متصرفية جبل لبنان: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
الرجوع عن تعديلين معلقين من 188.247.76.240 إلى نسخة 17467094 من ZkBot.
اصلاح وسائط قالب:مرجع كتاب
سطر 39:
== التاريخ ==
=== خلفيّة تاريخيّة ===
{{طالع أيضا|بشير الثاني الشهابي|قائممقاميتي جبل لبنان}}
[[ملف:BashirChehab.jpg|تصغير|يمين|200بك|الأمير [[بشير الثاني الشهابي]]، أمير لبنان من سنة [[1788]] حتى سنة [[1840]].]]
كان الأمير [[بشير الثاني الشهابي]] يحكم مناطقه بقبضة من حديد منذ سنة [[1788]]،<ref>المصور في التاريخ، الجزء السابع، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: أدوار حكم الأمير بشير، صفحة: 127</ref> وقد قام بتدعيم سلطته على البلاد عبر قضائه على منافسيه من الإقطاعيين، فكان يُصادر أملاك بعضهم ويُضيّق من صلاحيات بعضهم الآخر، وقد كان أكثر هؤلاء من [[موحدون دروز|الدروز]]، لكن بشيرًا بحنكته السياسية ودهائه تمكن على الدوام من امتصاص النقمة، فاستمر الدروز والمسيحيين على حد سواء يخضعون له عن طيب خاطر. وفي أواخر عهد بشير الثاني، دخل الجيش المصري [[بلاد الشام]] طاردًا العثمانيين منها، وكان بشيرًا قد تحالف مع والي مصر [[محمد علي باشا]] قبل ذلك، وساعد أنصاره الجيش المصري بحماسة وحاربوا تحت لوائه وخاضوا المعارك التي خاضها،<ref name="اللبنانيون في ظل الحكم المصري">المصور في التاريخ، الجزء السابع، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: اللبنانيون في ظل الحكم المصري، صفحة: 161 - 168</ref> وكافأ [[إبراهيم باشا|إبراهيم باشا بن محمد علي]] حليفه بشيرًا الثاني على المساعدات التي قدمها إليه أنصاره، فأعاد إليه مكانته السابقة وترك له حرية التصرف في إمارته، فتابع الأخير ملاحقة خصومه من الإقطاعيين وقضى على نفوذهم وصادر أملاكهم وشرّدهم، وأقام على إقطاعاتهم بعض أنصاره وأقاربه، وقام إبراهيم باشا بتحسين وضع [[مسيحية|المسيحيين]] وقرّبهم إليه واستعان بهم في أعماله وأدخلهم في حاشيته، كذلك صادر سلاح الإقطاعيين وساهم في التقليل من سلطانهم، ولمّا كان أغلب الإقطاعيين من الدروز، وهم في الأصل أقل عددًا من المسيحيين، فقد كرهوا الحكم المصري ونقموا عليه، بما أنه ميّز بينهم وبين النصارى كما اعتقدوا، وقلل نفوذهم وصادر سلاحهم الذي يحتاجون إليه للدفاع عن نفسهم بصفتهم قابعين في وسط بحر مسيحي، ولهذه الأسباب تحركت في الدروز الكراهية تجاه المسيحيين وفقدوا الثقة بهم.<ref name="اللبنانيون في ظل الحكم المصري"/>
سطر 49:
==== قيام قائممقاميتيّ جبل لبنان ====
[[ملف:Prince Metternich by Lawrence.jpeg|تصغير|200بك|[[مترنيخ|الأمير كلمنز ڤنزل آل مترنيخ]]، مهندس [[قائممقاميتي جبل لبنان|نظام القائممقاميتين]].]]
