عبد الرحمن الحوت: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط clean up، الأخطاء المصححة: إبتدائي ← ابتدائي باستخدام أوب (10784)
لا ملخص تعديل
سطر 14:
| أستاذه = الإمام محمد بن إدريس الحوت، وأبو المحاسن القاووجي الحُسيني
}}
'''العلَّامة الشيخ المُحقق أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن درويش الحوت البيروتي الشافعي العَلَوي''' هو أحد أبرز [[عالم مسلم|العُلماء المُسلمين]] في [[بيروت]] خلال [[عقد 1850|النصف الثاني من القرن التاسع عشر]] و[[عقد 1910|العقد الأوَّل من القرن العشرين]]. يرجع بنسبه إلى [[آل البيت|أهل بيت الرسول محمد]]، وتحديدًا إلى الإمام [[علي بن أبي طالب]] رابع [[الخلفاء الراشدين]].<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=120 |pages=}}</ref> أخذ معظم علومه عن والده الشيخ، ثمَّ ارتحل إلى [[دمشق]] فأخذ عن جملة من علمائها.<ref name="جمعية الأشراف" /> اشتهر بزهده وتواضعه وحبّه لأعمال الخير، حيث قضى حياته مهتمًا بأعباء التعليم والدعوة إلى الإسلام والعمل الإجتماعي. عمِلَ إمامًا للجامع العمري الكبير، وتولّى منصب نقيب السادة الأشراف، كما كان رئيسًا [[جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية|لجمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة]] لمرتين، وأيضًا قام بمقام مفتي الولاية بعد وفاة المفتي السابق الشيخ عبد الباسط الفاخوري عام [[1905]]م.<ref name="آل الحوت">{{cite book |last=حلّاق |first=حسَّان |authorlink= |title=موسوعة العائلات البيروتيَّة: الجذور التاريخيَّة للعائلات البيروتيَّة ذات الأصول العربيَّة واللبنانيَّة والعثمانيَّة مع صور ووثائق ومعلومات نادرة. المجلَّد الأوَّل |url= |accessdate= |year=[[2010]]م/[[1431 هـ]] |publisher=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-614-402-141-5 |page=433 |pages=}}</ref>
 
ساهم الشيخ عبد الرحمن الحوت ببناء وترميم غالبيَّة [[مسجد|مساجد]] و[[جامع|جوامع]] و[[زاوية (مدرسة)|زوايا]] و[[تكية|تكايا]] بيروت خلال فترة حياته، وعُرف عنه أنه أنفق أغلب ماله في ذلك، وتنازل عن كُل ما قُدِّم له على الصعيد الشخصي لصالح المسلمين في بيروت، حتّى لقَّبه البيارتة '''[[ولي|بالوليّ]]''' واعتبروه من أولياء الله الصالحين. وَفد عليه عدد من علماء المسلمين للدراسة، وتخرَّج على يديه عدد من أعلام النهضة الحديثة في [[لبنان]] و[[بلاد الشام]] وبعض أنحاء [[الوطن العربي]]،<ref name="آل الحوت" /> وكان محبوباً من [[مسيحيون|المسيحيين]] من أبناء المدينة الأصليين ([[كنيسة الروم الأرثوذكس|الروم الأرثوذكس]]) والنازحين من الجبل حديثي الاستقرار ([[موارنة|الموارنة]]) نظراً لبُعد نظره وتسامحه الواسع ولأنَّه ابن الشيخ محمد الحوت "الكبير" الذي لعب دوراً بارزًا في حماية وإيواء الكثير من فقراء النصارى النازحين من [[جبل لبنان]] خلال [[مجازر 1860|مجازر سنة 1860م]].<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=102 |pages=}}</ref> ولمَّا توفي عبد الرحمن الحوت شُيِّع في جنازة كبيرة شارك فيها آلاف البيارتة، ودُفن في جبَّانة الباشورة، عند أطراف [[وسط بيروت|بيروت القديمة]].<ref name="جمعية الأشراف" />
 
== نسبه ==
أسرة الحوت هي إحدى أبرز الأسر البيروتيَّة واللبنانيَّة والعربيَّة المسلمة، تعود بجذورها إلى [[قبائل اليمن]] و[[قبائل عربية|شبه الجزيرة العربيَّة]]، وقد أسهمت في ظل الخلافتين [[خلافة راشدة|الراشدة]] و[[الدولة الأموية|الأمويَّة]] في فتوحات [[فتح مصر|مصر]] و[[فتح الشام|الشام]] و[[فتح العراق|العراق]] و[[فتح شمال إفريقيا|المغرب]] و[[فتح الأندلس|الأندلس]]، فانتشرت في كل تلك البلدان بنسبٍ متفاوتة. وما تزال قبائل الحوت و[[حوثيون|الحوثيين]] من أهم وأقوى قبائل اليمن في الفترة المعاصرة. كما أنَّ اليمن شهدت مدينة "حوت" القديمة،<ref>{{cite book |last=الحوت |first=محمود سليم |authorlink= |title=شيخ بيروت العلَّامة الإمام محمد الحوت (۱٧۹٤-۱۸٦۰م)|url= |accessdate= |year=1994 |publisher=دار النهار للنشر |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=72 |pages=}}</ref> وكذلك الشام التي شهدت قرى وبلدات باسم "حوت" و"كفر حوت".<ref>{{cite book |last=زكريَّا |first=أحمد وصفي |authorlink= |title=عشائر الشام |url=http://ia600202.us.archive.org/9/items/ashaer/2496.pdf |accessdate= |year=[[1403 هـ]] - [[1983]]م |publisher=دار الفكر المعاصر للطباعة والنشر والتوزيع |location=[[بيروت]]-[[لبنان]] |isbn= |page=417 و539 |pages=}}</ref> كذلك ظهرت هذه الأسرة في [[مصر]] و[[فلسطين]]، يقول الأستاذ [[نعوم شقير|نعّوم شقير]]: {{مض|الحوتة من قبائل مصر تنتسب إلى عرب [[الحجاز]] وتُقيم في مُديريَّة [[الفيوم|الفيّوم]]}}،<ref name="عمر كحالة">{{cite book |last=كحَّالة |first=عمر رضا |authorlink=عمر رضا كحالة |title=معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، الجزء الأوَّل. نقلًا عن "تاريخ سينا" و"تاريخ السودان" [[نعوم شقير|لنعّوم شقير]] |url= |accessdate= |year=1368 هـ/1940م |publisher=المكتبة الهاشميَّة |location=دمشق-سوريا |isbn= |page=316 |pages=}}</ref> وقال أيضًا: {{مض|الحوتيَّة من قبائل العرب في [[دارفور]] [[السودان|بالسودان المصري]]، غربي كبكبيه}}،<ref name="عمر كحالة" /> وأتى على ذِكر أنَّ "الحوتيَّات" هي فرقة من عشيرة المشاقبة التي منازلها حول المدوّر من قبيلة [[بني حسن]] التي منازلها حول [[جرش]].<ref name="عمر كحالة" />
 
ذَكَر [[القلقشندي]] في مؤلفه حامل عنوان "نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب" أنَّ بنو الحوت بطنٌ من [[كندة (قبيلة)|كِندة]] من [[قحطانيون|القحطانيَّة]]، وأنَّ "حوت" هو الحارث بن الحارث بن معاوية بن ثور وهو كِندة.<ref>{{cite book |last=القلقشندي |first=أبو العبَّاس أحمد بن علي |authorlink=القلقشندي |title=نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب |url=http://archive.org/stream/nihayt-alarb#page/n0/mode/2up |accessdate= |year=1400 هـ/1980م |publisher=دار الكتاب اللبناني |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=239 و409 |pages=}}</ref> والراجح بحسب الباحثين أنَّ عائلة الحوت بمصر تعود بنسبها إلى هذه القبيلة. ومن مصر نزل فريق منها بيروت ومنهم ظهرت السُلالة البيروتيَّة من آل الحوت.<ref>{{cite book |last=الدبَّاغ |first=مصطفى مراد |authorlink=مصطفى مراد |title=[[بلادنا فلسطين (كتاب)|بلادنا، فلسطين]]، الجزء الثالث، القسم الثاني |url= |accessdate= |year=1391هـ/1971م |publisher=دار الطليعة |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=100 |pages=}}</ref> وقد تتبع علماء الأنساب أصول أفراد هذه الأسرة حتى البيت النبوي، فالجدّ الأعلى لهم هو الإمام محمد التريمي بن علي بن محمد صاحب مرباط بن علي ضالع قسم بن علوي بن محمد مولى الصومعة بن الإمام شمس الدين علوي الحضرمي جد آل علوي بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى النقيب البصري بن محمد البصري بن [[علي العريضي]] بن الإمام [[جعفر الصادق]] بن [[محمد الباقر]] بن [[علي زين العابدين]] بن [[الحسين بن علي بن أبي طالب|الحسين]] بن [[علي بن أبي طالب]] ابن عم الرسول [[محمد]] وزوج ابنته [[فاطمة الزهراء]].<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور كمال |authorlink= |title=جامع الدّرر البهيَّة لأنساب القُرشييّن في البلاد الشاميَة |url=http://www.truthaboutislam.info/forums/index.php?action=printpage;topic=5351.0= |accessdate= |year=1424هـ/2003م |publisher=دار المشاريع للطباعة والنشر والتوزيع |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=184 |pages=}}
</ref>
 
