التفاصيل لمدخلة السجل 5٬778٬464

21:16، 9 أبريل 2021: Manhalsoro (نقاش | مساهمات) أطلق المرشح 116; مؤديا الفعل "edit" في منصور سورو سيرة و شهادة. الأفعال المتخذة: وسم; وصف المرشح: إضافة أرقام عربية مشرقية (افحص)

التغييرات التي أجريت في التعديل

'''1- المقدمة'''
يسعدني أن أقدم للقراء الأفاضل هذه النخبة المختارة من المثقفين المعنيين بتراث بلدنا الحبيب العراق واثار رموزنا ومبدعينا الذين رفدوا مسيرة التعليم وخصوصا في بلدتنا القوش العزيزة على قلوبنا، هذا العمل المتواضع من مجموعة مقـالات وتعليقات وتعقيبات عن مربي فاضل كانت له بصمه في تاريخ القوش في فترة صعبة مليئة بالأحداث الهامة الا وهو الأستاذ منصور اودا سورو مدير ثانوية القوش للفترة (1957 – 1966) والذي استطاع بحنكته واسلوبه وتفانيه من إيصال السفينة الى بر الأمان بعد ان كانت تتلاطمها الأمواج و الرياح العاتية والعواصف الشديدة.
[[ملف:Mansour soro the memo and biography.jpg|تصغير]]
آمل أن يجد القارئ الكريم في هذا الكتاب القدوة الحسنة والفائدة المرجوة مع المتعة في استذكار حقبة مهمة عصفت ببلدنا والتي حرصتُ أن أجعل منها باقات لمختلف الكٌتاب المعنيين بالأدب والسياسية والتاريخ والتراث وتعتبر مقالاتهم أثيرة، تفوح منها كلمات بشذا عطر أساليبهم الجميلة، وعبق تراثنا العراقي الأصيل، متأملا إلى أن نجد ناشئتنا واجيالنا القادمة تحذو حذو من سبقونا ويستفيدوا من دروس ابائنا فهم النبراس والهداية وقد بذلوا جل امكاناتهم في تقويم اجيالا نامل ان يتبعوا خطاهم، وصولاً إلى ما كان عليه أولئك السلف الصالح من نفوس أبية طيبة، وقلوب مؤمنة صافية، وعقول فذّة ذكية، وعلوم ثرية مفيـدة، وآراء حكيمـة سديدة، وحكم قويم سليم.<ref>http://kaldany.ahlamontada.com/t9781-topic (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت)</ref>
'''2- التربية والنشأ'''
ولد المربي الفاضل الأستاذ منصور اودا يوسف القس منصور سورو في الأول من تموز سنة الف وتسعمائة وخمسة وعشرين للميلاد 1925 في ناحية القوش التابعة لقائمقامية الشيخان في محافظة نينوى التي تقع شمال جُمْهُوريَّة العِرَاق وتعتبر ثاني أكبر المدن العراقية، وتبعد عن بغداد حوالي 402 كيلومتر، وهي أقدم مدن الإمبراطورية الآشورية القديمة وأعرقها، وتتميز بموقعها الاستراتيجي فهي تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة لذلك فهي تتميز بخصوبة أراضيها الزراعية والرعوية.
نشا منصور سورو في كنف عائلة كريمة تمتهن التجارة والده أودا يوسف القس منصور (1904-1972) ووالدته أنو كوريال منصور عطايا من مواليد القوش (1914-1997)، اخوته حازم ويوسف وسالم واخواته هيلين و جميلة وخيرية وسلمى. كان منصور الولد البكر ومنذ نعومة أضفاره كان متوهج الذكاء لامعا بين اقرانه قيادي بارع وارتأت العائلة ان لا تقف حجر عثرة امام مستقبله الزاهر لذا أُدخِل الدراسة الابتدائية في مدرسة القوش (مار ميخا النوهدري) عام 1933، وكانت من المدارس المعدودة في كل المنطقة ومن اقدم الصروح العمرانية والحضارية الشامخة بهيكلها منذ بنائها عام 414 ولحد الان في بلدة القوش القديمة، وكانت للمدرسة كنيسة تعود لدير سابق ولذلك كان الطلبة يرتوون من العلم والثقافة بالإضافة الى التعاليم الدينية والطقس الكلداني وتشمل الكنيسة ثلاثة هياكل، ازيل اثنان منهما بسبب تهدمهما وعدم التمكن من ترميميهما. وآخر تاريخ لتجديد هذه الكنيسة كان عام 1876 وهو مثبت على لوح حجري فوق كوة ضريح مار ميخا والتي تقع الى الجانب الأيمن من مذبح الكنيسة وترتبط المدرسة بشمال الهيكل مباشرة، وقد شيدت هذه المدرسة عام 1923. وهي امتداد تاريخي لمدرسة مار ميخا النوهدري والذي أسسها منذ استقراره في هذه القرية. وظلت كمركز اشعاع وفكر لكافة صنوف العلوم والمعرفة الى جانب علوم الدين المسيحي واللغة السريانية، وقد تخرج من هذه المدرسة القديمة عمالقة في اللغة والأدب السرياني الى جانب كبار رجال الدين الكنيسة الشرقية سابقا، والكنيسة الغربية لاحقا. وكانت نبراسا للأجيال وللثقافة الدينية منذ الطفولة أمثال القس إسرائيل شكوانا، والقس دميانوس كونديرا والمطران طيماثيوس مقدسي والمطران توما اودو وغيرهم ممن تضلع في اللغة والأدب والفلسفة، الى جانب كبار خطاطين اللغة السريانية والذين تركوا ثروة كبيرة من المخطوطات المنتشرة في جميع القارات ومنهم الشماس بولس قاشا ومتيكا حجي حداد الذي اصبح معلما فيها. وكان من بين رفقاء الدراسة البطل المناضل توما صادق توماس، حنا حداد، حبيب جمعة، رحيم قلو، عوديشو زورا بدي، حبيب القس يوسف عبيا، بطرس اودو و الخوري هرمز صنا والذين اصبحوا فيما بعد أصدقاء ورفقاء لسنوات طويلة.

'''3- المتوسطة والثانوية'''
اكمل منصور سورو الدراسة الابتدائية سنة 1939 وكان واحدا من أولئك الطلبة، الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، وبلا تعثر والتحق في المدرسة المتوسطة الغربية في مدينة الموصل والتي كانت وما زالت من المدارس الاولى لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل انذلك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز أعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة أظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذويهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم، حتى اجتاز المرحلة الثانوية في الموصل بتفوق. وقد اكمل الدراسة الإعدادية والثانوية بتقديرات جيدة، مما شجعه لزيادة تحصيله العلمي وشجع عائلته لدعمه في حصوله على شهادة عالية رغم ان معظم سكنة القرى لا يميلون الى ارسال أولادهم الى الجامعات، المعاهد و الكليات في ذلك الزمان للظروف الاقتصادية التي كانت تعاني منها العوائل وحاجتهم الى قيام أولادهم باعانتهم و مساعدتهم وخصوصا في المجتمع الزراعي السائد في القوش.

'''4- ليسانس دار المعلمين العالية'''
انتقل الأستاذ منصور الى بغداد في منطقة الوزيرية وشاءت الصدف ان يلتقي باصدقاء سبقوه وشجعوه للتقديم إلى دار المعلمين العالية سنة 1945. وقد ثابر ليلحق بالركب وخصوصا ان الكلية كانت حديثة وتعتمد التدريس بالطرق الغربية وتستخدم المصادر الاجنبية باللغة الانكليزية مما ضاعف من الجهود في مواصلة الدراسة. فدار المعلمين كانت مؤسسة تربوية أسست في بغداد عام 1923 وكانت تقع مبانيها المتعددة في منطقة الوزيرية بمحاذاة السدة، وتعرف الآن بكلية التربية وتعود في يومنا هذا الى جامعة بغداد و كان على من يريد الالتحاق بها دفع رسوم دراسية كانت في بدأ الامر (15) روبيه شهريا أي ما يعادل (دينار و125 فلسا)، كما وتقرر أن لا يقبل فيها إلا الذين يرغبون في إعداد أنفسهم للتعليم في المدارس الثانوية ومفتشين ومدراء للمدارس ومن الطريف إن يدرس في الدار طلبة صينيون وبلغار وبريطانيين فضلا عن الطلبة البحارنة والسوريين والتونسيين والمغاربة والأردنيين والفلسطينيين. لقد كانت تلك الدار (أم المدارس) و(من أمهات معاهد الثقافة والمعرفة) كما وصفها أحد طلبتها د. حسين علي محفوظ، كنواة الطبقة الوسطى وأداة التغيير. في سنة 1927 أصبحت (دار المعلمين العالية) معهدا قائما بذاته بمنهج نهاري كامل (علمي وأدبي) مع (قسم داخلي) ملحق بها وفي العام الدراسي 1937 - 1938 استقبلت الدار أول وجبة من الفتيات العراقيات وذلك في عهد عميدها د. متي عقراوي وكن 8 فتيات وفي العام 1939 أصبحت مدة الدراسة أربعة سنوات يمنح الطالب بعد إنهائها شهادة البكالوريوس في العلوم أو الآداب أو التربية وتخرج اساتذة للعمل في الثانويات. ومن بين الخريجين من تلك الدار بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، كامل ادهم الدباغ (مقدم برنامج العلم للجميع)، عاتكة الخزرجي، عبد الوهاب البياتي واحمد عبد الستار الجواري (والذي أصبح وزيرا للتربة فيما بعد)، لميعة عباس عمارة (الشاعرة)، مصطفى جواد وعبد الجبار عبد الله (العالم الفيزياوي والفلكي خريج أمريكا وأحد الأفذاذ القلائل في العالم من شراح نظرية آينشتاين وتقلد منصب رئاسة جامعة بغداد في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات) وغيرهم. ومن التدريسيين في هذه الدار الأستاذ معروف الرصافي لتدريس آداب اللغة العربية والأستاذ جلال رزيق لتدريس الرياضيات. وقد امضى الأستاذ منصور سورو في دار المعلمين العالية أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء عام 1949 فقد كان في الفرع العلمي والذي كان ينقسم الى البيولوجيا او فيزياء والرياضيات اما فرع الآداب فانه كان يشمل مواد اللغة العربية والانكليزيه والجغرافيه والتاريخ وقد ادخلت دروس الدين في مناهج دار المعلمين العالية لاحقا، مما أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يُعَدون على أصابع اليد الواحدة.
كان الطالب المقبول يوقع عقداً، يتعهد فيه ان يخدم في وزارة المعارف بالوظيفة التي تكلفه بها الوزارة، مدة تعادل المدة التي يقضيها في الدراسة، وهنا تنسب الأستاذ منصور للخدمة في محافظة السليمانية للتدريس في ثانوية السليمانية هذه المدينة التي تأسست في العام 1784 من قبل ابراهيم سليمان باشا وهو أحد أفراد أسرة امراء بابان المعروفة والعريقة، حيث تقول القصة: لقد خرج الباشا ذات يوم في رحلة صيد متوجها نحو منطقة شهرزور القديمة التي كانت تمتد مساحتها لتشمل مدينة السليمانية الحالية، فلما رأى الباشا المنطقة وقع في حبها فورا وقرر أن يبني عليها مدينة، فبناها وأطلق عليها اسم والده سليمان باشا بابان.
من الجدير بالذكر ان إحصاء أجرته سلطات الانتداب البريطاني عام 1920 أن مجموع سكان لواء السليمانية (محافظة السليمانية حالياً) كان 155 ألف منهم 5000 نسمة من المسيحيين. ويصفها سكانها وعشاقها (مدينتي حياتي) وبالكردية (سليماني شاره‌ حه‌ياته‌كه‌)، حيث يكسوها الثلج في الشتاء والخضار في الربيع وتنتشر ازهار النرجس في الحقول مع الهواء العليل، مدينة تحضنها الجبال وتسكن قلب سلسلة جبلية متصلة بعضها ببعض، تقع شمال شرق العراق ضمن إقليم كردستان. خدم الأستاذ منصور في مدينة السليمانية خمسة سنوات لحين وجود شاغر في محافظة نينوى حيث انتقل الى مدينة الموصل ليدرّس في المتوسطة الغربية وهي نفس المدرسة التي دَرَسَ فيها لثلاث سنوات. وعندما قررت وزارة المعارف افتتاح اول ثانوية رسمية في القوش عام 1957 لم يجدوا اكفأ واقدر وانسب من الأستاذ منصور سورو لتعيينه كأول مديرا لها لعدة أسباب مثل كفاءته وكونها الناحية التي ولد فيها ولما يعرف عنه من حسن الإدارة. عمل بكل إخلاص وتفاني لمدة تسع سنوات كمدير للثانوية بالإضافة الى تدريس مادتي الرياضيات والفيزياء عدا عن تدريس ماة الدين المسيحي لفترة وجيزة. وانتقل للعمل في بغداد سنة 1966 وبعد مضي سنتان أوفد الى المملكة العربية السعودية للتدريس في الطائف وجدة حيث كان العراق في تلك الحقبة منارة اشعاع الى جميع الدول العربية وكانت خبراته تتبادل في نظام الاعارة مقابل اضعاف الرواتب مما كان المدرسون يتسابقون للحصول على هذه الفرصة وكانت التضحيات كبيرة فهم يتركون عوائلهم ويتغربون في البلاد وخصوصا الخليجية او بلاد المغرب العربي لسنوات على امل ان يرجعوا وينعموا بحياة افضل حيث ان الحكومة العراقية لم تكن تثمن هذه الطبقة الوسطى من الموظفين. تحلى الأستاذ منصور بكثير من الشجاعة ليستطيع التأقلم في مدينة إسلامية تطبق الشريعة وهو شماس في كنيسة يحب طقوسها حتى العظم وكان يتندر بالقصص الكثيرة التي كان فيها شاهد عيان خصوصا ان المجتمع السعودي بدوي يجب التعامل معه بحذر وخصوصا أولاد الامراء والوجهاء والطبقة الحاكمة فأي هفوه قد تكلف حياة او مستقبل أي كان. وبحنكة واقتدار اذاب كل الصعاب وعمل لمدة سنتان ليعود الى بغداد للعمل في سلك التدريس في ثانوية عقبة بن نافع للبنين الواقعة في شارع فلسطين، حي المهندسين حتى سنة 1982 واحالته على التقاعد. ولقد كان التقاعد بالنسبة له كالعجلة التي توقفت فجأة بعد ان كانت في حركة دائمة وعطاء لمدة ثلاثة وثلاثون سنة متواصلة .
تزوج سنة 1957 من ابنة عمه صبيحة صادق ابلحد القس منصور سورو وله ثلاث أولاد وثلاث بنات. أولاده منهل دكتوراه هندسة ورائد ماجستير معماري وعدي بكالوريوس بحوث حاسبات وبناته مناهل دكتوراه هندسة وثغر طبيبة وبان بكالوريوس ادارة واقتصاد. وله من الاحفاد أربعة عشر و أولاد الاحفاد ثلاثة.

'''5- مدير ثانوية واكثر'''
لم يكن الأستاذ منصور سورو مدير ثانوية فحسب بل كان بشهادة الاساتذة والطلاب على حد سواء وكل أهالي ناحية القوش الشجعان الابطال كان مدرسا جيدا ناجحا محبوبا من قبل الجميع وكان له اسلوبه المتميز الذي لازال في ذاكرة الجميع فهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وعاش بينهم وكان قريبا منهم يعامل الطلبة كأب واولياء الامور كأخ ولا يتوانى عن مساعدتهم ونصحهم وما وصول اغلب الطلاب وحصولهم على الشهادة الثانوية في ذلك الظرف الصعب الا دليلا لحسن ادارته وتعليمه لا بل هناك الكثير منهم يفتخرون كونهم طلبته فقد اصبحوا اطباء ومحامين واساتذة لا بل ان بعضهم اكمل دراساته العليا وحصلوا على شهادة الماجستير والدكتوراه ودائما ما كانوا يقولون انهم احبوا العلم تأثرا بالأستاذ منصور سورو ومنهم سيادة المطران مار ميخائيل مقدسي (راعي ابرشية القوش حاليا)، الدكتور عزيز رحيم صادق (عالم فيزياء و فلك)، يوسف شميكا (ماجستير هندسة كهربائية من المملكة المتحدة)، الدكتور حبيب تومي، عابد بوداغ (مهندس مدني و انشاءات)، إسماعيل يوسف عوديش (اصبح قاضيا في محكمة نينوى)، الدكتورة سلمى عودة، الاستاذ موفق حكيم، الخور اسقف أبرم أوراها بثيو (خور اسقف مدينة ولنكتون نيوزيلندا)، الست مريم شبلا ( اصبحت المدرسة بتول)، الاستاذ نوري حبيب سورو، نبيل يونس دمان (المهندس والكاتب والمؤلف والناشط السياسي) وغيرهم كثير والقائمة تطول منهم من انتهج سلك التدريس اقتداءا به ومنهم مدراء اكفاء شغلوا مواقع هامة يعتبرون مفاتيح في مواقعهم العلمية و الادارية. ولان منصور سورو في طبيعته كان اجتماعيا يحب اللقاء بالجميع فقد دأب على إقامة المهرجانات سواء الرياضية او العلمية او الفنية وقد كان يستخدم المتوفر من ساحات وقاعات الناحية وجميع هذه الانشطة كانت عامة والجميع مدعو للحضور ليفتخر بإنجازات أولاده الطلبة خصوصا عندما كان يتم اختيار الافضل لتمثيل الناحية في مستوى محافظة نينوى (الموصل). <ref>https://ankawa.com/forum/index.php/topic,362886.msg4281615.html#msg4281615 عنكاوا كوم </ref>

'''6- المربي والإداري الفذ'''
كتب الأستاذ بهنام سليمان متي القطا وهو من مدينة كرمليس بلواء الموصل محافظة نينوى ولد عام 1917 من عائلة مسيحية كلدانية، واجاد الى جانب لغته الأم السريانية اللغة العربية اجادة تامة، بل كان، ولم يزل ضليعاً فيها، فعمل مصححاً لغوياً في العديد من الصحف والمجلات. ويعد مرجعا للعديد من الأدباء والكتاب في النحو العربي، كما بات مصححاً لبعض المطابع العربية في المهجر، درس وتخرج وتبوأ مدير مدرسة كرمليس في الستينات من القرن المنصرم وقد كرمّ برسالة شكر وتقدير من المرحوم عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي العراقي بمناسبة الكلمة التي ألقاها في الحفل الذي أقيم بمناسبة اربعينية الملكة عالية ويعتبرها أعز الهدايا، أثمن "الجوائز" لديه، بدليل أنه لم يزل محتفظاً بها رغم مرور كل هذه السنين وبحكم قرب اختصاصهما نشأت علاقة عمل كمدراء يجتمعون في دائرة المعارف سوية وقد كان ناجحا في عمله وكتب هذه المقالة في ذكرى وداعه.
بين الشروق والغروب في رحلة الإنسان على هذه الأرض، سفر طويل زاخر بالإحداث والمهمات قد يكون شاقا مريرا، فيعرف المرء كيف يتفاعل معه تفاعلا ايجابيا متفتحا، إذا ملك من القابليات والمؤهلات ما يعينه على النجاح والتفوق. وقد ياتي سلبيا لان ذلك الفرد لم ينل حظه من التوجيه والإرشاد، فتعيق قابلياته المتدنية عن تذليل ما يتصدى حياته من صعاب، فيرحل نسيا منسيا دون إن يترك بصمات واضحة في مجرى الإحداث ولكن الأستاذ منصور استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة إظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذوهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم. وكان الأستاذ منصور واحدا من أولئك الطلبة الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، حتى اجتاز المرحلة المتوسطة في الغربية في الموصل ثم الثانوية بتفوق وبلا تعثر، هيأته بعدها للانتقال إلى دار المعلمين العالية في بغداد، ليمضي فيها أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء، أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يعدون على أصابع اليد الواحدة وقد نسب للتدريس في ثانوية مدينة السليمانية فعمل فيها خمس سنوات كانت كافية لتمنحه الكثير من الخبرة والتجربة في حقل التربية والتدريس، وها هو يعود بعد هذه السنين الخمس يتولى مقعدا تدريسيا في نفس المتوسطة الغربية في الموصل والتي جاءها من ألقوش عام 1939فتى صغيرا خجولا يضع قدميه لأول مرة على أعتاب المدينة الصاخبة الزاخرة بالنشاط وألحيوية، بينما هو اليوم في عنفوان شبابه، وافر التجربة، غزير المادة، يدخل الصف فيملك زمام طلبته، ويشدهم إليه بشخصيته الجذابة، وطريقته المثلى في التدريس، وقد استطاع بأسلوبه الجميل. إن يخلب ألبابهم ويكسب محبتهم واحترامهم مما ساعده كثيرا على نجاحه في مهمته، لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل يوم ذاك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز اعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد امضي أبو منهل طيب الله ذكراه. ثلاثة أعوام في الغربية المتوسطة التي أظن إن مديرها يوم ذاك كان الأستاذ عبد العزيز توفيق، أو الأستاذ نزار محمد المختار، وكلاهما كانا من خيرة التربويين والإداريين. الذين لابد وان أبا منهل اكتسب من خبراتهما في الإدارة ما ساعده فيما بعد على إدارة ثانوية ألقوش التي افتتحت حديثا عام 1957 فعيّن فيها كأول مدير، وكنت خلال عمله في الموصل ومن ثم في ألقوش مديرا لمدرسة كرمليس الابتدائية وعلى ما أتذكر إنني تعرفت إليه منذ إن كان في الموصل، وتوطدت معرفتي له أكثر عندما عمل في بلدته ألقوش، فقد كنا نحن مدراء مدارس القرى الكلدانية نلتقي أيام الآحاد (وهي عطلة مدارسنا إلى جانب يوم الجمعة) في مديرية معارف الموصل، وكان هو والمرحوم الأستاذ الياس مدالو(بابا) مدير مدرسة ألقوش الابتدائية يوفدان معا إلى الموصل لإنجاز إعمال مدرستيهما، فكنا نجتمع في مقهى صغير جوار المعارف نشرب قدحا من الشاي ونتجاذب الحديث في أمور مدارسنا، وكانت إخباره من ألقوش تصلني وتفرحني، منوهة به ومشيدة بقابلياته وخلقه وطريقته المثلى في إدارة الثانوية وجهوده القصوى للارتقاء بها رغم حداثتها والعمل على رفع مستوى طلابه الدراسي، فكان المرحوم يتولى تدريس الرياضيات في الصفوف وهو الذي يخوله نظام المدارس الثانوية التفرغ التام للإدارة، لكنه كالربان الماهر كان يريد إن يكون إلى جانب بحارته، وكان يود إن يكون متواصلا مع الطلبة عن قرب يستطيع بتماسه معهم إن يدرك مدى قابليتهم، ويتعرف على نقاط الضعف لديهم ليعالجها بحنكته ويقوّم ما اِعوجّ من سيرتهم وهذه كلها صفات المدير الناجح المقتدر التي لم يكن بعيدا عنها، وقد مَرّت على أبي منهل رحمه الله ظروف صعبة مُرّة في ستينات القرن المنصرم، حين سيطر التيار القومي المتعصب على مناحي البلد، وعلى تربية الموصل بالذات، فاختلت الموازين وضاعت القيم واستنسر البغاث من الناس، وقد حدثني الصديق المرحوم جرجيس زورا ججيكا وكان مدرسا للرياضيات بزمالته، كيف كان المرحوم يوازن بين القوى المتصارعة آنذاك، يسارية كانت أم يمينية أم رجعية، وكيف كان بذكائه وحكمته وخلقه الرفيع يتجنب المواجهات ويبعد المدرسة عن الصراعات بين أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة، ليستقيم الجو الدراسي ولا يختل النظام، محافظا على كرامة مدرسيه وطلبته بنفس الوقت، وقد تمكن بفكره الثاقب وعلاقاته الاجتماعية الطيبة، إن يصمد إمام الإعصار الدموي الذي هَبً على العراق عموما في شباط 1963، وقاست من جرائه ألقوش وثانوياتها كسائر القرى المسيحية، فاعتقل العديد من مدرسيه، ولوحق الكثير من طلابه وكادت مؤسسته إن تصاب بالشلل ويتهدم كيانها الذي بذل عصارة جهده في بنائه وتمكين أسسه طوال تلك السنوات، لولا تعامله العقلاني مع الإحداث وابتعاده عن الانحياز إلى هذه الجهة أو تلك، وهكذا سار بالمدرسة نحو شاطئ الأمان، وظل الدوام متواصلا، والتدريس قائما، رغم قلة الإمكانيات، موجها إلى ألقوش وثانويتها كل اهتمامه مانحا إياها :قلبه وحبه وعقله، وبقدر ما أحب ألقوش وفداها بروحه، بادلته هي الأخرى حبا بحب وظلت دائما تذكره بالخير كابن بار وتشير إليه بالبنان كرائد فذ من روادها ا لأوائل ما كبا ولا سقط عن جوداه رغم ضراوة الأعداء وقساوة المعارك والطرق الوعرة. لقد شاءت ظروف العمل إن ينتقل الأستاذ منصور إلى بغداد عام 1966 ليتفرغ هناك إلى جانب التدريس إلى شان عائلته وأولاده الذين أراد لهم شانا كبيرا في الحياة، فانصرف إلى توجيههم للدراسات العليا ونيل المعالي، ومن اجلهم تغرب عن العراق عامين دراسيين أمضاهما في السعودية التي أوفد إليها لتدريس الرياضيات، فقد كان في قرارة نفسه يتذكر كيف وقف والداه إلى جانبه يوم كان الزمان عليهم صعبا، وقترا على نفسيهما ليوفرا له فرص التعلم، فرأى من واجبه إن يهيئ لأبنائه أفضل مما كسب، لا سيما وان الله من عليه بظروف أفضل من ظروف أولئك الفلاحين الفقراء أهله. فظل يتابعهم ويتواصل معهم حتى ابلغهم أعلى المراتب، وفيهم اليوم من يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة والطب والبكالوريوس في علوم الحاسبات والادارة والاقتصاد، حملتهم رياح الهجرة إلى بلاد الله الواسعة، وحين عاد الفقيد إلى ألقوش في عام 2006 كان قد أصبح شيخا طاعنا في السن يحمل على منكبيه ثقل الأعوام الثمانين، في فمه مرارة فراق الأحبة وتشتتهم في بقاع الأرض، وهو الذي كان يتمنى إن يكونوا إلى جواره معتزا بهم مفتخرا بالشجرة التي رعاها وسقاها حتى أينعت وأثمرت ثمرا كثيرا. لكن عزاءه كان في انه قد أدى دوره بأمانة وإخلاص. وتفاعل مع الحياة خير تفاعل، ولم يكن نسيا منسيا فيها، بل كان يحمد الله كونه رائدا من روادها وواحدا من مربيها، خلف أجيالا من المثقفين والمتعلمين هو بهم فخور، وبقابليتهم مشيد. وكفاه من الحياة كل ذلك الجهد الجهيد الذي صرفه طوال أيام عمره ففضل إن يرقد رقاده الأبدي إلى جوار أهله وأحبائه الذين سبقوه إلى دار الخلود، واسلم روحه إلى باريها فجر يوم 4/11/2006، مخلفا الحسرة واللوعة في نفوس كل من عرفه ومن بلدته ألقوش بشيبها وشبابها، وحمل أبناؤه وطلابه نعشه إلى مثواه الأخير على أكتافهم وتناقلت نعيه وسائل البريد الالكتروني إلى كافة إنحاء العالم. ورثاه الأقربون والأبعدون رحم الله أبا منهل الرجل الصالح وأثابه على إتعابه خير الثواب. فقد كان عظيما في حياته، شامخا في مماته، والرجال الكبار وان رحلوا عن هذه الدنيا، إلا إن ذكراهم لا تفنى، فهم خالدون بما قدموه من خدمة وجهد لمجتمعهم وبلدهم، وما تركوه من اثر صالح لبني قومهم، وما خلفوه من ذرية نافعة تحمل المشعل من بعدهم، رحم الله الأستاذ منصور واسكنه فسيح جناته التي وعد بها أبناؤه الذين حفظوا عهده، ذكرى لصالحين تدوم إلى الأبد.<ref>الحوار المتمدن - العدد: 1744 - 2006 / 11 / 24 </ref>

'''7- سيادة المطران ميخا مقدسي'''
ولد المطران ميخا بولا اوراها مقدسي في ناحية القوش سنة 1949 و درست في مدارسها حتى دخل معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان في الموصل عام 1964 وفي عام 1976 رسم كاهنا على يد سيادة المطران المثلث الرحمة مار عبدالاحد صنا الذي كان حينها راعيا لأبرشية القوش منذ تاسيسها بقرار السينودس البطريركي في شهر حزيران سنة 1960 وقد تمت تلك المراسيم بحضور السفير البابوي المثلث الرحمة جان ريب وجموع غفيرة من الكهنة و الشمامسة وجميع أهالي القوش الذين كثيرا ما يفرحهم ان يكون أحد ابنائهم في الايمان قد سيم في مرتبة دينية عليا. وقد رسم اسقفا في عام 1998 بعد خدمة 26 سنة في بيت الرب واجريت المراسيم في العاصمة بغداد في الدير الكهنوتي في الدورة حي الميكانيك مع اثنين من زملائه في الخدمة الكهنوتية هما سيادة المطران بطرس الهربولي وسيادة المطران مار ربان القس. واليوم يرعى أبرشية ألقوش ابن القوش البار المطران مار ميخا مقدسي منذ تقاعد المطران ابلحد صنا في 7 ايلول عام 2002 بعد خدم الابرشية لمدة اربعون عاما ويبلغ عدد نفوس القوش اليوم حوالي 7000 نسمة جلهم من المؤمنين الكلدان . ومن إنجازاته الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى : إقامة مراكز ثقافية في القوش وتلسقف و باطنايا و باقوفا و تشييد وبناء المطرانية و دار خاص للعجزة في القوش.
لم تمر مناسبة الا وقد جاء ذكر الأستاذ منصور سورو وخدماته لهذه الناحية في وقت كان العوز والفاقة بالاضافة الى الاحتقان السياسي وكان القدوة الحسنة واثره لا يمكن ان يكون في غياهب النسيان كهباءً منثوراً وهنا تجدر الاشارة الى حادثة لا يمكن ان تنسى حيث كان لسيادة المطران طموحات كبيرة بانشاء البطريركية ودار للكهنة وانشاءات كنسية كثيرة ومتعددة الاغراض وصادف زيارتنا (انا واخي رائد منصور) له في مكتبه في (القونخ) بجاني كنيسة مار كوركيس في القوش في 2006 وبادر بشرح قسم من المشاريع واراد ان يطلع عليها رائد كونه حاصل على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية وله عدة تصاميم كنسية منفذة في بغداد والموصل واثناء الحديث سال عن منصور سورو "اين الأستاذ منصور سورو الان " فقلنا له انه حاليا في القوش في داره في محلة سينا ولكنه لايستطيع المشي كونه متعب من عملية اجريت له مؤخرا والا فانه متشوق للقائكم فهو لا ينسى طلبته المجدين وهنا نهض وبادرنا حالا اريد ان اراه والتقي به شخصيا فهو أستاذنا ونحن من يجب ان نقوم بزيارته والاطمئنان عليه وهذا اقل شيء نصنعه لهذه الاجيال التي ربت وانشأت اجيال نفتخر بها، فنعم رد الجميل وما هي الا بضع دقائق وفاجأ سيادة المطران مار ميخا مقدسي استاذ الاجيال منصور سورو بزيارة لم تكن على البال او الخاطر وتجاذبا اطراف الحديث والايام وماحملت السنون من ذكريات عن القوش واهل القوش الشجعان. وكم كانت فرحة الاستاذ منصور سورو بلقائه سيادة المطران فقد رجعت به السنوات الى تلك الايام وما كانت تحمله من مفاجآة لاسيما ان طلبته قد خط كل واحد له دربه في هذه الحياة بنجاح ومثابرة حاملا نبراسا من الاجتهاد ومتسلحا بالتعليم والثقافة فهي زاد الحياة.

