المعتضد بن عباد: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
اصلاح وسائط قالب:مرجع كتاب
سطر 10:
| الحاكم السابق = [[أبو القاسم بن عباد]]
| الحاكم اللاحق = [[المعتمد بن عباد]]
| الذرية = نحو 20 من الذكور و20 من الإناث (من أشهرهم إسماعيل و[[المعتمد بن عباد|محمد]])<ref name="دولة الإسلام242221">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان ج2| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=56}}</ref>
| الاسم الكامل = أبو عمرو عباد بن محمد بن إسماعيل بن قريش بن عباد بن عمر بن أسلم بن عمرو بن عطاف بن نعيم اللخمي.<ref>الإحاطة في أخبار غرناطة ص182.</ref>
| العائلة الملكية = [[بنو عباد]]
سطر 23:
}}
 
'''المعتضد بالله أبو عمرو عبَّاد بن محمد بن إسماعيل اللخمي''' ([[407 هـ]]/[[1016]]<ref name="دولة الإسلام1">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان ج2| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=39}}</ref> - [[461 هـ]]/[[1069]]م)<ref name="التاريخ الأندلسي">[[عبد الرحمن علي الحجي]] (1987): التاريخ الأندلسي: من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة، ص391. دار القلم، [[دمشق]] - [[سوريا]]. دار المنارة، [[بيروت]] - [[لبنان]].</ref> ثاني ملوك [[بنو عباد|بني عباد]] على [[طائفة إشبيلية|إشبيلية]] في الأندلس خلال عصر [[ملوك الطوائف]]. خلف المعتضد أباه [[أبو القاسم بن عباد|أبا القاسم بن عباد]]، ونجح في توسيع الإمارة غرباً لتضمَّ [[طائفة لبلة|لبلة]] [[طائفة ولبة وجزيرة شلطيش|ولبة وجزيرة شلطيش]]، ثم خاض صراعاً مع طوائف البربر في الجنوب حتى ضمَّ [[طائفة قرمونة|قرمونة]] و[[طائفة مورور|مورور]] و[[طائفة رندة|رندة]] و[[طائفة أركش|أركش]] و[[طائفة الجزيرة الخضراء|الجزيرة الخضراء]]،<ref name="قصة الإسلام">[[راغب السرجاني]]: [http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%B6%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF المعتضد بالله بن عباد]. تاريخ النشر 27-02-2011. تاريخ الولوج 02-07-2013..</ref> وأخيراً استولى على [[طائفة قرطبة|قرطبة]]. يوصف المعتضد بأنه كان حاكماً شهماً مهيباً قوياً صارماً، وإن كان مستبداً. فقد اعتقل الكثير من قادته وقتلهم،<ref name="الذهبي2" /> ويُروَى أنه قتل ابنه البكر إسماعيل بيديه حين تآمر عليه.<ref name="الوافي">[[الصفدي]]: الوافي بالوفيات، الجزء الخامس، ص331. [http://islamport.com/w/tkh/Web/290/2331.htm رابط إلكتروني].</ref> وقد أراد توحيد الأندلس تحت حكمه، فدخل في العديد من الصراعات مع ملوك الطوائف الآخرين بالأندلس. تزوج المعتضد من ابنة [[مجاهد العامري]] صاحب [[طائفة دانية والجزائر الشرقية|دانية]]، وكانت له نحو سبعين جارية، وورث الحكم عنه ابنه [[المعتمد بن عباد|محمد المعتمد على الله]].
 
