جان دارك: الفرق بين النسختين
[نسخة منشورة] | [نسخة منشورة] |
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
طلا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر 27:
== خلفية ==
تصف المؤرخة كيلي دايفرس الفترة التي سبقت ظهور جان دارك : "إذا كان
عانى [[شارل السادس ملك فرنسا|شارل السادس]] ملك فرنسا في ذلك الحين من نوبات من الجنون،<ref>{{cite web |url=http://www.history.ac.uk/richardII/charlesVI.html |title=Charles VI |publisher=Institute of Historical Research | }}</ref> وكان عاجزاً عن تولي شؤون الحكم في غالب الأحيان.
استغل [[هنري الخامس ملك إنجلترا]] هذه الإضطرابات في غزو فرنسا، وانتصر انتصاراً حاسماً في [[معركة أجينكور]] عام 1415، ليتمكن بذلك من السيطرة على العديد من المدن الواقعة في شمال فرنسا.<ref>DeVries, pp. 15–19.</ref> أصبح الملك المستقبلي [[شارل السابع ملك فرنسا|شارل السابع]] [[ولي العهد]] وهو في الرابعة عشر من عمره بعدما توفي أشقاؤه الأربعة الكبار.<ref>Pernoud and Clin, p. 167.</ref>كانت أول أعمال شارل الهامة
في عام 1420، وقعت الملكة إيزابو زوجة شارل السادس معاهدة [[تروا]] التي منحت حق خلافة العرش الفرنسي ل[[هنري الخامس ملك إنجلترا|هنري الخامس]] وورثته بدلاً من ابنها شارل. أعادت هذه الإتفاقية الإشاعات التي تقول بأن الملكة كانت على علاقة غرامية مع لويس دوق أورليان، مما أثار الشكوك حول كون شارل السابع ابناً غير شرعي وليس ابن الملك.<ref>Pernoud and Clin, pp. 188–189.</ref> توفي هنري الخامس وشارل السادس في غضون شهرين عام 1422، ليصبح [[هنري السادس ملك إنجلترا|هنري السادس]] -الذي كان ما يزال طفلاً رضيعاً- ملكاً على كل من المملكتين، بينما كان عمه جون دوق بدفورد الوصي على الحكم.<ref>DeVries, pp. 24, 26.</ref>
بحلول عام 1429، كانت جميع الأجزاء الشمالية من فرنسا تقريباً وبعض أجزاء جنوب غرب البلاد واقعةً تحت السيطرة الأجنبية. إذ سيطر الإنجليز على [[باريس]] و[[روان]]، بينما سيطر البورغنديون على [[ريمس]] التي كانت الموقع التقليدي لتتويج [[قائمة ملوك فرنسا|ملوك فرنسا]]. فرض الإنجليز الحصار على أورليان،
== حياتها ==
[[ملف:Jeannedarcbirthplace.jpg|thumb|مكان ميلاد جان دارك هو متحف في الوقت الحاضر.]]
جان دارك هي ابنة جاك دارك وإيزابيل روميه.<ref>Jacques d'Arc (1380–1440) was a farmer in Domremy who held the post of ''doyen'' – a local tax-collector and organizer of village defenses. He married Isabelle de Vouthon (1387–1468), called Romée, in 1405. Their other children were Jacquemin, Jean, Pierre and Catherine. Charles VII ennobled Jacques and Isabelle's family on 29 December 1429; the Chamber of Accounts registered the family's designation to nobility on 20 January 1430. The grant permitted the family to change their surname to du Lys.</ref> كان والداها يعملان ب[[الفلاحة]] في [[قرية]] صغيرة تُدعى دومريميه الواقعة آنذاك في [[دوقية]] بار، أو ما يُعرف حالياً بإقليم [[فوج (إقليم فرنسي)|فوج]] في [[لورين (منطقة)|منطقة لورين]] غرب [[نهر الميز]]، في حين كان الجزء الآخر من الدوقية (شرق النهر) تابعاً [[الإمبراطورية الرومانية المقدسة|للإمبراطورية الرومانية المقدسة]]. سُمّيت قرية دومريميه بعد انضمام دوقية بار إلى منطقة لورين باسم (''Domrémy-la-Pucelle'') تكريماً لجان دارك.<ref>Condemnation trial, p. 37.[http://www.fordham.edu/halsall/basis/joanofarc-trial.html].</ref> كان لوالدا جان ما يقارب العشرين [[هكتار|هكتاراً]] من الأراضي الزراعية، وكان والدها، بالإضافة إلى عمله بالمزرعة، بمثابة المسؤول عن
قالت جان دارك أثناء محاكمتها أنّ عمرها كان 19 عاماً، مما يعني أنها ولدت في حوالي عام 1412. كما
عندما بلغت السادسة عشرة من عمرها، طلبت جان دارك من أحد أقربائها -دوران لاسوا-