'''8- سيادة المطران مثلث الرحمة أبلحد صنا'''
ولد سيادة المطران أبلحد صنا في قرية أرادن التابعة لأبرشية العمادية شمال العراق في 10/12/1922 و تلقى دروسه اللاهوتية في معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل وارتسم كاهناً في 15/5/1947. ثم انتخب اسقفاً على ابرشية ألقوش الكلدانية في 20/ 12/1960 وتمت رسامته اسقفاً بتاريخ 19/3/1961 على يد غبطة أبينا البطريرك المثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو. خدم الكنيسة وأبرشية ألقوش العريقة بأعماله و خدمته الروحية لمدة أكثر من أربعون عاماً وتتميز القوش بوجد دير تم بنائه في القرن الخامس الميلادي والمعروف بدير الربان هرمز، كما توجد العديد من الكنائس والأماكن المسيحية المقدسة فيها. رَسَمَ المطران أبلحد صنا العديد من القساوسة لرفد الابرشية بالأعلام كما تقبل الرسامة على يده بدرجة الشمامسة المقرئين العديد من أبناء بلداتنا الحبيبة ومن اعماله ترميم كنيسة مار كوركيس وبناء كـنيسة في مزار مار قـرداغ سنة 1990 واليوم أصبحت هذه الكـنيسة مهمة لسكان حي مار قـرداغ حيث يصلون و يأدون جميع الطقوس الكنسية. انتقل المطران المثلث الرحمة مار عبد الأحد صنا الى الأخدار السماوية يوم الأربعاء الموافق 28/2/2007 في عمان أثر مرض عضال وتمت مراسيم الجناز بحسب الطقس الكلداني في كنيسة يسوع الملك يوم الخميس المصادف 1/3/2007 ونقل جثمانه فيما بعد الى مقر الأبرشيه في القوش واجري له مراسيم الدفن لتليق بأحد احبار الكنيسة الكلدانية القديسين واحد اعمدتها الاساسيين.
للمطران ابلحد صنا مواقف بطولية في القوش وقد كان للاستاذ منصور سورو حظوة كبيرة لديه وكان كثيرا ما يتشاورون مع اعيان البلدة وعليّة القوم وحكمائها في تسيير الأمور العامة لان الظرف كان صعبا والحركات اليمينية واليسارية على اشدها وفي تلك الفترة كان يدير ناحية القوش سيروان الجاف وكان العين والاذن واليد الطولى للحكومة وقد تزايدت شكاوي المواطنين من تصرفاته في الوشاية بأبناء البلدة وايداعهم المعتقلات فيما كان المطران وباقي الاخيار يدفعون بعجلة الحياة الى الامام ومن أبناء القوش الغيارى سادونا بولا المختار، ياقو شكوانا، بطرس لاسو، حبيب شدا، الخوري ابلحد عوديش، القس يوحنا جولاخ. وهنا تحضرني حادثة فقد كان الأستاذ منصور سورو يدّرس مادة الدين عند تأسيس ثانوية القوش لعدم وجود مدرس لمادة الدين على ملاك المدرسة وقد طلب من سيادة المطران المساعدة وفعلا تم تعيين الاب الخوري أبلحد عوديش لتدريس المادة ثم عين الاب يوحنا جولاخ على ملاك ثانوية القوش. وكان سيادة المطران لا يدخر فرصة الا وقد قام بزيارة الأستاذ منصور في بغداد حين قيامه بمهامه الرعوية فقد امتدت صداقتهما لسنين طويلة كانت اخرها في صيف عام 2006 في القوش وقد اخذ منهما الدهر نصيبه ليسترجعا ذكرياتهما الجميلة الحزينة وما آلت اليه امور مدينتنا القوش بعد الاخيرة والتحولات "الديموقراطية"في عراقنا الحبيب.

'''9- وداعا ً أستاذي منصور سورو'''
كتب المهندس نبيل يونس دمان، وهو من مواليد مدينة القوش عام 1951 درس في ثانوية القوش متوقد الذكاء اهلته درجاته للدخول الى كلية الهندسة في جامعة الموصل من احسن جامعات العراق في قسم الهندسة الميكانيكية، تخرج في عام 1976 بدرجة بكالوريوس هندسة ميكانيكية وذو المام عالي بالجوانب العلمية والعملية بالاضافة الى كونه متعددٌ المواهبِ، منها نُظمُ الشعرِ وإتقان لغةَ آبائه وأجداده، الى جانب اللغة العربية والانكليزية كما انه كاتب ناشط في الامور التراثية والتاريخية مؤلف وله عدة كتب منشورة وله الاف المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي عمل بدأبٍ ونشاطٍ في شؤون الجالية، والوطن الحبيب، وأولى إهتماماً أكبرَ في قضية قومِه تنسب للعمل عند تخرجه في مديرية الطرق والجسور في نينوى ودهوك وعمل كمهندس ثم انخرط بسلك ألتدريس في جمهورية اليمن الشعبية لمدة سبع سنوات ولحق بركب المغتربين ليستقر منذ عام 1990 في الولايات المتحدة الامريكية.
أبى إبنُ القوشَ المعروف منصور أودا سورو، ان يغادر هذه الدنيا، إلا من على تلك الارض الطيبة التي ولد فيها قبل اكثر من ثمانين عاما ً، ومنها انطلق الى رحاب الحياة، بكنز من الطاقة والحيوية، ليكسب العلم والأدب، وليعود الى بلدته مديراً لثانويتها الحديثة التأسيس. لن ابالغ القول بانه افضل مدير أدارة تلك المدرسة (للفترة من 1957- 1966)، أشبهه بالربان الماهر الذي قاد السفينة في ظل العواصف والرياح العاتية. ذلك ما حدث عام 1963، الذي شهدت فيه البلاد، المد الشوفيني الرجعي، والذي اعقب سنوات الأفراح والمباهج، غداة ثورة الشعب الخالدة 14 تموز. لا يمكن تخيل رجلا غيره، يستطيع ان يسيطر على الأمور، ويدع المدرسة تستمر في ظل عبث كاتب المدرسة المندس عدنان، وحقد الدوائر الأعلى في الموصل، لقد أودع أكثر مدرسي الثانوية في السجون، وتخلى الكثير من الطلبة عن المواصلة، واختفوا عن الانظار، والباقون منهم ظلـّوا فزعين، تنتابهم الهواجس، بإنتظار مرور الإعصار. كان الراحل يوازن الأمور بعقل راجح وضمير حي، محاولا ً إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتخفيف الحيف الملحق بالطلبة، ظل الدوام مستمرا ً في ظل تناقص كبير للمدرسين، وتنسيب عدد غير قليل من معلمي الابتدائية، كملحقين في التدريس.
كان يعامل الطلبة كأبنائه فيغمرهم بالحب ما أمكن، ويعاقبهم اذا اساؤوا التصرف بعقوبات سريعة، منها اللجوء الى الضرب الذي ساد آنذاك. كان موجها ً فريدا، ومربيا ً فذا، طرائقه في حل مشاكل الطلبة هي نادرة التكرار، تتخللها في اكثر الأحيان النكتة البارعة، والشدة المناسبة، وأحيانا السخرية اللاذعة بالمقصرين في واجباتهم، او المخلين باللوائح المدرسية، كان لا يفرق بين قريب له او صديق او من ملة اخرى، الذين تحتضنهم الثانوية، بل جميعهم عنده سواسية، وحتى المدرسين الذين غالبيتهم من خارج البلدة، فكان يعاملهم بالاحترام وفي الحزم عند الضرورة.
كان الأستاذ منصور مديري لسنتين فقط (1964- 1966) وفيها أيضا اتخذ مسكنه قريبا من بيتنا في محلة التحتاني (منزل اسحق جولاغ) لهذا كان دائما ً امام أنظاري في المدرسة، وبعد الدوام يشق طريقه عاقدا ً يديه خلف ظهره الى السوق او الى نادي الموظفين، بوجهه الصارم وجسمه الممتلئ وسيكارته التي لا تفارق شفتيه، في بعض الأعْصُر يتخذ مجلسه، في بيدَر قريب، بين رجال محلتنا الذين غالبيتهم رحلوا الى رحمة الله (منهم : نونو ايسف جولاغ، أيسف جبرائيل توسا، كريم يونس تيزي، غريبو جبو لاوو، ياقو اسرايي تومكا، شابا توما كولا، الياس جيقا، اسو اورها حنونا، ميخا زراكه، سليمن جاورو) فكان خير متحدث في امور الحياة والدنيا، كما كان ينقل لنا والدي العزيز يونس ياقو دمان، بإعتباره أحد الجُلاس. ورغم حياته المنظمة والجدّية، فقد كان يرفه عن نفسه، في تبادل الزيارات العائلية، او القيام بالسفرات الى المناطق السياحية، فكان مثال الانشراح والانطلاق، وراوي الطرائف المتقنة، والتي تثير طويلا المستمع اليها، وقد كان من أوائل من امتلكوا السيارة (في البلدة آنذاك اربع سيارات خصوصية فقط تعود الى المدير الراحل جرجيس حميكا، والمضمد الراحل شابا توما كولا، والمضمد الراحل اسطيفان ابونا). اضافة الى مسؤوليته الادارية، كان يدرس مادة الرياضيات للصفوف المتوسطة، وكانت له طريقة فريدة في اللجوء الى الامثلة من البيئة المحيطة، ومن موجودات السوق، من المكاييل والأوزان وغيرها، فيقرب الموضوع الرياضي الى أذهاننا، ويجعله يترسخ الى الأبد. يا لقساوة الايام ويا لصروف الدهر، فالرجل الذي اثار جيلنا، لم ألتق به إلا في سني ادارته، وقد حالت هيبته وقوة شخصيته، دون ان امعن النظر في تلك الملامح الصارمة، او أتمكن التكلم معه في أي موضوع، و بحكم العلاقة التي كانت تربط الطالب مع الأستاذ، والمبنية على الاحترام الفائق، بل وعدم التواجد مطلقا في اماكن إلتقاء المدرسين، كم كنت في شوق ان أجلس معه وأسمعه ولو لمرة واحدة، ولكن تلك الفرصة تبخرت في رحيله يوم 4 – تشرين الثاني- 2006. الذي لا يعرف اصل الأستاذ ربما يراوده ذلك السؤال، فاقول انه قد سُمّي على إسم جدّه القس منصور سورو (المتوفي سنة 1907)، الذي كان رئيس كهنة البلدة، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الكاهن المذكور الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات.
ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الاصليين، عرف منهم أيضا ً الشخصية التقدمية، والمعلم المحبوب، المرحوم موسى نوح القس منصور، الذي لا يكاد حديث مثقفي البلدة يتوقف عن الاشادة به وابراز خِصاله الحميدة، وقد كان الاول على دورته في العام الدراسي الابتدائي (1935- 1936). وتبقى شجرة بيت سورو ترفد البلدة بالمتميزين في الحاضر والمستقبل، لعل الدكتور منهل ابن الفقيد أحد هؤلاء، وبهذه المناسبة الأليمة أنشد له ولإخوانه ووالدته وأعمامه وكل فرد في اسرته، الصبر والسلوان، كما وأمد يدي اليه أينما يتواجد الآن مواسياً، ومقدراً فداحة خسارته، أخاله سيواصل طريق والده في حياته الزاخرة. قبل فترة قصيرة سمعت بتواجد الأستاذ منصور في القوش، وانه قد ترك جبهة الخطر في بغداد، ففرحت ومنيت نفسي بالقول: لقد اقترب اللقاء، حالما تنفرج ظروفي الخاصة بالعمل، فتطأ أقدامي أرض بلدتي التي فارقتها قرابة ربع قرن. القدر لم يـَلِن لرغبتي، والحياة لم تمهله، ففارقها مع بالغ الأسف، وراح يودعه عوضا عني في موطن الآباء والأجداد، وربما سار نعشه محمولا على اكتافهم. لتكن كلماتي القصيرة هذه، خير وفاء لذكراه المتجددة. ورودٌ نضرة، وأغصانٌ طرية، أنثرها فوق قبره.<ref>http://bakhdida.ca/NabilDamman/FrYousifAbia.html موقع بخديدا </ref>

'''10- يوسف عودة سورو'''
من مواليد القوش 1945 ويعتبر الموظف الاصغر سنا في القوش حيث دخل الابتدائية سنة 1950 بعمر خمس سنوات واكملها بتفوق سنة 1956 مما شجع عائلته لادخاله الثانوية بعد ان وسمت فيه حب المدرسة والتفوق ليتبوأ مركزا مرموقا وقد اكملها في خمس سنوات وكان مولعا بالتخصصات الطبية كونها من المهن الانسانية ولاختزال الوقت فقد التحق بمعهد المهن الطبية العالي في بغداد واكملها في سنتين ولكونه من المتميزين فقد قدم لوظيفة في وزارة الصحة وتم تعينه وهو بعمر 18 سنة فقط. ويوسف عودة كاتب ومؤلف وشاعر له عدة كتب منها المبسط في تعلم اللغة السريانية 2001 وكتاب في الذاكرة المنسي وفي طريق النسيان 2018 وهو صاحب ملتقى القوش الثقافي صاحب اكثر مشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي.
كان اخي ومعلمي ومدرسي في نفس الوقت فقد كنا معا في مدينة السليمانية سنة 1953 عندما كنت في الابتدائية ثم كنا أيضا معا في مدينة الموصل 1956 عندما كنت في المتوسط الشرقية وكان استاذي لخمس سنوات في ثانوية القوش (1957-1962) كان يدرسنا مادة الرياضيات بالاضافة الى كونه مدير المدرسة ولكن ذلك لم يكن ليعطيني امتياز او فرق عن الاخرين فكلنا كنا سواسية لا بل كان يحاسبنا بشدة ففي احد السنين وعند الامتحانات لم استطع الدراسة بشكل جيد ولذلك فقد وجدت نفسي مكملا في نفس المادة التي يدرّسها اخي مما اضطرني لمضاعفة الجهود والدراسة في العطلة الصيفية والتقديم للامتحان مرة ثانية وقد نجحت بتقدير 100/100. احببت فيه الاخ والأب وحنوه علينا جميعا فقد كان قدوتنا الحسنة وبه اقتدينا وكنا نستشيره في جميع الامور حتى العائلية منها. واتذكر في في احد الايام قدم نقل الى الموصل لكون الامور في القوش كانت متوترة فبعض الطلبة كانت لهم انتماءات للحزب الشيوعي والبعض الاخر الحزب البارطي الكردستاني بينما هو كان يقدر الطلبة أمثالنا الذين جاءوا للمدرسة لتلقي العلم فقط مما كان يصطدم احياناً بطلاب مشاكسين يثيرون المشاكل والفوضى بهدف اقصاء الاساتذة. ومن المدرسين في تلك الحقبة للغة العربية استاذ شاكر نعمة الله والانكليزية الأستاذ ميخا بجوري والدين خوري ابلحد عوديش وطبعا الرياضيات والجبر والهندسة والحساب الأستاذ منصور سورو.

'''11- الخور اسقف أبرم أوراها بثيو'''
ولد الاب ابرم اوراها بثيو في قرية كرنجوك التي تقع في وسط المسافة بين ناحية ألقوش وقضاء الشيخان (عين سفني) على بعد يقارب العشر كيلومترات بين القوش. يحدها من الشرق قرية بيروزاوا ومن الغرب قرية عين بقره ومن الشمال قريتي النصيريه والجراحيه ومن الجنوب قرية داشقوتان. وقد كان مولعا بالتعليم فلا يمانع من قطع المسافة بين الثانوية ومسكنه والتي تبلغ اكثر من ستة اميال مشيا على الاقدام وفي احسن الاحوال بالدراجة الهوائية رغم قساوة الاحوال الجوية وخصوصا في الشتاء. وكان الاب من المتفوقين ويعشق العلوم والفيزياء والدروس الدينية واللغة وقد رسم كاهنا وعين في مدينة ولكتنون في نيوزيلاندا وقد اقام غبطة المطران يعقوب دانيل يوم الأحد 23 تشرين الأول 2011 قداسا في كنيسة مار كوركيس الشهيد في ولنغتون قام خلاله بترقية الأب أبرم بثيو إلى درجة الخور أسقف وبالاضافة الى التزاماته في خدمة الرعية فانه كاتب مثقف منحته الملكة إليزابيث الثانية في حزيران 2013 وسام الملكة الرفيع المستوى للخدمات الجليلة التي قدمها إلى أبناء امتنا بصورة عامة.
في نهاية شهر أب من عام 1961 ركبت الدراجة الهوائية التي كان يسوقها أخي المرحوم جندو أوراها بثيو وتوجهنا صباحا من قريتنا العزيزة كرنجوك إلى ناحية ألقوش لتسجيلي في مدرسة متوسطة ألقوش, وكنت في الرابعة عشرة من عمري, ولكن دراجتنا الهوائية. والتي كان أصدقاؤنا يحسدوننا عليها. أوصلتنا ألقوش في منتصف النهار لثقب حصل في إطارها الخلفي في وادي نهر قرية النصيرية الممتلئ بالأشواك فلم نستطيع معالجة هذا الثقب اللعين الذي جعلنا نئن تحت حرارة أب. وصلنا ألقوش وبعد إن انهينا التسجيل في المدرسة, دخلنا كازينو المرحوم (عما متيكا) وكانت أرضيتها مرشوشة بالماء لتفادي الحرارة لان الكهرباء لم يكن موجودة آنذاك في ألقوش, وكم أتذكر أنشودة مائدة نزهت والتي ترن في آذاني إلى اليوم وهي تنشد من الراديو الكبير الموضوع في الكازينو وتقول:هو أبو هو أبونا, ياكريم يا كريم، وهي تنشد بالزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم.
لقد بدأت الدوام في مدرسة متوسطة وثانوية ألقوش في الصف الأول المتوسط، الشعبة (ج) في الملحق التابع للمدرسة والمكون من أربع شعب (جمع شعبه) وكان المرحوم الأستاذ منصور مديرا للمدرسة يدرسنا مادة الحساب. كانت شعبتنا ممزوجة من الآشوريين والأيزيديين، أهالي القرى المجاورة, والكلـدان (أهالي ألقوش وهم الأكثر) وكان هناك تسابق بيننا، وكان الأستاذ منصور في الحقيقة يحترمنا نحن أهالي القرى من المسيحيين والايزيديين لكوننا ضيوفا على أهالي ألقوش, ولم يكن يمسنا لا بالكلام ولا بالضرب إلا عندما نجبره نحن على ذلك، ولكنه كان أحيانا بنهال بالضرب على الإخوة الألقوشيين الذين كانوا يعبرون كثيرا الأصوليات والضوابط في المدرسة. وأتذكر جيدا وكل الطلاب عندما كان يمسهم بالكلام ويقول بالكلدانية:عقرت كلبا اذيا يموخ كامرا ابتلى برونا بمدرسة لا هية ؟ أو كان دائما يردد: ولوخ قيميت وقلبيت ومقلبزيت. وفي الكثير من الأحيان كان الفراش يدخل الصفوف ويناول المدرس ورقة مكتوب فيها: قرر مجلس الانضباط فصل الطالب فلان ابن فلان لمدة عشرة أيام، وخصم عشرة درجات من سلوكه.... الخ. لقد كان الأستاذ منصور مدرسا مثاليا ومديرا نموذجيا، وكان دائما يحث الطلاب على الاجتهاد والدرس وفي الكثير من الأحيان كان يتكلم باللغة الكلدانية ونشعر عند ذاك بحنانه كأب يربيهما ويتحنن علينا, وليس كمدير أو مدرس يؤدبنا. ولشدة حرصه على سلامة وصحة الطلاب كان يجن جنونه عندما يشاهد طالبا يدخن السكائر, فكان يصدر أوامر ويضع عقوبات صارمة على الطلاب الذين يدخنون حتى في السوق. ولست أتذكر فيما إذا كان المرحوم يدخن أم لا.
كنا نعاني من الفاقه والعوز، وأتذكر عندما توجهت إلى ألقوش للدراسة أعطاني أبي دينارا واحدا وكان للدينار آنذاك قيمة عالية, فصرفت الدينار خلال خمسة عشرة يوما, ثم تنزل تعييني إلى النصف دينار ثم إلى الربع وأحيانا إلى بضع دراهم, كان أصدقائي الذين لايزالون في الابتدائية يحسدونني للدراسة في ألقوش حيث كل شيء كان متوفرا مقارنة بالقرى.
وفي احد أيام الصيف الحار من عام 1962 توجهنا بدراجتي الهوائية إنا وابن أختي ( نويا كوريال عوديشو الذي يعيش معنا ألان في نيوزلندة) إلى ألقوش وكان في جيبي عشرون فلسا وفي جيب نويا عشرة فلوس. اشترينا صمونة لكل واحد منا من الفرن المقابل للسوق آنذاك ودخلنا كازينو (عما متيكا) وطلبت إنا ستكان شاي ورحت أكل الصمونة واشرب الشاي, وأما نويا فراح يأكل صمونته جافةً لعدم امتلاكه حق الشاي، فنظر العم متيكا. رحمه الله، إلى نويا وهو يلحس الصمونة الجافة فرق له قلبه فجلب له استكان شاي قائلا بالكلدانية (شتي بروني اهاستكان على حسابي) فشكرنا شعوره وحنانه. هكذا كانت الحياة صعبة آنذاك, ولهذا السبب كان الأستاذ منصور عودة يشعر بتعب الأهل في تدريس أبنائهم وصرف ما تجود به يدهم من دريهمات من اجلهم وهم يصومون من لقمة الخبز ليصرفوها لأبناهم, فكان نعم الأب والمربي والمدرس والمدير. لاننسى شعوره مهما باعد الزمان والمكان بيننا، واليوم وهو مضى إلى ربه محافظا على الأمانة التي في جعبته، وقد تاجر بوزنته فأضاف إليها وزنات أخرى ليقول له الرب يسوع المسيح: تعال وادخل النعيم الذي اعد لكل من حافظ على الأمانة.
وكم يراودني الأسى والحزن وانأ في زيارتي للوطن, وزيارتي لألقوش عدة مرات في أواخر الصيف الماضي وهذا الخريف والتقائي بالعوائل والإخوة هناك. سالت عن الأستاذ منصور. فقالوا لي: انه حي وموجود لحد ألان في ألقوش ولكنه عاجز كثيرا, كم أتأسف لعدم قيامي بزيارته. رحمك الله يا أستاذ منصور. وأسكنك فسيح جناته، ولأهلك وذويك ولنا جميعا الصبر والسلوان. سنقوم بإذن الله يوم الأحد القادم 19 تشرين الثاني 2006 بذكر المرحوم الأستاذ منصور سورو في إل (خوشابا) وفي تراتيل المزمورين في خدمة الإسرار الإلهية المقدسة لجسد ودم المخلص يسوع المسيح في كنيسة مار كوركيس الشهيد، الكنيسة الشرقية القديمة في نيوزيلندة. صلوا من اجله أيها الطلاب ويا أهالي ألقوش الكرام. ونقول: إن ألقوش (يما دمشيخايوثا) أم المسيحية وقلعة الأشوريين والكلدان القومية، نقول: سيرو على خطوات ذلك المعلم والمدرس والمربي والأب الحنون لخدمة كنيستنا وامتنا العريقة لنصل معا إلى المستقبل المنشود. ولكم جيل الشكر أمين.

