الحرب البونيقية الثانية: الفرق بين النسختين

{{معلومات نزاع عسكري

| اسم_النزاع = الحرب البونيقية الثانية

| جزء_من = [[الحروب البونيقية]]

| صورة = [[File:Map of Rome and Carthage at the start of the Second Punic War-ar.png|300px]]

| عرض_الصورة = 300

| تعليق = مناطق السيطرة الرومانية والقرطاجية عام [[218 ق. م]] قبل الحرب مباشرة

| تاريخ = من عام [[218 ق. م]] حتى عام {{ق. م|201}}

| مكان = [[إيطاليا]]، [[صقلية]]، [[هسبانيا]]، [[غاليا كيسالبينا]]، [[إفريقية]]، [[اليونان]]

| نتيجة = نصر حاسم للرومان أدى لهيمنة مطلقة للرومان على غرب [[البحر المتوسط]]

| تغييرات_حدودية = بسط النفوذ الروماني على [[حوض البحر الأبيض المتوسط]]

* إنشاء مستعمرات رومانية في [[شبه جزيرة أيبيريا|أيبيريا]] و[[منطقة جزر البليار|جزر البليار]] <br/>

* خضوع [[إمبراطورية قرطاجية|قرطاج]] [[الإمبراطورية الرومانية|للإمبراطورية الرومانية]] <br/>

* توحيد [[نوميديا]]

| خصم1 = [[ملف:Spqrstone.jpg|25px]] [[الجمهورية الرومانية]]<br /br>[[اليونان القديمة]] </br /> برجامون </br /> [[نوميديا]]

| خصم2 = [[قرطاجنة]] <br /br>[[سرقوسة]] <br /br> [[مقدونيا القديمة]]

| قائد1 = [[بابليوس سكيبيو]]†، <br />[[تيبيريوس لونجيوس]]، <br />[[سكيبيو الإفريقي]]، <br />[[جايوس فلامينيوس نيبوس]]†، <br />[[فابيوس ماكسيموس]]، <br />[[ماركوس كلاوديوس مارسيليوس]]†، <br />[[لوسيوس أميليوس باولوس]]†، <br />[[جايوس ترينتيوس فارو]]، <br />[[ماركوس ليفيوس]]، <br />[[جايوس كلاوديوس نيرو]]، <br />[[سكيبيو الأصلع]]†، <br />[[ماسينيسا]]، <br />[[ماركوس روفوس]]†، <br />[[جنايوس جيمينوس]]†

| قائد2 = [[حنبعل|حنبعل برقا]]، <br />[[صدربعل برقا]]†، <br />[[ماجو برقا]]†، <br />[[صدربعل جيسكو]]†، <br />[[صيفاقس]]، <br />[[هانو الكبير]]†، <br />صدربعل الأصلع، <br /> حمبسقورا†، <br />[[ماهربعل]]

| قوة1 =

| قوة2 =

| خسائر1 =

| خسائر2 =

| ملاحظات =

'''الحرب البونيقية الثانية'''، المعروفة أيضًاأيضا باسم '''الحرب الحنبعلية'''، ومن قِبلقبل الرومان باسم '''الحرب ضد [[حنبعل]]'''، هي [[حرب]] استمرت من سنة [[218 ق. م]] حتى سنة [[201 ق. م]]، ودار القتال فيها في غرب وشرق [[البحر المتوسط]]. وكانت هذه الحرب هي الثانية بين [[قرطاج]] و[[الجمهورية الرومانية]]، مع مشاركة من [[أمازيغ|البربر]] في الجانب القرطاجي. وكانت بين الدولتين ثلاث صراعات كبرى ضد بعضهما البعض، سميت "[[حروب بونيقية|بالحروب البونيقية]]"، لأن الرومان أطلقوا على القرطاجيين اسم '''البونيقيين''' {{لات|Punici}} نظرًانظرا لأصولهم [[فينيقيون|الفينيقية]] {{لات|Poenici}}.<ref>{{Cite book

| last = Sidwell

| first = Keith C

| authorlink =

| coauthors = Peter V. Jones

| title = The world of Rome: an introduction to Roman culture

| publisher = Cambridge University Press

| year = 1997

| location =

| page = 16

| url =

| doi =

| id =

| isbn = 0-521-38600-4}}</ref>

تميزت هذه الحرب بانطلاق [[حنبعل]] في رحلته الشهيرة من بلاده إلى أوروبا، وعبوره [[جبال الألب]]، ثم تعزيزه بقوات من قبل حلفائه [[بلاد الغال|الغاليين]] وانتصاراته الساحقة على الجيوش الرومانية في [[معركة تريبيا]] والكمين العملاق في [[معركة بحيرة تراسمانيا]]. ولمواجهة مهارات حنبعل في ساحة المعركة استخدم الرومان [[استراتيجيةإستراتيجية فابيان]]، ولكن بسبب السخط الشعبي المتزايد العائد إلى عدم تحقيق هذه الاستراتيجيةالإستراتيجية لنصر حاسم، لجأ الرومان إلى خوض معركة أخرى، وكانت النتيجة انهزامهم في [[معركة كاناي]]. ونتيجة لذلك خسر الرومان الكثير من حلفائهم الذين تحالفوا مع [[قرطاجنة]]، مما أطال أمد الحرب في [[إيطاليا]] لأكثر من عقد من الزمن، تم خلالها تدمير أكثر الجيوش الرومانية في ساحة المعركة.

وكانت المواجهة النهائية في [[معركة زامة]] في [[إفريقية]] بين [[سكيبيو الإفريقي]] و[[حنبعل]]، والتي هُزمهزم فيها الأخير وفُرضتوفرضت شروط قاسية للسلام على قرطاجنة، التي لم تعد بعد ذلك قوة عظمى في [[البحر المتوسط]]، وتحولت إلى نظام عميل للرومان. وخلال الفترة التي امتدت فيها هذه الحرب، اشتعلت [[الحرب المقدونية الأولى]] في شرق البحر المتوسط و[[البحر الأيوني]].

يُصنفيصنف المؤرخون جميع المعارك التي وقعت في هذه الحرب، على أنها من بين أكبر المعارك من حيث الخسائر البشرية، كما أنها تضمنت عدداًعددا من الكمائن الناجحة للجيوش، التي انتهىانتهي بعضها بإبادة شبه كاملة للجنود.

إندلعت الحرب البونيقية الثانية بين قرطاجنة وروما نتيجة الخلاف حول السيطرة على [[ساغونتو]]، وهي مدينة ساحلية أسسها [[اليونانيون]] في أيبيريا وكانت لها علاقات دبلوماسية مع روما.<ref name="Polibio3,21,6-9">Polibio, ''Polibio Storie'', III, 21, 6-9.</ref><ref>Polibio, ''Polibio Storie'', III, 6,1-3.</ref> بعد توتر كبير في المدينة بلغ ذروته باغتيال أنصار قرطاجنة، قاد حنبعل حصاراًحصارا عليها في عام 219 ق. م.<ref>Tito Livio, ''Ab Urbe condita libri'', XXI, 7.</ref><ref name="Eutropio3.7">Eutropio, ''Breviarium ab Urbe condita'', III, 7.</ref>

طلبت المدينة الدعم والمساندة من الرومان، ولكن النداءات لم تجد آذاناًآذانا صاغية.<ref>Tito Livio, ''Ab Urbe condita libri'', XXI, 6.</ref> بعد حصار طويل وصراع دموي استمر لثمانية أشهر، أصيب فيه حنبعل نفسه بجروح، استطاع القرطاجيون في النهاية، السيطرة على المدينة.<ref name="Eutropio3.7"/><ref name="AppianoVII,1,3"/><ref>Tito Livio, ''Ab Urbe condita libri'', XXI, 8-15.</ref><ref>Polibio, ''Polibio Storie'', III, 17.</ref> ففضّلففضل الكثير من الساغونتيين الانتحار بدلاًبدلا من أن يُعدموايعدموا على يد القرطاجيين.