بعد عزل الأمير بشير الثالث انهارت [[شهابيون|الإمارة الشهابية اللبنانية]]، التي كانت صمام الأمان للبلاد والعباد طيلة سنوات طوال، فقام [[الدولة العثمانية|العثمانيون]] بتعيين أحد كبار الموظفيين حاكمًا مباشرًا على [[جبل لبنان|الجبل]]، والأخير كان [[أهل السنة والجماعة|مسلمًا سنيًا]] ذا أصول [[النمسا|نمساوية]] يُدعى عمر باشا، فرحب به الدروز ورفضه المسيحيون، ووقف عامّة النصارى إلى جانب البطريرك الماروني [[يوسف بطرس حبيش]] الذي أعلن أنه يرفض التعاون مع أي حاكم غير لبناني أو أي حاكم لا يختاره اللبنانيون أنفسهم، وكان الباشا قد استأجر عملاءً لتحرير العرائض التي تُظهر تأييد الشعب له ورفضهم عودة الحكم الشهابي، وقد وقّع عدد من الناس هذه العرائض لقاء رشوة أو وعد أو تهديد، ومنهم من وقعها راضيًا،<ref name="العمامة"/> وعندما انفضح أمر العرائض في [[الآستانة]] وعزم [[الباب العالي]] على إقالة النمساوي، حاول الباشا استمالة الدروز إليه وإقناعهم بقتال المسيحيين الذين لا يكنون لهم خيرًا، لكن الدروز شعروا باستغلال الباشا لهم، فتكاتفوا عليه وكادوا يقتحمون قصره،<ref name="العمامة">[http://www.al-amama.com/index.php?option=com_content&task=view&id=451 العمامة: موسوعة التوحيد الدرزية، سيرة البطل شبلي العريان]؛ بقلم الشيخ أبو غالب حاتم قاسم حلبي</ref> لولا أن أنقذته كتيبة من الجند العثماني ثم أرسل إلى بيروت حيث أقيل من منصبه في [[6 ديسمبر]] سنة [[1842]]، وفي اليوم نفسه توصل الباب العالي وممثلو الدول الأوروبية في الآستانة إلى مشروع جديد لحكم [[جبل لبنان]]، على أن يُباشر بتنفيذه في مطلع عام [[1843]].<ref>المصور في التاريخ، الجزء السابع، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: نهاية الإمارة الشهابية، صفحة: 186 183</ref> بعد عزل عمر باشا النمساوي حاولت الحكومة العثمانية أن تعيّن مكانه حاكمين عثمانيين غير لبنانيين، أحدهما على جنوب الجبل، أي على الدروز، والآخر على شمال الجبل، أي على المسيحيين، ويكون مرجعهما والي بيروت العثماني، لكن الأوروبيين وقفوا في وجه الخطة العثمانية لما كانت تنطوي عليه من تقوية القبضة العثمانية "الإسلامية" على [[جبل لبنان]]، ولمّا كانت [[الدولة العثمانية]] شديدة الوهن ولا تقوى على مقارعة أوروبا القوية، فقد قبل [[عبد المجيد الأول|السلطان]] اقتراحات ممثلي الدول العظمى أن يُقسّم الجبل إلى قسمين مسيحي ودرزي، وفي [[1 ديسمبر]] سنة [[1843]]، وافق السلطان على مقترح الأمير [[مترنيخ]] مستشار [[النمسا]]، وطلب من أسعد باشا، والي [[بيروت]]، أن يقسم جبل لبنان، إلى مقاطعتين: مقاطعة شمالية يحكمها قائممقام مسيحي ومقاطعة جنوبية يحكمها قائممقام درزي، يكون كلاهما مختارين من كبار الأعيان، ويخضعان لوالي بيروت، وقد عُرف هذا النظام فيما بعد باسم [[قائممقاميتي جبل لبنان|نظام القائممقاميتين]].<ref name=M/><ref name="LOC">{{Citeمرجع bookكتاب | publisherالناشر = Kessinger Publishing | isbnالرقم المعياري = 9781419129438 | pagesالصفحات = 264 | lastالأخير = United States Library of Congress - Federal Research Division | titleالعنوان = Lebanon A Country Study | date = 2004}}</ref>
 