'''12- الدكتور حبيب يوسف تومي'''
مواليد القوش 1943 أنهى الدراسة الأبتدائية والمتوسطة في القوش وانقطع عن اكمال الدراسة الثانوية الفرع العلمي لانخراطه في العمل السياسي مشاركاً في قوات الأنصار البيشمركة الا انه رجع واكملها عام 1969 في ثم اكمل دراسته الجامعية في الأتحاد السوفياتي ونال بكالوريوس هندسة بحرية في سنة 1982 واشترك في دورات عديدة في فرنسا والنرويج حيث هاجر واستقر بعد ان استقال سنة 1986. وقد منح لقب سفير السلام من قبل منظمة السلام العالمي في عام 2010 و منح شهادة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية من قبل الجامعة العربية المفتوحة لشمال امريكا وكندا عن اطروحته الموسومة (البارزانيون ودورهم السياسي في المسألة الكوردية) وله ثلاثة كتب مطبوعة وعشرات المقالات في شتى المواضيع التراثية والأدبية والتاريخية والسياسية والأجتماعية منشورة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية. وقد كان مؤخرا مرشحا للبرلمان العراقي في قائمة البابليون.
أعتبر المرحوم الأستاذ منصور اودا سورو شخصية القوشية متميزة، نحن طلابه ندين له بإحاطتنا بالرياضيات. لقد كان له طريقة خاصة بتوصيل الرياضيات الى ذهن الطالب بأسلوب بسيط وسلس رغم ما تتميز به مادة الرياضيات من جمود وتعقيد. كان يشرح الدرس باللغة الكلدانية (السورث) وكانت تحضره دائماً الأمثال والطرائف والتعليقات الألقوشية القديمة. أيام الدراسة غنية بالمواقف والحوادث والمفارقات، لا سيما في القوش حيث انت بين اهلك وأصدقائك وتتكلم بلغتك وكان الأستاذ منصور يراعي هذه الخاصية وهو الألقوشي الأصيل. ولا شك ان مصلحة المدينة ومصلحة الطلبة كانتا تستقطبان معظم اهتمامه. إن الكتابة عن هذه المفارقات يأخذ مساحة كبيرة، وفي مناسبة وفاة استاذنا الكبير منصور أودا نحاول تسجيل قبس من هذه الذكريات.<ref>http://www.alqosh.net/mod_albums.php?mod=news&modfile=item&itemid=39653 القوش نت</ref>
في أحد الأيام كان الصديق الطالب (ك) يحل سؤالاً في الجبر على السبورة وللسؤال طريقة يمكن حله بخطوات قليلة لا تعدو الى خمس او ست خطوات، لكن زميلنا اراد ان يحله بطريقته الخاصة وأخذ يضرب ويقسم ويطرح. وبعد امتلاء لوحة السبورة بالأرقام أخذ يمسح ويعيد الكتابة وهكذا، كل هذا الوقت واستاذ منصور ينتظر النتيجة وهو ساكت، لكن أخيراً بعد ان نفذ صبره، أوقفه وخاطبه بالسورث قائلاً : أراد أحدهم ان يثبت لأصدقائه بأن ثمة طريقة لشجّ رأسه لا يعرفها أحد سواه، فالطريقة الأعتيادية بسيطة هي ان يتناول حجراً ويضربه على رأسه. لكن الذي فعله انه ثبّت الحجر في حائط ورجع الى الوراء ويأتي بقوة ليضرب رأسه بالحجر المثبت وهكذا، وأنت تقوم بنفس العملية يا شاطر. ثم قام الأستاذ بحل السؤال ببضع خطوات لا غيرها.
في يوم من الأيام استلمت إدارة المدرسة في القوش أمراً من تربية تربية الموصل بأن يكون يوم الأحد من ايام الدراسة كبقية أيام الأسبوع، في حين كان لنا عطلة يومي الجمعة والأحد، وهنا اجتمع عقلاء المدرسة من الطلبة وقرروا الأضراب عن الدراسة، وتعزيزاً للأحتجاج خرجنا بمظاهرة حاشدة للطلبة في الأماكن القريبة من المدرسة وكان هتاف المظاهرة :لا دوام يوم الأحد من الآن الى الأبد لكن أخيراً اتفقت إدارة المدرسة مع التربية في الموصل على توزيع حصص يوم الأحد الى بقية أيام الأسبوع، وهكذا انتهت المعضلة. لكن الأستاذ منصور لم يسكت على هذا الخرق وجاء الى الصف يخاطبنا قائلاً :إن إدارة المدرسة تسير وفق تعليمات وأنظمة ولا يمكنها الأخلال في هذا النظام، لكن بوسعنا ان نخاطب التربية فيما نريد بالطرق الأصولية، وبينما كان يخاطبنا دخل قائد المظاهرة المرحوم (ب) الى الصف متأخراً بعض الشئ ودلف الى الصف وينوي الجلوس في رحلته. فأوقفه الأستاذ منصور قائلاً : ألا يجدر بك ان تطرق الباب اولاً قبل الدخول ؟ لقد وصلت متأخراً فهل تعتقد ان المدرسة هي خان تأتي اليه وقتما تشاء؟ ثم أردف الأستاذ سؤالاً: لماذا تغيبت يوم أمس عن الدراسة؟ فأجابه الطالب : لأنه كان يوم الأحد. فقال له الأستاذ: اسمع ! هنا لدينا مدرسة وليس لنا رحى لطحن الحبوب وكل يأتي بحمله متى يشاء، للمدرسة قوانين وأنظمة، أما إن أردت التمسك بالأعياد فعليك الجلوس في البيت وتستطيع ان تعيّد في كل الأعياد والمناسبات والتذكارات حتى يوم تذكار (دوخرانا د قيبو)، وهي الدجاجة الحاضنة للبيض.
لقد كان المرحوم يحاول مسايرة وموازنة مطاليب السلطة وكان ذلك في عهد المرحوم عبد الكريم قاسم، ومن جهة نحن الطلبة كنا نريد ان تكون الساحة مفرغة لنا ولأفكارنا اليسارية في تلك الفترة. للتاريخ أقول: ان الأستاذ منصور كان حريصاً على مصلحة طلابه وبأفق الأنسان المجرب، ولكن بثوريتنا واندفاعنا لا يمكن ان نعترف باعتدال مهما كان نوعه. لقد كان الأستاذ يختلط مع الطلاب في الساحة ويدخل معهم في نقاشات وبلغة السورث وكانه صديق او أخ كبير لهم. لقد كان الأستاذ منصور سورو يسعى الى الأتصال بأولياء أمور الطلبة لكي تتعاون الإدارة مع أسرة الطالب لتحسين وضعه الدراسي، كان متأكداً أن معظمنا من عوائل فقيرة، وهي تنتظر تخرج ابنها للحصول على وظيفة حكومية، وكانت هذه الوظيفة تضمن دخلاً شهرياً ثابتاً وكما يقولون في القوش (يوما خاثا وباري خاثي) ومع هذا كان الأستاذ يقول اننا سعداء لأننا ندرس في نفس مدينتنا القوش. ويقول كنا ندرس في الموصل، ونشتري رغيف خبز ونأتي بجوار مطعم للكباب ونشم ريحة اللحم ونأكل الخبز، وكأننا نأكل الكباب مع الخبز. نعم كانت الحياة المعاشية صعبة للأكثرية. سنة 2003 وأثناء تواجدي في بغداد تعرفت على ابنه منهل في محلهم للألكترونيات في شارع فلسطين، وطلبت منه رؤية الوالد وفعلاً جلست مع الأستاذ منصور في بيتهم المجاور للمحل ومع العائلة الكريمة وتحدثنا عن أيام الدراسة، وكان يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً. لقد كان الأستاذ منصور مثالاً للألقوشي العراقي الأصيل لقد تفوق في تدريسه وأدار ثانوية القوش بحكمة ودراية. وستبقى الذكريات الطيبة عن الأستاذ منصور قائمة في قلوبنا.

'''13- الدكتور عزيز رحيم صادق'''
احد علماء الفلك في العراق ولادة مدينة القوش عام 1946 وقد دخل الى مدارس القوش عام 1951 واكمل الثانوية عام 1962 واختار الفرع العلمي في مرحلة الثانوية ونبغ في دروس الفيزياء والرياضيات وكان قدوته العليا الاستاذ منصور سورو كونه كان يُدّرس كلا المادتين في ثانوية القوش ولكونه من المتفوقين فقد رشح لبعثة دراسية تكللت بحصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة مانشستر عام 1979 في فيزياء الفلك وهو العلم الذي يختص بالتحليلات العلمية في دراسة النجوم والاجرام السماوية كما نال شهادة الماجستير في علم الفلك من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة. عمل في البحث العلمي وفي وزارة التعليم العالي وعدة مشاريع ستراتيجية كمشروع المرصد الفلكي العراقي كما ان له عدة بحوث منشورة في مجلات علمية عالمية رصينة ونشر العديد من الكتب والمقالات العلمية ويعمل حاليا في مشروع كبير يتناول نشر الوسائل التعليمية في مجال الفيزياء والرياضيات والعلوم العامة لمختلف المراحل الدراسية الأساسية على شكل عروض فيديو بالصورة والصوت بالإضافة الى كونه عضو لجنة التحضير والإعداد للمؤتمر الشعبي الكلداني الآشوري السرياني ويشغل منصب مدير مركز اكد للطباعة والاعلان.
كان الأستاذ منصور سورو متميزا في أسلوبه وقد أحببت مادة الفيزياء والرياضيات بالذات لأنه كان يطلب منا في كل تمرين إيجاد حل المعادلات و اشراك اكبر عدد من الطلبة واستخدام الجانب التطبيقي مع توضيح وتقريب الأسئلة الى الحياة العملية ولازلت أتذكر بعض تلك الدروس خصوصا المتعلقة بشرح قانون الفعل ورد الفعل وتفسير بعض الظواهر الفيزيائية. ولا يفوتني ان الأستاذ منصور كانت له دائما تلك التعليقات المفرحة المبهجة التي تضفي الجو المرح في مادة جافة مثل الفيزياء مما كان يساعد الطلبة في فهم المادة العلمية ولا يخفى على الجميع كم كانت تلك المرحلة صعبة ففيها الحركات المسلحة والوضع الأمني الهش والدراسة كانت على المحك لكن الأستاذ منصور استطاع بحنكته وادارته ان يثبت ويدفع التعليم الثانوي الى الامام. وهنا تحضرني حادثة فقد كنت دوما ضمن الطلبة المتميزين واحضر دائما الى المدرسة في الوقت المحدد واجد الأستاذ منصور يستقبل الطلبة والأساتذة في باب المدرسة ويعاين بنفسه المتأخرين والمتكاسلين.<ref>https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/14701-2015-01-28-18-15-15.html الكاردينيا</ref>
كان الاستاذ منصور سورو يتمتع بسرعة البديهة ولذلك تجد رده في محله وكثيرا ما كان الطلبة يحرجون من عدم اكمالهم الواجب البيتي وعندما يحاولون حل مسالة رياضية كانوا يخفقون وهنا يتدخل الاستاذ منصور باسلوبه المتميز ويوصل الطالب الى الحل الصحيح وكنت من الطلبة الذين يتمتعون بحضوة عند الاستاذ منصور وهو دوما يصرح بانه لا يمكن ان ينسى اثنين: الطالب المثالي المتوقد المتوهج الذي يحضر الى مقاعد الدراسة ليتعلم ويصنع مستقبله، وطالب ثاني في اخر السلم يحضر فقط للتسلية وعمل المتاعب لنفسه اولا ولأهله ثانيا.
مرت السنون واثناء عملي في مجلس البحث العلمي بدرجة باحث في علوم الفضاء والفلك شاءت الصدف ان التقي منهل ابن الأستاذ منصور سورو وقد عين في نفس القسم الذي اترأسه وقد اثمر عملنا معا عدة مشاركات في مؤتمرات وبحوث وتأليف كتاب عن مذنب هالي عام 1986.
'''14- قرص من شعاع الشمس'''
'''14-1 - صبري اسحق اسطيفانا''' تحدث الأستاذ صبري اسطيفانا في حلقة مشوقة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي عن ثانوية القوش وخص بالذكر الأستاذ منصور سورو فقد كان الأستاذ صبري اسطيفان طالبا في ثانوية القوش للبنين وهو من مواليد ناحية القوش 1948 تخرج واكمل الدراسة الجامعية وحصل على بكالريوس من كلية التربية جامعة بغداد عام 1972 وشغل منصب مدير ثانوية القوش نفس المدرسة التي تخرج منها ونفس المدرسة التي كان الأستاذ منصور سورو مديرا فيها. بالاضافة الى انه يشغل رئيس الهيئة الثقافية في جمعية القوش الثقافية.<ref>https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية </ref>
كان الأستاذ الفاضل منصور سورو يملئ المكان الذي يكون فيه لحضوره المتميز وهيبته العلمية وقاره وطريقة تدريسه لانه كان مدرس ومدير في ان واحد. ومن خلال السجلات في مدرستنا كان اول تعيين له عام 1949 وقد قدم الى القوش في تشرين الاول 1957 عندما اقيمت اول ثانوية رسمية في القوش لان قبل ذلك الوقت كانت ثانوية اهلية ولسنة واحدة وكانت صف واحد.
المجتمع في ذلك الوقت كانوا يجلون التقدير والاحترام للهيئة التدريسية والتعليمية ويكنون لها مكانة في المجتمع وخصوصا عند طبقة المثقفين، والطلبة لا يثمنون قدر اساتذتهم الا بعد تخرجهم ليدركوا مقدار التضحيات التي كانوا يبذلونها من اجلهم، وانا كنت احد طلبة الأستاذ منصور ولم نكن ندرك الامور بشكل جيد ولكن الان استطيع القول ان الأستاذ منصور مربي فاضل خرّج اجيالا وحصلوا على شهادات مختلفة وهو بحق نعم المدرس ونعم الاداري. كان الأستاذ منصور يدّرس الرياضيات والجبر والمثلثات وكان يحب عمله ومتمكن علميا واداريا فاذا تاخر مدرس مثلا كان يستدعيه من اصف وينبهه ويحاسبه. واخيرا اقول نم قرير العين يا استاذنا لانه يوجد شباب في مدينتنا كانها الشجرة الباسقة التي زرعتها وامل ان تكبر ويكثر ثمرها وتخضر دوما لان لا يوجد مثل العملية التربوية مهمة للشعب الكلداني الاشوري السرياني كونه وريث علم وحضارة ومدرسة مار ميخا لا زالت قائمة منذ القرن الخامس ولحد يومنا هذا واطلب من طلبتنا ان يقتدوا باساتذتهم فهم الآباء والاخوة التي تسهر على تعليمهم.

'''14 -2- كريم يوسف يلدكو'''
في حلقة مميزة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي تناولت بالتفصيل حياة المربي الفاضل منصور سورو وكان للبرنامج لقاء شيق وممتع مع الأستاذ كريم يوسف يلدكو وهو من طلبة القوش النجباء والمتفوقين ولد في القوش عام 1946 وكان الاول دوما في جميع مراحل الدراسة ودخل المتوسطة في القوش عام 1960وتخرج من ثانوية القوش للعام الدراسي 1964-1965 وكان الاول على دفعته وقد انخرط في السلك التربوي وحصل على الشهادة الجامعية و عين في محافظة نينوى واختار نفس اختصاص منصور سورو فكان يدرس مادة الفيزياء لجميع المراحل ومن زملائه في التعليم جرجس جما، حنا بابانا، حميد يوسف زرا، يوسف ميا ولكفاءة استاذ كريم فقد تم ترقيته وعين مشرفا تربويا في مديرية تربية نينوى يقيم في القوش مسقط رأسه ولازال نشيطا في الشوًون الادارية والثقافية ويشغل رئيس الهيئة الادارية في جمعية القوش الثقافية. <ref>https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية </ref>
كنت طالبا لدى الأستاذ منصور سورو لمدة خمس سنوات من الصف الاول المتوسط عام 1960 وتخرجت من الخامس العلمي 1965 وكنت الاول على الدفعة، منصور سورو اب رحيم و مربي فاضل وكادر علمي ممتاز مخلص بعمله مقتدر من المادة العلمية عطائه فائق اداريا قائد ناجح وفي احلك الظروف فترة الستينات وكان قائد محنك، ربان شجاع و ماهر قاد ثانوية القوش الى بر الامان بكل اقتدار ورغم حقد الحاقدين على القوش وأولاد القوش، وفي زمانه كانت ثانوية القوش تنافس ثانويات العراق اجمع من حيث النتائج الوزارية فقد تخرج في تلك الحقبة طلاب نجباء ممتازين تقدموا للجامعات ونالوا شهادات في مختلف الاختصاصات وفي جميع المجالات واطلب من جميع العاملين في المجال التربوي الان ومستقبلا ان يتذكروه دائما لان مستوى التدريس قد تاخر في مختلف ارجاء العراق ليس في القوش وحسب. كما لا يفوتني شيء اخر اننا كنا ننافس بين الاقضية الاولى في العراق وكان قضاء عانة من بين الاقضية ذات النسبة العالية من الخريجين مقارنة مع القوش. لدينا في أولادنا الذين يكبرون الان ان يعيدوا امجاد الآباء ومنهم منصور سورو وانا افتخر كونه استاذي فقد درسني الرياضيات والاخلاق، صاحب نكتة، سريع البديهة، ذكي جدا وشجاع جدا. كان بالاضافة الى ذلك مرحا لا تخلوا مواقفه من دعابة فمثلا في احد الايام قام طالب على السبورة لحل مسألة في الجبر لاكنه لم يوفق واخذ يتأمل لبرهة فبادره الأستاذ منصور لماذا انت في اللعب جيد ولكن سؤال لا تستطيع حله مما اضفى جو من المرح في الصف. ومثال اخر في مادة الدين في الصف الخامس العلمي كان يدرسنا الواقع والحياة والاخلاق فقد كنا في مرحلة الثانوية مراهقين لكن استاذ منصور كان يكلمنا كأب وباخلاق عالية وتعامله لطيف للغاية وسهل التعامل أحيانا كان صديق الطالب فقد يقول أحيانا لي انا متخاصم معك فقط ليشعر الطالب باخطائه. طلبي من الاجيال الحالية ان تحذوا حذوه لانه كان مستقيم وناجح ومتميز في عمله وخدم العراق وخدم مدننا بكل تفاني.

'''15- قالوا في منصور سورو'''
وتمر الأيام في ذكرى رحيل الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو وكأنها البارحة لم يغب عن بالنا يوم واحد وكأنه يعيش معنا. كان للأستاذ منصور فضل كبير على التعليم المدرسي الحكومي في القوش، فقد عُرف بغيرته العالية وفكرهِ السخي وخطواتهِ الراسخة، كان الرجل مثابراً لامعا في مجال مهنتهِ التي تميزت بنكهة فريدة وأسلوب متميز وممتع نالت محبة الجميع اساتذة وطلابا واولياء امور، ربى وعلٌم اجيالاً عديدة، ستبقى ذكراه خالدة في اذهانهم على مر الزمن كأثمار شجرة طيبة تجذرت عميقا في الأرض. لقد كنت أيها الأستاذ لنا دوماً ذلك الصديق الذي لانمل من احاديثه الحلوة الشيقة وكنت ذلك الاب الحكيم الذي نجد عنده الحكمة والفطنة عند المشورة وكنت ذلك الصدر الرحب الحنون الذي يكفي ليمد العالم كله بالحب والدفيء عندما تضيق بنا السبل وكنت معلمنا واستاذنا المفضل يأيها البارع وكيف لا وقد ربيت اجيالا وتخرج على يدك العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين واعضاء نافعين للمجتمع، أيها الزارع الصالح الذي بذر في من حوله الطيبة والصدق والتواضع وحب العلم وحب الوطن وحب الناس وتركت بصمات خالدة لا تنسى.
تَذكر القوش نت انه لا زال الكثيرون من الأطباء والمحامون والأساتذة يفتخرون بكونهم من طلبته ودائما ما يرددون أنهم أحبوا العلم تأثرا بأستاذهم الفاضل. وهذا ما كان يزيده زهوا وفخرا كيف لا وهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وما كان الا ليفرح بإنجازات أبناء بلدته خصوصا على مستوى محافظة نينوى. ويذكره الشماس جوزيف سورو بانه مثل حبة الحنطة تعطي حياة جديدة وحبات كثيرة وكأنه سفينة مرساها كبيرة ابحرت واوصلت من معها الى بر الأمان. ويذكره الأستاذ الكبير مايكل سيبي باننا كنا طلاب أستاذنا القـدير نشهـد بإخـلاصه وتفانيه وحـرصه عـلى أبناء جـلدته، ولا يمكنـني أن أصفه بأكـثر مما كتبتُ عـنه الصفـحات الإلكـترونية تحـت عـنوان (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت) وعندما سأل من في ذاكرتكم الان قال مديري الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو. يستطرد انور صادق العوصجي ان ما قدمه الراحل الكبير لابناء القوش لاكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لالقوش حيث دخل اسمه التاريخ من اوسع ابوابه، وستذكره الاجيال القادمة باجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال القوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان القوش معروف عنها انها مصنع الرجال الابطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير الذي ترجلت عن صهوة جوادك الاصيل بعد مسيرة حياتك المثمرة الطويلة لتسعد روحك الطاهرة في عليائها. والشماس فرات ميـــا يشيد فيذكر ها قد رحلت ايهـا العزيز بعد مسيرة طويلة في العطـاء وتربية الأجيال، ورحيلك قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة وفي قلوبهم غصة. و يشارك الشماس حناني ميا بالاسف لرحيل علم من إعلام العلم في العراق، ووجيه من وجهاء ألقوش مصنع الرجال المربي الكبير الأستاذ الفاضل منصور الذي خدم العلم والمعرفة أكثر من نصف قرن من الزمن في وطنه الحبيب بلد الحضارة الأول في العالم. كان الأستاذ منصور سورو مدرسة بحد ذاته تعلمت فيها وتخرجت منها أجيال عديدة ومنهم أولاده النجباء الذين خدموا المجتمع خير خدمة، إن ذكراك أيها الراحل الكبير ستبقى خالدة في أذهان الكثيرين على مر الزمن لأنها كالشجرة الطيبة أصبح لها جذور عميقة في الأرض التي زرعت فيها. اما أنور صادُق العوصجي في ألمانيا فيقول إن ما قدمه الراحل الكبير لأبناء ألقوش لأكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لألقوش حيث دخل اسمه التاريخ من أوسع أبوابه، وستذكره الأجيال القادمة بإجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال ألقوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان ألقوش معروف عنها أنها مصنع الرجال الإبطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير.
السيد كمال يلدو الكاتب المرموق ومقدم برنامج اضواء على العراق وفي احدى مقالاته المشوقة عن المربي الراحل عابد بتي حنا صفار المولود في مدينة القوش عام ١٩٢٩ اذ يستطرد رغم ان سنين طوال تفصلنا عن هذا الجيل، وعالم آخر نعيشـه دونهم، لكن الحديث عنهم يكتسب أهمية خاصة لأبنائهم وعوائلهم الكريمة، ولكل من يقرأ ويدرس هذه السير المباركة والمفعمة بالتجربة والحياة. ومهما تغيرت الظروف والمستجدات، يبقى الأنسان هو سيد الموقف وحامل كل مفاتيح التغيير، يسـمو و يضئ ظلمة هذا الكون، ويمنحه طعمه الزكي الحلو. إن تجربة هؤلاء المربين مفعمة بالأمل والعمل والصبر، على إن أروع درس هو ذاك الذي تشي به تجربتهم الجميلة والملخصة بإن العمل المبدع لا يأتي إلا من عقل وروح مبدعة، إلا من إنسان عاشق للحياة ويقدسها، إنسان يفرح لتقدم الناس وتطورهم. تحية لذكراهم الطيبة، بأمل ان نأخذ من رحلتهم تلك وقودا لرحلتنا في هذه الحياة، من أجل البناء وخير الأنسان. ويضيف في معرض سرده للاساتذة في القوش ان اول من تقلد منصب مدير مدرسة في بلدة القوش كان الأستاذ (منصور اوده).
يتذكره السيد عوديشو زورا بِدِي العم العزيز الذي يأسر الجميع بكياسته وحكمته وأدبه الجم منذ ان كانا معا في مدرسة مار ميخا حيث انه من مواليد 1925 أيضا فيسهب القول انه في العشرينات لم يكن هناك الكثير من المتعلمين يعرفون القراءة والكتابة وكان هناك ستة مدرسين الياس بابا و إيسف باخوخا اللذين درسا في المعهد الكهنوتي السمنير ومتيكا حجي وكان هناك قساوسة لتدريس اللغة الكلدانية قراءة وكتابة وتدريس باقي العلوم والدين ثم اضيفت اللغة العربية بعد ان جاء امر مديرية المعارف باضافتها الى مناهج الدراسة.
ان منصور سورو كان له ولع شديد في الدراسة والمواظبة والحضور والمناقشة وربما هذة البداية والاستمرارية جعلت منه مدرس ناجح واداري ممتاز وهنا يتذكر مواقف كثيرة لا تعد ولاتحصى منها ان كانا زميلا الدراسة في نفس الرحلة وشاءت الظروف ان والده زورا بدي كان بحاجة لعون أولاده في الزراعة وخصوصا ان القوش تعتمد على الزراعة الديمية معتمدين على موسم الامطار مما اضطر على ترك الدراسة وممارسة العمل بأناة وتواصل، تارة مع والده واخيه عيسى وتارة اجيراً عند الاخرين في اعمال الزراعة او في معصارة الراشي (الطحينية) التي كانت تعود لهم ولكونه ذو عقلية تجارية فذة فقد قام العم عوديشو بفتح دكانا في السوق، ومرت الايام وعين منصور مدير ثانوية القوش واحتاج الى سلاح شخصي وقالوا له الوحيد الذي يمكن ان تثق به هو عوديشو زورا بدي. بعد التقاعد اراد منصور سورو ان يقوم بعمل تجاري او اي مشروع يقضي وقته بعمل مفيد فلم يجد غير زميل الدراسة عوديشو زورا يشير عليه بالاعمال التجارية فقد اصبح من كبار تجار بغداد وله مكاتب جملة ومفرد واستيراد وتصدير ولا ننسى ابدا حين اذرف الدموع لحظة سماعه بفقدان منصور سورو وانتقاله الى الحياة الابدية.
كان منصور سورو يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً ولذا ستبقى دائما وابدا في قلوب الأولاد والاحفاد والاقارب والاصدقاء وكل من يتذكرك وستكون دائما في صلواتنا وفى افئدة محبيك الكثيرون للابد.
الأستاذ يوسف زرا وفي كتاباته عن مشاهير ألقوش في القرن العشرين اقتبس هذا المقال الجميل كان جورج جبوري شغوفا بكل الفنون، محبا للتمثيل ويعتبر أبو المسرح والتمثيل في القوش، اذ كان قد أسس فرقة جوالة في بداية الاربعينيات تحيي المسرحيات التراثية والكوميدية ذات الطابع الرومانسي والتراجيدي، ولازال المسرحيون المتتبعون لهذا الفن يذكرونه كمدرسة لهم في التعبير عن محتوى التاريخ بأسلوب درامي مشوق. ومن ابرز أعضاء تلك الفرقة والتي واصلت حمل عبئ العمل الى أواخر الاربعينيات، منهم المرحوم عابد بتي كعكلا والمرحوم جرجيس اسحق زرا والأستاذ منصور اودا سورو والمعلم اسطيفان هرمز رئيس والشماس حنا شيشا والمحاسب يوسف حنا سيبي. ومن الجدير بالذكر ان الاستاذ منصور سورو كان يحب اقتناء الكتب والمجلات فقد كان مولعا بالادب بالاضافة الى براعته في الجوانب العلمية وكان شغوفا باقتناء الاعداد الجديدة التي كانت تصدر شهريا مثل (تراثنا الشعبي)، (مجلة العربي)، (آفاق عربية)و(ألأقلام) وغيرها كثير وكان يترقب بداية كل شهر لاقتناء نسخته وقراءتها بتمعن وقد اهديت مكتبته العامرة بعد وفاته الى مكتبة مار ميخا في القوش. <ref>http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=25090:aa&catid=72:b&Itemid=45 تلسقف كوم</ref>
يعتبر حبيب القس يوسف عبيا احد اصدقاء الطفولة وقد تخرج من كلية الحقوق واصبح من كبار كتاب العدول في الموصل ثم بغداد الكرخ وقد دون في التواصل الاجتماعي ان منصور سورو هو الصديق والرفيق منذ الطفولة والى حيث أغابه الموت. يقول التقيت منصور على مقاعد الدراسة في مدرسة القوش الابتدائية (مار ميخا) في الصف الأول الأبتدائي عام 1934 مع المرحومين الخوري هرمز صنا وحنا حجي وتخرجنا فيها سوية عام 1939 بعد أن التقينا بركب المرحوم حبيب جمعة في الصف الرابع الاعدادي وأستمرت علاقتنا الأخوية ما حيينا. كان منصور من الطلبة اللامعين طيلة المراحل الدراسية وجدياً ومخلصاً في عمله طيله فترة عمله سواءاً في أدارة مدرسة القوش الإعدادية أو فترة التدريس في مختلف متوسطات وأعداديات بغداد وتخرج على يديه خلال ثلث قرن التي قضاها في التدريس نخبة مميزة من الشباب النابغين هذا بالاضافة الى النهوض بأولاده الستة الى أعلى مستويات الثقافة (دكاترة وأطباء ومهندسين). كان الراحل الغالي مدافعاً عنيداً عن طلابه سيما في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها بلدتنا العزيزة القوش آنذاك. ومن الذكريات الجميلة عن مدرسي ثانوية القوش كما ترويها السيدة جوليت نعيم جبرائيل گولا والتي درست في مدرسة راهبات القوش مار ميخا وبعد تخرجها تزوجت من السيد بطرس لاسو مدير مدرسة القوش الابتدائية والذي كانت تربطه بالاستاذ منصور سورو علاقة جيرة و صداقة متينة وعمل حثيث من اجل مدينتا القوش وتعود بها الذاكرة ايام مدينة السليمانية عندما كانوا اربعة زملاء في التدرج الوظيفي هم بطرس لاسو وجرجيس حميكا ويونس رزوقي وسعيد شامايا وبعد ان أصبح منصور سورو مدير ثانوية القوش استعان بزملاء الدراسة لبناء مدرسة نموذجية اذهلت دائرة المعارف انذالك رغم قساوة الظروف وضمت الهيئة التدريسية جرجيس حميكا، متي عبد الاحد، حكمت يعقوب، بهنام عفاص، بدري فرج، مظفر اليوزبكي، شاكر نعمة و مزاحم الشماع.