== الأوضاع في غرب البحر المتوسط (218 ق. م. - 213 ق. م.) ==

بلغ تعداد الجيش القرطاجي في أيبيريا، وفقا [[بوليبيوس|لبوليبيوس]]،<ref>Polybius, [http://www.perseus.tufts.edu/cgi-bin/ptext?doc=Perseus%3Atext%3A1999.01.0234&layout=&loc=3.35 3.35.1]</ref> 90,000 <ref name="Eutropio3.8"/><ref name="AppianoVII,1,4">[[Appiano di Alessandria|Appiano]], ''Guerra annibalica'', VII, 1, 4.</ref> من المشاة، بالإضافة إلى 12,000 فارس مع 37 فيلاًفيلا حربياً،حربيا،<ref name="Eutropio3.8"/><ref name="AppianoVII,1,4"/> ويُعدويعد هذا الجيش واحد من أكبر جيوش تلك الفترة. غادر حنبعل مع جيشه مدينة [[قرطاجنة، إسبانيا|قرطاجنة الجديدة]] في [[إسبانيا]] وسار شمالاًشمالا على طول الساحل في أواخر الربيع من عام [[218 ق. م]]، تاركاًتاركا قيادة القوات القرطاجية في [[إسبانيا]] لشقيقه [[صدربعل برقا|صدربعل]].<ref name="Eutropio3.8"/><ref name="AppianoVII,1,4">Appiano, ''Guerra annibalica'', VII, 1, 4.</ref> وعند نهر [[أبرة]] قسّمقسم الجيش إلى ثلاثة أقسام، قاهرأًقاهرأ قبائل تلك المنطقة حتى وصل إلى جبال [[برانس|البرانس]] في غضون أسابيع، لكنه كان قد تكبد خسائر فادحة.<ref name="Eutropio3.8"/>

وفي جبال البرانس، ترك كتيبة من القوات الأيبيرية تقدر بأحد عشر ألف جندي، كحامية للمنطقة التي احتلت حديثا.<ref>Polybius, [http://www.perseus.tufts.edu/cgi-bin/ptext?doc=Perseus%3Atext%3A1999.01.0234&layout=&loc=3.35 3.35.4–5]</ref> بعد ذلك، دخل حنبعل [[بلاد الغال]] مع 50,000 من المشاة و 9و9,000 فارس. واتخذ مساراًمسارا لجيشه بعيداًبعيدا عن الساحل، لتجنب حلفاء الرومان القابعين على طول تلك النواحي من [[أوروبا الغربية]]. أبرم حنبل بعض التحالفات في بلاد الغال مع عدد من قبائلها، وبهذا استطاع التنقل عبر بلادهم بأمان واطمئنان، إلا أن إحدى القبائل وهي قبيلة "فولكاي"، إحدى القبائل الغاليّةالغالية الموالية للرومان، قاومته في [[معركة عبور الرون]]، لكن دون جدوى، نظراًنظرا لقلة عدد رجالها وضخامة الجيش القرطاجي، الذي وصل عدد أفراده في تلك الفترة إلى 38,000 من المشاة و 8و8,000 فارس وضمّوضم 37 فيلاًفيلا حربيًاحربيا.<ref>Lazenby 41</ref>

أرسل 300 فارس ليستطلعوا مكان العدو، لكنهم هُزمواهزموا من قِبلقبل قوة قرطاجية مكونة من 500 فارس [[نوميديا|نوميدي]] وطاردوهم إلى معسكرهم الرئيسي. وهكذا، عرف الرومان مكان العدو، واستعدوا للمعركة. غير أن حنبعل استطاع تجنب قوات الرومان باتخاذه طريقاًطريقا غير معروف حتى بلغ [[جبال الألب]] في فصل الخريف. وهناك استقبل رسلاًرسلا من حلفائه الغاليّينالغاليين في إيطاليا، الذين حثّوهحثوه على أن يأتي لنجدتهم وعرضوا عليه أن يرشدوه عبر جبال الألب.

لم تتمكن الحملة الرومانية الأولى على شبه جزيرة أيبيريا من استدراج القوات القرطاجية إلى معركة حاسمة في شبه الجزيرة تلك، فاستطاع القرطاجيون أن يراوغوا الرومان واستمروا في تقدمهم نحو شبه الجزيرة الإيطالية عبر بلاد الغال. قام الرومان بملاحقة القوات القرطاجية في طريقها إلى شمال أيبيريا تحت قيادة [[سكيبيو الأصلع]]، في محاولة لحسم الحرب بعيداًبعيدا عن إيطاليا، بينما عاد القائد الآخر [[بابليوس سكيبيو]]، إلى [[روما]] محذراًمحذرا من خطر غزو إيطاليا، خصوصاًخصوصا كون بعض قبائل شمال إيطاليا كانت في حالة تمرد بالفعل،<ref name="Appian §5">Appian's History of Rome: The Hannibalic War,§5</ref> قبل أن يعود ثانيةًثانية إلى [[إسبانيا]] بعد سنة [[217 ق. م]].

وعلى الرغم من أن الحكم القرطاجي لم يحظ بترحيب الأيبيريين، إلا أن تقاعس الرومان عن مساعدتهم أثناء حصار [[ساغونتو]] جعل الأيبيريين ساخطين على الرومان. أنشأ سكيبيو الأصلع مقر قيادته في "سيسا" وهي من المناطق التي كان حنبعل قد احتلها حديثاًحديثا آنذاك، والتي تقع في المنطقة الواقعة بين نهر أبرة وجبال البرانس. ومع الوقت حصل على تأييد متزايد بين السكان الأصليين. مما دفع القائد القرطاجي "هانو بن صدربعل العادل"، وهو ابن شقيقة حنبعل، لدخول معركة ضارية ضد الرومان قبل أن تنضم قواته إلى قوات [[صدربعل برقا|صدربعل]] شقيق حنبعل، على الرغم من أن عدد قوات الرومان بلغ ضعف عدد قواته. وكانت النتيجة انتصار الرومان في [[معركة سيسا]] وأسر هانو نفسه في سنة [[218 ق. م]].<ref>Lazanby, John Francis, Hannibal's War, p126</ref>

[[ملف:Relieve de Osuna (M.A.N. Madrid) 03.jpg|تصغير|يمين|نقش حجري لمحارب أيبيري يعود لسنة 200 ق. م. يظهر المحارب مسلحًامسلحا بسيف معقوف وترس بيضاوي الشكل، من [[متحف إسبانيا الوطني للآثار|المتحف الوطني الإسباني للآثار]]، [[مدريد]].]]

شكّلشكل التحالف بين أسطولي الرومان والمساليين - وهي قبائل كانت تسكن جنوب بلاد الغال في تلك الفترة - خطراًخطرا على القرطاجيين. فعقد صدربعل العزم على هزيمة هذا الأسطول، بالرغم من أن قواته البحرية كان لها تاريخ من الفشل ضد الرومان. فقد خسرت جميع المعارك في السابق عدا معركة واحدة خلال [[حرب بونيقية أولى|الحرب البونيقية الأولى]] وأخرى في [[مرسى علي|ليلبايوم]] عام [[218 ق. م]]، على الرغم من التفوق العددي الروماني. لذلك قرر أن يتحرك الجيش والأسطول معا. وُصفوصف الأسطول القرطاجي أنه كان غير منظم قبل وقوع المعركة، إلا أن الجيش كان يمثل دعماًدعما معنوياًمعنويا عالياً،عاليا، والملاذ الآمن للأسطول بعد [[معركة نهر أبرة]]، التي اشتبكت فيها 40 سفينة قرطاجية وأيبيرية ضد 55 سفينة رومانية، وهُزموهزم القرطاجيّونالقرطاجيون وخسروا ثلاثة أرباع أسطولهم وبقيت سفنهم الباقية مع الجيش على الشاطئ. في أعقاب ذلك تراجعت القوات القرطاجية، على الرغم من أن الرومان كانوا لا يزالون محاصرين في المنطقة الواقعة بين نهر أبرة وجبال البرانس.

حرم وجود الرومان في تلك المنطقة القرطاجيين من إرسال تعزيزات من أيبيريا لحنبعل أو إلى الغاليين المتمردين في شمال إيطاليا خلال تلك المرحلة الحرجة من الحرب، فتحرك صدربعل بقواته واشتبك مع الرومان في [[معركة درتوسا]] في سنة [[215 ق. م]]، في محاولة منه لتذليل هذه المشكلة.<ref>Livy, 22.20.4-10</ref> في هذه المعركة، استغل صدربعل تفوق فرسانه في تطويق العدو من الجانبين بمساعدة قوات مشاته، وكان هذا ذات النهج الذي تم استخدامه بنجاح في معاركهم بإيطاليا. إلا أن الرومان استطاعوا اختراق هذا التطويق من الوسط وفصل كلا الجناحين على حدة، الأمر الذي ألحق خسائر فادحة بالقرطاجيين، ولكن بعد أن ألحقوا خسائر كبيرة في صفوف الرومان أنفسهم.

في الوقت الذي كان فيه الرومان يحققون تقدماًتقدما ضئيلاًضئيلا على القرطاجيين في أيبيريا، استطاع الرومان فتح جبهة قتال جديدة ضد قرطاجنة عن طريق التحالف مع [[صيفاقس]] ملك النوميديين الغربيين القوي في شمال أفريقيا. وفي عام 213 ق. م. استقبل صيفاقس بعض الضباط الرومان لتدريب جنوده المشاة الذين لم تكن لديهم القدرة بعد على مجابهة أعدائهم القرطاجيين، فاستطاع بهذا الدعم، أن يشن حرباًحربا ضد حليف القرطاجيين "غايا" ملك النوميديين الشرقيين. وفي السنة ذاتها غادر صدربعل أيبيريا لقاتل صيفاقس، بعد أن وصلت إليه أخبار تحالفه مع روما واستعداده للهجوم على قرطاجنة.<ref>Hoyos 139</ref>

== الأوضاع في وسط البحر المتوسط (218 ق. م. - 213 ق. م.) ==

كانت البحرية القرطاجية في سنة 218 ق. م. مشغولة باستكشاف المنطقة البحرية المحيطة [[صقلية|بصقلية]] وتستعد لهجوم مباغت على [[مرسى علي|ليلبايوم]] في أقصى غرب الجزيرة. وبعد اكتمال الاستعدادات، أغارت 20 سفينة قرطاجية محملة بألف جندي، على [[الجزر العقادية]] غرب [[صقلية]] بينما هاجمت 8 سفن جزر فولكان، إلا أنها زحلت عن مسارها بسبب تعرضها لعاصفة في [[ميسينا (مضيق)|مضيق ميسينا]]، وتمكنت السفن السرقوسية من الاستيلاء على ثلاثة منها دون مقاومة، وعلم السرقوسيون من طواقم تلك السفن بأن أسطولاًأسطولا قرطاجياًقرطاجيا سيهاجم ليلبايوم، فأقدم "هيرو الثاني" ملك [[سرقوسة]]، على تحذير القائد الروماني "ماركوس أميليوس". نتيجة لذلك أعد الرومان 35 سفينة لاعتراض القرطاجيين وهزموهم في معركة ليلبايوم، والتي كانت أول المعارك البحرية في الحرب.

