ألعشرة ألمبشرة: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
صفحة جديدة: بسم الله الرحمن الرحيم الكلام حول بطلان حديث ( العشرة المبشرة ) طويل، ولكننا نقدّم مقدمة ضرورية و...
 
سطر 1:
#تحويل [[العشرة المبشرون بالجنة]]
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلام حول بطلان حديث ( العشرة المبشرة ) طويل، ولكننا نقدّم مقدمة ضرورية ومهمة فنقول :
'''
المقدمـــــــــــــــــــــــة :'''
توجد أحاديث صحيحة وصريحة عن النبي الأكرم (ص) في البشارة بالجنة لأناس من األصحابة ، ولكن الجماعة لم يذكروها ولم يروِّجوا لها لأنـّها لا تروق لهم ،
وذلك لأنّ المبشَّرين بالجنة فيها أشخاص لا يريدهم الحكام ومن دار في فلكهم،ولاتريدهم السياسة وأتباعها, رغم أنّ هذه الأحاديث صحيحة ولا تشوبها شائبة ، وليس عليها أيّ إشكال سنداً أو متناً ، ولا تناقضها أحاديث أخرى .
وإليك بعض الأمثلة لتلك الأحاديث :
'''الف:'''
منها قوله (ص) : (إنّ الجنّة لتشتاق إلى عليّ وعمّار وسلمان ) رواه أنس وحذيفة وعلي ألمصادر:
1 – ( المستدرك على الصحيحين ) للحاكم 3 / 137 وصححه .
2 – ( تلخيص المستدرك ) للذهبي بهامش المستدرك وصححه أيضا .
3 – ( سنن الترمذي ) 5 / 438 حديث 3822 .
4 – ( الصواعق المحرقة ) لابن حجر المكي ص 125 .
5 – ( أنساب الأشراف ) للبلاذري 2 / 364 .
6 – ( جامع المسانيد والسنن ) 19/34 و21/307 حديث 685 وغيرها من المصادر .
'''بـــاء:'''
ومنها قوله (ص): ( إنّ الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم )
قيل يا رسول الله سمّهم لنا ، قال: (علي منهم)– يقول ذلك ثلاثا – ( وأبو ذر والمقداد وسلمان ، وأمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم ) راجع:
1 – ( المستدرك على الصحيحين ) للحاكم 3 / 130 وصححه .
2 – ( سنن الترمذي ) 5 / 400 حديث 3739 .
3 – ( مسند أحمد بن حنبل ) 5 / 351 و356 .
4 – ( سنن ابن ماجة ) في المقدمة 1 / 53 حديث 149 .
5 – ( حلية الأولياء ) لأبي نعيم 1 / 172 و190 .
6 – ( مناقب ابن المغازلي ) ص 290 – 292 حديث 331 – 333 .
7 – ( جامع المسانيد والسنن ) 19 / 25 .
8 – ( مختصر تاريخ دمشق ) 10/40 و17/366 و28/290 وغيرها من المصادر.
جيــــم:
منها قوله (ص): ( يدخل الجنة بشفاعة أويس مثل ربيعة ومضر )
وفي بعضها(يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم) قال الحسن : إنّه أويس ا ألقرني ، وروي هذا الحديث بعبارات أخرى ولكن بنفس المعنى. مصادر الحديث :
1 – ( المستدرك على الصحيحين ) للحاكم 3 / 408 وقال : صحيح الإسناد
2 – ( المصنف ) لابن أبي شيبة 7 / 539 .
3 – ( فيض القدير ) للمناوي 5 / 449 حديث 7557 ثم قال: قال المنذري : رواه أحمد
بإسناد جيد، قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجال أحمد رجال الصحيح وأحد أسانيد الطبراني رجالهم رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة وهو ثقة .
4 – (كنز العمال) للمتقي 12/73 حديث 34057 وص 76 حديث 34066
و14/8 حديث 37828.
5 – ( تاريخ دمشق ) لابن عساكر 9 / 424 .
6 – ( سير أعلام النبلاء ) للذهبي 4 / 31 و33 .