== توليه الحكم ==
كان الغالب أن الذي سيرث حكم دولة بني عبَّاد عن أبي القاسم بن عباد هو ابنه إسماعيل، الذي خاض معظم حروب والده في سبيل توطيد أركان الدولة. إلا إنَّ إسماعيل قتل أثناء إحدى المعارك، فآل أمر حكم الدولة إلى أخيه عبَّاد، وكان حينئذ في السادسة والعشرين من عمره. لُقِّب عباد أولاً بلقب ''فخر الدولة'' حاجب الخليفة [[هشام المؤيد بالله]]، ثم تغيَّر لقبه فيما بعد إلى ''المعتضد بالله''. وأصبح لاحقاً أقوى ملوك الطوائف على الإطلاق، فعُرِفَ بدهائه وشدته وقسوته،<ref name="المعتمد1">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=57}}</ref> وكان أول ما فعله عقب تولّيه الحكم تصفية وزير والده ''حبيب''،
<ref name="المعتمد7" /> ثم أخذ باضطهاد قادة والده والتنكيل بهم، ومنهم زميلا والده في القضاء أبو عبد الله الزبيدي وأبو محمد عبد الله بن يريم.<ref name="دولة الإسلام2">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=40}}</ref> ورغم شهرته بالشجاعة والإقدام، وتشبيهه أحياناً بالخليفة العباسي [[أبي جعفر المنصور]]، لم يقد المعتضد جيشه بنفسه إلى الحرب سوى مرتين طوال حياته.<ref name="المعتمد2">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=59}}</ref> عاش المعتضد في الحكم حياة بذخٍ وترف، فكان يبني القصور ويشيد الأبنية ويقتني الملابس الفاخرة، وكذلك حرص على تدريب جيشٍ قوي لحماية مملكته.<ref name="المعتمد7">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=63}}</ref>
 
== حوادث ==
يُروَى عنه أنه سلب رجلاً ضريراً ماله، فهاجر الرجل إلى [[مكة]]، وسمعَ المعتضد أنه يدعو عليه هناك، فأرسل من يدسُّ له السم ويقتله. ويُروَى كذلك أن أحد المؤذنين هرب منه إلى [[طليطلة]]، وأخذ يدعو عليه من على المنبر فيها، فأرسل من قتله وجاء له برأسه. وقد سكر مرة، فأخذ غلاماً له، وخرج وهو مخمورٌ إلى [[قرمونة]]، وكان يحكمها [[إسحاق بن محمد البرزالي|إسحاق البرزالي]]، وكان بينهما عداوة كبيرة، إلا إنَّه استأذن ودخلها وكان إسحاق هو الآخر مخموراً، وأقام المعتضد عنده. وفي المساء، تشاور وجهاء قرمونة وفكروا بقتله، إلا إنَّ رجلاً يدعى معاذ بن أبي قرة منعهم، فقال: «كلا. رجلٌ قصدنا، ونزل بنا مستأمناً، لا تتحدث عنا القبائل أنا قتلنا ضيفنا». وبعد ذلك استيقظ المعتضد، وعندما أمَّنوه استدعى غلامه وأوصى لكلِّ منهم بمالٍ وأحصنةٍ وعبيد، ثم دعاهم إلى إشبيلية، فغدر بهم وقتلهم جميعاً، إلا معاذ بن أبي قرة، إذ قال له «لم ترع، حَضِرَتْ آجالُهُم. ولولاك، لقتلوني. فإن أردتَ أن أقاسمك ملكي، فعلت»، إلا إنَّه اكتفى بالإقامة عند المعتضد، فجعله المعتضد أحد أكبر قادته ورجال دولته.<ref name="الذهبي">[[الذهبي|الإمام الذهبي]]: [[سير أعلام النبلاء]]، الطبقة الخامسة والعشرون، مدخلة "المعتمد بن عباد". [http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?id=4478 رابط إلكتروني].</ref> كان لدى المعتضد لوح من الخشب في قصره يُعلِّق عليه رؤوس قادته ورجاله المُعدَمين،<ref name="الذهبي2">[[الذهبي|الإمام الذهبي]]: [[سير أعلام النبلاء]]، الطبقة الرابعة والعشرون، مدخلة "المعتضد". [http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4414&idto=4414&bk_no=60&ID=4274 رابط إلكتروني].</ref> ويقال أن غلاماً دخل عليه مرة دون استئذانٍ فأمر بإعدامه،<ref name="الكتبي">[[الكتبي]]: فوات الوفيات، الجزء الأول، ص510.</ref> وأنه سمع جارية تقول: {{مضاقتباس مضمن|الموت والله أحسن من سكنى هذا القصر}}، فأمر بدفنها حية. وسُئِل وزيره [[ابن زيدون]] عن كيفية نجاته من فتك المعتضد طوال حياته، فقال: {{مضاقتباس مضمن|كنت كمن يمسك بأذني الأسد، ينقي سطوته تركه أو أمسكه}}، وقال عنه بعد موته:<ref name="الوافي" />
 
