مشبهة: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
إعادة الكتابة 1، حذف فقرات طويلة عن عقيدة الأشاعرة (ويكيبديا ليست مكان للترويج لأحد المذاهب)
سطر 1:
{{تحرير كثيف}}
'''المشبهة''' هي طائفة من [[طوائف إسلامية|الطوائف الإسلامية]] التي شبهت [[الله]] بخلقه، ووصفته بأنه يشبه المخلوقات، وأن له جسم ويد ورجل ووجه وعين وأعضاء، ونسبت له المكان والجهة فقالوا انه جالس بذاته على العرش في السماء أو على السماء أو فوق السموات السبع، وينتقل من مكان لمكان.<ref>[[دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد]]/ تأليف: [[تقي الدين الحصني]].</ref> وهذا الاعتقاد باطل لأن الله هو '''[[الأول (أسماء الله الحسنى)|الأول]]''' الموجود بلا بداية قبل كل شيء، و'''[[الآخر (أسماء الله الحسنى)|الآخر]]''' الباقي بلا نهاية بعد فناء كل شيء، و'''[[الظاهر (أسماء الله الحسنى)|الظاهر]]''' الغالب العالي على كل شيء، و'''[[الباطن (أسماء الله الحسنى)|الباطن]]''' الذي ليس تحته شيء، منزه عن التحيز في جهة أو مكان، منزه عن الحركة والسكون والشكل والحجم واللون وسائر صفات المخلوقات، كما جاء في الحديث: "اللهم أنت الأول، فليس قبلك شيء، وأنت الآخر، فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن، فليس دونك شيء". رواه [[البخاري]] في [[الأدب المفرد]] و[[مسلم بن الحجاج|مسلم]] و[[الترمذي]] و[[أبو داود]] و[[ابن ماجه]] و[[ابن حبان]].<ref>[[الأسماء والصفات]]/ تأليف: [[أبو بكر البيهقي]].</ref>
{{إسلام}}
'''المشبهة''' أو '''المجسمة''' هي [[مصطلح]] [[إسلام|إسلامي]] يُطلَق على من يقول بأن [[الله (إسلام)|الله]] جسم، أو من يشبه الله بالمخلوقات، ويُطلَق عليهم أيضًا '''الحشوية'''،<ref name="سؤال1">[https://islamqa.info/ar/122675 عقيدة التجسيم والتمثيل ، وأبرز فِرقها ، وحكم الإسلام عليها]</ref> ومن أشهر الفرق التي تُوصف بالتجسيم والتشبيه فرق [[الكرامية]] نسبة إلى [[محمد بن كرام السجستاني|ابن كرام]]،<ref name="الكرامية1">[http://www.aqaed.com/faq/1558/ فرقة الكرامية - مركز الأبحاث العقائدية.]</ref> و[[سبئية (فرقة)|السبئية]] نسبة إلى [[عبد الله بن سبأ]]،<ref>[http://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?id=4350 شيعة اليوم سبئية الأمس - مجلة البيان.]</ref> والهشامية أصحاب هشام بن الحكم،<ref>[[الملل والنحل]]/ تأليف: [[أبو الفتح الشهرستاني]].</ref> ويُطلَق الهشامية أيضًا على أصحاب هشام بن سالم الجواليقي،<ref>[[الفرق بين الفرق]]، عبدالقاهر الإسفرائيني ص 68، 69</ref> واليونسية أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمِّي،<ref>الأعلام، [[الزركلي]] جـ8 / 2612</ref> والبيانية أتباع بيان بن سمعان، المغيرية أتباع مغيرة بن سعيد العجلي، والمنصورية أتباع أبي منصور العجلي، والخطابية أتباع أبي الخطاب الأسدي.<ref name="سؤال1" />
 
ومصطلح المجسمة تطلقه بعض المذاهب على الآخرى، حيث يتهم ال[[أشاعرة]] وال[[ماتريدية]] - يتهمون - [[السلفية]] بأنهم من المجسمة، لأنهم بحسب قولهم يُثبِتون أن الله يحده العرش وأنه موجود في جهة، وأن هذا بحسب قولهم يستلزم التجسيم،<ref>[http://www.youm7.com/story/2015/1/24/%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AC%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A9--%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%83%D9%85-%D9%88%D9%85%D8%B0%D9%87%D8%A8%D9%83%D9%85-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A9/2039583 علي جمعة لمشايخ السلفية: عقيدتكم ومذهبكم غير سليمة]</ref><ref>[http://www.youm7.com/story/0000/0/0/-/2040004 علي جمعة للدعوة السلفية: عقيدتكم غير سليمة.. وتناقضون علماءكم وأسلافكم]</ref><ref>[http://alsunna.org/salaf.htm فرقة السلفية (أدعياء السلفية) وانحرافها عن أهل السنة والسلف الصالح]</ref><ref>[http://www.alsunna.org/eqydah-aahl-aalsnah-ward-shbh-aalmshbhah-aalmjsmah-aalwahaabyah-adeyaaa-aalslfyah.html عقيدة أهل السنة ورد شبه المشبهة المجسمة أدعياء السلفية]</ref><ref>[http://www.sunna.info/antiwahabies موقع أهل السنة والجماعة]</ref> وترد [[السلفية]] على ذلك أنهم يثبتون الاستواء كما ورد في [[القرآن]] بلا كيف من غير تأويل<ref name="صيد الفؤائد">[http://www.saaid.net/monawein/taimiah/6.htm دعوى أن شيخ الإسلام مجسّم ومشبّه ـ د. عبد الله بن صالح بن عبد العزيز الغصن]</ref>، وينفون أن ذلك يؤدي إلى ال[[تجسيم]]، فإن [[الله (إسلام)|الله]] ليس كمثله شيء<ref name="إسلام ويب">[http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=19144 التجسيم والتشبيه كفر بالله] ـ فتاوى [[إسلام ويب]]</ref>. وكذلك يتهم [[المعتزلة]] كلًا من [[الأشاعرة]] و[[السلفية]] بال[[تجسيم]].<ref name="فتاوى">[[مجموع الفتاوى]] ( 6 / 40 )</ref><ref name="درر1">[http://www.dorar.net/lib/book_end/16983 مقالة التجسيم - دراسة نقدية لخطاب خصوم ابن تيمية المعاصرين]</ref>
وأول من قال بالتشبيه هم [[البيانية]]، وهي فرقة من غلاة [[الروافض]]، وأول من نشر التشبيه في الأمة هو [[هشام بن الحكم]] الشيعي. ومن فرق المشبهة: [[الكرامية]]، و[[مغيرية|المغيرية]]، و[[هشامية|الهشامية]] و[[سبئية_(فرقة)|السبئية]].
 
== لغويًا ==
== عقيدتهم وأنواعهم ==
ال[[تشبيه]] في ال[[لغة]] يعني إلحاق أمر بآخر لصفة مشتركة بينهما،<ref name="معنى">[http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AA%D8%B4%D8%A8%D9%8A%D9%87/ معنى تشبيه في معجم المعاني الجامع]</ref> و ال[[تجسيم]] في اللغة هو إسناد الصفات والخصائص البشرية إلى الكائنات الأخرى مثل [[إله|الآلهة]]، الحيوانات، الأجسام والظواهر الطبيعية<ref>[http://www.etymonline.com/index.php?search=anthropomorphism&searchmode=none Douglas Harper, « Online Etymology Dictionary » sur etymonline.com]</ref>
والمشبهة صنفان: صنف شبهوا ذات الله بذات غيره. وصنف شبهوا صفاته بصفات غيره. أما الصنف الأول فمنهم فرقة [[سبئية_(فرقة)|السبئية]] أتباع [[عبد الله بن سبأ]] - كان [[يهودي]]ا يتظاهر بالإسلام - قالوا بألوهية [[علي بن أبي طالب]]، وأنه لم يقتل بل صعد إلى السماء، وأن المقتول إنما هو [[شيطان]] تصور في صورة [[علي]]، كما أدعوا رجوعه مرة أخرى.<ref>[http://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?id=4350 شيعة اليوم سبئية الأمس - مجلة البيان.]</ref> وفرقة [[البيانية]] الذين زعموا أن معبودهم إنسان من نور على صورة الإنسان في أعضائه وأنه يفنى كله إلا وجهه، ومنهم [[الهشامية]] المنسوبة إلى [[هشام بن الحكم الرافضي]] الذي شبه معبوده بالإنسان، قال عنه [[ابن حجر]]: {{اقتباس مضمن|كان من كبار ال[[رافضة]] ومشاهيرهم وكان [[مجسمة|مجسما]] يزعم أن ربه طوله سبعة أشبار بشبر نفسه ويزعم أن علم الله محدث...}}<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-12063/page-2997 لسان الميزان/ تأليف: ابن حجر العسقلاني.]</ref> ومنهم الهشامية المنتسبة إلى [[هشام بن سالم الجواليقي]] الذي زعم أن معبوده على صورة الإنسان. وأما الصنف الثاني فهم المشبهة لصفات الله بصفات المخلوقين ومنهم الذين شبهوا إرادة الله بإرادة خلقه فزعموا أن إرادته من جنس إرادتنا وأنها حادثة فيه كما تحدث إرادتنا فينا وزعموا أن الله محل للحوادث وهم [[الكرامية]] ولهم آراء فاسدة كثيرة كالقول بال[[تجسيم]]، وأن الله جالس مستقر على العرش، وأنه بجهة فوق ذاتا،<ref>[http://www.aqaed.com/faq/1558/ فرقة الكرامية - مركز الأبحاث العقائدية.]</ref> وقد تابعت هذه الفرقة قول هشام بن الحكم الرافضي في أن الله جسم له نهاية، وأنه طويل وعريض وعميق، طوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه وأنه مماس لعرشه.<ref>[[الملل والنحل]]/ تأليف: [[أبو الفتح الشهرستاني]].</ref>
 
== اختلاف الفرق الإسلامية في تحديد المصطلح ==
وقد استند المشبهة على أدلة نقلية وعقلية توضح مذهبهم حيث فسروا بعض آيات [[القرآن]] تفسيرا ماديا بحتا فيما يتعلق بالآيات التي تدل على الاستواء على العرش والوجه واليد والعين وغير ذلك، ومن الأدلة العقلية التي لجؤوا إليها للبرهنة على أن الله جسم، أن الله فاعل وكل فاعل لابد أن يكون جسما لأن كل ما نشاهده فاعلا هو بالضرورة جسم، وأن أحد طرق معرفتنا بالله سبحانه هو هذه الأجسام ذاتها، أما مذهب [[أهل السنة والجماعة]] ينكر ذلك وفي نفس الوقت يثبت صفات الله من غير تشبيه ولا [[تجسيم]] ولا تعطيل من خلال قوله تعالى: {{آية|ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.}} أي ليس مثله شيء والكاف زائدة للتوكيد، قال [[ابن عطية]]: {{اقتباس مضمن|الكاف مؤكدة للتشبيه، فنفي التشبيه أوكد ما يكون، وذلك أنك تقول: زيد كعمرو، وزيد مثل عمر، فإذا أردت المبالغة التامة قلت: زيد كمثل عمرو.}}<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=207&surano=42&ayano=11 تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، سورة الشورى: الآية 11.]</ref>
{{...}}
 