7 – ( ميزان الإعتدال ) له أيضا 1 / 281 و2 / 445 .
8 –(إكمال تهذيب الكمال) لمغلطاي 2/298 نقلا عن تاريخ ابن ابي خيثمة الكبير .
9 – ( لسان الميزان ) للعسقلاني 1 / 473 وغيرها من المصادر .
ورغم وجود هذه الأحاديث الصحيحة فإنّه لا يُرَوّج لمثلها ولا تسمع بها في الإعلام أو من على المنابر،فيصاب الإنسان بالعجب والدهشة لهذا الإعراض عن أحاديث رسول الله الصحيحة ، لكنّه بعد البحث والتنقيب يكتشف الحقيقة فإنّ سلمانا والمقداد كانا من شيعة علي بن أبي طالب (ع) ، كما إنّ عماراً
وأويساً القرني فهما فضلاً عن كونهما من شيعة الإمام علي (ع) ، فإنـّهما نصرا الإمام عليّ (ع) في
صفين ضدّ معاوية واستشهدا معه عليه السلام ودفنا مع الشهداء هناك فكيف يروق لأتباع بني أمية رواية
مثل هذه الأحاديث التي تطعن في أئمتهم؟ وقد قال النبي(ص): (يا عليّ لا يحبك إلامؤمن ولا يبغضك إلا
منافق) متفق عليه, وراجعه في صحيح الترمذي 5 / 306 حديث 3819 طبع دار الفكر بيروت ، وسنن
النسائي8/116، وخصائص النسائي ص27 طبع التقدم العلمية بمصر، وحلية الأولياء4/185 وصححه ، ومجمع الزوائد9/133، وأسد الغابة 4/26 ، وميزان الإعتدال2/41، والاستيعاب بهامش الإصابة3/37 ،
وكنوز الحقائق للمناوي ص 46 و192 طبع بولاق بمصر وغيرها.
والعجيب أنّ البخاري يروي عن النبي (ص) في عمار بن ياسر قوله :
( ويح عمار تقـتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الله تعالى ويدعونه إلى النار), وفي الحديث الآخر يروي ذيله هكذا(يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) راجع الحديثين في صحيح البخاري1/61 كتاب الصلاة باب التعاون في بناء المساجد و2/93 كتاب الجهاد والسير باب مسح الغبار عن الناس .
ومع صراحة الحديث وصحته في وصف إمام الفئة الباغية معاوية وجماعته بأنهم يدعون إلى النار،
تجدهم يدافعون عنه دفاعا مستميتاً ، ولا أعلم هل يتمنون بعملهم هذا أن يحشروا معه في النار، فقد ورد
في الحديث الشريف عنه (ص) : (من أحبّ قوماً حشره الله في زمرتهم ) رواه السيوطي في الجامع
الصغير 2 / 553 حديث 8317 ، والمتقي في كنز العمال 9 / 10 حديث 24678 ، والمناوي في فيض
القدير 6 / 42 حديث 8317 وغيرها .
ثمّ إنّ إمامهم البخاري ورغم الروايات الكثيرة في مدح أويس القرني ، لمّا وجد أنّه استشهد مع الإمام علي (ع) في صفين أراد أن ينتصر لمعاوية فطعن في أويس القرني وقال عنه: ( أويس القرني أصله من
اليمن ، في إسناده نظر) راجع التاريخ الكبير للبخاري 2 / 55 رقم 1666- حتى لقد حار أئمة الحديث
لديهم في كيفية توجيه ذلك، وحاولوا جاهدين أن يأوّلوا كلام البخاري وأنّه ليس من المعقول أن يكون
مقصوده أويساً القرني لإجماعهم على عظمة منزلته. ولعلك تسألنا وتقول : من قال أنّ أويساً قد قـُُتِل مع علي (ع) في معركة صفين؟ فنقول : ذكر ذلك كبار علماء أهل السنة مثل :
ابن حجر في الإصابة 1/361، والحاكم في المستدرك3/402، وابن معين الدوري في تاريخه1/238 رقم 1555 وغيره, ثمّ نقول :
لقد أعرضوا عن الأحاديث الصحيحة في البشارة بالجنة لسلمان والمقداد وعمار وأويس ، وتشبّـّثوا
بحديث العشرة المبشرة رغم انقطاعه وعدم صحته وكثرة الإشكالات عليه ومناقضته لغيره من أحاديث
النبي (ص) كما سيأتي قريباً ، فروّجوه بشدة وأذاعوه بين الناس وملأوا الكتب به .
