مشبهة: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
طلا ملخص تعديل
سطر 1:
'''المشبهة''' هي طائفة من [[طوائف إسلامية|الطوائف الإسلامية]] التي شبهت [[الله]] بخلقه، ووصفته بأنه يشبه المخلوقات، وأن له جسم كجسم الإنسان، له يدويد ورجل ووجه وعين وأعضاء، ونسبت له المكان والجهة فقالوا انه جالس بذاته على العرش في السماء أو على السماء أو فوق السموات السبع، وينتقل من مكان لمكان. وهذا الاعتقاد باطل لأن الله هو '''[[الأول (أسماء الله الحسنى)|الأول]]''' الموجود بلا بداية قبل كل شيء، و'''[[الآخر (أسماء الله الحسنى)|الآخر]]''' الباقي بلا نهاية بعد فناء كل شيء، و'''[[الظاهر (أسماء الله الحسنى)|الظاهر]]''' الغالب العالي على كل شيء، و'''[[الباطن (أسماء الله الحسنى)|الباطن]]''' الذي ليس تحته شيء، منزه عن التحيز في جهة أو مكان، منزه عن الحركة والسكون والشكل والحجم واللون وسائر صفات المخلوقات، كما جاء في الحديث: "اللهم أنت الأول، فليس قبلك شيء، وأنت الآخر، فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن، فليس دونك شيء". رواه [[البخاري]] في [[الأدب المفرد]] و[[مسلم بن الحجاج|مسلم]] و[[الترمذي]] و[[أبو داود]] و[[ابن ماجه]] و[[ابن حبان]].
 
وأول من قال بالتشبيه هم [[البيانية]]، وهي فرقة من غلاة [[الروافض]]، وأول من نشر التشبيه في الأمة هو [[هشام بن الحكم]] الشيعي. ومن فرق المشبهة: [[الكرامية]]، و[[مغيرية|المغيرية]]، و[[هشامية|الهشامية]] و[[سبئية_(فرقة)|السبئية]].
سطر 32:
 
== عقيدة أهل السنة ==
* قال الإمام '''[[أبو جعفر الطحاوي]]''' في [[العقيدة الطحاوية|بيان عقيدة أهل السنة والجماعة]]: {{اقتباس مضمن|تعالى (يعني الله) عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.}} والجهات الست هي الفوق والتحت واليمين والشمال والأمام والخلف. أي لا يوصف الله بأنه تحيط به الجهات الست كما أن المخلوق تحيط به الجهات الست، بعض المخلوقات في جهة فوق وبعضها في جهة تحت وبعضها في الشمال وبعضها في الجنوب أما الله فليس متحيزاً في جهة من الجهات الست، على هذا علماء السلف والخلف من الصحابة ومن جاء بعدهم، ومن خالف هذا فهو ضالٌ مبتدع في العقيدة. وقال أيضا: {{اقتباس مضمن|ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر. من أبصر هذا اعتبر. وعن مثل قول الكفار انزجر. وعلم أن الله بصفاته ليس كالبشر.}}<ref>العقيدة الطحاوية.</ref>
 
* وقال '''[[نعيم بن حماد]]''' شيخ [[البخاري]]: {{اقتباس مضمن|من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً.}} وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: وجدت في كتاب أبي نعيم بن حماد قال: {{اقتباس مضمن|حق على كل مؤمن أن يؤمن (بجميع) ما وصف الله به نفسه ويترك التفكر في الرب تبارك وتعالى ويتبع حديث النبي -[[صلى الله عليه وسلم]]- أنه قال: (تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق) قال نعيم: ليس كمثله شيء ولا يشبهه شيء من الأشياء.}}<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=68&idto=68&bk_no=110&ID=64 شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، باب جماع توحيد الله عز وجل وصفاته وأسمائه، سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن التفكر في ذات الله عز وجل.]</ref>
 
