الناصر محمد بن قلاوون: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
SHBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت: تهذيب/وسوم صيانة
ZkBot (نقاش | مساهمات)
ط بوت التصانيف المعادلة (26.1) +ترتيب+تنظيف (11): + تصنيف:حكام أطفال في العصور الوسطى+تصنيف:مسلمون عاصروا الحروب الصليبية+[[تصنيف:أشخاص من الق...
سطر 60:
في 4 جمادى الأولى 698 هـ دخل الناصر القاهرة، وكان عمره حينذاك أربعة عشر عاماً، واحتشد الناس لاستقباله في فرحة عارمة واحتفلوا بعودته. جددت البيعة للناصر فصار سلطان البلاد للمرة الثانية ومعه ألأمير سيف الدين سلار نائباً للسلطنة، و[[بيبرس الجاشنكير]] أستادراً.
 
كما حدث للناصر في سلطنته الأولى تكرر في سلطنته الثانية. أصبح دمية في أيدي سلار وبيبرس الجاشنكير اللذان صارا الحاكمان الفعليان للبلاد. تزعم بيبرس الجاشنكير، وكان [[شركس|شركسي]]ي الأصل، المماليك البرجية. وتزعم سلار، وكان أويراتي من المغول الوافدية، المماليك الصالحية والمماليك المنصورية. أما المماليك الأشرفية فقد تزعمها الأمير برلغي. كان بيبرس الجاشنكير بمماليكه البرجية أقوى الأطراف، وراح سلار وبرلغي يتنافسان معه على المفاسد وجمع الأموال عن طريق فرض مكوس كانت تعرف باسم " الحمايات ". وهي اتاوة أو رشوة كان الأمراء يفرضونها على الأفراد والتجار في مقابل حمايتهم وتقديم العون لهم في منازعاتهم <ref>المقريزى، السلوك، 2/313</ref>.
 
=== معركة وادي الخزندار ===
{{أيضا|معركة وادي الخزندار}}
[[ملف:BattleOfHoms1299.JPG|تصغير|يسار|250بك|معركة وادى الخزندار 1299]]
في سنة 699 هـ / 1299 م وردت إلى القاهرة أنباء عن زحف مغولي على الشام يقوده [[محمود غازان]] إلخان مغول فارس ([[إلخانات|الإلخانات]]) فتوجه الناصر إليها. وفى 8 ربيع الأول اصطدم جيش الناصر بجيش غازان المتحالف مع [[مملكة أرمينيا الصغرى]] عند [[حمص]] في معركة عرفت باسم [[معركة وادى الخزندار]] أو معركة حمص الثالثة.<ref>Kurkjian,p 253</ref><ref>على الرغم من أن غازان اعتنق [[الإسلام]]، فإن ذلك لم يمنعه من التحالف مع [[الصليبيين]] ضد المسلمين. اشرفت على تربية غازان " ديسبينا خاتون"، زوجة الإلخان "[[أباقا]]"، صديقة الصليبيين التي عملت دائماً على إثارة الحقد ضد المسلمين. وكان يحقد على المماليك. (العسلي، 136 - 137)</ref>. انهزم جنود الناصر وفروا مما أحزنه وأبكاه. ودخل المغول دمشق وسيطروا على الشام، وخطب لغازان على [[منبر]] دمشق ثم غادر غازان دمشق بعد أن أقام الأمير قبجق <ref>الأمير قبجق، كان من مماليك المنصور قلاوون. بعد وفاة قلاوون أقامه السلطان لاجين نائباً على دمشق. هرب إلى المغول وانضم إلى غازان. -(ابن إياس، 1/406)</ref>. نائباً عليها تحت حماية نائبه قطلو شاه <ref>المقريزى، 322 - 2/325</ref><ref>ابن إياس، 1/405</ref>
عاد جنود الناصر إلى مصر ومعهم عوام من الشام في أسوأ حال <ref>يذكر المقريزى أن القاهرة غصت بالفارين من الشام حتى ضاقت بهم المساكن، فأقاموا في القرافة وحول [[جامع ابن طولون]] وطرف الحسينية.-(المقريزى، السلوك، 2/328)</ref>. وكان من ضمن الفارين إلى مصر السلطان المخلوع العادل كتبغا الذي عينه السلطان لاجين نائبا على قلعة [[صلخد|صرخد]]. دخل السلطان الناصر قلعة الجبل في 12 ربيع الأول وقد أصابه حزن بالغ وتألم ألماً شديداً لهذه الهزيمة الشنعاء ولكنه بدأ ينظم الجيش ويجهز لأخذ الثأر من المغول <ref name="الشيال، 2/181">الشيال، 2/181</ref>. وخرج قبجق من دمشق متوجهاً إلى مصر، فاستولى الأمير أرجواش على دمشق وأعاد الخطبة باسم الملك الناصر بعد انقطاعها مائة يوم <ref>المقريزى، السلوك، 2/328</ref>. في أثناء فترة اعداد الجيش وصل إلى القاهرة وفد من غازان بطلب الصلح ووافق الناصر. إلا أن طلب غازان للصلح كان، كما يبدو، مجرد مناورة منه لكسب الوقت للتعرف على استعدادات وتحركات الملك الناصر<ref name="الشيال، 2/181"/>.
 