{{قصيدة|لقد سرنا أن الجحيم موكل|بطاغية قد حم منه حمام}}
{{قصيدة|تجانف صوب المزن عن ذلك الصدى|ومر عليه الغيث وهو جهام}}
 
وممَّا يحكى من دهاء المعتضد، أنه أرسل جاسوساً إلى [[قرمونة]] ليوافيه بأخبارها، ثم أراد أن يرسل إليه رسالة، فجاء برجلٍ يُعرَف بالبله من أهل إشبيلية وأعطاه ثوباً خيطت به الرسالة،<ref name="المعتمد2" /> وأمره بالذهاب إلى قرمونة، وجمع بعض الحطب من ضواحيها، فإن وصل إلى سوق الحطابين بها لا يرضى ببيعه إلا لمن يعرض عليه خمسة دراهم. وعندما فعل الرجل ووصل إلى قرمونة، طلب خمسة دراهم لقاء الحطب، صار كل من في السوق يسخرون منه، حتى جاء جاسوس المعتضد فعرض عليه خمسة دراهم فرضي، وأخذه إلى منزله.<ref name="المعتمد3">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=60}}</ref> وبينما كان الرجل نائماً أخذ الجاسوس ثوبه، ففتقه وأخذ الرسالة وقرأها، ثم كتب إجابة عليها وخاطها من جديدٍ ووضعها في ثوب الرجل، فعاد هذا إلى المعتضد بإشبيلية وسلَّمه الثوب، دون أن يعلم شيئاً ممَّا حصل.<ref name="المعتمد4">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=61}}</ref>
 
== صراعه مع إمارات البربر ==
تابع عبَّاد المعتضد حرب والده أبي القاسم ضد طوائف [[أمازيغ|البربر]]، واتخذ موقفاً موالياً [[عرب|للعرب]] في حروبه، وكان من أسباب ذلك أن منجّميه تنبؤوا بأن حكم عائلته سينتهي على أيدي رجالٍ من خارج الأندلس، وكان ذلك يجعله يتخوَّف من البربر. تمكَّن عقب كمينٍ في عام 434 هـ من القضاء على حاكم [[طائفة قرمونة|قرمونة]] [[محمد بن عبد الله البرزالي]]، فخلفه ابنه إسحاق، واستمرَّ صراعه مع المعتضد. وكذلك خاض الحرب مع ابن طيفور عام 436 هـ، فسلب منه مدينة [[مارتلة]]، ثم هاجم أبي نصر الفتح بن يحيى اليحصبي صاحب [[طائفة لبلة|لبلة]]،<ref name="المعتمد7" /> إلا إنَّ الأخير استنجد [[المظفر بن الأفطس|بالمظفر بن الأفطس]] أمير [[طائفة بطليوس|بطليوس]]، فأنجده بجيشٍ قوي<ref name="دولة الإسلام3">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=41}}</ref> وتمكَّن من التغلُّب على المعتضد وإبعاده عن لبلة. وأخذ ابن الأفطس بعد ذلك بتشكيل حلفٍ بربري من ملوك الطوائف لمقاومة توسع المعتضد، فتحالف مع [[باديس بن حبوس]] صاحب [[طائفة غرناطة|غرناطة]] و[[محمد بن إدريس المهدي بالله]] صاحب [[طائفة مالقة|مالقة]] و[[محمد بن القاسم المهدي بالله]] صاحب [[طائفة الجزيرة الخضراء|الجزيرة الخضراء]]، فيما وقف [[أبو الوليد بن جهور]] حاكم [[طائفة قرطبة|قرطبة]] موقف المتخوّف من هذا الصراع، فحاول التوفيق بينهم وبين المعتضد وتحذيرهم من العواقب، إلا إنَّ كلا الطرفين تجاهلا تحذيراته.<ref name="المعتمد8" />
 