== الفرق المتهمة بالتجسيم والتشبيه ==
قال إمام الحرمين [[أبو المعالي الجويني]] في بيان عقيدة المشبهة: {{اقتباس مضمن|واعلموا أن مذهب أهل الحق: أن الرب سبحانه وتعالى يتقدس عن شغل حيز، ويتنزه عن الاختصاص بجهة. وذهبت المشبهة إلى أنه مختص بجهة فوق، ثم افترقت آراؤهم بعد الاتفاق منهم على إثبات الجهة، فصار غلاة المشبهة إلى أن الرب تعالى مماس للصفحة العليا من العرش وهو مماسّه، وجوزوا عليه التحول والانتقال وتبدل الجهات والحركات والسكنات، وقد حكينا جُملاً من فضائح مذهبهم فيما تقدم.}}<ref>الشامل في أصول الدين/ تأليف: أبو المعالي الجويني.</ref> وقال أيضا: {{اقتباس مضمن|[[البارئ (أسماء الله الحسنى)|البارىء]] سبحانه وتعالى قائم بنفسه، متعال عن الافتقار إلى محل يحله أو مكان يُقله.}}<ref>الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد/ تأليف: أبو المعالي الجويني.</ref> فالله تعالى هو '''[[القيوم (أسماء الله الحسنى)|القيوم]]''' أي القائم بنفسه الذي لا يزول ولا يحول ولا يتغير ولا يتحول، ومعنى قيامه بنفسه هو استغناؤه عن كل شيء، فهو '''[[الغني (أسماء الله الحسنى)|الغني]]''' لا يحتاج إلى شيء.
 
=== الشيعة الأوائل ===
وقال الشيخ [[أبو سعد المتولي النيسابوري]] في كتابه [[الغنية في أصول الدين|الغُنية في أصول الدين]]: {{اقتباس مضمن|والغرض من هذا الفصل نفي الحاجة إلى المحل والجهة خلافًا [[الكرامية|للكرامية]] وال[[حشوية]] والمشبهة الذين قالوا إن لله جهة فوق. وأطلق بعضهم القول بأنه جالس على العرش مستقر عليه، تعالى الله عن قولهم. والدليل على أنه مستغن عن المحل أنه لو افتقر إلى المحل لزم أن يكون المحل قديمًا لأنه قديم، أو يكون حادثًا كما أن المحل حادث، وكلاهما [[الكفر في الإسلام|كفر]]. والدليل عليه أنه لو كان على العرش على ما زعموا، لكان لا يخلو إما أن يكون مِثْل العرش أو أصغر منه أو أكبر، وفي جميع ذلك إثبات التقدير والحد والنهاية وهو كفر. والدليل عليه أنه لو كان في جهة وقدرنا شخصًا أعطاه الله تعالى قوة عظيمة واشتغل بقطع المسافة والصعود إلى فوق لا يخلو إما أن يصل إليه وقتًا ما أو لا يصل إليه. فإن قالوا لا يصل إليه فهو قول بنفي الصانع لأن كل موجودين بينهما مسافة معلومة، وأحدهما لا يزال يقطع تلك المسافة ولا يصل إليه يدل على أنه ليس بموجود. فإن قالوا يجوز أن يصل إليه ويحاذيه فيجوز أن يماسه أيضًا، ويلزم من ذلك كفران: أحدهما: قدم العالم، لأنا نستدل على حدوث العالم بالافتراق والاجتماع. والثاني: اثبات الولد والزوجة.}}<ref>الغنية في أصول الدين، ص: 73-74-75.</ref>
يُتهم [[الشيعة]] الأوائل أنهم أول من قال بالتشبيه والتجسيم، فيقول [[فخر الدين الرازي]]:<ref>اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص:97</ref> {{اقتباس مضمن|ال[[يهود]] أكثرهم مشبّهة، وكان بدء ظهور التّشبيه في الإسلام من [[رافضة|الرّوافض]] مثل هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي، ويونس بن عبد الرحمن القمي وأبي جعفر الأحول}}، وهؤلاء الرجال المذكورين تعدهم [[اثنا عشرية|الاثنا عشرية]] من أعيان ال[[شيعة]].<ref>أعيان الشيعة، محسن الأمين، (1/106)</ref>، ومن ال[[زيدية]] من اتهم [[اثنا عشرية|الاثني عشرية]] بالتجسيم، ومنهم [[ابن المرتضى|ابن المرتضى اليماني]] حيث قال بأن جل [[اثنا عشرية|الاثني عشرية]] على ال[[تجسيم]] إلا من اختلف منهم ب[[المعتزلة]]،<ref>المنية والأمل ص:19، الحور العين ـ نشوان الحميري ص:148:149</ref> ويذكر [[أبو الحسن الأشعري]] أنّ أوائل الشّيعة كانوا مُجسّمة، ثم بيّن مذاهبهم في التّجسيم، ونقل بعض أقوالهم في ذلك، إلا أنّه يقول بأنّه قد عدل عنه قوم من متأخّريهم إلى التّعطيل،<ref>[[مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين|مقالات الإسلاميين]]، [[أبو الحسن الأشعري]]، جـ 1، ص 106:109</ref> ولكن شيوخ الاثني عشرية ينفون هذه الأقوال المنسوبة إليهم.<ref>بحار الأنوار، المجلسي، جـ 3، ص 292:290</ref>
<br/>ومن أشهر تلك الفرق:<ref name="شيعة1">[http://www.dorar.net/enc/firq/1495 الغلو في الإثبات (التَّجسيم)]</ref><ref name="سؤال1" /><br/>
* أصحاب هشام بن الحكم، ويُسمَّون الهشامية، ويُذكر اقتباسات منسوبة إلى هشام بن الحكم وأتباعه يقولون فيها بالتشبيه والتجسيم، وأن معبودهم جسم وله نهاية، وحد طويل عريض عميق، طوله مثل عرضه،<ref name="فرق" /> وذكر ذلك [[عبد القاهر البغدادي]]:<ref name="فرق2">[[الفرق بين الفرق]] ص:65</ref> {{اقتباس مضمن|زعم هشام بن الحكم أن معبوده جسم ذو حد ونهاية وأنه طويل عريض عميق وأن طوله مثل عرضه}}، وقال [[ابن تيمية]]:<ref>منهاج السنة (1/20)</ref> {{اقتباس مضمن|وأول من عرف في الإسلام أنه قال: إن الله جسم هو هشام بن الحكم}}، وقال [[ابن حزم]]:<ref>الفصل (5/40)</ref> {{اقتباس مضمن|قال هشام في مناظرته لأبي الهذيل إن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه، وكان داود الجواربي من كبار متكلميهم يزعم أن ربه لحم ودم على صورة الآدمي}}.
* أصحاب هشام بن سالم الجواليقي، ويُسمَّون الهشامية أيضًا، ويُذكر أنهم قالوا أن الله على صورة الإنسان، وينكرون أن يكون لحمًا ودمًا، ويقولون: إنه نور ساطع يتلألأ بياضًا،<ref name="فرق">التبصير في الدين " للإسفراييني ( ص 119 – 121 )، و " الفرق بين الفِرق " ( ص 214 – 219 )</ref> فيقول [[عبد القاهر البغدادي]]:<ref name="فرق2" /> {{اقتباس مضمن|إن هشام بن سالم الجواليقي مفرط في التجسيم والتشبيه لأنه زعم أن معبوده على صورة الإنسان، وأنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان}}.
* أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمِّي، ويُسمَّون اليونسية، وهو من [[أصحاب الإجماع]] عند [[اثنا عشرية|الاثنا عشرية]]<ref name="فرق" /> ويقول [[عبد القاهر البغدادي]]:<ref name="فرق3">[[الفرق بين الفرق]] ص:70</ref> {{اقتباس مضمن|وكذلك يونس بن عبد الرحمن القمي مفرط أيضًا في باب التشبيه}}، وقال الإسفراييني:<ref>التبصير في الدين ص:24</ref> {{اقتباس مضمن|والعاقل بأول وهلة يعلم أن من كانت هذه مقالته لم يكن له في الإسلام حظ}}
* البيانية أتباع بيان بن سمعان،<ref name="فرق" /> حيث قالوا بألوهية [[علي بن أبي طالب]]، وقال بتناسخ الأرواح، لذلك يُعد من طوائف التجسيم والتشبيه.<ref name="باطنية">[https://andalusiat.com/2013/06/14/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%88%D8%B3/#more-4845 أصل الباطنية ـ أندلسيات]</ref>
* السبئية أتباع [[عبد الله بن سبأ]]، فقد ألَّهت هذه الفرقة [[علي بن أبي طالب]] مثل البيانية، وشبهوه بذات الله.<ref name="فرق" />
* المغيرية أتباع مغيرة بن سعيد العجلي، وقيل أنه كان يقول أن معبوده له أعضاء، وأعضاؤه على صورة حروف الهجاء،<ref name="فرق" /> قال [[ابن قتيبة]] عن المغيرة بن سعيد في كتابه عيون الأخبار عن المغيرة بن سعيد إنه كَانَ سبئيًا.<ref name="سفر">[http://www.alhawali.com/popups/print_window.aspx?article_no=388&type=3&expand=1 المشبهة وأنواعهم ـ موقع سفر الحوالي]</ref>
* المنصورية أتباع أبي منصور العجلي، حيث ذُكِر أنه قال أنه صعد إلى السماء إلى الله، وأن الله مسح على رأسه وقال : يا بني بلغ عني .<ref name="فرق" />
* الخطابية أتباع أبي الخطاب الأسدي.<ref name="فرق" />
* داود الجواربي نسبة إِلَى الجوارب،<ref>لسان الميزان (2/ 427)</ref>، قال [[الذهبي]]: {{اقتباس مضمن|داود الجواربي رأس في الرفض والتجسيم.}}، وقال [[يزيد بن هارون]] عنه: {{اقتباس مضمن|إنما مثله مثل طائفة كانوا في سفينة فعبروا جسر واسط فسقطوا في النهر، وكان معهم داود فخرج شيطان من النهر، فقَالَ: أنا داود الجواربي، فنشر هذا الضلال وهذه البدع.}}، فكان يَقُولُ إن ربه له جسم وجثة وأعضاء.<ref>الميزان (2/23)</ref>
 
