ولي: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 30:
 
لأولياء الرحمن أوصاف ميزهم الله في كتابه، بيانا واضحا لا لبس فيه ولا اشتباه، لأن من الناس من يُلبِّس على الناس فيظهر أنه من أولياء الله، سواء بنسبه أو بجاهه أو بلبس خاص معين أو بالانتساب إلى جهة معينة، والأمر على خلاف ذلك، لذلك جاء وصف الأولياء في القرآن بأمور منها؛ أنهم يحبون الله وهو يحبهم، وأنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، ويجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم.
قال تعالى في وصف أوليائه: [[سورة المائدة]]: {{قرآن مصور|المائدة|54}} سورة المائدة54
فما بين الإنسان وبين أن يكون وليا إلا أن يحقق الإيمان والتقوى، ويعمل جاهدا لتحقيق هذه الصفات، مع اعتقاد أهل السنة والجماعة التام بأن النفع والضر وعلم الغيب والتصرف في الكون بيد الله وحده، لا يشاركه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا ولي محبوب<ref>راجع: مسألة أن إجابة المضطر والنفع والضر وعلم الغيب والتصرف في الكون من خصائص الله وحده: تفسير ابن كثير 2/137، شرح مسلم للنووي 2/8، تجريد التوحيد للمقريزي ص14، الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبدالهادي ص351، فتح القدير للشوكاني 2/123.</ref>.
وأن النبوة قد ختمت، وأن الدين قد كمل، وأنه لا يمكن أن يتلقى أحدا علوما عن الله بعد رسول الله ولو كان وليا، لأن طريق التلقي عن الله واحد وهو طريق النبوة، ولا نبوة بعد نبوة محمد(صلى الله عليه وسلم)<ref> راجع مسألة ختم النبوة، وأن الدين قد كمل: تفسير الطبري 1/12، 9/59، الكشاف للزمخشري 2/7، زاد المسير لابن الجوزي 6/393، الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم 1/77.</ref>. قال تعالى: ﴿مَّا{{قرآن كَانَمصور|الأحزاب|40}} مُحَمَّدٌسورة أَبَاالأحزاب أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾[الأحزاب:40[.
وقوله(صلى الله عليه وسلم): ((لا نبي بَعْدِي))<ref>أخرجه البخاري، من حديث أبي هريرة، رقم الحديث ( 3455).</ref>.
ومن العلماء الذين ذكروا الإجماع على القول بأن الرسول(صلى الله عليه وسلم) محمد خاتم الأنبياء، وأن الوحي قد انقطع بموته: القاضي عياض في كتابه الشفا<ref>2/270.</ref>، عبدالقاهر البغدادي في أصول الدين<ref>ص159.</ref>، القسطلاني في إرشاد الساري<ref>10/128.</ref>، وسعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد<ref>2/191.</ref>.
 
===الولاية والعصمة في النصوص الإسلامية===
تشير نصوص القرآن والسنة النبوية، على أن العصمة ليست شرطاً للولي، قال تعالى:{{قرآن مصور|فاطر|32}} سورة فاطر32 ووجه ذلك: أن إدخال الظالم لنفسه من جملة أولياء الله ووعده بدخول الجنة؛ دليل ظاهر بأن العصمة ليست شرطا للولاية<ref>راجع مسألة أن الأولياء ليسوا بمعصومين: قطر الولي في شرح حديث الولي للشوكاني ص248.</ref>،وقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر الصديق(رضي الله عنه) عندما عبَّر الرؤيا: ((أصبت بعضا وأخطأت بعضا))<ref>راجع: كتاب أولياء الله بين المفهوم الصوفي والمنهج السلفي لعبدالرحمن دمشقية ص90.</ref>، ومعلوم أن أبا بكر أفضل الأولياء بعد الرسل<ref>راجع فضل أبي بكر: الفقه الأكبر لأبي حنيفة ص303 ، العقيدة السفارينيه لمحمد بن أحمد السفاريني ص86. </ref>. وقد قال النبي(صلى الله عليه وسلم): ((كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون))<ref>أخرجه الترمذي برقم (2499) وحسنه الألباني في الجامع الصغير (4391).</ref>.
 