بدأ ابن الأفطس وحلفاؤه بحشد جيوشهم، إلا إنَّ المعتضد باغتهم بمهاجمة ريف [[بطليوس]] في الوقت الذي كان ابن الأفطس بعيداً فيه عنها، وزحف نحو لبلة وهاجم أعداءه قربها، لكن ابن الأفطس تمكَّن من تنظيم صفوفه فشن هجوماً مضاداً على المعتضد ومنّاه بهزيمة كبيرة في عام 439 هـ (1047م)<ref name="دولة الإسلام3" /> ودفعه للتراجع من المنطقة، ثم تقدم ابن الأفطس مع حلفائه فبلغ ضواحي إشبيلية وأخذ بتخريبها وتدميرها. رغم ذلك، تمكن المعتضد في النهاية من استمالة صاحب لبلة (ربما لكونه عربياً)، فانقلب على ابن الأفطس وتحالف مع المعتضد. وعندما رأى ابن الأفطس ذلك أرسل فرسانه إلى لبلة لمهاجمتها، فاستنجد الفتح بن يحيى بالمعتضد،<ref name="المعتمد8">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=64}}</ref> وبادر هذا إلى إرسال ابنه إسماعيل على رأس جيشٍ للدفاع عنها، ثم توجَّه جيشه لمهاجمة [[يابرة]] التابعة لبني الأفطس. غضب ابن الأفطس وإسحاق البرزالي صاحب قرمونة ممَّا حصل، فحشدا جيشاً وتوجَّها للقاء المعتضد، والتقيا معه، فهُزِما هزيمة ساحقة، وخسرا 3,000 قتيل، منهم إسحاق نفسه. تراجع المظفر بن الأفطس بعد الهزيمة إلى بطليوس، فتحصَّن فيها وانتظر المعتضد، إلا إنَّ ابن جهور أمير قرطبة تمكَّن من التوصل إلى صلحٍ بين المعتضد والمظفر في عام 443 هـ، انتهت الحرب على إثره.<ref name="المعتمد9">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=65}}</ref>
 
لم يوقف المعتضد توسُّعاته، فعاد لمهاجمة حليفه الفتح بن يحيى في لبلة، وانتزعها منه بعد أن دَّمرها وقتل جندها وسبى الكثيرمن أهلها، وكان ذلك في عام 445 هـ (1053م)،<ref name="دولة الإسلام4">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=42}}</ref> ثم انتزع [[طائفة ولبة وجزيرة شلطيش]] من عبد العزيز البكري بعد أن باعه هذا الأخير سفنه وأملاكه لقاء عشرة آلاف مثقالٍ من الذهب،<ref name="دولة الإسلام5">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=43}}</ref> وهرب كلا هذين الأميرين بعد ضياع ملكهما إلى قرطبة.<ref name="المعتمد10">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=65-66}}</ref> ثم حوّل انتباهه إلى مدينة [[طائفة شلب|شلب]] الواقعة تحت حكم بني مزين. فضرب جيش إشبيلية - بالقيادة الشكلية للمعتمد بن عبَّاد حاكم إشبيلية اللاحق - حصاراً على شلب، وشهدت المدينة مقاومة عنيفة،<ref name="المعتمد11">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=66}}</ref> إلا أنَّها سقطت في نهاية الأمر، وأُسِرَ حاكمها، وعيَّن المعتضد ابنه محمد المعتمد والياً عليها بعد ذلك. عقب سقوط شلب، توجَّه جيش المعتضد صوب [[طائفة شنتمرية الغرب|شنتمرية الغرب]]، فأخذها من صاحبها محمد بن سعيد بن هارون عام 443 هـ، وضمَّها مع شلب في ناحية واحدة تحت حكم المعتمد.<ref name="المعتمد12">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=67}}</ref> ثم أرسل جيشاً للاستيلاء على [[طائفة رندة|رُندة]]، وهي مدينة حصينة تقع على جبل مرتفع، إلا إنَّها سقطت إثر ثورةٍ من داخلها قادها عرب المدينة ضد حكامها البربر، فقُتِل حاكمها [[أبو نصر بن أبي نور اليفرني|أبي نصر اليفرني]]، وسقطت بيد المعتضد، فسرَّ بذلك حتى كتب عن سقوطها شعراً قال فيه:<ref name="المعتمد13">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=71}}</ref>
 
{{قصيدة|لقد حصنت يا رندة|فصرتِ لملكنا عقدة}}
سطر 50:
{{قصيدة|وتبلى به ضلالتهم|ليزداد الهوى حدة}}
 