وقد ذكر الإمام '''[[تاج الدين السبكي]]''' [[عقيدة إسلامية|عقيدة أهل السنة]] في كتابه [[طبقات الشافعية الكبرى]] فقال: {{اقتباس مضمن|وها نحن نذكر عقيدة [[أهل السنة]]، فنقول: عقيدتنا أن الله قديم أزلي، لا يشبه شيئا، ولا يشبهه شيء، ليس له جهة ولا مكان، ولا يجرى عليه وقت ولا زمان، ولا يقال له: أين، ولا حيث، يرى لا عن مقابلة، ولا على مقابلة، كان ولا مكان، كون المكان، ودبر الزمان، وهو الآن على ما عليه كان. هذا مذهب أهل السنة، وعقيدة [[صوفية|مشايخ الطريق]] رضي الله عنهم. قال [[الجنيد]] رضي الله عنه: متى يتصل من لا شبيه له، ولا نظير له بمن له شبيه ونظير؟ وكما قيل ل[[يحيى بن معاذ الرازي]]: أخبرنا عن الله عز وجل؟ فقال: إله واحد، فقيل له: كيف هو؟ فقال: مالك [[القادر (أسماء الله الحسنى)|قادر]]، فقيل له: أين هو؟ فقال: بالمرصاد، فقال السائل: لم أسألك عن هذا. فقال: ما كان غير هذا كان صفة المخلوق، فأما صفته فما أخبرت عنه. وكما سأل [[ابن شاهين]] الجنيد رضي الله عنهما عن معنى "مع" فقال: "مع" على معنيين؛ مع الأنبياء بالنصرة والكلاءة؛ قال الله تعالى: '''{إنني معكما أسمع وأرى}''' [سورة طه: آية 46]، ومع العالم بالعلم والإحاطة؛ قال الله تعالى: '''{ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم}''' [سورة المجادلة: آية 7] فقال ابن شاهين: مثلك يصلح دالا للأمة على الله. وسئل '''[[ذو النون المصري]]''' رضي الله عنه، عن قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [سورة طه: آية 5] فقال: أثبت ذاته، ونفى مكانه، فهو موجود بذاته، والأشياء بحكمته كما شاء... وقال '''[[جعفر الصادق]]''' رضي الله عنه: من زعم أن الله في شيء أو على شيء فقد أشرك؛ إذ لو كان في شيء لكان محصورا، ولو كان على شيء لكان محمولا، ولو كان من شيء لكان محدثا.}}<ref>[https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?indexstartno=0&hflag=&pid=632093&bk_no=1702&startno=3 طبقات الشافعية الكبرى، كتاب ذكر الموت، الطبقة السابعة، الشيخ شهاب الدين ابن جهبل.]</ref>
سطر 45:
 
أي لا تجعلوا لله الشبيه فإن الله تعالى لا شبيه له ولا مثيل له، فلا ذاتُه يشبه الذوات ولا صفاتُه تشبه الصفات. فلا يوصف الله بصفات المخلوقين من التغيّر والتطور من حال إلى حال والانتقال من مكان إلى مكان والجلوس فوق العرش، وما إلى ذلك من صفات الأجسام والمخلوقات. فالله تعالى لا مِثْلَ له ولا شبيه ولا نظير، فمن وصفه بصفة من صفات البشر كالقعود والقيام والجلوس والاستقرار يكون شَبَّهَهُ بهم، وهذا الاعتقاد [[الكفر في الإسلام|كفر]] لتكذيبه قول الله: '''{ليس كمثله شيء}''' [الشورى: 11] ([http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3353&idto=3353&bk_no=61&ID=3396 انظر تفسير التحرير والتنوير])، وقوله تعالى: '''{ولم يكن له كفوا أحد}''' [الإخلاص: 4] أي لا نظير له بوجه من الوجوه.<ref>[[تفسير التحرير والتنوير]]، [[سورة الشورى]]: الآية 11.</ref>
 
* وقالقال القاضي '''[[أبو بكر الباقلاني]]''' في [[الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به]]: "ويجب أن يعلم أن كل ما يدل على الحدوث أو على سمة النقص فالرب تعالى يتقدس عنه، فمن ذلك: أنه تعالى متقدس عن الاختصاص بالجهات، والاتصاف بصفات المحدثات، وكذلك لا يوصف بالتحول والانتقال، ولا القيام ولا القعود، لقوله تعالى: '''{ليس كمثله شيء}''' وقوله: '''{ولم يكن له كفوا أحد}''' ولأن هذه الصفات تدل على الحدوث، والله تعالى يتقدس عن ذلك".<ref>[http://www.soufiyyah.org/booksAr/nmAr/13nmAr.html [[الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به]]:، ص: 64.]</ref>
 
=== الله موجود بلا مكان، وهو معنا في كل مكان ===
السطر 120 ⟵ 122:
 