ظهرت عيوب نظام القائممقاميتين عندما استمرت الفتن الطائفية في ظلّه،<ref name="قائممقامية">[http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia21/HarbLebnan/sec04.doc_cvt.htm موسوعة مقاتل الصحراء: نظام القائممقاميتين والحرب الأهلية الثانية (1842-1845)]</ref> وسبب ذلك أن هذا النظام لم يُخفق في إزالة أسباب الخلاف بين سكان الجبل فحسب، بل إنه أضاف إليها عاملاً جديدًا من عوامل التفرقة والنزاع، هو عامل الصراع الطبقي بين الإقطاعيين وعامّة الشعب، بعد أن انتزع من الزعماء الإقطاعيين الدروز والمسيحيين سلطاتهم القضائية والمالية، وجعلها من اختصاص القائممقام ومجلس القائممقامية.<ref name="قائممقامية"/> وفي سنة [[1856]] أصدر السلطان [[عبد المجيد الأول]] فرمانه الشهير الذي ساوى فيه بين جميع الرعايا العثمانيين مهما اختلفت عقيدتهم الدينية، وألغى بمقتضاه الامتيازات السياسية والاجتماعية التي كان يتمتع بها فريق دون فريق أو طائفة دون طائفة، فزاد هذا الفرمان العامّة إصرارًا على نيل حقوقهم كاملة، وبطبيعة الحال كان المسيحيون في مقدمة المتمسكين ببنود هذا الفرمان كونهم يُشكلون أغلب الفلاحين وأكثرية [[بروليتاريا|الطبقة الكادحة]] تتكون منهم، فقام الفلاحون في المناطق المسيحية بثورة على الإقطاعيين وأحرقوا قصورهم وسلبوا غلالهم، ثم امتدت روح الثورة إلى [[جبل لبنان|جنوب جبل لبنان]] حيث الفلاحون خليط من [[موحدون دروز|الدروز]] و[[مسيحية|النصارى]]، وكانت الثقة مفقودة بين الطرفين، لذلك لم يكن بالإمكان توحيد كلمة الفلاحين من أبناء الطائفتين من أجل مصلحتهم المشتركة ضد زعمائهم الإقطاعيين.<ref name="حركة الستين"/> واستغل الزعماء الإقطاعيون الدروز الروابط الدينية، فأقنعوا فلاحيهم من أبناء طائفتهم بأن النزاع بينهم وبين المسيحيين قائم وأنه لا يمكن لهم الوثوق بهم، وحثوهم على تأييد زعمائهم والالتفاف حولهم للدفاع عن إخوانهم وأبناء دينهم، فأكّد ذلك ظنون المسيحيين، بأن الدروز يريدون بهم شرًا.<ref name="حركة الستين">المصور في التاريخ، الجزء السابع، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: الفتنة الكبرى 1860، صفحة: 196-197</ref>
سطر 56:
 
==== الفتنة الكبرى لعام 1860 ====
{{رئيسيمفصلة|مجازر 1860}}
[[ملف:18620eventsChristianrefugees.jpg|تصغير|يمين|200بك|مخيّم للاجئين المسيحيين من الجبل أثناء أحداث عام 1860.]]
ابتدأت أحداث هذه الحركة في [[صيف]] سنة [[1859]] بخلاف بسيط على لعبة گلّة بين ولدين درزي وماروني في بلدة [[بيت مري]]، ثم اشترك في هذا الخصام أهل كل منهما، وتحوّل الخصام إلى معركة دموية، اشترك فيها أبناء الطائفتين من بيت مري، ثم من سائر قرى [[المتن]]. وفي ربيع عام [[1860]] تجدد القتال، عندما قامت مجموعة صغيرة من الموارنة بإطلاق النار على مجموعة من الدروز عند مدخل [[بيروت]]،<ref name=M/> لتقتل درزيًا وتصيب اثنين. الحادث كان بمثابة الشرارة التي أشعلت موجة من العنف اجتاحت [[جبل لبنان]] و[[سهل البقاع]] و[[جبل عامل]] و[[دمشق]]، ففي غضون ثلاثة أيام، من [[29 مايو|29]] إلى [[31 مايو]]/أيار سنة [[1860]]، تم تدمير 60 قرية حول بيروت، كما لقي 33 مسيحيًا و 48 درزيًا مصرعهم،<ref>Farah, Caesar E. ''The politics of interventionism in Ottoman Lebanon, 1830-1861'', p. 564. I.B.Tauris, 2000. ISBN 1-86064-056-7.</ref> وبحلول حزيران/يونيو كانت الاضطرابات قد انتشرت إلى القرى والبلدات المختلطة في [[جنوب لبنان]] و[[سلسلة جبال لبنان الشرقية|جبال لبنان الشرقية]]، حتى [[صيدا]]، و[[حاصبيا]]، و[[راشيا]]، و[[دير القمر]]، و[[زحلة]]، و[[دمشق]]. وقام الفلاحون الدروز بمحاصرة الأديرة والإرساليات الكاثوليكية، سواء الفرنسية أو اللبنانية، وحرقوها وقتلوا الرهبان.<ref name=M>{{cite web| url= http://www.marxists.org/subject/arab-world/lutsky/ch09.htm | title= Modern History of the Arab Countries | last= Lutsky| first= Vladimir Borisovich | accessdate = 2009-11-12| date = 1969| publisher = Progress Publishers}}</ref>
[[ملف:1860 in Lebanon.jpg|تصغير|200بك|بيروت في سنة [[1860]]، يبدو الأمير [[عبد القادر الجزائري]] في وسط الصورة، والذي كان قد قدم للمساعدة على إنهاء النزاع بين [[دروز|الدروز]] و[[مسيحيين|المسيحيين]].]]
