الحكاية الفلسطينية: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
الرجوع عن 5 تعديلات معلقة إلى نسخة 8994378 من Freedom's Falcon
سطر 4:
 
أدرجت منظمة [[اليونسكو]] الحكاية الفلسطينية ضمن قائمة لعام [[2005]] لروائع [[التراث الثقافي اللامادي للإنسانية|التراث الثقافي اللامادي الإنساني]] بهدف المحافظة عليه وصيانته <ref>[http://www.unesco.org/culture/ich/index.php?pg=00011 القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لعام 2008]</ref>.
 
[[الحكاية الشعبية الفلسطينية]]
 
دراسة موجزة
يعد العديد من الباحثين والمعنيين بالتراث وتصنيفه أن وظيفة الحكاية الشعبية هي التعويض عن عدم مقدرة الإنسان على تحقيق رغبات معينة كان من الصعب عليه تحقيقها. والحكاية الشعبية الفلسطينية ليست بمعزل عن هذا التفسير. ولذلك فإننا نرى في القصص الشعبي الفلسطيني تعويضاً عن الجوع وعن العجز أمام المرض العضال، وعن الانسحاق أمام المضطهد، فنجد في ثنايا الحكايات الحطاب الفقير وقد حصل بطريق الصدفة على «باطية»(1) يمتلىء بالطعام بمجرد دعوته لذلك. ونجد الأعمى وقد جلس تحت شجرة فأرسلت له العناية الإلهية حمامتين تتحادثان وتقول الأولى للثانية أن الأعمى إذا تكحل بريشي من دمك فسيبرأ، ويسرع الأعمى الملهوف على مداواة نفسه بالطريقة الرائعة التي هبطت عليه من السماء ويبرأ. أما الشاب الفقير المضطهد والذي أهمله الناس وأهدروا حقوقه يجد خادماً ذا قوة خارقة يعينه على أن يبرز نفسه وينال إعجاب الجميع بتقحيقه للمعجزات أو بقضائه على مضطهديه.
وفي الحكاية الشعبية أيضاً نجد المغزى الأخلاقي أو المعنى الفلسفي أو النمط السلوكي المفضل يبرز ويطفو فوق الأحداث. ويمكن للباحث أن يلاحظ دون أدنى عناء كيف أن مغزى الحكاية أو دلالة الأسطورة يبرزان حتى من عنوانها ولا تخلو حكاية مهما صغر حجمها أو قل تداولها من نقد لجانب معين من جوانب الحياة الاجتماعية إما بإبرازه في صورة بشعة أو في صورة مشرقة حتى الحكايات الخفيفة التي تتخذ التفكه طابعاً لها نجد أنها تقصد من وراء الفكاهة نقداً لاذعاً.. وهذا يدعو إلى الاعتقاد بأن الأدب الشعبي ملتزم بالضرورة.
وتتفق جميع الحكايات في أن نهاياتها تكون مفرحة ومعروفة في الوقت نفسه، فالبطل يواجه صعوبات أسطورية ومشقات فظيعة يتغلب عليها دائماً ويحقق أهدافه كافة ومنها في أغلب الأحيان زواجه بالمرأة الحسناء وامتلاكه الكنوز والأموال الطائلة. وليس مما يقلل من قيمة الحكاية أن تكون ذات نهاية معروفة سلفاً لأن العقدة الفنية غالباً ما تقوم على الطريقة العبقرية التي يتبعها البطل في التغلب على الإشكالات والمصاعب التي تواجهه.
عند الحديث عن الحكاية الشعبية في فلسطين، يستطيع الباحث أن يلاحظ أن المجتمعات الفلسطينية التي استوطنت المخيمات والمدن خارج أرض فلسطين أنها تمثل الأشكال المختلفة لبيئاتنا في فلسطين قبل نزوحها عامي 1948 و1967، تمثل قرانا الريفية هناك، وتمثل المدن، وتمثل البداوة، وذلك لأن كل شخص في المجتمع لا يستطيع أن يخرج عن معارفه المتوارثة، أوعاداته المتبعة، أو فنونه الأدبية والمادية، وأكثر ما يبدو ذلك، ولو جحده البعض، في لحظات التوتر العصبي والنفسي، وفي مناسبات الأفراح والأحزان.