وفي سنة [[218 ق. م]]، كان الرومان يعدون حملة في ليلبايوم لمهاجمة [[إفريقية]] ([[تونس]] حاليًاحاليا). توقع حنبعل هذه الخطوة وعزز الجيش في إفريقية بإرساله 13,850 جندي مشاة أيبيري وو870 870 رامياًراميا من جزر البليار مع 1200 فارس أيبيري. بالإضافة إلى 4,000 أيبيري من علية القوم نُقلوانقلوا إلى قرطاج لتعزيز دفاعها، وأيضا ليكونوا بمثابة رهائن لضمان ولاء شعبهم.<ref>Livy XXI,21</ref> وفي المقابل، أرسل 11,850 جندي مشاة ليبي و 300و300 جندي [[ليغوريا|ليغوري]] و 500و500 جندي من جزر البليار لأيبيريا لتعزيز الدفاعات ضد الغزو الروماني المتوقع.<ref>Livy XXI,22</ref>

هُزمهزم الأسطول القرطاجي في مواجهتين عنيفتين أمام الرومان، ولكن أياًأيا من الجانبين لم يكن قادراًقادرا على الإغارة على سواحل خصمه. كان هناك استثناء وحيد في سنة [[217 ق. م]]، عندما حاول أسطول قرطاجي من 70 سفينة الانقضاض على سواحل روما، إلا أنه تم اعتراضه قبالة شواطئ "إتروريا" بأسطول روماني يتألف من 120 سفينة فتراجع دون خوض المعركة.

قامت أول حملة قرطاجية إلى [[سردينيا]] في [[215 ق. م]]، تحت قيادة "صدربعل الأصلع" وتابعه "حمسقورا". وعندما وصلت إلى سردينيا، كان الرومان على علم بنواياهم وعززوا الحامية تحت قيادة تيتوس مانيليوس توركاتيوس بعشرين ألف جندي من المشاة و 1و1,200 فارس. هزمت هذه القوات 15,000 من المشاة القرطاجيين و 1و1,500 فارس قرطاجي، بالإضافة إلى عدد غير معروف من الفيلة، ومتمردي سردينيا في " معركة كورنوس ". في أعقاب ذلك، واجهت الحملة البحرية القرطاجية ذات السفن الستون 100 سفينة رومانية قادمة من إفريقية وهُزموا،وهزموا، ولم تنج منها سوى 7 سفن. وبذلك بقيت سردينيا - إحدى أهم مصدري الحبوب - تحت الاحتلال الروماني.

=== تمرد القبائل الغاليّةالغالية ===

تلقّىتلقى الرومان أنباءًأنباء عن عبور حنبعل نهر أبرة وعن تمرد القبائل الغاليّةالغالية في شمال إيطاليا في الوقت نفسه.<ref>Livy XXI,25</ref> وكان هذان الحدثان سبباًسببا في تكوين تحالف بين القرطاجيين والقبائل الغاليّةالغالية ضد العدو المشترك: '''روما'''. كان الهدف الأول للمتمردين هو المستعمرات الرومانية في [[بياتشنسا]] و[[كريمونا]]، مما تسبب في تراجع الرومان إلى مدينة [[مودينا]]، والتي حاصرها الغاليون بعد ذلك. وعلى الجانب الآخر، تحرك القائد الروماني "مالينوس فولسو" مع فيلقين رومانيين وقوات من حلفائهم، مع 1,600 فارس و 20و20,000 من الجنود المشاة، إلى [[غاليا كيسالبينا]]. تعرض هذا الجيش لكمينين على الطريق من قبل [[ريميني|الريمينيين]]، وفقد 1,200 رجل. وعلى الرغم من رفع الحصار عن مودينا، فإن هذا الجيش نفسه وقع تحت حصار على بعد أميال قليلة منها.<ref>Goldsworthy, Adrian, The Fall of Carthage, p 151 id = ISBN 0-304-36642-0</ref> دفع هذا الحدث [[مجلس الشيوخ الروماني]] لإرسال أحد فيالق "سكيبيو" و 5و5,000 من قوات حلفائهم لمساعدة "فولسو". فأصبح سكيبيو في حاجة لزيادة عدد جنوده لملء الفراغ الذي تركته القوات المرتحلة، وبالتالي لم يستطع التقدم نحو أيبيريا حتى شهر سبتمبر من سنة [[218 ق. م]]، مما أعطى الوقت الكافي لحنبعل للتقدم من نهر أبرة حتي نهر الرون.

بعد نجاح حنبعل في المراوغة كي لا يدخل معركة ضارية عند ضفاف الرون، اتجه لمساعدة حلفائه الغاليين، الذين كانوا يتعرضون لضغط التعزيزات الرومانية. عبر حنبعل [[جبال الألب]]، متغلباًمتغلبا على المناخ والتضاريس و[[حرب العصابات|كمائن]] القبائل المحلية، ووصل مع ما لا يقل عن 28,000 جندي من المشاة و 6و6,000 فارس و 30و30 فيلاًفيلا حربيًاحربيا إلى "توريني" في إيطاليا. وكان الرومان يتوقعون عبور حنبل لجبال الألب، لكنهم لم يتوقعوا حصول ذلك بهذه السرعة، أي في الحين عندما كان الجنود الرومانيون لا يزالون في ثكناتهم الشتوية.<ref>Livy XXI,32-38</ref> كان عبور حنبعل لجبال الألب إنجازاًإنجازا عظيما لأنه لم يسبق لجيش أن عبرها في فصل الشتاء مع فيلة، كما كان هذا العبور سببا لكي تلغي روما نواياها لغزو [[إفريقية]].

كان حلفاء حنبعل من القبائل الغاليّةالغالية قاطنة وادي نهر [[بو]] لا يزالون بعيدين. فاضطر الأخير للقتال مع قواته التي تناقص عددها لكي يصل إلى حلفائه وليحثّوليحث باقي سكان [[غاليا كيسالبينا]] على التمرد على الرومان. كان أول أهداف حنبل هو الاستيلاء على مدينة "توريني"، فتقدم القرطاجيون واعترضوا قوات رومانية تحت قيادة [[بابليوس سكيبيو]]، الذي سبق أن تجنب حنبعل مواجهته في وقت سابق في [[نهر الرون|وادي الرون]]، والذي لم يكن يتوقع وصوله المبكر على الجانب الآخر من جبال الألب. ونتيجة لذلك نجح فرسان حنبعل في هزيمة الفرسان الرومان في اشتباك طفيف في [[معركة تيسينيوس]]. تعرض "سكيبيو" لجروح خطيرة في المعركة،<ref name="Eutropio3.9">[[Eutropio]], ''[[Breviarium ab Urbe condita]]'', III, 9.</ref> وتراجع مع قواته عبر نهر "تريبيا"، وعسكر في مدينة [[بياتشنسا]] في انتظار التعزيزات. ونتيجة لهزيمة روما في "تيسينيوس"، انضمت كل القبائل الغاليّةالغالية عدا "السينومانيون" إلى القرطاجيين. وسرعان ما أصبحت قبائل الشمال الإيطالي بأكملها بما في ذلك الغاليون والليغورنيون تُعززتعزز جيش حنبعل بما لا يقل عن 40,000 من الرجال.

