايات ألمانية دارت حول الموضوع أيضاً كتبها كل من فرانز هورن، وأوكلرز، ولاون وشوكينغ، وتراجيديات كلاينمان، وهاوسهوفر وزيدليتز. كما كتب سيغيسموند هيلر ثلاثة مقاطع من قصيدة طويلة عن رحلات [[أحشويرش]]؛ في حين استقى [[هانز كريستيان أندرسن]] منه حكاية "ملاك الشك". بينما يصل [[روبرت هامرلينغ]] إلى إشراك شخصية [[نيرون]] مع اليهودي التائه. في فرنسا نشر "إي. كوينيه" ملحمة نثرية عن الموضوع في 1833، و[[يوجين سو]] في أحد أشهر أعماله اليهودي الضال {{فرنسيةفرن|Le Juif errant}} (1844) يقدم اليهودي التائه في مقدمات أقسام الرواية المختلفة ويربط بينه وأسطورة [[هيروديا]]. في الأزمنة الحديثة، كان ما يزال الموضوع شعبياً برسوم غوستاف دور (1856).
 
في إنجلترا، إضافة إلى الأغنية الشعبية في كتاب البقايا لبيرسي، قدم [[ويليام غودوين]] فكرة شاهد أبدي لمسار الحضارة في كتابه سانت ليون (1799)، ويقدم صهره [[برسي شيلي]] أحشويرش في قصيدته الملكة ماب. ومن المشكوك فيه على أي مدى وصل [[جوناثان سويفت]] في استلهامه لشخصية سترالدبوغز الخالد من فكرة اليهودي التائه. وفي رواية سالاثييل ل[[جورج كرولي]] والتي ظهرت بشكل مجهول في 1828، أعطى كرولي صياغة متقنة للأسطورة؛ وأعيد نشرها ثانية تحت عنوان "انتظر حتى آتي".