=== تحرير جزيرة أرواد وغزو مملكة قليقية ===
[[ملف:Cours de la forteresse d'Arouad.jpg|تصغير|يسار|200بك|أرواد آخر جيوب الصليبيين في الشام]]
بعد أن حرر الأشرف خليل ساحل الشام في عام 1291 فر بعض [[فرسان الهيكل|فرسان المعبد]] (الداوية) وبعض [[حملات صليبية|الصليبيين]] إلى جزيرة [[أرواد]] القريبة من [[طرطوس]]، فتحولت الجزيرة إلى قاعدة صليبية لشن الهجمات على سفن المسلمين وبؤرة تربص بطرطوس وساحل الشام. في أواخر عام 1300 طلب غازان المغولي من أرمن [[قليقيا|قليقية]] (مملكة أرمينية الصغرى) وصليبيي جزيرة [[قبرص]] القيام بعملية مشتركة ضد المسلمين، فقام الصليبيون في قبرص بشحن مقاتلين من فرسان المعبد و[[الاسبتاريه]]، وقوات يقودها " امالريك اوف لوزيان " (Amalric of Lusigan) ابن ملك قبرص [[هيو الثالث]] (Hugh III)، إلى أرواد <ref>Demurger, p. 147</ref>. وصلت ألانباء إلى القاهرة فقرر الناصر بناء شواني <ref>شواني : مفردها "شيني". قطعة بحرية كبيرة وطويلة تسير بمائة وأربعين مجدافاً على أكثر تقدير وعليها من المقاتلة والجدافون حوالى مائة وخمسين رجلاً ولعظم حجمها كان يقام بها الأبراج والقلاع للهجوم والدفاع. وهى أكبر القطع البحرية حجماً وأكثرها حمولة على الإطلاق. ويشير المقريزي في "الخطط" إلى أن عمارة الشواني كانت العمود الفقري لقطع الأسطول في مصر. (علاء طه رزق، 151)</ref> لغزو الجزيرة. وفي سبتمبر 1302 أبحر الأمير كهرداش من مصر إلى الشام وحاصر أرواد وفتك بالحامية الصليبية وأسر عدداً من فرسان المعبد وفر غيرهم إلى قبرص. في يوم 26 سبتمبر 1302 استسلمت أرواد التي كانت آخر جيب للصليبيين في الشام ودقت بشائر النصر في القاهرة. وكان يوم دق البشائر هو نفس اليوم الذي عاد فيه الأمير بكتاش منتصراً على أرمن قليقية <ref>المقريزى، 2/354</ref>. فالأمير بكتاش كان قد خرج، في عدة من الأمراء من بينهم كتبغا، إلى مملكة قليقية الأرمنية بسبب تحالفها مع غازان. انتشرت قوات بكتاش في أرجاء كليكليا وحرقت المحاصيل وأسرت أعداداً من الأرمن وحاصرت عاصمتهم سيس <ref>المقريزى، 2/348</ref> وعاد إلى القاهرة غانماً بينما كانت بشائر لتحرير أرواد تدق.
 