وهذه طائفة من أقوال العلماء في شرح الحديث:
* وقالقال '''[[النووي]]''' في [[شرح صحيح مسلم|شرحه على صحيح مسلم]]: "قوله -[[صلى الله عليه وسلم]]-: (ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له) هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيه مذهبان مشهوران للعلماء سبق إيضاحهما في كتاب الإيمان ومختصرهما أن أحدهما وهو مذهب جمهور [[سلف (إسلام)|السلف]] وبعض [[علم الكلام|المتكلمين]]: أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى، وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد، ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق، وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق. والثاني: مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي هنا عن [[مالك بن أنس|مالك]] و[[الأوزاعي]]: أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها. فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين أحدهما: تأويل [[مالك بن أنس]] وغيره معناه: تنزل رحمته وأمره وملائكته كما يقال : فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره. والثاني: أنه على [[استعارة|الاستعارة]]، ومعناه: الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف. والله أعلم".<ref>[https://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=2134&idto=2143&bk_no=53&ID=307 شرح النووي على مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه.]</ref>
* قال '''[[شهاب الدين القسطلاني|القسطلاني]]''' في [[إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري|شرحه على صحيح البخاري]] عند ذكره لهذا الحديث: "هو نزول رحمة ومزيد لطفٍ وإجابة دعوة وقبول معذرة، لا نزول حركة وانتقال لاستحالة ذلك على الله فهو نزول معنوي". ثم قال: "نعم يجوز حمله على الحسي ويكون راجعا إلى ملَكه الذي ينزل بأمره ونهيه".<ref>[http://www.soufiyyah.org/booksAr/nmAr/10nmAr.html إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، المجلد الثاني، ص: 323.]</ref>
* وقال '''[[النووي]]''' في [[شرح صحيح مسلم|شرحه على صحيح مسلم]]: "قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له) هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيه مذهبان مشهوران للعلماء سبق إيضاحهما في كتاب الإيمان ومختصرهما أن أحدهما وهو مذهب جمهور [[سلف (إسلام)|السلف]] وبعض [[علم الكلام|المتكلمين]]: أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى، وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد، ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق، وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق. والثاني: مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي هنا عن [[مالك بن أنس|مالك]] و[[الأوزاعي]]: أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها. فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين أحدهما: تأويل [[مالك بن أنس]] وغيره معناه: تنزل رحمته وأمره وملائكته كما يقال : فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره. والثاني: أنه على [[استعارة|الاستعارة]]، ومعناه: الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف. والله أعلم".<ref>[https://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=2134&idto=2143&bk_no=53&ID=307 شرح النووي على مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه.]</ref>
 
* قالوقال '''[[شهاب الدين القسطلاني|القسطلاني]]''' في [[إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري|شرحه على صحيح البخاري]] عند ذكره لهذا الحديث: "هو نزول رحمة ومزيد لطفٍ وإجابة دعوة وقبول معذرة، لا نزول حركة وانتقال لاستحالة ذلك على الله فهو نزول معنوي". ثم قال: "نعم يجوز حمله على الحسي ويكون راجعا إلى ملَكه الذي ينزل بأمره ونهيه".<ref>[http://www.soufiyyah.org/booksAr/nmAr/10nmAr.html إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، المجلد الثاني، ص: 323.]</ref>
* وقال الحافظ '''[[ابن حجر العسقلاني]]''' في [[فتح الباري|شرحه على البخاري]]: "قوله: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) استدل به من أثبت الجهة، وقال: هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز، تعالى الله عن ذلك. وقد اختلف في معنى النزول على أقوال: فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته، وهم المشبهة، تعالى الله عن قولهم. ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة، وهم [[خوارج|الخوارج]]، و[[معتزلة|المعتزلة]]، وهو مكابرة، والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك، وأنكروا ما في الحديث، إما جهلا، وإما عنادا، ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف، ونقله [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]] وغيره عن الأئمة الأربعة، والسفيانين، والحمادين، و[[الأوزاعي]]، و[[الليث بن سعد|الليث]]، وغيرهم، ومنهم من أوله على وجه يليق، مستعمل في كلام العرب، ومنهم من أفرط في التأويل، حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب، وبين ما يكون بعيدا مهجورا، فأول في بعض، وفوض في بعض، وهو منقول عن [[مالك بن أنس|مالك]]، وجزم به من المتأخرين [[ابن دقيق العيد]]، قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف، والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق، فيصار إليه. من الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب، فحينئذ التفويض أسلم. وسيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد، إن شاء الله تعالى. وقال [[ابن العربي]]: حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها، وبه أقول. فأما قوله: ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني، فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوي، بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل، فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة، فهي عربية صحيحة. انتهى. والحاصل أنه تأوله بوجهين: إما بأن المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره، وإما بأنه [[استعارة]] بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه. وقد حكى [[أبو بكر بن فورك]] أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا، ويقويه ما رواه [[النسائي]] من طريق الأغر، عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] وأبي سعيد بلفظ: إن الله يمهل، حتى يمضي شطر الليل، ثم يأمر مناديا يقول: هل من داع فيستجاب له. الحديث. وفي حديث عثمان بن أبي العاص : ينادي مناد: هل من داع يستجاب له. الحديث. قال [[القرطبي]]: وبهذا يرتفع الإشكال، ولا يعكر عليه ما في رواية [[رفاعة الجهني]]: ينزل الله إلى السماء الدنيا، فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري. لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور. وقال '''[[عبد الله بن عمر البيضاوي|البيضاوي]]''': ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد نور رحمته، أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة".<ref>[http://islamport.com/w/srh/Web/2747/1690.htm فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل.]</ref>
 