=== الكرامية ===
=== زعمهم أن الله موجود في السماء ===
{{مفصلة|الكرامية}}
* قال '''[[فخر الدين الرازي]]''' في تفسيره [[مفاتيح الغيب]]: "واعلم أن المشبهة احتجوا على إثبات المكان لله تعالى بقوله: {أأمنتم من في السماء}، والجواب عنه أن هذه الآية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين، لأن كونه في السماء يقتضي كون السماء محيطاً به من جميع الجوانب، فيكون أصغر من السماء، والسماء أصغر من العرش بكثير، فيلزم أن يكون الله تعالى شيئاً حقيراً بالنسبة إلى العرش، وذلك باتفاق أهل الإسلام محال، ولأنه تعالى قال: {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله} [الأنعام: 12] فلو كان الله في السماء لوجب أن يكون مالكاً لنفسه وهذا محال، فعلمنا أن هذه الآية يجب صرفها عن ظاهرها إلى التأويل".<ref>تفسير [[مفاتيح الغيب]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
ظهرت هذه الفرقة في النصف الأول من [[قرن 3 هـ|القرن الثالث الهجري]]، وأشهر رجالها هو [[محمد بن كرام السجستاني|محمد بن كرام بن عراق السجستاني]] (ت:[[255 هـ]])، إليه تنسب هذه الفرقة، يُتهَمون بأنهم [[مجسمة]] لاتفاقهم على إطلاق لفظ الجسم على الله تعالى، ولكنهم فسروا معناه بأنه القائم بالذات، المستغني وجوده عن غيره.<ref name="كرامية1">[http://www.dorar.net/enc/firq/622 التعريف بفرق المرجئة وأشهر رجالها وبيان مجمل اعتقادها ـ الكرامية] ـ الدرر السنية</ref>
 
=== السلفية ===
* وقال '''[[نظام الدين النيسابوري|نظام الدين القمّي النيسابوري]]''' في تفسيره [[غرائب القرآن ورغائب الفرقان|غرائب القرآن]]: "واستدلال المشبهة بقوله {من في السماء} ظاهر. و[[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] يتأولونه بوجوه منها: قول [[أبو مسلم الخراساني|أبي مسلم]] أن العرب كانوا يقرون بوجود الإله لكنهم يزعمون أنه في السماء فقيل لهم على حسب اعتقادهم {أأمنتم من} تزعمون أنه {في السماء} ومنها قول جمع من المفسرين أأمنتم من في السماء ملكوته أو سلطانه أو قهره لأن العادة جارية بنزول البلاء من السماء. ومنها قول آخرين أن المراد [[جبريل|جبرائيل]] يخسف بهم الأرض بأمر الله".<ref>تفسير [[غرائب القرآن ورغائب الفرقان]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
يتهم كلًا من [[المعتزلة]] و[[الأشاعرة]] - يتهمون - [[السلفية]] بال[[تجسيم]] بالرغم من نفي السلفية ذلك، ف[[الأشاعرة]] ترمي ال[[سلفية]] بال[[تجسيم]] لإثباتهم الصفات الخبرية لله كالوجه واليد والاستواء والفوقية،<ref name="درر1" /> فيعتبرون أن ذلك يؤدي إلى التجسيم.
==== مصطلح الحشوية ====
يقال أن سبب هذه التسمية أنهم لجمعهم حشو [[حديث نبوي|الحديث]] من غير تمييز بين [[حديث صحيح|صحيحه]] و[[حديث ضعيف|ضعيفه]]، ويقال لأنهم أتوا مجلس [[الحسن البصري]] وتكلموا في السقط - وهو الذي لم تتم له ستة شهور في بطن أمه - فأمر بردّهم إلي حشا الحلقة - أي طرفها - فسُمّوا بالحشوية.<ref>تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري [[ابن عساكر]] الدمشقي صفحة 11</ref>
 
وخصوم [[السلفية|السلفيين]] يرمونهم بهذا الاسم،<ref name="حشوية">[http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=105571 الحشوية.. معناها.. والمراد منها]</ref> فعند [[أبو حامد الغزالي|أبي حامد الغزالي]] هم من أثبتوا العلو ويعبر عنها بالجهة فيقول:<ref>[[الاقتصاد في الاعتقاد]] (1 / 23)</ref> {{اقتباس مضمن|أما الحشوية فإنهم لم يتمكنوا من فهم موجود إلا في جهة، فأثبتوا الجهة.}}، وكذلك [[بدر الدين بن جماعة]] فقال:<ref>إيضاح الدليل (1 / 202)</ref> {{اقتباس مضمن|واحتج بعض الحشوية بعدم إنكار النبي بسؤاله بقوله أين الدالة على المكان}}
* وقال '''[[عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي|أبو البركات النسفي]]''' في تفسيره [[مدارك التنزيل وحقائق التأويل|مدارك التنزيل]]: "{أأمنتم من في السماء} أي من ملكوته في السماء لأنها مسكن ملائكته ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه فكأنه قال: أأمنتم خالق السماء وملكه، أو لأنهم كانوا يعتقدون التشبيه وأنه في السماء، وأن الرحمة والعذاب ينزلان منه فقيل لهم على حسب اعتقادهم: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء وهو [[المتعال (أسماء الله الحسنى)|متعالٍ]] عن المكان".<ref>تفسير [[مدارك التنزيل وحقائق التأويل]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
 
ويقول أنصار [[السلفية]] أن هذا المصطلح لتنفير الناس عن اتباعهم، فيقول [[محمود شكري الآلوسي]]:<ref>[[محمود شكري الآلوسي]]، مسائل الجاهلية، شرح مسائل الجاهلية (1/ 169)</ref> {{اقتباس مضمن|وخصوم السلفيين يرمونهم بهذا الاسم، تنفيراً للناس عن اتباعهم والأخذ بأقوالهم، حيث يقولون في المتشابه: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ. وقد أخطأت استهم الحفرة، فالسلف لا يقولون بورود ما لا معنى له لا في الكتاب ولا في السنة، بل يقولون في الاستواء مثلاً: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر. إلى أن قال: والمقصود أن أهل الباطل من المبتدعة رموا أهل السنة والحديث بمثل هذا اللقب الخبيث}}
* وقال '''[[السمين الحلبي]]''' فى تفسيره الدر المصون: "قوله: {من في السماء}، مفعول "أمنتم"، وفي الكلام حذف مضاف أي: أمنتم خالق مَنْ في السماوات. وقيل: "في" بمعنى على أي: على السماء، وإنما احتاج القائل بهذين إلى ذلك لأنه اعتقد أن "مَنْ" واقعة على [[البارئ (أسماء الله الحسنى)|الباري]] تعالى وهو الظاهر، وثبت بالدليل القطعي أنه ليس بمتحيّز لئلا يلزم التجسيم. ولا حاجة إلى ذلك فإن "مَنْ" هنا المراد بها الملائكة سكان السماء، وهم الذين يتولون الرحمة والنقمة. وقيل: خوطبوا بذلك على اعتقادهم، فإن القوم كانوا [[مجسمة|مُجَسِّمة]] مشبِّهة، والذي تقدم أحسن".<ref>تفسير [[الدر المصون في علوم الكتاب المكنون]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
 
=== الأشاعرة ===
* وقال '''[[البيضاوي]]''' في تفسيره [[تفسير البيضاوي|أنوار التنزيل]]: "{أأمنتم من في السماء} يعني الملائكة الموكلين على تدبير هذا العالم، أو الله تعالى على تأويل {من في السماء} أمره أو قضاؤه، أو على زعم العرب فإنهم زعموا أنه تعالى في السماء".<ref>تفسير [[أنوار التنزيل وأسرار التأويل]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
نظرًا لاختلاف تعريف مصطلح ال[[تجسيم]] بين الفِرق؛ تتهم بعض الفرق [[الأشاعرة]] أيضًا بالتجسيم بالرغم أنهم من أكثر الفرق الذين ينكرون التجسيم، فيتهم بعض [[الشيعة]] [[الأشاعرة]] بذلك بسبب إثباتهم بعض الصفات، فيقول [[المازندراني]]: <ref>شرح أصول الكافي (3/202)</ref> {{اقتباس مضمن|[[الأشاعرة]] يثبتون له تعالى صفات الجسم ولوازم الجسمية ويتبرؤن من التجسيم.. وهذا تناقض يلتزمون به ولا يبالون، وهذا يدل على عدم تفطنهم لكثير من اللوازم البينة أيضاً، وعندنا هو عين ال[[تجسيم]]}}، وكذلك ترمي ال[[معتزلة]] [[الأشاعرة]] بال[[تجسيم]] لإثباتهم الصفات المعنوية لله.<ref name="درر1" />
 
=== الصوفية ===
* وقال '''[[الزمخشري]]''' في تفسيره [[الكشاف (تفسير)|الكشاف]]: "{من في السماء} فيه وجهان: أحدهما من ملكوته في السماء؛ لأنها مسكن ملائكته وثم عرشه وكرسيه واللوح المحفوظ، ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه. والثاني: أنهم كانوا يعتقدون التشبيه، وأنه في السماء، وأنّ الرحمة والعذاب ينزلان منه، وكانوا يدعونه من جهتها، فقيل لهم على حسب اعتقادهم: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء، وهو متعال عن المكان أن يعذبكم بخسف أو بحاصب، كما تقول لبعض المشبهة: أما تخاف من فوق العرش أن يعاقبك بما تفعل، إذا رأيته يركب بعض المعاصي".<ref>تفسير [[الكشاف]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
يُتهَم بعض ال[[صوفية]] بالتجسيم والتشبيه، حيث اتهم بعضهم أنهم قالوا أن الله تَعَالَى يَحِلُّ في مخلوقاته أو يتحد بهم، وهو ما يُسمى ب[[وحدة الوجود]]،<ref name="سفر" /> ومن المُتَهمين بذلك [[الحسين بن منصور الحلاج]] (ت:[[309 هـ]])، و[[شهاب الدين يحيى السهروردي]] (ت:[[587 هـ]])، [[محي الدين بن عربي]] (ت:[[638 هـ]])، [[ابن الفارض]] (ت:[[632 هـ]])، [[ابن سبعين]] (ت:[[667 هـ]])،<ref name="صوفية">[http://www.alserdaab.org/articles.aspx?selected_article_no=396 الصوفية ـ شبكة منهاج السنة]</ref> حيث لاقت قصيدة نظم السلوك ل[[ابن الفارض]] المسماة بالتائهة الكبرى العديد من الاتهامات باتباع مذهب [[وحدة الوجود]]،<ref name="ابن الفارض">[http://habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/1620 نظرة في تائية ابن الفارض]</ref> <ref name="ابن الفارض2">[http://www.dorar.net/enc/firq/2275 لمحة عن رواد مدرسة الحلول والاتحاد مع نماذج من فكرهم]</ref> وكذلك اتُهِم [[محي الدين بن عربي]] بالتشبيه إستنادًا إلى بعض أقواله،<ref name="سؤال2">[https://islamqa.info/ar/7691 من هو ابن عربي ؟]</ref> فقد قال فيه [[بدر الدين بن جماعة]]:<ref>عقيدة ابن عربي وحياته، لتقي الدين الفاسي، ص 29 ، 30</ref> {{اقتباس مضمن|وقوله - يعني [[ابن عربي]] - في [[آدم]]: أنه إنسان العين، تشبيه لله تعالى بخلقه، وكذلك قوله: الحق المنزه، هو الخلق المشبّه إن أراد بالحق رب العالمين، فقد صرّح '''بالتشبيه''' وتغالى فيه.}}
 