=== بزوغها ===
سطر 52:
{{Legend-line|red dotted 2px|الهجوم الإنجليزي عام 1415}}
{{Legend-line|white dotted 2px|رحلة جان دارك من دومريميه إلى شينو}}
{{Legend-line|blue dotted 2px|رحلة جان دارك إلى [[ريمس]] عام 1429}}]]منح روبِر دو بودريكور جان دارك فرصة مرافقته لشينو بعد سماعه لخبر
{{اقتباس2|بعد سنوات من الهزائم المذلّة المتتالية، أصاب الإحباط كلاً من القيادة العسكرية والمدنية في فرنسا وأفقدها مصداقيتها. وعندما طلب شارل من جان دارك الإستعداد [[حرب|للحرب]] ووضعها على رأس ال[[جيش]]، كان خياره مستنداً إلى حقيقة أن كل حل عقلاني قد حُكم عليه بالفشل. ولم يكن لجيش أن يلتفت إلى فتاة فلاحة [[أمية|أميّة]] تزعم بأن صوتاً من [[الله]] يرشدها لقيادة جيش بلادها إلّا إن كان هذا الجيش قد وصل إلى أعلى درجات اليأس.}}
[[ملف:Joan of Arc on horseback.png|تصغير|يمين|جان دارك على صهوة جوادها. رسمة من مخطوطة تعود لعام 1505.]]
قلبت جان الصراع الإنجليزي الفرنسي الطويل [[حرب دينية|حرباً دينيةً]] فور وصولها.<ref name="Vale, M.G.A. 1974, p. 55">Vale, M.G.A., 'Charles VII', 1974, p. 55.</ref> كان مستشارو شارل قلقين من أن تكون جان [[زندقة|زنديقة]] أو [[شعوذة|مشعوذة]] مما يعطي الفرصة للأعداء للقول بأن مملكة شارل هي هدية له من [[الشيطان في المسيحية|الشيطان]]. وفي سبيل التخلص من هذه الاحتماليّة، أمر شارل بإرسال فرقة تحقيقات ولجنة اختبار [[علم اللاهوت|لاهوتية]]
وصلت جان إلى أورليان في 29 أبريل 1429، لكن جان دو دنوا القائم بمهام رئيس الأسرة الدوقيّة استبعدها في البداية من مجالس الحرب ولم يبلغها عندما اشتبكت قواتهم مع الأعداء.<ref>Histories and fictional works often refer to this man by other names. Some call him count of Dunois in reference to a title he received years after Joan's death. During her lifetime he preferred Bastard of Orléans, which his contemporaries understood as an honor because it described him as a first cousin of King Charles VII. That name often confuses modern readers because "bastard" has become a popular insult. "Jean d'Orleans" is less precise but not anachronistic. For a short biography see Pernoud and Clin, pp. 180–181.</ref> على الرغم من ذلك، لم تمنع هذه الإستبعادات من وجودها في معظم المجالس والمعارك.
إن مدة القيادة العسكرية الفعلية لجان دارك هي موضع جدل تاريخي. يقول المؤرخون التقليديون -أمثال إدوار بيروي- أنها كانت مجرّد حاملةّ للواء الجيش ترفع من معنويات الجيش بشكل رئيسي.<ref>Perroy, p. 283.</ref> يعتمد هذا القول غالباً على شهادتها في المحكمة عندما قالت بأنها تفضل حمل اللواء على السيف. بينما هناك دراسات حديثة تؤكد على أن قادة الجيش كانوا يكنّون لها الاحترام باعتبارها مخططة ماهرة ومحللة استراتيجية خبيرة. من الأمثلة على هذه الدراسات ما قاله ريتشي: "لقد قادت الجيش إلى سلسلة من الانتصارات المذهلة التي غيّرت من مجرى الحرب"."<ref name="Richey"/> وفي
=== القيادة ===
سطر 69:
| style="text-align:right;"| رسالة جان دارك إلى أهل [[تورناي]]، 25 يونيو 1429.
|}
رفضت جان دارك سياسة الحذر التي تميّزت بها القيادة الفرنسية خلال الحملات السابقة. حيث أنه خلال الشهور الخمسة السابقة لوصولها قام المدافعون عن أورليان بتصعيد حربي واحد فقط وانتهى بنتيجة كارثية عليهم. في الرابع من مايو، هاجم الفرنسيون حصن سان لوب واستولوا عليه، تبعتهم جان في اليوم
أدّى الانتصار المفاجئ في أورليان إلى العديد من المقترحات لاتخاذ مزيد من الإجراءات الهجومية. وتوقّع الإنجليز محاولةً فرنسية لاستعادة [[باريس]] أو هجوماً على [[نورماندي]]. في أعقاب الانتصار المفاجئ، أقنعت جان شارل أن يمنحها حق مشاركة قيادة الجيش مع دوق ألونسون جان الثاني، كما
[[ملف:The Maid of Orléans.PNG|تصغير|دخول جان دارك إلى ريمس.]]