فأهل الريف الفلسطيني محافظون على المظاهر الفولكلورية المختلفة والتي تتضح في المساكن والأزياء والعادات وتتضح كذلك في الأغنية والحكاية والمعتقدات، ولكن محافظتهم هذه كانت أشد ما تكون قبل أن ينزحوا من ديارهم ذات الطابع الريفي المستقر، فلما كانت النكبة والتشرد تجمعوا -فلاحين وحضراً- تحت خيام وبطانيات، ثم لم يلبثوا مع السنين أن اتخذوا شكل مجتمع جديد في مخيم لا هو بالمجتمع الزراعي ولا بالمدني، ومن سكن من اللاجئين في المدن، وهم قلة، اتخذوا طابع هذه المدن، ومن سكن في القرى، في الضفة الغربية والشرقية، وهم الأقل، حافظوا على طابعهم إلى حد ما.
ولذا فنحن حينما نقول الريف الفلسطيني فإنما نعني قبل النكبة، إذ أننا نجد أبناءه اليوم قد صاروا أقرب إلى جو المدينة والحضارة العصرية التي دخلت إلى كل بيت تقريباً وفي ألوان كسب الرزق.
فأبناء ذلك الريف، يرجعون اليوم أصداءه، ويبعثونه حياً من خلال الحكاية التي لا يزالون يتداولونها بتلذذ وذكرى للجو الذي كانوا قد سمعوها فيه أول مرة وتناقلوها، أباً عن جد.
ويغلب على تلك الحكايات كثرة وود العنصر الخرافي والأسطوري في أجواء الحكايات، وذلك للخروج من الواقع كما تم الإشارة سابقاً.
ومع مجتمع الريف ومجتمع المدن، يجد الباحث أن مجتمع البادية يشارك في حمل الحكاية الشعبية ونقلها عبر الزمن إلى الأجيال، أن بدو بئر السبع وبدو السهل الساحلي الشمالي من فلسطين، وبدو منطقة بيت لحم والخليل، وبدو الأغوار تحفل مجالس السمر عندهم بالسواليف (الحكايات) التي غالباً ما يقصها شاعر بربابة. حيث يجمع فيها بين القص النثري وما تجيش به عواطف الأشخاص من مقطوعات شعرية، حينما يتحلق حوله في شق الشيخ، مجموعة من الأعراب وتدور القهوة المرة (السادة)، فيأخذ في تحديثهم بغرائب الغزوات وما تم فيها بين القبائل المتجاورة من عدوان ونهب وسلب ورد وسلب، وما فيها من مغامرات قام بها غالباً أبناء شيوخ القبائل، حينما يقع الواحد منهم في حب ابنة شيخ أو قبيلة أخرى، معادية لأبيه، ذلك أن أغلب الحكايات في مجتمع البادية تدور حول هذين الموضوعين الرئيسيين: الفروسية والحب.
أما مادتها فغالباً من التاريخ الواقعي الذي يرويه شيوخ القبيلة لشبابها، إذ تراهم يذكرون أشخاصاً بعينهم ويحدثون عنهم، ويلاحظ أيضاً أن حكاياتهم تكاد تخلو من العنصر الخرافي والأسطوري، وتفيض أحاديث البادية حتى تصل إلى تجمعات الناس في القرى وفي المدن، فقد كان قسم كبير من الحكايات التي جمعتها من أهل الريف في مجتمعاتنا تتلذذ بحكايات أهل البادية، فحكاية منصور، وحكاية عبيد الطوال، وحكاية عنزات الطنيب، وحكاية سالم أبو سبيله كلها تفوح برائحة البادية.
أما سبب هذه الكثرة من حكايات البادية في جو المجتمع الريفي، فقد يكون راجعاً للتفاعل المشتمر بين البئتين، وفي أن البادية تنداح على أطراف الريف، أو تقرب عهد الفلاحين بالبداوة وعاداتها، أو لتأثر الناس بتغريبة بني هلال وقصص أبو زيد وهي تمثل الحياة البدوية بأجلى مظاهرها.
وتخلو حكايات البادية من العنصر الخرافي والأسطوري، ويرجع العديد من الباحثين ذلك إلى انشغال هؤلاء الأعراب بأنفسهم وبأخبار غزواتهم وقبائلهم وابلهم والمياه والمراعي التي عليها ينزلون بين الحين والحين وعليها يقتتلون، وينتج عن ذلك أن يصبحوا مجتمعاً منغلقاً على نفسه، يوصد دون الحكاية العالمية أبواب خيامه، رغم أنهم لا يعترفون بالحدود السياسية بين الدول.