بلغ عدد القتلى اثني عشر ألفًا،<ref name="نهاية القاممقاميتين">المصور في التاريخ، الجزء السابع، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: الفتنة الكبرى 1860، صفحة: 198-199</ref> وكان الدروز أعنف قتالاً وأشد بأسًا، فقيل بأنه من أصل 12,000 قتيل، شكّل القتلى المسيحيون حوالي 10,000 منهم.<ref name = "LT">{{Citeمرجع bookكتاب | editionالإصدار = illustrated | publisherالناشر = I.B.Tauris & Company | isbnالرقم المعياري = 9781860640285 | pagesالصفحات = 320 | lastالأخير = Fawaz | firstالأول = Leila Tarazi | titleالعنوان = Occasion for War: Civil Conflict in Lebanon and Damascus in 1860 | date = 1995}}</ref><ref name="LOC2">{{Cite web | last = U.S. Library of Congress | title = Lebanon - Religious Conflicts | work = countrystudies.us | accessdate = 2009-11-23 | url = http://countrystudies.us/lebanon/18.htm}}</ref> وقُدّرت الخسائر في الممتلكات بأربعة ملايين [[جنيه استرليني|جنيه استرليني ذهبي]]، وقد وقعت الفتنة في موسم [[حرير|الحرير]] الذي كان دعامة الاقتصاد الشامي عمومًا والجبلي اللبناني خصوصًا، فأتلفته وقضت عليه، وهاجر كثير من الحرفيين المسيحيين من [[دمشق]] خوفًا على حياتهم، فتراجعت صناعة [[صلب|الصلب]] الدمشقي الشهير تراجعًا كبيرًا.<ref>[http://www.an-nour.com/old/239/opinion/opinion03.htm جريدة النور: حوادث 1860 في لبنان ودمشق فتنة دينية أم مؤامرة سياسية غربية؟!]؛ صفحة الرأي- بقلم الأستاذ إلياس بولاد، محاضرة في مركز اللقاء [[كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك|ببطريريكية الروم الكاثوليك]] [[دمشق|بدمشق]]: 3/ 2/ 2006.</ref> ولم يخفف من شر الفتنة إلا مروءة ذوي النفوس الشريفة، فقد دافع بنو تلحوق الدروز عن الرهبان وآووهم في بيوتهم، وظل بعض النصارى في حمى مشايخ الدروز في أمان من أيّ أذى يصيبهم، وفي [[دمشق]] حمى الأمير [[عبد القادر الجزائري]] المسيحيين فآواهم في بيته وفي [[قلعة دمشق|القلعة]]، واستغل ما كان له من نفوذ في [[بيروت]] لحمايتهم كذلك الأمر. وفي بيروت أيضًا فتح رجال الدين المسلمون وعدد من وجهاء المدينة بيوتهم للمنكوبين من الموارنة، وكذلك فعل زعماء الشيعة في [[جبل عامل]].<ref name="نهاية القاممقاميتين"/>
 
لمّا خشي السلطان [[عبد المجيد الأول]] أن تؤدي هذه الفتنة إلى تدخل الدول الأجنبية العسكري في الشؤون العثمانية، أوعز إلى المسؤولين العثمانيين في [[بيروت]] و[[دمشق]] بوجوب إخمادها حالاً، وأوفد في الوقت ذاته وزير الخارجية فؤاد باشا الذي عُرف بالدهاء والحزم، وخوله سلطات مطلقة لمعالجة الموقف، فقام بمهمته خير قيام و[[إعدام|أعدم]] معظم الذين تسببوا بالمذابح وسجن الباقين ونفى بعضهم وأعاد بعض المسلوبات إلى أصحابها من المنكوبين المسيحيين، وجمع تبرعات كثيرة أنفقها على ترميم القرى.