استعاد الجيش الفرنسي جارجو في في الثاني عشر من يونيو، ثم من سيور لوار بعدها بثلاثة أيام، ثم بوجنسي بعدها بيومين. وافق دوق ألينسون على جميع قرارات جان دارك، كما أُعجب بها القادة الآخرون أمثال جان دو دنوا الذي أُعجب بأدائها في أورليان ليصبح أحد مؤيديها. كما دان لها دوق ألينسون بحياته بعدما
[[ملف:Ingres coronation charles vii.jpg|تصغير|يمين|{{ط|جان لدى تتويج شارل السابع}}، بريشة [[جان أوغست دومينيك آنغر]] (1854). إحدى اللوحات التي حاول فيها الرسَّامون إظهار المعالم الأنثويَّة في شخصيَّة جان دارك. لاحظ الشعر الطويل والتنورة مثلًا.]]
انطلق الجيش الفرنسي إلى [[ريمس]] من جيان سيور لوار في التاسع والعشرين من يونيو وقبل الإستسلام المشروط الذي أعلنته ، في الثالث من يوليو، مدينة [[أوكسار|أوكسير]] التي كانت تخضع لحكم البورغنديين
{| class="toccolours" style="float:left; margin-left:10px; margin-right:1em; font-size:85%; background:#c6dbf7; color:black; width:30em; max-width:40%;" cellspacing="5"
سطر 83:
| style="text-align:right;"| رسالتها إلى فيليب دوق بورغندي، 17 يوليو 1429.
|}
فتحت ريمس أبوابها للجيش الفرنسي في السادس عشر من يوليو، وتمّ التتويج الملكي في صباح اليوم
=== الأسر ===
سطر 89:
عقد الفرنسيون هدنةً مع الإنجليز خلال الأشهر القليلة التي تلت الأحداث السابقة، الأمر الذي أدى إلى التقليل من عمل جان دارك. وفي الثالث والعشرين من مارس 1430، أرسلت جان رسالة تهديد إلى ال[[هوسيون|هوسيين]]، وهم جماعة اختلفت مع [[الكنيسة الكاثوليكية]] في عدد من النقاط العقائدية وتمكنوا من هزيمة عدّة حملات كنسية أرسلت ضدهم. وعدت جان في رسالتها بالتخلص من جنونهم وخزعبلاتهم الفاسدة، واعدةً إياهم بالتخلص إمّا من [[هرطقة|هرطقتهم]] أو من حياتهم.<ref>Pernoud and Clin, pp. 258-259.</ref> انتهت الهدنة بين الإنجليز والفرنسيين سريعاً، ورحلت جان إلى [[كومبيين]] في مايو للمساعدة في الدفاع عن المدينة في وجه الحصار الإنجليزي البورغندي المشترك. أدى وقوع اشتباك بين الطرفين في الثالث والعشرين من مايو إلى وقوعها في الأسر بعدما حاولت قواتها الهجوم على أحد معسكرات البورغنديين.<ref name="barbara_geiger1">{{cite journal | title=A Friend to Compiegne | author=Geiger,Barbara | journal=Calliope Magazine | year=2008 | month=April | volume=18 | issue=8 | pages=32–34}}</ref> حيث كانت جان قد أمرت بتراجع قواتها إلى الحصون المجاورة في [[كومبيين]] بعد وصول قوة إضافية بلغ عددها 6,000 إلى البورغنديين.<ref name="barbara_geiger1" /> تمكّن البورغنديون من الإحاطة بالحرس الخلفي الفرنسي، وأسُقطت جان دارك من فرسها بوساطة أحد الرماة، وتمكنوا من القبض عليها على الرغم من رفضها الإستسلام في البداية.<ref>DeVries, pp. 161–170.</ref>
كان من المعتاد أن تقوم أسرة [[أسير حرب|الأسير]] بتقديم [[فدية]] مقابل تحريره، لكن جان دارك كانت ظرفاً استثنائياً. ويُدين العديد من المؤرخين [[شارل السابع ملك فرنسا|شارل السابع]] لعدم تدخله. حاولت جان الهرب عدّة مرات، قفزت في إحدى هذه المحاولات من برج يبلغ
=== المحاكمة ===
[[ملف:Tour Jeanne D'Arc10.jpg|تصغير|يسار|المكان الذي حُجزت فيه جان دارك أثناء محاكمتها. أصبح يُعرف بعد ذلك ببرج جان دارك.]]