وبعد هذه المقدمة نعود لأصل الموضوع ونذكر الإيرادات والإشكالات حول حديث العشرة كما يلي:
(( أولا )) نسألهم: هل إنّ بقية الصحابة هم من أهل النار حتى يبشـِّر النبي ص هؤلاء العشرة فقط بالجنة
دون ألباقين؟ لأنـّه إذا خصّ النبيُّ (ص) جماعة في البشارة بالجنة معناه أنّ الباقين ليسوا كذلك وإلا كان
التخصيص لغوا لا معنى له ، ويُجَلُّ كلام النبيِّ عن ذلك .
وهذا يخالف عقيدتكم في الصحابة بأنهم كلهم يدخلون الجنة ، إذن لا يصحّ حديث العشرة لأنّ فيه
تخصيص لا معنى له .
ولعلك تردّ علينا بمثل ذلك فتقول: إنّـكم حينما تروون عن النبيِّ أنّه بشّـرَ عماراً وسلماناً
ومقداداً وأويساً بالجنة فستقعون في نفس الإشكال فما هو جوابكم عنه ؟
والجواب :
1 - إنّ هذه الأحاديث قد رويتموها أنتم كذلك وصحّحتموها أيضاً ، فلم ننفرد نحن بروايتها.
2- أنّنا لاندّعي أنّ كلّ الصحابة في الجنة حتى يرد علينا هذا الإشكال ، بل إنّ فيهم المنافقين بنصّ القرآن ، وإنّ أكثرهم بدّلوا وغيّروا وانقلبوا كما قال تعالى:(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أأو قتل انقلبتم على أعقابكم) ودليلنا في ذلك بعد القرآن صحاحكم التي روت أنّ أكثر الصحابة هالكون .
فقد روى البخاري في صحيحه ج7 ص 208- 209 كتاب الرقاق روايات كثيرة منها :
قال ص: يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض ، فأقول يا رب أصحابي فيقول : إنّك لاعلم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على ادبارهم القهقرى ...وقال ص: يرد عليّ الحوض رجال
من أصحابي فيحلّؤون عنه، فأقول: يا رب أصحابي فيقول: إنّـك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنّهم ارتـدّوا على أدبارهم القهقرى .... وعن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم
خرج رجل بيني وبينهم فقال هلـمّ ، قلتُ: أين؟ قال: إلى النار والله ، قلتُ: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدّوا
بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم. وأقول إنّ قوله ص (فلا أراه يخلص
منهم إلا مثل همل النعم ) يدلّ على قلّة الناجين من الصحابة .
(( ثانياً )) :- لقد رويتم في صحاحكم حديثاً هو: ( إذا اقـتتـل مسلمان فالقاتل والمقتول في النار )
رواه البخاري في صحيحه 2/92، وسنن ابن ماجة2/1311 كتاب الفتن، ومسند أحمد بن حنبل 4 / 418 وهذا الحديث يناقض حديث العشرة المبشرة وذلك:
1- لأنّ طلحة والزبير (وهما من العشرة المبشرة) حرّضا الناس على قتل عثمان حتى قـُتِـلَ .
راجع أنساب الأشراف للبلاذري5/29، الفتوح لابن أعثم 1/35، والإمامة والسياسة لابن قتيبة1/40 ،
وشرح النهج لابن أبي الحديد 9 / 36، فالمفروض أنهما من أهل النار حسب هذا الحديث الصحيح، فكيف
يبشـّران بالجنة؟ أليس هذا تناقض واضح؟ فإذا صحّ الحديث الأول لم يصح الثاني وإذا صحّ الحديث
الثاني لم يصحّ الأول. ولمّا علمنا صحّة (إذا اقتتل ....) عندكم ، فحديث العشرة إذن غير صحيح .