== بداياته ==
=== نشأته ===
وُلد عبد الرحمن الحوت في مدينة بيروت سنة 1846م، وهو نجل شيخ مشيخة بيروت العلَّامة الإمام محمد الحوت "الكبير" صاحب الخمسة وثلاثين مؤلفًا في العلوم الدينيَّة كافَّة.<ref>[http://www.alhiwar.info/ar/default.asp?contentid=2030&MenuID=39 صحيفة الحوار: المفتي محمد خالد والشيخ عبد الرحمن الحوت مرجعان بيروتيان رفعا مداميك الدين والتعليم]</ref> وكانت ولادته في منزل والده في محلَّة باب يعقوب جنوبي بيروت القديمة،<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=121 |pages=}}</ref> وكان له عدَّة أشقاء منهم: عبد الله، وسليم، وجميل، ومحمد.<ref name="حسان حلاق2">{{cite book |last=حلّاق |first=حسَّان |authorlink= |title=موسوعة العائلات البيروتيَّة: الجذور التاريخيَّة للعائلات البيروتيَّة ذات الأصول العربيَّة واللبنانيَّة والعثمانيَّة مع صور ووثائق ومعلومات نادرة. المجلَّد الأوَّل |url= |accessdate= |year=[[2010]]م/[[1431 هـ]] |publisher=[[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]] |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-614-402-141-5 |page=432 |pages=}}</ref> تلقّى عبد الرحمن الحوت العلم على يد والده الشيخ، وفي [[مدرسة (إسلام)|مدارس]] و[[كتاب (مدرسة)|كتاتيب]] بيروت، ودرج منذ حداثته على حضور حلقات التدريس التي كان يقيمها العلّامة والده في بيته، وفي المساجد، فتأثَّر به وانتهج نهجه في حياته لاحقًا. حفظ [[القرآن]] استظهارًا وترتيلًا وأحكامًا، وشغف [[علم الفقه|بعلم الفقه]] و[[علم الحديث|الحديث]] وهو ابن اثنتيّ عشرة سنة، فغاص ببحور تلك العلوم ونهل منها الشيء الكثير، وما أن بلغ الثامنة عشرة من عمره حتى كان قد أتقن التلاوة و[[تجويد|التجويد]] وتمكَّن من العلوم الشرعيَّة الأساسيَّة.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=122 |pages=}}</ref> وقد وجَّه انتباهه منذ ذلك الوقت إلى العمل الخيري في الميدان الثقافي والاجتماعي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي وراء كل قصد خيري، وذلك من خلال عمله في نجدة الفقراء والمحتاجين كعمله في اللجنة الخيريَّة الإسلاميَّة، والاشتغال في التدريس، كما تابع الدعوة التي بدأها والده من قبل، وهي الهادفة إلى التفاهم والتآخي بين [[أهل السنة والجماعة|السنَّة]] و[[شيعة|الشيعة]]؛ لأنَّ خلافاتهما تؤدي إلى تصدّع الوحدة الإسلاميَّة، والتآخي بين المسلمين والمسيحيين في بيروت وباقي الشام والبلاد العثمانيَّة كي يكون المجتمع منيعًا بوجه الاستعمار الهادف إلى اختراق [[الدولة العثمانية|الدولة العثمانيَّة]] من خلال الخلافات والصراعات سواء بين المسلمين أنفسهم، أو بين المسلمين والمسيحيين.<ref name="حسان حلاق2" />
 
=== وفاة والده ===
[[ملف:المسجد العمري.jpg|تصغير|الجامع العمري الكبير كما يبدو اليوم. كان أكبر جوامع بيروت طيلة فترة كبيرة من الزمن، وأمَّه عدد من العلماء البيارتة الكِبار في مقدمتهم الإمام محمد الحوت الكبير ونجله الشيخ عبد الرحمن الحوت.]]
ليلة يوم الأربعاء في [[8 ذو الحجة|8 ذي الحجَّة]] [[1276 هـ]]، المُوافقة لأواخر يونيو سنة [[1860]]م،<ref>{{cite journal |last1=الخوري |first1=خليل |last2= |first2= |year=[[1276 هـ]]/[[1860]]م |title=المقدمة |journal=[[حديقة الأخبار|جريدة حديقة الأخبار]] |volume=الثالثة |issue=130 |pages=1 |publisher=خليل الخوري |doi= |url= |accessdate=}}</ref> توفي الإمام محمد الحوت "الكبير" بعدما مرض برهة يسيرة، وصُلّيَ عليه في الجامع العُمري الكبير بمشاركة رسميَّة عثمانيَّة وبيروتيَّة وإسلاميَّة، وشُيِّع في جنازة شاركت فيها كل طوائف بيروت ورجال الدين البيارتة من مسلمين ومسيحيين ويهود، وحُمل نعشه إلى خارج المدينة حيث دُفن في جبَّانة الباشورة.<ref>{{cite book |last=البيطار |first=الشيخ عبد الرزَّاق |authorlink=عبد الرزاق البيطار |title=حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، الجزء الثالث |url=http://ia700401.us.archive.org/4/items/helitb/helitb.pdf |accessdate= |year=[[1383 هـ]]/[[1963]]م |publisher=دار صادر - مطبوعات المجمع العلمي بدمشق |location=[[بيروت]] - [[لبنان]]/[[دمشق]] - [[سوريا]] |isbn= |page=1370-1371 |pages=}}</ref> وقد رثاه الكثير من الشعراء والأصدقاء، منهم: حسين بيهم العيتاني، والشيخ قاسم أبو الحسن الكستي، والشيخ ناصيف اليازجي، والشيخ إبراهيم الأحدب، والشيخ محمد الشهَّال الطرابلسي، والشيخ محمود الخماش النابلسي، والشيخ مصطفى نجا في تقريظة كتاب "الدرَّة الوضيَّة".<ref name="حسان حلاق2" />
 
=== إمامة الجامع العمري الكبير ===
شُغرت إمامة الجامع العمري الكبير بوفاة الإمام محمد الحوت، فتولّى الشيخين عبد الرحمن ومحمد أفندي إمامة [[الصلاة في الإسلام|صلاتيّ]] الظهر والعصر فيه خلفًا لوالدهما وفقًا لِنظام توجيه الجهات.{{للهامش|1}}<ref>الشيخ عبد الباسط الفاخوري: ترجمة الشيخ محمد بن السيّد درويش الحوت</ref> وقد استمرّا يقومان بهذه المهمة سويًّا حتى وفاة الشيخ محمد أفندي، فتابعها الشيخ عبد الرحمن حتى تاريخ وفاته. وكان لا بد لإمام الجامع العمري أن يشتهر بين أبناء المدينة نظرًا لأنه كان أكبر مساجد بيروت حتى ذلك الوقت، وكان الجامع الرئيسي الذي تُقام فيه الاحتفالات الدينيَّة ذات الطابع الرسمي الشعبي، والتي كانت من تقاليد وشعائر الأمَّة الإسلاميَّة، ومن تلك الاحتفالات: عيديّ [[عيد الفطر|الفطر]] و[[عيد الأضحى|الأضحى]] وذِكرى [[المولد النبوي]] وذِكرى [[الإسراء والمعراج]] وليلة النصف من شعبان و[[ليلة القدر]]، وكانت تُقام الصلاة الجامعة، وعلى الخصوص صلاة العيدين.<ref>{{cite book |last=الولي |first=الشيخ طه |authorlink= |title=تاريخ المساجد والجوامع الشريفة في بيروت، القسم الأوَّل، الجزء الأوَّل |url= |accessdate= |year=[[1393 هـ]]/[[1973]]م |publisher=دار الكتب |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn= |page=59 |pages=}}</ref> وهكذا كانت بداية تعرّف البيارتة على الشيخ عبد الرحمن الحوت، وتنامت مع مرور الوقت.
 