كانت محاكمة جان دارك بتهمة [[الهرطقة]] محاكمةً ذات دوافع سياسية. حيث
[[ملف:joan of arc interrogation.jpg|تصغير|يمين|جان دارك يستجوبها الكاردينال وينتشتر في زنزانتها. بريشة هيبوليت ديلاروش، 1824، متحف الفنون الجميلة، روان، فرنسا.]]
كانت محاكمة جان دارك غير نظامية للعديد من الأسباب: بموجب القانون الكنسي، لم يكن للأسقف بيير كوشون سلطة للحكم في القضية.<ref>The retrial verdict later affirmed that Cauchon had no authority to try the case. See also ''Joan of Arc: Her Story'', by Regine Pernoud and Marie-Veronique Clin, p. 108. The vice-inquisitor of France objected to the trial on jurisdictional grounds at its outset.</ref> خصوصاً وأنه نال منصبه بفضل دعم حزبه السياسي للحكومة الإنجليزية التي موّلت المحاكمة. كما أن كاتب العدل نيكولاس بايلي كُلّف بجمع الأدلة لإدلاء شهادة ضد جان دارك، إلّا أنه لم يجد أي دليل.<ref>Nullification trial testimony of Father Nicholas Bailly.[http://www.stjoan-center.com/Trials/null03.html] .</ref> وبدون هذه الأسباب افتقرت المحكمة
بيّن سجل محاكمت جان دارك ذكاءً ودقةً ملحوظة اتصفت بهما، ولعل أشهر ما يدل على ذلك سؤالاً وجّه لها كان "هل تعرفين إذا ما كنتِ بنعمة من الله؟" وكانت إجابتها: "إذا لم أكن، فلعلّ الله يضعني هناك. وإذا كنت، فلعلّ الله يحفظني".<ref>Condemnation trial, p. 52.[http://www.fordham.edu/halsall/basis/joanofarc-trial.html] . Retrieved 12 February 2006.</ref> كان هذا السؤال فخاً فاشلاً من علماء الدين، حيث أن عقيدة الكنيسة تقول أنه لا يوجد أحد يعلم يقيناً إذا ما كان بنعمة من الله. فإن أجابت جان بنعم تكون قد أدانت نفسها بتهمة الهرطقة، وإن أجابت بلا تكون قد اعترفت بذنبها. قال كاتب العدل الذي كان متواجداً حينها أنه في اللحظة التي استمعت فيها المحكمة إلى هذا الرد "شعر الذين كانوا يستجوبونها بالذهول".<ref name="Pernoud">Pernoud and Clin, p. 112.</ref> وفي [[القرن العشرين]]، أُعجب [[جورج برنارد شو]] بهذا الحوار لدرجة أن أقساماً من مسرحية "القديسة جان" كانت [[ترجمة حرفية]] لسجل المحاكمة.<ref>Shaw, "Saint Joan". Penguin Classics; Reissue edition (2001). ISBN 0-14-043791-6</ref>
شهد العديد من موظفي المحكمة فيما بعد أنه تم تغيير أجزاء كبيرة من المحضر ازدراءً لجان دارك. وعمل العديد من رجال الدين في هذه المحكمة مُكرهين
كانت بُنود الاتِّهام الاثنا عشر المُلخِّصة ما توصَّلت إليه المحكمة تتناقضُ مع السجلَّات المحفوظة المُتلاعب بها أصلًا.<ref>Condemnation trial, pp. 314–316.[http://www.fordham.edu/halsall/basis/joanofarc-trial.html] . Retrieved 12 February 2006.</ref> فقد وقَّعت المُتَّهمة الأُميَّة على وثيقة تبرُّؤ لم تفهم مغزاها تحت ضغط وتهديد الإعدام الفوري. ثُمَّ قامت المحكمة باستبدال تلك الوثيقة الأصليَّة بأُخرى مُزوَّرة.<ref>Condemnation trial, pp. 342–343.[http://www.fordham.edu/halsall/basis/joanofarc-trial.html] (Retrieved 12 February 2006) Also nullification trial testimony of Brother Pierre Migier, "As to the act of recantation, I know it was performed by her; it was in writing, and was about the length of a [[Pater Noster]]."[http://www.stjoan-center.com/Trials/null09.html] (Retrieved 12 February 2006) In modern English this is better known as the [[Lord's Prayer]], Latin and English text available here:[http://www.christusrex.org/www1/pater/] . Retrieved 12 February 2006.</ref>
سطر 106:
[[ملف:Stilke Hermann Anton - Joan of Arc's Death at the Stake.jpg|تصغير|يمين|{{ط|جان دارك وقت إعدامها على العمود}}، بريشة [[:de:Hermann Stilke|هرمان ستيلك]] (1843).<ref>اللوحة مرسومة بالأسلوب الرومانسي. أي غير واقعيَّة. فالفنان لم يُحاول رسم الواقع بل حاول التعبير عن مشاعره. فعلى سبيل المِثال، كان لِكاتدرائيَّة روان برجٌ مُختلف وما كان بالإمكان رؤيته من هذا البُعد بالقرب من العمود. ومن هذا الموقع، تظهر كنيسة القدّيس المُخلِّص على اليسار، في حين أنَّها كانت تقع على اليمين وتستُرها جُزئيًّا قاعة السوق الخشبيَّة. أمَّا على الناحية اليُسرى فكانت هُناك بضعةُ منازل خشبيَّة تعلو شُرفاتها بعضها البعض. بالنسبة لمظهر جان دارك نفسها: كانت ترتدي تنّورةً بيضاء كبيرة و{{ط|[[برطل]] الخزي}} يُحجب شعرها. كما يُحتمل أنَّ أحدًا من العامَّة لم يأتِ ليُرثيها.</ref>]]
[[ملف:Joan of Arc Roen Burning place IMG 1602.JPG|تصغير|يسار|150بك|تمثال لِجان دارك على مقرِبةٍ من موقع إعدامها، من صنع [[:fr:Maxime Real del Sarte|مكسيم ريال ديل سالتيه]]، 1928.<ref>اعتُبر هذا التمثال نصبًا تاريخيًّا منذ 30 أكتوبر 2002</ref>]]
كانت [[هرطقة|الهرطقة]] في ذلك الزمن جريمةً يُعاقب عليها [[إعدام|بالإعدام]] فقط إن أصرَّ المُتهم عليها وكررها أكثر من مرَّة. وافقت جان دارك على ارتداء ملابس نسائيَّة بعد أن تمَّت تبرأتها، وبعد بضعة أيَّام أخبرت أحد أعضاء المحكمة أنَّ "لوردًا إنجليزيًّا كبيرًا دخل عليها في زنزانتها وحاول الاعتداء عليها واغتصابها".<ref>See Pernoud, p. 220, which quotes appellate testimony by Friar Martin Ladvenu and Friar Isambart de la Pierre.</ref> فعادت إلى ارتداء الملابس الرجاليَّة كي تحول دون انتهاك حرمة جسدها، ويُشيرُ البعض إلى أنَّها ارتدت ملابس الرِّجال مُجددًا خلال شهادة جان ماسيو لأنَّ ثوبها سُرق منها ولم يكن لديها ما ترتديه.<ref>Nullification trial testimony of Jean Massieu.[http://www.stjoan-center.com/Trials/null02.html] . Retrieved 12 February 2006.</ref> أشار رجالُ الدين الفُقهاء خلال المُحاكمة أنَّ سلامة المُتهمة كانت تقتضي أن تتنكَّر بملابس غُلامٍ أو وصيفٍ لفارس كي تعبر أراضي العدو بأمان، وأنَّ نفس المبدأ يُجيزُ لها ارتداء الدرع خلال المعارك. تُشيرُ مجموعة {{ط|سجلَّات العذراء}} {{فرن|Chronique de la Pucelle}} أنَّ ارتدائها الدرع برره الكهنة وجعلوه مشروعًا في حالتها
ذكرت جان دارك وقائع الأحداث التي خاضتها كاملةً إلى مبعوثي بواتييه عندما أتوها يستفسرون عن الأمر، وعلى الرُغم من أنَّ الوثائق الخاصَّة التي دوَّنها رجالُ الدين البواتييون اندثرت جميعها، غير أنَّ بعض المؤرخين يُشيرُ إلى أنَّ بعض الوقائع تُفيد بموافقة هؤلاء على مُمارسات جان دارك، وبتعبير مُبسَّط يقول هؤلاء: أنَّها كانت تقوم بدورٍ ينبغي على رجلٍ أن يقوم به، لذا كان من المُلائم لها أن ترتدي ما يتلائمُ مع هذا الدور.<ref>Condemnation trial, p. 78.[http://www.fordham.edu/halsall/basis/joanofarc-trial.html] (Retrieved 12 February 2006) Retrial testimony of Brother Seguin de Seguin, Professor of Theology at Poitiers, does not mention clothing directly, but constitutes a wholehearted endorsement of her piety.[http://www.stjoan-center.com/Trials/null05.html] . Retrieved 12 February 2006.</ref> أيضًا فقد حافظت على شعرها قصيرًا طيلة معاركها وطيلة فترة بقائها في السجن. وكان بعض مؤيديها، مثل العلَّامة الكاهن جان جيرسون يُدافع عن قصَّة شعرها الذكوريَّة، وكذلك فعل المُحقق بريهال خلال إعادة المُحاكمة.<ref>Fraioli, "Joan of Arc: The Early Debate", p. 131.</ref> على الرُغم من ذلك، أُدينت جان دارك بتُهمة الهرطقة خلال المُحاكمة سنة 1431م، وحُكم عليها بالإعدام.
