|
'''الحق الطبيعي''' ([[لغة لاتينية|باللاتينية]]: ius naturae)، هو مجموعة الحقوق التي يكتسبها الفرد بالطبيعة. هي:أي أنها وفق التعاليم المسيحية إجمالاً، هبة إلهية لكل فرد من الجنس البشري، لا تنزع من الشخص والشعوب وتلتصق بالإنسان، ومن حقّه أن يعيها كوعيه [[الحرية|حريته]] و[[الكرامة الإنسانية|كرامته الإنسانية]]؛ في حين يجب على المجتمع وسلطاته أن تؤمن الشروط على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، لجعل ممارستها وصيانتها أمرًا ممكنًا، ومحاربة الحواجز التي تحول دونها أو تنتهك حرمتها.<ref> الحرية المسيحية والتحرر، بندكت السادس عشر، مجمع العقيدة والإيمان، ترجمة ومنشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، جل الديب 1986، فقرة.1</ref>
فعلاوة على الحقوق التي يحرزها الإنسان بعمله، يمثل الحق الطبيعي، الحقوق الأخرى الأساسية التي يحصل عليها ليس بالإربتاط بنشاطه أو وظيفته بل نبعًا من كرامته الجوهرية بصفته إنسانًا.<ref>العام مئة، رسالة عامة للبابا يوحنا بولس الثاني، الترجمة العربية الرسمية عن مكتب اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، بيروت 1994،== حقوقفقرة.10</ref> الأفرادبكل ==الأحوال، فإنه لا يمكن النظر للحقوق الطبيعية بوصفها حقوقًا فردية مكتفية بذاتها، بل هي محدودة بالمجتمع والخيرات العامة للأفراد الآخرين،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.13</ref> فإنّ فردية مطلقة تعني "تضعضع الروابط الأخوية بين الناس، ليحلّ مكانها الرعب والحقد والخوف".<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.19</ref>
تدعو الكنيسة المسيحيين للسعي لترسيخ الحقوق الطبيعية: "إن اللامساواة الجائرة وأشكال الإكراه المختلفة التي تطال اليوم ملايين من الرجال والنساء، تتنافى تنافيًا صريحًا مع إنجيل المسيح ومن شأنها ألا تدفع ضمير أي مسيحي مرتاحًا"،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.57</ref> ولا يسوغ للدولة أن تمنع هه الحقوق: "لأنّ الدولة وجدت لتحمي الحق الطبيعي لا لتهدمه، فإذا تعدّت الدولة على هذه الحقوق، فهي تتعدى على ذاتها".<ref>العام المئة، مرجع سابق، فقرة.18</ref> ▼
== حقوق الأفراد ==
=== الحياة ===
إن حق الحياة محفوظ لكل إنسان، فإن الحياة هي هبة إلهية أساسًا، ومن ثم فهي مصونة ومحترمة منذ لحظة الحبل والحبلو حتى الوفاةالفواة بشكل طبيعي، ومن واجب الإنسان الحفاظ على حياته.<ref name="العام المئة، مرجع سابق، فقرة.9">العام المئة، مرجع سابق، فقرة.9</ref> ويغدو "كل ما يضاد الحياة نفسها، كأنواع القتل والوأد والإجهاض والإجهاز على المرضى والانتحار مشينة ومرفوضة"،<ref>معجم المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني، عبدو خليفة، المكتبة الشرقية، بيروت 1988، ص.8</ref> الحق في الحياة لا يسقط في حال الإجرام: "من حق السلطة الشرعية إنزال العقوبة التي تتناسب وحجم الجرم حفاظًا على النظام العام،،العام، إلا أنّ إعدام المجرم هو تدبير قاسي إلى أقصى حد، ولا يجوز للدولة أن تتخذه إلا في حالات الضرورة المطلقة، وتستند هذه الضرورة إلى استحالة حماية المجتمع البشري، من المجرم إلا بإعدامه، ولكن هذه الحالات نادرة جدًا إن لم نقل غير موجودة".<ref>التعليم المسيحي للشبيبة الكاثوليكية - بالعربية، مجموعة من الأساقفة بموافقة البابا بندكت السادس عشر، مكتب الشبيبة البطريركي، بكركي 2012، ص.209</ref>