2 - ولأنّ طلحة والزبير قاتلا علياً (ع) أيضاً في حرب الجمل حتى قـُتِلا، فالمفروض أنّهما من أهل النار
حسب هذا الحديث الصحيح أيضاً فلا يصحّ البشارة لهما ويبطل حديث ألعشرة حديث المبشرة كذلك .
أمّا عليّ (ع) فقد صحّ عن النبي ص أنه قال له: اللهم وال ِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره .
رواه المتقي في كنز العمال6/403 طبعة أولى و15/115 حديث 332 و402 طبعة ثانية، والكنجي في
كفاية الطالب ص 17 طبع الغري وفي طبعة ص 63 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/105، والملل
والنحل للشهرستاني1/163 طبع بيروت وفي طبعة1/220، وخصائص النسائي ص26 طبع مصر ،
وأنساب الأشراف للبلاذري2/112، ونظم درر السمطين للزرندي ص112، ونزل الأبرار للبدخشاني
ص51– 54 وإسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص151 طبع السعيدية بمصر وفي طبعة ص 137 .3 - ثمّ إنّ علياً (ع) من الخلفاء الراشدين الذين بايعهم المهاجرين والأنصار والخارج عليه من أهل النار ، كما لو خرجوا على باقي الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان - كما هي عقيدتكم في الخارجين على
الخلفاء الراشدين - وعليّ منهم ، فكيف يبشرهما حديث العشرة؟ فلا يصحّ إذن .
4 – هذا فضلا عما ورد عن النبي (ص) في علي وفاطمة والحسن والحسين من قوله (ص) :
( أنا حربٌ لمن حاربتـُمْ وسلمٌ لمن سالمتـُمْ ) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين3/149 ، والطبراني في المعجم الأوسط 5/182 طبع دار الحرمين في القاهرة، والطبراني في المعجم الكبير3/40 حديث 2620، والمتقي في كنز العمال 12/96 حديث 34159، والجصاص في أحكام القرآن 2/508 طبع دار الكتب العلمية بيروت وعلق الجصاص على الحديث قائلا بعده: فاستحقَّ من حاربهم اسم المحارب لله عز وجل ولرسوله .
أقول: فبحرب طلحة والزبير لعليٍّ أصبحا محاربين لله وللرسول فكيف يبشرهما حديث العشرة؟
ولقد قال عليٌّ (ع) : أمرني رسول الله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
رواه الذهبي في ميزان الاعتدال1/271وص 584، والهيثمي في مجمع الزوائد6/135 و5/186 و7/
238، وكفاية الطالب للحاكم الكنجي ص 169، وأسد الغابة 4/33، وكنز العمال 15/98 حديث 282/
والاستيعاب بهامش الإصابة 3/53، وتاريخ بغداد 8/340 و13/186 طبع القاهرة، وتاريخ ابن كثير7/
306 وغيرهم كثير, فإذا كان طلحة والزبير من اللذين نكثا البيعة وخرجا على إمام زمانهم وقاتلهما عليٌّ
بأمر رسول الله (ص) فكيف يبشرهما حديث العشرة لو كان صحيحاً ؟؟!! كيف ؟
ولقد أخبرهما علي (ع) حينما استئذناه للعمرة بعد بيعتهما له طائعين قائلا لهما :
(ما تريدان العمرة ولكن تريدان الغدرة) رواه الخوارزمي في مناقبه ص112 طبع مكتبة نينوى، وسبط بن الجوزي في تذكرة الخواص ص59، ومحمد أسعد اطلس في تاريخ العرب3/226 طبع دار الأندلس بيروت، والحميدي في شرح النهج 10/248 طبع عيسى الحلبي بمصر، ومناقب الشيرواني ص 210 طبع مطبعة المنشورات الإسلامي ومعلوم ما هو جزاء الغادر وناكث البيعة في الآيات والروايات.