سطر 113:
== فترة ما بعد وفاتها ==
استمرت [[حرب المئة عام]] 22 عاماً بعد وفاة جان دارك، نجح خلالها [[شارل السابع ملك فرنسا|شارل السابع]] في المحافظة على شرعية ملكه لفرنسا على الرغم من التتويج الذي أُقيم لغريمه [[هنري السادس ملك إنجلترا|هنري السادس]] في ديسمبر 1431 والذي صادف بلوغ الملك الإنجليزي سن العاشرة. خسرت [[إنجلترا]] تحالفها مع البورغنديين بموجب معاهدة أراس عام 1435 قبل أن تتمكن من إعادة بناء قوتها العسكرية التي خسرتها عام 1429. بالإضافة إلى ذلك، توفي دوق بيدفورد الوصي على العرش في سبتمبر من العام ذاته ليصبح بذلك هنري السادس أصغر ملك إنجليزي يحكم بلا وصي،
في عام 1452، وخلال التحقيق في قضية إعدامها، أعلنت الكنيسة أن مسرحية دينية ستُقام على شرفها في أورليان وسيكون من شأنها منح
=== إعادة المحاكمة ===
سطر 126:
[[ملف:Jehanne signature.jpg|تصغير|توقيع يحمل اسم جان.]]
باتت جان دارك شخصيةً شبه [[أسطورة|أسطورية]] لأربعة قرون بعد وفاتها. كان المصدر الوحيد للمعلومات المتعلقة بها مستسقاً من سجلات تاريخ السيَر. كما ظهرت خمس مخطوطات أصليّة لمحاكمة إدانتها في أرشيفات قديمة خلال [[القرن التاسع عشر]]. كما وجد المؤرخون سجلات إعادة المحاكمة كاملةً،
جاءت جان دارك من قرية مجهولة وبرزت على الساحة عندما كانت في سن المراهقة كفلاحة غير متعلمة. وبينما برر الملوك الفرنسيون والإنجليز الحرب الجارية بتأويلاتهم [[القانون السالي|للقانون السالي]] ذا الألف عام، إلا أن الصراع في الحقيقة كان يتمحور حول الوراثة بين الملوك. وقالت جان بخصوص هذا الشأن ما معناه: "أليس من الواجب أن يكون ملكنا من مملكتنا، أم هل يجدر بنا أن نكون إنجليزاً؟".<ref name="Nullification"/> وعلى حد تعبير ستيفن ريتشي: "فقد حولت جان دارك ما كان مجرّد شجار بين الأسر الحاكمة لم يسبّب للناس سوى المعاناة إلى حرب ذات شغف شعبي بالتحرر الوطني."<ref name=Richey>Richey,[http://www.stjoan-center.com/military/stephenr.html].</ref> كما يقول ريتشي:<ref name=Richey/>
سطر 132:
{{اقتباس خاص|تحدث الناس الذين عاشوا على مدار الخمسة قرون التي تلت وفاتها عن جان واصفين إياها بكل شيء: متعصبة للشيطان، روحانية متصوفة، ساذجة وأداة استُخدمت بشكل مأساوي، رمز الوطنية الشعبية الحديثة، بطلة معشوقة، قديسة. أصرت جان دارك بالرغم من تهديدها بالتعذيب ومواجهتها للموت حرقاً على أنها كانت تسترشد بأصوات من الله. وسواءً كان ذلك صحيحاً أم لا، تُجبر إنجازاتها أي شخص يعرف قصتها بأن يهز رأسه في دهشة وعجب.}}
[[ملف:Joan of Arc Emmanuel Fremiet.jpg|تصغير|تمثالٌ من الذهب لِجان دارك في قصر الأهرام بباريس، من تصميم عمانوئيل فريميه.]]