=== الحرية ===
إن الحرية تعني التخلي عن كل شكل من أشكال الإخضاع والإكراه،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.4</ref> والكنيسة تعلّم بكون الإنسان «مفطور على الحرية»، وحريته هي إحدى ميزاته عن سائر الخلائق.<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.73</ref> وعندما "ينظم المجتمع ذاته، بحيث يقلّص بطريقة اعتباطية المجال الشرعي لممارسة الحرية، ينجم عن ذلك تفكك الحياة الاجتماعية ودهولها البطيء طور التفكك والانحطاط".<ref>العام المئة، مرجع سابق، فقرة.25</ref> تشمل الحرية، إلغاء الرق والسبي والعبودية، وأشكال العنصرية والتمييز لاسيّما ضد المرأة والطفل والأقليات، وضمان مشاركة جميع أبناء المجتمع في بناء مجتمعم على مختلف الأصعدة ومنها السياسية.<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.8</ref> ولا يمكن أن تفصل الحرية عن حرية الفكر والتعبير والإبداع.<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.76</ref>
=== الكرامة والمساواة ===
تعتبر [[كرامة|الكرامة البشرية]] من حقوق الإنسان اللصيقة به، وتجعل من التعذيب وأساليب الترويع والاستفزاز والإرهاب المتعمد، والعنصرية، وحالات التشهير "المستقبحة"، وقطع الأعضاء، والتعذيب الجسدي والمعنوي، والضغط النفسي، وأوضاع الحياة المنحطة، والسجن دون مبرر، والسبي والاستعباد، والبغاء، والمتاجرة بالنساء والأولاد، وكل ما من شأنه تحطيم إنسان ما نفسيًا ومعنويًا عملاً مفروضًا.<ref>العام المئة، مرجع سابق، فقرة.79</ref> وقد قال البابا [[ليون الثالث عشر]]: "لا يسوع لأحد أن ينتهك بلا قصاص هذه الكرامة الإنسانية التي يحيطها الله نفسه بحرمة كبيرة".<ref name=">العام المئة، مرجع سابق، فقرة.9"</ref> كما قال البابا بندكت السادس عشر بأنه "يتمتع كل إنسان، منذ اللحظة الأولى في حشا أمه، بكرامة لا تمس، لأنّ الله منذ الأزل، أراد وجوده، وأحبه وخلقه، وقيّض له الخلاص".<ref>التعليم المسيحي للشبيبة الكاثوليكية - بالعربية، مجموعة من الأساقفة بموافقة البابا بندكت السادس عشر، مكتب الشبيبة البطريركي، بكركي 2012، ص.162</ref> وأما حق المساواة، فهو يضمن فرص متكافئة لجميع البشر، ويمكنهم جميعًا وبالمقدار ذاته من ممارسة حقوقهم الطبيعية.
كما أكذت المسيحية على أهمية الملكية الخاصة ازدادت في أواخر [[القرن التاسع عشر]] بعد أن ظهرت مذاهب فكرية [[اشتراكية|كالاشتراكية]] التي تحظر الملكية الخاصة أو الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. دافعت الكنيسة ومذاهب فكرية أخرى عن حق الملكية الخاصة لكل إنسان: "إن الهدف المباشر الذي يسعى إليه العامل، هو أن يحصّل رزقًا يصبح خاصًا له ويمتلكه بنفسه، ...، فما ينتظره من عمله ليس الحق بالأجر فحسب بل الحق الملزم والقاطع أن يتصرف بأجره كما يشاء. فإذا استطاع أن يوفر بعضًا من مدخراته ليشتري بها حقل مثلاً، فمن البديهي أن هذا الحقل ليس سوى أجر العامل ذاته وقد تحول إلى شيء آخر".