== أعماله ==
عُيّن الشيخ عبد الرحمن الحوت نقيبًا للسادة الأشراف في ثغر بيروت في شهر رجب سنة [[1319 هـ]]، المُوافق لشهر نوفمبر من سنة [[1901]]م، وكانت له أعمال خيِّرة كثيرة في نجدة المحتاجين وإغاثة الفقراء والمساكين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد أورد معجم المؤلفين في تعريف عبد الرحمن الحوت: {{مض|عبد الرحمن الحوت واعظ له مراقي السعادات في الحث على أداء الصلوات في أوَّل الأوقات والزجر عن تركها والتهاون بها وتأخيرها}}.<ref>{{cite book |last=كحَّالة |first=عمر رضا |authorlink=عمر رضا كحالة |title=تراجم مصنفي الكتب العربية |url=http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb84734-45118&search=books |accessdate= |year=[[1313 هـ|1313هـ]] |publisher=دار إحياء التراث العربي، طُبعت بمطبعة بولات |location=بيروت - لبنان |isbn= |page=29 |pages=}}</ref> وقد استمر في هذا المنصب مدَّة ست عشرة سنة. وفي سنة [[1908]]م انتُخب رئيسًا [[جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية|لجمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة]]،<ref>{{cite book |last=حلَّاق |first=حسَّان |authorlink= |title=مذكرات سليم علي سلام (۱۹۳۸-۱۹٦۸م) |url= |accessdate= |year=1401هـ/1981م |publisher=الدار الجامعيَّة |location=بيروت - لبنان |isbn= |page= |pages=}}</ref> وبعد انقضاء مدته القانونيَّة أُعيد انتخابه رئيسًا لها بالنظر للفائدة الأدبيَّة والدينيَّة التي أحيطت بها الجمعيَّة وما حصل فيها من تقدّم ملموس.<ref name="ثمرات الفنون1">{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1319هـ]] |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume=[[22 رجب]] |issue=1355 |pages= |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref> بعد إعلان الدستور العثماني (القانون الأساسي) عقب الانقلاب الذي حصل من قِبل جمعيَّة [[الاتحاد والترقي]] على السلطان [[عبد الحميد الثاني]] سنة 1908م، تشكَّلت في بيروت جمعيَّة دينيَّة تضم ثلاثين عالمًا من علماء بيروت تحت اسم "الجمعيَّة العلميَّة الإسلاميَّة"،<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1901]]و[[1908]] |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume= |issue=1354 و1681 |pages= |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref> وانتخبت الشيخ عبد الرحمن الحوت رئيسًا لها، وكانت غايتها في تلك الظروف خدمة العِلم والدين والدعوة إلى الخير.
 
فضلًا عن وظيفته كنقيب للأشراف في ولاية بيروت، كان الشيخ عبد الرحمن الحوت مديرًا للمعارف، وعضوًا في لجنة التعليم الإسلاميَّة، والتي تألَّفت من نخبة من العلماء والأدباء، واهتمَّت كما يدل اسمها بالتربية والتعليم، وأسست مدرسة خاصَّة لهذا الهدف بلغت نفقات بنائها وبعض أثاثها 68,195 قرشًا،<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1320هـ]] |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume=[[24 شعبان]] |issue=1406 |pages=5 |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref> وضمَّت المدرسة نحو 150 طالبًا.<ref>{{cite book |last=الأنسي |first=عبد الباسط |authorlink= |title=دليل بيروت تقويم الإقبال لسنة ۱۳۲٧هـ |url= |accessdate= |year=[[1326 هـ|1326هـ]] |publisher= |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn= |page=111 |pages=}}</ref> وكان الشيخ عبد الرحمن الحوت عضوًا دائمًا في المجلس الملّي الإسلامي، وهو المجلس الذي ارتأى المفكرون المسلمون أن يكون لأبناء المدينة المسلمين ما لسائر الطوائف الأخرى، مجلسٌ ملّي يجمع كلمتهم ويهتم بسعادتهم وينشر لواء العلم والمعرفة ويُزيل ما قد يحدث من الاختلاف أو سوء التفاهم بينهم، ويوثق عرى الاتحاد والائتلاف بينهم وبين سائر الطوائف البيروتيَّة، ويؤيّد الحكم الدستوري الشوري.<ref>{{cite journal |last1=طبَّارة |first1=الشيخ أحمد حسن |last2= |first2= |year=[[1329 هـ|1329هـ]]/[[1911]]م |title= |journal=جريدة الاتحاد العثماني |volume=795 |issue=الاثنين [[2 جمادى الأولى]]/[[1 مايو|1 أيَّار]] |pages= |publisher=أحمد حسن طبَّارة |doi= |url= |accessdate=}}</ref> وكان عبد الرحمن الحوت أيضًا من أصحاب الحضور الدائم في مراسم الاحتفال التي تقيمه الحكومة العثمانيَّة بتلاوة [[فرمان]] أخذ العسكر في كل سنة. وذلك كلّه بالإضافة إلى إقامته المساجد وإصلاحها وترميم المُتداعي منها، وإقامة سور جبَّانة الباشورة، واهتمامه بتطوير المدارس ولا سيَّما تلك التابعة لجمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة، والذي عمل على إصلاحها وتطويرها.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=128 |pages=}}</ref>
 