كان طرد الصليبيين من أرواد وتوجيه ضربة لمملكة قليقية انتصاراً هاماً للمسلمين على فكرة التحالف الصليبي-الأرميني-المغولي التي كان الصليبيون وأرمن قليقية يسعون بكل كد وجهد لتحقيقه. في تلك الفترة ذكر هيتوم الأرميني (Het'um the Armenian) في كتابه <ref>هيثوم الأرميني: رجل دولة وقائد من مملكة قليقية الأرمينية. كان عمه الملك هيثوم (1226-1269). ظهر كتابه " زهور تاريخ الشرق " باللغة الفرنسية 1307 وترجم في نفس العام إلى اللغة اللاتينية. وجه هيثوم كلامه إلى بابا الكاثوليك " كليمينت الخامس " يحثه على مهاجمة المسلمين ويوضح له مواطن ضعفهم.</ref> مخاطباً بابا الكاثوليك عن أهمية التعاون مع المغول قائلاً: " هذا هو الوقت المناسب لإستعادة الأرض المقدسة بمساعدة المغول ومن الممكن احتلال مصر بدون مصاعب أو مخاطر ".<ref>Het'um, Book Four, 75</ref> ويشرح في فقرة أخرى : " يجب طلب شيئين من ملك المغول: أولاً أن لايسمح بمرور أى شيءعبر مناطقه إلى أراضي الأعداء، و(ثانياً) أن يرسل رجاله ورسله لإشعال حرب في أراضى [[ملطية|ملاطية]] ويدمر ويخرب منطقة حلب. وعندها نقوم نحن الحجاج وقوات قبرص وأرمينيا بغزو أراضي الأعداء بحراً وبراً. وعلى قواتنا المسيحية أن تحصن جزيرة أرواد إذ أنها تحتل موقعاً رائعاً لضرب سفن الأعداء وإحداث أضراراً جسيمة بهم " <ref>Het'um, Book Four, 78</ref>.
 
=== قلاقل واضطرابات داخلية ===
شهدت البلاد في فترة حكم الناصر محمد الثانية اضطرابات وقلاقل كان من أخطرها " وقعة [[أهل الذمة]] "، ومشاغبات بعض العربان في [[البحيرة (محافظة)|البحيرة]] و[[صعيد مصر]].
 
بدأت " وقعة أهل الذمة " في شهر رجب 700 هـ / 1301 م عندما توقف وزير ملك [[المغرب]] بالقاهرة وهو في طريقه إلى [[مكة]] [[الحج (توضيح)|للحج]]. هال الوزير المغربي رؤية أهل الذمة من [[أقباط|الأقباط]] و[[يهود|اليهود]] يعيشون في ترف ويزينون خيولهم بالحلي الفاخرة في القاهرة، فبكى واشتكى للأميرين سلار وبيبرس الجاشنكير وأثر على نفوس الأمراء ببكائه وطول كلامه. فاجتمع القضاة ببطرك الأقباط وأكابر [[قس|القساوسة]] ورؤساء اليهود، وتقرر ألا يستخدم أحد منهم بديوان السلطان ولا بدواوين الأمراء، وألا يركب المسيحيون واليهود و[[سامريون|السامرة]] [[حصان|الخيول]] والبغال، وأن يلتزموا بعدم ارتداء العمم البيض في مصر والشام. ثم تطور الأمر حين امتدت أيدي العامة إلى [[كنيسة|كنائس]] الأقباط بفتاوي تحريضية لبعض الشيوخ. واغلقت الكنائس نحو عام في مصر إلى أن توسط ملك [[نيقيا]] البيزنطي <ref>أمبراطورية نيقيا البيزنطية: تسمى بلاد الأشكرى في المصادر المملوكية. كان [[قائمة الأباطرة البيزنطيين|أباطرتها اللاسكاريين]] علاقات طيبة بمصر خاصة في عهد السلطان [[الظاهر بيبرس|ركن الدين بيبرس]].</ref> وبعض الملوك ففتحت الكنائس <ref>المقريزى، 2/337-339</ref>. وقد لعبت الحروب الصليبية دوراً أساسياً في إشعال نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين المحليين في مصر والشام <ref name="Riley-Smith, p. 242">Riley-Smith, p. 242</ref>.
 