<ref>الشؤون الحديثة، رسالة عامة للبابا ليون الثالث عشر، 1891، بالنسخة الصادرة بالعربية عن حركة عدالة ومحبة، بيروت 1995، ص.83 فقرة.4</ref> وكذلك، فإنّ الملكية الخاصة تميّز الإنسان عن الحيوان: "يجب أن نعترف للإنسان، ليس فقط بالقدرة على استخدام الأشياء الخارجية، وهذا ما تشترك به كل الكائنات الحية، بل بالحق الثابت والدائم بامتلاكها، سواء ما سيتهلك بالاستعمال أو يبقى بعد استخدامه".<ref>الشؤون الحديثة، مرجع سابق، فقرة. 5</ref> بكل الأحوال، فإن بعض الخيرات ذات طبيعة لا تقبل البيع أو الشراء، وبالتالي فملكيتها يجب أن تكون عامة، يوحق للسلطة الشرعية أيضًا أن تحدد سقف الملكية في الحالات الخاصة. ▼
=== الزواج وتأسيس عائلة ===
من حق الإنسان الطبيعي أن يختار دون ضغط أو إكراه شريك حياته. وللزوجين يعود تحديد عدد الأولاد، وطرق تربيتهم، ولا يجوز للمجتمع أو السلطة التدخل، إلا في حال فشل الوالدين في التربية.<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.94</ref> الكنيسة تعلم بأنّ "الأسرة هي الخلية الأساسية الأولى للبيئة البشرية، وفيها يتلقى الإنسان المبادئ الحامسة والمتصلة بالحق والخير. ويتعلم معنى الحب، حب الآخرين له، وبالتالي يكون الإنسان في الواقع إنسانًا، ....، إنّ الأسرة هي «قدس أقداس الحياة»، و«هبة الله»، و«مهبط الحياة وحضنها اللائق»" كما قال يوحنا بولس الثاني.<ref>العام المئة، مرجع سابق، فقرة.39</ref>
=== الثقافة ===
من حق الإنسان الطبيعي أن ينال التعليم اللازم لتهذيبه وتثقيفه، ومن واجب المجتمع والسلطة، أن تضمن هذا الحق في تربية مدرسية صالحة "ساهرة على كفاءة المعلمين، ومستوى الدروس، وصحة التلامذة"،<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.11</ref> وقد دعاها البابا بندكت السادس عشر "ميّزة الوجود الإنساني الحق"،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سبق، فقرة.92</ref> فمن حق الإنسانالغنسان "التحرر من الخرافة وأشكال الخوف الموروثة"، وأن يستفيد من ثمار التطور العلمي للبشر. وعلّم [[المجمع الفاتيكاني الثاني]] بأنه "يجب إنقاذ الناس من آفة الجهل، وهناك واجب يليق إلى أسمى حد بعصرنا وخاصة بالمسيحيين، وهو أن نعمل بلا هوادة إن ماديًا وإن سياسيًا، إن على المستوى الوطني وإن على المستوى الدولي، كي يُعترف بحق الجميع، وفي كل مكان، بحث الثقافة، وأن نؤمّن تحقيقه وفق كرامة الشخص البشري".<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.105</ref> حق الثقافة يشمل أيضًا أنه "للمجتمع البشري، حق في الإعلام، عمّا يهمّ الناس أفرادًا كانوا أم جماعة، وحسب أوضاع كل واحد منهم".<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.111</ref>
=== حرية التدين ===
يشمل حق التدين، ضمان حق كل إنسان في ممارسة شعائر دينه دون تضييق، وقد علّم المجمع الفاتيكاني الثاني: "لا يجوز للسلطات أن تستعمل القوة أو التخويف أو وسائل أخرى لتفرض على المواطنين المجاهرة بالديانة أو رذلها، أيًا كانت تلك الديانة، أو تمنع أحد من الانضمام لجماعة دينية أو تركها".<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.6</ref> التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ينصّ بأن جميع الناس ملزمون بالبحث في الأمور المتعلقة بالله، وبحكم الشريعة الإلهية هم يملكون الحق في اعتناق الحق الذين توصلوا إلى معرفته بضميرهم.<ref>التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، يوحنا بولس الثاني، روما 1988، فقرة. 748</ref> وقد علّم المجمع الفاتيكاني الثاني بأنّ "الكنيسة تأسف للتمييز في المعاملة بين "مؤمنين" و"غير مؤمنين"، الذي تقوم به بعض السلطات المدنية بطريقة ظالمة محتقرة حقوق الإنسان الأساسية".<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.113</ref>
