أبو بكر بن بلقاسم الحاج عيسى: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
سطر 8:
في [[تونس]] تلقَّى [[أبو بكر الحاج عيسى]] العلوم على جلَّةٍ منهم: الشيخ عبد العزيز جعيط ، والشيخ بلحسن النَّجَّار ، والشيخ عبد السلام التونسي ، والشيخ الهادي العلائي ، والشيخ محمد الزغواني ، والشيخ البشير النيفر ، والشيخ [[الطاهر بن عاشور]] ، وغير هؤلاء. ولم يكتف بدروس الجامع ، بل كان يحضر بـ«العطَّارين» محاضرات الأستاذ العربي الكبَّادي ، وبـ«الخلدونيَّة» محاضرات الأستاذ عثمان الكعَّاك ، وكان يُطالعُ لنفسه نفائس «المكتبة العبدليَّة» ، مثل: كتاب «المحصول» للفخر الرَّازي، وقد قرأه قراءةَ درسٍ وتحصيلٍ. وفي ربيع سنة 1937 م أنهى دراسته [[أبو بكر الحاج عيسى]] بتحصيلٍ وافرٍ وعلمٍ غزيرٍ ، وبمجرد عودته إلى [[الأغواط]] شرع في تعليمِ الطَّلبةِ الذين تجمهروا عليه في جامع الشيخ عبد القادر الجلالي (الكائن بشارع عبد الحميد بن باديس حاليًّا) ، وكان معه في التدريس بهذا المسجد رفيقُهُ الشيخ أحمد شطة.
== مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ==
بَلَغَ صيت الشيخ أبي بكر إلى الإمام [[عبد الحميد بن باديس|ابن باديس]] رائد النهضة العلميَّة والدِّينيَّة في الوطن الجزائري ، فأرسَلَ إليه ودَعاهُ ليكون بجانبه في [[قسنطينة]]: «يُشاركُ في إلقاء دروسٍ للطلبة وليتلقَّى دروسًا عليه أجلُّها درس التفسير والحديث و«الأمالي» لأبي علي القالي ودروس في مقدمة ابن خلدون ، ونُدِبَ لإلقاء دروسٍ بمدرسة التربية والتعليم ب[[قسنطينة]] التي كانت في بَدْءِ نهضتها». وفي ما يلي أول كلمة لـ«الشيخ أبي بكر» بمدرسة التربية والتعليم ب[[قسنطينة]]، وفيها أدبٌ رفيعٌ، وعبارة رائقة:
 
{{اقتباس خاص| بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على النبي الكريم ، السلام عليكم أيها الإخوة ، يجمُلُ بي ، وقد حللتُ محلَّ أستاذنا باديس في محادثته التي اعتاد –حفظه الله- أن يُسمعكم إيَّاها كلَّ يوم أحد، أن أعتذر إليكم أن حَرَمْتُكُم التَّذَوُّق إلى نفاسة معانيه وغوالي حكمه ومواعظه. هذه الليلة التي تستبطئون حلولها، وتودُّون بكل قلوبكم أن تشد نجومها بكل مغار الفتل حتى لا تفلت منكم فيفوتكم كل خير في الاستماع إلى داعية الخير والحق المخلص، فتستضيء نفوسكم بفضل شعاع إيمانه المقتنع النافذ إلى الأعماق؛ وتتزوَّدون من إخلاصه ما يطرد عنكم وسواس الشيطان ووحي البيئة الوبيئة كل الأسبوع، ثم أعتذر إليكم أنكم لا تسمعون منِّي جديدًا إن لم تمجُّوا حديثي وتملُّوه!.<br />
وخوفًا من أن تنتظروا هذا الحديث فيغلبني العِيُّ فلا تسمعوه، آثرت أن يكون هذا الحديث مكتوبًا ، إذْ لم أتعوَّد حديث الجماعات ولكل امرئٍ من دهره ما تعوَّدَا! على أن تبعة هذا الحرمان لا يَدَ لي فيها- وإنما أمرٌ من باعث الحركة ومغذِّيها ارتأى أن يحرمكم ويصلني، وما عسى أن يكون مقدار حرمان ليلةٍ في تكوين رجل! رأى تقاعسي في هذا المضمار وغلبة الحياء عليَّ في هذا الميدان فرماني بكم ورماكم بي كذلك فلا غبن ولا حيف. أراد أن يوجهني إلى هذه الناحية من نواحي الإصلاح الاجتماعي على منظرٍ منه ومسمعٍ حتى يسايرني في نزع هذا الوهم المتأصِّل منِّي. ولهذا التوجيه فوائده ونتائجه، ولا غَرْوَ فمثلُهُ مَنْ خَبَرَ أدواء الأمة وأدويتها، فلله هو من زعيمٍ ومن حكيم. وبعد فإنَّ كلمتي هذه إليكم ليست خطابًا ولا محاضرة، وإنما هي حديث مكتوب فحسبُ لإخوانٍ جمعتني وإياهم خدمة العربية ونشر الإسلام وتأييد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عملها الاجتماعي. ولا يكون هذا الحديث في تفسير آية أو شرح حديث، فإني أخجل من نفسي أن تسمع الأذن التي سمعت باديس يُفسِّر ويشرح، تفسيري أنا لآية أو شرحي لحديث، ولا أكتمكم أني حضرت دروس التفسير والحديث لأكابر العلماء بجامع الزيتونة، فما وجدت من يضاهي باديس في فهم سر القرآن والسنة والشريعة الإسلامية. وإنما يكون هذا الحديث في إنشاد بيتٍ عربي...<ref name="test"> «دعائم العزّ: في جمعية التربية والتعليم بقسنطينة» ، جريدة البصائر ، العدد 90 ، 6 شوال 1356 هـ/ 10 ديسمبر1937 م ، ص 4.</ref> }}
 
