معركة كورسك: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 78:
طوال تلك الفترة كان السوفيات في حالة انتظار بينما يحاول الألمان بناء قواتهم لذلك عرفت الجبهة الشرقية مرحلة من الهدوء استمرت 3 أشهر استغلها الألمان للقيام بتدريبات خاصة للجنود وإخضاع كل الوحدات للتدريب، وحدات إس إس قامت بالتدرب على تقنيات تدمير المراكز والنقاط القوية للسوفيات، بينما واصلت فرق البانزر محاولة تعويض النقائص لبناء قوتها. مجموع الوحدات الألمانية المخصصة للهجوم كان 12 فرقة بانزر، 5 فرق ميكانيكية لكن هذه القوات كانت تعاني بشكل ملحوظ من نقص في عدد فرق المشاة التي تكمن أهميتها في الثبات على الأرض وتأمين الأجنحة. في وقت بداية الألمان للهجوم كان تعداد القوات المحشودة يبلغ 770 ألف رجل، 2451 دبابة ومدفع هجومي (ما يمثل 70% من تعداد المدرعات الألمانية في الجبهة الشرقية) يضاف لهذا 7417 مدفع وهاون.
 
==الخطط والتحضيرات السوفياتية==
== الخطه السوفيتية ==
في أوائل شهر مارس 1943، تم إيقاف الهجوم الذي كان الجيش الأحمر قد شنه عبر الجبهات الوسطى، الغربية وجبهة بريانسك ضد مجموعة الجيوش الوسطى الألمانية نظرا لأن الجناح الجنوبي للجبهة الوسطى صار مهددا من مجموعة الجيوش الجنوبية. الاستخبارات السوفياتية تلقت أنباءا عن تركيز للقوات الألمانية في أوريل وخاركوف كما تلقوا تفاصيل عن النوايا الألمانية للهجوم على منطقة كورسك من طرف [[حلقة لوسي التجسسية]] في سويسرا. السوفيات تحققوا من هذه البلاغات عن طريق جاسوسهم في بريطانيا [[جون كيرنكروس]] في [[حديقة بلتشلي]] الذي أرسل سرا بيانات مفككة التشفير إلى موسكو مباشرة.
كذلك الجيش الأحمر بدأ بالتخطيط لهجومة الصيفي واستقر على الخطة المعاكسة للخطة الألمانية. الهجوم في جبهة اوريل وخاركوف سوف يجعل خط الجبهة مستقيما ويؤدي إلى اختراق بالقرب من مستنقعات بريبيات. ولكن، تم التخلي عن هذه الأفكار، بما ان موسكو تلقت تحذيرا عن الاستعدادات الألمانية من خلال شبكة لوسي للتجسس في سويسرا. معلومات اضافية جائت من John Cairncross في المملكة المتحدة، الذي قدم بيانات شفرة لورنز من حديقة بلتشلي.
كان المارشال جوكوف قد توقع بالفعل موقع الهجوم الألماني مبكرا بحلول 8 أبريل، واصى هيئة الاركان العامة للجيش الأحمر stavka باستراتيجية دفاعية.
 
[[أنستاس ميكويان]] كتب أنه في 27 مارس، أخطره ستالين بشأن هجوم ألماني محتمل على منطقة كورسك. ستالين وكبار الضباط السوفيات كانو حريصين على الهجوم أولا بمجرد انقشاع راسبوتيتزا أو الوحل الطيني، لكن عددا من الضباط المهمين ومن بينهم نائب القائد الأعلى [[غيورغي جوكوف]] أوصوا بتبني استراتيجية دفاعية قبل الذهاب للهجوم. في رسالة إلى القيادة العسكرية السوفياتية [[ستافكا]] وستالين يوم 8 أفريل كتب جوكوف:
{{اقتباس|في المرحلة الأولى جمع العدو أفضل قواته -يشمل ذلك 13-15 فرقة مدرعة مع دعم عدد كبير من الطائرات- ليهاجم كورسك عبر تجمعاته في كرومسكوم-أوريل من الشمال الشرقي وتجمعاته في بيلغرود-خاركوف من الجنوب الشرقي. أنا أعتبر أنه غير مناسب لقواتنا الذهاب للهجوم في المستقبل القريب من أجل قطع الطريق على العدو. سيكون من الاحسن ترك العدو يرهق نفسه ضد دفاعاتنا فنقضي على دبابته، ومن ثمة نجلب إحتياطاتنا الجديدة وننطلق للهجوم الشامل الذي يجهز في النهاية على قواتهم الرئيسية.}}
 