== حقوق الجماعات ==
=== حماية البيئة ===
بوصف الأرض ملكًا لجميع البشر، فإن التلوث والتسلّح الضخم يقوّض أسس المستقبل، ويجعل البشرية المعاصرة "عدوة للأجيال القادمة، إذ يقوض حرية إنسان الغد"،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.11</ref> وقد نددت الكنيسة "بالإتئلاف الغبي للبيئة الطبيعية التي لا يعيرها الإنسان ما تسحق من الاهتمام"،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.36</ref> كذلك فقد نددت الكنيسة "بتسخير العلم والعالم لأغراض عسكرية" إذ "يوفر الحقد المضخم بالآيديولوجيات حرب شاملة نووية يمكن أن تنتهي بلا غالب ولا مغلوب في انتحار بشري شامل".<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.18</ref>
=== حماية المستضعفين ===
تعلّم الكنيسة الكاثوليكية بأنّ "المستضعفين في المجتمع هم أولى بالعناية من الآخرين، ورعايتهم ودعم السلطة"،<ref>العام المئة، مرجع سابق، فقرة.10</ref> ويشمل ذلك "المسنين والمرضى والمدمنين وجميع الذين لا يمكنهم أن يلقوا المساعدة الفعالة إلا عن طريق أناس لا يبذلون فقط العناية الضرورية بل دعمًا أخويًا خالصًا"،<ref>العام المئة، مرجع سابق، فقرة.48</ref> وقد نصّت وصايا الكنيسة: "أينما وجد أناس، يعدمون الأكل والشرب والكساء والمسكن أو يتألمون من نقص الدواء والعمل والتعليم ووسائل الحياة الإنسانية الحقة، أو يعذبون من جراء الأمراض، أو يتحملون النفي والسجن، فهناك يجب أن تبحث عنهم المحبة المسيحية، وأن تجدهم، وأنّ تعزّيهم بعناية نشيطة، وأن تفرّج عنهم بالمساعدات التي تقدمها لهم".<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.27</ref>
=== احترام حضارات الشعوب ===
إن تنوع الثقافات واللغات والأعراق البشريالبشرية، يدخل حسب التعاليم المسيحية ضمن "تصميم الخلق"، وهو وحده "يمكن أن يعكس جانبًا من غنى الله اللامحدود" كما يقول البابا بندكت السادس عشر. وبالتالي احترامه واجب، وإدانه ما يخرقه كالعنصرية ضد الزنوج أو ضد[[لاسامية|اللاسامية]] أيضد ديناليهود واجب أيضًا، إلى جانب محاربة أشكال التمييز الأخرى، لاسيّما ضد الأقليات والمهاجرين في مختلف المجتمعات، وما يُعرف "بالإتنوسنتريّة"، وهي "جنوح شعب ما للذور عن هويته بالطعن في هوية الآخرين، حتى لينكر عليهم ولو رمزيًا كما صفتهم البشرية".<ref name="ReferenceA">الكنيسة في مواجهة العنصرية، اللجنة الحبرية "عدالة وسلام"، روما 1988، منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان، ص.27</ref> في المقابل، فإن الثقافات والحضارات المتنوعة، مدعوة للانفتاح على بعضها البعض، "فإنّ انغلقت حضارة على ذاتها، وذابت في التمسك بأنماط معيشية بالية، ورفضت كل تبادل ومناظرة بشأن الحقيقة الإنسانية، أمست عقيمة وذهبت في طريق الانحطاط".<ref name="العام المئة، مرجع سابق، فقرة.50">العام المئة، مرجع سابق، فقرة.50</ref>