<ref name="نهاية القاممقاميتين"/> وكانت [[أوروبا الغربية|الدول الأوروبية الكبرى]] قد ضغطت على السلطان وحملته على القبول بتشكيل لجنة دولية يوكل إليها إعادة الهدوء إلى [[جبل لبنان]]، وتصفية ذيول الفتنة، ووضع نظام جديد للحكم. وبهذا انتهى عهد القائممقاميتين في سنة [[1861]] بعد أن دام تسعة عشر عامًا.<ref>المصور في التاريخ، الجزء السابع، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: إخماد الفتنة ونهاية [[قائممقاميتي جبل لبنان|عهد القائممقاميتين]]، صفحة: 200</ref>
سطر 118:
 
=== عهد المتصرفين الأتراك ===
{{طالع أيضا|الحرب العالمية الأولى|الثورة العربية الكبرى|سقوط الدولة العثمانية}}
[[ملف:Ahmed Djemal - Project Gutenberg eText 10338.png|تصغير|200بك|يمين|[[جمال باشا|أحمد جمال باشا]]، قائد الجيش الرابع العثماني، وناظر البحرية.]]
أوجدت [[الحرب العالمية الأولى]] وضعًا سياسيًا جديدًا في [[جبل لبنان]] مشحونًا بالخطر على أمنه واستقراره واستقلاله الداخلي. فالضمانة الدولية التي كانت متوفرة له بموجب پروتوكول سنة [[1861]] فقدت قيمتها العملية بانقسام الدول الموقعة عليه إلى معسكرين متحاربين: [[قوات الحلفاء (الحرب العالمية الأولى)|معسكر الحلفاء]] ويضم [[بريطانيا]] و[[فرنسا]] و[[الإمبراطورية الروسية|روسيا]] و[[إيطاليا]]، ومعسكر [[دول المحور المركزي]] ويضم [[ألمانيا]] و[[النمسا]] و[[بلغاريا]] و[[الدولة العثمانية]]، فلم يبق بعد نشوب الحرب ما يردع [[الاتحاد والترقي|الحكومة الاتحادية]] حديثة النشأة في [[الآستانة]] عن خرق نظام جبل لبنان الأساسي، أو يمنعها من التدخل في شؤونه الداخليّة. وبالإضافة إلى ذلك فإن دخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب دول المحور المركزي، جعل جميع الأراضي التابعة للدولة في حالة حرب مع الحلفاء، ولمّا كان [[جبل لبنان]] جزءًا من هذه الدولة، فقد أصبح خاضعًا لظروف الحرب وأحوالها ومُعرضًا لويلاتها وكوارثها.<ref name="خرق النظام الأساسي">المصور في التاريخ، الجزء الثامن، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: خرق النظام الأساسي، صفحة: 30-31</ref>
سطر 151:
 
=== نهاية المتصرفية ===
{{طالع أيضا|الإنتداب الفرنسي على لبنان|انتداب فرنسي على سوريا{{!}}الإنتداب الفرنسي على سوريا|معركة ميسلون}}
انهار الحكم العثماني في [[بيروت]] و[[دمشق]] و[[بعبدا]] في يوم واحد، وقبل أن ينسحب إسماعيل حقي والي بيروت، سلّم مقاليد حكم الولاية إلى عمر بك الداعوق رئيس البلدية، الذي أعلن قيام حكومة عربية في أثر تلقيه برقية من دمشق بهذا الخصوص، ورفع [[علم عربي موحد|العلم العربي]] على سراي المدينة.