في ذات الوقت وقع في البحيرة صدام دموي بين طائفتين [[عرب|عربيتين]]يتين هما طائفتا "جابر" و"برديس"، فخرج إليهما الأمير [[بيبرس الدوادار]] <ref>[[بيبرس الدوادار|ركن الدين بيبرس الدوادار]] : أمير ومؤرخ مملولكى عاش ومات في مصر في الثمانين من عمره. عاش بين المماليك وشارك في حروبهم. كان من مماليك السلطان قلاوون الذي نصبه نائبا على الكرك ثم جعله نائبا للسلطنة. شارك في فتح عكا (1291) في عهد السلطان الأشرف خليل كما شارك في معركة [[معركة شقحب|مرج الصفر]](1303) ضد المغول في عهد السلطان الناصر محمد. رغم احترام الناصر له إلا أنه سجنه أثناء سلطنته الثالثة. من أهم مؤلفاته " فكرة الزبدة في تاريخ الهجرة" (11 مجلد) و"التحفة المملوكية في الدولة التركية"</ref> في عشرين أميراً وطاردهما واستدعى شيوخهما ووفق بينهما. أما في الصعيد، فقد انتهز بعض العربان فرصة انشغال الدولة في حربها مع غازان فأمتنعوا عن دفع الخراج فسير إليهم الوزير سنقر الأعسر الذي قتل عدد من المتمردين وأخذ الإبل والأسلحة وكل خيول الصعيد. إلا أن ذلك لم يؤد إلى الاستقرار بالصعيد حيث استخف العربان بالولاة، وامتنعوا مرة آخرى عن دفع الخراج، وقاموا بفرض إتاوات على التجار في [[أسيوط]] و[[منفلوط]]، وتسموا بأسماء الأمراء واقاموا عليهم كبيرين أحدهما سموه بيبرس والآخر سلار، وأطلقوا سراح المساجين. فاستفتى الأمراء الفقهاء والشيوخ في جواز قتالهم، فأفتوهم بجواز ذلك. فقام الامراء بمنع السفر إلى الصعيد، واشاعوا أنهم مسافرون إلى الشام ثم حاصروا الصعيد من عدة جهات وأنقضوا على المتمردين وقضوا عليهم <ref>المقريزى، 2/346-347</ref>.
 
=== معركة شقحب (معركة مرج الصفر) ===
{{أيضا|معركة شقحب}}
[[ملف:GhazanAndKingOfArmenia1303.JPG|تصغير|يسار|250بك|الحليفان غازان إلخان المغول وهيتوم ملك أرمينية الصغرى]]
في رجب عام 702 هـ / 1303 م قدم البريد إلى القاهرة من حلب بأن غازان على وشك التحرك إلى الشام، فخرج إلى دمشق الأمير بيبرس الجاشنكير على رأس ثلاثة آلاف من الأجناد.<ref>المقريزى، السلوك 2/ 355</ref>. أرسل غازان قائده ونائبه قطلوشاه إلى الشام بجيش قوامه 80 ألف مقاتل. ولما عرف قطلوشاه أن الناصر لم يخرج من مصر بعد، وأن ليس بالشام غير العسكر الشامي، توجه تواٌ إلى حماة <ref>المقريزى، السلوك 2/ 365-355</ref>.
 
في يوم السبت الموافق 2 رمضان 702 هـ/ 20 أبريل 1303 م ،وصل الناصر محمد إلى عقبة شجورا وبينما الأمراء يستقبلونه ويسلمون عليه وصل خبر بأن جيش قطلوشاه قد أقدم. فارتدى الجنود السلاح، وأتفق الأمراء على محاربته بشقحب تحت جبل غباغب <ref>جبل غباغب: قرية في أول عمل حوران من نواحى دمشق. -(المقريزى، السلوك, هامش،356)</ref>. كان جيش الناصر يضم نحو 200 ألف مقاتل <ref>ابن إياس 1/ 413</ref>.
اصطدم الجيشان وظن البعض أن جيش المسلمين قد هزم بعدأن تجاوز بعض المغول خط ميمنة المسلمين، فانسحب قطلوشاه إلى جبل قريب وصعد عليه وفي ظنه أنه قد انتصر وأن قواته تطارد المسلمين، ولكنه أبصر ميسرة السلطان الناصر فتحير، فلما سأل أحد الأسرى المسلمين وعلم منه أنه من أمراء مصر، أدرك أن السلطان الناصر موجود بجيش مصر في ساحة القتال.<ref>المقريزى، السلوك 2/ 375</ref>. في اليوم الثاني نزل قطلوشاه بمقاتليه فتصدت له المماليك السلطانية وأجبرته على التراجع إلى الجبل. وعلم المسلمون أن قوات قطلوشاه تعاني من العطش، فلما نزل المغول في فجر اليوم الثالث وساروا نحو النهر لم يتعرض لهم المسلمون، ثم حصدوهم عندما بلغوا النهر وقاموا بمطاردة الفارين منهم. لم يعبر الفرات مع قطلوشاه من جنوده إلا عدد قليل. أرسلت بشائر النصر إلى مصر ففرح الناس <ref>المقريزى، السلوك 2/ 358</ref><ref>ابن إياس 1/ 414</ref>.
 