* وقال '''[[الطبراني]]''' في التفسير الكبير: "قوله تعالى: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}؛ معناه: أأمنتم يا أهل مكة من في السماء سلطانه وقدرته وملكه أن يغيبكم في الأرض جزاء على قبح أفعالكم. وقيل: معناه: أأمنتم عقوبة مَن في السماء وعذاب مَن في السماء. وقيل: معناه: من جرت عادته أن ينزل نقمته من السماء على من يكفر به ويعصيه. وقيل: أأمنتم مَن في السماء، وهو الملك الموكَّل بالعذاب، يعني [[جبريل]] أن يخسف بكم الأرض بأمر الله تعالى".<ref>التفسير الكبير للإمام الطبراني، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
 
* وقال '''[[أبو منصور الماتريدي|الماتريدي]]''' في تفسيره [[تفسير الماتريدي|تأويلات أهل السنة]]: "قوله: {من في السماء} أراد نفسه تعالى، أخبر أنه إله السماء، لا على تثبيت أنه في الأرض سواه وعلى النفي أن يكون هو إله الأرض، بل هو في السماء إله وفي الأرض إله؛ وهو كقوله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} [المجادلة: 7] ليس فيه أن النجوى إذا كانت بين اثنين فهو لا يكون ثالثهم. وجائز أن يكون قوله: {أأمنتم من في السماء} أي: أأمنتم [من] في السماء ملكه وسلطانه، ولم تروا أحدا انتهى ملكه إلى السماء، فكيف تأمنون ممن بلغ ملكه السماء؛ فكيف تأمنون مكره وتعادونه، وأنتم لا تجترئون على معاداة ملك من ملوك الأرض الذي لا يجاوز ملكه الأرض؛ هيبة منه وخوفاً من سلطانه، فكيف تأمنون عذاب من بلغ ملكه ما ذكرنا؟!".<ref>[[تفسير تأويلات أهل السنة]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
 
* وقال '''[[أبو حيان الغرناطي|أبو حيّان]]''' في [[تفسير البحر المحيط|البحر المحيط]]: "{من في السماء}: هذا [[مجاز (بلاغة)|مجاز]]، وقد قام البرهان العقلي على أن تعالى ليس بمتحيز في جهة، ومجازه أن ملكوته في السماء لأن في السماء هو صلة من، ففيه الضمير الذي كان في العامل فيه، وهو استقر، أي من في السماء هو، أي ملكوته، فهو على حذف مضاف، وملكوته في كل شيء. لكن خص السماء بالذكر لأنها مسكن ملائكته وثم عرشه وكرسيه واللوح المحفوظ، ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأمره ونهيه، أو جاء هذا على طريق اعتقادهم، إذ كانوا مشبهة، فيكون المعنى: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء؟ وهو المتعالي عن المكان. وقيل: من على حذف مضاف، أي خالق من في السماء. وقيل: من هم الملائكة. وقيل: [[جبريل]]، وهو الملك الموكل بالخسف وغيره. وقيل: من بمعنى على، ويراد بالعلو القهر والقدرة لا بالمكان، وفي التحرير: الاجماع منعقد على أنه ليس في السماء بمعنى الاستقرار، لأن من قال من المشبهة و[[مجسمة|المجسمة]] أنه على العرش لا يقول بأنه في السماء".<ref>[[تفسير البحر المحيط]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
 
* وقال '''[[برهان الدين البقاعي]]''' في تفسيره [[نظم الدرر في تناسب الآيات والسور]]: "{أأمنتم} أي أيها المكذبون، وخاطبهم بما كانوا يعتقدون مع أنه إذا حمل على الرتبة وأول السماء بالعلو أو جعل كناية عن التصرف لأن العادة جرت غالباً أن من كان في شيء كان متصرفاً فيه صح من غير تأويل فقال: {من في السماء} أي على زعمكم العالية قاهرة لكم، أو المعنى: من الملائكة الغلاظ الشداد الذي صرفهم في مصالح العباد، أو المعنى: في غاية العلو رتبة، أو أن ذلك إشارة إلى أن في السماء أعظم أمره لأنها ترفع إليها أعمال عباده وهي مهبط الوحي ومنزل القطر ومحل القدس والسلطان والكبرياء وجهة العرش ومعدن المطهرين والمقربين من الملائكة الذين أقامهم الله في تصريف أوامره ونواهيه، والذي دعا إلى مثل هذا التأويل السائغ الماشي على لسان العرب قيام الدليل القطعي على أنه سبحانه ليس بمتحيز في جهة لأنه [[المحيط (أسماء الله الحسنى)|محيط]] فلا يحاط به، لأن ذلك لا يكون إلا لمحتاج؛ ثم أبدل من "من" بدل اشتمال فقال: {أن}. ولما كانت قدرته على ما يريد بلا واسطة كقدرته بالواسطة، وقدرته إذا كان الواسطة جمعاً كقدرته إذا كان واحداً، لأن الفاعل على كل تقدير حقيقة هو لا غيره، وحد بما يقتضيه لفظ "من" إشارة إلى هذا المعنى سواء أريد بـ "من" هو سبحانه أو ملائكته أو واحد منهم فقال: {يخسف} أي أأمنتم خسفه، ويجوز أن يراد بـ "من" الله سبحانه وتعالى كما مضى خطاباً على زعمهم وظنهم أنه في السماء وإلزاماً لهم بأنه كما قدر على الإمطار والإنبات وغيرهما من التصرفات في الأرض فهو يقدر على غيره {بكم الأرض} كما خسف ب[[قارون]] وغيره".<ref>تفسير [[نظم الدرر في تناسب الآيات والسور]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
 
* وقال '''[[محمد الطاهر بن عاشور]]''' في تفسيره [[التحرير والتنوير]]: "قوله: {من في السماء} في الموضعين من قبيل المتشابه الذي يعطي ظاهره معنى الحلول في مكان وذلك لا يليق بالله، ويجيء فيه ما في أمثاله من طريقتي التفويض للسلف والتأويل للخلَف رحمهم الله أجمعين. وقد أوَّلوه بمعنى: من في السماء عذابُه أو قدرتُه أو سلطانه على نحو تأويل قوله تعالى: {وجاء ربك} [الفجر: 22] وأمثاله...".<ref>تفسير [[التحرير والتنوير]]، [[سورة الملك]]: الآية 16.</ref>
 
== عقيدة أهل السنة ==
قال الإمام '''[[أبو جعفر الطحاوي]]''' في [[العقيدة الطحاوية|بيان عقيدة أهل السنة والجماعة]]: {{اقتباس مضمن|تعالى (يعني الله) عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.}} والجهات الست هي الفوق والتحت واليمين والشمال والأمام والخلف. أي لا يوصف الله بأنه تحيط به الجهات الست كما أن المخلوق تحيط به الجهات الست، بعض المخلوقات في جهة فوق وبعضها في جهة تحت وبعضها في الشمال وبعضها في الجنوب أما الله فليس متحيزاً في جهة من الجهات الست، على هذا علماء السلف والخلف من الصحابة ومن جاء بعدهم، ومن خالف هذا فهو ضالٌ مبتدع في العقيدة. وقال أيضا: {{اقتباس مضمن|ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر. من أبصر هذا اعتبر. وعن مثل قول الكفار انزجر. وعلم أن الله بصفاته ليس كالبشر.}}<ref>العقيدة الطحاوية.</ref>
 
وقال '''[[نعيم بن حماد]]''' شيخ [[البخاري]]: {{اقتباس مضمن|من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً.}} وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: وجدت في كتاب أبي نعيم بن حماد قال: {{اقتباس مضمن|حق على كل مؤمن أن يؤمن (بجميع) ما وصف الله به نفسه ويترك التفكر في الرب تبارك وتعالى ويتبع حديث النبي -[[صلى الله عليه وسلم]]- أنه قال: (تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق) قال نعيم: ليس كمثله شيء ولا يشبهه شيء من الأشياء.}}<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=68&idto=68&bk_no=110&ID=64 شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، باب جماع توحيد الله عز وجل وصفاته وأسمائه، سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن التفكر في ذات الله عز وجل.]</ref>
 
وقد ذكر الإمام '''[[تاج الدين السبكي]]''' [[عقيدة إسلامية|عقيدة أهل السنة]] في كتابه [[طبقات الشافعية الكبرى]] فقال: {{اقتباس مضمن|وها نحن نذكر عقيدة [[أهل السنة]]، فنقول: عقيدتنا أن الله قديم أزلي، لا يشبه شيئا، ولا يشبهه شيء، ليس له جهة ولا مكان، ولا يجرى عليه وقت ولا زمان، ولا يقال له: أين، ولا حيث، يرى لا عن مقابلة، ولا على مقابلة، كان ولا مكان، كون المكان، ودبر الزمان، وهو الآن على ما عليه كان. هذا مذهب أهل السنة، وعقيدة [[صوفية|مشايخ الطريق]] رضي الله عنهم. قال [[الجنيد]] رضي الله عنه: متى يتصل من لا شبيه له، ولا نظير له بمن له شبيه ونظير؟ وكما قيل ل[[يحيى بن معاذ الرازي]]: أخبرنا عن الله عز وجل؟ فقال: إله واحد، فقيل له: كيف هو؟ فقال: مالك [[القادر (أسماء الله الحسنى)|قادر]]، فقيل له: أين هو؟ فقال: بالمرصاد، فقال السائل: لم أسألك عن هذا. فقال: ما كان غير هذا كان صفة المخلوق، فأما صفته فما أخبرت عنه. وكما سأل [[ابن شاهين]] الجنيد رضي الله عنهما عن معنى "مع" فقال: "مع" على معنيين؛ مع الأنبياء بالنصرة والكلاءة؛ قال الله تعالى: '''{{آية|إنني معكما أسمع وأرى}}''' [سورة طه: آية 46]، ومع العالم بالعلم والإحاطة؛ قال الله تعالى: '''{{آية|ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم}}''' [سورة المجادلة: آية 7] فقال ابن شاهين: مثلك يصلح دالا للأمة على الله. وسئل '''[[ذو النون المصري]]''' رضي الله عنه، عن قوله تعالى: {{آية|الرحمن على العرش استوى}} [سورة طه: آية 5] فقال: أثبت ذاته، ونفى مكانه، فهو موجود بذاته، والأشياء بحكمته كما شاء... وقال '''[[جعفر الصادق]]''' رضي الله عنه: من زعم أن الله في شيء أو على شيء فقد أشرك؛ إذ لو كان في شيء لكان محصورا، ولو كان على شيء لكان محمولا، ولو كان من شيء لكان محدثا.}}<ref>[https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?indexstartno=0&hflag=&pid=632093&bk_no=1702&startno=3 طبقات الشافعية الكبرى، كتاب ذكر الموت، الطبقة السابعة، الشيخ شهاب الدين ابن جهبل.]</ref>
 