'''16- الشماس صادق برنو'''
ولد صادق ياقو ميخا برنو كوريال برنو في القوش عام 1917، وفي بيت يقع مباشرة خلف كنيسة ماركوركيس الفخمة بمحلة قاشا، وكان عماذه بعد فترة من قبل القسيس يوسف منصور سمعان كادو، شق صادق طريقه في الحياة وكان يتلقى دروسه الاولى في مدرسة مار ميخا النوهدري المقابلة لبيته، ومن المعلمين الذين درس على ايديهم كل من سعيد ججاوي الياموري كوركيس عواد لا كنه ترك الدراسة ليساعد والده في العمل ولكنه لم يبقى أسير نمط واحد من العمل، فسرعان ما غيره ليصبح سائق صهاريج النفط، ومدة اخرى في باصات نقل طلبة المدارس الاهلية في بغداد، مما منحته فرصة للتعرف على المدينة والاستفادة من معطياتها ويذوب فيها فتعلق بالكنيسه، وواظب على تعلم واتقان لغته السريانية، بل تفوق فيها ليصبح خطاطاً وشاعراً ومرنماً، ثم شماساً قديراً، حيث نال درجتها عام 1942 في القوش على يد المطران مار حنا قريو يقوندا، ونظرا لحسه الوطني والطبقي المتنامي فقد تعاطف مع الأفكار السياسية السائدة آنذاك، لفترة من الزمن مع شباب من عائلته، اعتقل في سجون الموصل الرهيبة، ونال قسطا من المعاناة والشدائد في تلك الايام الحالكة. وبعد فترة وجيزة سافر الى الولايات المتحدة الامريكية واستقر فيها منذ عام 1967، وعندما وصل الى هذه ديار الغربة شمر عن ساعديه للعمل والتأقلم مع الحياة الجديدة، دون ان يقطع صلته بالوطن الأم لا بل لعب صادق برنو وعائلته دوراً، في استقبال ومساعدة سيل المهاجرين منذ اوائل سبعينات القرن الماضي، وعمل مع ابنائه في تسهيل معاملات الهجرة حتى اصبحوا روادا فيها . وهو كاتب ومؤلف وله العديد من الكتب والمقالات والمطبوعات في شتى المجالات اغلبها من طقسنا الكلداني. ورغم سنونه التي زادت عن المائة الا انه لازال غزيرا بعطائه فلا زال يولف ويطبع ويوزع الكتب والنشرات بالعربية والسريانية الى جميع محبيه ومعارفه.<ref>https://www.alqosh.net/mod.php?mod=news&modfile=item&itemid</ref>
نظم الشماس صادق برنو قصيدة في رثاء الأستاذ منصور سورو لحبه واعتزازه بابن بلدته حيث كان ثلاثة من أولاد الشماس وهم نوئيل، جبرائيل و ريمون طلابا في ثانوية القوش وكان دوما متابع لهم وحريصا على اكمالهم تعليمهم وتختزن ذاكرتهم جميعا لقصص ونوادر تلك الحقبة وكيفية تعامل الأستاذ منصور في تلك المواقف وقد اصبحوا شبابا يافعين محترمين لهم ادوارهم في المجتمع والقصيدة باللغة السريانية:
حزن ورثاء
للاستاذ منصور سورو
اكتب واقدم احترامي لهذا المربي
استاذ منصور سورو عالي في التعليم
الذي انتقل ورحل من هذا العالم
الى الحياة الابدية في سلام وسكينة
استاذ منصور مبارك ومتواضع
عملت كثيرا بحب ودون كلل
لهذه المدرسة ليلا ونهارا
بقلب مملوء بالفرح ويفيض بالمحبة
بقلب كبير وسعه التفاني
لهذه المدرسة عملت باجتهاد
ومشاعرك مملوءة بالحب العامر
لهذه الخدمة نذرت كل حياتك
خدمت ثانويتك بكل اخلاص
في ذلك الزمان مملوء بالصعاب
مسلحين يطوفون شوارع المدينة
وصوت المدافع تصم الاذان
كل تلك السنين واجهت المصاعب
لم تتضايق او تتوان في كل الاوقات
بل عملت وساعدت اكثر
لتسع سنوات من ذلك الزمان
لك يا استاذ منصور وفي كل الاوقات
يشكرون جهودك أولاد بلدتك
ربيتهم بعقلك وانرتهم بحكمتك
رفعت من علمهم ونعموا بالمناصب
ربيتهم كانهم أولادك
كنت دائما بهم فرحانا
لا يمكن ان ينسوك مهما حصل
سيتذكرونك دائما وابدا
انت دوما في ذكراهم بالمحبة والاحترام
لا تغيب عن فكرهم صغيرهم وكبيرهم
لأنك كنت لهم الصديق والمعلم
ومحبتك لهم راسخة وكبيرة
مرحى لك لهذه الخدمة
رفعت اسمك في هذه الدنيا
نرجو من الرب ان لك يمن
مكانا في الفردوس معه بالمسرة

'''17- القس منصور سورو'''
الذي لا يعرف أصل الأستاذ منصور سورو ربما يراوده ذلك السؤال، ولكنه قد سُمّي على أسم جدّه القس منصور سورو، الذي كان من كهنة القوش المعروفين، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الاب الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الأصليين.
[[ملف:Three grand sons.jpg|تصغير]]
ولد القس منصور او الاب سوريشوع والتي كانت كنيته أحيانا في القوش عام 1830. تثقف وتعلم في المدارس الكهنوتية في ذلك الوقت ورسم كاهنا لخدمة رعية القوش وضواحيها، وكان متزوجا وله أربعة أولاد (متي، أبلحد، يوسف و نوح). وبالاضافة الى واجباته الدينية لخدمة الرعية في كنيسة ماركوركيس كان معروفا بغيرته وشجاعته النادرة بحيث كان يحل جميع المشاكل مع الحكومة او مع الاغوات او المتنفذين في المنطقة بالاضافة الى كونه كان الرجل السباق في رفع السلاح والوقوف بوجه الاعتداءات اثناء الغزوات على منطقته رغم كونه رجل دين الا انه قاد رجال القوش الغيارة الشجعان ضد اعدائهم في المنطقة.
اتقن القس منصور الحياكة وعمل الملابس المحلية ليعيل اسرته الكبيرة دون الاعتماد على اي مصدر اخر وقد ورث بعض احفادة هذه المهنة عنه بالاضافة الى كونهم شمامسة في الكنيسة.
كان يقضي الكثير من وقته في القراءة والكتابة وله العديد من المخطوطات بخط يده محفوظة في مكتبة الكنيسة وقسم منها في مكتبات عالمية فله كتاب بعنوان (بعض الحكايات والقصص المختصرة باللغة الكلدانية الدارجة لطلاب المدارس ومتعلمي اللغة السوادية بيسر) المنشور سنة 1880 والمحفوظ في مخطوطات برلين صفحة 430 رقم 128. وكتاب اخر نشر عام 1882 باللغة الكلدانية الدارجة. كانت القوش تفتخر بشجاعته فقد روي انه عندما يذكرون القسس في القوش يقولون لدينا تسعة قسس والقس منصور لتفانيه في خدمة الجماعة مع انه ذو شخصية مرحة يحب سرد الفكاهات والنوادر وكان مجلسه يعج بالمؤمنين وخصوصا في زمن الشدائد عندما كانوا يطلبون منه النصح والتدبير. توفي الاب منصور سورو في القوش سنة 1907 وقد وارى جثمانه الثرى في باحة كنيسة مار كوركيس في مكان قريب من المذبح ونقش على الجدار تذكار يليق به.