قبل وصول الأنباء عن الهزيمة في "[[معركة تيسينيوس|تيسينيوس]]" إلى [[روما]]، أمر مجلس الشيوخ القنصل [[تيبيريوس لونجيوس]] بالعودة مع جيشه من جزيرة [[صقلية]]،<ref>Appian's History of Rome, §6</ref> حيث كان يستعد لغزو إفريقية للانضمام إلى "سكيبيو" ومواجهة حنبعل. عرقل حنبعل محاولة جيش لونجيوس الانضمام لجيش سكيبيو. إلا أن استيلاء القرطاجيين على مستودع الإمدادات في قرية كلاستيديوم عن طريق خيانة بعض السكان المحليين ألهىألهي القرطاجيين وسمح لجيش لونجيوس بالانضمام لجيش سكيبيو، الذي كان لا يزال يعاني من إصابات خطيرة. سمح حنبعل للرومان بتحقيق بعض الانتصارات البسيطة، مما أغراهم بقتال حنبعل في [[معركة تريبيا]] تحت قيادة لونجيوس. تلقت القوات الرومانية الأوامر بخوض المعركة دون حتى حصولهم على وجبة الإفطار في ذلك اليوم بل وعبروا نهراًنهرا بارداً،باردا، مما قلل من قدرة الكثيرين على القتال. علاوة على ذلك، قاد "ماجو برقا" - شقيق حنبعل - كتيبة من الجنود القرطاجيين لمهاجمة الرومان من الخلف. تلقى الرومان خسائر فادحة في تلك المعركة، حيث لم ينج سوى 20,000 رجل فقط من أصل 40,000، وغادروا [[غاليا كيسالبينا]]. وبعد أن ثبّتثبت حنبعل مواقعه في شمال إيطاليا بهذا الانتصار، وجد المأوى لقواته في فصل الشتاء بين الغاليين، الذين انضموا بحماس إلى جيشه، مما رفع عدده ليصل إلى 60,000 رجل، لكن بالمقابل انخفضت حماسة جنوده من القرطاجيين الذين شهدوا هذا الأمر.

في سنة [[217 ق. م]]، عزم مجلس الشيوخ الروماني على إرسال جيوش جديدة ضد حنبعل تحت قيادة القنصلين المنتخبين حديثاًحديثا: [[جنايوس جيمينوس]] و[[جايوس فلامينيوس نيبوس]]. كان لفلامينيوس تاريخ من عدم الثقة من زملائه أعضاء مجلس الشيوخ، وخشي من محاولتهم إيجاد ذرائع لتأجيل سفره، فأقدم على مغادرة روما بهدوء لتولي قيادة جيشه في [[ريميني]] دون أداء المناسك الدينية الطويلة المطلوبة من القنصل الجديد.<ref>Livy, ''Ab Urbe Condita'', XXI.63</ref> وعندما علم مجلس الشيوخ بمغادرته، وافق بالإجماع على استدعائه إلى روما، لكنه تجاهل الأوامر، الأمر الذي سبب استياءًاستياء واسع النطاق بين الرومان الذين كانوا يخشون من أن عدم احترام فلامينيوس للآلهة سيجلب الكوارث على روما. تقدم حنبعل إلى وسط إيطاليا كما كان متوقعاً،متوقعا، وتحرك جيش فلامينيوس من ريميني إلى [[أريتسو]]، لتغطية ممرات الألب الجبلية في إتروريا لمحاولة وقف تقدمه. أما سيرفيليوس، الذي كان قد أدّىأدى الطقوس المناسبة فقد تحرك جيشه خلف جيش فلامينيوس، إلى ريميني لتغطية الطريق إلى إتروريا على طول ساحل [[البحر الأدرياتيكي]]. والقوة الثالثة - التي كانت تضم الناجين من الحملات السابقة - كانت تتمركز في أتروريا تحت قيادة سكيبيو. وبالتالي كان الرومان قد أمنوا جميع الطرق المؤدية إلى [[روما]].

في أوائل ربيع سنة [[217 ق. م]]، قرر حنبعل أن يتقدم، تاركا حلفاؤه من القبائل الغالية في وادي نهر بو وعبر جبال الألب، وأقدم على تجنب مواقع الرومان واتخذ الطريق الوحيد غير المحمي إلى إتروريا وذلك عند مصب نهر "أرنو". وكان هذا الطريق يمر من خلال المستنقع الضخم الذي حدث نتيجة لفيضان الأنهر في فصل الربيع. سار جيش حنبعل عدة أيام دون العثور على أماكن مناسبة للراحة، فعانى جنوده الأمرّينالأمرين نتيجة الإرهاق وقلة النوم، وأدّىوأدى ذلك بطبيعة الحال إلى فقدانه لجزء من قواته، بما في ذلك الفيلة القليلة المتبقية.

عندما وصل حنبعل إلى إتروريا في ربيع سنة [[217 ق. م]]، حاول أن يواجه الجيش الروماني الرئيسي بقيادة [[جايوس فلامينيوس نيبوس|فلامينيوس]] في معركة ضارية عن طريق تخريب المنطقة التي أرسل فلامينيوس لحمايتها.<ref name="hart">[[B. H. Liddell Hart|Liddell Hart, B. H.]], ''Strategy'', New York City, New York, Penguin Group, 1967</ref> ثم عاد ولجأ إلى حيلة جديدة، فسار بجنوده نحو الجناح الأيسر لجيش عدوه وبذلك قطع الطريق بينه وبين روما. وبتقدمه نحو إتروريا، استفز حنبعل فلامينيوس الذي سعى لملاحقة القرطاجيين دون استطلاع الطريق حتى.

وفي مضيق جبلي على شاطئ بحيرة تراسمانيا، صنع حنبعل كمينـًاكمينـا لجيش فلامينيوس. نجح هذا الكمين نجاحاًنجاحا كاملاًكاملا في [[معركة بحيرة تراسمانيا]]، والتي قضى فيها حنبعل على معظم الجيش الروماني وقُتلوقتل فلامينيوس نفسه، دون أن يتكبد القرطاجيون أي خسائر تُذكرتذكر. تمكّنتمكن 6,000 جندي روماني من الهرب، ولكن بعد ذلك استطاع [[ماهربعل]] وفرسانه [[نوميديا|النوميديين]] القبض عليهم وإجبارهم على الاستسلام.<ref>Appian's History of Rome, §10</ref> أرسل سكيبيو فرسانه للدعم ولكن ألقي القبض عليهم أيضاًأيضا وأبيدوا عن بكرة أبيهم. ونتيجة لهذا الانتصار، غنم الجيش القرطاجي المكوّنالمكون من الغاليين والأفارقة والأيبيريين والنوميديين من المعدات العسكرية شيءًاشيء كثيراًكثيرا أكثر مما يمكنهم استخدامه بأنفسهم، فبيع الفائض إلى التجار المصريين الذي باعوه بدورهم إلى الرومان أنفسهم.

بعد هذه المعارك العديدة، قام حنبعل بتصنيف الأسرى، فأبقى الرومان محجوزين لديه، أما غير الرومان فأطلق سراحهم لنشر الدعاية في أرجاء إيطاليا بأن الجيش القرطاجي جاء لإيطاليا للقتال من أجل حريتهم ضد الرومان. من الناحية الاستراتيجية،الإستراتيجية، استطاع حنبعل أن يتخلص من القوة الوحيدة التي يمكن أن تعيق تقدمه نحو روما، ولكن على الرغم من دعوات قواده، لم يشرع في غزو روما. وبدلاًوبدلا من ذلك، قرر التوغل جنوباًجنوبا على أمل كسب حلفاء بين قبائل الجنوب الإيطالي.

=== استراتيجيةإستراتيجية فابيان ===

أصابت الهزيمة في [[معركة بحيرة تراسمانيا]] الرومان بالهلع كون القرطاجيين كانوا قد أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من مدينتهم، لذا قرر مجلس الشيوخ اللجوء إلى إجراء كان يتخذ في حالات الطوارئ بتعيين [[دكتاتور روماني|دكتاتور]] مؤقت ليكون قائداًقائدا عاماًعاما للقوات لمدة ستة أشهر، والتي تكون مقسمة عادة بين اثنين من القناصل. كان تنفيذ هذا الإجراء يتطلب وجود قنصل واحد على الأقل لتعيين "دكتاتور"، ولما كان القنصل فلامينيوس ميتاً،ميتا، والآخر سيرفيليوس بعيداًبعيدا مع الجيش الوحيد الذي بقي في إيطاليا، قرر مجلس الشيوخ انتخاب الدكتاتور دون تواجد قنصل. ولما كان هذا الإجراء غير دستورياً،دستوريا، فقد مُنحمنح الشخص المنتخب [[فابيوس ماكسيموس]] لقب "ممثل دكتاتور"،<ref name="Eutropio3.9"/> على الرغم من أنه تمتع بنفس الصلاحيات التي يتمتع بها الدكتاتور. كما عين مجلس الشيوخ [[ماركوس روفوس]] "قائداًقائدا للفرسان" {{لات|magister equitum}}، وحامل هذا اللقب يكون بمثابة الرجل الثاني في القيادة، بدلا من السماح للدكتاتور نفسه باختياره كما جرت عليه العادة سابقًاسابقا.<ref>Livy ''A.U.C.'' XXII.9</ref>

خرج فابيوس عن التقليد الروماني العسكري باستدراج العدو لمعركة ضارية في أقرب وقت ممكن. حيث اخترع استراتيجيةإستراتيجية عسكرية جديدة أطلق عليها تسمية "[[استراتيجيةإستراتيجية فابيان]]"، وهي تتمثل بتجنب فتح معركة مع الخصم، والاستمرار بمناوشة فصائل صغيرة من جيش العدو. لم تحظ هذه الاستراتيجيةالإستراتيجية بشعبية كبيرة بين الجنود بطبيعة الحال، فأطلقوا على قائدهم لقب "المؤجل" {{لات|Cunctator}}، لأنه بدا لهم كما لو كان يحاول تجنب المعركة في الوقت الذي كانت فيه إيطاليا تُدمرتدمر على يد العدو. علاوة على ذلك، كان الرومان يخشون أنه إذا استمر حنبعل في اكتساح إيطاليا دون مقاومة، فسيلجأ حلفاء الرومان الخائفون للتحالف مع القرطاجيين على اعتبار أن روما ليست قادرة على حمايتهم.