فقرة.10</ref> بكل الأحوال، فإنه لا يمكن النظر للحقوق الطبيعية بوصفها حقوقًا فردية مكتفية بذاتها، بل هي محدودة بالمجتمع والخيرات العامة للأفراد الآخرين،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.13</ref
== [[المسيحية]] والحقوق الطبيعية ==
▲تدعو الكنيسة المسيحيين للسعي لترسيخ الحقوق الطبيعية: "إن اللامساواة الجائرة وأشكال الإكراه المختلفة التي تطال اليوم ملايين من الرجال والنساء، تتنافى تنافيًا صريحًا مع إنجيل المسيح ومن شأنها ألا تدفع ضمير أي مسيحي مرتاحًا"،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.57</ref> ولا يسوغ للدولة أن تمنع هه الحقوق: "لأنّ الدولة وجدت لتحمي الحق الطبيعي لا لتهدمه، فإذا تعدّت الدولة على هذه الحقوق، فهي تتعدى على ذاتها".<ref>العام المئة، مرجع سابق، فقرة.18</ref>
=== احترام حضارات الشعوب ===
إن تنوع الثقافات واللغات والأعراق البشرية، يدخل حسب التعاليم المسيحية ضمن "تصميم الخلق"، وهو وحده "يمكن أن يعكس جانبًا من غنى الله اللامحدود" كما يقول البابا بندكت السادس عشر. وبالتالي احترامه واجب، وإدانه ما يخرقه كالعنصرية ضد الزنوج أو [[لاسامية|اللاسامية]] ضد اليهود واجب أيضًا، إلى جانب محاربة أشكال التمييز الأخرى، لاسيّما ضد الأقليات والمهاجرين في مختلف المجتمعات، وما يُعرف "بالإتنوسنتريّة"، وهي "جنوح شعب ما للذور عن هويته بالطعن في هوية الآخرين، حتى لينكر عليهم ولو رمزيًا كما صفتهم البشرية".<ref name="ReferenceA"/> في المقابل، فإن الثقافات والحضارات المتنوعة، مدعوة للانفتاح على بعضها البعض، "فإنّ انغلقت حضارة على ذاتها، وذابت في التمسك بأنماط معيشية بالية، ورفضت كل تبادل ومناظرة بشأن الحقيقة الإنسانية، أمست عقيمة وذهبت في طريق الانحطاط".<ref name="العام المئة، مرجع سابق، فقرة.50"/>
▲كما أكذت المسيحية على أهمية الملكية الخاصة ازدادت في أواخر [[القرن التاسع عشر]] بعد أن ظهرت مذاهب فكرية [[اشتراكية|كالاشتراكية]] التي تحظر الملكية الخاصة أو الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. دافعت الكنيسة ومذاهب فكرية أخرى عن حق الملكية الخاصة لكل إنسان: "إن الهدف المباشر الذي يسعى إليه العامل، هو أن يحصّل رزقًا يصبح خاصًا له ويمتلكه بنفسه، ...، فما ينتظره من عمله ليس الحق بالأجر فحسب بل الحق الملزم والقاطع أن يتصرف بأجره كما يشاء. فإذا استطاع أن يوفر بعضًا من مدخراته ليشتري بها حقل مثلاً، فمن البديهي أن هذا الحقل ليس سوى أجر العامل ذاته وقد تحول إلى شيء آخر".<ref>الشؤون الحديثة، رسالة عامة للبابا ليون الثالث عشر، 1891، بالنسخة الصادرة بالعربية عن حركة عدالة ومحبة، بيروت 1995، ص.83 فقرة.4</ref> وكذلك، فإنّ الملكية الخاصة تميّز الإنسان عن الحيوان: "يجب أن نعترف للإنسان، ليس فقط بالقدرة على استخدام الأشياء الخارجية، وهذا ما تشترك به كل الكائنات الحية، بل بالحق الثابت والدائم بامتلاكها، سواء ما سيتهلك بالاستعمال أو يبقى بعد استخدامه".<ref>الشؤون الحديثة، مرجع سابق، فقرة. 5</ref> بكل الأحوال، فإن بعض الخيرات ذات طبيعة لا تقبل البيع أو الشراء، وبالتالي فملكيتها يجب أن تكون عامة، يوحق للسلطة الشرعية أيضًا أن تحدد سقف الملكية في الحالات الخاصة.