=== دوره في بناء وترميم مساجد بيروت ===
[[ملف:Beirut1900.jpg|تصغير|بيروت خلال أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كانت جميع مساجد المدينة القديمة والتاريخيَّة تقع ضمن هذه الحدود الضيِّقة.]]
بعد أن أصبحت بيروت مركزًا [[ولاية بيروت|لولاية بيروت]] سنة [[1888]]م، أخذت تكبر من حيث اتساع رقعتها وعدد أهلها لا سيَّما بعدما تخطى عمرانها تلك المساحة الضيقة التي كانت محصورة فيها داخل السور، ولمَّا أمر [[إبراهيم باشا]] المصري سنة [[1831]]م بفتح أبواب هذا السور وبادر الناس باقتناء البيوت خارجه في الأماكن المحيطة بالمدينة، وهي الأماكن التي عُرفت في ذلك الحين باسم "ضواحي بيروت"، وما أن انتشرت المساكن في هذه الضواحي في أواخر [[القرن التاسع عشر]] وأوائل [[القرن العشرين]] حتى أصبحت الحاجة تستدعي تأمين المساجد للمناطق المأهولة التي أصبحت مع الزمن جزءًا من المدينة نفسها، فتنادى المسلمون أفرادًا وجماعات وأخذوا على عاتقهم تشييد المساجد في الأحياء المستجدَّة خارج سور المدينة.<ref>{{cite book |last=الولي |first=الشيخ طه |authorlink= |title=تاريخ المساجد والجوامع الشريفة في بيروت، القسم الأوَّل، الجزء الأوَّل |url= |accessdate= |year=[[1393هـ]]/[[1973]]م |publisher=دار الكتب |location=[[بيروت]] - [[لبنان]]|isbn= |page=137 |pages=}}</ref> وكان للشيخ عبد الرحمن الحوت فضل كبير لإثارة الهمم لتشييد أكثر المساجد خارج حدود بيروت القديمة، وكان يُشرف بنفسه على بنائها ويتولّى الاتصال بالأعيان والوجهاء وأهل الثراء ويستدرّ أكفَّهم لإنشاء المساجد الجديدة. يقول الشيخ طه الولي: {{مض|لا بدَّ من أن نذكُرَ بالخير والثناء والتقدير عالميّ بيروت الكبيرين: الشيخ عبد الله خالد والشيخ عبد الرحمن الحوت ابن الشيخ محمد الحوت الكبير، طيَّب الله ثراهما وأكرم في الدار الآخرة مثواهما. فهذان الرجلان الصالحان، كان لهما القدح المُعلّى في إثارة الهمم لِبناء المساجد لا سيَّما في ضواحي المدينة. وأكثر المساجد التي لا تزال موجودة حتى الآن خارج حدود "بيروت القديمة" إنَّما بُنيت بجهودهما المبرورة}}.<ref>{{cite book |last=الولي |first=الشيخ طه |authorlink= |title=تاريخ المساجد والجوامع الشريفة في بيروت، القسم الأوَّل، الجزء الأوَّل |url= |accessdate= |year=[[1393هـ]]/[[1973]]م |publisher=دار الكتب |location=[[بيروت]] - [[لبنان]]|isbn= |page=101 |pages=}}</ref> أمَّا المساجد التي ساهم الشيخ عبد الرحمن ببنائها فهي:
* '''جامع القنطاري''': أُنشئ عام [[1322هـ]] الموافق لعام [[1905]]م في ابتداء الرمل بمحلَّة القنطاري في الجهة الغربيَّة من بيروت القديمة، وقد قام الشيخ عبد الرحمن الحوت بجمع مبلغ من المال من أهل الخير وأنشأ به هذا الجامع في قطعةِ فسيحة من الأرض. وكان افتتاحه بعيد المولد النبوي بعد عصر يوم الأحد في [[17 ربيع الأول|17 ربيع الأوَّل]] سنة [[1323هـ]].<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1323هـ]]/[[1907]] |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume=الإثنين 18 ربيع الأنور، الموافق 9 نوَّار ش، و12 نوَّار غ |issue=1513 |pages=4 |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref>
* '''جامع الزيدانيَّة (الفاروق)''': يقع جامع الزيدانيَّة شمال منطقة الرمل بمحلَّة الزيدانيَّة، وقد شُرع بتعميره حوالي سنة 1326هـ تقريبًا.<ref>{{cite book |last=الأنسي |first=عبد الباسط |authorlink= |title=دليل بيروت تقويم الإقبال لسنة ۱۳۲٧هـ |url= |accessdate= |year=[[1326 هـ|1326هـ]] |publisher= |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn= |page=115 |pages=}}</ref> وقد أشرف الشيخ عبد الرحمن الحوت على البناء وجمع التبرعات من المُحسنين إلى جانب أحد تجَّار بيروت وهو الشيخ طه عبد الهادي النصولي.<ref>المُديريَّة العامَّة للأوقاف الإسلاميَّة بين الواقع والمُرتجى، 1402هـ/1982م. صفحة: 19</ref>
* '''مسجد الحرج (الحرش)''': كانت اللجنة الخيريَّة الإسلاميَّة في بيروت افتتحت مكتبًا في غربيّ حرج بيروت لتعليم أبناء [[عربان|العربان]] حديثي الاستقرار في المنطقة مبادئ القراءة والكتابة وأصول الدين، ثم ارتأى الشيخ عبد الرحمن الحوت تأسيس جامع في تلك المحلَّة حفظًا للجامعة الإسلاميَّة، فلبَّت اللجنة طلبه وباشرت إعمار المسجد، وكان الشيخ في مُقدِّمة المتبرعين لهذا العمل.<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1317هـ]]/[[1899]] |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume=1 شعبان، الموافق 22 تشرين الثاني ش، و4 كانون الأول غ |issue=1259 |pages=5 |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref> ولمَّا افتتح المسجد امتدح الخطيب الشيخ عبد الرحمن الحوت، وأثنى الحاضرون عليه وعلى غيرته المليَّة وحميته الدينيَّة ودعوا له بالخير وطول العمر.<ref>{{cite journal |last1=دبّوس |first1=عبد الله |last2= |first2= |year=1958م |title=حكاية علَّامة بيروت عبد الرحمن الحوت مع الحلبوني |journal=جريدة بيروت المساء |volume= |issue=22 كانون الأول |pages= |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref>
* '''جامع المجيديَّة''': يُنسب إلى السلطان العثماني [[عبد المجيد الأول|عبد المجيد الأوَّل]]. وكان هذا الجامع في الأصل قلعة من قلاع بيروت البحريَّة مُشرفة على البحر ومُلاصقة له في باطن بيروت. بادر أبناء بيروت إلى تحويل القلعة إلى جامع بين عاميّ [[1257هـ|1257]] و[[1260هـ]].<ref>[http://www.yabeyrouth.com/pages/index99.htm موقع يا بيروت: جامع المجيديَّة]</ref> وفي سنة [[1299هـ]] الموافقة لسنة [[1881]]م عرض بعض أهالي بيروت أن يكون الشيخ عبد الرحمن الحوت خطيبًا في هذا المسجد، فوافق وتولّى الخِطابة فيه، وفي سنة [[1906]]م أقدم الشيخ على تحسين الكثير من أقسام الجامع، وبنى له المخازن الموجودة حاليًّا، وهي أربعة أو خمسة مخازن.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=179 |pages=}}</ref>
[[ملف:Lebanon - Msaitbeh.JPG|تصغير|جامع المصيطبة كما يبدو اليوم.]]
* '''جامع زقاق البلاط''': بُني هذا الجامع حوالي سنة [[1860]]م وفق أحد المصادر،<ref>{{cite book |last=الأنسي |first=عبد الباسط |authorlink= |title=دليل بيروت تقويم الإقبال لسنة ۱۳۲٧هـ |url= |accessdate= |year=[[1326 هـ|1326هـ]] |publisher= |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn= |page=104 |pages=}}</ref> وأشارت مصادر أخرى أنه بُني سنة [[1893]]م،<ref>[http://www.yabeyrouth.com/pages/index101.htm موقع يا بيروت: جامع زقاق البلاط]</ref> وقد نقل بعض المُسنين أنَّ الشيخ عبد الرحمن الحوت، والذي كان يسكن في دار قريبة من جامع زقاق البلاط، كان يُشرف بنفسه على بعض أعمال البناء في هذا الجامع. ويظهر أنَّ جامع زقاق البلاط كان زاوية صغيرة ثمَّ أضيفت عليها إضافات حتى صار بمساحته الحاليَّة، وكان للشيخ عبد الرحمن يد في ذلك، فقد عُرف عنه أنه كان ناظرًا على أوقاف هذا الجامع.{{للهامش|2}}
* '''جامع المصيطبة''': أُقيم هذا الجامع في محلَّة المصيطبة عام [[1302هـ]] الموافق لعام [[1884]]م، وقد قام والي بيروت حمدي باشا بالتبرّع براتبه طيلة مدَّة بنائه،<ref>[http://www.yabeyrouth.com/pages/index100.htm موقع يا بيروت: جامع المصيطبة]</ref> كما تبرَّع عدد من أهالي بيروت بالأموال، وأوقف الشيخ عبد الرحمن الحوت المدرسة التي بجانب الجامع حتى تكون مكانًا يضم أبناء المنطقة لتلقينهم العلوم الدينيَّة والمعارف المُختلفة.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=عبد الرحمن عمر |authorlink= |title=الجوامع والمساجد الشريفة في بيروت |url= |accessdate= |year=1386هـ/1966م |publisher=الأوقاف الإسلاميَّة في بيروت |location=بيروت - لبنان |isbn= |page=37 |pages=}}</ref>
* '''مسجد قريطم''': يقع مسجد قريطم في محلَّة [[رأس بيروت]]، وقد أنشأه الحاج مصباح قريطم على نفقته سنة [[1318هـ]] الموافقة لسنة [[1909]]م، على أرض عقار أوقفها الشيخ عبد الرحمن الحوت بموجب وقفيَّة مسجَّلة في محكمة بيروت الشرعيَّة بتاريخ [[1326هـ]].<ref>{{cite book |last=الحوت |first=عبد الرحمن عمر |authorlink= |title=الجوامع والمساجد الشريفة في بيروت |url= |accessdate= |year=1386هـ/1966م |publisher=الأوقاف الإسلاميَّة في بيروت |location=بيروت - لبنان |isbn= |page=45 |pages=}}</ref><ref>{{cite book |last=الحوت |first=محمود سليم |authorlink= |title=شيخ بيروت العلَّامة الإمام محمد الحوت |url= |accessdate= |year=[[1994]]م |publisher=دار النهار للنشر |location=بيروت - لبنان |isbn= |page=106 |pages=}}</ref>
 
بالإضافة لذلك، قام الشيخ عبد الرحمن الحوت عندما تولّى مقام الإفتاء بالوكالة إثر شغوره بوفاة المُفتي الشيخ عبد الباسط الفاخوري، بالسعي إلى توسيع الجامع العمري الكبير من الجهة الشماليَّة،<ref>{{cite journal |last1=الأنسي |first1=الشيخ عبد الباسط |last2= |first2= |year=[[1907]]م |title= |journal=جريدة الإقبال | volume=21 تشرين الأوَّل |issue=219 |pages=5-6 |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref> وحصل تحسّن في أحوال الأوقاف والمساجد من تنوير ومفروشات، وفُتح باب لجامع الأمير منصور بن عسَّاف المعروف في بيروت آنذاك باسم "جامع السرايا" من الجهة الشرقيَّة.<ref>{{cite journal |last1=حلَّاق |first1=حسَّان |last2= |first2= |year=[[1996]]م |title=الآثار الإسلاميَّة في بيروت |journal=[[جريدة اللواء]] |volume= |issue=1 تشرين الثاني |pages= |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref>
سطر 56:
=== بناء سور مقبرة الباشورة ===
[[ملف:Al-Bashoura cemetery-Beirut.jpg|تصغير|مقبرة الباشورة قبل تسويرها. يظهر في الصورة ضريح والي سوريا أحمد حمدي باشا قبل أن يُنقل إلى داخل المقبرة.]]
فضلًا عن اهتمامه بالمساجد، أعطى الشيخ عبد الرحمن الحوت اهتمامه إلى المقابر الإسلاميَّة في بيروت، وكان بمسعاه بناء سور مقبرة الباشورة.<ref>{{cite book |last=طبَّارة |first=شفيق |authorlink= |title=بيروت: سورها وأبوابها، أوراق لبنانيَّة، م1، جـ6|url= |accessdate= |year=[[1955]]م |publisher=منشورات المؤلّف |location=بيروت - لبنان |isbn= |page= |pages=}}</ref> ومقبرة، أو جبَّانة الباشورة، هي إحدى أقدم المقابر الإسلاميَّة في بيروت، وكان السكَّان يسمّونها "تُربة سيِّدنا عمر" نسبةً إلى الخليفة [[عمر بن الخطاب|عمر بن الخطَّاب]]، وكانت في البداية بمثابة سد تُرابي كبير، وهي تقع جنوب مدينة بيروت القديمة، وكانت بدون سور يحميها، إلى أن جاء عام [[1892]]م، عندما أثمرت مساعي الشيخ عبد الرحمن الحوت في بناء سورٍ يحيط بها من كامل جوانبها،<ref>[http://www.yabeyrouth.com/pages/index172.htm موقع يا بيروت: جبَّانة الباشورة]</ref> إذ كان قد لفت نظر المسؤولين في مجلس إدارة ولاية بيروت إلى ضرورة تسوير جميع المقابر وفي مقدِّمتها هذه المقبرة القديمة للمحافظة على حرمة قبور المسلمين، فوافق مجلس الإدارة وخصص مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة قرش لتعمير الأماكن الضروريَّة في الجبَّانة. وكان تسوير هذه المقبرة قد جرَّ وراءه تسوير عدد من المقابر الأخرى في بيروت، إذا أُنشأت لجنة للنظر في هذا الأمر تتألَّف من الشيخ الحوت وعدد آخر من المشايخ وأعيان المدينة.<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1325هـ]]/[[1907]]م |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume= |issue=الإثنين [[21 ربيع الآخر]]/[[21 مايو|21 أيَّار]] ش، و[[2 حزيران]] غ |pages=5 |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref>
 