كانت سياسة فابيوس هي ملاحقة حنبعل عن طريق السير بمحاذاته على المرتفعات بينما يتحرك القرطاجيين في السهول، لتجنب مواجهة فرسان حنبعل الذين كان لهم الأفضلية في السهول. تطلب الأمر من الرومان الحيطة والحذر خوفاًخوفا من أن يستغل القرطاجيون مهاراتهم لنصب كمائن للرومان. لهذا السبب، عدلوا تشكيلهم أثناء السير ليسيروا في ثلاثة خطوط متوازية بدلاًبدلا من خط واحد، وقد كانت التشكيلة الأولى، أي الخط الواحد، هي السبب في هزيمتهم في معركة بحيرة تراسمانيا.

استطاع فابيوس بتحرشه المستمر بقوات حنبعل، أن يقبض على بعض الأسرى. وعندئذ، قرر فابيوس وروفوس أن يتبادلوا الأسرى وفقا للشروط نفسها التي تم الاتفاق عليها في [[الحرب البونيقية الأولى]]. على الرغم من أن القرطاجيين أعادوا للرومان عدة مئات من الأسرى أكثر مما كانوا يتوقعون مقابل أن يدفع الرومان تعويضاًتعويضا مالياً،ماليا، لكن مجلس الشيوخ تردد في الدفع. ومع ذلك، لم يَعتدييعتدي القرطاجيون على ممتلكات فابيوس، وذلك لحث الرومان على الثقة بهم. وفي النهاية اضطر فابيوس لبيع ممتلكاته لكي يدفع لجيش الأعداء ليتسلم باقي الأسرى.

كان روفوس قائد الفرسان من أكثر المعارضين في صفوف الجيش ضد استراتيجيةإستراتيجية حرب الاستنزاف التي ينتهجها فابيوس. وبمجرد أن حقق روفوس نجاحاًنجاحا بسيطاًبسيطا في بعض المناوشات مع القرطاجيين، أعطى مجلس الشيوخ لروفوس نفس صلاحيات القيادة التي لفابيوس، الذي اُتهماتهم بالجبن. ونتيجة لذلك قرر الرجلان تقسيم الجيش بينهما. استطاع حنبعل جذب روفوس مع فرقته لكمين في [[معركة جيرونيوم]]. هرع [[فابيوس ماكسيموس]] لمساعدة شريكه في القيادة فتراجعت قوات حنبعل على الفور.<ref name=bagnall189>Bagnall, Nigel, The Punic Wars, p 189, id = ISBN 0-312-34214-4</ref> وعندئذ، قبل [[ماركوس روفوس|روفوس]] أن يترك سلطة القيادة لفابيوس،<ref>Appian's History of Rome, §13</ref> وبذلك انتهىانتهي الصراع السياسي بينهما.

{{مقال تفصيلي|معركة كاناي}}

أصبح فابيوس لا يحظى بشعبية في روما، حيث أن منهجه العسكري لم يؤدّيؤد إلى نهاية سريعة للحرب، فسخر الشعب الروماني منه واستمروا يطلقون عليه لقب "المؤجل". وفي انتخابات سنة [[216 ق. م]] انتخب القنصلان [[جايوس ترينتيوس فارو]] و[[لوسيوس أميليوس باولوس]]،<ref name="Eutropio3.10">Eutropio, ''Breviarium ab Urbe condita'', III, 10.</ref> وكلاهما كان ينادي بانتهاج استراتيجيةإستراتيجية حرب أكثر عدوانية.<ref name="Eutropio3.10"/>

فشل حنبعل في حملة سنة [[217 ق. م]] في الحصول على تأييد القبائل الإيطالية، أما في السنة التالية فكانت لديه الفرصة لتحويل مجرى الأمور لصالحه. فبادر بالمناوشة في ربيع سنة [[216 ق. م]]، واستولى على مستودع كبير للإمدادات في كاناي في سهل بوليا. وهكذا، عن طريق الاستيلاء على كاناي، وضع حنبعل نفسه بين الرومان والمصدر الأساسي لإمداداتهم الغذائية. فأمر مجلس الشيوخ الروماني بإرسال جيشين بقيادة القنصلين فارو وباوليوس، وبحسب بعض التقديرات، كان عدد المقاتلين في الجيش يصل إلى مئة ألف مقاتل، على الرغم من أن هذا الرقم لا يمكن التحقق من صحته تماما.

قرر القنصلان فارو وباوليوس مواجهة حنبعل وسارا جنوباًجنوبا إلى سهل بوليا. وبعد مسيرة يومين، وجدوه على الضفة اليسرى لنهر "أوفيديوس"، وعسكروا على بعد ستة أميال منه. راهن حنبعل على حماسة فارو ورغبته في تحقيق نصر،<ref name="Eutropio3.10"/> واستدرجه إلى فخ باستخدام [[تكتيك الكماشة]]<ref name="Eutropio3.10"/> الذي قضى على الميزة العددية للرومان بتقليص ميدان المعركة. ونظرا للتكتيك الرائع الذي استخدمه حنبعل في المعركة، تمكن الجيش القرطاجي طبقاًطبقا لبعض المصادر من قتل وأسر عدد يتراوح بين 50,000 و 70و70,000 جندي روماني<ref name="Eutropio3.10"/> في [[معركة كاناي]].

{{اقتباس خاص|كانت الهزيمة في كاناي أخطر بكثير من الهزائم التي سبقتها، كان ذلك واضحاًواضحا في سلوك حلفاء [[روما]]. قبل ذلك اليوم المشؤوم كان ولاؤهم لروما غير مشكوك فيه، والآن بدؤوا في التفكير في تغيير ولائهم بعدما خذلهم الرومان.<ref>Healy, Mark, ''Cannae: Hannibal Smashes Rome's Army'', Steerling Heights, Missouri, Osprey</ref>}}

وخلال تلك السنة نفسها، تمردت المدن اليونانية في [[صقلية]] وثارت على السيطرة الرومانية السياسية. في الوقت نفسه، تحالف حنبعل مع الملك المقدوني [[فيليب الخامس ملك مقدونيا|فيليب الخامس]]، الذي تعهد بتقديم الدعم له ولجيشه،<ref name="Eutropio3.12">Eutropio, ''Breviarium ab Urbe condita'', III, 12.</ref> فكانت تلك الشرارة التي بدأت [[الحرب المقدونية الأولى]] ضد روما. تحالف حنبعل أيضاًأيضا مع الملك الُمعيّنالمعين حديثاًحديثا "هيرونيميوس" ملك [[سرقوسة]]، كما أعلنت [[تارانتو]] ولاءها له.

وبهذا أصبح لحنبعل الموارد والجنود اللازمة لشن هجوم ناجح على مدينة روما. ومع ذلك، كان لا يزال غير واثقٍواثق من جدوى مثل هذا الهجوم وأمضى قدراًقدرا كبيراًكبيرا من الوقت في التفكير فيه، وفي الوقت الذي كان يتردد فيه في تنفيذ الهجوم، استطاع الرومان لم شملهم، فضاعت عليه الفرصة. كان الحدث الأبرز الآخر في سنة [[216 ق. م]] هو سقوط مدينة "كابوا"، ثاني أكبر مدينة في إيطاليا، والتي اتخذها حنبعل قاعدة جديدة له.<ref name="Eutropio3.11">Eutropio, ''Breviarium ab Urbe condita'', III, 11.</ref> لم يكن سقوط كابوا مرضياًمرضيا لطموحات حنبعل حيث أن هذا الحدث لم يشجع سوى عدد قليل من الدول المدن في إيطاليا التي كان يتوقع أن يكتسبها كحلفاء بالموافقة على الانضمام إليه. وعلاوة على ذلك، لم تستطع البحرية المقدونية مواجهة البحرية الرومانية، ولذا استمروا غير قادرين على مساعدته.

أرسل حنبعل وفدًاوفدا إلى روما للتفاوض على عقد معاهدة سلام وعرض إطلاق سراح الأسرى الرومان لديه مقابل فدية، ولكن روما رفضت جميع العروض.

[[ملف:RomaViaAppiaAntica03.JPG|تصغير|يمين|جزء شديد الحفظ من الدرب الآبيوسي {{لات|Via Appia}}، وهو أول الطرقات الرئيسية الرومانية في [[إيطاليا]]. أطلق مشروع بناء هذا الدرب برعاية الرقيب "آبيوس كلوديوس" سنة 312 ق. م واستمر بناؤها على مراحل حتى سنة 269 ق. م عندما بلغت مقصدها، وهو مرفأ [[برينديزي]]. استخدمت هذه الدرب من قبل الجيوش الرومانية، بما فيها جيش فابيوس ماكسيموس للوصول إلى حنبعل في جنوب إيطاليا خلال الفترة الممتدة بين سنتي 216 وو203 203ق ق.م.]]