ويلمس المطلع على الحكايات الشعبية الفلسطينية أثر من آثار اللجوء والنزوح من الوطن الأصلي إلى وطن جديد، فتجد ذكرى الوطن المغتصب والمحتل تعطر أجواء الحكاية، سواء بالدعاء إلى الله (أن يعيدنا إلى بلادنا سالمين) كما نذكر كثير من جداتنا في بدايات الحكايات ونهاياتها، أو بضرب أمثلة على المسافات في الحكاية من واقع الأرض العربية المغتصبة، فتقول كالمسافة بين يافا والقدس أو يافا وحيفا، أو القرية الفلانية والفلانية، أو بصب اللعنات على اليهود الصهاينة إن ورد ذكر ساحر يهودي أو تاجر، أو ببعض الحكايات التي تحمل مضموناً سياسياً يتخذ موقفاً من المحتل أو مضموناً ثورياً يعيد إلى الأذهان بطولات ثوار سنة 1936 أو 1939.
أصول الحكاية الشعبية في المجتمع الفلسطيني
الحكاية الشعبية في المجتمع الفلسطيني، كأية حكاية شعبية في المجتمعات الأخرى، ترجع إلى أصول عالمية مشتركة ورثتها الأجيال عن الأمم البدائية ومعتقداتها الدينية الفطرية بما فيها من أساطير وديانات قديمة جداً قائمة على الخرافات، وترجع أيضاً إلى عوامل محلية إقليمية من أثر البيئة المكانية والزمانية التي تؤثر فيها تأثيراً بيناً، بما ينشأ عندالناس من مواقف معينة تجاه حياتهم الواقعية وما يحيط بهم من ظروف وتحديات.
فمن أصول الحكاية في مجتمعنا الفلسطيني الديانات البدائية القديمة التي خلقت الحكاية منذ القديم وظلت إلى اليوم تشكل عنصراً منها، وظل الشعب يتناقلها ويؤمن بها، وهو يدرك خرافيتها ويجريها على الألسنة من أجل ملء الفراغ والتسلية.
وقد يجد الباحث في الحكاية الشعبية في مجتمعنا، كما هي في أي مجتمع أمثلة وافرة لغرائب الحياة اليومية وغرائب الإنسان العادي، سواء في الإفراط في الذكاء أو في الإفراط في الغباء.
فإذا بحثنا عن أصول هذه الحكايات التي تبحث في أحداث وقعت فعلاً، وتدور حول أشخاص إن لم يكونوا قد وجدوا فإنهم نماذج بشرية، وتعالج المشكلات الحياتية التي يحياها الناس إذا بحثنا عن أصولها وجدنا أنها مواقف هؤلاء الناس من أحوالهم الاجتماعية والسياسية والفكرية.
فالناحية الاجتماعية هي التي تطلعنا فيها الحكاية على قيم الشعب ومثله في مجتمعات البادية والريف والمدن كل على حده، وهي التي تحدثنا عن تقاليد البدو في استقبال الضيف وفي شرب القهوة والقيام بتجهيزها وفي الغزو والنهب ورد السلب، وفي العلاقات العاطفية بن ابنة الشيخ وابن شيخ قبيلة أخرى فيكون بينهما الحرب أو الحلف، وهي التي تعرض علينا البيئة الزراعية في الريف وما يقوم به الفلاحون في أراضيهم من زراعة وحراثة وحصاد ينفقون عليه أحاديثهم، وأسمارهم وأعمارهم، وعن المضافات وفك الخصومات وعن حدود الشرف والأخلاق، وعن تقاليد الأعراس ومقاييس الزواج وطقوس الأفراح والوفيات، وهي التي تدخلنا إلى متاجر التجار في المدن وتعرض علينا ألوان التجارة التي أُتي بها من الشام أو من مصر أو من بغداد، تحدثنا الحكاية عن كل هذه البيئات وقد صدرت عن ضمير الشعب لذلك فإنه يرضى إذا عوقبت الأم بالحرق والقتل إذا ارتكبت جريمة الزنى، ويفرح في الوقت نفسه إذا أنصفت المظلومة المقطعة اليدين مثلاً فأعادها زوجها بعد وعودته إلى بيته وإكرامه، إن الحكاية ترسم الحدود الاجتماعية بدقة متناهية.