لطالما كانت نظرة النساء إلى جان دارك نظرة إيجابية باعتبارها مثالاً للمرأة الشجاعة وذلك منذ زمن [[كريستين دي بيزان]] وحتى الوقت الحاضر.<ref>English translation of Christine de Pizan's poem "La Ditie de Jeanne d'Arc" by L. Shopkow.[http://www.indiana.edu/~sotl/portfolios/shopkow/joan.htm] (Retrieved 12 February 2006) Analysis of the poem by Professors Kennedy and Varty of Magdalen College, Oxford.[http://web.archive.org/web/20080616120159/http://www.smu.edu/ijas/cdepisan/intro.html].</ref> قدمت النساء في حياة جان بعضاً من أهم المساعدات التي قُدمت لها، فوالدة شارل السابع -[[يولاندا من أراغون|يولاندا الأراغونية]]- أكدت على عذرية جان وكانت هي من موّل رحلتها إلى أورليان. كما أن جان عمة [[كونت]] [[دوقية لوكسمبورغ|لوكسمبورغ]] كانت المرأة التي وضعت جان دارك بعهدتها بعد أسرها في كومبيين، كما ساعدت في تخفيف الأوضاع التي واجهتها جان دارك أثناء الأسر، بالإضافة إلى كونها سبب في تأخير عملية بيع جان دارك للإنجليز. وأخيراً آن [[دوقة]] بيدفورد وزوجة الوصي على العرش الإنجليزي، التي أعلنت عذرية جان خلال التحقيقات التي سبقت محاكمتها،<ref>These tests, which her confessor describes as [[hymen]] investigations, are not reliable measures of virginity. However, they signified approval from matrons of the highest social rank at key moments of her life. Rehabilitation trial testimony of Jean Pasquerel.[http://www.stjoan-center.com/Trials/null07.html].</ref> مما كان سبباً بطريقة أو بأخرى في عدم اتهام المحكمة لجان دارك بممارسة السحر. كل هذا كان جزءاً من الأساس الذي انطلق منه تقديس جان دارك والدفاع عنها.
باتت جان دارك رمزاً سياسياً في فرنسا منذ عهد [[نابليون بونابرت]]. وبينما ركّز [[ليبرالية كلاسيكية|الليبراليون]] على أصولها المتواضعة، كان تركيز [[سياسة محافظة|المحافظين]] الأوائل على دعمها للنظام الملكي، بينما شدّد المحافظون فيما بعد على القومية التي اتصفت بها الفتاة الفرنسية. استخدمت كل من [[حكومة فيشي]] و[[مقاومة فرنسية|المقاومة الفرنسية]] جان دارك في شعاراتها خلال [[الحرب العالمية الثانية]]. ففي حين اعتمدت دعاية حكومة فيشي على التذكير بحملتها ضد الإنجليز من خلال ملصقات تُظهر [[سلاح الجو الملكي|الطائرات الحربية البريطانية]] تقصف [[روان]] لإظهار العواقب المشؤومة التي يحملها الإنجليز للفرنسيين الذين "دائماً ما يعودون إلى مسرح جرائمهم"، إلا أن المقاومة شددت على محاربتها للمحتل الأجنبي أياً كان، كما شددت على جذورها التي تعود إلى [[لورين (منطقة)|لورين]] التي كانت قد سقطت في قبضة الحكم [[النازية|النازي]].
[[ملف:Jeanne d'Arc Joan of Arc at San Francisco's Palace of the Legion of Honor and crepuscular rays.jpg|تصغير|يمين|تمثال لِجان دارك على صهوة حصانها رافعةً سيفها في إشارةٍ للنصر، في ساحة قصر كتيبة الشرف في [[سان فرانسيسكو]].]]
سُمّيت ثلاث سفن منفصلة في [[البحرية الفرنسية]] باسم جان دارك تيمناً بها، من ضمنها [[حاملة مروحيات]]، التي تم التخلص منها في سبتمبر 2010.<ref name="topp-decide.com">http://www.topp-decide.com/actualites.php Last ceremony of the colors on the Jeanne d'Arc on 1 September, In French Language, Toppdecide, Mer et Marine 6 Sept 2010, accessed 4 Sept 2010</ref> كما أن ثاني [[الأحد (يوم)|أحد]]
كان فيليب ألكسندر أول مؤرخ يكتب عن تاريخ جان دارك بالكامل.<ref>[http://openlibrary.org/details/histoiredejeanne01lebr Histoire de Jeanne d`Arc by P.A Le Brun de Charmettes-Tome1] [http://openlibrary.org/details/histoiredejeanne02lebr Tome2] [http://openlibrary.org/details/histoiredejeanne03lebr Tome3] [http://openlibrary.org/details/histoiredejeanne04lebr Tome4]</ref> انصب اهتمام فيليب
أُلّفت العديد من الأعمال الفنيّة التي تتحدث عن جان دارك منذ وفاتها سواءً كانت أفلاماً أو كتباً أو غير ذلك. ومن أشهر هذه الأعمال [[هنري السادس، الجزء الأول (مسرحية)|مسرحية هنري السادس الجزء الأول]] ل[[ويليام شكسبير]]، و[[عذراء أورليان|مسرحية عذراء أورليان]] ل[[فريدريش شيلر]]، ومسرحية القديسة جان ل[[جورج برنارد شو]]، وقصيدة عذراء أورليان ل[[فولتير]]، وغيرها. كما أن ظهورها في السينما والمسرح والتلفزيون وألعاب الفيديو والموسيقى ما زال متواصلاً حتى يومنا هذا.