بعد معركة كاناي، اختارت معظم قبائل الجنوب الإيطالي التحالف مع حنبعل. وتوجه جزء من الجيش بقيادة [[ماجو برقا|ماجو]] جنوباً،جنوبا، بينما سار باقي الجيش شمالاًشمالا مع حنبعل. وكانت أكبر المكاسب هي السيطرة على مدينة "كابوا" ثاني أكبر المدن في إيطاليا، حيث طمعت الطبقة الأرستقراطية في المدينة في أن تصبح المدينة العليا في إيطاليا بعد الكارثة التي حلت بالرومان، فعقدوا اتفاقية صداقة مع حنبعل استطاع من خلالها أن يحصل على الميناء الذي رغب باستخدامه للحصول على التعزيزات.<ref>Hoyos 122f</ref> وبحلول سنة [[215 ق. م]] كان حلفاء حنبعل يسيطرون على الجزء الأكبر من جنوب إيطاليا (باستثناء [[كروتوني]] التي غزاها حلفاؤه فيما بعد). كما أصبح شمال إيطاليا حيث القبائل الغاليّةالغالية خارج السيطرة الرومانية.<ref>Hoyos 132</ref>

اعتبر حنبعل أنه من الضروري الاستيلاء على مدينة "نولا"، والتي تقع في [[كامبانيا]] وبها قلعة رومانية. وهي المنطقة التي تربط بين حلفائه وبها أهم ميناء يمد الرومان باحتياجاتهم، لكن الرومان قضوا على التيار الموالي للقرطاجيين في المدينة قبل أن يقوم بمحاولته الأولى، وبذلك لم يعد هناك فرصة لارتكاب خيانة فيها. حاول حنبعل أن يفتح المدينة ثلاث مرات عن طريق حصارها في أعوام [[216 ق. م]] و[[215 ق. م]] وو214 214ق ق.م، ولكن دفاع حاميتها بقيادة [[ماركوس كلاوديوس مارسيليوس]] جعلها منيعة وصامدة واستمرت على هذا المنوال حتى دب اليأس إلى القائد القرطاجي وجنوده.<ref name="Eutropio3.12"/> ومع ذلك، استطاع حنبعل في عام [[215 ق. م]] أن يحتل منطقة "كاسيلينيوم"، وهي موقع آخر مهم للتحكم في كامبانيا.

كانت [[سرقوسة]] ذات أهمية كبرى بالنسبة للقرطاجيين، على الرغم من أنها لا تقع في شبه الجزيرة الإيطالية، وذلك كونها تلعب دوراًدورا مهمًامهما في تأمين الطرق البحرية للإمدادات، ولما كانت [[مرسى علي|ليلبايوم]] لا تزال في أيدي الرومان، استغل حنبعل فرصة وفاة "هيرو الثاني"، ملك سرقوسة وأحد الحلفاء الأقوياء للرومان،<ref>Livy xxi. 49-51, xxii. 37, xxiii. 21</ref> وتولي خليفته "هيرونيموس" الساخط على التحالف مع الرومان العرش، فأوفد اثنين من مساعديه نجحا في كسب تأييد السرقوسيين. كانت طموحات السرقوسيين كبيرة، ولكن جيشهم لم يكن نداًندا للقوات الرومانية، مما أدى إلى حصار سرقوسة بين عاميّعامي 214 ق. م وو212 212ق ق.م. وخلال هذا الحصار برعت آلات [[أرخميدس]] في صد جميع الهجمات الرومانية.

كان هدف حملة حنبعل في إيطاليا هو محاربة الرومان بمواردهم المحلية. وفي سنة 214 ق. م استطاع مساعده "هانو" جمع عدد من الجنود في "سامينيوم"، ولكن الرومان بقيادة [[تيبيريوس جراكوس]] اعترضوا هذه الحشود في [[معركة بنفنتوم الأولى]] وقضوا عليها قبل أن تصل إلى مقر قيادة حنبعل. فكان حنبعل قد تمكن من كسب حلفاء، إلا أن الدفاع عنهم ضد الرومان شكّلشكل مشكلة جديدة وصعبة في الوقت الذي يحظى فيه الرومان بجيوش جرارة في عدة مواقع. وهكذا، استطاع فابيوس أن يسحب من القرطاجيين أحد حلفائهم في سنة 213 ق. م.

== الأوضاع في غرب البحر المتوسط (212 ق. م. - 207 ق. م.) ==

في سنة 211 ق. م، قام الإخوة سكيبيو باستئجار 20,000 من الجنود المرتزقة في [[أيبيريا]] لتعزيز جيشهم الذي يضم 30,000 جندي من المشاة و 3و3,000 فارس. كان القرطاجيون قد قسموا جيشهم إلى 15,000 جندي تحت قيادة [[صدربعل برقا|صدربعل]]، و 10و10,000 جندي لكل من [[ماجو برقا|ماجو]] و[[صدربعل جيسكو]] إلى الغرب من صدربعل برقا، فقرر الإخوة سكيبيو تقسيم قواتهم بدورهم. أخذ [[بابليوس سكيبيو]] 20,000 جندي روماني مع جنود حلفائهم وهاجموا ماجو قرب "كاستولو"، في حين أخذ سكيبيو الأصلع 10,000 جندي مع الجنود المرتزقة للهجوم على صدربعل، فوقعت معركتا كاستولو وإيلوركا في غضون أيام قليلة، واللتان عادة ما تعرفا ب[[معركة بيتس العليا]]. انتهت هذه المعارك بهزيمة الرومان،<ref>Livy XXIV,41</ref> حيث قام صدربعل برشوة الجنود المرتزقة الذين استأجرهم الرومان ليعودوا إلى وطنهم من دون قتال.

نتيجة لهذه المعارك، اضطر الرومان إلى التراجع إلى نقاطهم الحصينة في شمال أيبيريا حيث لا يستطيع القرطاجيون ملاحقتهم. ومن الجدير بالذكر أن الجنود الرومان قرروا انتخاب قائد جديد حين لقى القائدان مصرعهما، وهذا الفعل لم يسبق له سابقة في الجيش الروماني، إذ أنه لم يكن متبعًامتبعا سوى في [[حروب بونيقية|الجيوش البونيقية]] والهلينية.

في سنة 210 ق. م، وصل [[سكيبيو الإفريقي]] إلى أيبيريا بناءًبناء على أوامر من [[مجلس الشيوخ الروماني|مجلس الشيوخ]] للانتقام لوالده وعمه.<ref name="Eutropio3.13">Eutropio, ''Breviarium ab Urbe condita'', III, 13.</ref> نجح سكيبيو في إعادة الاتزان لميزان القوى في أيبيريا، وذلك عندما استولى على [[قرطاجنة، إسبانيا|قرطاجنة الجديدة]] في عام 209 ق. م بعد [[معركة قرطاجنة]].<ref>Tito Livio, ''Ab Urbe condita libri'', XXVI, 47.</ref> كما هزم صدربعل في [[معركة بيكولا]] في عام 208 ق. م.، ولكنه لم يتمكن من منعه من مواصلة مسيرته إلى إيطاليا من أجل تعزيز قوات شقيقه حنبعل.

في سنة 206 ق. م.، هزم سكيبيو الإفريقي جيش مجمعا من قوات [[ماجو برقا]] و[[صدربعل جيسكو]] و[[ماسينيسا]]، وبذلك وضع حدًاحدا للوجود القرطاجي في أيبيريا.

== الأوضاع في وسط البحر المتوسط (212 ق. م. - 207 ق. م.) ==

وصل التوسع القرطاجي إلى ذروته عندما بدلت مدينة [[تارانتو]] ولاءها وتحالفت مع حنبعل في سنة 212 ق. م. وكانت [[معركة تارانتو الأولى]] قد تم التخطيط لها بدقة بواسطة حنبعل والمواليين له من قادة المدينة، الأمر الذي جعل الهجومان المنفصلان على أبواب المدينة ناجحان. وقد اتخذ الجيش القرطاجي ستاراًستارا من الفرسان [[نوميديا|النوميديين]] المغيرة لدخول المدينة على حين غرة والسيطرة عليها، ولكن تمكن الرومان والموالون لهم من التجمع في قلعة المدينة. فشل القرطاجيون في إسقاط القلعة كما لم يتمكنوا من السيطرة على الميناء، واضطروا بعد ذلك لنقل السفن الحربية فوق اليابسة لإنزالها في عرض البحر.

في سنة 212 ق. م.، لم يستطع كلا الطرفان تحقيق النصر في [[معركة كابوا الأولى]]، وقرر الرومان الانسحاب وإنهاء حصار كابوا.<ref>G.P. Baker, Hannibal, p194</ref> فتم تعزيز الفرسان في كابوا بألفيّبألفي فارس نوميدي. وفي نفس السنة، في "معركة بنفنتوم الثانية" هُزمهزم [[هانو الكبير|هانو]] مرة أخرى، وهذه المرة من جانب [[كوينتوس فلافيوس فلاكوس]]. وبعد ذلك في [[معركة سيلاريوس]] في عام 212 ق. م.، تعرض الرومان بقيادة "ماركوس سينتينيوس" لكمين وقُضيوقضي على أغلب جنودهم البالغ عددهم ستة عشر ألف جندي ولم ينج منهم سوى 1,000.