=== المُساهمة في إنشاء المكتبات والمدرسة الصناعيَّة ===
سنة [[1904]]م، وبعد نجاح المدارس [[مدرسة ابتدائية|الابتدائيَّة]] والرشديَّة و[[مدرسة إعدادية|المدرسة الإعداديَّة]]، رأى بعض أهل بيروت الحاجة إلى إنشاء "مدرسة صناعيَّة" في الثغر يأوي إليها أولئك الصبيان الذين لا شغل لهم ولا عمل بل يكونون عبئًا على آبائهم ووطنهم، وقد صدر قرار من مجلس إدارة ولاية بيروت باستملاك خان الصاغة في سوق البازركان لتأسيس المدرسة الصناعيَّة مكانه،<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1325هـ]]/[[1907]]م |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume=1491 |issue= [[9 جمادى الأولى]]/[[1 أغسطس|1 آب]]|pages=4 و5 |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref> ولكن بعد سنة تقريبًا تقرر أن يكون هذا المكتب في منطقة القنطاري، موقع الرمل،<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1323هـ]]/[[1905]]م |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume=1520 |issue=[[8 جمادى الأولى]]/[[10 يوليو|10 تمّوز]]|pages=4 |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref> وفي شهر سبتمبر من عام [[1905]]م شارك الشيخ عبد الرحمن الحوت بوضع حجر الأساس لهذا المكتب، ووقف خطيبًا وداعيًا للسلطان [[عبد الحميد الثاني]].<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1323هـ]]/[[1905]]م |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume=1528 |issue=[[4 رجب]]/[[4 سبتمبر|4 أيلول]]|pages=4 |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref> تولّى الشيخ عبد الرحمن الحوت مهمَّة تعليم قواعد [[علم الصرف|الصرف]] و[[علم النحو|النحو]] و[[فقه إسلامي|الفقه]] والتوحيد في مدرسة جامع الأمير منذر المعروف بجامع النوفرة بعد فترةٍ وجيزة من وفاة والده الشيخ محمد الحوت الكبير، وذلك بعد أنَّ عيَّنه والي إيالة دمشق لتولّي هذه المهمة إلى جانب عدد آخر من المشايخ،<ref>مجلَّة الفكر الإسلامي، العدد: 4، السنة 3، صفحة: 32</ref> في سبيل التصدّي للمدارس والإرساليَّات الأجنبيَّة التي كانت تبث الثقافة الغربيَّة في المجتمع البيروتي خصوصًا والعثماني عمومًا. أضف إلى ذلك، عُيِّن الشيخ عبد الرحمن الحوت ناظرًا على عدد كبير من الكتب الموقوفة في مكتبة الجامع العمري الكبير.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=185 |pages=}}</ref>
 
=== رئاسة جمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة ===
تألَّفت [[جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية|جمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة]] في غرَّة شعبان سنة [[1295هـ]] الموافق فيه [[31 يوليو]] سنة [[1878]]م، على يد خمسة وعشرين من وجهاء بيروت يُمثلون أربعة وعشرين أسرة بيروتيَّة ترمز إلى جميع الأسر البيروتيَّة التي تُعتبر المؤسس والمالك الشرعي الوحيد لهذه الجمعيَّة، وقد تأسست جمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة في تلك الفترة من تاريخ بيروت بمثابة استجابة التحدي الأجنبي متمثلًا بالإرساليَّات الأوروبيَّة والأمريكيَّة الهادفة إلى بسط ثقافتها بشكلٍ غير مُباشر.<ref>الفجر الصادق لجمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة في بيروت، أعمال السنة الأولى، طُبع بمطبعة ثمرات الفنون، 1297هـ/1879م</ref> حُلَّت الجمعيَّة وأُلحقت بالمعارف بعد ست سنوات من تأسيسها بسبب دسيسة بعض الناس الذين قالوا أنها تسمَّت تحت اسم خيري لأنَّها جمعيَّة سياسيَّة تناوئ الحكومة العثمانيَّة، وفي سنة 1908م طالب أهالي بيروت باستعادة موجودات الجمعيَّة، فقرر الوالي ناظم باشا ومجلس إدارة الولاية إعادة الجمعيَّة للأهالي، وانتُخب رئيسًا لها الشيخ عبد الرحمن الحوت.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=231 |pages=}}</ref> وتحت رعاية الشيخ سالف الذِكر قامت الجمعيَّة بافتتاح ثلاث مدارس جديدة زيادةً على مدارسها السبعة الموجودة في الثغر بحيث تصبح عشرة: أربعًا للذكور وستًا للإناث، كما قامت الجمعيَّة بإيعاز من الشيخ بوضع برنامج جديد للمدارس الذكوريَّة والإناثيَّة.<ref>{{cite journal |last1=طبَّارة |first1=الشيخ أحمد حسن |last2= |first2= |year=[[1326هـ]]، الموافقة [[1908]]م |title= |journal=الاتحاد العثماني |volume= |issue=[[6 شوال|6 شوَّال]]، الموافق [[31 أكتوبر|31 تشرين الأوَّل]] |pages=3 |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref> وحاول الشيخ معالجة مشاكل الجمعيَّة العديدة خلال فترة رئاسته، وفي مقدمتها استقالة بعض الأعضاء وتأخر العمل بسبب تأخر البعض الآخر عن حضور الجلسات، فدعا الجمعيَّة كلها للاجتماع للمذاكرة في هذا الشأن ووضع حدٍ له، فاجتمعت الأكثريَّة وتذاكرت مليًّا في كيفيَّة انتظام الجمعيَّة وحفظ كيانها، وبعد أخذٍ وردّ استقرَّ الرأي على أن تكون مؤلَّفة من اثني عشر عضوًا فقط يُنتخبون من الأربعة والعشرين عضوًا سواء مما حضروا الجلسة الأخيرة أو ممن تغيبوا عنها، ثمَّ جرى انتخابًا سريًّا اختير على أثره عدد من الذوات، وتقرر بإجماع الآراء أن يكون الشيخ عبد الرحمن الحوت ناظرًا عامًّا على أعمال الجمعيَّة وأن يحضر جميع جلساتها، وأن يتولّى رئاستها شخصٌ آخر يُنتخب لاحقًا.<ref>{{cite journal |last1=طبَّارة |first1=الشيخ أحمد حسن |last2= |first2= |year=1327هـ/1909م |title= |journal=الاتحاد العثماني |volume=الخميس 28 محرم الحرام، الموافق 18 شباط |issue=123 |pages=3 |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref> وفي الجلسة المُحددة لانتخاب رئيس وأمين صندوق ومُحاسب، قررت الجمعيَّة بإجماع الآراء أن يكون رئيسًا لها الشيخ عبد الرحمن الحوت رئيسها السابق،<ref>{{cite journal |last1=طبَّارة |first1=الشيخ أحمد حسن |last2= |first2= |year=1327هـ/1909م |title= |journal=الاتحاد العثماني |volume=السبت 30 محرم الحرام، الموافق 20 شباط |issue=125 |pages=3 |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref> وقد عزم الشيخ على إصلاح مدارس الجمعيَّة إصلاحًا حقيقيًّا حتى تكون كأحسن مدارس الثغر المُتقنة، وكان لوجوده على رأس هذه المؤسسة الأثر الأكبر في إعادة الثقة لها من جديد، فبدأت باستدرار العواطف من أهل الخير وخاصَّةً من أهل الجمعيَّة، وحصدت التبرعات الكثيرة. ولم تقتصر التبرّعات على المال، فقد قام الشاعر محمد عبد الله بيهم العيتاني الشهير بلقب "الصارخ المكتوم" بتخصيص ولاية بيروت بثلاثين ألفًا من [[جزء (قرآن)|أجزاء المصحف]] لتوزَّع بمعرفة الشيخ عبد الرحمن الحوت والعلماء على أبناء الفقراء في المدارس سواء في حاضرة الولاية أو ألويتها وأقضيتها، وقد وزَّعها الشيخ في بيروت بالصورة المعينة.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=239 |pages=}}</ref>
 
بعد إعلان الدستور العثماني سنة 1908م، انتشرت بين صفوف البيارتة، كما جميع [[شوام|الشوام]]، الكثير من الحركات والاتجاهات السياسيَّة، وتأسست النوادي والفروع لمعظم الأحزاب والجمعيَّات والحركات العثمانيَّة الوطنيَّة، وأخرى إصلاحيَّة تطالب بحقوق [[عرب|العرب]]، ولم تسلم جمعيَّة المقاصد في بيروت من هذا الجو السياسي المُعبَّأ المشحون بالعواطف المتأججة المُتباينة، بل كان قسم كبير من رجالاتها جزءًا من هذا الصراع السياسي الوطني، فانضم بعض أعضائها إلى [[جمعية الاتحاد والترقي|جمعيَّة الاتحاد والترقي]] بينما انضمَّ البعض الآخر إلى جمعيَّة الاتحاد العثماني،<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=243 |pages=}}</ref> وقد حاولت الجمعيَّة وضع حد لتدخلات الأعضاء واتجاهاتهم المختلفة في سير أعمالها، لكن الأجواء بقيت مشحونة، فأقدم الشيخ عبد الرحمن الحوت على تقديم استقالته من رئاسة الجمعيَّة.
 