استمرَّت حملة المعتضد، فاستولى على [[طائفة أركش|أركش]] و[[شذونة]] في أواخر عام 458 هـ (1066م)، وفي نفس العام انتزع [[طائفة مورور|مورور]] من عماد الدولة مناد بن محمد بن نوح الدُمري الذي آواه في إشبيلية بعد إسقاط مملكته،<ref name="دولة الإسلام8">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=46}}</ref> واستولى كذلك على [[شريش]]. وقد أثارت أنباء هذه الهزائم للبربر غضب [[باديس بن حبوس]] صاحب غرناطة،<ref name="المعتمد14">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=72-73}}</ref> خصوصاً بعد أن توافد النازحون البربر من هذه المدن إلى غرناطة عقب سقوطها بيد المعتضد، والذين رفض المعتضد عودتهم إلى مدنهم، بينما رفض باديس استقرارهم بغرناطة. خرج باديس إثر ذلك على رأس جيشه وتوجَّه إلى إشبيلية، وخاض عدة معارك مع المعتضد، رغم أن المصادر التاريخية لا تذكر الكثير عن تفاصيلها.<ref name="المعتمد15">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=73}}</ref> في عام 459 هـ (1067م)، بسط المعتضد سيطرته على قرمونة، بعد أن تغلَّب على حاكمها [[العزيز بن محمد البرزالي]]،<ref name="دولة الإسلام10">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=47}}</ref> ثم وفي عام 450 هـ، استولى على [[طائفة الجزيرة الخضراء|الجزيرة الخضراء]] من [[القاسم الواثق بالله|الواثق بن حمود]]، لتنتهي بذلك دولة بني حمود في الأندلس.<ref name="صبح الأعشى">أحمد بن علي القلقشندي: [http://www.islamicbook.ws/adab/sbh-alaasha-014.html صبح الأعشى في صناعة الإنشا 14].</ref>
 
أرسل المعتضد في عام 458 هـ (1066م) ابنيه المعتمد وجابر على رأس جيشٍ لفتح [[طائفة مالقة|مالقة]] من [[بنو زيري|بني زيري]]، فحاصراها، إلا إنَّ المدينة قاومت مقاومة شديدة،<ref name="دولة الإسلام في الأندلس">[[محمد عبد الله عنان]]، دولة الإسلام في الأندلس، الكتاب الثاني "الدّول البربريَّة في جنوبيِّ الأندلس". ص119.</ref> وبحسب إحدى الروايات فقد سقطت في أيدي المعتمد وأخيه لفترةٍ قصيرة،<ref name="ديوان الشعر3">{{HarvnbHarvard citation no brackets|البدوي المجيد| Ref =ديوان المعتمد بن عبَّاد: ملك إشبيلية|1951|p=5}}</ref> لكن سرعان ما جاءها بعد ذلك [[باديس بن حبوس]] بقوَّة للنجدة وخاض مع بني عبَّاد معركة شديدة، فقتل وأسر الكثير منهم، وفرَّ المعتمد وجابر مع ما بقي من جيشهما إلى [[رندة]].<ref name="البيان في المغرب">[[ابن عذاري]] (712 هـ/1313م)، البيان المُغرِب في أخبار الأندلس والمَغرِب، الجزء 3، ص 274 و275.</ref> وقد غضب المعتضد كثيراً من ابنيه لهزيمتهما،<ref name="ديوان الشعر3" /> فكتب إليه المعتمد من رندة<ref name="ابن الأبَّار">[[ابن الأبار]]، الحلة السيراء ([[القاهرة]]). الجزء 2، ص 56 - 58.</ref> أطول قصائده على الإطلاق ليستعطف والده، وفاتحتها:<ref name="ديوان الشعر3" />
 