ثمّ إنّ الإمام عليّاً (ع) قد ذكّرهما في المعركة بعد أن استدعاهما قبل بدء القتال حيث قال للزبير :
أما تذكر قول رسول الله لك : ( أتـُحبُّ علياً يا زبير؟ فقلتَ: إني والله لأحبه, فقال لك: (إنك والله ستقاتله وأنت له ظالم, فقال الزبير: لو ذكرتها ما خرجتُ .
روى هذا الحوار البلاذري في أنساب الأشراف3/51، والمسعودي في مروج الذهب2/371، وابن أعثم في الفتوح2/469، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة1/92 وفي طبعة1/72، والخوارزمي في مناقبه ص 179 حديث 216، والرافعي في التدوين1/193 طبع بيروت، والذهبي في تاريخ الإسلام3/488، والسيوطي في مسند علي بن أبي طالب1/214 طبع العزيزية بحيدرآباد، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص71، سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص41، وتاريخ الطبري3/415، وتاريخ ابن الأثير3/102، وأُسد الغابة في معرفة ألصحابة لإبن الأثير2/199، وأبو الفداء في المختصر في أخبار البشر2/84، والسيرة الحلبية3/322، والشفاء للقاري1/686، والاستيعاب لإبن عبد ألبر1/564، والإصابة لابن حجر 1/527 وغيرها.
(( ثالثاً )) : - إنّه من المفروض أن يكون المذكورون في حديث العشرة هم أول من يعلمون به، ولكننا
بعد مراجعة التاريخ نلاحظ غير ذلك، فلم يحدّثنا التاريخ أنّ واحدا منهم احتجّ به، رغم حاجته الكبيرة
للاستشهاد به في المواقف الصعبة .
1 – فلم يحتجّ به أبو بكر وعمر في سقيفة بني ساعدة يوم ان أرادوا إنتخاب خليفة لرسول الله ص رغم
الصياح والصراخ فيها حتى قال عمر: اقتلوا سعدا قتل الله سعدا, ولو كانا يعلمان به لكان أكبر سند لهما
أمام الأنصار.
2 – ثمّ لو كان عثمان يعلم به لاحتجّ به على من حاصره من المسلمين حينما جاؤا لقتله، بأن يقول لهم مثلاً : لا يحلّ لكم قتل رجل من أهل الجنة، بينما يذكر التاريخ أنّه احتج بأمور كثيرة دون ذلك من المناقب
والمزايا .
3 – ولو كان عمر يعلم به وأنّه مشهودٌ له بالجنة، فلماذا يسأل حذيفة بن اليمان الذي كان عارفا بأسماء
المنافقين, ويقول له: هل أنا من المنافقين ؟
راجع ذلك في جامع الأحاديث13/409 و14/19 و15/36، وتهذيب التهذيب4/176 وفي طبعة 3/410،
والإستيعاب بهامش الإصابة1/277 وفي طبعة 1/335، وسير أعلام النبلاء للذهبي2/364، وتاريخ
الإسلام ص494، وتفسير الطبري11/9، والبداية والنهاية5/18 وكنز العمال13/344، وإحياء علوم
الدين للغزالي1/124 وفي طبعة1/78، ومقدمة فتح الباري لابن حجر ص 402 وفي طبعة 2/129، والإكمال في أسماء الرجال للخطيب ص 42 و121، وميزان الإعتدال للذهبي2/
106 رقم 3030 وغيرهم, مع أنّ المنافقين (في الدرك الأسفل من النار) كما أخبر عنهم القرآن، وهذا لا
يتناسب مع من بُشـِّرَ بالجنة لو صحّ حديث العشرة المبشرة .
4 – ولو كان أبو بكر وعمر يعلمان بحديث البشارة بالجنة فلماذا كلّ هذا الجزع والفزع عند الموت
واقتراب أجلهما؟ فعن أبي بكر أنّه لما أحسّ بدنوِّ أجله نظر إلى طائر على شجرة فقال: (طوبى لك يا
طائر، تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولا عقاب عليك، ولوددتُ أنّي شجرة على جانب
الطريق مرّ عليّ جملٌ فأكلني وأخرجني في بعرِهِ ولم أكن من البشر) وفي بعضها: (لوددتُ أنّي كبشٌ
سمّنني أهلي ثم ذبحوني فأكلوني ثم ألقوني عذرة في الحش– أي الغائط - ولم أكن من البشر).