بين 12-15 أفريل، قام ستالين باستشارة قادة خطوط الجبهات وكبار ضباط هيئة الأركان ليقر في النهاية رفقة ستافكا أن كورسك هي الهدف الأكبر للجيش الألماني. كان ستالين يؤمن أن تطبيق استراتيجية دفاعية سيعطي المبادرة للألمان، لكن جوكوف رد عليه أن القوات الألمانية سيتم سحبها نحو الفخ ليتم تدمير أغلب قواتهم المدرعة، وهو ما سيخلق الشروط الملائمة للهجوم السوفياتي الكبير. تم اتخاذ القرار بمواجهة الهجوم عبر التحضير لوضعيات دفاعية تمكنهم من إنهاك التجمعات الألمانية، وفعليا بدأت تحضيرات الخطوط الدفاعية وبناء التحصينات بنهاية شهر أفريل واستمرت إلى غاية شن الهجوم في شهر جويلية. الفترة الفاصلة ما بين اتخاذ الألمان لقرار الهجوم وتطبيقه والمقدرة بشهرين أتاحت للجيش الأحمر وقتا طويلا لإتمام تحضيراته.
 
[[جبهة فورونيز]] بقيادة [[نيكولاي فيودوروفيتش فاتوتين|نيكولاي فاتوتين]] كانت مسؤولة عن الدفاع عن الوجه الجنوبي لجيب كورسك بينما تدافع [[جبهة وسطى (الاتحاد السوفيتي)|الجبهة الوسطى]] بقيادة [[قنسطنطين روكوسوفسكي]] عن الوجه الشمالي وتشكل قوات [[جبهة السهوب]] بقيادة [[إيفان كونيف]] قوات الإحتياط. في شهر فيفري 1943، تم تكوين الجبهة الوسطى من [[جبهة الدون]] التي شاركت في [[عملية أورانوس]] وشكلت قواتها المخلب الشمالي للكماشة التي أحاطت [[الجيش السادس (فيرماخت)|بالجيش السادس الألماني]] وعزلته داخل ستالينغراد.
 
قامت كل من الجبهة الوسطى وجبهة فورونيز بتشكيل ثلاث أحزمة دفاعية رئيسية داخل قطاعاتهما تنقسم بدورها إلى عدد من المناطق المحصنة وقد استفاد السوفيات لبنائها من تشغيل حوالي 300 ألف من المدنيين. تشمل تحصينات كل خط دفاعي شبكة من حقول الألغام، أسيجة من الأسلاك الشائكة، خنادق وحواجز مضادة للدبابات، تحضير خنادق لتحصين الدبابات السوفيتية، بناء مخابىء للمدافع الرشاشة وإنشاء شبكة من الخنادق المترابطة بشكل متقاطع لحماية وتسهيل حركة الجنود المشاة والتي بلغ طولها أكثر من من 4800 كلم. وراء الأحزمة الدفاعية الرئيسية تم تحضير ثلاثة أحزمة ثانوية تستعمل كمواقع للتراجع، الحزام الثانوي الأول لم يكن محصنا بشدة، في حين تم تحصين الحزامين الآخرين بما فيه الكفاية وتم تركها في الأغلب غير مشغولة بالجنود. يبلغ عمق الأحزمة الثلاث الرئيسية 40 كيلومترا بينما يصل عمق الأحزمة الستة من كل الجهات بين 130-150 كلم. في حالة ما إذا استطاعت القوات الألمانية اختراق سلسلة الدفاعات هذه كان عليها مواجهة المزيد من الأحزمة الدفاعية من ناحية الشرق تشكلها [[جبهة السهوب]] وهو ما يجعل عمق التحصينات الدفاعية السوفياتية إلى نحو 300 كلم.
 