سطر 151:
{{cite journal |doi=10.1111/j.1528-1157.1991.tb05537.x |author=Foote-Smith E, Bayne L |title=Joan of Arc |journal=Epilepsia |volume=32 |issue=6 |pages=810–5 |year=1991 |pmid=1743152 }} (epilepsy)<br />
{{cite journal |doi=10.1097/00007611-198412000-00003 |author=Henker FO |title=Joan of Arc and DSM III |journal=South. Med. J. |volume=77 |issue=12 |pages=1488–90 |year=1984 |month=December |pmid=6390693 |url=http://meta.wkhealth.com/pt/pt-core/template-journal/lwwgateway/media/landingpage.htm?issn=0038-4348&volume=77&issue=12&spage=1488}} (various psychiatric definitions)<br />
{{cite journal |author=Allen C |title=The schizophrenia of Joan of Arc |journal=Hist Med |volume=6 |issue=3–4 |pages=4–9 |date=Autumn–Winter 1975 |pmid=11630627 }} (schizophrenia)</ref> لكنهم لم يُجمعوا على أي من هذه التشخيصات المحتملة، ولعلّ سبب ذلك يرجع إلى قلّة المعلومات المتاحة عن حياة جان. كما استبعد بعض الخبراء فرضية إصابة جان بالسل وذلك يعود إلى نمط حياة جان وأنشطتها، فمن المستحيل أن تكون مصابةً بمرض بالغ الخطورة كالسل دون أن يؤثر عليها بشكل يمنعها من فعل ما فعلته خلال حياتها.<ref>{{cite journal |doi=10.1159/000119218 |author=Nores JM, Yakovleff Y |title=A historical case of disseminated chronic tuberculosis |journal=Neuropsychobiology |volume=32 |issue=2 |pages=79–80 |year=1995 |pmid=7477805 }}</ref> ورداً على النظرية القائلة أن جان عانت من مرض السل البقري نتيجةً لشربها الحليب غير [[بسترة|المبستر]]، قال المؤرخ بيرجين بيرنو
[[ملف:Vigiles misc 03.jpg|تصغير|سكان [[تروا]] يسلّمون مفاتيح المدينة إلى شارل السابع وجان دارك.]]
تناقض حقيقة نَيْل جان تأييد بلاط الملك [[شارل السابع ملك فرنسا|شارل السابع]] الفرضيات القائلة بأن جان عانت من أمراض عقلية، حيث أن شارل كان بالتأكيد قادراً على تمييز "الجنون"، خصوصاً بعد معاناة والده -[[شارل السادس ملك فرنسا|شارل السادس]]- منه. كان شارل السادس معروفاً شعبياً بلقب "شارل المجنون"، ويُعزى التراجع السياسي والعسكري الذي عانته [[فرنسا]] خلال فترة حكمه إلى الفراغ الذي عانته السلطة بسبب
كان بلاط الملك شارل السابع حذراً ومشككاً في الموضوع المتعلق بالصحة النفسية.<ref>Pernoud and Clin, pp. 3, 169, 183.</ref><ref>Nullification trial testimony of Dame Marguerite de Touroulde, widow of a king's counselor: "I heard from those that brought her to the king that at first they thought she was mad, and intended to put her away in some ditch, but while on the way they felt moved to do everything according to her good pleasure."[http://www.stjoan-center.com/Trials/null05.html].</ref> حيث قالوا
لم تُظهر جان دارك أية أعراض من الأعراض المصاحبة للأمراض النفسية التي تم مناقشتها، مثل [[فصام|الفصام]] على سبيل المثال. حيث يثبت التاريخ أن جان حافظت على مهاراتها حتى وفاتها، وشهادة محاكمتها التي أظهرت ذكاءً عجيباً من جان خير دليل على ذلك. حيث أن القضاة كانوا ينتقلون من سؤال إلى آخر ومن موضوع إلى غيره للإيقاع بها، لكن وعلى الرغم من ذلك، أجابت جان على أسئلتهم بحكمة تاركةً وراءها ذكرى لا تُنسى.<ref>Nullification trial testimony of Guillaume de Manchon.[http://www.stjoan-center.com/Trials/null09.html].</ref> وبسبب ردودها الدقيقة والحكيمة أثناء الاستجواب، اضطرت المحكمة إلى التوقف عن عقد الجلسات العلنية.<ref name="Pernoud"/>
|