في 23 شوال عاد الناصر إلى القاهرة عاصمة ملكه التي تزينت له من [[باب النصر]] ومعه الأسرى ورءوس المغول، ثم زار قبر أبيه الملك المنصور، وصعد إلي قلعة الجبل على الشقق الحرير، وأنعم على الأمراء، وأمر بإحضار سائر مغاني العرب من كل أنحاء مصر، وأقيمت احتفالات كبرى في البلاد <ref>المقريزى، السلوك 2/ 359-360</ref><ref>ابن إياس 2/ 414-415</ref>.
 
=== انجازات الناصر محمد ورحيله إلى الكرك ===
في سنة 703 هـ / 1304 م سير الناصر جنوده من القاهرة إلى كليكيا الأرمنية تحت قيادة الأمير بدر الدين بكتاش وانضمت إليهم قوات في الشام، فهاجموا الأرمن وحرقوا مزارعهم وأسروا منهم أعداداً، ثم حاصروا قلعة تل حمدون التي تحصن فيها الأرمن وسلمت إليهم بالأمان <ref>المقريزى, السلوك, 2/ 369</ref>.
في نفس السنة نقل السلطان الناصر أمه من التربة المجاورة [[مشهد السيدة نفيسة|للمشهد النفيسي]] إلى التربة الناصرية [[مدرسة الناصر محمد بن قلاوون|بمدرسته]] التي اكمل بنائها واضاف مئذنتها في سنة 1303. وأنجبت له زوجته أردكين الأشرفية ولدا سماه علياً، ولقبه بالملك المنصور <ref>المقريزى, السلوك, 2/370 و 371</ref>. ووفد إلى القاهرة نحو مائتي فارس مغولي بنسائهم وأولادهم، وكان من ضمنهم عدة من أقارب غازان وأم الأمير سلار. فاكرمهم الناصر وأنعم عليهم ببيوت للإقامة وإقطاعات. ثم قدم رسل المغول بكتاب وهدية من [[محمد أولجايتو|محمد خدابنده]] (أولجایتوأولجايتو)الذي جلس على عرش المغول بعد وفاة أخيه محمود غازان. وخاطب الناصر بالأخوة وطلب الصلح وإخماد الفتن وقال في آخر كلامه: " عفا ا لله عما سلف ومن عاد فينتقم ا لله منه ". فوافق الناصر وأكرم رسله وأرسل إليه هدية <ref>المقريزى, السلوك, 2/ 378-379</ref>.
 
في سنة 780 هـ / 1309 م أحس الناصر أنه غير قادر على مواجهة سيطرة سلار وبيبرس الجاشنكير عليه وعلى أمور الدولة، فاخبرهما بأنه ذاهب إلى مكة للحج. ولكنه بدلاً من الذهاب إلى مكة ذهب إلى الكرك وبقي هناك <ref>المقريزى, السلوك, <2/ 422</ref><ref>ابن إياس, 2/ 421-420</ref>. لم يقصد الناصر برحيله إلى الكرك التنازل عن العرش، لكنه كان يدرك انه لن يتمكن من الحكم كما يحلو له مادام بيبرس وسلار يسيطران على حياته وعلى شئون الدولة. كما كان يدرك أنهما آجلاً أو عاجلاً سيسعيان للتخلص منه إما بالخلع أو بالقتل. فكانت خطته أن يبتعد عن مصر وعن عيونهما لبعض الوقت فيتمكن بذلك من الاتصال، بحرية وبدون مراقبة، بأمراء الشام ومؤيديه من أمراء مصر حتى يتمكن بمساعدتهم من التخلص منهما وفرض سيطرته على نفسه وعلى مملكته <ref>الشيال, <2/ 183</ref>. كانت حسبة الناصر صحيحة وتمكن من تنفيذ خطته بنجاح فيما بعد.
 
عندما رفض الناصر محمد العودة إلى مصر قائلاً أن الكرك: " من بعض قلاعي وملكي، وقد عولت على الإقامة بها "، عرض الأمراء السلطنة على الأمير سلار فقال لهم : " وا لله يا أمراء أنا ما أصلح للملك، ولا يصلح له الا أخى هذا "، وأشار إلى بيببرس الجاشنكير فهتف البرجية: " صدق الأمير ". فوافق الأمراء ونصب بيبرس سلطاناً على البلاد بلقب الملك المظفر ومعه الأمير سلار نائباً للسلطنه <ref>المقريزى, السلوك, 2/424-423</ref><ref>الشيال, 2/ 183</ref> وأقام " بيبرس الجاشنكير " الناصر محمد على نيابة الكرك وكتب إليه قائلاً : " أنى أجبت سؤالك فيما اخترته، وقد حكم الأمراء علي فلم تمكن مخالفتهم, وأنا نائبك " <ref>المقريزى, السلوك, <2/ 425</ref>.
 