راجع هذه الكلمة في الرياض النضرة للمحب الطبري1/134، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص41 وفي
طبعة ص 142، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل 4/361، وكنز العمال 12/528 حديث
35699 وص529 حديث 35703، وتاريخ مدينة دمشق 30/330, كما روى ابن تيمية في منهاجه3/
120 عن أبي بكر أنه قال: (ليت أمّي لم تلدني ، ليتني كنت تبنة في لبنة)
وأمّا عمر فقد روى أبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 52 أنه قال عند اقتراب أجله: (ليتني كنت كبش أهلي
يسمنونني ما بدا لهم حتى إذا كنتُ أسمن ما أكون زارهم بعض من يحبّون فجعلوا بعضي شواء وبعضي
قديداً ثمّ أكلوني وأخرجوني عذرة ولم أكن بشرا) وراجع أيضاً منهاج ابن تيمية3/131و132 حيث
اعترف بصحته، ورواه المتقي في كنز العمال12/619 حديث 35912، وتاريخ مدينة دمشق30/331
والفتوحات الإسلامية لمفتي مكة 2/408، وحلية الأولياء لأبي نعيم 1/52، وحياة الصحابة للكاندهلوي2/ 99.
وروى البخاري في صحيحه 2 / 194 في باب مناقب عمر عن ابن عباس قال : دخلت على عمر لما
طعن فرأيته جزعاً فزعاً فقلت : لا بأس عليك يا أمير المؤمنين فقال: (ياابن عباس، لو أنّ لي طلاع
الأرض ذهباً لافتديت من عذاب الله قبل أن أراه) فهل هذا سلوك من يعلم بأنّه مبشر بالجنة ؟؟!!
ألم يخبرنا تعالى عن المبشرين بقوله تعالى :
(ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا
وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )؟
وبين تعالى منطق ألكافر وندمه عند الموت بقوله: (ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) سورة عم آية 40.
وقارن ذلك الفزع والجزع منهما بموقف المؤمن المطمئن بمصيره، قارنه بسلوك علي بن أبي طالب (ع)
لمّا طعنه ابن ماجم المرادي لعنه الله ، فإنّه نادى حين طـُعـِنَ : ( فـُزْتُ وربِّ الكعبة)
رواه ابن عبد البر في الاستيعاب3/1125، والحديدي في شرح النهج9/207، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق42/561 طبع دار الفكر بيروت، وابن الأثير في أسد الغابة4/38، وأنساب الأشراف للبلاذري ص 488 حديث 519 وص 499 حديث 543 طبع مؤسسة الأعلمي بيروت، والوافي بالوفيات للصفدي18/173، والإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري1/138 وص 180 طبع مؤسسة الحلبي بمصر وكنز العمال13/697، والفتح الرباني23/163، والمستدرك على الصحيحين للحاكم3/144، والصواعق المحرقة لابن حجر المكي ص133 باب 9 فصل5، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي 2/1187، وجواهر المطالب لابن الدمشقي 2/96، وابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين حديث 20, وإنما أَكثَرنا من المصادر لئلا يُقال أنّ هذه الكلمة انفرد بروايتها الشيعة.
5– ثمّ نقول هنا أنّ المبشرين في حديث العشرة ليسوا فقط لم يعلموا به، بل إنّهم يشهدون على خلافه وضد
فحواه، وهو أكبر دليل على كونه حديث موضوع وقد تم وضعه بعد رحيلهم للآخرة إذ لو صحّ لما أنكره
من كان واحدا من المبشرين فيه وهو سعد بن أبي وقاص, فقد روى الشيخان عن سعد بن أبي وقاص أنّه
قال: (ما سمعتُ النبيَّ يقولُ لأحدٍ يمشي على وجه الأرض أنّه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام)
رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين3/414 وقال عنه: قد اتفق الشيخان على حديث سعد،
والاستيعاب لابن عبد البر3/922 ثم قال: وهذا حديث ثابت صحيح لا مقال فيه لأحد، وتخريج الأحاديث
والآثار للزيلعي3/280 حديث1187، ومعاني القرآن للنحاس6/442، وتفسير البغوي4/165،
وتفسير ابن كثير4/168، والدر المنثور للسيوطي6/39، وفتح القدير للشوكاني5/19 وغيرهم .