* وقال الحافظ '''[[ابن حجر العسقلاني]]''' في [[فتح الباري|شرحه على صحيح البخاري]]: "قوله: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) استدل به من أثبت الجهة، وقال: هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز، تعالى الله عن ذلك. وقد اختلف في معنى النزول على أقوال: فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته، وهم المشبهة، تعالى الله عن قولهم. ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة، وهم [[خوارج|الخوارج]]، و[[معتزلة|المعتزلة]]، وهو مكابرة، والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك، وأنكروا ما في الحديث، إما جهلا، وإما عنادا، ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف، ونقله [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]] وغيره عن الأئمة الأربعة، والسفيانين، والحمادين، و[[الأوزاعي]]، و[[الليث بن سعد|الليث]]، وغيرهم، ومنهم من أوله على وجه يليق، مستعمل في كلام العرب، ومنهم من أفرط في التأويل، حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب، وبين ما يكون بعيدا مهجورا، فأول في بعض، وفوض في بعض، وهو منقول عن [[مالك بن أنس|مالك]]، وجزم به من المتأخرين [[ابن دقيق العيد]]، قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف، والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق، فيصار إليه. من الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب، فحينئذ التفويض أسلم. وسيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد، إن شاء الله تعالى. وقال [[ابن العربي]]: حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث، وعن السلف إمرارها، وعن قوم تأويلها، وبه أقول. فأما قوله: ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني، فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك، وإن حملته على المعنوي، بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل، فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة، فهي عربية صحيحة. انتهى. والحاصل أنه تأوله بوجهين: إما بأن المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره، وإما بأنه [[استعارة]] بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه. وقد حكى [[أبو بكر بن فورك]] أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا، ويقويه ما رواه [[النسائي]] من طريق الأغر، عن [[أبو هريرة|أبي هريرة]] وأبي سعيد بلفظ: إن الله يمهل، حتى يمضي شطر الليل، ثم يأمر مناديا يقول: هل من داع فيستجاب له. الحديث. وفي حديث عثمان بن أبي العاص : ينادي مناد: هل من داع يستجاب له. الحديث. قال [[القرطبي]]: وبهذا يرتفع الإشكال، ولا يعكر عليه ما في رواية [[رفاعة الجهني]]: ينزل الله إلى السماء الدنيا، فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري. لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور. وقال '''[[عبد الله بن عمر البيضاوي|البيضاوي]]''': ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد نور رحمته، أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة".<ref>[http://islamport.com/w/srh/Web/2747/1690.htm فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل.]</ref>
 