=== تولّي منصب نقيب السادة الأشراف ===
سطر 74:
== عبد الرحمن الحوت كما عرفه مُعاصروه ==
[[ملف:Imam Oza'i Zawiya-زاوية الإمام الأوزاعي.jpg|تصغير|زاوية الإمام الأوزاعي في [[وسط بيروت|وسط بيروت التجاري]] (بيروت القديمة). التُقطت صورة الشيخ عبد الرحمن الحوت أثناء تدريسه في هذه الزاوية.]]
اشتهر الشيخ عبد الرحمن الحوت بزهده وتواضعه وتمسكه بالإسلام وحبه لإعمال الخير، وشهد له بذلك مُعاصروه من رفاقه المُقرَّبين ومن عامَّة الناس. وكان الشيخ عبد الرحمن الحوت يقوم بحقوق الجِوار بزيارة جيرانه، وفي ذلك يقول [[عمر فروخ|عمر فرّوخ]]، وفي ما يتعلَّق بالمعارف والزوَّار يقول: {{مض|كان بيتنا بيت عِلم، يزورنا علماء معروفون، منهم: الشيخ عبد الرحمن الحوت (1846-1916م) فقيه بيروت في أيَّامه ورئيس جمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة عام 1908م}}،<ref>{{cite book |last=فرّوخ |first=عمر |authorlink=عمر فروخ |titleغبار السنين= |url= |accessdate= |year=1985م |publisher=دار الأندلس |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=245-246}}</ref> كما صرَّح هنري فرعون النائب عن بيروت، في مقابلة مع الشيخ إبراهيم الحوت من سنة [[1991]]م، أنه وأهله اعتزوا بجوارهم من الشيخ عبد الرحمن الحوت حامل لقب نقيب السادة الأشراف منذ سكنه في داره المؤلفة من طابق واحد وأمامه حديقة وبداخلها [[نخل|نخلة]].<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=139-140 |pages=}}</ref> وكان الشيخ عبد الرحمن الحوت موضع ثقة الناس، فلطالما عُيِّنَ حارسًا قضائيًّا على الأوقاف، وعُرف عنه أنَّه لطالما سعى سرًّا في أفعاله الخيريَّة، ولم يرغب في أن تُلتقط له أي صورة علمًا أنَّ بعض ممن سبقوه من العلماء أُخذت لهم بعض اللقطات المصوَّرة، ولعلَّ هذا الأمر يعود إلى مسوَّغ شرعي في حينه بجواز التصوير أو حرمته أو كراهيته إلّا لضرورة. وأمَّا صورة الشيخ عبد الرحمن الحوت الوحيدة المعروفة فقد أُخذت له خطفًا ودون استئذان منه وذلك أثناء وجوده في زاوية الإمام الأوزاعي في بيروت حيث كان يُقيم دروسًا في تلك الزاوية.<ref>{{cite journal |last1=الحلَّاق |first1=حسَّان |last2= |first2= |year=تاريخ بيروت الإسلامي |title= |journal=جريدة اللواء |volume=8795 |issue=الإثنين 19 آب 1996م/5 ربيع الثاني 1417هـ |pages=15 |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref>
 
=== قصة مقهى البسطة الفوقا ===
من القصص التي وردت وتحدثت عن زهد وإيمان الشيخ الحوت، قصَّة طريفة تُعرف باسم قصَّة "مقهى البسطة الفوقا". فقد أُقيم في بيروت الكثير من [[مقهى|المقاهي]] التي كانت مراكز لتجمّع البيروتيين والقادمين إليها، وهي مفتوحة بسِعة على الشوارع كمقاهي [[الآستانة]]، وعبارة عن غرفة مُظلمة حولها دواوين من الحجارة المفروشة بحصير يجلس عليها روَّاد المقهى، وفي أفواههم [[شبق|الشبق]] (الغلايين الطويلة) أو [[نارجيلة|النارجيلات]] يُدخنون فيها [[تبغ|التبغ]] الأشقر المُعطَّر الذي يُزرع في أرض [[جبيل]] على سفح [[جبل لبنان]]،<ref>{{cite book |last=لورته |first=لوريس |authorlink= |title=مشاهدات في لبنان، تعريب كرم البستاني |url= |accessdate= |year=1951 |publisher=وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=44}}</ref> وفي فترة الغروب كانت هذه المقاهي تشهد بعض حكايات البطولة العربيَّة والإسلاميَّة، حيث يقوم القصَّاصون بإبراز مواهبهم برواية سيرة أبطال العرب والمسلمين كسيرة [[عنترة بن شداد|عنترة بن شدَّاد]] و[[الظاهر بيبرس]] و[[صلاح الدين الأيوبي]] و[[الزير سالم]] و[[تغريبة بني هلال]]، فكان الحكواتي هو البطل والأستاذ والمعلم والممثل والراوي.<ref>[http://web.saidanet.com/modules.php?name=News&file=article&sid=5810 جريدة صيدا نت: المقاهي البيروتية]</ref>
 
وحصل أن دخل الشيخ عبد الرحمن الحوت إلى مسجد البسطة الفوقا لأداء [[صلاة الجمعة]] فوجد المصلين قليلين، بينما الرجال الموجودون في المقهى تجاه المسجد كثيرون قد غصَّ المقهى بهم، ليسمعوا قصة عنترة العبسي، ففكر الشيخ مليًّا ثم عرض نفسه في المقهى لإلقاء قصة عنترة العبسي، فطلب من الحكواتي أن ينوب عنه بإلقائها فقَبل، وهناك أخذ الشيخ عبد الرحمن يُلقيها بحماس فهيَّج الحاضرين بإشارات البطولة وارتفاع الصوت بحيث ألِفَه الحاضرون كثيرًا، وزاد حماسهم في السماع الهائل التي تُجسَّم فيه بطولة عنترة، فأحبوه كثيرًا وطلبوا منه أن يستمر كل يوم في الإلقاء، وقد مَلَكَ قلوبهم، ولمَّا أن تمَّ له ما أراد من استمالتهم إليه طلب منهم أن يتوجهوا إلى المسجد ليستمعوا هناك مما هيَّج نفوسهم وأثار عواطفهم، فاستدرجهم بذلك إلى سماع الدين وعظاته وبيان أوامره ونواهيه.<ref>{{cite journal |last1=برهومي |first1=خليل |last2= |first2= |year=1998م/1419هـ |title=مسلمون من لبنان، الشيخ عبد الرحمن نقيب السادة الأشراف |journal=جريدة اللواء |volume=9341 |issue=الخميس 23 تموز/29 ربيع الأول |pages=19 |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref>
 
=== قصة عربة الحنطور ===
من مواقف زهد عبد الرحمن الحوت وعزوفه عن الدنيا وبهارجها، أنَّ أحد وجهاء بيروت وهو حسن الحلبوني، كان قد خصص للشيخ عبد الرحمن مبلغًا من المال ليؤمن تنقله يوميًّا من داره في حي زقاق البلاط إلى حرج بيروت حيث كان يُشرف بنفسه على بناء مسجد الحرج (الحرش)، وكان الحلبوني يعلم وضعيَّة الشيخ الماليَّة، وذات يوم كان الحلبوني مارًا في عربة الحنطور خاصَّته فشاهد الشيخ مهرولًا والمطر يُبلله فأوقف عربته وأسرع نحوه قائلًا: {{مض|يا شيخي ما هذا؟ لماذا لا تركب عربة لتنقلك؟ أصرفت ما خصصته لذلك؟}} فقال الشيخ: {{مض|أي والله لقد ضممته إلى بناء الجامع، وهذا ما يُريح ضميري وكسب رضاء ربّي}}.<ref name="علماؤنا">{{cite book |last=الدَّاعوق |first=كامل محي الدين |authorlink= |title=علماؤنا: في بيروت، وصيدا، وطرابلس، والبقاع. المجلد الأول، الطبعة الأولى |url= |accessdate= |year=1390هـ/1970م |publisher=لاد |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=94}}</ref> وهذه القصة هي إحدى أشهر القصص عن عبد الرحمن الحوت وأكثرها شيوعًا بين البيارتة، وقد سمع بها والي بيروت فتأثَّر وقرر صرف مبلغ 250 قرش راتبًا شهريًّا للشيخ،<ref>{{cite journal |last1=قبَّاني |first1=عبد القادر |last2= |first2= |year=[[1317هـ]]/[[1899]]م |title= |journal=[[ثمرات الفنون|جريدة ثمرات الفنون]] |volume=[[12 محرم|12 محرم الحرام]]/[[22 مايو|22 أيَّار]] |issue=1231 |pages= |publisher=عبد القادر قبَّاني |doi= |url= |accessdate=}}</ref> لكن على الرغم من ذلك، لم يظهر على الأخير أي مظهر من مظاهر الغنى أو البحبوحة، واستمر يصرف الكثير من ماله على أعمال الخير.
 