كانت مدة الملك الناصر في السلطنة الثانية، عشر سنين وأياماً <ref>ابن إياس, 2/ 422</ref>.
سطر 162:
 
== بعض أثاره ومنشآته ==
 
* '''[[مدرسة الناصر محمد بن قلاوون|المدرسة الناصرية]] - القاهرة:''' بدأ انشائها في عهد السلطان [[العادل كتبغا]] بجوار القبة المنصورية، وأكملها الناصر محمد واضاف [[مئذنة|مئذنتها]] في عام 703 هـ / 1303 في فترة حكمه الثانية. كانت من أجمل مباني القاهرة، وكانت بها خزانة كتب جليلة. بسبب التاريخ المنحوت عليها والذي يشير إلى عهد [[العادل كتبغا]]، يبدو أن الناصر وضع اسمه محل اسم [[العادل كتبغا]]. وجهتها تضم بوابة من الرخام الأبيض البديع على [[عمارة قوطية|الطراز القوطي]]، لأن البوابة قام الأمير سنجر الشجاعي بنقلها إلى القاهرة من إحدى كنائس عكا بعد أن فتحها الأشرف خليل (1291). [[محراب]] المدرسة له ملامح هندسية مغولية. كانت المذاهب الأربعة تدرس في المدرسة. نقل الناصر جثمان أمه إليها ولكن الناصر محمد لم يدفن فيها. قائمة حتى الآن في شارع بين القصرين.
* '''خانقاه سرياقوس - شمال القاهرة:''' تعرف أيضاً بخانقاه الصرفية. بدأ الناصر في تشييدها في عام 723 هـ / 1323 م وافتتحها في عام 725 هـ / 1325 م في فترة حكمه الثالثة كمنتجع ومنطقة ترويحية ومركزاً [[صوفية|للصوفية]] بها مائة خلوة لمائة صوفي (الناصر كان من مشجعي الصوفية). نمت المنطقة في السنوات التالية وصارت بلدة يقام بها سوق كبير كل يوم جمعة، ومنطقة ترويحية بها حدائق ومتنزهات وقصور وحمامات. قيل فيها: " سر نحو سرياقوس وانزل بفنا * أرجائها ياذا النهي والرشد. تلق محلاً للسرور والهنا * فيه مقام للتقى والذهد ". موجودة اليوم كقرية تعرف باسم " الخنكاه " ولكن غير موجودة كمنتجع.
السطر 198 ⟵ 197:
 
== مراجع وملحوظات ==
<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px" >
{{مراجع|2}}
</div>
 
السطر 224 ⟵ 223:
* Amitai-Preiss, Reuven, Mongols and Mamluks: The Mamluk-Ilkhanid War, 1260-1281، Cambridge
University Press 2004 ISBN 0-521-52290-0
* Demurger, A, The Last Templar: The Tragedy of Jacques de Molay, Profile Books Limited 2005
* Doris Behrens, Cairo of the Mamluks, I.B. Tauris, London, New York 2007 ISBN 978-1-84511-549-4
* Kurkjian, Vahan M، A story of Armenia, Armenian General Benevolent Union of America 1958
* Rieley-Smith,Jonathan, The Oxford Illustrated history of The crusades,Oxford University Press 2001 ISBN 0-19-285428-3
* The Flower of Histories of the East : compiled by Het'um the Armenian of the Praemonstratensian Order, translated by Glenn Burger، Toronto 1988
 
السطر 247 ⟵ 246:
{{شريط بوابات|أعلام|التاريخ|مصر}}
 
[[تصنيف:أشخاص من القاهرة]]
[[تصنيف:حكام أطفال في العصور الوسطى]]
[[تصنيف:حكام خلعوا أثناء الطفولة]]
[[تصنيف:مسلمون عاصروا الحروب الصليبية]]
[[تصنيف:مماليك بحرية]]
[[تصنيف:مواليد 1285]]
[[تصنيف:وفيات 1341]]
[[تصنيف:مماليك بحرية]]