كانت آخر هزيمة للرومان في سنة 212 ق. م.، في [[معركة هردونيا الأولى]] عندما تمكن 2,000 جندي روماني فقط من أصل 18,000 جندي من النجاة من هجوم مباشر من قبل قوات حنبعل المتفوقة عدديا، والذي خطط لكمين يقطع على طريق الرومان أثناء الانسحاب.

[[ملف:Tomba archimede.JPG|تصغير|قبر إغريقي قديم في [[سرقوسة]] بجزيرة [[صقلية]]، يُعتقديعتقد بأنه يعود [[أرخميدس|لأرخميدس]].]]

اتسمت هذه المرحلة من الحرب بسقوط المدن الرئيسية والثانوية للرومان. أثناء حصار سرقوسة (214 ق. م - 212 ق. م)، جعلت عبقرية [[أرخميدس]] في اختراع آلات الحرب من المستحيل على الرومان تحقيق أي مكاسب بالأساليب التقليدية لحرب الحصار. وقد أرسل الجيش القرطاجي 20,000 جندي للتخفيف عن المدينة، ولكن هذا الجيش عانى أكثر من الرومان من الوباء، وبالتالي اضطر إلى التراجع إلى [[أغريجنتو]]. وفي النهاية، سقطت [[سرقوسة]] في قبضة الرومان غدراً،غدرا، عندما حدثت خيانة ساعدت الرومان على دخول المدينة وأسفر ذلك عن مقتل أرخميدس.<ref name="Eutropio3.14">Eutropio, ''Breviarium ab Urbe condita'', III, 14.</ref>

حاول حنبعل مرة أخرى في "معركة كابوا الثانية" سنة 211 ق. م. الاستيلاء على المدينة عن طريق استدراج الرومان لمعركة ضارية. ولكنه لم يوفّق،يوفق، كما أنه لم يكن قادراًقادرا على هزيمة المُحاصرينالمحاصرين. لذا لجأ إلى خطة جديدة بالانطلاق نحو روما، لإجبار الرومان على التخلي عن الحصار والاسراع للدفاع عن مدينتهم. ومع ذلك، لم يترك في كابوا سوى جزء من القوة المحاصرة لنجدة روما، ومع استمرار الحصار سقطت كابوا بعد ذلك بفترة قصيرة. وبالقرب من روما، خاض حنبعل معركة أخرى.

في سنة 210 ق. م.، كانت [[معركة هردونيا الثانية]] لرفع الحصار الروماني عن المدينة الحليفة للقرطاجيين. استطاع حنبعل أسر القائد "غنايوس فلافيوس سينتوماليوس" على حين غرة أثناء حصاره هردونيا ودمر جيشه في معركة ضارية قتل فيها 13,000 من الرومان من أصل 20,000 جندي. وفي سنة 210 ق. م.، ثار سكان [[بوليا]] على الحامية النوميدية وهزموهم وانضموا للرومان.

وفي سنة 210 ق. م. وقعت "معركة نمسترو" غير الحاسمة بين حنبعل و[[ماركوس كلاوديوس مارسيليوس]]، وحاول الرومان ثانية القضاء على حنبعل عام 209 ق. م في [[معركة كانوسيوم]] التي لم تكن حاسمة أيضاًأيضا.<ref name="plutmarc">Plutarch, The Lives of the Noble Grecians and Romans, [[s:Lives/Marcellus|Marcellus]]</ref><ref>Livy, [http://etext.virginia.edu/etcbin/toccer-new2?id=Liv4His.sgm&images=images/modeng&data=/texts/english/modeng/parsed&tag=public&part=65&division=div2 XXVII, 14]</ref>

في غضون ذلك، مكنت هذه المعركة جيشاًجيشا رومانياًرومانيا آخر تحت قيادة فابيوس من الاستيلاء على [[تارانتو]] عن طريق خيانة في "معركة تارانتو الثانية". كان حنبعل في ذلك الوقت قد تمكن من سحب قواته من أمام مارسيليوس، وكان على بعد 8 كيلومترات فقط من المدينة، التي كانت تحت قيادة [[قرطالو]] الذي استسلم إلى فابيوس بعد أن اتفق معه على حسن معاملة السكان وعدم التعرض لهم.

في سنة 207 ق. م. لم تكن [[معركة جرومنتيوم]] بين [[جايوس كلاوديوس نيرو]] وحنبعل قد حسمت بعد. وبعد المعركة، استطاع نيرو أن يخدع حنبعل بإيهامه أن الجيش الروماني كله كان لا يزال في معسكره. في أثناء ذلك، تحرك نيرو مع بعض جنوده شمالاً،شمالا، لتدعيم الرومان هناك لمحاربة صدربعل في [[معركة ميتوريوس]].<ref>[http://etext.lib.virginia.edu/etcbin/toccer-new2?id=Liv4His.sgm&images=images/modeng&data=/texts/english/modeng/parsed&tag=public&part=2&division=div1 Livy: History of Rome, Book 27]</ref> قبل عام بعد الهزيمة في [[معركة بيكولا]]، كانت قوة قرطاجية تحت قيادة صدربعل، قد غادرت أيبيريا وتلقت تعزيزات من [[بلاد الغال]] والمرتزقة وحلفائهم. ومن الجدير بالذكر، أنهم اتخذوا نفس الطريق الذي اتخذه حنبعل قبل 10 سنوات، لكنهم تكبدوا خسائر أقل، بفضل المعلومات التي حصلوا عليها من الجنود المرتزقة المنتمين للقبائل الجبلية في تلك المنطقة.

== الأوضاع في غرب البحر المتوسط (206 ق. م. - 201 ق. م.) ==

[[ملف:Tomb of Massinissa 01.jpg|تصغير|بقايا ضريح الملك النوميدي "[[ماسينيسا]]" (مابين سنتي 238 و 148و148 ق. م تقريبًاتقريبا)، بالقرب من مدينة [[قسنطينة]] [[الجزائر|بالجزائر]].]]

في [[معركة إليبا]] قام عدد كبير من المرتزقة الذين استأجرهم الجيش القرطاجي بالتصدى لجيش مكون من الرومان والأيبيريين. فأقدم سكيبيو الإفريقي على اللجوء لحيلة ذكية، فاستمر طيلة عدة أيام ينظم جيشه للمعركة بوضع الجنود الرومان في قلب الجيش والأيبيريين على الأجنحة، وما أن يبدأ القرطاجيون بالهجوم، فإنه يأمر جيشه بالانسحاب. خدعت هذه الحيلة القائدين القرطاجيّيْنالقرطاجيين ماجو وصدربعل جيسكو عندما توقعا بأن الرومان سيكونون في القلب. في يوم المعركة، اتجه الرومان لأرض المعركة مبكراًمبكرا وشكّلواوشكلوا جناحي الجيش. في نفس الوقت، كان القرطاجيون قد وضعوا أفضل رجالهم في القلب لمواجهة الجنود الرومان. وهكذا سحق الرومان مرتزقة الجيش القرطاجي الذين كانوا على الجناحين. فرّفر المرتزقة من المعسكر القرطاجي في تلك الليلة. أنهت هذه الهزيمة الكارثية التواجد القرطاجي في أيبيريا. وبعد ذلك، استولى الرومان على مدينة [[قادس]] في سنة 206 ق. م، بعد أن ثارت المدينة ضد الحكم القرطاجي.

آخر محاولة للقرطاجيين كانت في سنة 205 ق. م. عندما حاول ماجو استعادة مدينة [[قرطاجنة، إسبانيا|قرطاجنة]] الأيبيرية. ولكن الهجوم فشل. وفي نفس العام، غادر ماجو أيبيريا، وأبحر من [[منطقة جزر البليار ذاتية الحكم|جزر البليار]] إلى [[إيطاليا]] مع قواته الباقية.

في سنة 206 ق. م.، كان هناك تتابع سريع للملوك في نوميديا الشرقية، والذي لم ينتهي إلا عند تقسيم المملكة بين [[قرطاجنة]] والملك [[صيفاقس]] ملك نوميديا الغربية، أحد الحلفاء السابقين للرومان، وكان ذلك عبر صفقة تقتضي بأن يتزوج صيفاقس من [[صفنبعل]]، ابنة صدربعل جيسكو. وهكذا، لجأ [[ماسينيسا]]، ملك النوميديين الذي خسر خطيبته لصالح صيفاقس وعرشه لصالح قرطاجة ونوميديا الشرقية بعد أن كان قد ساعد القرطاجيون سابقًاسابقا على الرومان في أيبيريا، لجأ إلى الرومان الذين كان قد سبق واتصل بهم خلال مشاركته بالحرب في شبه الجزيرة سالفة الذكر.