=== لقائه مع جمال باشا ===
سطر 89:
 
=== قصة الكَمَر ===
ذُكر أنَّه كان بجانب الجامع العُمري في بيروت مخزن لتاجرين، وهما أخو مفتي بيروت الأسبق الشيخ مصطفى نجا وقريبه، وفي مساء يوم دخل المسجد أحد التاجرين لصلاة العشاء، وقد انفضَّ الناس بعد صلاة العشاء فرأى في أرض المسجد كمرًا مليء بالمال وقدره ألف ليرة عثمانية ذهبية، فوضع الكمر في خزانة الدكان الحديديَّة وأقفلها بعد أن انتظر حينًا ولم يرجع أحد لاستفقاده، ثمَّ ذهب إلى الشيخ عبد الرحمن الحوت وأخبره بالقصة فنصحه أن يضع المال في علبة ويكتب عليها "أمانة" ويُعلِّق الكمر على باب الدكان بجانب مدخل الجامع لمدة سنة، لعلَّ صاحبه يأتي وينظره. ففعل ما طُلب منه وانتظر سنة، فلم يحضر صاحب الكمر، فأخبر بذلك الشيخ عبد الرحمن الحوت، فقال الشيخ: "كم شريك أنتم في المخزن؟" قال: "اثنان"، قال الشيخ: "والمال شريك ثالث، فاشتغلوا به، واحسبوا له حصته من الربح"، وكان الأمر كذلك، ولم يزل الكمر مُعلَّقًا على الباب، فجاء بعد حين صاحبه فعرفه، وطلب ماله من التاجر، فأخبره الأخير بالقصة وعمل له حسابًا من أجل حصة الربح، فقال له: "يربح الألف ليرة الذهبيَّة أربعمائة ليرة ذهبية فخذها مع الألف أيضًا"، فقال صاحبها: "أنا لا أريد إلّا مالي فقط، وهو الألف ليرة الذهبية، وأمَّا الأربعمائة ليرة فاعملوا بها خيرًا للمسلمين". فأخبر بذلك الشيخ عبد الرحمن الحوت فقال: "إصرفوا المال في مسجد البسطة التحتا"، وكان المسجد في حال البناء، فصرفوها، وأكملوا بناء المسجد.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=135-136 |pages=}}</ref>
 
=== عبد الرحمن الحوت وفريضة الحج ===
سطر 96:
== وفاته ==
[[ملف:قبر الشيخ عبد الرحمن الحوت.jpg|تصغير|قبر الشيخ عبد الرحمن الحوت.]]
عام [[1916]]م الموافقة لعام [[1336هـ]]، وفي ذروة الحرب العالميَّة الأولى، توفي الشيخ عبد الرحمن الحوت بعد أن مرض لفترة قصيرة من الزمن. ونودي من على المآذن أنَّ علَّامة بيروت قد توفي فهرع الناس إلى منزله على الفور، وعملوا على غسله ونقلوا جثمانه إلى المسجد حيث صُلّي عليه بمشاركة رسميَّة كبيرة. وكان تشييع جنازته يومًا مشهودًا في تاريخ بيروت، إذ سارت وراءه عشرات الألوف من المشيعين وتعالت مآذن بيروت بالتكبير، وكان المأتم الرسمي يحتشد فيه كِبار الرسميين ورجال الجمعيَّات والمؤسسات والألوف من طلَّاب المدارس. وكانت جنازته يشوبها الوِقار والجلال، ونزل كثيرٌ من الناس وطلَّاب المدارس عن اليمين والشمال مع معلميهم يُرددون [[سورة الإخلاص]]: {{قرآن مصور|الإخلاص|1|2|3|4}}. وكان من الرسميين مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا والشيخ محمد توفيق خالد والشيخ هاشم الخليلي الشريف والشيخ إبراهيم المجذوب ومُنيب الناطور ومصباح شبقلو وأحمد المحمصاني. وإحياءً لذكرى الشيخ عبد الرحمن الحوت وعطاءاته وخدماته ومآثره الجمَّة، أطلق المجلس البلدي اسمه على أحد شوارع العاصمة اللبنانيَّة في منطقة زقاق البلاط. ويُقال أنَّ آخر كلمات الشيخ عبد الرحمن الحوت قبل أدائه [[شهادتين|الشهادتين]] كانت: {{مض|الحمد لله أنني مت على دين الإسلام وفي ظل دولة إسلاميَّة}}.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=160 |pages=}}</ref> ودُفن في جبَّانة الباشورة بقرب ضريح والده وشقيقه، وضريحه هناك مشهور ويُزار، ويُشاهد أنَّ الوفاة أرِّخت على الضريح، في تلك المقبرة بقول الشاعر:
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|إنَّ هذا الضريـــــح أكرم مثوى|لكريــــم بالله أحسن ظنه}}
سطر 104:
{{بيت|ومـــــن الله ذي المراحـــــم أرَّخ|نال عبد الرحمن في الخلد منَّة}}
{{نهاية قصيدة}}
وكذلك أرَّخه الشيخ عبد الرحمن قريطم البيروتي، أحد أعضاء محكمة التمييز الشرعيَّة في مدينة بيروت، قال: {{مض|وقلت مؤرِّخًا وفاة العالم العلَّامة الأستاذ الكامل التقي الصالح عبد الرحمن الحوت {{رحمه الله}}}}:<ref>{{cite book |last=قريطم |first=الشيخ عبد الرحمن |authorlink= |title=الدرر الحسان بمدح الأعيان |url= |accessdate= |year=1921م |publisher=مطبعة صبرا |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=77}}</ref>
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|إنَّ هذا الضريـــــح أكرم مثوى|لإمامٍ مُســتعصــم بالله}}
سطر 116:
تخرَّج على يديّ الشيخ عبد الرحمن الحوت عددٌ من المشايخ والعلماء البيارتة واللبنانيين الذين كان لهم إسهامات بارزة في الشؤون الخيريَّة والدينيَّة والإصلاحيَّة في بيروت وفي الجمهوريَّة اللبنانيَّة لاحقًا، ومنهم:
 
* '''المُفتي الشيخ محمد توفيق خالد''': وُلد في بيروت سنة [[1873]]م الموافقة لسنة [[1290هـ]]، وهو ابن الشيخ عمر خالد والسيِّدة فاطمة بنت محمد الحوت الكبير، شقيقة الشيخ عبد الرحمن الحوت. درس الشيخ محمد توفيق على يديّ خاله الشيخ عبد الرحمن الذي وجهه وحثَّه على طلب العلم باستمرار، وأجازه إجازة علميَّة. كما تلقّى العلم على يديّ كِبار علماء زمانه في بيروت ودمشق خصوصًا. اشتغل في بداية عهده مُدرِّسًا للغة العربيَّة والعلوم الدينيَّة في المدرسة الوطنيَّة ببيروت، كما عمل كاتبًا في المحكمة الشرعيَّة ثمَّ ترقّى حتى أصبح رئيسًا للكتبة ثمَّ نائبًا للقاضي. وإثر وفاة الشيخ [[مصطفى نجا]] مُفتي ولاية بيروت في [[31 يناير]] [[1932]]م، انتُخب الشيخ محمد توفيق خالد بعد الإجماع عليه لتولّي هذا المنصب في [[6 فبراير]] [[1932]]م. لُقِّبَ بالشيخ المُقاوم لكثرة مُقاومته [[الانتداب الفرنسي على لبنان]]. كان أوَّل من حمل لقب "مُفتي الجمهوريَّة اللبنانيَّة" بعد أن صدر المرسوم رقم 291 الذي نصَّ في مادته الأولى على إطلاق هذا اللقب على مُفتي بيروت من ذلك التاريخ فصاعدًا. أسس المُفتي توفيق خالد المدرسة التوفيقيَّة التي تحوَّلت فيما بعد إلى مستشفى، وأسس أيضًا الكليَّة الشرعيَّة في بيروت المُسماة اليوم "أزهر لبنان". ومن مآثره تحرير الأوقاف الإسلاميَّة من سيطرة السلطات الفرنسيَّة، وقام بإنشاء عدَّة مباني وحسَّن بناء عدَّة مساجد وأشرف على إنشاء دار الفتوى اللبنانيَّة. توفي بتاريخ [[2 أغسطس]] سنة [[1951]]م واستمرَّت ولايته 19 سنة.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=143-144 |pages=}}</ref><ref>[http://www.yabeyrouth.com/pages/index288.htm موقع يا بيروت: الشيخ محمد توفيق خالد]</ref>
 