محددات الفعل

متغيرقيمة
عدد التعديلات للمستخدم (user_editcount)
0
اسم حساب المستخدم (user_name)
'Manhalsoro'
عمر حساب المستخدم (user_age)
10638
المجموعات (متضمنة غير المباشرة) التي المستخدم فيها (user_groups)
[ 0 => '*', 1 => 'user' ]
المجموعات العامة التي ينتمي إليها الحساب (global_user_groups)
[]
ما إذا كان المستخدم يعدل من تطبيق المحمول (user_app)
false
ما إذا كان المستخدم يعدل عبر واجهة المحمول (user_mobile)
false
هوية الصفحة (page_id)
0
نطاق الصفحة (page_namespace)
0
عنوان الصفحة (بدون نطاق) (page_title)
'منصور سورو سيرة و شهادة'
عنوان الصفحة الكامل (page_prefixedtitle)
'منصور سورو سيرة و شهادة'
آخر عشرة مساهمين في الصفحة (page_recent_contributors)
[]
عمر الصفحة (بالثواني) (page_age)
0
فعل (action)
'edit'
ملخص التعديل/السبب (summary)
' نسخ محتمل'
نموذج المحتوى القديم (old_content_model)
''
نموذج المحتوى الجديد (new_content_model)
'wikitext'
نص الويكي القديم للصفحة، قبل التعديل (old_wikitext)
''
نص الويكي الجديد للصفحة، بعد التعديل (new_wikitext)
''''1- المقدمة''' يسعدني أن أقدم للقراء الأفاضل هذه النخبة المختارة من المثقفين المعنيين بتراث بلدنا الحبيب العراق واثار رموزنا ومبدعينا الذين رفدوا مسيرة التعليم وخصوصا في بلدتنا القوش العزيزة على قلوبنا، هذا العمل المتواضع من مجموعة مقـالات وتعليقات وتعقيبات عن مربي فاضل كانت له بصمه في تاريخ القوش في فترة صعبة مليئة بالأحداث الهامة الا وهو الأستاذ منصور اودا سورو مدير ثانوية القوش للفترة (1957 – 1966) والذي استطاع بحنكته واسلوبه وتفانيه من إيصال السفينة الى بر الأمان بعد ان كانت تتلاطمها الأمواج و الرياح العاتية والعواصف الشديدة. [[ملف:Mansour soro the memo and biography.jpg|تصغير]] آمل أن يجد القارئ الكريم في هذا الكتاب القدوة الحسنة والفائدة المرجوة مع المتعة في استذكار حقبة مهمة عصفت ببلدنا والتي حرصتُ أن أجعل منها باقات لمختلف الكٌتاب المعنيين بالأدب والسياسية والتاريخ والتراث وتعتبر مقالاتهم أثيرة، تفوح منها كلمات بشذا عطر أساليبهم الجميلة، وعبق تراثنا العراقي الأصيل، متأملا إلى أن نجد ناشئتنا واجيالنا القادمة تحذو حذو من سبقونا ويستفيدوا من دروس ابائنا فهم النبراس والهداية وقد بذلوا جل امكاناتهم في تقويم اجيالا نامل ان يتبعوا خطاهم، وصولاً إلى ما كان عليه أولئك السلف الصالح من نفوس أبية طيبة، وقلوب مؤمنة صافية، وعقول فذّة ذكية، وعلوم ثرية مفيـدة، وآراء حكيمـة سديدة، وحكم قويم سليم.<ref>http://kaldany.ahlamontada.com/t9781-topic (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت)</ref> '''2- التربية والنشأ''' ولد المربي الفاضل الأستاذ منصور اودا يوسف القس منصور سورو في الأول من تموز سنة الف وتسعمائة وخمسة وعشرين للميلاد 1925 في ناحية القوش التابعة لقائمقامية الشيخان في محافظة نينوى التي تقع شمال جُمْهُوريَّة العِرَاق وتعتبر ثاني أكبر المدن العراقية، وتبعد عن بغداد حوالي 402 كيلومتر، وهي أقدم مدن الإمبراطورية الآشورية القديمة وأعرقها، وتتميز بموقعها الاستراتيجي فهي تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة لذلك فهي تتميز بخصوبة أراضيها الزراعية والرعوية. نشا منصور سورو في كنف عائلة كريمة تمتهن التجارة والده أودا يوسف القس منصور (1904-1972) ووالدته أنو كوريال منصور عطايا من مواليد القوش (1914-1997)، اخوته حازم ويوسف وسالم واخواته هيلين و جميلة وخيرية وسلمى. كان منصور الولد البكر ومنذ نعومة أضفاره كان متوهج الذكاء لامعا بين اقرانه قيادي بارع وارتأت العائلة ان لا تقف حجر عثرة امام مستقبله الزاهر لذا أُدخِل الدراسة الابتدائية في مدرسة القوش (مار ميخا النوهدري) عام 1933، وكانت من المدارس المعدودة في كل المنطقة ومن اقدم الصروح العمرانية والحضارية الشامخة بهيكلها منذ بنائها عام 414 ولحد الان في بلدة القوش القديمة، وكانت للمدرسة كنيسة تعود لدير سابق ولذلك كان الطلبة يرتوون من العلم والثقافة بالإضافة الى التعاليم الدينية والطقس الكلداني وتشمل الكنيسة ثلاثة هياكل، ازيل اثنان منهما بسبب تهدمهما وعدم التمكن من ترميميهما. وآخر تاريخ لتجديد هذه الكنيسة كان عام 1876 وهو مثبت على لوح حجري فوق كوة ضريح مار ميخا والتي تقع الى الجانب الأيمن من مذبح الكنيسة وترتبط المدرسة بشمال الهيكل مباشرة، وقد شيدت هذه المدرسة عام 1923. وهي امتداد تاريخي لمدرسة مار ميخا النوهدري والذي أسسها منذ استقراره في هذه القرية. وظلت كمركز اشعاع وفكر لكافة صنوف العلوم والمعرفة الى جانب علوم الدين المسيحي واللغة السريانية، وقد تخرج من هذه المدرسة القديمة عمالقة في اللغة والأدب السرياني الى جانب كبار رجال الدين الكنيسة الشرقية سابقا، والكنيسة الغربية لاحقا. وكانت نبراسا للأجيال وللثقافة الدينية منذ الطفولة أمثال القس إسرائيل شكوانا، والقس دميانوس كونديرا والمطران طيماثيوس مقدسي والمطران توما اودو وغيرهم ممن تضلع في اللغة والأدب والفلسفة، الى جانب كبار خطاطين اللغة السريانية والذين تركوا ثروة كبيرة من المخطوطات المنتشرة في جميع القارات ومنهم الشماس بولس قاشا ومتيكا حجي حداد الذي اصبح معلما فيها. وكان من بين رفقاء الدراسة البطل المناضل توما صادق توماس، حنا حداد، حبيب جمعة، رحيم قلو، عوديشو زورا بدي، حبيب القس يوسف عبيا، بطرس اودو و الخوري هرمز صنا والذين اصبحوا فيما بعد أصدقاء ورفقاء لسنوات طويلة. '''3- المتوسطة والثانوية''' اكمل منصور سورو الدراسة الابتدائية سنة 1939 وكان واحدا من أولئك الطلبة، الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، وبلا تعثر والتحق في المدرسة المتوسطة الغربية في مدينة الموصل والتي كانت وما زالت من المدارس الاولى لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل انذلك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز أعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة أظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذويهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم، حتى اجتاز المرحلة الثانوية في الموصل بتفوق. وقد اكمل الدراسة الإعدادية والثانوية بتقديرات جيدة، مما شجعه لزيادة تحصيله العلمي وشجع عائلته لدعمه في حصوله على شهادة عالية رغم ان معظم سكنة القرى لا يميلون الى ارسال أولادهم الى الجامعات، المعاهد و الكليات في ذلك الزمان للظروف الاقتصادية التي كانت تعاني منها العوائل وحاجتهم الى قيام أولادهم باعانتهم و مساعدتهم وخصوصا في المجتمع الزراعي السائد في القوش. '''4- ليسانس دار المعلمين العالية''' انتقل الأستاذ منصور الى بغداد في منطقة الوزيرية وشاءت الصدف ان يلتقي باصدقاء سبقوه وشجعوه للتقديم إلى دار المعلمين العالية سنة 1945. وقد ثابر ليلحق بالركب وخصوصا ان الكلية كانت حديثة وتعتمد التدريس بالطرق الغربية وتستخدم المصادر الاجنبية باللغة الانكليزية مما ضاعف من الجهود في مواصلة الدراسة. فدار المعلمين كانت مؤسسة تربوية أسست في بغداد عام 1923 وكانت تقع مبانيها المتعددة في منطقة الوزيرية بمحاذاة السدة، وتعرف الآن بكلية التربية وتعود في يومنا هذا الى جامعة بغداد و كان على من يريد الالتحاق بها دفع رسوم دراسية كانت في بدأ الامر (15) روبيه شهريا أي ما يعادل (دينار و125 فلسا)، كما وتقرر أن لا يقبل فيها إلا الذين يرغبون في إعداد أنفسهم للتعليم في المدارس الثانوية ومفتشين ومدراء للمدارس ومن الطريف إن يدرس في الدار طلبة صينيون وبلغار وبريطانيين فضلا عن الطلبة البحارنة والسوريين والتونسيين والمغاربة والأردنيين والفلسطينيين. لقد كانت تلك الدار (أم المدارس) و(من أمهات معاهد الثقافة والمعرفة) كما وصفها أحد طلبتها د. حسين علي محفوظ، كنواة الطبقة الوسطى وأداة التغيير. في سنة 1927 أصبحت (دار المعلمين العالية) معهدا قائما بذاته بمنهج نهاري كامل (علمي وأدبي) مع (قسم داخلي) ملحق بها وفي العام الدراسي 1937 - 1938 استقبلت الدار أول وجبة من الفتيات العراقيات وذلك في عهد عميدها د. متي عقراوي وكن 8 فتيات وفي العام 1939 أصبحت مدة الدراسة أربعة سنوات يمنح الطالب بعد إنهائها شهادة البكالوريوس في العلوم أو الآداب أو التربية وتخرج اساتذة للعمل في الثانويات. ومن بين الخريجين من تلك الدار بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، كامل ادهم الدباغ (مقدم برنامج العلم للجميع)، عاتكة الخزرجي، عبد الوهاب البياتي واحمد عبد الستار الجواري (والذي أصبح وزيرا للتربة فيما بعد)، لميعة عباس عمارة (الشاعرة)، مصطفى جواد وعبد الجبار عبد الله (العالم الفيزياوي والفلكي خريج أمريكا وأحد الأفذاذ القلائل في العالم من شراح نظرية آينشتاين وتقلد منصب رئاسة جامعة بغداد في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات) وغيرهم. ومن التدريسيين في هذه الدار الأستاذ معروف الرصافي لتدريس آداب اللغة العربية والأستاذ جلال رزيق لتدريس الرياضيات. وقد امضى الأستاذ منصور سورو في دار المعلمين العالية أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء عام 1949 فقد كان في الفرع العلمي والذي كان ينقسم الى البيولوجيا او فيزياء والرياضيات اما فرع الآداب فانه كان يشمل مواد اللغة العربية والانكليزيه والجغرافيه والتاريخ وقد ادخلت دروس الدين في مناهج دار المعلمين العالية لاحقا، مما أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يُعَدون على أصابع اليد الواحدة. كان الطالب المقبول يوقع عقداً، يتعهد فيه ان يخدم في وزارة المعارف بالوظيفة التي تكلفه بها الوزارة، مدة تعادل المدة التي يقضيها في الدراسة، وهنا تنسب الأستاذ منصور للخدمة في محافظة السليمانية للتدريس في ثانوية السليمانية هذه المدينة التي تأسست في العام 1784 من قبل ابراهيم سليمان باشا وهو أحد أفراد أسرة امراء بابان المعروفة والعريقة، حيث تقول القصة: لقد خرج الباشا ذات يوم في رحلة صيد متوجها نحو منطقة شهرزور القديمة التي كانت تمتد مساحتها لتشمل مدينة السليمانية الحالية، فلما رأى الباشا المنطقة وقع في حبها فورا وقرر أن يبني عليها مدينة، فبناها وأطلق عليها اسم والده سليمان باشا بابان. من الجدير بالذكر ان إحصاء أجرته سلطات الانتداب البريطاني عام 1920 أن مجموع سكان لواء السليمانية (محافظة السليمانية حالياً) كان 155 ألف منهم 5000 نسمة من المسيحيين. ويصفها سكانها وعشاقها (مدينتي حياتي) وبالكردية (سليماني شاره‌ حه‌ياته‌كه‌)، حيث يكسوها الثلج في الشتاء والخضار في الربيع وتنتشر ازهار النرجس في الحقول مع الهواء العليل، مدينة تحضنها الجبال وتسكن قلب سلسلة جبلية متصلة بعضها ببعض، تقع شمال شرق العراق ضمن إقليم كردستان. خدم الأستاذ منصور في مدينة السليمانية خمسة سنوات لحين وجود شاغر في محافظة نينوى حيث انتقل الى مدينة الموصل ليدرّس في المتوسطة الغربية وهي نفس المدرسة التي دَرَسَ فيها لثلاث سنوات. وعندما قررت وزارة المعارف افتتاح اول ثانوية رسمية في القوش عام 1957 لم يجدوا اكفأ واقدر وانسب من الأستاذ منصور سورو لتعيينه كأول مديرا لها لعدة أسباب مثل كفاءته وكونها الناحية التي ولد فيها ولما يعرف عنه من حسن الإدارة. عمل بكل إخلاص وتفاني لمدة تسع سنوات كمدير للثانوية بالإضافة الى تدريس مادتي الرياضيات والفيزياء عدا عن تدريس ماة الدين المسيحي لفترة وجيزة. وانتقل للعمل في بغداد سنة 1966 وبعد مضي سنتان أوفد الى المملكة العربية السعودية للتدريس في الطائف وجدة حيث كان العراق في تلك الحقبة منارة اشعاع الى جميع الدول العربية وكانت خبراته تتبادل في نظام الاعارة مقابل اضعاف الرواتب مما كان المدرسون يتسابقون للحصول على هذه الفرصة وكانت التضحيات كبيرة فهم يتركون عوائلهم ويتغربون في البلاد وخصوصا الخليجية او بلاد المغرب العربي لسنوات على امل ان يرجعوا وينعموا بحياة افضل حيث ان الحكومة العراقية لم تكن تثمن هذه الطبقة الوسطى من الموظفين. تحلى الأستاذ منصور بكثير من الشجاعة ليستطيع التأقلم في مدينة إسلامية تطبق الشريعة وهو شماس في كنيسة يحب طقوسها حتى العظم وكان يتندر بالقصص الكثيرة التي كان فيها شاهد عيان خصوصا ان المجتمع السعودي بدوي يجب التعامل معه بحذر وخصوصا أولاد الامراء والوجهاء والطبقة الحاكمة فأي هفوه قد تكلف حياة او مستقبل أي كان. وبحنكة واقتدار اذاب كل الصعاب وعمل لمدة سنتان ليعود الى بغداد للعمل في سلك التدريس في ثانوية عقبة بن نافع للبنين الواقعة في شارع فلسطين، حي المهندسين حتى سنة 1982 واحالته على التقاعد. ولقد كان التقاعد بالنسبة له كالعجلة التي توقفت فجأة بعد ان كانت في حركة دائمة وعطاء لمدة ثلاثة وثلاثون سنة متواصلة . تزوج سنة 1957 من ابنة عمه صبيحة صادق ابلحد القس منصور سورو وله ثلاث أولاد وثلاث بنات. أولاده منهل دكتوراه هندسة ورائد ماجستير معماري وعدي بكالوريوس بحوث حاسبات وبناته مناهل دكتوراه هندسة وثغر طبيبة وبان بكالوريوس ادارة واقتصاد. وله من الاحفاد أربعة عشر و أولاد الاحفاد ثلاثة. '''5- مدير ثانوية واكثر''' لم يكن الأستاذ منصور سورو مدير ثانوية فحسب بل كان بشهادة الاساتذة والطلاب على حد سواء وكل أهالي ناحية القوش الشجعان الابطال كان مدرسا جيدا ناجحا محبوبا من قبل الجميع وكان له اسلوبه المتميز الذي لازال في ذاكرة الجميع فهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وعاش بينهم وكان قريبا منهم يعامل الطلبة كأب واولياء الامور كأخ ولا يتوانى عن مساعدتهم ونصحهم وما وصول اغلب الطلاب وحصولهم على الشهادة الثانوية في ذلك الظرف الصعب الا دليلا لحسن ادارته وتعليمه لا بل هناك الكثير منهم يفتخرون كونهم طلبته فقد اصبحوا اطباء ومحامين واساتذة لا بل ان بعضهم اكمل دراساته العليا وحصلوا على شهادة الماجستير والدكتوراه ودائما ما كانوا يقولون انهم احبوا العلم تأثرا بالأستاذ منصور سورو ومنهم سيادة المطران مار ميخائيل مقدسي (راعي ابرشية القوش حاليا)، الدكتور عزيز رحيم صادق (عالم فيزياء و فلك)، يوسف شميكا (ماجستير هندسة كهربائية من المملكة المتحدة)، الدكتور حبيب تومي، عابد بوداغ (مهندس مدني و انشاءات)، إسماعيل يوسف عوديش (اصبح قاضيا في محكمة نينوى)، الدكتورة سلمى عودة، الاستاذ موفق حكيم، الخور اسقف أبرم أوراها بثيو (خور اسقف مدينة ولنكتون نيوزيلندا)، الست مريم شبلا ( اصبحت المدرسة بتول)، الاستاذ نوري حبيب سورو، نبيل يونس دمان (المهندس والكاتب والمؤلف والناشط السياسي) وغيرهم كثير والقائمة تطول منهم من انتهج سلك التدريس اقتداءا به ومنهم مدراء اكفاء شغلوا مواقع هامة يعتبرون مفاتيح في مواقعهم العلمية و الادارية. ولان منصور سورو في طبيعته كان اجتماعيا يحب اللقاء بالجميع فقد دأب على إقامة المهرجانات سواء الرياضية او العلمية او الفنية وقد كان يستخدم المتوفر من ساحات وقاعات الناحية وجميع هذه الانشطة كانت عامة والجميع مدعو للحضور ليفتخر بإنجازات أولاده الطلبة خصوصا عندما كان يتم اختيار الافضل لتمثيل الناحية في مستوى محافظة نينوى (الموصل). <ref>https://ankawa.com/forum/index.php/topic,362886.msg4281615.html#msg4281615 عنكاوا كوم </ref> '''6- المربي والإداري الفذ''' كتب الأستاذ بهنام سليمان متي القطا وهو من مدينة كرمليس بلواء الموصل محافظة نينوى ولد عام 1917 من عائلة مسيحية كلدانية، واجاد الى جانب لغته الأم السريانية اللغة العربية اجادة تامة، بل كان، ولم يزل ضليعاً فيها، فعمل مصححاً لغوياً في العديد من الصحف والمجلات. ويعد مرجعا للعديد من الأدباء والكتاب في النحو العربي، كما بات مصححاً لبعض المطابع العربية في المهجر، درس وتخرج وتبوأ مدير مدرسة كرمليس في الستينات من القرن المنصرم وقد كرمّ برسالة شكر وتقدير من المرحوم عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي العراقي بمناسبة الكلمة التي ألقاها في الحفل الذي أقيم بمناسبة اربعينية الملكة عالية ويعتبرها أعز الهدايا، أثمن "الجوائز" لديه، بدليل أنه لم يزل محتفظاً بها رغم مرور كل هذه السنين وبحكم قرب اختصاصهما نشأت علاقة عمل كمدراء يجتمعون في دائرة المعارف سوية وقد كان ناجحا في عمله وكتب هذه المقالة في ذكرى وداعه. بين الشروق والغروب في رحلة الإنسان على هذه الأرض، سفر طويل زاخر بالإحداث والمهمات قد يكون شاقا مريرا، فيعرف المرء كيف يتفاعل معه تفاعلا ايجابيا متفتحا، إذا ملك من القابليات والمؤهلات ما يعينه على النجاح والتفوق. وقد ياتي سلبيا لان ذلك الفرد لم ينل حظه من التوجيه والإرشاد، فتعيق قابلياته المتدنية عن تذليل ما يتصدى حياته من صعاب، فيرحل نسيا منسيا دون إن يترك بصمات واضحة في مجرى الإحداث ولكن الأستاذ منصور استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة إظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذوهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم. وكان الأستاذ منصور واحدا من أولئك الطلبة الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، حتى اجتاز المرحلة المتوسطة في الغربية في الموصل ثم الثانوية بتفوق وبلا تعثر، هيأته بعدها للانتقال إلى دار المعلمين العالية في بغداد، ليمضي فيها أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء، أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يعدون على أصابع اليد الواحدة وقد نسب للتدريس في ثانوية مدينة السليمانية فعمل فيها خمس سنوات كانت كافية لتمنحه الكثير من الخبرة والتجربة في حقل التربية والتدريس، وها هو يعود بعد هذه السنين الخمس يتولى مقعدا تدريسيا في نفس المتوسطة الغربية في الموصل والتي جاءها من ألقوش عام 1939فتى صغيرا خجولا يضع قدميه لأول مرة على أعتاب المدينة الصاخبة الزاخرة بالنشاط وألحيوية، بينما هو اليوم في عنفوان شبابه، وافر التجربة، غزير المادة، يدخل الصف فيملك زمام طلبته، ويشدهم إليه بشخصيته الجذابة، وطريقته المثلى في التدريس، وقد استطاع بأسلوبه الجميل. إن يخلب ألبابهم ويكسب محبتهم واحترامهم مما ساعده كثيرا على نجاحه في مهمته، لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل يوم ذاك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز اعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد امضي أبو منهل طيب الله ذكراه. ثلاثة أعوام في الغربية المتوسطة التي أظن إن مديرها يوم ذاك كان الأستاذ عبد العزيز توفيق، أو الأستاذ نزار محمد المختار، وكلاهما كانا من خيرة التربويين والإداريين. الذين لابد وان أبا منهل اكتسب من خبراتهما في الإدارة ما ساعده فيما بعد على إدارة ثانوية ألقوش التي افتتحت حديثا عام 1957 فعيّن فيها كأول مدير، وكنت خلال عمله في الموصل ومن ثم في ألقوش مديرا لمدرسة كرمليس الابتدائية وعلى ما أتذكر إنني تعرفت إليه منذ إن كان في الموصل، وتوطدت معرفتي له أكثر عندما عمل في بلدته ألقوش، فقد كنا نحن مدراء مدارس القرى الكلدانية نلتقي أيام الآحاد (وهي عطلة مدارسنا إلى جانب يوم الجمعة) في مديرية معارف الموصل، وكان هو والمرحوم الأستاذ الياس مدالو(بابا) مدير مدرسة ألقوش الابتدائية يوفدان معا إلى الموصل لإنجاز إعمال مدرستيهما، فكنا نجتمع في مقهى صغير جوار المعارف نشرب قدحا من الشاي ونتجاذب الحديث في أمور مدارسنا، وكانت إخباره من ألقوش تصلني وتفرحني، منوهة به ومشيدة بقابلياته وخلقه وطريقته المثلى في إدارة الثانوية وجهوده القصوى للارتقاء بها رغم حداثتها والعمل على رفع مستوى طلابه الدراسي، فكان المرحوم يتولى تدريس الرياضيات في الصفوف وهو الذي يخوله نظام المدارس الثانوية التفرغ التام للإدارة، لكنه كالربان الماهر كان يريد إن يكون إلى جانب بحارته، وكان يود إن يكون متواصلا مع الطلبة عن قرب يستطيع بتماسه معهم إن يدرك مدى قابليتهم، ويتعرف على نقاط الضعف لديهم ليعالجها بحنكته ويقوّم ما اِعوجّ من سيرتهم وهذه كلها صفات المدير الناجح المقتدر التي لم يكن بعيدا عنها، وقد مَرّت على أبي منهل رحمه الله ظروف صعبة مُرّة في ستينات القرن المنصرم، حين سيطر التيار القومي المتعصب على مناحي البلد، وعلى تربية الموصل بالذات، فاختلت الموازين وضاعت القيم واستنسر البغاث من الناس، وقد حدثني الصديق المرحوم جرجيس زورا ججيكا وكان مدرسا للرياضيات بزمالته، كيف كان المرحوم يوازن بين القوى المتصارعة آنذاك، يسارية كانت أم يمينية أم رجعية، وكيف كان بذكائه وحكمته وخلقه الرفيع يتجنب المواجهات ويبعد المدرسة عن الصراعات بين أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة، ليستقيم الجو الدراسي ولا يختل النظام، محافظا على كرامة مدرسيه وطلبته بنفس الوقت، وقد تمكن بفكره الثاقب وعلاقاته الاجتماعية الطيبة، إن يصمد إمام الإعصار الدموي الذي هَبً على العراق عموما في شباط 1963، وقاست من جرائه ألقوش وثانوياتها كسائر القرى المسيحية، فاعتقل العديد من مدرسيه، ولوحق الكثير من طلابه وكادت مؤسسته إن تصاب بالشلل ويتهدم كيانها الذي بذل عصارة جهده في بنائه وتمكين أسسه طوال تلك السنوات، لولا تعامله العقلاني مع الإحداث وابتعاده عن الانحياز إلى هذه الجهة أو تلك، وهكذا سار بالمدرسة نحو شاطئ الأمان، وظل الدوام متواصلا، والتدريس قائما، رغم قلة الإمكانيات، موجها إلى ألقوش وثانويتها كل اهتمامه مانحا إياها :قلبه وحبه وعقله، وبقدر ما أحب ألقوش وفداها بروحه، بادلته هي الأخرى حبا بحب وظلت دائما تذكره بالخير كابن بار وتشير إليه بالبنان كرائد فذ من روادها ا لأوائل ما كبا ولا سقط عن جوداه رغم ضراوة الأعداء وقساوة المعارك والطرق الوعرة. لقد شاءت ظروف العمل إن ينتقل الأستاذ منصور إلى بغداد عام 1966 ليتفرغ هناك إلى جانب التدريس إلى شان عائلته وأولاده الذين أراد لهم شانا كبيرا في الحياة، فانصرف إلى توجيههم للدراسات العليا ونيل المعالي، ومن اجلهم تغرب عن العراق عامين دراسيين أمضاهما في السعودية التي أوفد إليها لتدريس الرياضيات، فقد كان في قرارة نفسه يتذكر كيف وقف والداه إلى جانبه يوم كان الزمان عليهم صعبا، وقترا على نفسيهما ليوفرا له فرص التعلم، فرأى من واجبه إن يهيئ لأبنائه أفضل مما كسب، لا سيما وان الله من عليه بظروف أفضل من ظروف أولئك الفلاحين الفقراء أهله. فظل يتابعهم ويتواصل معهم حتى ابلغهم أعلى المراتب، وفيهم اليوم من يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة والطب والبكالوريوس في علوم الحاسبات والادارة والاقتصاد، حملتهم رياح الهجرة إلى بلاد الله الواسعة، وحين عاد الفقيد إلى ألقوش في عام 2006 كان قد أصبح شيخا طاعنا في السن يحمل على منكبيه ثقل الأعوام الثمانين، في فمه مرارة فراق الأحبة وتشتتهم في بقاع الأرض، وهو الذي كان يتمنى إن يكونوا إلى جواره معتزا بهم مفتخرا بالشجرة التي رعاها وسقاها حتى أينعت وأثمرت ثمرا كثيرا. لكن عزاءه كان في انه قد أدى دوره بأمانة وإخلاص. وتفاعل مع الحياة خير تفاعل، ولم يكن نسيا منسيا فيها، بل كان يحمد الله كونه رائدا من روادها وواحدا من مربيها، خلف أجيالا من المثقفين والمتعلمين هو بهم فخور، وبقابليتهم مشيد. وكفاه من الحياة كل ذلك الجهد الجهيد الذي صرفه طوال أيام عمره ففضل إن يرقد رقاده الأبدي إلى جوار أهله وأحبائه الذين سبقوه إلى دار الخلود، واسلم روحه إلى باريها فجر يوم 4/11/2006، مخلفا الحسرة واللوعة في نفوس كل من عرفه ومن بلدته ألقوش بشيبها وشبابها، وحمل أبناؤه وطلابه نعشه إلى مثواه الأخير على أكتافهم وتناقلت نعيه وسائل البريد الالكتروني إلى كافة إنحاء العالم. ورثاه الأقربون والأبعدون رحم الله أبا منهل الرجل الصالح وأثابه على إتعابه خير الثواب. فقد كان عظيما في حياته، شامخا في مماته، والرجال الكبار وان رحلوا عن هذه الدنيا، إلا إن ذكراهم لا تفنى، فهم خالدون بما قدموه من خدمة وجهد لمجتمعهم وبلدهم، وما تركوه من اثر صالح لبني قومهم، وما خلفوه من ذرية نافعة تحمل المشعل من بعدهم، رحم الله الأستاذ منصور واسكنه فسيح جناته التي وعد بها أبناؤه الذين حفظوا عهده، ذكرى لصالحين تدوم إلى الأبد.<ref>الحوار المتمدن - العدد: 1744 - 2006 / 11 / 24 </ref> '''7- سيادة المطران ميخا مقدسي''' ولد المطران ميخا بولا اوراها مقدسي في ناحية القوش سنة 1949 و درست في مدارسها حتى دخل معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان في الموصل عام 1964 وفي عام 1976 رسم كاهنا على يد سيادة المطران المثلث الرحمة مار عبدالاحد صنا الذي كان حينها راعيا لأبرشية القوش منذ تاسيسها بقرار السينودس البطريركي في شهر حزيران سنة 1960 وقد تمت تلك المراسيم بحضور السفير البابوي المثلث الرحمة جان ريب وجموع غفيرة من الكهنة و الشمامسة وجميع أهالي القوش الذين كثيرا ما يفرحهم ان يكون أحد ابنائهم في الايمان قد سيم في مرتبة دينية عليا. وقد رسم اسقفا في عام 1998 بعد خدمة 26 سنة في بيت الرب واجريت المراسيم في العاصمة بغداد في الدير الكهنوتي في الدورة حي الميكانيك مع اثنين من زملائه في الخدمة الكهنوتية هما سيادة المطران بطرس الهربولي وسيادة المطران مار ربان القس. واليوم يرعى أبرشية ألقوش ابن القوش البار المطران مار ميخا مقدسي منذ تقاعد المطران ابلحد صنا في 7 ايلول عام 2002 بعد خدم الابرشية لمدة اربعون عاما ويبلغ عدد نفوس القوش اليوم حوالي 7000 نسمة جلهم من المؤمنين الكلدان . ومن إنجازاته الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى : إقامة مراكز ثقافية في القوش وتلسقف و باطنايا و باقوفا و تشييد وبناء المطرانية و دار خاص للعجزة في القوش. لم تمر مناسبة الا وقد جاء ذكر الأستاذ منصور سورو وخدماته لهذه الناحية في وقت كان العوز والفاقة بالاضافة الى الاحتقان السياسي وكان القدوة الحسنة واثره لا يمكن ان يكون في غياهب النسيان كهباءً منثوراً وهنا تجدر الاشارة الى حادثة لا يمكن ان تنسى حيث كان لسيادة المطران طموحات كبيرة بانشاء البطريركية ودار للكهنة وانشاءات كنسية كثيرة ومتعددة الاغراض وصادف زيارتنا (انا واخي رائد منصور) له في مكتبه في (القونخ) بجاني كنيسة مار كوركيس في القوش في 2006 وبادر بشرح قسم من المشاريع واراد ان يطلع عليها رائد كونه حاصل على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية وله عدة تصاميم كنسية منفذة في بغداد والموصل واثناء الحديث سال عن منصور سورو "اين الأستاذ منصور سورو الان " فقلنا له انه حاليا في القوش في داره في محلة سينا ولكنه لايستطيع المشي كونه متعب من عملية اجريت له مؤخرا والا فانه متشوق للقائكم فهو لا ينسى طلبته المجدين وهنا نهض وبادرنا حالا اريد ان اراه والتقي به شخصيا فهو أستاذنا ونحن من يجب ان نقوم بزيارته والاطمئنان عليه وهذا اقل شيء نصنعه لهذه الاجيال التي ربت وانشأت اجيال نفتخر بها، فنعم رد الجميل وما هي الا بضع دقائق وفاجأ سيادة المطران مار ميخا مقدسي استاذ الاجيال منصور سورو بزيارة لم تكن على البال او الخاطر وتجاذبا اطراف الحديث والايام وماحملت السنون من ذكريات عن القوش واهل القوش الشجعان. وكم كانت فرحة الاستاذ منصور سورو بلقائه سيادة المطران فقد رجعت به السنوات الى تلك الايام وما كانت تحمله من مفاجآة لاسيما ان طلبته قد خط كل واحد له دربه في هذه الحياة بنجاح ومثابرة حاملا نبراسا من الاجتهاد ومتسلحا بالتعليم والثقافة فهي زاد الحياة. '''8- سيادة المطران مثلث الرحمة أبلحد صنا''' ولد سيادة المطران أبلحد صنا في قرية أرادن التابعة لأبرشية العمادية شمال العراق في 10/12/1922 و تلقى دروسه اللاهوتية في معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل وارتسم كاهناً في 15/5/1947. ثم انتخب اسقفاً على ابرشية ألقوش الكلدانية في 20/ 12/1960 وتمت رسامته اسقفاً بتاريخ 19/3/1961 على يد غبطة أبينا البطريرك المثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو. خدم الكنيسة وأبرشية ألقوش العريقة بأعماله و خدمته الروحية لمدة أكثر من أربعون عاماً وتتميز القوش بوجد دير تم بنائه في القرن الخامس الميلادي والمعروف بدير الربان هرمز، كما توجد العديد من الكنائس والأماكن المسيحية المقدسة فيها. رَسَمَ المطران أبلحد صنا العديد من القساوسة لرفد الابرشية بالأعلام كما تقبل الرسامة على يده بدرجة الشمامسة المقرئين العديد من أبناء بلداتنا الحبيبة ومن اعماله ترميم كنيسة مار كوركيس وبناء كـنيسة في مزار مار قـرداغ سنة 1990 واليوم أصبحت هذه الكـنيسة مهمة لسكان حي مار قـرداغ حيث يصلون و يأدون جميع الطقوس الكنسية. انتقل المطران المثلث الرحمة مار عبد الأحد صنا الى الأخدار السماوية يوم الأربعاء الموافق 28/2/2007 في عمان أثر مرض عضال وتمت مراسيم الجناز بحسب الطقس الكلداني في كنيسة يسوع الملك يوم الخميس المصادف 1/3/2007 ونقل جثمانه فيما بعد الى مقر الأبرشيه في القوش واجري له مراسيم الدفن لتليق بأحد احبار الكنيسة الكلدانية القديسين واحد اعمدتها الاساسيين. للمطران ابلحد صنا مواقف بطولية في القوش وقد كان للاستاذ منصور سورو حظوة كبيرة لديه وكان كثيرا ما يتشاورون مع اعيان البلدة وعليّة القوم وحكمائها في تسيير الأمور العامة لان الظرف كان صعبا والحركات اليمينية