قال الله تعالى: '''{{آية|هل تعلم له سميا}}''' [مريم: 65] قال [[أحمد بن عجيبة|ابن عجيبة]] في [[البحر المديد في تفسير القرآن المجيد|البحر المديد]]: {{اقتباس مضمن|أي: شبيهًا ونظيرًا، أو هل تعلم أحدًا تسمى بهذا الاسم غير الله العالي، والتسمية تقتضي التسوية بين المتشابهين، ولا مثل له، لا موجودًا ولا موهومًا، مع أن المشركين مع غلوهم في المكابرة لم يسموا الصنم بالجلالة أصلاً، ولم يتجاسر أحد أن يسمي بهذا الاسم، ولو تجاسر أحدٌ لهلك.}}<ref>تفسير [[البحر المديد في تفسير القرآن المجيد]]، [[سورة مريم]]: الآية 65.</ref>
 
وقال: '''{{آية|ولله المثل الأعلى}}''' [النحل: 60] قال [[أحمد بن عجيبة|ابن عجيبة]] في [[البحر المديد في تفسير القرآن المجيد|البحر المديد]]: {{اقتباس مضمن|أي: الصفة العليا، وهو الوجوب الذاتي والغنى المطلق، والجود الفائق، والنزاهة عن صفات المخلوقين، والوحدانية في الذات والصفات والأفعال".}}<ref>تفسير [[البحر المديد في تفسير القرآن المجيد]]، [[سورة النحل]]: الآية 60.</ref>
 
وقال أيضا: '''{{آية|فلا تضربوا لله الأمثال}}''' [النحل: 74] قال [[أحمد بن عجيبة|ابن عجيبة]] في [[البحر المديد في تفسير القرآن المجيد|البحر المديد]]: {{اقتباس مضمن|لا تجعلوا له أشباهًا تشركونهم به، أو تقيسونهم عليه، فإنَّ ضرب المثل تشبيه حال بحال".}}<ref>تفسير [[البحر المديد في تفسير القرآن المجيد]]، [[سورة النحل]]: الآية 74.</ref>
 
أي لا تجعلوا لله الشبيه فإن الله تعالى لا شبيه له ولا مثيل له، فلا ذاتُه يشبه الذوات ولا صفاتُه تشبه الصفات. فلا يوصف الله بصفات المخلوقين من التغيّر والتطور من حال إلى حال والانتقال من مكان إلى مكان والجلوس فوق العرش، وما إلى ذلك من صفات الأجسام والمخلوقات. فالله تعالى لا مِثْلَ له ولا شبيه ولا نظير، فمن وصفه بصفة من صفات البشر كالقعود والقيام والجلوس والاستقرار يكون شَبَّهَهُ بهم، وهذا الاعتقاد [[الكفر في الإسلام|كفر]] لتكذيبه قول الله: '''{ليس كمثله شيء}''' [الشورى: 11] ([http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3353&idto=3353&bk_no=61&ID=3396 انظر تفسير التحرير والتنوير])، وقوله تعالى: '''{ولم يكن له كفوا أحد}''' [الإخلاص: 4] أي لا نظير له بوجه من الوجوه.<ref>[[تفسير التحرير والتنوير]]، [[سورة الشورى]]: الآية 11.</ref>
 
قال القاضي '''[[أبو بكر الباقلاني]]''' في [[الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به]]: "ويجب أن يعلم أن كل ما يدل على الحدوث أو على سمة النقص فالرب تعالى يتقدس عنه، فمن ذلك: أنه تعالى متقدس عن الاختصاص بالجهات، والاتصاف بصفات المحدثات، وكذلك لا يوصف بالتحول والانتقال، ولا القيام ولا القعود، لقوله تعالى: '''{ليس كمثله شيء}''' وقوله: '''{ولم يكن له كفوا أحد}''' ولأن هذه الصفات تدل على الحدوث، والله تعالى يتقدس عن ذلك".<ref>[http://www.soufiyyah.org/booksAr/nmAr/13nmAr.html [[الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به]]، ص: 64.]</ref>
 
=== الله موجود بلا مكان، وهو معنا في كل مكان ===
الله ليس له مكان محدد، لأنه ليس له جسم، فالله ليس مثلنا نحن البشر، فنحن من لنا أجسام وطول وعرض ووزن، أما الله سبحانه وتعالى فليس له حد ومقدار فهو '''[[الواسع (أسماء الله الحسنى)|الواسع]] [[العظيم (أسماء الله الحسنى)|العظيم]] [[الكبير (أسماء الله الحسنى)|الكبير]] [[المتعال (أسماء الله الحسنى)|المتعال]]''' الذي كبر عن صفات المخلوقين وتعالى عنها، {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}. ولا يوجد بيننا وبين الله مسافة، فالله هو '''[[القريب (أسماء الله الحسنى)|القريب]]'''، أقرب إلينا من أنفسنا، كما قال: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [ق: 16] قال [[ابن عطية الأندلسي|ابن عطية]] في [[المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز|المحرر الوجيز]] عند تفسيره لهذه الآية ما نصه: {{اقتباس مضمن|عبارة عن قدرة الله على العبد، وكون العبد في قبضة القدرة، والعلم قد أحيط به، فالقرب هو بالقدرة والسلطان، إذ لا ينحجب عن علم الله باطن ولا ظاهر، وكل قريب من الأجرام فبينه وبين قلب الإنسان حجب.}}<ref> تفسير [[المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز]]، [[سورة ق]]: الآية 16.</ref> وليس هنا حلول ولا اتحاد، قال الله تعالى: '''{له ما في السماوات وما في الأرض}''' [البقرة: 255].
 
قال '''[[محمد متولي الشعراوي|الشعراوي]]''' فى تفسيره لقول الله تعالى {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10]: "دائماً نخاطب الله على جهة العلو، مع أنه سبحانه في كل مكان، وليس له مكان، لذلك يحتج البعض على هذه المسألة فيقول: كيف أن الله ليس له مكان، وسيدنا رسول الله لما أراد الله أنْ يُكلِّمه أصعده إلى السماء السابعة؟ نقول: كان الصعود لمكان الرائي لا لمكان المرئي، فالرائي لا يرى إلا من هذا المكان، فمثلاً لو أننا سمعنا الآن ضجة خارج المسجد، وهذه النافذة التي تُطِل على هذه الضجة عالية، فماذا تفعل إنْ أردتَ أنْ تعرف ما يدور بالخارج، لا بُدَّ لك أنْ تصعد هذا العلو لترى ما يحدث، فالأحداث هي هي، لكن مكان الرائي يختلف".<ref>تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي، [[سورة فاطر]]: الآية 10.</ref> وقال '''[[القشيري]]''' فيما نقله [[المرتضى الزبيدي|الزبيدي]] في إتحاف السادة المتقين: "وقصارى الجهلة قولهم: كيف يُعقل موجود لا في محل، والذي يدحض شُبههم (أي المشبهة) أن يقال لهم: قبل أن يخلق العالم أو المكان هل كان موجوداً أم لا؟ فمن ضرورة العقل أن يقولوا: بلى، فيلزمه لو صح قوله لا يُعلم موجود إلا في مكان أحدُ أمرين: إما أن يقول المكان والعرش والعالم قديم (يعني لا بداية لوجودهم) وإما أن يقول الرب محدَث وهذا مآل الجهلة [[حشوية|الحشوية]]، ليس القديم بالـمُحدَث والـمُحدَث بالقديم".<ref>إتحاف السادة المتقين للزبيدي.</ref>
 
وممن نقل [[إجماع (فقه)|إجماع المسلمين]] سلفهم وخلفهم على أن الله موجود بلا مكان الإمام '''[[عبد القاهر البغدادي|أبو منصور البغدادي]]''' الذي قال فى كتابه "[[الفرق بين الفرق|الفَرْق بين الفِرَق]]" ما نصه: {{اقتباس مضمن|وأجمعوا -أي [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]]- على أنه -أي الله- لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان.}} وقال إمام الحرمين '''[[أبو المعالي الجويني]]''' في كتابه [[الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد]]: {{اقتباس مضمن|ومذهب أهل الحق قاطبة أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن التحيّز والتخصص بالجهات.}} وقال الشيخ '''[[محمد ميارة|محمد مَيَّارة]]''' المالكي: {{اقتباس مضمن|أجمع أهل الحق قاطبة على أن الله تعالى لا جهة له، فلا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف.}}<ref> [http://www.darulfatwa.org.au/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%84%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%86%D9%80%D8%B2%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87-3/ الدليل على تنـزيه الله عن المكان والجهة من الإجماع.]</ref>
 
فكما صح وجود الله تعالى بلا مكان وجهة قبل خلق الأماكن والجهات، فكذلك يصح وجوده بعد خلق الأماكن بلا مكان وجهة وهذا لا يكون نفياً لوجوده تعالى، فالله موجود معنا في كل مكان، كما قال: '''{وهو معكم أينما كنتم}''' [الحديد: 4] أي حاضر لا يغيب. قال '''[[محمد الطاهر بن عاشور|ابن عاشور]]''' في [[التحرير والتنوير]]: "والمعيّة تمثيل كنائي عن العلم بجميع أحوالهم. و {أينما} ظرف مركب من (أين) وهي اسم للمكان، و (ما) الزائدة للدلالة على تعميم الأمكنة".<ref>[[تفسير التحرير والتنوير]]، [[سورة الحديد]]: الآية 4.</ref> وقال '''[[ابن عطية الأندلسي|ابن عطية]]''' في [[المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز|المحرر الوجيز]]: "معناه بقدرته وعلمه وإحاطته. وهذه آية أجمعت الأمة على هذا التأويل فيها، وأنها مخرجة عن معنى لفظها المعهود، ودخل في [[إجماع (فقه)|الإجماع]] من يقول بأن المشتبه كله ينبغي أن يمر ويؤمن به ولا يفسر فقد أجمعوا على تأويل هذه لبيان وجوب إخراجها عن ظاهرها. قال [[سفيان الثوري]] معناه: علمه معكم، وتأولهم هذه حجة عليهم في غيرها".<ref>تفسير [[المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز]]، [[سورة الحديد]]: الآية 4.</ref> وقال '''[[فخر الدين الرازي]]''' في [[مفاتيح الغيب]]: "المسألة الثانية: قال [[علم الكلام|المتكلمون]]: هذه المعية إما بالعلم وإما بالحفظ والحراسة، وعلى التقديرين فقد انعقد الإجماع على أنه سبحانه ليس معنا بالمكان والجهة والحيز، فإذن قوله: {وهو معكم} لا بد فيه من التأويل وإذا جوزنا التأويل في موضع وجب تجويزه في سائر المواضع".<ref>تفسير [[مفاتيح الغيب]]، [[سورة الحديد]]: الآية 4.</ref> وقال '''[[أحمد بن عجيبة|ابن عجيبة]]''' في [[البحر المديد في تفسير القرآن المجيد|البحر المديد]]: "بالعلم والقدرة والإحاطة الذاتية، وما ادعاه [[ابن عطية الأندلسي|ابنُ عطية]] من الإجماع أنه بالعلم، فإن كان مراده من أهل الظاهر فمسلّم، وأمّا [[صوفية|أهل الباطن]] فمجمِعون على خلافه".<ref>تفسير [[البحر المديد في تفسير القرآن المجيد]]، [[سورة الحديد]]: الآية 4.</ref>
 