(( رابعاً )) إنّ من شملهم حديث العشرة تصرّفوا بخلاف مفهومه، فلو كانوا قد سمعوا به وآمنوا بمضمونه لما تصرفوا بخلافه :
(1) فهذا عبد الرحمن بن عوف وهو أحد المبشرين في هذا الحديث وأحد رواته كانت تصرفاته مخالفة له
وإليك بعضها :
الف: فقد هدد علياً(ع) يوم الشورى بقوله: (بايع وإلا تُقتل) ومن المعلوم لدى كلّ مسلم أنّ من قَتَلَ مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها كما أخبر القرآن .
باء: وقد اختلف مع عثمان وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان ومات وهو مهاجرا له، فلو كان يعلم أنّ عثمان من أهل الجنة لما صحّ أن يهجُرَهُ بهذا الشكل. راجع أنساب الأشراف للبلاذري5/57، والعـِقـدُ
الفريد 2/258 و261 و272، وتاريخ أبي الفداء1/166 .
(2) وهذا عثمان اتّهم عبد الرحمن بن عوف بالنفاق بل كان يعده من المنافقيــن ومن المعلوم أنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار كما صرّح القرآن الكريم، فلو كان يعتقد بحديث العشرة أو كانَ سَمِعَ به من النبي (ص) لما اتهم أحد المبشرين بالجنة بالنفاق .
(3) وهذا عمر يتصرف بخلاف حديث العشرة :
ألف: فإنه أوصى الناس بقتل الستة من أهل الشورى أذا مضت مــدّة من الزمان دون أن ينتخبوا خليفة من
بينهم, فلو كان عمر قد سمع من النبي حديث العشرة المبشرة فكيف يأمر بقتلهم وهم من أهل الجنة؟ مع أنّ من قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيهـا.
بــاء: ووصف عمر من شملتهم البشارة في حديث العشرة بأوصافٍ لا تليق بمن بُشـِّر بالجنة، فقد وصف عمرُ بعدما طـُعـِنَ وصف الزبيرَ بأنـّه: (مؤمن الرضا كافر الغضب، يوماً إنسان ويوماً شيطان)
رواه البلاذري في أنساب الأشراف5/16، وشرح النهج لابن أبي الحديد1/62 وفي طبعة1/185، ومسند
الشاميين للطبراني3/51 طبع مؤسسة الرسالة، وكنز العمال للمتقي5/741 حديث 14267 طبع مؤسسة
الرسالة بيروت، والتمهيد للباقلاني ص 510 طبع مؤسسة الكتب الثقافية بيروت، وتاريخ مدينة دمشق 45
/ 453 طبع دار الفكر بيروت, فهل يوصف المُبَشـَّر بالجنة بـ ( الكافر والشيطان ) ؟! فعلى فرض صحة
حديث ألعشرة ألمبشرة فحينئذٍ كيف نفسر وصف ألخليفة عمر لهذا الصحابي بهذه الأوصاف؟
جيم: وقال عمر لطلحة : لقد مات رسول الله وهو عنك ساخط. وذلك إشارة منه إلى ما قاله طلحة: لئن
مات محمد لنتزوجن نساءه فبلغ ذلك رسول الله ص فتأذى منه فنزل قوله تعالى: (وما كان لكم أن تؤذوا
رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا). رواه السيوطي في الدر المنثور6/643 و644، و
القرطبي في تفسيره 14/228، وابن كثير في تفسيره3/506، والبغوي في تفسيره 5/225، والآلوسي في
تفسيره 22 / 74, وقد قال الله في سورة التوبة آية 61: (والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم)
فكيف يبشر بالجنة من آذى رسول الله وتوعده الله بالعذاب الأليم؟!.