واليسارية على اشدها وفي تلك الفترة كان يدير ناحية القوش سيروان الجاف وكان العين والاذن واليد الطولى للحكومة وقد تزايدت شكاوي المواطنين من تصرفاته في الوشاية بأبناء البلدة وايداعهم المعتقلات فيما كان المطران وباقي الاخيار يدفعون بعجلة الحياة الى الامام ومن أبناء القوش الغيارى سادونا بولا المختار، ياقو شكوانا، بطرس لاسو، حبيب شدا، الخوري ابلحد عوديش، القس يوحنا جولاخ. وهنا تحضرني حادثة فقد كان الأستاذ منصور سورو يدّرس مادة الدين عند تأسيس ثانوية القوش لعدم وجود مدرس لمادة الدين على ملاك المدرسة وقد طلب من سيادة المطران المساعدة وفعلا تم تعيين الاب الخوري أبلحد عوديش لتدريس المادة ثم عين الاب يوحنا جولاخ على ملاك ثانوية القوش. وكان سيادة المطران لا يدخر فرصة الا وقد قام بزيارة الأستاذ منصور في بغداد حين قيامه بمهامه الرعوية فقد امتدت صداقتهما لسنين طويلة كانت اخرها في صيف عام 2006 في القوش وقد اخذ منهما الدهر نصيبه ليسترجعا ذكرياتهما الجميلة الحزينة وما آلت اليه امور مدينتنا القوش بعد الاخيرة والتحولات "الديموقراطية"في عراقنا الحبيب. '''9- وداعا ً أستاذي منصور سورو''' كتب المهندس نبيل يونس دمان، وهو من مواليد مدينة القوش عام 1951 درس في ثانوية القوش متوقد الذكاء اهلته درجاته للدخول الى كلية الهندسة في جامعة الموصل من احسن جامعات العراق في قسم الهندسة الميكانيكية، تخرج في عام 1976 بدرجة بكالوريوس هندسة ميكانيكية وذو المام عالي بالجوانب العلمية والعملية بالاضافة الى كونه متعددٌ المواهبِ، منها نُظمُ الشعرِ وإتقان لغةَ آبائه وأجداده، الى جانب اللغة العربية والانكليزية كما انه كاتب ناشط في الامور التراثية والتاريخية مؤلف وله عدة كتب منشورة وله الاف المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي عمل بدأبٍ ونشاطٍ في شؤون الجالية، والوطن الحبيب، وأولى إهتماماً أكبرَ في قضية قومِه تنسب للعمل عند تخرجه في مديرية الطرق والجسور في نينوى ودهوك وعمل كمهندس ثم انخرط بسلك ألتدريس في جمهورية اليمن الشعبية لمدة سبع سنوات ولحق بركب المغتربين ليستقر منذ عام 1990 في الولايات المتحدة الامريكية. أبى إبنُ القوشَ المعروف منصور أودا سورو، ان يغادر هذه الدنيا، إلا من على تلك الارض الطيبة التي ولد فيها قبل اكثر من ثمانين عاما ً، ومنها انطلق الى رحاب الحياة، بكنز من الطاقة والحيوية، ليكسب العلم والأدب، وليعود الى بلدته مديراً لثانويتها الحديثة التأسيس. لن ابالغ القول بانه افضل مدير أدارة تلك المدرسة (للفترة من 1957- 1966)، أشبهه بالربان الماهر الذي قاد السفينة في ظل العواصف والرياح العاتية. ذلك ما حدث عام 1963، الذي شهدت فيه البلاد، المد الشوفيني الرجعي، والذي اعقب سنوات الأفراح والمباهج، غداة ثورة الشعب الخالدة 14 تموز. لا يمكن تخيل رجلا غيره، يستطيع ان يسيطر على الأمور، ويدع المدرسة تستمر في ظل عبث كاتب المدرسة المندس عدنان، وحقد الدوائر الأعلى في الموصل، لقد أودع أكثر مدرسي الثانوية في السجون، وتخلى الكثير من الطلبة عن المواصلة، واختفوا عن الانظار، والباقون منهم ظلـّوا فزعين، تنتابهم الهواجس، بإنتظار مرور الإعصار. كان الراحل يوازن الأمور بعقل راجح وضمير حي، محاولا ً إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتخفيف الحيف الملحق بالطلبة، ظل الدوام مستمرا ً في ظل تناقص كبير للمدرسين، وتنسيب عدد غير قليل من معلمي الابتدائية، كملحقين في التدريس. كان يعامل الطلبة كأبنائه فيغمرهم بالحب ما أمكن، ويعاقبهم اذا اساؤوا التصرف بعقوبات سريعة، منها اللجوء الى الضرب الذي ساد آنذاك. كان موجها ً فريدا، ومربيا ً فذا، طرائقه في حل مشاكل الطلبة هي نادرة التكرار، تتخللها في اكثر الأحيان النكتة البارعة، والشدة المناسبة، وأحيانا السخرية اللاذعة بالمقصرين في واجباتهم، او المخلين باللوائح المدرسية، كان لا يفرق بين قريب له او صديق او من ملة اخرى، الذين تحتضنهم الثانوية، بل جميعهم عنده سواسية، وحتى المدرسين الذين غالبيتهم من خارج البلدة، فكان يعاملهم بالاحترام وفي الحزم عند الضرورة. كان الأستاذ منصور مديري لسنتين فقط (1964- 1966) وفيها أيضا اتخذ مسكنه قريبا من بيتنا في محلة التحتاني (منزل اسحق جولاغ) لهذا كان دائما ً امام أنظاري في المدرسة، وبعد الدوام يشق طريقه عاقدا ً يديه خلف ظهره الى السوق او الى نادي الموظفين، بوجهه الصارم وجسمه الممتلئ وسيكارته التي لا تفارق شفتيه، في بعض الأعْصُر يتخذ مجلسه، في بيدَر قريب، بين رجال محلتنا الذين غالبيتهم رحلوا الى رحمة الله (منهم : نونو ايسف جولاغ، أيسف جبرائيل توسا، كريم يونس تيزي، غريبو جبو لاوو، ياقو اسرايي تومكا، شابا توما كولا، الياس جيقا، اسو اورها حنونا، ميخا زراكه، سليمن جاورو) فكان خير متحدث في امور الحياة والدنيا، كما كان ينقل لنا والدي العزيز يونس ياقو دمان، بإعتباره أحد الجُلاس. ورغم حياته المنظمة والجدّية، فقد كان يرفه عن نفسه، في تبادل الزيارات العائلية، او القيام بالسفرات الى المناطق السياحية، فكان مثال الانشراح والانطلاق، وراوي الطرائف المتقنة، والتي تثير طويلا المستمع اليها، وقد كان من أوائل من امتلكوا السيارة (في البلدة آنذاك اربع سيارات خصوصية فقط تعود الى المدير الراحل جرجيس حميكا، والمضمد الراحل شابا توما كولا، والمضمد الراحل اسطيفان ابونا). اضافة الى مسؤوليته الادارية، كان يدرس مادة الرياضيات للصفوف المتوسطة، وكانت له طريقة فريدة في اللجوء الى الامثلة من البيئة المحيطة، ومن موجودات السوق، من المكاييل والأوزان وغيرها، فيقرب الموضوع الرياضي الى أذهاننا، ويجعله يترسخ الى الأبد. يا لقساوة الايام ويا لصروف الدهر، فالرجل الذي اثار جيلنا، لم ألتق به إلا في سني ادارته، وقد حالت هيبته وقوة شخصيته، دون ان امعن النظر في تلك الملامح الصارمة، او أتمكن التكلم معه في أي موضوع، و بحكم العلاقة التي كانت تربط الطالب مع الأستاذ، والمبنية على الاحترام الفائق، بل وعدم التواجد مطلقا في اماكن إلتقاء المدرسين، كم كنت في شوق ان أجلس معه وأسمعه ولو لمرة واحدة، ولكن تلك الفرصة تبخرت في رحيله يوم 4 – تشرين الثاني- 2006. الذي لا يعرف اصل الأستاذ ربما يراوده ذلك السؤال، فاقول انه قد سُمّي على إسم جدّه القس منصور سورو (المتوفي سنة 1907)، الذي كان رئيس كهنة البلدة، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الكاهن المذكور الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الاصليين، عرف منهم أيضا ً الشخصية التقدمية، والمعلم المحبوب، المرحوم موسى نوح القس منصور، الذي لا يكاد حديث مثقفي البلدة يتوقف عن الاشادة به وابراز خِصاله الحميدة، وقد كان الاول على دورته في العام الدراسي الابتدائي (1935- 1936). وتبقى شجرة بيت سورو ترفد البلدة بالمتميزين في الحاضر والمستقبل، لعل الدكتور منهل ابن الفقيد أحد هؤلاء، وبهذه المناسبة الأليمة أنشد له ولإخوانه ووالدته وأعمامه وكل فرد في اسرته، الصبر والسلوان، كما وأمد يدي اليه أينما يتواجد الآن مواسياً، ومقدراً فداحة خسارته، أخاله سيواصل طريق والده في حياته الزاخرة. قبل فترة قصيرة سمعت بتواجد الأستاذ منصور في القوش، وانه قد ترك جبهة الخطر في بغداد، ففرحت ومنيت نفسي بالقول: لقد اقترب اللقاء، حالما تنفرج ظروفي الخاصة بالعمل، فتطأ أقدامي أرض بلدتي التي فارقتها قرابة ربع قرن. القدر لم يـَلِن لرغبتي، والحياة لم تمهله، ففارقها مع بالغ الأسف، وراح يودعه عوضا عني في موطن الآباء والأجداد، وربما سار نعشه محمولا على اكتافهم. لتكن كلماتي القصيرة هذه، خير وفاء لذكراه المتجددة. ورودٌ نضرة، وأغصانٌ طرية، أنثرها فوق قبره.<ref>http://bakhdida.ca/NabilDamman/FrYousifAbia.html موقع بخديدا </ref> '''10- يوسف عودة سورو''' من مواليد القوش 1945 ويعتبر الموظف الاصغر سنا في القوش حيث دخل الابتدائية سنة 1950 بعمر خمس سنوات واكملها بتفوق سنة 1956 مما شجع عائلته لادخاله الثانوية بعد ان وسمت فيه حب المدرسة والتفوق ليتبوأ مركزا مرموقا وقد اكملها في خمس سنوات وكان مولعا بالتخصصات الطبية كونها من المهن الانسانية ولاختزال الوقت فقد التحق بمعهد المهن الطبية العالي في بغداد واكملها في سنتين ولكونه من المتميزين فقد قدم لوظيفة في وزارة الصحة وتم تعينه وهو بعمر 18 سنة فقط. ويوسف عودة كاتب ومؤلف وشاعر له عدة كتب منها المبسط في تعلم اللغة السريانية 2001 وكتاب في الذاكرة المنسي وفي طريق النسيان 2018 وهو صاحب ملتقى القوش الثقافي صاحب اكثر مشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي. كان اخي ومعلمي ومدرسي في نفس الوقت فقد كنا معا في مدينة السليمانية سنة 1953 عندما كنت في الابتدائية ثم كنا أيضا معا في مدينة الموصل 1956 عندما كنت في المتوسط الشرقية وكان استاذي لخمس سنوات في ثانوية القوش (1957-1962) كان يدرسنا مادة الرياضيات بالاضافة الى كونه مدير المدرسة ولكن ذلك لم يكن ليعطيني امتياز او فرق عن الاخرين فكلنا كنا سواسية لا بل كان يحاسبنا بشدة ففي احد السنين وعند الامتحانات لم استطع الدراسة بشكل جيد ولذلك فقد وجدت نفسي مكملا في نفس المادة التي يدرّسها اخي مما اضطرني لمضاعفة الجهود والدراسة في العطلة الصيفية والتقديم للامتحان مرة ثانية وقد نجحت بتقدير 100/100. احببت فيه الاخ والأب وحنوه علينا جميعا فقد كان قدوتنا الحسنة وبه اقتدينا وكنا نستشيره في جميع الامور حتى العائلية منها. واتذكر في في احد الايام قدم نقل الى الموصل لكون الامور في القوش كانت متوترة فبعض الطلبة كانت لهم انتماءات للحزب الشيوعي والبعض الاخر الحزب البارطي الكردستاني بينما هو كان يقدر الطلبة أمثالنا الذين جاءوا للمدرسة لتلقي العلم فقط مما كان يصطدم احياناً بطلاب مشاكسين يثيرون المشاكل والفوضى بهدف اقصاء الاساتذة. ومن المدرسين في تلك الحقبة للغة العربية استاذ شاكر نعمة الله والانكليزية الأستاذ ميخا بجوري والدين خوري ابلحد عوديش وطبعا الرياضيات والجبر والهندسة والحساب الأستاذ منصور سورو. '''11- الخور اسقف أبرم أوراها بثيو''' ولد الاب ابرم اوراها بثيو في قرية كرنجوك التي تقع في وسط المسافة بين ناحية ألقوش وقضاء الشيخان (عين سفني) على بعد يقارب العشر كيلومترات بين القوش. يحدها من الشرق قرية بيروزاوا ومن الغرب قرية عين بقره ومن الشمال قريتي النصيريه والجراحيه ومن الجنوب قرية داشقوتان. وقد كان مولعا بالتعليم فلا يمانع من قطع المسافة بين الثانوية ومسكنه والتي تبلغ اكثر من ستة اميال مشيا على الاقدام وفي احسن الاحوال بالدراجة الهوائية رغم قساوة الاحوال الجوية وخصوصا في الشتاء. وكان الاب من المتفوقين ويعشق العلوم والفيزياء والدروس الدينية واللغة وقد رسم كاهنا وعين في مدينة ولكتنون في نيوزيلاندا وقد اقام غبطة المطران يعقوب دانيل يوم الأحد 23 تشرين الأول 2011 قداسا في كنيسة مار كوركيس الشهيد في ولنغتون قام خلاله بترقية الأب أبرم بثيو إلى درجة الخور أسقف وبالاضافة الى التزاماته في خدمة الرعية فانه كاتب مثقف منحته الملكة إليزابيث الثانية في حزيران 2013 وسام الملكة الرفيع المستوى للخدمات الجليلة التي قدمها إلى أبناء امتنا بصورة عامة. في نهاية شهر أب من عام 1961 ركبت الدراجة الهوائية التي كان يسوقها أخي المرحوم جندو أوراها بثيو وتوجهنا صباحا من قريتنا العزيزة كرنجوك إلى ناحية ألقوش لتسجيلي في مدرسة متوسطة ألقوش, وكنت في الرابعة عشرة من عمري, ولكن دراجتنا الهوائية. والتي كان أصدقاؤنا يحسدوننا عليها. أوصلتنا ألقوش في منتصف النهار لثقب حصل في إطارها الخلفي في وادي نهر قرية النصيرية الممتلئ بالأشواك فلم نستطيع معالجة هذا الثقب اللعين الذي جعلنا نئن تحت حرارة أب. وصلنا ألقوش وبعد إن انهينا التسجيل في المدرسة, دخلنا كازينو المرحوم (عما متيكا) وكانت أرضيتها مرشوشة بالماء لتفادي الحرارة لان الكهرباء لم يكن موجودة آنذاك في ألقوش, وكم أتذكر أنشودة مائدة نزهت والتي ترن في آذاني إلى اليوم وهي تنشد من الراديو الكبير الموضوع في الكازينو وتقول:هو أبو هو أبونا, ياكريم يا كريم، وهي تنشد بالزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم. لقد بدأت الدوام في مدرسة متوسطة وثانوية ألقوش في الصف الأول المتوسط، الشعبة (ج) في الملحق التابع للمدرسة والمكون من أربع شعب (جمع شعبه) وكان المرحوم الأستاذ منصور مديرا للمدرسة يدرسنا مادة الحساب. كانت شعبتنا ممزوجة من الآشوريين والأيزيديين، أهالي القرى المجاورة, والكلـدان (أهالي ألقوش وهم الأكثر) وكان هناك تسابق بيننا، وكان الأستاذ منصور في الحقيقة يحترمنا نحن أهالي القرى من المسيحيين والايزيديين لكوننا ضيوفا على أهالي ألقوش, ولم يكن يمسنا لا بالكلام ولا بالضرب إلا عندما نجبره نحن على ذلك، ولكنه كان أحيانا بنهال بالضرب على الإخوة الألقوشيين الذين كانوا يعبرون كثيرا الأصوليات والضوابط في المدرسة. وأتذكر جيدا وكل الطلاب عندما كان يمسهم بالكلام ويقول بالكلدانية:عقرت كلبا اذيا يموخ كامرا ابتلى برونا بمدرسة لا هية ؟ أو كان دائما يردد: ولوخ قيميت وقلبيت ومقلبزيت. وفي الكثير من الأحيان كان الفراش يدخل الصفوف ويناول المدرس ورقة مكتوب فيها: قرر مجلس الانضباط فصل الطالب فلان ابن فلان لمدة عشرة أيام، وخصم عشرة درجات من سلوكه.... الخ. لقد كان الأستاذ منصور مدرسا مثاليا ومديرا نموذجيا، وكان دائما يحث الطلاب على الاجتهاد والدرس وفي الكثير من الأحيان كان يتكلم باللغة الكلدانية ونشعر عند ذاك بحنانه كأب يربيهما ويتحنن علينا, وليس كمدير أو مدرس يؤدبنا. ولشدة حرصه على سلامة وصحة الطلاب كان يجن جنونه عندما يشاهد طالبا يدخن السكائر, فكان يصدر أوامر ويضع عقوبات صارمة على الطلاب الذين يدخنون حتى في السوق. ولست أتذكر فيما إذا كان المرحوم يدخن أم لا. كنا نعاني من الفاقه والعوز، وأتذكر عندما توجهت إلى ألقوش للدراسة أعطاني أبي دينارا واحدا وكان للدينار آنذاك قيمة عالية, فصرفت الدينار خلال خمسة عشرة يوما, ثم تنزل تعييني إلى النصف دينار ثم إلى الربع وأحيانا إلى بضع دراهم, كان أصدقائي الذين لايزالون في الابتدائية يحسدونني للدراسة في ألقوش حيث كل شيء كان متوفرا مقارنة بالقرى. وفي احد أيام الصيف الحار من عام 1962 توجهنا بدراجتي الهوائية إنا وابن أختي ( نويا كوريال عوديشو الذي يعيش معنا ألان في نيوزلندة) إلى ألقوش وكان في جيبي عشرون فلسا وفي جيب نويا عشرة فلوس. اشترينا صمونة لكل واحد منا من الفرن المقابل للسوق آنذاك ودخلنا كازينو (عما متيكا) وطلبت إنا ستكان شاي ورحت أكل الصمونة واشرب الشاي, وأما نويا فراح يأكل صمونته جافةً لعدم امتلاكه حق الشاي، فنظر العم متيكا. رحمه الله، إلى نويا وهو يلحس الصمونة الجافة فرق له قلبه فجلب له استكان شاي قائلا بالكلدانية (شتي بروني اهاستكان على حسابي) فشكرنا شعوره وحنانه. هكذا كانت الحياة صعبة آنذاك, ولهذا السبب كان الأستاذ منصور عودة يشعر بتعب الأهل في تدريس أبنائهم وصرف ما تجود به يدهم من دريهمات من اجلهم وهم يصومون من لقمة الخبز ليصرفوها لأبناهم, فكان نعم الأب والمربي والمدرس والمدير. لاننسى شعوره مهما باعد الزمان والمكان بيننا، واليوم وهو مضى إلى ربه محافظا على الأمانة التي في جعبته، وقد تاجر بوزنته فأضاف إليها وزنات أخرى ليقول له الرب يسوع المسيح: تعال وادخل النعيم الذي اعد لكل من حافظ على الأمانة. وكم يراودني الأسى والحزن وانأ في زيارتي للوطن, وزيارتي لألقوش عدة مرات في أواخر الصيف الماضي وهذا الخريف والتقائي بالعوائل والإخوة هناك. سالت عن الأستاذ منصور. فقالوا لي: انه حي وموجود لحد ألان في ألقوش ولكنه عاجز كثيرا, كم أتأسف لعدم قيامي بزيارته. رحمك الله يا أستاذ منصور. وأسكنك فسيح جناته، ولأهلك وذويك ولنا جميعا الصبر والسلوان. سنقوم بإذن الله يوم الأحد القادم 19 تشرين الثاني 2006 بذكر المرحوم الأستاذ منصور سورو في إل (خوشابا) وفي تراتيل المزمورين في خدمة الإسرار الإلهية المقدسة لجسد ودم المخلص يسوع المسيح في كنيسة مار كوركيس الشهيد، الكنيسة الشرقية القديمة في نيوزيلندة. صلوا من اجله أيها الطلاب ويا أهالي ألقوش الكرام. ونقول: إن ألقوش (يما دمشيخايوثا) أم المسيحية وقلعة الأشوريين والكلدان القومية، نقول: سيرو على خطوات ذلك المعلم والمدرس والمربي والأب الحنون لخدمة كنيستنا وامتنا العريقة لنصل معا إلى المستقبل المنشود. ولكم جيل الشكر أمين. '''12- الدكتور حبيب يوسف تومي''' مواليد القوش 1943 أنهى الدراسة الأبتدائية والمتوسطة في القوش وانقطع عن اكمال الدراسة الثانوية الفرع العلمي لانخراطه في العمل السياسي مشاركاً في قوات الأنصار البيشمركة الا انه رجع واكملها عام 1969 في ثم اكمل دراسته الجامعية في الأتحاد السوفياتي ونال بكالوريوس هندسة بحرية في سنة 1982 واشترك في دورات عديدة في فرنسا والنرويج حيث هاجر واستقر بعد ان استقال سنة 1986. وقد منح لقب سفير السلام من قبل منظمة السلام العالمي في عام 2010 و منح شهادة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية من قبل الجامعة العربية المفتوحة لشمال امريكا وكندا عن اطروحته الموسومة (البارزانيون ودورهم السياسي في المسألة الكوردية) وله ثلاثة كتب مطبوعة وعشرات المقالات في شتى المواضيع التراثية والأدبية والتاريخية والسياسية والأجتماعية منشورة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية. وقد كان مؤخرا مرشحا للبرلمان العراقي في قائمة البابليون. أعتبر المرحوم الأستاذ منصور اودا سورو شخصية القوشية متميزة، نحن طلابه ندين له بإحاطتنا بالرياضيات. لقد كان له طريقة خاصة بتوصيل الرياضيات الى ذهن الطالب بأسلوب بسيط وسلس رغم ما تتميز به مادة الرياضيات من جمود وتعقيد. كان يشرح الدرس باللغة الكلدانية (السورث) وكانت تحضره دائماً الأمثال والطرائف والتعليقات الألقوشية القديمة. أيام الدراسة غنية بالمواقف والحوادث والمفارقات، لا سيما في القوش حيث انت بين اهلك وأصدقائك وتتكلم بلغتك وكان الأستاذ منصور يراعي هذه الخاصية وهو الألقوشي الأصيل. ولا شك ان مصلحة المدينة ومصلحة الطلبة كانتا تستقطبان معظم اهتمامه. إن الكتابة عن هذه المفارقات يأخذ مساحة كبيرة، وفي مناسبة وفاة استاذنا الكبير منصور أودا نحاول تسجيل قبس من هذه الذكريات.<ref>http://www.alqosh.net/mod_albums.php?mod=news&modfile=item&itemid=39653 القوش نت</ref> في أحد الأيام كان الصديق الطالب (ك) يحل سؤالاً في الجبر على السبورة وللسؤال طريقة يمكن حله بخطوات قليلة لا تعدو الى خمس او ست خطوات، لكن زميلنا اراد ان يحله بطريقته الخاصة وأخذ يضرب ويقسم ويطرح. وبعد امتلاء لوحة السبورة بالأرقام أخذ يمسح ويعيد الكتابة وهكذا، كل هذا الوقت واستاذ منصور ينتظر النتيجة وهو ساكت، لكن أخيراً بعد ان نفذ صبره، أوقفه وخاطبه بالسورث قائلاً : أراد أحدهم ان يثبت لأصدقائه بأن ثمة طريقة لشجّ رأسه لا يعرفها أحد سواه، فالطريقة الأعتيادية بسيطة هي ان يتناول حجراً ويضربه على رأسه. لكن الذي فعله انه ثبّت الحجر في حائط ورجع الى الوراء ويأتي بقوة ليضرب رأسه بالحجر المثبت وهكذا، وأنت تقوم بنفس العملية يا شاطر. ثم قام الأستاذ بحل السؤال ببضع خطوات لا غيرها. في يوم من الأيام استلمت إدارة المدرسة في القوش أمراً من تربية تربية الموصل بأن يكون يوم الأحد من ايام الدراسة كبقية أيام الأسبوع، في حين كان لنا عطلة يومي الجمعة والأحد، وهنا اجتمع عقلاء المدرسة من الطلبة وقرروا الأضراب عن الدراسة، وتعزيزاً للأحتجاج خرجنا بمظاهرة حاشدة للطلبة في الأماكن القريبة من المدرسة وكان هتاف المظاهرة :لا دوام يوم الأحد من الآن الى الأبد لكن أخيراً اتفقت إدارة المدرسة مع التربية في الموصل على توزيع حصص يوم الأحد الى بقية أيام الأسبوع، وهكذا انتهت المعضلة. لكن الأستاذ منصور لم يسكت على هذا الخرق وجاء الى الصف يخاطبنا قائلاً :إن إدارة المدرسة تسير وفق تعليمات وأنظمة ولا يمكنها الأخلال في هذا النظام، لكن بوسعنا ان نخاطب التربية فيما نريد بالطرق الأصولية، وبينما كان يخاطبنا دخل قائد المظاهرة المرحوم (ب) الى الصف متأخراً بعض الشئ ودلف الى الصف وينوي الجلوس في رحلته. فأوقفه الأستاذ منصور قائلاً : ألا يجدر بك ان تطرق الباب اولاً قبل الدخول ؟ لقد وصلت متأخراً فهل تعتقد ان المدرسة هي خان تأتي اليه وقتما تشاء؟ ثم أردف الأستاذ سؤالاً: لماذا تغيبت يوم أمس عن الدراسة؟ فأجابه الطالب : لأنه كان يوم الأحد. فقال له الأستاذ: اسمع ! هنا لدينا مدرسة وليس لنا رحى لطحن الحبوب وكل يأتي بحمله متى يشاء، للمدرسة قوانين وأنظمة، أما إن أردت التمسك بالأعياد فعليك الجلوس في البيت وتستطيع ان تعيّد في كل الأعياد والمناسبات والتذكارات حتى يوم تذكار (دوخرانا د قيبو)، وهي الدجاجة الحاضنة للبيض. لقد كان المرحوم يحاول مسايرة وموازنة مطاليب السلطة وكان ذلك في عهد المرحوم عبد الكريم قاسم، ومن جهة نحن الطلبة كنا نريد ان تكون الساحة مفرغة لنا ولأفكارنا اليسارية في تلك الفترة. للتاريخ أقول: ان الأستاذ منصور كان حريصاً على مصلحة طلابه وبأفق الأنسان المجرب، ولكن بثوريتنا واندفاعنا لا يمكن ان نعترف باعتدال مهما كان نوعه. لقد كان الأستاذ يختلط مع الطلاب في الساحة ويدخل معهم في نقاشات وبلغة السورث وكانه صديق او أخ كبير لهم. لقد كان الأستاذ منصور سورو يسعى الى الأتصال بأولياء أمور الطلبة لكي تتعاون الإدارة مع أسرة الطالب لتحسين وضعه الدراسي، كان متأكداً أن معظمنا من عوائل فقيرة، وهي تنتظر تخرج ابنها للحصول على وظيفة حكومية، وكانت هذه الوظيفة تضمن دخلاً شهرياً ثابتاً وكما يقولون في القوش (يوما خاثا وباري خاثي) ومع هذا كان الأستاذ يقول اننا سعداء لأننا ندرس في نفس مدينتنا القوش. ويقول كنا ندرس في الموصل، ونشتري رغيف خبز ونأتي بجوار مطعم للكباب ونشم ريحة اللحم ونأكل الخبز، وكأننا نأكل الكباب مع الخبز. نعم كانت الحياة المعاشية صعبة للأكثرية. سنة 2003 وأثناء تواجدي في بغداد تعرفت على ابنه منهل في محلهم للألكترونيات في شارع فلسطين، وطلبت منه رؤية الوالد وفعلاً جلست مع الأستاذ منصور في بيتهم المجاور للمحل ومع العائلة الكريمة وتحدثنا عن أيام الدراسة، وكان يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً. لقد كان الأستاذ منصور مثالاً للألقوشي العراقي الأصيل لقد تفوق في تدريسه وأدار ثانوية القوش بحكمة ودراية. وستبقى الذكريات الطيبة عن الأستاذ منصور قائمة في قلوبنا. '''13- الدكتور عزيز رحيم صادق''' احد علماء الفلك في العراق ولادة مدينة القوش عام 1946 وقد دخل الى مدارس القوش عام 1951 واكمل الثانوية عام 1962 واختار الفرع العلمي في مرحلة الثانوية ونبغ في دروس الفيزياء والرياضيات وكان قدوته العليا الاستاذ منصور سورو كونه كان يُدّرس كلا المادتين في ثانوية القوش ولكونه من المتفوقين فقد رشح لبعثة دراسية تكللت بحصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة مانشستر عام 1979 في فيزياء الفلك وهو العلم الذي يختص بالتحليلات العلمية في دراسة النجوم والاجرام السماوية كما نال شهادة الماجستير في علم الفلك من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة. عمل في البحث العلمي وفي وزارة التعليم العالي وعدة مشاريع ستراتيجية كمشروع المرصد الفلكي العراقي كما ان له عدة بحوث منشورة في مجلات علمية عالمية رصينة ونشر العديد من الكتب والمقالات العلمية ويعمل حاليا في مشروع كبير يتناول نشر الوسائل التعليمية في مجال الفيزياء والرياضيات والعلوم العامة لمختلف المراحل الدراسية الأساسية على شكل عروض فيديو بالصورة والصوت بالإضافة الى كونه عضو لجنة التحضير والإعداد للمؤتمر الشعبي الكلداني الآشوري السرياني ويشغل منصب مدير مركز اكد للطباعة والاعلان. كان الأستاذ منصور سورو متميزا في أسلوبه وقد أحببت مادة الفيزياء والرياضيات بالذات لأنه كان يطلب منا في كل تمرين إيجاد حل المعادلات و اشراك اكبر عدد من الطلبة واستخدام الجانب التطبيقي مع توضيح وتقريب الأسئلة الى الحياة العملية ولازلت أتذكر بعض تلك الدروس خصوصا المتعلقة بشرح قانون الفعل ورد الفعل وتفسير بعض الظواهر الفيزيائية. ولا يفوتني ان الأستاذ منصور كانت له دائما تلك التعليقات المفرحة المبهجة التي تضفي الجو المرح في مادة جافة مثل الفيزياء مما كان يساعد الطلبة في فهم المادة العلمية ولا يخفى على الجميع كم كانت تلك المرحلة صعبة ففيها الحركات المسلحة والوضع الأمني الهش والدراسة كانت على المحك لكن الأستاذ منصور استطاع بحنكته وادارته ان يثبت ويدفع التعليم الثانوي الى الامام. وهنا تحضرني حادثة فقد كنت دوما ضمن الطلبة المتميزين واحضر دائما الى المدرسة في الوقت المحدد واجد الأستاذ منصور يستقبل الطلبة والأساتذة في باب المدرسة ويعاين بنفسه المتأخرين والمتكاسلين.<ref>https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/14701-2015-01-28-18-15-15.html الكاردينيا</ref> كان الاستاذ منصور سورو يتمتع بسرعة البديهة ولذلك تجد رده في محله وكثيرا ما كان الطلبة يحرجون من عدم اكمالهم الواجب البيتي وعندما يحاولون حل مسالة رياضية كانوا يخفقون وهنا يتدخل الاستاذ منصور باسلوبه المتميز ويوصل الطالب الى الحل الصحيح وكنت من الطلبة الذين يتمتعون بحضوة عند الاستاذ منصور وهو دوما يصرح بانه لا يمكن ان ينسى اثنين: الطالب المثالي المتوقد المتوهج الذي يحضر الى مقاعد الدراسة ليتعلم ويصنع مستقبله، وطالب ثاني في اخر السلم يحضر فقط للتسلية وعمل المتاعب لنفسه اولا ولأهله ثانيا. مرت السنون واثناء عملي في مجلس البحث العلمي بدرجة باحث في علوم الفضاء والفلك شاءت الصدف ان التقي منهل ابن الأستاذ منصور سورو وقد عين في نفس القسم الذي اترأسه وقد اثمر عملنا معا عدة مشاركات في مؤتمرات وبحوث وتأليف كتاب عن مذنب هالي عام 1986. '''14- قرص من شعاع الشمس''' '''14-1 - صبري اسحق اسطيفانا''' تحدث الأستاذ صبري اسطيفانا في حلقة مشوقة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي عن ثانوية القوش وخص بالذكر الأستاذ منصور سورو فقد كان الأستاذ صبري اسطيفان طالبا في ثانوية القوش للبنين وهو من مواليد ناحية القوش 1948 تخرج واكمل الدراسة الجامعية وحصل على بكالريوس من كلية التربية جامعة بغداد عام 1972 وشغل منصب مدير ثانوية القوش نفس المدرسة التي تخرج منها ونفس المدرسة التي كان الأستاذ منصور سورو مديرا فيها. بالاضافة الى انه يشغل رئيس الهيئة الثقافية في جمعية القوش الثقافية.