* '''الأديب البيروتي محمد باشا المخزومي''': وُلد محمد بن حسن سلطان المخزومي في بيروت عام [[1868]]م المُوافق لعام [[1285هـ]]، وتلقّى دروسه الأولى فيها على يد خاله الشيخ عبد الرحمن الحوت، ومن ثمَّ انتقل إلى [[القاهرة]] فأكمل تحصيله العلمي فيها. كان عالمًا باللغات [[لغة إنجليزية|الإنگليزيَّة]] و[[لغة فرنسية|الفرنسيَّة]] و[[لغة رومية|الروميَّة]]، وأجاد [[لغة عربية|العربيَّة]] و[[لغة تركية عثمانية|التركيَّة]] إجادةً تامَّة. عمل أستاذًا في المكتب الملكي الشاهاني بالآستانة مدَّةً تفوق عن خمس عشرة سنة، وتتلمذ على يده عدد من الولاة والوزراء. خدم [[الدولة العثمانية|الدولة العثمانيَّة]] مدة ثلاثين سنة بين وظائف العدليَّة وفي نظارة المعارف وأخيرًا في مفتشيَّة الأوقاف في حلب. كان له مآثر كثيرة في [[حلب]] منها إنشاءه لمدرسة علميَّة لتخريج علماء ينفعون الأمَّة العثمانيَّة، وكان دائم العمل على تأليف النفوس والقلوب ونزع بذور الشقاق بين المسلمين والمسيحيين. أنشأ في سنة [[1888]]م مجلَّة الرياض المصريَّة بالاشتراك مع خاله الشيخ عبد الرحمن الحوت. أصدر في [[21 أغسطس]] من عام [[1893]]م الموافق لعام [[1311هـ]] [[جريدة البيان]] من مقر إقامته بالآستانة، وقد انهالت طلبات الإشتراك فيها في أغلب أقطار [[الوطن العربي|العالم العربي]]، غير أنها توقفت عن الصدور بعد أن شكَّت الحكومة العثمانيَّة بأنها تعمل ضد السلطنة. وعِقب إعلان الدستور سنة [[1908]]م أسس جريدة ثانية سمَّاها "المساواة"، ولكن لم يظهر منها سوى ثلاثة أعداد فقط. توفي في بيروت سنة [[1930]]م الموافقة لسنة [[1348هـ]].<ref>{{cite book |last=كحَّالة |first=عمر رضا |authorlink=عمر رضا كحالة |title=معجم المؤلفين، الجزء التاسع |[[1414هـ]] - [[1993]]مurl= |accessdate= |year= |publisher=مؤسسة الرسالة |location= |isbn= |page=192}}</ref>
[[ملف:ShTouficHibri.jpg|تصغير|الشيخ محمد توفيق الهبري.]]
* '''[[توفيق الهبري|الشيخ محمد توفيق الهبري]]''': وُلد عام 1868م الموافق لعام 1285هـ. كان من كبار قرَّاء القرآن في عصره ومن أشهر علماء بيروت. درس على يديّ الشيخ عبد الرحمن الحوت وتزوَّج من شقيقته في وقتٍ لاحق. دخل سلك الكشفيَّة من بابها الواسع وكان يؤمن إيمانًا راسخًا بأنَّ الكشفيَّة مبادئ وأسسًا يجب أن يتربّى عليها الجيل والناشئة، وأنَّ مبادئ الحركة الكشفيَّة مبادئ سامية نبيلة تلتقي جمعيها مع مبادئ الدين الإسلامي، فأسس حركة الكشَّاف المسلم في بيروت التي انضوى تحت لوائها لفيفٌ من الشباب البيروتي، وقد عمل الفرنسيون على تفكيك عرى هذه الحركة، ولكن الشيخ استمرَّ وراء الفكرة يعمل على تغذيتها وتنشيطها دون كلل أو ملل حتى انتصر في ثني السلطات الفرنسيَّة عن أهدافها وقرارها بحل هذه الحركة وشل نشاطاتها. توفي عام 1954م وله من العمر ستة وثمانون عامًا.<ref>[http://www.yabeyrouth.com/pages/index1333.htm موقع يا بيروت: الشيخ محمد توفيق الهبري]</ref>
 
* '''الشيخ محمد العربي العزوزي الإدريسي الحُسيني المغربي الفاسي''': وُلد في مدينة [[فاس]] [[المغرب الأقصى|بالمغرب الأقصى]] حوالي سنة [[1889]]م، وفي عام [[1914]]م الموافقة لعام [[1333هـ]] هاجر إلى بيروت وتعرَّف على كبار علمائها ومنهم الشيخ عبد الرحمن الحوت وأخذ عنه وعن غيره من علماء بيروت،<ref>[http://www.alashraf-leb.org/docs/Ashraf_Pics/Lebanon.htm جمعية الأشراف: صور الأشراف في لبنان]</ref> وقد أجازه الأخير إجازة عامَّة. عُيِّنَ رئيسًا لكل المغاربة الموجودين في المشرق برتبة ومعاش "بك باشا"، وحين أسس المفتي توفيق خالد الكليَّة الشرعيَّة عُيِّنَ فيها الشيخ محمد العربي العزوزي مدرسًا للحديث النبوي ومصطلحه والتوحيد والتفسير والفقه. ثمَّ عُيِّنَ خطيبًا في مسجد عاليه وإمامًا ومُدرِّسًا في مسجد الأمير عسَّاف التركماني في بيروت ومدرِّسًا في مسجد الصدّيق، وفي عام 1942م عُيِّنَ بطلب من المفتي خالد أمينًا للفتوى في الجمهوريَّة اللبنانيَّة ورئيسًا للمجلس العلمي لدى الأوقاف وبقي في منصبه إلى حين وفاته. يقول هذا الشيخ في مؤلفه كتاب "إتحاف ذوي العناية": {{مض|فممن اجتمعنا به وتبرَّكنا به عالم البلاد اللبنانيَّة بل والسوريَّة وصالحها وابن صالحها وعالمها ومُحدثها سيدي عبد الرحمن بن محمد الحوت العَلَوي البيروتي. زرته مرارًا في بيته وتبرَّكت به ودعا لي بما نرجو من الله قبوله وأجازني إجازة عامَّة}}.<ref>{{cite book |last=العربي العزوزي الإدريسي الحسني |first=السيد محمد |authorlink= |title=إتحاف ذوي العانة بما لنا من المشيخة والرواية |url= |accessdate= |year=1370هـ/1950م |publisher=مطبعة الإنصاف |location=بيروت-لبنان |isbn= |page=68-69}}</ref>
 
* '''العلَّامة الشيخ حسن المدوَّر''': وُلد في بيروت عام [[1862]]م.<ref name="المدوَّر">[http://www.yabeyrouth.com/pages/index527.htm موقع يا بيروت: أسرة المدوَّر]</ref> عاصر عدد من علماء بيروت اللامعين وأخذ عنهم، ومن جملتهم الشيخ عبد الرحمن الحوت. سافر إلى مصر حيث دخل [[الأزهر]] وتتلمذ على يد الإمام الشيخ [[محمد عبده]] وحضر حلقات السيّد الشيخ [[جمال الدين الأفغاني]]. ثمَّ عاد إلى بيروت وعمل على وضع المؤلفات الدينيَّة والفقهيَّة والمصنفات اللغويَّة وتلك الخاصة بعلوم التوحيد والفقه، غير أنَّ أكثرها بقي دون طباعة. درَّس في مدرسة السلطانيَّة وعُيّن أمينًا للفتيا بموجب فرمان سلطاني سنة [[1903]]م.<ref>{{cite journal |last1=الأنسي |first1=عبد الباسط |last2= |first2= |year=1903 |title= |journal=جريدة الإقبال| volume=291 |issue=5 نيسان |pages=6 |publisher= |doi= |url= |accessdate=}}</ref> توفي سنة [[1914]]م قبيل اندلاع الحرب العالميَّة الأولى بقليل.<ref name="المدوَّر" />
 
== مؤلفاته ==
ترك الشيخ عبد الرحمن الحوت بضعة مؤلفات في علوم الدين، من أبرزها: رسالة {{ط|مراقي السعادات في الحث على أداء الصلوات في أوَّل الأوقات والزجر عن تركها والتهاون بها وتأخيرها}}،<ref>[http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/3412_%D9%85%D8%B9%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%85%D8%B1-%D9%83%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%AC-%D9%A5/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_134 المكتبة الشيعية: معجم المؤلفين - عمر كحالة - ج ٥ - الصفحة ١٣٦: «عبد الرحمن الحوت. واعظ. له مراقي السعادات في الحث على أداء الصلوات في أول الأوقات والزجر عن تركها والتهاون بها وتأخيرها طبعت ببولاق سنة 1313 ه‍.»]</ref> ورسالة {{ط|إرشاد العوام إلى سبيل السلام}}، وكتاب {{ط|الرسالة الناصحة}}، وكتاب {{ط|أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب}}. كما ساهم في إظهار عدد من مؤلفات والده الشيخ محمد الحوت الكبير.<ref>{{cite book |last=الحوت |first=الشيخ الدكتور إبراهيم أنور |authorlink= |title=آل الحوت: الجذور التاريخيّة ومن برز منهم في العصر الحديث. سيرة العلَّامة الشيخ عبد الرحمن الحوت (۱۸٤٦-۱۹۱٦م)؛ نقيب السادة الأشرف ومُفتي ولاية بيروت، ابن المُحدّث العلَّامة الشيخ محمد بن درويش الحوت |url= |accessdate= |year=[[2012]]م/[[1433 هـ]] |publisher=دار الخلود |location=[[بيروت]] - [[لبنان]] |isbn=978-9953-576-05-0 |page=269-299 |pages=}}</ref>
 
== المراجع ==