وفي الحديث الشريف: "'''أيها الناس اربعوا على أنفسكم، إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا [[القريب (أسماء الله الحسنى)|قريبا]]، وهو معكم'''". رواه [[البخاري]] و[[مسلم]] في صحيحيهما. وأخرج [[ابن مردويه]] و[[أبو بكر البيهقي|البيهقي]] عن [[عبادة بن الصامت]] قال: قال رسول الله [[صلى الله عليه وسلم]]: '''"إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله تعالى معه حيث كان".'''<ref>تفسير [[الدر المنثور في التفسير بالمأثور]] للسيوطي، [[سورة الحديد]]: آية 4.</ref>
 
قيل إن [[راهب|راهباً]] سأل عن بعض المسائل وطلب من علماء المسلمين الرد عليها، فأجابه الإمام [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة]].. وهذا وصف الحوار الذي دار بينهما:
قال الراهب: ماذا قبل الله؟ فأجاب أبو حنيفة: هل تحسن العدد؟ قال نعم. قال: ماذا قبل [[الواحد (أسماء الله الحسنى)|الواحد]]؟ قال: لا شيء قبله. قال: إذا كان الواحد الفاني لا شيء قبله -فالله سبحانه- لا شيء قبله. ثم قال الراهب: في أي جهة يكون وجه الله؟ قال: إذا أوقدت السراج ففي أي جهة يكون وجهه؟ فقال: ذلك [[النور (أسماء الله الحسنى)|نور]] يملأ المكان، وليس له جهة. قال أبو حنيفة: إذا كان النور الزائل الحادث لا جهة له فوجه ربي (جل وعلا) منزه عن الجهة والمكان. قال الراهب: ماذا يفعل ربك الآن؟ فأجاب أبو حنيفة: يرفع أقواماً ويخفض آخرين {كل يوم هو في شأن} فخجل الراهب وانصرف.
 
{{قصيدة|سبحانك لا تدرك في حس، ولا تخيل في نفس|ذاتك مقدسة أزلية، صفاتك معظمة أبدية}}
{{قصيدة|يا موجد الأشياء وخالقها، ورازقها وراحمها|عالمها ظاهرها وباطنها، أولها وآخرها}}
{{قصيدة|يارب الحياة والموت، رب الآخرة والأولى|رب الأرواح والأشباح}}
{{قصيدة|يا [[الخالق (أسماء الله الحسنى)|خالق]] كل شيء ولا شيء يشبهك|يا من أنت مع كل شيء ولا شيء معك}}
{{قصيدة|ذاتك أجل من أن تدرك|وصفاتك أعظم من أن تعقل}}
{{قصيدة|أبرزت الوجود من العدم، فكان لك القِدم|دون أن يكون قبلك شيء ولا بعدك أحد}}
{{قصيدة|أنت معنا أينما كنا، لا بالحلول بالأبدان|فما نحن إلا من صنع قدرتك، وما العقل إلا من فيض نعمتك}}
{{قصيدة|فلا أنت نحن ولا نحن أنت|ولا أنت العقل ولا العقل أنت}}
{{قصيدة|الخلائق عن فهم ذاتك عاجزون|سبحانك يا من لا يدرك كُنْهَ صفاتِهِ الواصفون}}
{{قصيدة|أنعمت بالبصر والبصر لايدركك|وتفضلت بالبصيرة والبصيرة لا تُنْكرُكَ}}
{{قصيدة|لا تحيط بك الروح، فهي من عجائب أمرك|ولا يصل إليك العقل، فهو من ضنائن سرك}}
{{قصيدة|الخلق خلقك، الملائكة جندك، الروح من أمرك| تبارك اسمك، أحاط علمك، سَبَق تقديرك، نفذ حكمك}}
{{قصيدة|يا محصي الأشياء وزناً وعداً، طولاً وعرضاً|قرباً وبعداً، نوراً وظلاماً، مكاناً وزماناً}}
{{قصيدة|يا خالق ما نرى وما لا نرى، من فوق السموات العلا وما وراءها|إلى ما تحت أطباق تخوم الثري ومابعدها}}
{{قصيدة|يا صاحب العظمة المتعالية عن الادراك|يا خالق الجسد في أعلى مثل، خلقت فأبدعت، وصورت فأحسنت}}
{{قصيدة|هذه آثارك في حياة كائناتك، فكيف أنت في سمو عليائك؟|هذه دنيانا الفانية، فكيف آخرتنا الباقية؟}}
{{قصيدة|سبحانك لا ترقى مداركنا إلى آفاق معانيك|يا من أنت وراء الفهم والظن والوهم والخيال}}
{{قصيدة|تساميت لطفاً وعدلاً، وتفضلت حلماً وكرماً|لا شيء عندي لا تعرفه فأقول لك عليه، ولا شيء خافٍ عنك فأظهره بين يديك}}
{{قصيدة|سبحانك في علوِّك سبحانك، ما خلقت شيئاً عفواً ولا عبثاً|ولا تركت شيئاً للمصادفة والاتفاق أبداً}}
{{قصيدة|هذه مظاهر الأسباب عبرة لأولي الألباب، لا تخلو ذرة في أكوانك من عظيم قهرك وسلطانك|يا [[الغني (أسماء الله الحسنى)|غنياً]] عن خلقك ولا غنى لخلقك -حتى الجاحدين منهم- عن فضلك وإحسانك}}
{{قصيدة|يا [[الظاهر (أسماء الله الحسنى)|ظاهراً]] في خفائك، يا [[الباطن (أسماء الله الحسنى)|باطناً]] في ظهورك، يا [[البديع|بديعاً]] في صنعك|يا خفياً في لطفك، يا أليماً في أخذك، يا شديداً في بطشك}}
{{قصيدة|تعاليت إلهي عن أقوال الملحدين، وتساميت ربي عن وصف الواصفين|وتقدست سيدي عن سوء فهم المفكرين، وتنزهت مولاي عن تصورات الواهمين}}
{{قصيدة|يا خالق الكون والزمان والمكان|ما أعمى بصيرة من لم يرك معه أينما كان}}
{{قصيدة|وإلا فأين المكان الذي ليس فيه أمرك وقهرك|وأين الزمان الذي ليس فيه حمدك وشكرك<ref>كتاب "في ملكوت الله مع أسماء الله" للشيخ عبد المقصود محمد سالم.</ref>}}
 
== الآيات المحكمات والآيات المتشابهات ==
قال الله تعالى في محكم كتابه:
{{صندوق أزرق|{{قرآن مصور|آل عمران|7}}}}
بَيَّنَ الله سبحانه وتعالى أن القرآن فيه آيات محكمات وفيه آيات متشابهات، فأما المحكمات فهي الآيات الواضحة التي لا تحتاج إلى تفسير كقوله تعالى {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11] وقوله تعالى {ولم يكن له كفوا أحد} [الإخلاص: 4] وقد سمى الله الآيات المحكمات بأم الكتاب أي أساس القرآن لأنها الأصل الذي تُرَد إليها الآيات المتشابهات، وأغلب آيات القرآن محكمة.
 
وأما الآيات المتشابهة فهي الآيات الغامضة الغير واضحة وتحتمل بحسب وضع اللغة العربية أكثر من معنى، ويُحتاج لمعرفة المعنى المرادِ منها إلى نظر أهل العلم الذين لهم دِراية بالنصوص الشرعية ومعانيها ولهم دراية بلغة العرب فلا تخفى عليهم المعاني، كقوله عز وجل: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] فإن كلمة (استوى) في لغة العرب تحتمل معاني كثيرة، تحتاج إلى نظر العلماء لمعرفة المراد منها في هذه الآية.
 
فالآحاديث والآيات المتشابهة لا تأخذ على ظاهرها انما لها معنى يليق بالله وتفسر وتأول كما أولها المفسرون. فمثلاً تفسير قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} لا يجوز اعتقاد أن معناها أن الله جالس على العرش! انما تفسر بما يليق بكمال الله عز وجل. كما قال الإمام [[مالك بن أنس|مالك]]: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والجحود به كفر، والسؤال عنه بدعة). أي أن الله تعالى منزه عن الكيفية والجسم والحد. قوله: "الاستواء غير مجهول" أي أنه معلوم وروده في القرآن، ولا يعني أنه بمعنى الجلوس ولكن كيفية الجلوس مجهولة، كما زعم بعض [[مجسمة|المجسمة]]، وقوله: "والكيف غير معقول" معناه أن الاستواء بمعنى الكيف أي الهيئة كالجلوس لا يعقل أي لا يقبله العقل، لكونه من صفات الخلق، لأن الجلوس لا يصح إلا من ذي أعضاء ك[[ألية]] و[[ركبة]]، وتعالى الله عن ذلك، فلا معنى لقول المشبهة: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة، يقصدون بذلك أن الاستواء الجلوس لكن كيفية جلوسه غير معلومة، لأن الجلوس كيفما كان لا يكون إلا بأعضاء، وهؤلاء يوهمون الناس أن هذا مراد الإمام [[مالك بن أنس|مالك]].<ref>[http://www.a7bash.com/textshow-435.html موقع الأحباش: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول.]</ref>
 
قال الصحابي الجليل والخليفة الراشد [[علي بن أبي طالب]]: {{اقتباس مضمن|'''إن الله تعالى خلق العرش إظهاراً لقدرته لا مكاناً لذاته.'''}}<ref>الفرق بين الفرق لأبي منصور البغدادي.</ref> وقد سئل الإمام [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة]] عن الاستواء فقال: "من قال لا أعرف الله أفي السماء هو أم في الأرض فقد كفر"، لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه. وهذا القول ثابت عن الإمام أبي حنيفة نقله الإمام [[أبو منصور الماتريدي]] [ت[[333 هـ]]] في شرحه على [[الفقه الأكبر]] والإمام [[أحمد الرفاعي]] في "البرهان المؤيد" و[[العز بن عبد السلام|العز ابن عبد السلام]] في حل الرموز والشيخ [[تقي الدين الحصني]] في "[[دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد|دفع شبه من شبه وتمرد]]" والشيخ علي بن عطية علوان الحموي الشافعي الأشعري في كتابه بيان المعاني و[[شمس الدين الرملي]] في فتاويه وشهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي في الفواكه الدواني والشيخ محمد بن سليمان الحلبي في نخبة اللآلي وغيرهم.
 