قام جنود الهندسة التابعين للجيش الأحمر بزراعة 503,663 [[لغم مضاد للدروع|لغما مضادا للدروع]] و439,348 [[لغم مضاد للأفراد|لغما مضادا للأفراد]] تم تركيز العدد الأكبر منها في الحزام الدفاعي الأول. بلغت كثافة الألغام في الكيلومتر المربع الواحد 1,700 لغما مضادا للأفراد و1500 لغما مضادا للدروع ما يعادل أربعة أضعاف الكثافة المستعملة في [[معركة موسكو|الدفاع عن موسكو]]. [[جيش الحرس السادس (الإتحاد السوفييتي)|جيش الحرس السادس السوفياتي]] المنتشر على جبهة بطول 64 كيلومتر، كان محميا في الحزام الدفاعي الأول ب 69,688 لغما مضادا للدروع و64,430 مضادا للأفراد و20,200 لغما مضادا للدروع مع 9,097 مضادا للافراد في الحزام الدفاعي الثاني.
 
تم تكليف مفارز الحواجز المتنقلة بمهمة زراعة الألغام مباشرة في مسار التشيكلات الألمانية المتقدمة. هذه الوحدات مكونة من [[فصيلة (وحدة عسكرية)|فصيلتين]] من جنود الهندسة كل فصيلة تحمل مابين 600 إلى 700 لغم وتستعمل كقوات احتياط من قبل كل مستويات قيادة. كل قطع المدفعية كانت مكلفة بمهمة الدفاع ضد الدبابات ويشمل ذلك المدافع و[[هاوتزر|الهاوتزر]] ومضادات الطائرات، وزاد من قوة الدفاع تحصين الدبابات والمدافع ذاتية الحركة في الخنادق. القوات المضادة للدبابات تم دمجها تحت تصرف كل مستويات القيادة كنقاط منيعة للدفاع المضاد للدروع، وتم تركيز أغلبها في الطرق المتوقع استعمالها في الهجوم بينما تم نشر الباقي في أماكن أخرى. كل نقطة منيعة تشمل ما بين 4 إلى 6 مدافع مضادة للدروع، من 6 إلى 9 بنادق مضادة للدبابات ومابين 5 إلى 7 مدافع رشاشة صغيرة ومتوسطة، ويتم دعمها بمفارز الحواجز المتنقلة وجنود المشاة بالأسلحة الألية. الألوية والأفواج المستقلة الخاصة بالدبابات والمدافع الذاتية تم تكليفها بالتعاون مع جنود المشاة خلال الهجومات المضادة.
 
شملت التحضيرات السوفياتية أيضا نشاطات '''[[بارتيزان سوفييت|البارتيزان]]''' وهم المقاومون السوفيات الذين يهاجمون خطوط الإمداد والإتصالات الألمانية، وقد انتشرت الهجمات في الغالب خلف مجموعتي الجيوش الشمالية والوسطى. في شهر حوان 1943 فحسب وفي المنطقة الواقعة خلف مجموعة الجيوش الوسطى 298 قاطرة، 1222 عربة و44 جسرا دمرت من طرف البارتيزان، بينمها في قطاع كورسك تم تنفيذ 1092 هجوما ضد خطوط السكة الحديدية. هذه الهجمات عطلت تعزيزات المؤن والعتاد الألمانية، وتطلبت تحويل مزيد من القوات لمهمة متابعة البارتيزان والقضاء عليهم، ما سبب تعطيلها عن تحضيرات الهجوم على كورسك. في مرات عديدة كان سلاح الجو السوفياتي يقوم بتقديم الدعم الجوي لهؤلاء المقاومين.
 