=== حرية التدين ===
التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ينصّ بأن جميع الناس ملزمون بالبحث في الأمور المتعلقة بالله، وبحكم الشريعة الإلهية هم يملكون الحق في اعتناق الحق الذين توصلوا إلى معرفته بضميرهم.<ref>التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، يوحنا بولس الثاني، روما 1988، فقرة. 748</ref> وقد علّم المجمع الفاتيكاني الثاني بأنّ "الكنيسة تأسف للتمييز في المعاملة بين "مؤمنين" و"غير مؤمنين"، الذي تقوم به بعض السلطات المدنية بطريقة ظالمة محتقرة حقوق الإنسان الأساسية".<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.113</ref>
=== الزواج وتأسيس عائلة ===
الكنيسة تعلم بأنّ "الأسرة هي الخلية الأساسية الأولى للبيئة البشرية، وفيها يتلقى الإنسان المبادئ الحامسة والمتصلة بالحق والخير. ويتعلم معنى الحب، حب الآخرين له، وبالتالي يكون الإنسان في الواقع إنسانًا، ....، إنّ الأسرة هي «قدس أقداس الحياة»، و«هبة الله»، و«مهبط الحياة وحضنها اللائق»" كما قال يوحنا بولس الثاني.<ref>العام المئة، مرجع سابق، فقرة.39</ref>
=== حماية البيئة ===
وقد نددت الكنيسة "بالإتئلاف الغبي للبيئة الطبيعية التي لا يعيرها الإنسان ما تسحق من الاهتمام"،<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.36</ref> كذلك فقد نددت الكنيسة "بتسخير العلم والعالم لأغراض عسكرية" إذ "يوفر الحقد المضخم بالآيديولوجيات حرب شاملة نووية يمكن أن تنتهي بلا غالب ولا مغلوب في انتحار بشري شامل".<ref>الحرية المسيحية والتحرر، مرجع سابق، فقرة.18</ref>
=== حماية المستضعفين ===
وقد نصّت وصايا الكنيسة: "أينما وجد أناس، يعدمون الأكل والشرب والكساء والمسكن أو يتألمون من نقص الدواء والعمل والتعليم ووسائل الحياة الإنسانية الحقة، أو يعذبون من جراء الأمراض، أو يتحملون النفي والسجن، فهناك يجب أن تبحث عنهم المحبة المسيحية، وأن تجدهم، وأنّ تعزّيهم بعناية نشيطة، وأن تفرّج عنهم بالمساعدات التي تقدمها لهم".<ref>معجم المجمع الفاتيكاني الثاني، مرجع سابق، ص.27</ref>
== [[الفاشية]] والحقوق الطبيعية ==
[[الفاشية]] هي ذلك النظام الذي يحاول التدخل في حياة الفرد الخاصة متخذا كدافع لهذا اعتقاده بأن [[المجتمع]] هو المنطلق الأهم وليس الفرد, أي أن المجتمع هو منطلق القوانين وهو الخلية الأساسية. ويذهب بعضهم بعيدا معتقدا أن المعادل الطبيعي للمجتمع الإنساني هو القطيع أو السرب أو ما شابه. بالتالي يصبح الفرد في دول [[الأنظمة الفاشية]] أداةً لا تملك في الحقيقة إلا الحقوق الأولية (كحق التنفس مثلا). تُهدر في النظام الفاشي كل الحقوق الطبيعية إذ تحاول هذه الأنظمة بناء [[جوهر]] اجتماعي ذي لون واحد ولا تتورع في هذا عن محاولة كسر شوكة الفرد والتدخل قسرا في تشكيل جوهره ليتماشى مع فكرة النظام الذي يعتبر نفسه صاحب حق لأن هدفه في النهاية هدف سامي وشريف ألا وهو خير الجميع (كما يؤمن ويعتقد)، فينذوي الفرد وينطوي على نفسه في محاولاته حماية نفسه و غالبا مايصيير النفاق أهم وسائل [[التفاعل البشري الأفقي]] .
في أيام الأنظمة الفاشية الأخيرة لا تتورع السلطات التي تكون قد اندمجت في سلطة واحدة، عن إبعاد كل الأفراد المختلفين معها رأيا وعن حرمانهم حتى من الحقوق الأولية (كحق الحياة)
[[تصنيف:مفاهيم ميتافيزيقية]]
[[تصنيف:نظريات أخلاقية]]
[[تصنيف:نظريات القانون]]
{{وصلة مقالة مختارة|sv}}
| 