== الأوضاع في وسط البحر المتوسط (206 ق. م. - 201 ق. م.) ==

في سنة 205 ق. م.، وصل [[ماجو برقا]] بقواته إلى إيطاليا. وسرعان ما اشتبك مع الرومان وهزم في [[معركة وادي بو]] في سنة 203 ق. م.<ref name="livy 30.18">Livy, XXX, 18</ref> أما في الجنوب فبقي الوضع معلّقاًمعلقا عندما لم يحسم أي من حنبعل أو الرومان [[معركة كروتوني]].

أسند إلى سكيبيو الإفريقي قيادة الفيالق الرومانية في [[صقلية]]، وهناك تلقى أمراًأمرا بإنهاء الحرب عن طريق غزو [[إفريقية]]. وكانت هذه الفيالق مكونة من الناجين من [[معركة كاناي]] الذين لم يكن مسموحاًمسموحا لهم العودة إلى الدّيارالديار حتى تنتهي الحرب. كان سكيبيو أيضاًأيضا واحداًواحدا من الناجين، وكان قد أبلى بلاءاًبلاء حسناًحسنا خلال حصار [[سرقوسة]]، فتم السماح له بالعودة إلى روما، وهناك تدرج بنجاح في المناصب العامة، حتى تولى قيادة القوات في [[أيبيريا]].

في غضون سنة من وصوله لإفريقيّة،لإفريقية، هزم سكيبيو القوات القرطاجية تحت قيادة [[صدربعل جيسكو]] وحلفائه [[نوميديا|النوميديين]] في معركتي [[معركة يوتيكا|يوتيكا]]<ref>''Caven'', Punic Wars, pp. 241-242</ref> و[[معركة السهول الكبرى|السهول الكبرى]].<ref>''Caven'', Punic Wars, pp. 242-243; ''Scullard'', Scipio Africanus, pp. 128-131</ref> وكان الملك [[صيفاقس]] ملك النوميديين الغربيين، الحليف الرئيسي للقرطاجيين، قد هزم وأُسروأسر في [[معركة سيرتا]] أمام [[جايوس لايلوس]]، في الوقت الذي استعاد فيه [[ماسينيسا]]، المنافس النوميدي لصيفاقس وحليف الرومان، جزءاًجزء كبيراًكبيرا من مملكته بمساعدتهم. أقنعت هذه الانتكسات بعضاًبعضا من القرطاجيين، بالدعوى للسلام. بينما طالب البعض الآخر بعودة [[حنبعل]] و[[ماجو برقا|ماجو]]، الذين كانا لا يزالان يقاتلان الرومان في [[قلورية]] و[[غاليا كيسالبينا]] على التوالي.

وفي سنة 203 ق. م.، في الوقت الذي كان فيه سكيبيو الإفريقي وحزب السلام القرطاجي يرتبون [[هدنة|لهدنة]]، استدعي حنبعل من إيطاليا من قِبلقبل حزب الحرب في قرطاجنة. وبعد أن سجّلسجل رحلته بالقرطاجية و[[لغة يونانية|اليونانية]] على جدران معبد الإلهة "جونو" في [[كروتوني]]، أبحر عائداًعائدا إلى إفريقيّةإفريقية. وفور وصول حنبعل استعاد حزب الحرب الهيمنة في قرطاجنة، ووضعوا تحت قيادته قوّاتاًقواتا من الأفارقة والمرتزقة الإيطاليين. لكن حنبعل اعترض على ذلك، وحاول إقناعهم بعدم إرسال الأفارقة غير المدربين في المعركة. وفي سنة 202 ق. م، التقى حنبعل وسكيبيو في مؤتمر للسلام. وعلى الرغم من الإعجاب المتبادل بين القائدين، تعثرت المفاوضات، حيث اعترض الرومان على سوء النوايا القرطاجية.

في سنة 202 ق. م.، كانت المعركة الحاسمة، وفيها، خلافًاخلافا لمعظم معارك الحرب البونيقية الثانية، كان التفوق ل[[سلاح الفرسان]] الروماني، بينما كان القرطاجيون متفوقين في سلاح المشاة، كذلك، كان الجيش الروماني أفضل تسليحاًتسليحا من الجيش القرطاجي. رفض حنبعل قيادة هذا الجيش في المعركة لأنه لم يكن يتوقع له القدرة على الصّمودالصمود. فحدثت بينه وبين [[أوليغاركية|الأوليغارشية]] نقاشات كثيرة، كما أُجبرأجبر صدربعل جيسكو شريك حنبعل في القيادة على الانتحار لتأييده رأي حنبعل بأنه لا ينبغي أن تذهب هذه القوات إلى المعركة. وقد بلغ من استياء حنبعل أنه لم يخطب في قواته الجديدة قبل المعركة، ولكنه اكتفىاكتفي بإلقاء كلمة لقدامى المحاربين فقط.

فقدت قرطاجنة [[هسبانيا]] إلى الأبد، وأصبحت دولة تابعة للرومان. وفُرضتوفرضت عليها تعويضات حرب تقدر بعشرة آلاف [[طالنط]]، كما مَنعتمنعت القرطاجيين من الاحتفاظ بأكثر من عشرة سفن فقط لحماية سواحلهم من القراصنة، ومُنعواومنعوا أيضاًأيضا من جمع أي جيش دون إذن من روما. أعطى ذلك الفرصة للنوميديين لاحتلال ونهب الأراضي القرطاجية. وبعد نصف قرن، عندما جمعت قرطاجنة جيشاًجيشا للدفاع عن نفسها ضد هذه التهديدات، دمّرتدمرت روما هذا الجيش في [[حرب بونيقية ثالثة|الحرب البونيقية الثالثة]]. أما روما، فبانتصارها أتتها الفرصة للهيمنة على [[البحر المتوسط]].

لم تكن نهاية الحرب مرحباًمرحبا بها في روما، لأسباب تتعلق بالسياسة والمعنويات. فعندما صدر مرسوم من مجلس الشيوخ للاتفاق على معاهدة سلام مع قرطاجنة، قال "كوينتس كاسيليوس ميتيليوس"، وهو قنصل سابق: «إنني لا أعتقد أن إنهاء الحرب شيء سيسعد روما، أخشى أن يغرق الشعب الروماني مرة أخرى في سباته السابق، الذي أيقظهم منه وجود حنبعل». اتفق أيضاًأيضا معه "كاتو الكبير"، الذي قال: «إن لم يَتميتم تدمير قرطاج تماماً،تماما، فبعد فترة ستستعيد قوتها وتشكل تهديداًتهديدا جديداًجديدا لروما، وستضغط على روما للحصول على اتفاق أفضل للسلام». أصر كاتو على تدمير قرطاجنة حتى بعد إبرام معاهدة السلام، وأنهىوأنهي خطبته بعبارة: "''علاوة على ذلك، أعتقد أنه ينبغي تدمير قرطاج''" {{لات|ceterum censeo Carthaginem esse delendam}}.<ref>[[Plutarch]], [http://penelope.uchicago.edu/Thayer/E/Roman/Texts/Plutarch/Lives/Cato_Major*.html Life of Cato]</ref>

في هذا الصراع، لعبت الاستخبارات دورًادورا هامًاهاما في كلا الجانبين. فقد أسس حنبعل شبكة من المخابرات التي مكنته من تحقيق انتصاراته البارزة.<ref>Zlattner 1997</ref> وبالمثل، كانت انتصارات [[سكيبيو الإفريقي]] الرئيسية معتمدة على المعلومات التي جمعها جواسيسه. في سنة [[217 ق. م]]، تم القبض على مواطن روماني يُقيميقيم في روما، كان يعمل كجاسوس للقرطاجيين، وقطعت يداه كعقوبة على ذلك.<ref>Austin&Rankov 1995, p. 93, Livy XXII 33.1</ref>

* يعتبر الكثير من المؤرخين الحرب البونيقية الثانية أول حرب عالمية في التاريخ،<ref>cfr. ad esempio Gianni Granzotto in "Annibale", Mondadori 1980</ref> فقد دارت في العديد من البلدان في منطقة [[البحر المتوسط]] في ذات الوقت، كما شارك فيها بالإضافة إلى الرومان والقرطاجيين، شعوب [[أيبيريا|الأيبيريين]] و[[بلاد الغال|الغاليين]] و[[ليغوريا|الليغوريين]] والسلتيين و[[نوميديا|النوميديين]] و[[مقدونيا|المقدونيين]]. كما فقد فيها الرومان خلال 17 عاماًعاما من الحرب نحو 300,000 قتيل، في الوقت الذي كان فيه عدد السكان حوالي 4 ملايين نسمة، أي بنسبة تتجاوز 7% من السكان.<ref>fonte: Lanfranco Sanna, "La seconda guerra punica", su www.arsmilitaris.org/pubblicazioni</ref>

* قال عنها المؤرخ [[تيتوس ليفيوس]] «إنها حرب لا تنسى، تلك الحرب التي شنها القرطاجيون تحت قيادة حنبعل على الرومان. لقد استنزفت الحرب موارد البلدين، كما استخدم الفريقان فنوناًفنونا حربية لم تكن معروفة من قبل<ref>Livy XXI,3-11</ref>».

== المراجعمراجع ==

== المصادرمصادر ==

{{مقالة مختارة}}{{الحروب البونيقية}}