ومن الناحية السياسية فإن الحكاية حافلة بدفاع القبيلة عن حماها بالنفس والنفيس، وحافلة بقص بطولات وطنية بولغ فيها فألبسها الخيال ثوباً زاهياً يزيد عن الحقيقة، وقد تعدد الوطن في الحكاية وكثيراً ما قيل «هاذي عادتنا في بلادنا» أو قيل «البلاد طلبت أهلها»، وكذلك فإن بطل الحكاية مهما طال اغترابه يعود إلى وطنه، ولا يقبل أن تعقد له حفلات الأفراح قبل أن يعود، وهي حافلة أيضاً بصور اعتزاز القوم بتماسكهم والتفافهم حول زعمائهم وقد يلاحظ الباحث أن عناصر حديثة قد دخلت الحكاية ذات علاقة بالتجمع من أجل مقاومة الأعداء في الدين أو في الأرض وغير ذلك.
والمواقف الفكرية في الأمة بارزة في الحكاية، فالبطل غالباً شاب ذكي يخرج من المآزق منتصراً، ولا يضيره أن يتعاون مع الخوارق، إذ يحتاج مع ذلك إلى مهارة ودهاء ويحتاج إلى شجاعة وإقدام قد لا تتوفر عند الكثيرين، والحكاية لا تخفي علينا إكبارها للعلم والعلماء حتى ترفعهم أحياناً على درجات الحكم والسياسة، وهي تستمد مواقفها الفكرية غالباً من الدين فتفق واعظة مرشدة، وتستعين على ذلك بالقيم الروحية العليا التي استمدتها من الدين ومن التقاليد العربية العريقة في حب الخير، وحب العدل، وإغاثة الملهوف، ووجوب انتصار الحق على الباطل إلى غير ذلك من المواقف التي تجد لها صدى لدى عامة الشعب.
وعند النظر إلى هذه التعريفات للحكاية نستنتج فيها عناصر: الأقدمية، الدوران حول أحداث أو أشخاص، صانعها خيال الشعب، والرواية الشفوية سبيل البقاء، بجزئيات تظل تتداول، وتصدق على أنها حقائق رغم خروجها على الحقيقة العلمية أحياناً، وهذا تقريباً ما لاحظه العديد من الباحثين في خصائصها من: العراقة، والمرونة، وحرية الرواية الشفوية بالزيادة والحذف عبر العصور والبيئات.
إنها كما تبين، تدور حول الموضوع وعن الحدث دون تركيز شديد على الأشخاص، أي أن الحكاية تدعو لغايتها كل الناس ولا يهمها شخص بعينه، والتجربة هي التي تناول التركيز في اهتمام الحكاية واستطالة الحدث هي التي تطيل حجم الحكاية.
وفيما يتصل ببطل الحكاية الشعبية فإنه قد يدخل تجارب خاصة ويكون فيها مدفوعاً برغبة اكتشاف مجهول، حتى إذا ما انتهت التجربة عاد لواقع الحياة والناس الذين يعيش بينهم، وهم ذوو مواهب متميزة، ولا يتلقون مساعدات من قوى خفية أوغيرها.
كما أن مهمة البطل الشعبي الكشف عن الطريق المؤدي إلى النجاح وإن كان وعراً، وفي هذا الطريق تعترضه العقوبات وتصادفه القوى الشريرة ولكنه من جهة أخرى تعاونه قوى خيرة على تحطيم تلك العقبات. ومثل هذا البطل يظهر بصورة متعددة في القصص الشعبي في مجموعة: فهو شخص واقعي في الحكاية الشعبية، وهو مغامر خيالي في الحكاية الخرافية والأسطورة.
إن المصدرالأول والآخر لفكرة البطولة يرجع إلى إعجاب الشعب بفكرة البطل. فالحياة بجوانبها المختلفة لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بفضل عناصر بطولية تغلبت على الشر وتغلبت على عناصر الضعف والنقص حتى شارفت الكمال. ومن هنا كانت الأساطير مليئة بعناصر البطولة، بطولة الآلهة الذين أخذوا يتصارعون حتى استقر الكون على ما هوعليه، ومن هنا نشأت فكرة الإنسان الإلهي، ذلك الذي استطاع بصفات بطولية وروحية أن يطوع الطبيعة وفق رغبته أو يشاركها قوتها، إن كيان هذا الإنسان يتصل اتصالاً وثيقاً بإيقاع الحياة وانسجامها حتى أن لمسة من يده أو ايماءة من رأسه كفيلة بأن تحدث الخوارق.