* وقال '''[[محمد عبد العظيم الزرقاني|الزرقاني]]''' في شرحه على [[موطأ الإمام مالك]]: "(عن [[أبي هريرة]] أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ينزل ربنا) اختلف فيه فالراسخون في العلم، يقولون: آمنا به كل من عند ربنا، على طريق الإجمال منزهين لله تعالى عن الكيفية والتشبيه. ونقله [[أبو بكر البيهقي|البيهقي]] وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين و[[الأوزاعي]] وغيرهم، قال البيهقي: وهو أسلم. ويدل عليه اتفاقهم على أن التأويل المعين لا يجب فحينئذ التفويض أسلم. وقال '''[[ابن العربي]]''': النزول راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه، فالنزول حسي صفة الملك المبعوث بذلك، أو معنوي بمعنى لم يفعل ثم فعل فسمي ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة فهي عربية صحيحة. والحاصل أنه تأوله بوجهين: إما أن المعنى ينزل أمره أو الملك، وإما أنه [[استعارة]] بمعنى التلطف والإجابة لهم ونحوه. وكذا حكي عن '''[[مالك بن أنس|مالك]]''' أنه أوله بنزول رحمته وأمره أو ملائكته، كما يقال فعل الملك كذا أي أتباعه بأمره، لكن قال [[ابن عبد البر]]: قال قوم ينزل أمره ورحمته وليس بشيء; لأن أمره بما يشاء من رحمته ونعمته ينزل بالليل والنهار بلا توقيت ثلث الليل ولا غيره، ولو صح ذلك عن مالك لكان معناه أن الأغلب في الاستجابة ذلك الوقت. وقال [[أبو الوليد الباجي|الباجي]]: هو إخبار عن إجابة الداعي وغفرانه للمستغفرين وتنبيه على فضل الوقت كحديث: "إذا تقرب إلي عبدي شبرا تقربت إليه ذراعا. الحديث، لم يرد قرب المسافة لعدم إمكانه، وإنما أراد العمل من العبد ومنه تعالى الإجابة. وحكى [[أبو بكر بن فورك|ابن فورك]] أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا، قال الحافظ: ويقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر عن أبي هريرة وأبي سعيد: "أن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل، ثم يأمر مناديا يقول هل من داع فيستجاب له؟" الحديث. وحديث عثمان بن أبي العاص عند أحمد: "ينادي مناد: هل من داع يستجاب له؟ الحديث. قال [[القرطبي]]: وبهذا يرتفع الإشكال، ولا يعكر عليه حديث رفاعة الجهني عند النسائي: "ينزل الله إلى سماء الدنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري"; لأنه لا يلزم من إنزاله الملك أن يسأل عن صنع العباد، بل يجوز أنه مأمور بالمناداة، ولا يسأل البتة عما بعدها، فهو أعلم سبحانه بما كان وما يكون، انتهى. ولك أن تقول: الإشكال مدفوع حتى على أنه ينزل بفتح أوله الذي هو الرواية الصحيحة. وكل من حديثي النسائي وأحمد يقوي تأويله بأنه من [[مجاز (توضيح)|مجاز]] الحذف أو [[استعارة|الاستعارة]]. وقال [[عبد الله بن عمر البيضاوي|البيضاوي]]: لما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه، فالمراد دنو رحمته أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرأفة والرحمة".<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=77&ID=1025 شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، كتاب القرآن، باب ما جاء في الدعاء.]</ref>
 
* وقال الحافظ '''[[ابن الجوزي]]''' الحنبلي في كتابه "[[دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه|الباز الأشهب]]" بعد ذكر حديث النزول ما نصه: "إنه يستحيل على الله عز وجل الحركة والنقلة والتغيير. وواجب على الخلق اعتقاد التنزيه وامتناع تجويز النقلة وأن النزول الذي هو انتقال من مكان إلى مكان يفتقر إلى ثلاثة أجسام جسم عال وهو مكان الساكن وجسم سافل وجسم ينتقل من علو إلى أسفل وهذا لا يجوز على الله قطعا".<ref>[http://www.soufiyyah.org/booksAr/nmAr/8nmAr.html مقالةدفع الحافظشبه ابنالتشبيه الجوزيبأكف التنزيه.]</ref>
 
* وقال الإمام '''[[ابن حجر الهيتمي]]''' في [[تحفة المحتاج في شرح المنهاج]]: "وللحديث الصحيح {ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيه ومن يستغفرني فأغفر له} ومعنى ينزل ربنا ينزل أمره كما أوله به الخلف وبعض أكابر السلف ولا التفات إلى ما شنع به على المؤولين بعض من عدم التوفيق ومن ثم قال [[بدر الدين ابن جماعة|ابن جماعة]] في [[ابن تيمية]] رأسهم إنه عبد أضله الله وخذله نسأل الله دوام العافية من ذلك بمنه وكرمه".<ref>[http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?ID=23&startno=19&start=19&idfrom=1331&idto=1403&bookid=20&Hashiya=2 تحفة المحتاج في شرح المنهاج، كتاب الصلاة، باب في صلاة النفل.]</ref>
 