((خامساً )) لقد ثبت لدى العقلاء جميعاً أنّ من شهد لغيره بشهادة له فيها نصيب لم تـُقبل شهادته، ومن
زكـّى غيره بتزكية نفسه لم تثبت تزكيته، على القاعدة القرآنية: ( لا يزكّي الأنفس إلا الله ).
ومن الواضح أنّ طلحة وسعيد بن زيد راويا حديث العشرة يذكران نفسيهما من جملة العشرة، وبما أن هذه
الشهادة تجرّ نفعاً لهما فلا تُقبل منهما وخصوصاً حينما ينحصر طريق رواية هذا الحديث بهما فإنّ
الإشكال سوف يشتد ويتأكـّد علماً أنّه سوف يتبين فيما يأتي أنّ الطريق إلى عبد الرحمن بن عوف منقطع ، وأنّه لا يمكن أن يرويه ابن عوف لأنّ الراوي عنه ولد سنة وفاة ابن عوف .
فسوف يصيبنا العجب أكثر وأكثر عندما يكون راويه هو سعيد بن زيد وهنا تثار أسئلة كثيرة:
1– لماذا لم يرو هذا الحديث المهم غيره من الصحابة ؟
2– ولماذا لم يروي البخاري ومسلم هذا الحديث في صحيحيهما مع أنهما جمعا فضائل العشرة ؟
3– ثم لماذا لم يرو سعيد بن زيد هذا الحديث سنين طويلة منذ زمن الخلفاء الراشدين الأربعة، ولم يروه
إلا في زمن معاوية بن أبي سفيان ؟
4– ولماذا ذكر أسماء القرشيين الذين تدافع عنهم السلطة الأموية ولم يذكر الأنصار الذين تبغضهم السلطة الحاكمة؟ رغم أن النبي كان يلهج بذكر الأنصار في كلّ مناسبة ويقول: لو سلك الأنصار واديا لسلكت
وادي الأنصار, فهل يعقل أن النبي (ص) يتجاهل الأنصار ولا يذكر واحدا منهم مُبَشـَّراً ضمن المبشرين
بالجنة، وهو الحريص على كسب ودّهم كقوله لهم: إذا ذهب الناس بالغنائم فإنّكم ذهبتم برسول الله .
5– ولماذا يذكر سعيد بن زيد هذا الحديث حاشرا اسمه معهم بعد موقفه المعارض من بيعة معاوية لابنه يزيد وبعد الكلمات القارصة التي واجه بها والي معاوية ؟
فهل أراد بإذاعته لهذا الحديث أن يحيط نفسه بحاجز يمنع السلطة من التنكيل به بعد موقفه المعارض لبيعة يزيد؟
كما أنه يداهنهم في نفس الوقت بذكر البشارة للقرشيين فقط الذين تروج لهم السلطة، ويمتنع عن ذكر
بشارة للأنصار أعداء السلطة (وماجرى يوم ألسقيفة)، وكل هذا يكون له حاجز آخر يدافع به عن نفسه.
6– علماً أنـّه سوف يتبين عند الكلام عن البحث السندي للحديث أن جميع طرق حديث العشرة ضعيفة
وغير معتمدة لدى علماء الرجال، ولكننا ذكرنا كل الإشكالات السابقة بغض النظر عن أسانيدها .
((سادساً )) يوجد اضطراب واضح في تعداد الشخصيات الواردة أسماؤهم في حديث العشرة، فمن هم يا
ترى هؤلاء العشرة واقعاً؟
- فتارة يذكرون أبو عبيدة الجراح منهم.
- وتارة يذكرون عبد الله بن مسعود منهم.
- وتارة يذكرون النبي (ص) منهم.
- وتارة يروون عن عبد الله بن سلام (أنّه عاشر عشرة في الجنة).
فمن هم العشرة الذين بشروا يا ترى؟ وما هذا التناقض الغريب والمحيّر فيهم؟ أليس هذا الاضطراب دليل على ضعف الحديث؟ نترك ألحُكم للقارئ والله على مانقول شهيد والسلام.