<ref>https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية </ref> كان الأستاذ الفاضل منصور سورو يملئ المكان الذي يكون فيه لحضوره المتميز وهيبته العلمية وقاره وطريقة تدريسه لانه كان مدرس ومدير في ان واحد. ومن خلال السجلات في مدرستنا كان اول تعيين له عام 1949 وقد قدم الى القوش في تشرين الاول 1957 عندما اقيمت اول ثانوية رسمية في القوش لان قبل ذلك الوقت كانت ثانوية اهلية ولسنة واحدة وكانت صف واحد. المجتمع في ذلك الوقت كانوا يجلون التقدير والاحترام للهيئة التدريسية والتعليمية ويكنون لها مكانة في المجتمع وخصوصا عند طبقة المثقفين، والطلبة لا يثمنون قدر اساتذتهم الا بعد تخرجهم ليدركوا مقدار التضحيات التي كانوا يبذلونها من اجلهم، وانا كنت احد طلبة الأستاذ منصور ولم نكن ندرك الامور بشكل جيد ولكن الان استطيع القول ان الأستاذ منصور مربي فاضل خرّج اجيالا وحصلوا على شهادات مختلفة وهو بحق نعم المدرس ونعم الاداري. كان الأستاذ منصور يدّرس الرياضيات والجبر والمثلثات وكان يحب عمله ومتمكن علميا واداريا فاذا تاخر مدرس مثلا كان يستدعيه من اصف وينبهه ويحاسبه. واخيرا اقول نم قرير العين يا استاذنا لانه يوجد شباب في مدينتنا كانها الشجرة الباسقة التي زرعتها وامل ان تكبر ويكثر ثمرها وتخضر دوما لان لا يوجد مثل العملية التربوية مهمة للشعب الكلداني الاشوري السرياني كونه وريث علم وحضارة ومدرسة مار ميخا لا زالت قائمة منذ القرن الخامس ولحد يومنا هذا واطلب من طلبتنا ان يقتدوا باساتذتهم فهم الآباء والاخوة التي تسهر على تعليمهم. '''14 -2- كريم يوسف يلدكو''' في حلقة مميزة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي تناولت بالتفصيل حياة المربي الفاضل منصور سورو وكان للبرنامج لقاء شيق وممتع مع الأستاذ كريم يوسف يلدكو وهو من طلبة القوش النجباء والمتفوقين ولد في القوش عام 1946 وكان الاول دوما في جميع مراحل الدراسة ودخل المتوسطة في القوش عام 1960وتخرج من ثانوية القوش للعام الدراسي 1964-1965 وكان الاول على دفعته وقد انخرط في السلك التربوي وحصل على الشهادة الجامعية و عين في محافظة نينوى واختار نفس اختصاص منصور سورو فكان يدرس مادة الفيزياء لجميع المراحل ومن زملائه في التعليم جرجس جما، حنا بابانا، حميد يوسف زرا، يوسف ميا ولكفاءة استاذ كريم فقد تم ترقيته وعين مشرفا تربويا في مديرية تربية نينوى يقيم في القوش مسقط رأسه ولازال نشيطا في الشوًون الادارية والثقافية ويشغل رئيس الهيئة الادارية في جمعية القوش الثقافية. <ref>https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية </ref> كنت طالبا لدى الأستاذ منصور سورو لمدة خمس سنوات من الصف الاول المتوسط عام 1960 وتخرجت من الخامس العلمي 1965 وكنت الاول على الدفعة، منصور سورو اب رحيم و مربي فاضل وكادر علمي ممتاز مخلص بعمله مقتدر من المادة العلمية عطائه فائق اداريا قائد ناجح وفي احلك الظروف فترة الستينات وكان قائد محنك، ربان شجاع و ماهر قاد ثانوية القوش الى بر الامان بكل اقتدار ورغم حقد الحاقدين على القوش وأولاد القوش، وفي زمانه كانت ثانوية القوش تنافس ثانويات العراق اجمع من حيث النتائج الوزارية فقد تخرج في تلك الحقبة طلاب نجباء ممتازين تقدموا للجامعات ونالوا شهادات في مختلف الاختصاصات وفي جميع المجالات واطلب من جميع العاملين في المجال التربوي الان ومستقبلا ان يتذكروه دائما لان مستوى التدريس قد تاخر في مختلف ارجاء العراق ليس في القوش وحسب. كما لا يفوتني شيء اخر اننا كنا ننافس بين الاقضية الاولى في العراق وكان قضاء عانة من بين الاقضية ذات النسبة العالية من الخريجين مقارنة مع القوش. لدينا في أولادنا الذين يكبرون الان ان يعيدوا امجاد الآباء ومنهم منصور سورو وانا افتخر كونه استاذي فقد درسني الرياضيات والاخلاق، صاحب نكتة، سريع البديهة، ذكي جدا وشجاع جدا. كان بالاضافة الى ذلك مرحا لا تخلوا مواقفه من دعابة فمثلا في احد الايام قام طالب على السبورة لحل مسألة في الجبر لاكنه لم يوفق واخذ يتأمل لبرهة فبادره الأستاذ منصور لماذا انت في اللعب جيد ولكن سؤال لا تستطيع حله مما اضفى جو من المرح في الصف. ومثال اخر في مادة الدين في الصف الخامس العلمي كان يدرسنا الواقع والحياة والاخلاق فقد كنا في مرحلة الثانوية مراهقين لكن استاذ منصور كان يكلمنا كأب وباخلاق عالية وتعامله لطيف للغاية وسهل التعامل أحيانا كان صديق الطالب فقد يقول أحيانا لي انا متخاصم معك فقط ليشعر الطالب باخطائه. طلبي من الاجيال الحالية ان تحذوا حذوه لانه كان مستقيم وناجح ومتميز في عمله وخدم العراق وخدم مدننا بكل تفاني. '''15- قالوا في منصور سورو''' وتمر الأيام في ذكرى رحيل الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو وكأنها البارحة لم يغب عن بالنا يوم واحد وكأنه يعيش معنا. كان للأستاذ منصور فضل كبير على التعليم المدرسي الحكومي في القوش، فقد عُرف بغيرته العالية وفكرهِ السخي وخطواتهِ الراسخة، كان الرجل مثابراً لامعا في مجال مهنتهِ التي تميزت بنكهة فريدة وأسلوب متميز وممتع نالت محبة الجميع اساتذة وطلابا واولياء امور، ربى وعلٌم اجيالاً عديدة، ستبقى ذكراه خالدة في اذهانهم على مر الزمن كأثمار شجرة طيبة تجذرت عميقا في الأرض. لقد كنت أيها الأستاذ لنا دوماً ذلك الصديق الذي لانمل من احاديثه الحلوة الشيقة وكنت ذلك الاب الحكيم الذي نجد عنده الحكمة والفطنة عند المشورة وكنت ذلك الصدر الرحب الحنون الذي يكفي ليمد العالم كله بالحب والدفيء عندما تضيق بنا السبل وكنت معلمنا واستاذنا المفضل يأيها البارع وكيف لا وقد ربيت اجيالا وتخرج على يدك العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين واعضاء نافعين للمجتمع، أيها الزارع الصالح الذي بذر في من حوله الطيبة والصدق والتواضع وحب العلم وحب الوطن وحب الناس وتركت بصمات خالدة لا تنسى. تَذكر القوش نت انه لا زال الكثيرون من الأطباء والمحامون والأساتذة يفتخرون بكونهم من طلبته ودائما ما يرددون أنهم أحبوا العلم تأثرا بأستاذهم الفاضل. وهذا ما كان يزيده زهوا وفخرا كيف لا وهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وما كان الا ليفرح بإنجازات أبناء بلدته خصوصا على مستوى محافظة نينوى. ويذكره الشماس جوزيف سورو بانه مثل حبة الحنطة تعطي حياة جديدة وحبات كثيرة وكأنه سفينة مرساها كبيرة ابحرت واوصلت من معها الى بر الأمان. ويذكره الأستاذ الكبير مايكل سيبي باننا كنا طلاب أستاذنا القـدير نشهـد بإخـلاصه وتفانيه وحـرصه عـلى أبناء جـلدته، ولا يمكنـني أن أصفه بأكـثر مما كتبتُ عـنه الصفـحات الإلكـترونية تحـت عـنوان (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت) وعندما سأل من في ذاكرتكم الان قال مديري الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو. يستطرد انور صادق العوصجي ان ما قدمه الراحل الكبير لابناء القوش لاكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لالقوش حيث دخل اسمه التاريخ من اوسع ابوابه، وستذكره الاجيال القادمة باجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال القوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان القوش معروف عنها انها مصنع الرجال الابطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير الذي ترجلت عن صهوة جوادك الاصيل بعد مسيرة حياتك المثمرة الطويلة لتسعد روحك الطاهرة في عليائها. والشماس فرات ميـــا يشيد فيذكر ها قد رحلت ايهـا العزيز بعد مسيرة طويلة في العطـاء وتربية الأجيال، ورحيلك قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة وفي قلوبهم غصة. و يشارك الشماس حناني ميا بالاسف لرحيل علم من إعلام العلم في العراق، ووجيه من وجهاء ألقوش مصنع الرجال المربي الكبير الأستاذ الفاضل منصور الذي خدم العلم والمعرفة أكثر من نصف قرن من الزمن في وطنه الحبيب بلد الحضارة الأول في العالم. كان الأستاذ منصور سورو مدرسة بحد ذاته تعلمت فيها وتخرجت منها أجيال عديدة ومنهم أولاده النجباء الذين خدموا المجتمع خير خدمة، إن ذكراك أيها الراحل الكبير ستبقى خالدة في أذهان الكثيرين على مر الزمن لأنها كالشجرة الطيبة أصبح لها جذور عميقة في الأرض التي زرعت فيها. اما أنور صادُق العوصجي في ألمانيا فيقول إن ما قدمه الراحل الكبير لأبناء ألقوش لأكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لألقوش حيث دخل اسمه التاريخ من أوسع أبوابه، وستذكره الأجيال القادمة بإجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال ألقوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان ألقوش معروف عنها أنها مصنع الرجال الإبطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير. السيد كمال يلدو الكاتب المرموق ومقدم برنامج اضواء على العراق وفي احدى مقالاته المشوقة عن المربي الراحل عابد بتي حنا صفار المولود في مدينة القوش عام ١٩٢٩ اذ يستطرد رغم ان سنين طوال تفصلنا عن هذا الجيل، وعالم آخر نعيشـه دونهم، لكن الحديث عنهم يكتسب أهمية خاصة لأبنائهم وعوائلهم الكريمة، ولكل من يقرأ ويدرس هذه السير المباركة والمفعمة بالتجربة والحياة. ومهما تغيرت الظروف والمستجدات، يبقى الأنسان هو سيد الموقف وحامل كل مفاتيح التغيير، يسـمو و يضئ ظلمة هذا الكون، ويمنحه طعمه الزكي الحلو. إن تجربة هؤلاء المربين مفعمة بالأمل والعمل والصبر، على إن أروع درس هو ذاك الذي تشي به تجربتهم الجميلة والملخصة بإن العمل المبدع لا يأتي إلا من عقل وروح مبدعة، إلا من إنسان عاشق للحياة ويقدسها، إنسان يفرح لتقدم الناس وتطورهم. تحية لذكراهم الطيبة، بأمل ان نأخذ من رحلتهم تلك وقودا لرحلتنا في هذه الحياة، من أجل البناء وخير الأنسان. ويضيف في معرض سرده للاساتذة في القوش ان اول من تقلد منصب مدير مدرسة في بلدة القوش كان الأستاذ (منصور اوده). يتذكره السيد عوديشو زورا بِدِي العم العزيز الذي يأسر الجميع بكياسته وحكمته وأدبه الجم منذ ان كانا معا في مدرسة مار ميخا حيث انه من مواليد 1925 أيضا فيسهب القول انه في العشرينات لم يكن هناك الكثير من المتعلمين يعرفون القراءة والكتابة وكان هناك ستة مدرسين الياس بابا و إيسف باخوخا اللذين درسا في المعهد الكهنوتي السمنير ومتيكا حجي وكان هناك قساوسة لتدريس اللغة الكلدانية قراءة وكتابة وتدريس باقي العلوم والدين ثم اضيفت اللغة العربية بعد ان جاء امر مديرية المعارف باضافتها الى مناهج الدراسة. ان منصور سورو كان له ولع شديد في الدراسة والمواظبة والحضور والمناقشة وربما هذة البداية والاستمرارية جعلت منه مدرس ناجح واداري ممتاز وهنا يتذكر مواقف كثيرة لا تعد ولاتحصى منها ان كانا زميلا الدراسة في نفس الرحلة وشاءت الظروف ان والده زورا بدي كان بحاجة لعون أولاده في الزراعة وخصوصا ان القوش تعتمد على الزراعة الديمية معتمدين على موسم الامطار مما اضطر على ترك الدراسة وممارسة العمل بأناة وتواصل، تارة مع والده واخيه عيسى وتارة اجيراً عند الاخرين في اعمال الزراعة او في معصارة الراشي (الطحينية) التي كانت تعود لهم ولكونه ذو عقلية تجارية فذة فقد قام العم عوديشو بفتح دكانا في السوق، ومرت الايام وعين منصور مدير ثانوية القوش واحتاج الى سلاح شخصي وقالوا له الوحيد الذي يمكن ان تثق به هو عوديشو زورا بدي. بعد التقاعد اراد منصور سورو ان يقوم بعمل تجاري او اي مشروع يقضي وقته بعمل مفيد فلم يجد غير زميل الدراسة عوديشو زورا يشير عليه بالاعمال التجارية فقد اصبح من كبار تجار بغداد وله مكاتب جملة ومفرد واستيراد وتصدير ولا ننسى ابدا حين اذرف الدموع لحظة سماعه بفقدان منصور سورو وانتقاله الى الحياة الابدية. كان منصور سورو يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً ولذا ستبقى دائما وابدا في قلوب الأولاد والاحفاد والاقارب والاصدقاء وكل من يتذكرك وستكون دائما في صلواتنا وفى افئدة محبيك الكثيرون للابد. الأستاذ يوسف زرا وفي كتاباته عن مشاهير ألقوش في القرن العشرين اقتبس هذا المقال الجميل كان جورج جبوري شغوفا بكل الفنون، محبا للتمثيل ويعتبر أبو المسرح والتمثيل في القوش، اذ كان قد أسس فرقة جوالة في بداية الاربعينيات تحيي المسرحيات التراثية والكوميدية ذات الطابع الرومانسي والتراجيدي، ولازال المسرحيون المتتبعون لهذا الفن يذكرونه كمدرسة لهم في التعبير عن محتوى التاريخ بأسلوب درامي مشوق. ومن ابرز أعضاء تلك الفرقة والتي واصلت حمل عبئ العمل الى أواخر الاربعينيات، منهم المرحوم عابد بتي كعكلا والمرحوم جرجيس اسحق زرا والأستاذ منصور اودا سورو والمعلم اسطيفان هرمز رئيس والشماس حنا شيشا والمحاسب يوسف حنا سيبي. ومن الجدير بالذكر ان الاستاذ منصور سورو كان يحب اقتناء الكتب والمجلات فقد كان مولعا بالادب بالاضافة الى براعته في الجوانب العلمية وكان شغوفا باقتناء الاعداد الجديدة التي كانت تصدر شهريا مثل (تراثنا الشعبي)، (مجلة العربي)، (آفاق عربية)و(ألأقلام) وغيرها كثير وكان يترقب بداية كل شهر لاقتناء نسخته وقراءتها بتمعن وقد اهديت مكتبته العامرة بعد وفاته الى مكتبة مار ميخا في القوش. <ref>http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=25090:aa&catid=72:b&Itemid=45 تلسقف كوم</ref> يعتبر حبيب القس يوسف عبيا احد اصدقاء الطفولة وقد تخرج من كلية الحقوق واصبح من كبار كتاب العدول في الموصل ثم بغداد الكرخ وقد دون في التواصل الاجتماعي ان منصور سورو هو الصديق والرفيق منذ الطفولة والى حيث أغابه الموت. يقول التقيت منصور على مقاعد الدراسة في مدرسة القوش الابتدائية (مار ميخا) في الصف الأول الأبتدائي عام 1934 مع المرحومين الخوري هرمز صنا وحنا حجي وتخرجنا فيها سوية عام 1939 بعد أن التقينا بركب المرحوم حبيب جمعة في الصف الرابع الاعدادي وأستمرت علاقتنا الأخوية ما حيينا. كان منصور من الطلبة اللامعين طيلة المراحل الدراسية وجدياً ومخلصاً في عمله طيله فترة عمله سواءاً في أدارة مدرسة القوش الإعدادية أو فترة التدريس في مختلف متوسطات وأعداديات بغداد وتخرج على يديه خلال ثلث قرن التي قضاها في التدريس نخبة مميزة من الشباب النابغين هذا بالاضافة الى النهوض بأولاده الستة الى أعلى مستويات الثقافة (دكاترة وأطباء ومهندسين). كان الراحل الغالي مدافعاً عنيداً عن طلابه سيما في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها بلدتنا العزيزة القوش آنذاك. ومن الذكريات الجميلة عن مدرسي ثانوية القوش كما ترويها السيدة جوليت نعيم جبرائيل گولا والتي درست في مدرسة راهبات القوش مار ميخا وبعد تخرجها تزوجت من السيد بطرس لاسو مدير مدرسة القوش الابتدائية والذي كانت تربطه بالاستاذ منصور سورو علاقة جيرة و صداقة متينة وعمل حثيث من اجل مدينتا القوش وتعود بها الذاكرة ايام مدينة السليمانية عندما كانوا اربعة زملاء في التدرج الوظيفي هم بطرس لاسو وجرجيس حميكا ويونس رزوقي وسعيد شامايا وبعد ان أصبح منصور سورو مدير ثانوية القوش استعان بزملاء الدراسة لبناء مدرسة نموذجية اذهلت دائرة المعارف انذالك رغم قساوة الظروف وضمت الهيئة التدريسية جرجيس حميكا، متي عبد الاحد، حكمت يعقوب، بهنام عفاص، بدري فرج، مظفر اليوزبكي، شاكر نعمة و مزاحم الشماع. '''16- الشماس صادق برنو''' ولد صادق ياقو ميخا برنو كوريال برنو في القوش عام 1917، وفي بيت يقع مباشرة خلف كنيسة ماركوركيس الفخمة بمحلة قاشا، وكان عماذه بعد فترة من قبل القسيس يوسف منصور سمعان كادو، شق صادق طريقه في الحياة وكان يتلقى دروسه الاولى في مدرسة مار ميخا النوهدري المقابلة لبيته، ومن المعلمين الذين درس على ايديهم كل من سعيد ججاوي الياموري كوركيس عواد لا كنه ترك الدراسة ليساعد والده في العمل ولكنه لم يبقى أسير نمط واحد من العمل، فسرعان ما غيره ليصبح سائق صهاريج النفط، ومدة اخرى في باصات نقل طلبة المدارس الاهلية في بغداد، مما منحته فرصة للتعرف على المدينة والاستفادة من معطياتها ويذوب فيها فتعلق بالكنيسه، وواظب على تعلم واتقان لغته السريانية، بل تفوق فيها ليصبح خطاطاً وشاعراً ومرنماً، ثم شماساً قديراً، حيث نال درجتها عام 1942 في القوش على يد المطران مار حنا قريو يقوندا، ونظرا لحسه الوطني والطبقي المتنامي فقد تعاطف مع الأفكار السياسية السائدة آنذاك، لفترة من الزمن مع شباب من عائلته، اعتقل في سجون الموصل الرهيبة، ونال قسطا من المعاناة والشدائد في تلك الايام الحالكة. وبعد فترة وجيزة سافر الى الولايات المتحدة الامريكية واستقر فيها منذ عام 1967، وعندما وصل الى هذه ديار الغربة شمر عن ساعديه للعمل والتأقلم مع الحياة الجديدة، دون ان يقطع صلته بالوطن الأم لا بل لعب صادق برنو وعائلته دوراً، في استقبال ومساعدة سيل المهاجرين منذ اوائل سبعينات القرن الماضي، وعمل مع ابنائه في تسهيل معاملات الهجرة حتى اصبحوا روادا فيها . وهو كاتب ومؤلف وله العديد من الكتب والمقالات والمطبوعات في شتى المجالات اغلبها من طقسنا الكلداني. ورغم سنونه التي زادت عن المائة الا انه لازال غزيرا بعطائه فلا زال يولف ويطبع ويوزع الكتب والنشرات بالعربية والسريانية الى جميع محبيه ومعارفه.<ref>https://www.alqosh.net/mod.php?mod=news&modfile=item&itemid</ref> نظم الشماس صادق برنو قصيدة في رثاء الأستاذ منصور سورو لحبه واعتزازه بابن بلدته حيث كان ثلاثة من أولاد الشماس وهم نوئيل، جبرائيل و ريمون طلابا في ثانوية القوش وكان دوما متابع لهم وحريصا على اكمالهم تعليمهم وتختزن ذاكرتهم جميعا لقصص ونوادر تلك الحقبة وكيفية تعامل الأستاذ منصور في تلك المواقف وقد اصبحوا شبابا يافعين محترمين لهم ادوارهم في المجتمع والقصيدة باللغة السريانية: حزن ورثاء للاستاذ منصور سورو اكتب واقدم احترامي لهذا المربي استاذ منصور سورو عالي في التعليم الذي انتقل ورحل من هذا العالم الى الحياة الابدية في سلام وسكينة استاذ منصور مبارك ومتواضع عملت كثيرا بحب ودون كلل لهذه المدرسة ليلا ونهارا بقلب مملوء بالفرح ويفيض بالمحبة بقلب كبير وسعه التفاني لهذه المدرسة عملت باجتهاد ومشاعرك مملوءة بالحب العامر لهذه الخدمة نذرت كل حياتك خدمت ثانويتك بكل اخلاص في ذلك الزمان مملوء بالصعاب مسلحين يطوفون شوارع المدينة وصوت المدافع تصم الاذان كل تلك السنين واجهت المصاعب لم تتضايق او تتوان في كل الاوقات بل عملت وساعدت اكثر لتسع سنوات من ذلك الزمان لك يا استاذ منصور وفي كل الاوقات يشكرون جهودك أولاد بلدتك ربيتهم بعقلك وانرتهم بحكمتك رفعت من علمهم ونعموا بالمناصب ربيتهم كانهم أولادك كنت دائما بهم فرحانا لا يمكن ان ينسوك مهما حصل سيتذكرونك دائما وابدا انت دوما في ذكراهم بالمحبة والاحترام لا تغيب عن فكرهم صغيرهم وكبيرهم لأنك كنت لهم الصديق والمعلم ومحبتك لهم راسخة وكبيرة مرحى لك لهذه الخدمة رفعت اسمك في هذه الدنيا نرجو من الرب ان لك يمن مكانا في الفردوس معه بالمسرة '''17- القس منصور سورو''' الذي لا يعرف أصل الأستاذ منصور سورو ربما يراوده ذلك السؤال، ولكنه قد سُمّي على أسم جدّه القس منصور سورو، الذي كان من كهنة القوش المعروفين، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الاب الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الأصليين. [[ملف:Three grand sons.jpg|تصغير]] ولد القس منصور او الاب سوريشوع والتي كانت كنيته أحيانا في القوش عام 1830. تثقف وتعلم في المدارس الكهنوتية في ذلك الوقت ورسم كاهنا لخدمة رعية القوش وضواحيها، وكان متزوجا وله أربعة أولاد (متي، أبلحد، يوسف و نوح). وبالاضافة الى واجباته الدينية لخدمة الرعية في كنيسة ماركوركيس كان معروفا بغيرته وشجاعته النادرة بحيث كان يحل جميع المشاكل مع الحكومة او مع الاغوات او المتنفذين في المنطقة بالاضافة الى كونه كان الرجل السباق في رفع السلاح والوقوف بوجه الاعتداءات اثناء الغزوات على منطقته رغم كونه رجل دين الا انه قاد رجال القوش الغيارة الشجعان ضد اعدائهم في المنطقة. اتقن القس منصور الحياكة وعمل الملابس المحلية ليعيل اسرته الكبيرة دون الاعتماد على اي مصدر اخر وقد ورث بعض احفادة هذه المهنة عنه بالاضافة الى كونهم شمامسة في الكنيسة. كان يقضي الكثير من وقته في القراءة والكتابة وله العديد من المخطوطات بخط يده محفوظة في مكتبة الكنيسة وقسم منها في مكتبات عالمية فله كتاب بعنوان (بعض الحكايات والقصص المختصرة باللغة الكلدانية الدارجة لطلاب المدارس ومتعلمي اللغة السوادية بيسر) المنشور سنة 1880 والمحفوظ في مخطوطات برلين صفحة 430 رقم 128. وكتاب اخر نشر عام 1882 باللغة الكلدانية الدارجة. كانت القوش تفتخر بشجاعته فقد روي انه عندما يذكرون القسس في القوش يقولون لدينا تسعة قسس والقس منصور لتفانيه في خدمة الجماعة مع انه ذو شخصية مرحة يحب سرد الفكاهات والنوادر وكان مجلسه يعج بالمؤمنين وخصوصا في زمن الشدائد عندما كانوا يطلبون منه النصح والتدبير. توفي الاب منصور سورو في القوش سنة 1907 وقد وارى جثمانه الثرى في باحة كنيسة مار كوركيس في مكان قريب من المذبح ونقش على الجدار تذكار يليق به.'
فرق موحد للتغييرات المصنوعة بواسطة التعديل (edit_diff)
'@@ -1,0 +1,131 @@ +'''1- المقدمة''' +يسعدني أن أقدم للقراء الأفاضل هذه النخبة المختارة من المثقفين المعنيين بتراث بلدنا الحبيب العراق واثار رموزنا ومبدعينا الذين رفدوا مسيرة التعليم وخصوصا في بلدتنا القوش العزيزة على قلوبنا، هذا العمل المتواضع من مجموعة مقـالات وتعليقات وتعقيبات عن مربي فاضل كانت له بصمه في تاريخ القوش في فترة صعبة مليئة بالأحداث الهامة الا وهو الأستاذ منصور اودا سورو مدير ثانوية القوش للفترة (1957 – 1966) والذي استطاع بحنكته واسلوبه وتفانيه من إيصال السفينة الى بر الأمان بعد ان كانت تتلاطمها الأمواج و الرياح العاتية والعواصف الشديدة. +[[ملف:Mansour soro the memo and biography.jpg|تصغير]] +آمل أن يجد القارئ الكريم في هذا الكتاب القدوة الحسنة والفائدة المرجوة مع المتعة في استذكار حقبة مهمة عصفت ببلدنا والتي حرصتُ أن أجعل منها باقات لمختلف الكٌتاب المعنيين بالأدب والسياسية والتاريخ والتراث وتعتبر مقالاتهم أثيرة، تفوح منها كلمات بشذا عطر أساليبهم الجميلة، وعبق تراثنا العراقي الأصيل، متأملا إلى أن نجد ناشئتنا واجيالنا القادمة تحذو حذو من سبقونا ويستفيدوا من دروس ابائنا فهم النبراس والهداية وقد بذلوا جل امكاناتهم في تقويم اجيالا نامل ان يتبعوا خطاهم، وصولاً إلى ما كان عليه أولئك السلف الصالح من نفوس أبية طيبة، وقلوب مؤمنة صافية، وعقول فذّة ذكية، وعلوم ثرية مفيـدة، وآراء حكيمـة سديدة، وحكم قويم سليم.<ref>http://kaldany.ahlamontada.com/t9781-topic (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت)</ref> +'''2- التربية والنشأ''' +ولد المربي الفاضل الأستاذ منصور اودا يوسف القس منصور سورو في الأول من تموز سنة الف وتسعمائة وخمسة وعشرين للميلاد 1925 في ناحية القوش التابعة لقائمقامية الشيخان في محافظة نينوى التي تقع شمال جُمْهُوريَّة العِرَاق وتعتبر ثاني أكبر المدن العراقية، وتبعد عن بغداد حوالي 402 كيلومتر، وهي أقدم مدن الإمبراطورية الآشورية القديمة وأعرقها، وتتميز بموقعها الاستراتيجي فهي تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة لذلك فهي تتميز بخصوبة أراضيها الزراعية والرعوية. +نشا منصور سورو في كنف عائلة كريمة تمتهن التجارة والده أودا يوسف القس منصور (1904-1972) ووالدته أنو كوريال منصور عطايا من مواليد القوش (1914-1997)، اخوته حازم ويوسف وسالم واخواته هيلين و جميلة وخيرية وسلمى. كان منصور الولد البكر ومنذ نعومة أضفاره كان متوهج الذكاء لامعا بين اقرانه قيادي بارع وارتأت العائلة ان لا تقف حجر عثرة امام مستقبله الزاهر لذا أُدخِل الدراسة الابتدائية في مدرسة القوش (مار ميخا النوهدري) عام 1933، وكانت من المدارس المعدودة في كل المنطقة ومن اقدم الصروح العمرانية والحضارية الشامخة بهيكلها منذ بنائها عام 414 ولحد الان في بلدة القوش القديمة، وكانت للمدرسة كنيسة تعود لدير سابق ولذلك كان الطلبة يرتوون من العلم والثقافة بالإضافة الى التعاليم الدينية والطقس الكلداني وتشمل الكنيسة ثلاثة هياكل، ازيل اثنان منهما بسبب تهدمهما وعدم التمكن من ترميميهما. وآخر تاريخ لتجديد هذه الكنيسة كان عام 1876 وهو مثبت على لوح حجري فوق كوة ضريح مار ميخا والتي تقع الى الجانب الأيمن من مذبح الكنيسة وترتبط المدرسة بشمال الهيكل مباشرة، وقد شيدت هذه المدرسة عام 1923. وهي امتداد تاريخي لمدرسة مار ميخا النوهدري والذي أسسها منذ استقراره في هذه القرية. وظلت كمركز اشعاع وفكر لكافة صنوف العلوم والمعرفة الى جانب علوم الدين المسيحي واللغة السريانية، وقد تخرج من هذه المدرسة القديمة عمالقة في اللغة والأدب السرياني الى جانب كبار رجال الدين الكنيسة الشرقية سابقا، والكنيسة الغربية لاحقا. وكانت نبراسا للأجيال وللثقافة الدينية منذ الطفولة أمثال القس إسرائيل شكوانا، والقس دميانوس كونديرا والمطران طيماثيوس مقدسي والمطران توما اودو وغيرهم ممن تضلع في اللغة والأدب والفلسفة، الى جانب كبار خطاطين اللغة السريانية والذين تركوا ثروة كبيرة من المخطوطات المنتشرة في جميع القارات ومنهم الشماس بولس قاشا ومتيكا حجي حداد الذي اصبح معلما فيها. وكان من بين رفقاء الدراسة البطل المناضل توما صادق توماس، حنا حداد، حبيب جمعة، رحيم قلو، عوديشو زورا بدي، حبيب القس يوسف عبيا، بطرس اودو و الخوري هرمز صنا والذين اصبحوا فيما بعد أصدقاء ورفقاء لسنوات طويلة. + +'''3- المتوسطة والثانوية''' +اكمل منصور سورو الدراسة الابتدائية سنة 1939 وكان واحدا من أولئك الطلبة، الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، وبلا تعثر والتحق في المدرسة المتوسطة الغربية في مدينة الموصل والتي كانت وما زالت من المدارس الاولى لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل انذلك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز أعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة أظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذويهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم، حتى اجتاز المرحلة الثانوية في الموصل بتفوق. وقد اكمل الدراسة الإعدادية والثانوية بتقديرات جيدة، مما شجعه لزيادة تحصيله العلمي وشجع عائلته لدعمه في حصوله على شهادة عالية رغم ان معظم سكنة القرى لا يميلون الى ارسال أولادهم الى الجامعات، المعاهد و الكليات في ذلك الزمان للظروف الاقتصادية التي كانت تعاني منها العوائل وحاجتهم الى قيام أولادهم باعانتهم و مساعدتهم وخصوصا في المجتمع الزراعي السائد في القوش. + +'''4- ليسانس دار المعلمين العالية''' +انتقل الأستاذ منصور الى بغداد في منطقة الوزيرية وشاءت الصدف ان يلتقي باصدقاء سبقوه وشجعوه للتقديم إلى دار المعلمين العالية سنة 1945. وقد ثابر ليلحق بالركب وخصوصا ان الكلية كانت حديثة وتعتمد التدريس بالطرق الغربية وتستخدم المصادر الاجنبية باللغة الانكليزية مما ضاعف من الجهود في مواصلة الدراسة. فدار المعلمين كانت مؤسسة تربوية أسست في بغداد عام 1923 وكانت تقع مبانيها المتعددة في منطقة الوزيرية بمحاذاة السدة، وتعرف الآن بكلية التربية وتعود في يومنا هذا الى جامعة بغداد و كان على من يريد الالتحاق بها دفع رسوم دراسية كانت في بدأ الامر (15) روبيه شهريا أي ما يعادل (دينار و125 فلسا)، كما وتقرر أن لا يقبل فيها إلا الذين يرغبون في إعداد أنفسهم للتعليم في المدارس الثانوية ومفتشين ومدراء للمدارس ومن الطريف إن يدرس في الدار طلبة صينيون وبلغار وبريطانيين فضلا عن الطلبة البحارنة والسوريين والتونسيين والمغاربة والأردنيين والفلسطينيين. لقد كانت تلك الدار (أم المدارس) و(من أمهات معاهد الثقافة والمعرفة) كما وصفها أحد طلبتها د. حسين علي محفوظ، كنواة الطبقة الوسطى وأداة التغيير. في سنة 1927 أصبحت (دار المعلمين العالية) معهدا قائما بذاته بمنهج نهاري كامل (علمي وأدبي) مع (قسم داخلي) ملحق بها وفي العام الدراسي 1937 - 1938 استقبلت الدار أول وجبة من الفتيات العراقيات وذلك في عهد عميدها د. متي عقراوي وكن 8 فتيات وفي العام 1939 أصبحت مدة الدراسة أربعة سنوات يمنح الطالب بعد إنهائها شهادة البكالوريوس في العلوم أو الآداب أو التربية وتخرج اساتذة للعمل في الثانويات. ومن بين الخريجين من تلك الدار بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، كامل ادهم الدباغ (مقدم برنامج العلم للجميع)، عاتكة الخزرجي، عبد الوهاب البياتي واحمد عبد الستار الجواري (والذي أصبح وزيرا للتربة فيما بعد)، لميعة عباس عمارة (الشاعرة)، مصطفى جواد وعبد الجبار عبد الله (العالم الفيزياوي والفلكي خريج أمريكا وأحد الأفذاذ القلائل في العالم من شراح نظرية آينشتاين وتقلد منصب رئاسة جامعة بغداد في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات) وغيرهم. ومن التدريسيين في هذه الدار الأستاذ معروف الرصافي لتدريس آداب اللغة العربية والأستاذ جلال رزيق لتدريس الرياضيات. وقد امضى الأستاذ منصور سورو في دار المعلمين العالية أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء عام 1949 فقد كان في الفرع العلمي والذي كان ينقسم الى البيولوجيا او فيزياء والرياضيات اما فرع الآداب فانه كان يشمل مواد اللغة العربية والانكليزيه والجغرافيه والتاريخ وقد ادخلت دروس الدين في مناهج دار المعلمين العالية لاحقا، مما أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يُعَدون على أصابع اليد الواحدة. +كان الطالب المقبول يوقع عقداً، يتعهد فيه ان يخدم في وزارة المعارف بالوظيفة التي تكلفه بها الوزارة، مدة تعادل المدة التي يقضيها في الدراسة، وهنا تنسب الأستاذ منصور للخدمة في محافظة السليمانية للتدريس في ثانوية السليمانية هذه المدينة التي تأسست في العام 1784 من قبل ابراهيم سليمان باشا وهو أحد أفراد أسرة امراء بابان المعروفة والعريقة، حيث تقول القصة: لقد خرج الباشا ذات يوم في رحلة صيد متوجها نحو منطقة شهرزور القديمة التي كانت تمتد مساحتها لتشمل مدينة السليمانية الحالية، فلما رأى الباشا المنطقة وقع في حبها فورا وقرر أن يبني عليها مدينة، فبناها وأطلق عليها اسم والده سليمان باشا بابان. +من الجدير بالذكر ان إحصاء أجرته سلطات الانتداب البريطاني عام 1920 أن مجموع سكان لواء السليمانية (محافظة السليمانية حالياً) كان 155 ألف منهم 5000 نسمة من المسيحيين. ويصفها سكانها وعشاقها (مدينتي حياتي) وبالكردية (سليماني شاره‌ حه‌ياته‌كه‌)، حيث يكسوها الثلج في الشتاء والخضار في الربيع وتنتشر ازهار النرجس في الحقول مع الهواء العليل، مدينة تحضنها الجبال وتسكن قلب سلسلة جبلية متصلة بعضها ببعض، تقع شمال شرق العراق ضمن إقليم كردستان. خدم الأستاذ منصور في مدينة السليمانية خمسة سنوات لحين وجود شاغر في محافظة نينوى حيث انتقل الى مدينة الموصل ليدرّس في المتوسطة الغربية وهي نفس المدرسة التي دَرَسَ فيها لثلاث سنوات. وعندما قررت وزارة المعارف افتتاح اول ثانوية رسمية في القوش عام 1957 لم يجدوا اكفأ واقدر وانسب من الأستاذ منصور سورو لتعيينه كأول مديرا لها لعدة أسباب مثل كفاءته وكونها الناحية التي ولد فيها ولما يعرف عنه من حسن الإدارة. عمل بكل إخلاص وتفاني لمدة تسع سنوات كمدير للثانوية بالإضافة الى تدريس مادتي الرياضيات والفيزياء عدا عن تدريس ماة الدين المسيحي لفترة وجيزة. وانتقل للعمل في بغداد سنة 1966 وبعد مضي سنتان أوفد الى المملكة العربية السعودية للتدريس في الطائف وجدة حيث كان العراق في تلك الحقبة منارة اشعاع الى جميع الدول العربية وكانت خبراته تتبادل في نظام الاعارة مقابل اضعاف الرواتب مما كان المدرسون يتسابقون للحصول على هذه الفرصة وكانت التضحيات كبيرة فهم يتركون عوائلهم ويتغربون في البلاد وخصوصا الخليجية او بلاد المغرب العربي لسنوات على امل ان يرجعوا