قال الشوكاني: "اعلم أن أولياء الله غير الأنبياء ـ ليسوا بمعصومين، بل يجوز عليهم ما يجوز على سائر عباد الله المؤمنين"<ref>قطر الولي شرح حديث الولي للشوكاني ص248.</ref>.
ولهذا لما كان ولي الله يجوز أن يغلط وتخفى عليه بعض علوم الشريعة، وتشتبه عليه بعض أمور الدين؛ لم يجب على الناس الإيمان بجميع ما يقوله من هو ولي الله لئلا يكون نبيا، بل ولا يجوز لولي الله أن يعتمد على ما يلقى إليه في قلبه إلا أن يكون موافقا للشرع، فالأولياء لا تجب طاعتهم في كل ما يأمرون به ولا الإيمان بجميع ما يخبرون به؛ بل يعرض أمرهم وخبرهم على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة وجب قبوله، وما خالف الكتاب والسنة كان مردودا، وإن كان صاحبه من أولياء الله<ref>انظر الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية ص121.</ref>.
قال أبو سليمان الداراني<ref>راجع: طبقات الصوفية لأبي عبدالرحمن السلمي1/76.</ref>: "إنه ليقع في قلبي النكتة من نكت القوم قلا أقبلها إلا بشاهدين: الكتاب والسنة".
قال أبو القاسم الجنيد<ref>راجع: الرسالة القشيرية للقشيري 1/18.</ref>: "علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا صلح له أن يتكلم في علمنا أو قال: لا يقتدى به.
 
===تفاوت العباد في وَلاية الله===
الوَلاية متفاوتة بحسب إيمان العبد وتقواه، فكل مؤمن له نصيب من وَلاية الله ومحبته وقربه، فأعلى درجات الوَلاية هو السابق بالخيرات الذي يأتي بالنوافل مع الفرائض، ويبلغ بالعبادات القلبية لله عز وجل مبالغ عالية، ثم المقتصد وهو المؤمن الذي يحافظ على أوامر الله، ويجتنب معاصيه، ولكنه لا يجتهد في أداء النوافل، ثم الظالم لنفسه وهو المؤمن العاصي فهذا له من الوَلاية بقدر إيمانه وأعماله الصالحة<ref>نظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية ص90ومابعدها، شرح الطحاوية لأبي العز الحنفي 1/345.</ref>. قال تعالى:{{قرآن مصور|فاطر|32}} سورة فاطر32
 
===أوصاف أولياء الله عند الصوفية===
ذكر بعض مشايخ الصوفية الكبار كأحمد الرفاعي<ref>قلادة الجواهر في ذكر الرفاعي وأتباعه الأكابر ص180.</ref>، وعبدالعزيز الدباغ<ref>الإبريز 143،147. </ref>، وعبدالكريم الجيلي <ref>الإنسان الكامل ص6.</ref>إلى أن الأولياء يتلقون علومهم عن الله مباشرة، وكذلك ذكر أبوحامد الغزالي أن الولي يلهم في تلقي العلم من الله<ref>نقل ذلك عنه الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر في عقيدة الأكابر 2/85.</ref>، وأن الأولياء يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء<ref>المنقذ من الضلال للغزالي ص68.</ref>، وذكر كذلك السهروردي من صفاتهم أنهم يسمعون كلام الله<ref>عوارف المعارف للسهروردي ص27.</ref>، وجعل بعض الصوفية العصمة شرطا للولي كما حكى ذلك الشعراني<ref>انظر: الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر في عقيدة الأكابر2/24ـ25.</ref>.
 
===من شروط الولاية عند الصوفية===
ذكر بعض الصوفيه ذكروا طُرق وشروط أخرى لولاية الله ونيلها، من ذلك ماذكره أبو طالب المكي في قوت القلوب<ref>ص239.</ref> أن من شروط الولاية الخلوة، وهي تقتضي عندهم ترك الأهل والمال والولد فإنهم شواغل وحجر عثرة أمام طريق الولاية<ref>ص239.</ref>، وكذلك من شروط الولاية: الجوع وترك الدنيا كما نُقل عن ابي يزيد البسطامي في الرسالة القشيرية<ref> الرسالة القشيرية لعبد الكريم بن هوازن بن القشيري ص142.</ref>، كما أنه عند المتصوفة طريق الولاية مسدود إلا على يد الشيخ الموصل المرشد، والسبيل إلى نيلها يمر عبر خدمة الشيخ وقضاء حوائجه<ref>انظر: معراج التشوف إلى حقائق التصوف ص13 لابن عجيبة.</ref>.