{{قصيدة|سكّن فؤادك لا يذهبْ بك الفِكَرُ|ماذا يُعيد عليك البتُّ والحذرُ؟}}
 
كان المعتضد خائفاً كرباً في أيامه الأخيرة، حيث خشي على عرشه من الضياع. فبعد أن قضى على طوائف البربر (الذي اعتقد أنهم مصدر نبوءة منجّميه التي تقول أن عرشه سيسقط على يد رجالٍ من خارج الأندلس) سمع بأخبار ظهور دولةٍ جديدةٍ في المغرب من ''[[المرابطون|الملثمين]]''،<ref name="المعتمد125">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=87}}</ref> وعندما سمع أحد معاونيه بذلك حاول طمأنته بأنَّ الملثمين بعيدون عن الأندلس، فقال له المتضد: {{مضاقتباس مضمن|هو والله الذي أتوقع وأخشاه، وإن طالت بك حياة فستراه، اكتب إلى عاملنا على الجزيرة الخضراء باحتراس جبل طارق حتى يأتيه أمري}}.<ref name="المعتمد115">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=88}}</ref> إضافةً إلى ذلك، هددت [[مملكة قشتالة]] دولة المعتضد في أيامه الأخيرة، فقامت بغزو بلاده في عام 455 هـ (1063م)، إلا إنَّ المعتضد اتجه إلى عقد الصلح معه مقابل جزية يدفعها له.<ref name="دولة الإسلام243">{{HarvnbHarvard citation no brackets|عنان| Ref =دولة الإسلام في الأندلس|1997|p=48}}</ref>
 
تخوَّف [[المأمون بن ذي النون]] حاكم [[طائفة طليطلة|طليطلة]] من توسُّع مملكة المعتضد، فحاول عقد حلفٍ مع صهره [[عبد الملك بن عبد العزيز المظفر]] صاحب [[طائفة بلنسية|بلنسية]]، إلا إنَّه رفض، فتحالف مع ملك قشتالة [[فرديناند الأول ملك قشتالة و ليون|فرديناند الأول]]، واستوليا معاً على بلنسية في عام 457 هـ (1065م).<ref name="الزلاقة2">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أبو خليل| Ref =الزلاقة: بقيادة يوسف بن تاشفين|1979|p=15}}</ref> إلا إنَّ وفاة فرديناند تسبَّبت بإيقاف خطة المأمون في الهجوم على بني عباد، وقد استمرَّ الصراع بين أولاده على حكم المملكة حتى وفاة المعتضد.<ref name="الصلابي2">{{HarvnbHarvard citation no brackets|الصلابي| Ref =دولة المرابطين|2007|p=60-61}}</ref>
 
== تمرد ابنه إسماعيل ==
في عام 449 هـ<ref>[http://www.poetsgate.com/poet_3039.html المعتضد بن عباد-بوابة الشعراء]</ref> أو 450 هـ<ref>[http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%B6%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF المعتضد بالله بن عباد]</ref>، أمر المعتضد ابنه إسماعيل بالتوجه إلى [[مدينة الزهراء]] (التابعة لقرطبة) والاستيلاء عليها، إلا إنَّ إسماعيل تخوف لصغر حجم الجيش وقوة تحصينات المدينة، وتذمر لأن والده كان يحمّله دائماً مسؤوليات كبيرة يواجه صعوبة بتحقيقها، وكان في إشبيلية آنذاك رجل يدعى أبا عبد الله البِزِلياني، أراد حيازة منصبٍ في الدولة، فاستغل الخلاف بين إسماعيل والمعتضد ليحرِّض إسماعيل على الثورة على أبيه، والاستقلال بإحدى مدنه.<ref name="المعتمد16">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=75}}</ref> واقتنع إسماعيل، فقاد الجيش، ثم بعد مسيرة يومين من إشبيلية توقَّف وقال أن والده استدعاه لأمرٍ طارئ، وأخذ معه البزلياني و30 فارساً توجه صوب المدينة، وكان والده المعتضد آنذاك قد خرج إلى حصن الزاهر على الضفة الأخرى من نهر [[الوادي الكبير]]، فاستولى على قلعة إشبيلية، وأغرق زوارق النهر لكي لا يُبلِغ أحد أباه بالأخبار،<ref name="المعتمد17">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=76}}</ref> ثم سارع بالتوجه جنوباً إلى الجزيرة الخضراء. إلا إنَّ أحد فرسانه رفض الأمر، فسبح بالنهر ووصل إلى المعتضد، وأبلغه بما حصل، ووجه المعتضد على الفور الأوامر إلى كل قادة الحصون بعدم السماح لإسماعيل بالدخول، فوجد هذا جميع الحصون مغلقةً في وجهه. عندما آلت الحال إلى هذا، لجأ إسماعيل إلى حماية حسداي قائد أحد حصون [[شذونة]]، فوافق على استضافته، ثم راسل والده من هناك وسأله العفو وأظهر ندمه، وطلب العودة إلى طاعته، ووافق المعتضد على اعتذار ابنه.<ref name="المعتمد18">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=77}}</ref> لكن إسماعيل توقع أن والده سيحاول الانتقام من فعلته عندما يعود إلى إشبيلية، فجمع بعض حرسه وحاول التسلل إلى القصر لقتل والده ليلاً، إلا إنَّ المعتضد توقع ذلك أيضاً، فجاء بفرقةٍ من حرسه وخرج، وعثر على إسماعيل، وعندما رآه يحاول التسلل اشتدَّ به الغضب، فأمر بأسر ابنه وقتله. ورغم ذلك، فقد ندم المعتضد كثيراً على فعلته فيما بعد، وحزن على مقتل إسماعيل.<ref name="المعتمد19">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=78}}</ref>
 