خضع جنود المشاة لتدريبات خاصة لمساعدتهم على التخلص من الخوف من الدبابات الذي كان منتشرا بوضوح منذ بداية [[عملية بارباروسا|الغزو الألماني]]. كان يتم رص الجنود في الخنادق لتمر الدبدبات فوق رؤوسهم وتتكرر العملية إلى إن تختفي عنهم كل علامات الخوف. تمت معاهدة الجنود بالحصول على مكافآت مالية تقدر ب 1000 [[روبل روسي|روبل]] مقابل كل دبابة يدمرونها. في المعركة كان الجنود الروس يندفعون نحو القوات المهاجمة لعزل قوات المشاة عن الآليات والمدرعات ومن ثمة يسهل للجنود تدميرها بواسطة [[زجاجة حارقة (مولوتوف)|زجاجات المولوتوف]]، الرشاشات المضادة للدبابات والشحنات المتفجرة، هذه الهجمات كانت فعالة خاصة ضد مدمرة الدبابات [[بانزرييغا]] التي لم تكن تحتوي على مدفع رشاش كسلاح ثانوي.
 
استعمل السوفيات '''الماسكيروفكا''' أي الخداع والتضليل العسكري لتغطية المواقع الدفاعية وإخفاء انتشار القوات وحركة الجنود والمعدات وذلك بتمويه مواقع المدافع، إنشاء مطارات ومستودرعات مزيفة، توليد حركة اتصالات مغلوطة عبر الراديو، نشر الشائعات وسط الجنود على خطوط الجبهة وبين السكان السوفيات في المناطق الخاضعة للألمان. كانت الإتصالات عبر الراديو محدودة جدا وتم منع أي إطلاق للنار. عمليات تحريك القوات والمؤن من وإلى جيب كورسك كانت تجري خلال الليل فقط وتم أخفاء مراكز القيادة ومنع أي حركة لوسائل النقل حولها.
 
استنادا إلى التقارير السوفياتية، 29 من 35 غارة جوية نفذها سلاح الجو الألماني '''لوفتفافه''' في قطاع كورسك شهر جوان 1943 كانت ضد المطارات المزيفة. نظرا للنجاح الكبير للخداع والتضليل من قبل السوفيات كانت التقديرات الألمانية لعدد الدبابات السوفياتية تبلغ 1500 دبابة فقط، ما نتج عنه ليس الإستخفاف فقط بقوة الجيش الأحمر لكن سوء فهم للنوايا الإستراتيجية للسوفيات.
 
كانت [[تي-34]] الدبابة المفضلة للسوفيات، وحشد السوفيات عددا كبيرا منها في فرقهم الآلية، كما ضمت الفرق المدرعة عددا كبيرا من دبابات [[تي-70]] الخفيفة. [[جيش حرس الدبابات الخامس]] مثلا كان يملك 270 دبابة تي-70 و500 دبابة تي-34، استعمل السوفيات أيضا عددا كبيرا من دبابات [[إم 3 لي]] الأمريكية و دبابات [[ماتيلدا 2]]، [[تشرشيل]] ، [[فالونتين]] البريطانية لكن العدد الأكبر للمدرعات كانت تمثله دبابة تي-34.
 
بدون احتساب قوات الإحتياط المنتظمة تحت [[جبهة السهوب]] حشد السوفيات 1,300,000 رجل، 3,600 دبابة، 20,000 قطعة مدفعية إضافة إلى 2,792 طائرة للدفاع عن جيب كورسك، مثلت تلك الأعداد 26% من تعداد قوات الجيش الأحمر، 26% من قطع الهاون والمدفعية، 35% من عدد الطائرات و46% من عدد المدرعات.
== المعركة: عملية سيتاديل==
[[ملف:Battle of Kursk (map).jpg|right|thumb|خط الجبهة والجيوش المتواجدة بمنطقة [[كورسك]]أثناء المعركة.]]