وفي "الفقه الأبسط" للإمام [[أبو حنيفة النعمان|أبي حنيفة]]: "من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فهو كافر، وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أو في الأرض" وإنما كفَّر الإمام قائل هاتين العبارتين لأنه جعل الله مختصًّا بجهة وحيز، وكل ما هو مختص بالجهة والتحيز فإنه محتاج محدث بالضرورة، وليس مراده كما زعم المشبهة إثبات أن السماء والعرش مكان لله تعالى بدليل كلامه الصريح في نفي الجهة عن الله، فقد قال أيضاً في "الفقه الأبسط": "كان الله تعالى ولا مكان، كان قبل أن يخلق الخلق، كان ولم يكن أين ولا خلق ولا شيء، وهو خالق كل شيء".
 
وقال في [[الفقه الأكبر]]: "والله واحد لا من طريق العدد ولكن من طريق أنه لا شريك له: قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4) [سورة الإخلاص] لا يشبه شيئًا من خلقه ولا يشبهه شيء من خلقه". وقال: "وصفاته في الأزل غير محدثة ولا مخلوقة، فمن قال إنها مخلوقة أو محدَثة أو توقَّفَ فيها أو شك فيها فهو كافر بالله تعالى". وقال: "وهو شيء لا كالأشياء. ومعنى الشيء إثباته بلا جسم ولا عَرَض ولا حد له ولا ضد له ولا نِد له ولا مِثل له". وقال أيضا: "ويراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم بلا تشبيه ولا كيفية ولا كمية ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة".
 
وفي "الوصية" للإمام [[أبو حنيفة النعمان|أبي حنيفة]]: "ولقاء الله تعالى لأهل الجنة حق بلا كيفية ولا تشبيه ولا جهة". وقال في "الوصية" أيضا: "نقر بأن الله على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة إليه واستقرار عليه وهو الحافظ للعرش وغير العرش، فلو كان محتاجا لما قدر على إيجاد العالم وتدبيره كالمخلوق ولو كان محتاجا إلى الجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان الله تعالى! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا".
 
===تأويل الاستواء===
وممن تأول الاستواء على العرش بالقهر والاستيلاء من علماء أهل السنة:
* '''[[الطبري]]''' في تفسيره [[تفسير الطبري|جامع البيان في تفسير القرآن]] قال: الاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه منها الاحتـياز والاستـيلاء كقولهم: استوى فلان علـى المملكة، بـمعنى احتوى عليها وحازها، ثم أوّل قول الله تعالى: {ثم استوى إلى السماء} [البقرة: 29] فقال: {{اقتباس مضمن|علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال.}}<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=108&idto=108&bk_no=50&ID=113 [[تفسير الطبري]]، [[سورة البقرة]]: الآية 29.<nowiki>]</nowiki>]</ref>
* '''[[البيضاوي]]''' في تفسيره [[تفسير البيضاوي|أنوار التنزيل وأسرار التأويل]] قال: {{اقتباس مضمن|{ثم استوى على العرش} [الأعراف: 54] استوى أمره أو استولى، وعن أصحابنا أن الاستواء على العرش صفة لله بلا كيف، والمعنى: أن له تعالى استواء على العرش على الوجه الذي عناه منزهاً عن الاستقرار والتمكن والعرش الجسم المحيط بسائر الأجسام سمي به لارتفاعه، أو للتشبيه بسرير الملك فإن الأمور والتدابير تنزل منه وقيل الملك.}}<ref>تفسير [[أنوار التنزيل وأسرار التأويل]]، [[سورة الأعراف]]: الآية 54.</ref>
 
==حديث الجارية==
حديث الجارية من أحاديث [[آحاد (حديث)|الآحاد]]، وليس من الأحاديث [[حديث متواتر|المتواترة]] المجمع عليها، وأحاديث الآحاد لا يُعتد بها في العقائد ولا تقوم بها الحجة لأنها تفيد الظن، وإنما تقوم بالتواتر لأنه لا سبيل إلى إنكاره، وهذا رأي جمهور العلماء. قال [[علم الكلام|المتكلمون]]: إن العقائد لا تثبت بأخبار الآحاد؛ لأن المطلوب فيها القطع وأخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن، وقد قال تعالى: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} [يونس: 36] وإنما تثبت بالأحاديث المتواترة؛ لأنها هي التي تفيد اليقين الذي هو شرط الإيمان.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-6947/page-2973 فتاوى مجلة المنار: الاحتجاج بأحاديث الآحاد في العقائد للشيخ محمد رشيد رضا.]</ref>
 
* قال '''[[النووي]]''' في [[شرح صحيح مسلم]]: "قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أين الله؟ قالت في السماء قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله قال: أعتقها فإنها مؤمنة) هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان تقدم ذكرهما مرات في كتاب الإيمان. أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنزيهه عن سمات المخلوقات. والثاني تأويله بما يليق به، فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها، هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده، وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة؟ وليس ذلك؛ لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين، كما أن الكعبة قبلة المصلين، أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان التي بين أيديهم، فلما قالت: في السماء، علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان. قال '''[[القاضي عياض]]''': لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى: أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ونحوه ليست على ظاهرها، بل متأولة عند جميعهم".<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1455&idto=1465&bk_no=53&ID=235 شرح النووي على مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته.]</ref>
 
* وقال الإمام '''[[المازري]]''' المالكي: "إنما وجه السؤال ب (أين) ها هنا سؤال عما تعتقده من جلال الباري وعظمته، وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلالته تعالى في نفسها والسماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين فكما لم يدل أن الله جلت قدرته فيها لم يدل التوجه إلى السماء والإشارة على أن الله سبحانه حال فيها".<ref>[http://www.alsunna.org/shrH-Hdyth-aaljaaryah-end-ahl-aalsnah.html المعلم بفوائد مسلم للإمام المازري.]</ref>
 
==حديث النزول==
حديث النزول من ضمن الأحاديث التي يستغلها المشبة فيأخذون نص الحديث على ظاهره بلا تأويل ولا تفويض (أي بدون تفسير او تفويض المعنى والكيفية لله بأن يقولوا "الله أعلم بالمراد" مع تنزيه الله عن كل نقص وعيب واعتقاد ان الله ليس كمثله شيء) ويقولون ان الله ينزل نزولاً حقيقياً من السماء إلى الأرض، مما يجعل الله صغيراً محدوداً في جسم وتحيط به الجهات الست. وقد وضح هذا الأمر [[شيخ الإسلام]] [[تاج الدين السبكي]] في كتابه [[طبقات الشافعية الكبرى]].
 
{{اقتباس عالم|[[تاج الدين السبكي]]|متن= [[أشعرية|للأشاعرة]] قولان مشهوران في إثبات الصفات، هل تمر على ظاهرها مع اعتقاد التنزيه، أو تئول؟ والقول بالإمرار مع اعتقاد التنزيه هو المعزو إلى [[سلف (إسلام)|السلف]]، وهو اختيار الإمام في الرسالة النظامية (يقصد إمام الحرمين [[أبو المعالي الجويني]])، وفي مواضع من كلامه، فرجوعه معناه الرجوع عن التأويل إلى التفويض، ولا إنكار في هذا، ولا في مقابله، فإنها مسألة [[اجتهاد إسلامي|اجتهادية]]، أعني مسألة التأويل أو التفويض مع اعتقاد التنزيه. إنما المصيبة الكبرى والداهية الدهياء الإمرار على الظاهر، والاعتقاد أنه المراد، وأنه لا يستحيل على الباري، فذلك قول [[المجسمة]] عباد الوثن، الذين في قلوبهم زيغ يحملهم الزيغ على اتباع المتشابه، ابتغاء الفتنة، عليهم لعائن اللَّه تترى واحدة بعد أخرى، ما أجرأهم على الكذب، وأقل فهمهم للحقائق.<ref>[https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?indexstartno=0&hflag=1&pid=630055&bk_no=1702&startno=2 طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي.]</ref>|}}
 
وهذه طائفة من أقوال العلماء في شرح الحديث:
* قال '''[[النووي]]''' في [[شرح صحيح مسلم|شرحه على صحيح مسلم]]: "قوله -[[صلى الله عليه وسلم]]-: (ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له) هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيه مذهبان مشهوران للعلماء سبق إيضاحهما في كتاب الإيمان ومختصرهما أن أحدهما وهو مذهب جمهور [[سلف (إسلام)|السلف]] وبعض [[علم الكلام|المتكلمين]]: أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى، وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد، ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق، وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق. والثاني: مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي هنا عن [[مالك بن أنس|مالك]] و[[الأوزاعي]]: أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها. فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين أحدهما: تأويل [[مالك بن أنس]] وغيره معناه: تنزل رحمته وأمره وملائكته كما يقال : فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره. والثاني: أنه على [[استعارة|الاستعارة]]، ومعناه: الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف. والله أعلم".<ref>[https://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=2134&idto=2143&bk_no=53&ID=307 شرح النووي على مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه.]</ref>
 
* وقال '''[[شهاب الدين القسطلاني|القسطلاني]]''' في [[إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري|شرحه على صحيح البخاري]] عند ذكره لهذا الحديث: "هو نزول رحمة ومزيد لطفٍ وإجابة دعوة وقبول معذرة، لا نزول حركة وانتقال لاستحالة ذلك على الله فهو نزول معنوي". ثم قال: "نعم يجوز حمله على الحسي ويكون راجعا إلى ملَكه الذي ينزل بأمره ونهيه".<ref>[http://www.soufiyyah.org/booksAr/nmAr/10nmAr.html إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، المجلد الثاني، ص: 323.]</ref>
 