وبعد سنةٍ دراسيَّةٍ قضاها الشيخ [[أبو بكر الحاج عيسى]] في [[قسنطينة]] وبمدرسة التربية والتعليم، عَيَّنَهُ المجلس الإداري لجمعية العلماء رئيسًا لـ(المكتب العمالي) بالعاصمة لتنظيم وتأسيس شُعَب الجمعية في عمالة [[الجزائر]].<br />
قال الشيخ [[محمد البشير الإبراهيمي]] في التعريف بِهِ في حفلٌ كبيرٌ بمناسبة ختمِ الشيخ [[عبد الحميد بن باديس|ابن باديس]] لتفسير كتاب الله تعالى بعد خمسٍ وعشرين سنة من الدَّرس: «الأستاذ أبو بكر الأغواطي: شابٌّ أخذ عن الأستاذ [[مبارك الميلي|الميلي]] ثمَّ نزَحَ بإشارتِهِ إلى [[تونس]] في بعثةٍ إلى [[جامع الزيتونة]]. وهو الآن (أي: سنة(1938م)) يشغلُ مركزًا عمليًّا من مراكز جمعية العلماء لا يقومُ به إلاَّ المحنَّكُون»اهـ.<br />
 
وها هي خطبة الشيخ أبي بكر في الإحتفال المذكور:
{{اقتباس خاص| أيها السادة ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هكذا: حتى على عالم الأعمال يتعاقب الليل والنهار ليبليا ما جد منها وليسفيا عليها من رمال الإهمال والنسيان ركاما تغطي كبيرها وصغيرها ، ولكن هل تستطيع أيضا أن تغطي جليلها وخطيرها؟ إن الفلك الدوار وحارسيه الليل والنهار ، لا تستطيع أن تغطي إلا على ما يستحق في سنة الله التغطية. فأما الأعمال العتيدة فهي كالأعمال المشيدة ، تلح عليها العواصف بسوافيها ، فلا تضمرها ولا تخفيها ، كما ارتدت سافيات الرمل ورامسات القطر حسرى عن أهرام الجيزة وإيوان كسرى. <br />
إن في فضاء التاريخ أعلاما من الحق والنور لم يدركها الفناء بطمس ، ولم يغبرها الصفاء في رمس ، وما هي إلا أعمال رجال ملهمين مخلصين ، وضعوها لهداية الضالين وإرشاد الحائرين.<br />
والمحتفى به اليوم أستاذنا وأستاذ أساتذتنا عبد الحميد بن باديس ، هو من هؤلاء الرجال الذين يعملون الأعمال ، ويبنون الرجال ، ويحيون الأجيال ، فلا يقوى الدهر على إطفاء ما أشعلوا وإخفاء ما عملوا بحال...<ref name="te"> جريدة الشهاب ، م 4 ، ج4 ، ص 249-246.</ref> }}
 
== المراجع ==