== وفاته ==
أصيب المعتضد [[ذبحة صدرية|بذبحة صدرية]] في آخر أيامه، حيث شكا في أحد الأيام من ألمٍ في رأسه، أصابه بعده نزيف، وأراد الطبيب فصده، إلا إنَّ المعتضد رفض، وطلب الانتظار إلى الغد. إلا إنَّ النزيف ازداد حدة،<ref name="المعتمد1245">{{HarvnbHarvard citation no brackets|أدهم| Ref =المعتمد بن عبَّاد|2000|p=90}}</ref> فتوفي أبو عمرو عبَّاد المعتضد في 12 من شهر ذي الحجة عام 461 هـ، الموافق 22 من سبتمبر عام 1069م. وترك وراءه مملكة قوية، خلفه في حكمها ابنه [[المعتمد بن عباد|محمد المعتمد على الله]].<ref name="مفكرة الإسلام">[http://www.islammemo.cc/zakera/methl-haza-elyawm/2010/05/16/100149.html#2 وفاة المعتضد ملك إشبيلية]. مفكرة الإسلام. تاريخ النشر 16-05-2010. تاريخ الولوج 02-07-2013.</ref>
 
== المراجع ==
سطر 70:
 
== كتب ==
* {{مرجع كتاب|titleالعنوان=دولة المرابطين|givenالأول=الصلابي|surnameالأخير=علي محمد|publisherالناشر=دار ابن الجوزي، [[القاهرة]] - [[مصر]]|yearسنة=2007|isbnالرقم المعياري=622-2-011500-86-5|authorlinkوصلة المؤلف=| ref =دولة المرابطين}}
* {{مرجع كتاب|titleالعنوان=الزلاقة: بقيادة يوسف بن تاشفين|givenالأول=أبو خليل|surnameالأخير=شوقي|publisherالناشر=دار الفكر، [[دمشق]] - [[سوريا]]|yearسنة=1979|isbnالرقم المعياري=|authorlinkوصلة المؤلف=| ref =الزلاقة: بقيادة يوسف بن تاشفين}}
* {{مرجع كتاب|titleالعنوان=المعتمد بن عبَّاد|givenالأول=أدهم|surnameالأخير=علي|publisherالناشر=الإدارة العامة للثقافة، [[وزارة الثقافة المصرية|وزارة الثقافة والإرشاد القومي]]، [[القاهرة]] - [[مصر]]|yearسنة=2000|isbnالرقم المعياري=|authorlinkوصلة المؤلف=| ref =المعتمد بن عبَّاد}}
* {{مرجع كتاب|titleالعنوان=[http://www.anti-rafeda.com/sunna/book/tareikh/pg_062_0042.htm دولة الإسلام في الأندلس، العصر الثاني: دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي، الكتاب الأول: قرطبة ودول الطوائف في الأندلس الغربية والوسطى. الفصل الثانى بنو عباد ومملكة إشبيلية]|givenالأول=عنان|surnameالأخير=محمد عبد الله|publisherالناشر=مكتبة الخانجى، [[الهيئة المصرية العامة للكتاب]]، [[القاهرة]] - [[مصر]]|yearسنة=1997|isbnالرقم المعياري=|authorlinkوصلة المؤلف=محمد عبد الله عنان| ref =دولة الإسلام في الأندلس}}
 
{{بداية صندوق}}