<ref name="المرحلة الانتقالية"/> وكان ممتاز بك، متصرّف جبل لبنان، قد سلّم قبيل انسحابه من بعبدا شؤون الإدارة في جبل لبنان إلى رئيس بلدية بعبدا حبيب فيّاض، وبعد يومين اجتمع موظفو الحكومة في بعبدا وانتخبوا الأميرين مالك شهاب وعادل أرسلان لإدارة الحكومة المؤقتة.<ref name="المرحلة الانتقالية"/> وعندما تألفت حكومة الأمير فيصل العربية في دمشق، أرسلت اللواء شكري الأيوبي حاكمًا عامًا على ولاية بيروت وجبل لبنان، فحضر إلى بيروت في [[7 أكتوبر]] وأعلن دخول البلاد تحت الحكم الفيصلي، ثم توجه إلى مركز الحكومة في بعبدا وأعلن في احتفال حاشد قيام الحكومة العربية في جبل لبنان، ورفع العلم العربي على السراي، ودعا مجلس الإدارة الشرعي المنتخب سنة [[1912]] إلى الاجتماع، وكلّف رئيسه [[حبيب باشا السعد]] تولّي رئاسة الحكومة في جبل لبنان من قبل الأمير [[فيصل الأول|فيصل]] باسم والده [[الشريف حسين بن علي|الشريف حسين]]. فقبل السعد هذا التكليف وأقسم يمين الولاء والإخلاص للشريف حسين.<ref name="المرحلة الانتقالية">المصور في التاريخ، الجزء العاشر، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: لبنان في المرحلة الانتقالية (1918-1920)، صفحة: 17-18</ref>
 
سطر 192:
== المجتمع والثقافة ==
=== التركيبة السكّانية ===
{{طالع أيضا|الكنيسة المارونية|موحدون دروز|طوائف لبنان}}
[[ملف:Bkerke.jpg|تصغير|يمين|الصرح البطريركي في بكركي، مقر البطريركية المارونية طيلة عهد المتصرفية وحتى اليوم.]]
[[ملف:Fakhredine mosque - Deir al-Qamar - Lebanon.jpg|تصغير|مسجد [[فخر الدين المعني الثاني|الأمير فخر الدين]]، أقدم مسجد في جبل لبنان، يقع في بلدة [[دير القمر]].]]
سطر 277:
 
=== نتائج الهجرة ===
{{طالع أيضا|شعراء المهجر}}
كان للهجرة عدّة نتائج، منها الحسن ومنها السيء. حقق أكثر المهاجرين ما أرادوا من هجرتهم، فقد أثري الفقير، وتحرر المضطهد، ووجد المغامرون ما يُغذي طموحهم ويقربهم من أهدافهم. وكان من نتيجة ذلك أن تدفقت الأموال على المقيمين من أبنائهم وأقربائهم المغتربين. وكانت أسر عديدة تعيش على ما يرد إليها من بلاد الغربة.<ref name="نتائج الهجرة"/> وبذلك تحسنت حياة بعض الجماعات، فاستطاعوا أن يُنشئوا بما جناه أبناؤهم من الأموال المشروعات الصناعية والتجارية والزراعية، فخدموا الوطن ونشطوا حياته الاقتصادية. ومن الطبيعي أن الأموال الغزيرة ما كانت لتصل إلى لبنان لو لم يكن هؤلاء المهاجرون قد حققوا لأنفسهم ثروة كبيرة ومكانة مرموقة في البلاد التي هاجروا إليها، وقد تبوأ الكثير من اللبنانيين منزلة عالية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية وشغلوا مناصب كبيرة في الإدارة والقضاء والجيش والسياسة.<ref name="نتائج الهجرة">المصور في التاريخ، الجزء السابع، [[دار العلم للملايين]]، [[بيروت]] - [[لبنان]]، تأليف: شفيق جحا، [[بهيج عثمان]]، [[منير البعلبكي]]: أسباب الهجرة، صفحة: 235-236</ref>