سارق الكحل (كتاب): الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][مراجعة غير مفحوصة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 37:
هي أول [[قصة قصيرة]] فالمجموعة القصصية. يحيط بهذه القصة الغموض والغرابة؛حيث يشعر القارئ فالبداية بأنه تائه بين سطور هذه القصة الغريبة. قسّم [[يحيي حقي]] قصة "كأن" إلى خمسة أفكار أو مشاهد، و التي قد تبدو للقارئ غير مترابطة فالبداية، وتزيد لديه الإحساس بالضياع في أحداث القصة إلا أن الخمسة مشاهد يمهد أحدها إلى الآخر و يصنعون سويًا صورة متكاملة.
 
=== نبذة ===
تبدأ القصة بوصف كيف أن الراوي ساقه قدر غريب إلى الإهتمام بقضية مجرم ما، ولا تفصح القصة عن ماهية جريمته إلا قرابة النهاية. يتبع الراوي حدسه و يذهب إلى محاكمة هذا المجرم الذي لا يعرفه ولكن شيئا غريبا ربط بينهما، و وصف الكاتب هذا الرابط ب"الحبل" الذي يشده ليلتحم مع هذا المجرم ويشاركه ماضيه وما بقي من مستقبله. من هذه النقطة تأخذ القصة منحنًا آخر؛ حيث يتوحد الراوي والمجرم فيكشف لنا الراوي أغوار شخصية المجرم وأحاسيسه الدفينة. فالبداية يوضح مشاعره و هو يدرك إقتراب النهاية ثم ماضيه بدءً من طفولته ومشاعره المتخبطة آن ذاك، إلى صباه ونشأته غير السوية، إنتهاء بإرتكاب جريمته الأولى.كما يقدم يحيي حقي وصفًا دقيقا لمكان الحدث والأزياء وملامح الشخصيات الجسدية والنفسية على حد سواء.
 
=== المحتوى الفكري ===
رغم غرابة القصة إلا أن الكاتب نجح في التطرق إلى العديد من قضايا المجتمع آن ذاك، والتي لا يزال يعاني المجتمع من بعضها حتى الآن. لم يقم يحيي حقي بعرض القضايا بوضوع وكأنه يكتب مقالة، بل عن طريق براعته الأدبية فالمزج يبن الفن القصصي و المحتوى الفكري. فقد وظف أحداث القصة لتعكس قضايا المجتمع وعاداته.فحين وصف نشأة المجرم في حي "زينهم" وصف الكاتب الحي كمكان و عادات سكانه من النساء والرجال والأطفال، كما وصف [[الألعاب]] التي يلعبها [[الأطفال]] فالحي - عسكر وحرامية - و في هذا الصدد وضح أن المجرم كان يفضل لعب دور "الحرامي" حيث اعتاد ان يرى الحرامية يكدون من أجل العيش بينما حياة [[الشرطة]] سهلة. و لعل [[يحيي حقي]] حاول هنا عكس [[فساد]] المجتمع في تذليل الحياة أمام ظباط الشرطة بصورة خارجة عن المعتاد مقارنة بغيرهم من [[الوظائف]]. كما نوه الكاتب إلى أهمية هذه النشأة في هذا المكان بعاداته وتقاليده فالتأثير على [[شخصية]] المجرم ومعتقداته، فقد أصبح خشنًا يستلذ بسماع أقذع الألفاظ، بل و أصبح يملك صورة مشوهة في عقله عن [[النساء]]؛ فعلى عكس الإيمان بأن المرأة مصدر للحنان والرحمة مصبوغة بالرقة والدلال، إقترنت صورة [[المرأة]] عنده مع صورة نساء حي "زينهم" بخشونتهن و صلابتهن والقسوة والشجاعة. لم يقف تأثير حي "زينهم" عند هذا الحد، بل ساهم في تشكيل [[ميول جنسية]] غير سوية عنده. عبر يحيي حقي عن هذه الفكرة عندما وضح أن الجنس إقترن عنده مع القسوة والقبض على [[العنق]] بشدة.
 
السطر 45 ⟵ 47:
ولعل يحيي حقي إستخدم هذا الحي وهذه [[الأسرة]] لكي يشير إلى كل الأحياء الفقيرة و[[العشوائيات]] وكيف يكبر الأشخاص هناك بطبيعة مغايرة لما ينبغي أن يكونوا عليه. فالنساء قاسيات وقدوة الأطفال الحرامية والأباء قساة وكذلك الأمهات. رسم يحيي حقي صورة مخيفة للقارئ المثقف الذي لم يعش حياة تقارب لتلك الحياة على الإطلاق، ولعله في ذلك أراد أن ينهض أحد الساسة أو المثقفون ليهتم بمنع صناعة مجرم في حي "زينهم" آخر أو في كهف ب "التل" جديد، بدلاً من [[إعدام]] المجرم وترك العشرات يكبرون.
 
=== اللغة والأسلوب الأدبي ===
بالإضافة إلى المحتوى الفكري القيم، قدم يحيي حقي قدرًا عاليا من التمكن الأدبي من حيث اللغة وتطور الأحداث. خلال القراءة يصتدم القارئ ب[[الصور]] البيانية الغريبة والتي إستوحاها الكاتب من [[البيئة]] الفقيرة، تلك الصور التي عززت إحساس القارئ بالغرق في غياهب [[قصة]] غامضة، كما أن الكاتب وظّف الألفاظ [[العامية]] ليعكس الحياة اليومية والعادات بل وأيضًا المشاعر الغريبة التي تعتمر في نفوس الشخصيات. أما مهارات [[يحيي حقي]] في تسلسل الأحداث فقد تجلت عند نهاية القصة، حيث كل لفظ وصورة وحدث كان كقطعة [[الأحجية]] التي يجمعها القارئ ليتشكل عنده فالنهاية صورة كاملة، غير أن الصورة كانت مظلمة وحزينة وتعكس [[واقع]] مخيف ومظلم لا يعرفه الكثيرون.<ref>سارق الكحل، قصة كأن، من صفحة 9 إلى 38</ref>