* وقال '''[[ابن حجر العسقلاني]]''' في [[فتح الباري|شرحه على صحيح البخاري]]: "قوله: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) استدل به من أثبت الجهة، وقال: هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز، تعالى الله عن ذلك. وقد اختلف في معنى النزول على أقوال: فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته، وهم المشبهة، تعالى الله عن قولهم. ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة، وهم [[خوارج|الخوارج]]، و[[معتزلة|المعتزلة]]، وهو مكابرة، والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك، وأنكروا ما في الحديث، إما جهلا، وإما عنادا، ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف، ونقله [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]] وغيره عن الأئمة الأربعة، والسفيانين، والحمادين، و[[الأوزاعي]]، و[[الليث بن سعد|الليث]]، وغيرهم، ومنهم من أوله على وجه يليق، مستعمل في كلام العرب، ومنهم من أفرط في التأويل، حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب، وبين ما يكون بعيدا مهجورا، فأول في بعض، وفوض في بعض، وهو منقول عن [[مالك بن أنس|مالك]]، وجزم به من المتأخرين [[ابن دقيق العيد]]، قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف، والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق، فيصار إليه. من الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب، فحينئذ التفويض أسلم. وسيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد، إن شاء الله تعالى. وقال [[ابن العربي]]: حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها، وبه أقول. فأما قوله: ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني، فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوي، بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل، فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة، فهي عربية صحيحة. انتهى. والحاصل أنه تأوله بوجهين: إما بأن المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره، وإما بأنه [[استعارة]] بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه. وقد حكى [[أبو بكر بن فورك]] أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا، ويقويه ما رواه [[النسائي]] من طريق الأغر، عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] وأبي سعيد بلفظ: إن الله يمهل، حتى يمضي شطر الليل، ثم يأمر مناديا يقول: هل من داع فيستجاب له. الحديث. وفي حديث عثمان بن أبي العاص : ينادي مناد: هل من داع يستجاب له. الحديث. قال [[القرطبي]]: وبهذا يرتفع الإشكال، ولا يعكر عليه ما في رواية [[رفاعة الجهني]]: ينزل الله إلى السماء الدنيا، فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري. لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور. وقال '''[[عبد الله بن عمر البيضاوي|البيضاوي]]''': ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد نور رحمته، أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة".<ref>[http://islamport.com/w/srh/Web/2747/1690.htm فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل.]</ref>
 
* وقال '''[[محمد عبد العظيم الزرقاني|الزرقاني]]''' في شرحه على [[موطأ الإمام مالك]]: "(عن [[أبي هريرة]] أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ينزل ربنا) اختلف فيه فالراسخون في العلم، يقولون: آمنا به كل من عند ربنا، على طريق الإجمال منزهين لله تعالى عن الكيفية والتشبيه. ونقله [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]] وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين و[[الأوزاعي]] وغيرهم، قال البيهقي: وهو أسلم. ويدل عليه اتفاقهم على أن التأويل المعين لا يجب فحينئذ التفويض أسلم. وقال '''[[ابن العربي]]''': النزول راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، فالنزول حسي صفة الملك المبعوث بذلك، أو معنوي بمعنى لم يفعل ثم فعل فسمي ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة فهي عربية صحيحة. والحاصل أنه تأوله بوجهين: إما أن المعنى ينزل أمره أو الملك، وإما أنه [[استعارة]] بمعنى التلطف والإجابة لهم ونحوه. وكذا حكي عن '''[[مالك بن أنس|مالك]]''' أنه أوله بنزول رحمته وأمره أو ملائكته، كما يقال فعل الملك كذا أي أتباعه بأمره، لكن قال [[ابن عبد البر]]: قال قوم ينزل أمره ورحمته وليس بشيء; لأن أمره بما يشاء من رحمته ونعمته ينزل بالليل والنهار بلا توقيت ثلث الليل ولا غيره، ولو صح ذلك عن مالك لكان معناه أن الأغلب في الاستجابة ذلك الوقت. وقال [[أبو الوليد الباجي|الباجي]]: هو إخبار عن إجابة الداعي وغفرانه للمستغفرين وتنبيه على فضل الوقت كحديث: "إذا تقرب إلي عبدي شبرا تقربت إليه ذراعا. الحديث، لم يرد قرب المسافة لعدم إمكانه، وإنما أراد العمل من العبد ومنه تعالى الإجابة. وحكى [[أبو بكر بن فورك|ابن فورك]] أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا، قال الحافظ: ويقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر عن أبي هريرة وأبي سعيد: "أن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل، ثم يأمر مناديا يقول هل من داع فيستجاب له؟" الحديث. وحديث عثمان بن أبي العاص عند أحمد: "ينادي مناد: هل من داع يستجاب له؟ الحديث. قال [[القرطبي]]: وبهذا يرتفع الإشكال، ولا يعكر عليه حديث رفاعة الجهني عند النسائي: "ينزل الله إلى سماء الدنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري"; لأنه لا يلزم من إنزاله الملك أن يسأل عن صنع العباد، بل يجوز أنه مأمور بالمناداة، ولا يسأل البتة عما بعدها، فهو أعلم سبحانه بما كان وما يكون، انتهى. ولك أن تقول: الإشكال مدفوع حتى على أنه ينزل بفتح أوله الذي هو الرواية الصحيحة. وكل من حديثي النسائي وأحمد يقوي تأويله بأنه من [[مجاز (توضيح)|مجاز]] الحذف أو [[استعارة|الاستعارة]]. وقال [[عبد الله بن عمر البيضاوي|البيضاوي]]: لما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد دنو رحمته أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة".<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=77&ID=1025 شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، كتاب القرآن، باب ما جاء في الدعاء.]</ref>
 
* وقال الحافظ '''[[ابن الجوزي]]''' الحنبلي في كتابه "[[دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه]]" بعد ذكر حديث النزول ما نصه: "إنه يستحيل على الله عز وجل الحركة والنقلة والتغيير. وواجب على الخلق اعتقاد التنزيه وامتناع تجويز النقلة وأن النزول الذي هو انتقال من مكان إلى مكان يفتقر إلى ثلاثة أجسام جسم عال وهو مكان الساكن وجسم سافل وجسم ينتقل من علو إلى أسفل وهذا لا يجوز على الله قطعا".<ref>[http://www.soufiyyah.org/booksAr/nmAr/8nmAr.html دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه.]</ref>
 
* وقال الإمام '''[[ابن حجر الهيتمي]]''' في [[تحفة المحتاج في شرح المنهاج]]: "وللحديث الصحيح {ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيه ومن يستغفرني فأغفر له} ومعنى ينزل ربنا ينزل أمره كما أوله به الخلف وبعض أكابر السلف ولا التفات إلى ما شنع به على المؤولين بعض من عدم التوفيق ومن ثم قال [[بدر الدين ابن جماعة|ابن جماعة]] في [[ابن تيمية]] رأسهم إنه عبد أضله الله وخذله نسأل الله دوام العافية من ذلك بمنه وكرمه".<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?ID=23&startno=19&start=19&idfrom=1331&idto=1403&bookid=20&Hashiya=2 تحفة المحتاج في شرح المنهاج، كتاب الصلاة، باب في صلاة النفل.]</ref>
 
* وقال الإمام '''[[عبد الحميد الشرواني]]''' الشافعي في حاشيته على تحفة المحتاج في شرح المنهاج: "ومعنى {ينزل ربنا} ينزل أمره) أي أو ملائكته أو رحمته أو هو كناية عن مزيد القرب وبالجملة فيجب على كل أن يعتقد من هذا الحديث وما شابهه من المشكلات الواردة في الكتاب والسنة ك {الرحمن على العرش استوى} {ويبقى وجه ربك} {يد الله فوق أيديهم} وغير ذلك مما شاكله أنه ليس المراد بها ظواهرها لاستحالتها عليه تبارك وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا، ثم هو بعد ذلك مخير إن شاء أولها بنحو ما ذكرناه وهي طريقة الخلف وآثروها لكثرة المبتدعة القائلين بالجهة و[[مجسمة|الجسمية]] وغيرهما مما هو محال على الله تعالى، وإن شاء فوض علمها إلى الله تعالى وهي طريقة السلف وآثروها لخلو زمانهم عما حدث من الضلالات الشنيعة والبدع القبيحة فلم يكن لهم حاجة إلى الخوض فيها شرح بافضل (قوله: ينزل أمره) قال [[إسنوي (توضيح)|الإسنوي]] يدل عليه ما في الحديث {أن الله عز وجل يمهل ولا يهمل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا ينادي فيقول هل من داع} انتهى".<ref>حاشية الشرواني على تحفة المحتاج.</ref>
 
== النهي عن التفكر في ذات الله ==
قد أمر الله تعالى بالتفكر والتدبر في كتابه العزيز في مواضع لا تحصى وأثنى على المتفكرين فقال تعالى:
{{صندوق أزرق|{{قرآن مصور|آل عمران|191}}}}
 
وقد نهى النبي عن التفكر في ذات الله عز وجل، فليس في طاقة إنسان أن يتعرض للحديث عن ذات الله، لقصور العقل البشري عن إدراك كُنْهِها، ولهذا كلفنا بما في طاقتنا من تنزيه الأسماء، قال تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} و {سبح اسم ربك الأعلى}. ونُهينا عن عن التفكر في ذات الله وصُرفنا إلى التفكر في خلقه. قال رسول الله {{ص}}: "تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله فتهلكوا".<ref>[https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=499&hid=3&pid=302633 العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني، باب الأمر بالتفكر في آيات الله عز وجل وقدرته وملكه وسلطانه وعظمته ووحدانيته.]</ref> وعن [[ابن عباس]] قال: إن قوما تفكروا في الله عز وجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: '''تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله فإنكم لن تقدروا قدره'''. رواه [[إسماعيل الأصبهاني]] في الترغيب والترهيب و[[أبو نعيم الأصبهاني|أبو نعيم]] في [[حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (كتاب)|الحلية]] ورواه [[الطبراني]] في الأوسط و[[أبو بكر البيهقي|البيهقى]] في الشعب. ومعنى (تفكروا في خلق الله) أي في مخلوقاته وما بثه في الأكوان من الأنفس ونحوها. (ولا تتفكروا في الله) أي في ذاته وماهية صفاته. (فإنكم لن تقدروا قدره) أي لا تعرفونه حق معرفته ولا تحيطون به علماً بل ولا شيء من علمه إلا بما شاء.
 
وعن النبي {{ص}} أنه خرج على قوم ذات يوم وهم يتفكرون فقال ما لكم لا تتكلمون فقالوا نتفكر في خلق الله عز وجل قال فكذلك فافعلوا تفكروا في خلقه ولا تتفكروا فيه.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-9472/page-1583#page-1583 إحياء علوم الدين.]</ref> وعن [[عبد الله بن سلام]]، قال: خرج رسول الله [[صلى الله عليه وسلم]] على أناس من أصحابه، وهم يتفكرون في خلق الله، فقال لهم: فيما كنتم تفكرون، قالوا: نتفكر في خلق الله قال: لا تتفكروا في الله وتفكروا في خلق الله، فإن ربنا خلق ملكا قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز السماء العليا من بين قدميه إلى كعبيه مسيرة ستمائة عام، وما بين كعبه إلى أخمص قدميه مسيرة ستمائة عام، الخالق أعظم من الخلق.<ref>[https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=1849&pid=908939&hid=332 المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة، تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في الله.]</ref>
 
وفي [[صحيح مسلم]] عن أبي هريرة [[حديث مرفوع|مرفوعا]] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس يتساءلون، حتى يقال: هذا خلق الله، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا، فليقل آمنت بالله".<ref>[https://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=53&ID=69&idfrom=390&idto=404&bookid=53&startno=2 صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها.]</ref>
 
== انظر أيضا ==