لقد تصور الشعب بطله مخلوقاً غير عادي فأخذ بصنع الأساطير، وأخذ بصور حياته من يوم ولادته إلى يوم وفاته تصويراً فيه من الخيال الشيءالكثير، ثم أخذ كذلك يصنع حول شخصه الأناشيد والأغاني، وما لبث كل ذلك أن تجمع وكون القصص والملاحم. وربما كان شخص هذا البطل غريباً عن الشعب لم يعش حياته بين أبنائه ولكنه يكفي أن يكون قد سمع عن غرابة أعماله الشيء الكثير حتى يمجده كما لو كان قد عاش بين أبنائه، إن ذلك هو صدى لما يسمعه الشعب عن الأبطال الذين أمعنوا في صراع دائم مع الآخرين بقصد الاستحواذ على الثروة والمال أو التوسع. وتسلط الحكاية الشعبية الأضواء على الأبطال وحدهم ولا ترينا الآخرين في بيئتهم إلا بمقدار خدمة هؤلاء للأحداث. وقد لاتذكر الحكاية أسماء الأبطال بل تشير إليهم هكذا: الولد والأم والعجوز والأب.. وتوضح ذلك المقطع من حكاية صحيح لا تكسري (صاروا لما يقعدوا يوكلوا إذا ابن العجوز قاعد العجوز ما تحكي ولا اشي. وإذاالولد بره بعد ما توكل العجوز هي وكنتها اكم لقمة تظب الأكل وتقول.. الخ). وبذلك نلاحظ أن الأبطال هم نماذج بشرية وليسوا شخصيات بعينها، إنهم ابن العجوز والعجوز والكنة، وهكذا فإنهم نماذج أكثر من كونهم أبطالاً لهم ملامح معينة ومكونات خاصة لشخصيتهم، نماذج يمكن أن يكونوا في هذه القرية أو تلك أو في هذا الجيل أو ذلك. وفي حكايات أخرى قد يذكر اسم البطل الرئيسي في حكاية مثل الشاطر محمد أو الشاطر حسن. ويبقى الآخرون نماذج بشرية تحمل صفات: نجار أو سلطان أو شيخ... الخ. وهكذا فإن الحكاية لا تحدثنا عن بطل صنعه خيال رواية وأضفى عليه ملامح خاصة بل إنها تتناول بكل بساطة النماذج البشرية الموجودة في البيئة المعاشة.
وقد يوصف البطل بصفة بارزة فيه مثل نص انصيص أو اقريعون أو السلطان الأعور. ونرى الحكاية الشعبية تركز على هذه الشخصيات تركيزاً كبيراً تهدف من ورائه إلى تحقيق مقولة شعبية واسعة الانتشار تلك المقولة التي مؤداها أن الإنسان الكامل ليست لديه من الدوافع الخاصة ما يؤهله لأن يكون بطلاً. لكن حسنات الأحوال المعاكسة عند الأعور والأكتع والإنسان الناقص.. الخ تخلق لدى كل منهم قدرات خارقة ترفعه إلى مصاف الأبطال.
ويجدر بنا أن نلاحظ أن الحكاية الشعبية لا تعقد لواء البطولة إلا لأولئك الأشخاص الذين تجابههم صعوبات معينة، فابنة المرأة المتوفاة تفوز بالكنز وزواج الأمير، في حين تفشل ابنة المرأة المسيطرة على البيت. وفي حين يفشل الأخوة راكبوا الخيول الأصيلة في الهرب والنجاة من مطاردة الغولة برغم فروسيتهم والشعير المجسك والمسك(2) الذي يقدم لها نجد أن أخاهم المعوق «نص انصيص» يفلح في الهرب بفضل عنزته التي يمتطيها عادة والتي تأكل «النخالة الطايرة»(3) ويتمكن نص انصيص من أن يردف أخوته وراءه على العنزة ويصل بهم إلى دار النجاة. ومن السهل أن نستكشف وراء مثل هذه المقولة أحلام المسحوقين وتطلعاتهم إلى الوصول إلى مستوى الأبطال والفرسان وأصحاب الحظ والثراء. وليست هناك وسيلة أفضل من صب كل تلك الأحاسيس المكبوتة في قلب الحكاية الشعبية.
 
 
==إشارات مرجعية==
{{ثبت_المراجع}}
{{مراجع}}
 
{{الروائع العربية ضمن التراث الثقافي اللامادي الإنساني}}
{{بوابة الثقافة}}
{{شريط بوابات|ثقافة|فلسطين}}
 
{{بذرة ثقافة}}
{{بوابة فلسطين}}
 
[[تصنيف:روائع التراث الشفهي اللاماديوغير المادي للإنسانية]]
[[تصنيف:تراثالتراث شعبيالشعبي فلسطينيالفلسطيني]]