* وقال الإمام '''[[شرواني (توضيح)|عبد الحميد الشرواني]]''' الشافعي في حاشيته على تحفة المحتاج في شرح المنهاج: "ومعنى {ينزل ربنا} ينزل أمره) أي أو ملائكته أو رحمته أو هو كناية عن مزيد القرب وبالجملة فيجب على كل أن يعتقد من هذا الحديث وما شابهه من المشكلات الواردة في الكتاب والسنة ك {الرحمن على العرش استوى} {ويبقى وجه ربك} {يد الله فوق أيديهم} وغير ذلك مما شاكله أنه ليس المراد بها ظواهرها لاستحالتها عليه تبارك وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا، ثم هو بعد ذلك مخير إن شاء أولها بنحو ما ذكرناه وهي طريقة الخلف وآثروها لكثرة المبتدعة القائلين بالجهة و[[مجسمة|الجسمية]] وغيرهما مما هو محال على الله تعالى، وإن شاء فوض علمها إلى الله تعالى وهي طريقة السلف وآثروها لخلو زمانهم عما حدث من الضلالات الشنيعة والبدع القبيحة فلم يكن لهم حاجة إلى الخوض فيها شرح بافضل (قوله: ينزل أمره) قال [[إسنوي (توضيح)|الإسنوي]] يدل عليه ما في الحديث {أن الله عز وجل يمهل ولا يهمل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا ينادي فيقول هل من داع} انتهى".<ref>حاشية الشرواني على تحفة المحتاج.</ref>
 
* وقال القاضي '''[[أبو بكر الباقلاني]]''' في [[الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به]]: "ويجب أن يعلم أن كل ما يدل على الحدوث أو على سمة النقص فالرب تعالى يتقدس عنه، فمن ذلك: أنه تعالى متقدس عن الاختصاص بالجهات، والاتصاف بصفات المحدثات، وكذلك لا يوصف بالتحول والانتقال، ولا القيام ولا القعود، لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء} وقوله: {ولم يكن له كفوا أحد} ولأن هذه الصفات تدل على الحدوث، والله تعالى يتقدس عن ذلك".<ref>[http://www.soufiyyah.org/booksAr/nmAr/13nmAr.html [[الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به]]: ص 64.]</ref>
 
== النهي عن التفكر في ذات الله ==
السطر 143 ⟵ 144:
وعن النبي {{ص}} أنه خرج على قوم ذات يوم وهم يتفكرون فقال ما لكم لا تتكلمون فقالوا نتفكر في خلق الله عز وجل قال فكذلك فافعلوا تفكروا في خلقه ولا تتفكروا فيه.<ref>[http://shamela.ws/browse.php/book-9472/page-1583#page-1583 إحياء علوم الدين.]</ref> وعن [[عبد الله بن سلام]]، قال: خرج رسول الله [[صلى الله عليه وسلم]] على أناس من أصحابه، وهم يتفكرون في خلق الله، فقال لهم: فيما كنتم تفكرون، قالوا: نتفكر في خلق الله قال: لا تتفكروا في الله وتفكروا في خلق الله، فإن ربنا خلق ملكا قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز السماء العليا من بين قدميه إلى كعبيه مسيرة ستمائة عام، وما بين كعبه إلى أخمص قدميه مسيرة ستمائة عام، الخالق أعظم من الخلق.<ref>[https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_no=1849&pid=908939&hid=332 المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة، تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في الله.]</ref>
 
وفي [[صحيح مسلم]] عن أبي هريرة [[حديث مرفوع|مرفوعا]] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الناس يتساءلون، حتى يقال: هذا خلق الله الخلق،الله، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا، فليقل آمنت بالله".<ref>[https://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=53&ID=69&idfrom=390&idto=404&bookid=53&startno=2 صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها.]</ref>
 
== انظر أيضا ==
السطر 154 ⟵ 155:
* [[القدوس (أسماء الله الحسنى)]]
* [[الصمد (أسماء الله الحسنى)]]
* [[تكبير (إسلام)|الله أكبر]]
* [[سبحان الله]]
 
== مصادر ==