وينعموا بحياة افضل حيث ان الحكومة العراقية لم تكن تثمن هذه الطبقة الوسطى من الموظفين. تحلى الأستاذ منصور بكثير من الشجاعة ليستطيع التأقلم في مدينة إسلامية تطبق الشريعة وهو شماس في كنيسة يحب طقوسها حتى العظم وكان يتندر بالقصص الكثيرة التي كان فيها شاهد عيان خصوصا ان المجتمع السعودي بدوي يجب التعامل معه بحذر وخصوصا أولاد الامراء والوجهاء والطبقة الحاكمة فأي هفوه قد تكلف حياة او مستقبل أي كان. وبحنكة واقتدار اذاب كل الصعاب وعمل لمدة سنتان ليعود الى بغداد للعمل في سلك التدريس في ثانوية عقبة بن نافع للبنين الواقعة في شارع فلسطين، حي المهندسين حتى سنة 1982 واحالته على التقاعد. ولقد كان التقاعد بالنسبة له كالعجلة التي توقفت فجأة بعد ان كانت في حركة دائمة وعطاء لمدة ثلاثة وثلاثون سنة متواصلة . +تزوج سنة 1957 من ابنة عمه صبيحة صادق ابلحد القس منصور سورو وله ثلاث أولاد وثلاث بنات. أولاده منهل دكتوراه هندسة ورائد ماجستير معماري وعدي بكالوريوس بحوث حاسبات وبناته مناهل دكتوراه هندسة وثغر طبيبة وبان بكالوريوس ادارة واقتصاد. وله من الاحفاد أربعة عشر و أولاد الاحفاد ثلاثة. + +'''5- مدير ثانوية واكثر''' +لم يكن الأستاذ منصور سورو مدير ثانوية فحسب بل كان بشهادة الاساتذة والطلاب على حد سواء وكل أهالي ناحية القوش الشجعان الابطال كان مدرسا جيدا ناجحا محبوبا من قبل الجميع وكان له اسلوبه المتميز الذي لازال في ذاكرة الجميع فهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وعاش بينهم وكان قريبا منهم يعامل الطلبة كأب واولياء الامور كأخ ولا يتوانى عن مساعدتهم ونصحهم وما وصول اغلب الطلاب وحصولهم على الشهادة الثانوية في ذلك الظرف الصعب الا دليلا لحسن ادارته وتعليمه لا بل هناك الكثير منهم يفتخرون كونهم طلبته فقد اصبحوا اطباء ومحامين واساتذة لا بل ان بعضهم اكمل دراساته العليا وحصلوا على شهادة الماجستير والدكتوراه ودائما ما كانوا يقولون انهم احبوا العلم تأثرا بالأستاذ منصور سورو ومنهم سيادة المطران مار ميخائيل مقدسي (راعي ابرشية القوش حاليا)، الدكتور عزيز رحيم صادق (عالم فيزياء و فلك)، يوسف شميكا (ماجستير هندسة كهربائية من المملكة المتحدة)، الدكتور حبيب تومي، عابد بوداغ (مهندس مدني و انشاءات)، إسماعيل يوسف عوديش (اصبح قاضيا في محكمة نينوى)، الدكتورة سلمى عودة، الاستاذ موفق حكيم، الخور اسقف أبرم أوراها بثيو (خور اسقف مدينة ولنكتون نيوزيلندا)، الست مريم شبلا ( اصبحت المدرسة بتول)، الاستاذ نوري حبيب سورو، نبيل يونس دمان (المهندس والكاتب والمؤلف والناشط السياسي) وغيرهم كثير والقائمة تطول منهم من انتهج سلك التدريس اقتداءا به ومنهم مدراء اكفاء شغلوا مواقع هامة يعتبرون مفاتيح في مواقعهم العلمية و الادارية. ولان منصور سورو في طبيعته كان اجتماعيا يحب اللقاء بالجميع فقد دأب على إقامة المهرجانات سواء الرياضية او العلمية او الفنية وقد كان يستخدم المتوفر من ساحات وقاعات الناحية وجميع هذه الانشطة كانت عامة والجميع مدعو للحضور ليفتخر بإنجازات أولاده الطلبة خصوصا عندما كان يتم اختيار الافضل لتمثيل الناحية في مستوى محافظة نينوى (الموصل). <ref>https://ankawa.com/forum/index.php/topic,362886.msg4281615.html#msg4281615 عنكاوا كوم </ref> + +'''6- المربي والإداري الفذ''' +كتب الأستاذ بهنام سليمان متي القطا وهو من مدينة كرمليس بلواء الموصل محافظة نينوى ولد عام 1917 من عائلة مسيحية كلدانية، واجاد الى جانب لغته الأم السريانية اللغة العربية اجادة تامة، بل كان، ولم يزل ضليعاً فيها، فعمل مصححاً لغوياً في العديد من الصحف والمجلات. ويعد مرجعا للعديد من الأدباء والكتاب في النحو العربي، كما بات مصححاً لبعض المطابع العربية في المهجر، درس وتخرج وتبوأ مدير مدرسة كرمليس في الستينات من القرن المنصرم وقد كرمّ برسالة شكر وتقدير من المرحوم عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي العراقي بمناسبة الكلمة التي ألقاها في الحفل الذي أقيم بمناسبة اربعينية الملكة عالية ويعتبرها أعز الهدايا، أثمن "الجوائز" لديه، بدليل أنه لم يزل محتفظاً بها رغم مرور كل هذه السنين وبحكم قرب اختصاصهما نشأت علاقة عمل كمدراء يجتمعون في دائرة المعارف سوية وقد كان ناجحا في عمله وكتب هذه المقالة في ذكرى وداعه. +بين الشروق والغروب في رحلة الإنسان على هذه الأرض، سفر طويل زاخر بالإحداث والمهمات قد يكون شاقا مريرا، فيعرف المرء كيف يتفاعل معه تفاعلا ايجابيا متفتحا، إذا ملك من القابليات والمؤهلات ما يعينه على النجاح والتفوق. وقد ياتي سلبيا لان ذلك الفرد لم ينل حظه من التوجيه والإرشاد، فتعيق قابلياته المتدنية عن تذليل ما يتصدى حياته من صعاب، فيرحل نسيا منسيا دون إن يترك بصمات واضحة في مجرى الإحداث ولكن الأستاذ منصور استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة إظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذوهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم. وكان الأستاذ منصور واحدا من أولئك الطلبة الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، حتى اجتاز المرحلة المتوسطة في الغربية في الموصل ثم الثانوية بتفوق وبلا تعثر، هيأته بعدها للانتقال إلى دار المعلمين العالية في بغداد، ليمضي فيها أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء، أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يعدون على أصابع اليد الواحدة وقد نسب للتدريس في ثانوية مدينة السليمانية فعمل فيها خمس سنوات كانت كافية لتمنحه الكثير من الخبرة والتجربة في حقل التربية والتدريس، وها هو يعود بعد هذه السنين الخمس يتولى مقعدا تدريسيا في نفس المتوسطة الغربية في الموصل والتي جاءها من ألقوش عام 1939فتى صغيرا خجولا يضع قدميه لأول مرة على أعتاب المدينة الصاخبة الزاخرة بالنشاط وألحيوية، بينما هو اليوم في عنفوان شبابه، وافر التجربة، غزير المادة، يدخل الصف فيملك زمام طلبته، ويشدهم إليه بشخصيته الجذابة، وطريقته المثلى في التدريس، وقد استطاع بأسلوبه الجميل. إن يخلب ألبابهم ويكسب محبتهم واحترامهم مما ساعده كثيرا على نجاحه في مهمته، لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل يوم ذاك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز اعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد امضي أبو منهل طيب الله ذكراه. ثلاثة أعوام في الغربية المتوسطة التي أظن إن مديرها يوم ذاك كان الأستاذ عبد العزيز توفيق، أو الأستاذ نزار محمد المختار، وكلاهما كانا من خيرة التربويين والإداريين. الذين لابد وان أبا منهل اكتسب من خبراتهما في الإدارة ما ساعده فيما بعد على إدارة ثانوية ألقوش التي افتتحت حديثا عام 1957 فعيّن فيها كأول مدير، وكنت خلال عمله في الموصل ومن ثم في ألقوش مديرا لمدرسة كرمليس الابتدائية وعلى ما أتذكر إنني تعرفت إليه منذ إن كان في الموصل، وتوطدت معرفتي له أكثر عندما عمل في بلدته ألقوش، فقد كنا نحن مدراء مدارس القرى الكلدانية نلتقي أيام الآحاد (وهي عطلة مدارسنا إلى جانب يوم الجمعة) في مديرية معارف الموصل، وكان هو والمرحوم الأستاذ الياس مدالو(بابا) مدير مدرسة ألقوش الابتدائية يوفدان معا إلى الموصل لإنجاز إعمال مدرستيهما، فكنا نجتمع في مقهى صغير جوار المعارف نشرب قدحا من الشاي ونتجاذب الحديث في أمور مدارسنا، وكانت إخباره من ألقوش تصلني وتفرحني، منوهة به ومشيدة بقابلياته وخلقه وطريقته المثلى في إدارة الثانوية وجهوده القصوى للارتقاء بها رغم حداثتها والعمل على رفع مستوى طلابه الدراسي، فكان المرحوم يتولى تدريس الرياضيات في الصفوف وهو الذي يخوله نظام المدارس الثانوية التفرغ التام للإدارة، لكنه كالربان الماهر كان يريد إن يكون إلى جانب بحارته، وكان يود إن يكون متواصلا مع الطلبة عن قرب يستطيع بتماسه معهم إن يدرك مدى قابليتهم، ويتعرف على نقاط الضعف لديهم ليعالجها بحنكته ويقوّم ما اِعوجّ من سيرتهم وهذه كلها صفات المدير الناجح المقتدر التي لم يكن بعيدا عنها، وقد مَرّت على أبي منهل رحمه الله ظروف صعبة مُرّة في ستينات القرن المنصرم، حين سيطر التيار القومي المتعصب على مناحي البلد، وعلى تربية الموصل بالذات، فاختلت الموازين وضاعت القيم واستنسر البغاث من الناس، وقد حدثني الصديق المرحوم جرجيس زورا ججيكا وكان مدرسا للرياضيات بزمالته، كيف كان المرحوم يوازن بين القوى المتصارعة آنذاك، يسارية كانت أم يمينية أم رجعية، وكيف كان بذكائه وحكمته وخلقه الرفيع يتجنب المواجهات ويبعد المدرسة عن الصراعات بين أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة، ليستقيم الجو الدراسي ولا يختل النظام، محافظا على كرامة مدرسيه وطلبته بنفس الوقت، وقد تمكن بفكره الثاقب وعلاقاته الاجتماعية الطيبة، إن يصمد إمام الإعصار الدموي الذي هَبً على العراق عموما في شباط 1963، وقاست من جرائه ألقوش وثانوياتها كسائر القرى المسيحية، فاعتقل العديد من مدرسيه، ولوحق الكثير من طلابه وكادت مؤسسته إن تصاب بالشلل ويتهدم كيانها الذي بذل عصارة جهده في بنائه وتمكين أسسه طوال تلك السنوات، لولا تعامله العقلاني مع الإحداث وابتعاده عن الانحياز إلى هذه الجهة أو تلك، وهكذا سار بالمدرسة نحو شاطئ الأمان، وظل الدوام متواصلا، والتدريس قائما، رغم قلة الإمكانيات، موجها إلى ألقوش وثانويتها كل اهتمامه مانحا إياها :قلبه وحبه وعقله، وبقدر ما أحب ألقوش وفداها بروحه، بادلته هي الأخرى حبا بحب وظلت دائما تذكره بالخير كابن بار وتشير إليه بالبنان كرائد فذ من روادها ا لأوائل ما كبا ولا سقط عن جوداه رغم ضراوة الأعداء وقساوة المعارك والطرق الوعرة. لقد شاءت ظروف العمل إن ينتقل الأستاذ منصور إلى بغداد عام 1966 ليتفرغ هناك إلى جانب التدريس إلى شان عائلته وأولاده الذين أراد لهم شانا كبيرا في الحياة، فانصرف إلى توجيههم للدراسات العليا ونيل المعالي، ومن اجلهم تغرب عن العراق عامين دراسيين أمضاهما في السعودية التي أوفد إليها لتدريس الرياضيات، فقد كان في قرارة نفسه يتذكر كيف وقف والداه إلى جانبه يوم كان الزمان عليهم صعبا، وقترا على نفسيهما ليوفرا له فرص التعلم، فرأى من واجبه إن يهيئ لأبنائه أفضل مما كسب، لا سيما وان الله من عليه بظروف أفضل من ظروف أولئك الفلاحين الفقراء أهله. فظل يتابعهم ويتواصل معهم حتى ابلغهم أعلى المراتب، وفيهم اليوم من يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة والطب والبكالوريوس في علوم الحاسبات والادارة والاقتصاد، حملتهم رياح الهجرة إلى بلاد الله الواسعة، وحين عاد الفقيد إلى ألقوش في عام 2006 كان قد أصبح شيخا طاعنا في السن يحمل على منكبيه ثقل الأعوام الثمانين، في فمه مرارة فراق الأحبة وتشتتهم في بقاع الأرض، وهو الذي كان يتمنى إن يكونوا إلى جواره معتزا بهم مفتخرا بالشجرة التي رعاها وسقاها حتى أينعت وأثمرت ثمرا كثيرا. لكن عزاءه كان في انه قد أدى دوره بأمانة وإخلاص. وتفاعل مع الحياة خير تفاعل، ولم يكن نسيا منسيا فيها، بل كان يحمد الله كونه رائدا من روادها وواحدا من مربيها، خلف أجيالا من المثقفين والمتعلمين هو بهم فخور، وبقابليتهم مشيد. وكفاه من الحياة كل ذلك الجهد الجهيد الذي صرفه طوال أيام عمره ففضل إن يرقد رقاده الأبدي إلى جوار أهله وأحبائه الذين سبقوه إلى دار الخلود، واسلم روحه إلى باريها فجر يوم 4/11/2006، مخلفا الحسرة واللوعة في نفوس كل من عرفه ومن بلدته ألقوش بشيبها وشبابها، وحمل أبناؤه وطلابه نعشه إلى مثواه الأخير على أكتافهم وتناقلت نعيه وسائل البريد الالكتروني إلى كافة إنحاء العالم. ورثاه الأقربون والأبعدون رحم الله أبا منهل الرجل الصالح وأثابه على إتعابه خير الثواب. فقد كان عظيما في حياته، شامخا في مماته، والرجال الكبار وان رحلوا عن هذه الدنيا، إلا إن ذكراهم لا تفنى، فهم خالدون بما قدموه من خدمة وجهد لمجتمعهم وبلدهم، وما تركوه من اثر صالح لبني قومهم، وما خلفوه من ذرية نافعة تحمل المشعل من بعدهم، رحم الله الأستاذ منصور واسكنه فسيح جناته التي وعد بها أبناؤه الذين حفظوا عهده، ذكرى لصالحين تدوم إلى الأبد.<ref>الحوار المتمدن - العدد: 1744 - 2006 / 11 / 24 </ref> + +'''7- سيادة المطران ميخا مقدسي''' +ولد المطران ميخا بولا اوراها مقدسي في ناحية القوش سنة 1949 و درست في مدارسها حتى دخل معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان في الموصل عام 1964 وفي عام 1976 رسم كاهنا على يد سيادة المطران المثلث الرحمة مار عبدالاحد صنا الذي كان حينها راعيا لأبرشية القوش منذ تاسيسها بقرار السينودس البطريركي في شهر حزيران سنة 1960 وقد تمت تلك المراسيم بحضور السفير البابوي المثلث الرحمة جان ريب وجموع غفيرة من الكهنة و الشمامسة وجميع أهالي القوش الذين كثيرا ما يفرحهم ان يكون أحد ابنائهم في الايمان قد سيم في مرتبة دينية عليا. وقد رسم اسقفا في عام 1998 بعد خدمة 26 سنة في بيت الرب واجريت المراسيم في العاصمة بغداد في الدير الكهنوتي في الدورة حي الميكانيك مع اثنين من زملائه في الخدمة الكهنوتية هما سيادة المطران بطرس الهربولي وسيادة المطران مار ربان القس. واليوم يرعى أبرشية ألقوش ابن القوش البار المطران مار ميخا مقدسي منذ تقاعد المطران ابلحد صنا في 7 ايلول عام 2002 بعد خدم الابرشية لمدة اربعون عاما ويبلغ عدد نفوس القوش اليوم حوالي 7000 نسمة جلهم من المؤمنين الكلدان . ومن إنجازاته الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى : إقامة مراكز ثقافية في القوش وتلسقف و باطنايا و باقوفا و تشييد وبناء المطرانية و دار خاص للعجزة في القوش. +لم تمر مناسبة الا وقد جاء ذكر الأستاذ منصور سورو وخدماته لهذه الناحية في وقت كان العوز والفاقة بالاضافة الى الاحتقان السياسي وكان القدوة الحسنة واثره لا يمكن ان يكون في غياهب النسيان كهباءً منثوراً وهنا تجدر الاشارة الى حادثة لا يمكن ان تنسى حيث كان لسيادة المطران طموحات كبيرة بانشاء البطريركية ودار للكهنة وانشاءات كنسية كثيرة ومتعددة الاغراض وصادف زيارتنا (انا واخي رائد منصور) له في مكتبه في (القونخ) بجاني كنيسة مار كوركيس في القوش في 2006 وبادر بشرح قسم من المشاريع واراد ان يطلع عليها رائد كونه حاصل على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية وله عدة تصاميم كنسية منفذة في بغداد والموصل واثناء الحديث سال عن منصور سورو "اين الأستاذ منصور سورو الان " فقلنا له انه حاليا في القوش في داره في محلة سينا ولكنه لايستطيع المشي كونه متعب من عملية اجريت له مؤخرا والا فانه متشوق للقائكم فهو لا ينسى طلبته المجدين وهنا نهض وبادرنا حالا اريد ان اراه والتقي به شخصيا فهو أستاذنا ونحن من يجب ان نقوم بزيارته والاطمئنان عليه وهذا اقل شيء نصنعه لهذه الاجيال التي ربت وانشأت اجيال نفتخر بها، فنعم رد الجميل وما هي الا بضع دقائق وفاجأ سيادة المطران مار ميخا مقدسي استاذ الاجيال منصور سورو بزيارة لم تكن على البال او الخاطر وتجاذبا اطراف الحديث والايام وماحملت السنون من ذكريات عن القوش واهل القوش الشجعان. وكم كانت فرحة الاستاذ منصور سورو بلقائه سيادة المطران فقد رجعت به السنوات الى تلك الايام وما كانت تحمله من مفاجآة لاسيما ان طلبته قد خط كل واحد له دربه في هذه الحياة بنجاح ومثابرة حاملا نبراسا من الاجتهاد ومتسلحا بالتعليم والثقافة فهي زاد الحياة. + +'''8- سيادة المطران مثلث الرحمة أبلحد صنا''' +ولد سيادة المطران أبلحد صنا في قرية أرادن التابعة لأبرشية العمادية شمال العراق في 10/12/1922 و تلقى دروسه اللاهوتية في معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل وارتسم كاهناً في 15/5/1947. ثم انتخب اسقفاً على ابرشية ألقوش الكلدانية في 20/ 12/1960 وتمت رسامته اسقفاً بتاريخ 19/3/1961 على يد غبطة أبينا البطريرك المثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو. خدم الكنيسة وأبرشية ألقوش العريقة بأعماله و خدمته الروحية لمدة أكثر من أربعون عاماً وتتميز القوش بوجد دير تم بنائه في القرن الخامس الميلادي والمعروف بدير الربان هرمز، كما توجد العديد من الكنائس والأماكن المسيحية المقدسة فيها. رَسَمَ المطران أبلحد صنا العديد من القساوسة لرفد الابرشية بالأعلام كما تقبل الرسامة على يده بدرجة الشمامسة المقرئين العديد من أبناء بلداتنا الحبيبة ومن اعماله ترميم كنيسة مار كوركيس وبناء كـنيسة في مزار مار قـرداغ سنة 1990 واليوم أصبحت هذه الكـنيسة مهمة لسكان حي مار قـرداغ حيث يصلون و يأدون جميع الطقوس الكنسية. انتقل المطران المثلث الرحمة مار عبد الأحد صنا الى الأخدار السماوية يوم الأربعاء الموافق 28/2/2007 في عمان أثر مرض عضال وتمت مراسيم الجناز بحسب الطقس الكلداني في كنيسة يسوع الملك يوم الخميس المصادف 1/3/2007 ونقل جثمانه فيما بعد الى مقر الأبرشيه في القوش واجري له مراسيم الدفن لتليق بأحد احبار الكنيسة الكلدانية القديسين واحد اعمدتها الاساسيين. +للمطران ابلحد صنا مواقف بطولية في القوش وقد كان للاستاذ منصور سورو حظوة كبيرة لديه وكان كثيرا ما يتشاورون مع اعيان البلدة وعليّة القوم وحكمائها في تسيير الأمور العامة لان الظرف كان صعبا والحركات اليمينية واليسارية على اشدها وفي تلك الفترة كان يدير ناحية القوش سيروان الجاف وكان العين والاذن واليد الطولى للحكومة وقد تزايدت شكاوي المواطنين من تصرفاته في الوشاية بأبناء البلدة وايداعهم المعتقلات فيما كان المطران وباقي الاخيار يدفعون بعجلة الحياة الى الامام ومن أبناء القوش الغيارى سادونا بولا المختار، ياقو شكوانا، بطرس لاسو، حبيب شدا، الخوري ابلحد عوديش، القس يوحنا جولاخ. وهنا تحضرني حادثة فقد كان الأستاذ منصور سورو يدّرس مادة الدين عند تأسيس ثانوية القوش لعدم وجود مدرس لمادة الدين على ملاك المدرسة وقد طلب من سيادة المطران المساعدة وفعلا تم تعيين الاب الخوري أبلحد عوديش لتدريس المادة ثم عين الاب يوحنا جولاخ على ملاك ثانوية القوش. وكان سيادة المطران لا يدخر فرصة الا وقد قام بزيارة الأستاذ منصور في بغداد حين قيامه بمهامه الرعوية فقد امتدت صداقتهما لسنين طويلة كانت اخرها في صيف عام 2006 في القوش وقد اخذ منهما الدهر نصيبه ليسترجعا ذكرياتهما الجميلة الحزينة وما آلت اليه امور مدينتنا القوش بعد الاخيرة والتحولات "الديموقراطية"في عراقنا الحبيب. + +'''9- وداعا ً أستاذي منصور سورو''' +كتب المهندس نبيل يونس دمان، وهو من مواليد مدينة القوش عام 1951 درس في ثانوية القوش متوقد الذكاء اهلته درجاته للدخول الى كلية الهندسة في جامعة الموصل من احسن جامعات العراق في قسم الهندسة الميكانيكية، تخرج في عام 1976 بدرجة بكالوريوس هندسة ميكانيكية وذو المام عالي بالجوانب العلمية والعملية بالاضافة الى كونه متعددٌ المواهبِ، منها نُظمُ الشعرِ وإتقان لغةَ آبائه وأجداده، الى جانب اللغة العربية والانكليزية كما انه كاتب ناشط في الامور التراثية والتاريخية مؤلف وله عدة كتب منشورة وله الاف المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي عمل بدأبٍ ونشاطٍ في شؤون الجالية، والوطن الحبيب، وأولى إهتماماً أكبرَ في قضية قومِه تنسب للعمل عند تخرجه في مديرية الطرق والجسور في نينوى ودهوك وعمل كمهندس ثم انخرط بسلك ألتدريس في جمهورية اليمن الشعبية لمدة سبع سنوات ولحق بركب المغتربين ليستقر منذ عام 1990 في الولايات المتحدة الامريكية. + أبى إبنُ القوشَ المعروف منصور أودا سورو، ان يغادر هذه الدنيا، إلا من على تلك الارض الطيبة التي ولد فيها قبل اكثر من ثمانين عاما ً، ومنها انطلق الى رحاب الحياة، بكنز من الطاقة والحيوية، ليكسب العلم والأدب، وليعود الى بلدته مديراً لثانويتها الحديثة التأسيس. لن ابالغ القول بانه افضل مدير أدارة تلك المدرسة (للفترة من 1957- 1966)، أشبهه بالربان الماهر الذي قاد السفينة في ظل العواصف والرياح العاتية. ذلك ما حدث عام 1963، الذي شهدت فيه البلاد، المد الشوفيني الرجعي، والذي اعقب سنوات الأفراح والمباهج، غداة ثورة الشعب الخالدة 14 تموز. لا يمكن تخيل رجلا غيره، يستطيع ان يسيطر على الأمور، ويدع المدرسة تستمر في ظل عبث كاتب المدرسة المندس عدنان، وحقد الدوائر الأعلى في الموصل، لقد أودع أكثر مدرسي الثانوية في السجون، وتخلى الكثير من الطلبة عن المواصلة، واختفوا عن الانظار، والباقون منهم ظلـّوا فزعين، تنتابهم الهواجس، بإنتظار مرور الإعصار. كان الراحل يوازن الأمور بعقل راجح وضمير حي، محاولا ً إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتخفيف الحيف الملحق بالطلبة، ظل الدوام مستمرا ً في ظل تناقص كبير للمدرسين، وتنسيب عدد غير قليل من معلمي الابتدائية، كملحقين في التدريس. +كان يعامل الطلبة كأبنائه فيغمرهم بالحب ما أمكن، ويعاقبهم اذا اساؤوا التصرف بعقوبات سريعة، منها اللجوء الى الضرب الذي ساد آنذاك. كان موجها ً فريدا، ومربيا ً فذا، طرائقه في حل مشاكل الطلبة هي نادرة التكرار، تتخللها في اكثر الأحيان النكتة البارعة، والشدة المناسبة، وأحيانا السخرية اللاذعة بالمقصرين في واجباتهم، او المخلين باللوائح المدرسية، كان لا يفرق بين قريب له او صديق او من ملة اخرى، الذين تحتضنهم الثانوية، بل جميعهم عنده سواسية، وحتى المدرسين الذين غالبيتهم من خارج البلدة، فكان يعاملهم بالاحترام وفي الحزم عند الضرورة. + كان الأستاذ منصور مديري لسنتين فقط (1964- 1966) وفيها أيضا اتخذ مسكنه قريبا من بيتنا في محلة التحتاني (منزل اسحق جولاغ) لهذا كان دائما ً امام أنظاري في المدرسة، وبعد الدوام يشق طريقه عاقدا ً يديه خلف ظهره الى السوق او الى نادي الموظفين، بوجهه الصارم وجسمه الممتلئ وسيكارته التي لا تفارق شفتيه، في بعض الأعْصُر يتخذ مجلسه، في بيدَر قريب، بين رجال محلتنا الذين غالبيتهم رحلوا الى رحمة الله (منهم : نونو ايسف جولاغ، أيسف جبرائيل توسا، كريم يونس تيزي، غريبو جبو لاوو، ياقو اسرايي تومكا، شابا توما كولا، الياس جيقا، اسو اورها حنونا، ميخا زراكه، سليمن جاورو) فكان خير متحدث في امور الحياة والدنيا، كما كان ينقل لنا والدي العزيز يونس ياقو دمان، بإعتباره أحد الجُلاس. ورغم حياته المنظمة والجدّية، فقد كان يرفه عن نفسه، في تبادل الزيارات العائلية، او القيام بالسفرات الى المناطق السياحية، فكان مثال الانشراح والانطلاق، وراوي الطرائف المتقنة، والتي تثير طويلا المستمع اليها، وقد كان من أوائل من امتلكوا السيارة (في البلدة آنذاك اربع سيارات خصوصية فقط تعود الى المدير الراحل جرجيس حميكا، والمضمد الراحل شابا توما كولا، والمضمد الراحل اسطيفان ابونا). اضافة الى مسؤوليته الادارية، كان يدرس مادة الرياضيات للصفوف المتوسطة، وكانت له طريقة فريدة في اللجوء الى الامثلة من البيئة المحيطة، ومن موجودات السوق، من المكاييل والأوزان وغيرها، فيقرب الموضوع الرياضي الى أذهاننا، ويجعله يترسخ الى الأبد. يا لقساوة الايام ويا لصروف الدهر، فالرجل الذي اثار جيلنا، لم ألتق به إلا في سني ادارته، وقد حالت هيبته وقوة شخصيته، دون ان امعن النظر في تلك الملامح الصارمة، او أتمكن التكلم معه في أي موضوع، و بحكم العلاقة التي كانت تربط الطالب مع الأستاذ، والمبنية على الاحترام الفائق، بل وعدم التواجد مطلقا في اماكن إلتقاء المدرسين، كم كنت في شوق ان أجلس معه وأسمعه ولو لمرة واحدة، ولكن تلك الفرصة تبخرت في رحيله يوم 4 – تشرين الثاني- 2006. الذي لا يعرف اصل الأستاذ ربما يراوده ذلك السؤال، فاقول انه قد سُمّي على إسم جدّه القس منصور سورو (المتوفي سنة 1907)، الذي كان رئيس كهنة البلدة، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الكاهن المذكور الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. + ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الاصليين، عرف منهم أيضا ً الشخصية التقدمية، والمعلم المحبوب، المرحوم موسى نوح القس منصور، الذي لا يكاد حديث مثقفي البلدة يتوقف عن الاشادة به وابراز خِصاله الحميدة، وقد كان الاول على دورته في العام الدراسي الابتدائي (1935- 1936). وتبقى شجرة بيت سورو ترفد البلدة بالمتميزين في الحاضر والمستقبل، لعل الدكتور منهل ابن الفقيد أحد هؤلاء، وبهذه المناسبة الأليمة أنشد له ولإخوانه ووالدته وأعمامه وكل فرد في اسرته، الصبر والسلوان، كما وأمد يدي اليه أينما يتواجد الآن مواسياً، ومقدراً فداحة خسارته، أخاله سيواصل طريق والده في حياته الزاخرة. قبل فترة قصيرة سمعت بتواجد الأستاذ منصور في القوش، وانه قد ترك جبهة الخطر في بغداد، ففرحت ومنيت نفسي بالقول: لقد اقترب اللقاء، حالما تنفرج ظروفي الخاصة بالعمل، فتطأ أقدامي أرض بلدتي التي فارقتها قرابة ربع قرن. القدر لم يـَلِن لرغبتي، والحياة لم تمهله، ففارقها مع بالغ الأسف، وراح يودعه عوضا عني في موطن الآباء والأجداد، وربما سار نعشه محمولا على اكتافهم. لتكن كلماتي القصيرة هذه، خير وفاء لذكراه المتجددة. ورودٌ نضرة، وأغصانٌ طرية، أنثرها فوق قبره.<ref>http://bakhdida.ca/NabilDamman/FrYousifAbia.html موقع بخديدا </ref> + +'''10- يوسف عودة سورو''' +من مواليد القوش 1945 ويعتبر الموظف الاصغر سنا في القوش حيث دخل الابتدائية سنة 1950 بعمر خمس سنوات واكملها بتفوق سنة 1956 مما شجع عائلته لادخاله الثانوية بعد ان وسمت فيه حب المدرسة والتفوق ليتبوأ مركزا مرموقا وقد اكملها في خمس سنوات وكان مولعا بالتخصصات الطبية كونها من المهن الانسانية ولاختزال الوقت فقد التحق بمعهد المهن الطبية العالي في بغداد واكملها في سنتين ولكونه من المتميزين فقد قدم لوظيفة في وزارة الصحة وتم تعينه وهو بعمر 18 سنة فقط. ويوسف عودة كاتب ومؤلف وشاعر له عدة كتب منها المبسط في تعلم اللغة السريانية 2001 وكتاب في الذاكرة المنسي وفي طريق النسيان 2018 وهو صاحب ملتقى القوش الثقافي صاحب اكثر مشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي. +كان اخي ومعلمي ومدرسي في نفس الوقت فقد كنا معا في مدينة السليمانية سنة 1953 عندما كنت في الابتدائية ثم كنا أيضا معا في مدينة الموصل 1956 عندما كنت في المتوسط الشرقية وكان استاذي لخمس سنوات في ثانوية القوش (1957-1962) كان يدرسنا مادة الرياضيات بالاضافة الى كونه مدير المدرسة ولكن ذلك لم يكن ليعطيني امتياز او فرق عن الاخرين فكلنا كنا سواسية لا بل كان يحاسبنا بشدة ففي احد السنين وعند الامتحانات لم استطع الدراسة بشكل جيد ولذلك فقد وجدت نفسي مكملا في نفس المادة التي يدرّسها اخي مما اضطرني لمضاعفة الجهود والدراسة في العطلة الصيفية والتقديم للامتحان مرة ثانية وقد نجحت بتقدير 100/100. احببت فيه الاخ والأب وحنوه علينا جميعا فقد كان قدوتنا الحسنة وبه اقتدينا وكنا نستشيره في جميع الامور حتى العائلية منها. واتذكر في في احد الايام قدم نقل الى الموصل لكون الامور في القوش كانت متوترة فبعض الطلبة كانت لهم انتماءات للحزب الشيوعي والبعض الاخر الحزب البارطي الكردستاني بينما هو كان يقدر الطلبة أمثالنا الذين جاءوا للمدرسة لتلقي العلم فقط مما كان يصطدم احياناً بطلاب مشاكسين يثيرون المشاكل والفوضى بهدف اقصاء الاساتذة. ومن المدرسين في تلك الحقبة للغة العربية استاذ شاكر نعمة الله والانكليزية الأستاذ ميخا بجوري والدين خوري ابلحد عوديش وطبعا الرياضيات والجبر والهندسة والحساب الأستاذ منصور سورو. + +'''11- الخور اسقف أبرم أوراها بثيو''' +ولد الاب ابرم اوراها بثيو في قرية كرنجوك التي تقع في وسط المسافة بين ناحية ألقوش وقضاء الشيخان (عين سفني) على بعد يقارب العشر كيلومترات بين القوش. يحدها من الشرق قرية بيروزاوا ومن الغرب قرية عين بقره ومن الشمال قريتي النصيريه والجراحيه ومن الجنوب قرية داشقوتان. وقد كان مولعا بالتعليم فلا يمانع من قطع المسافة بين الثانوية ومسكنه والتي تبلغ اكثر من ستة اميال مشيا على الاقدام وفي احسن الاحوال بالدراجة الهوائية رغم قساوة الاحوال الجوية وخصوصا في الشتاء. وكان الاب من المتفوقين ويعشق العلوم والفيزياء والدروس الدينية واللغة وقد رسم كاهنا وعين في مدينة ولكتنون في نيوزيلاندا وقد اقام غبطة المطران يعقوب دانيل يوم الأحد 23 تشرين الأول 2011 قداسا في كنيسة مار كوركيس الشهيد في ولنغتون قام خلاله بترقية الأب أبرم بثيو إلى درجة الخور أسقف وبالاضافة الى التزاماته في خدمة الرعية فانه كاتب مثقف منحته الملكة إليزابيث الثانية في حزيران 2013 وسام الملكة الرفيع المستوى للخدمات الجليلة التي قدمها إلى أبناء امتنا بصورة عامة. +في نهاية شهر أب من عام 1961 ركبت الدراجة الهوائية التي كان يسوقها أخي المرحوم جندو أوراها بثيو وتوجهنا صباحا من قريتنا العزيزة كرنجوك إلى ناحية ألقوش لتسجيلي في مدرسة متوسطة ألقوش, وكنت في الرابعة عشرة من عمري, ولكن دراجتنا الهوائية. والتي كان أصدقاؤنا يحسدوننا عليها. أوصلتنا ألقوش في منتصف النهار لثقب حصل في إطارها الخلفي في وادي نهر قرية النصيرية الممتلئ بالأشواك فلم نستطيع معالجة هذا الثقب اللعين الذي جعلنا نئن تحت حرارة أب. وصلنا ألقوش وبعد إن انهينا التسجيل في المدرسة, دخلنا كازينو المرحوم (عما متيكا) وكانت أرضيتها مرشوشة بالماء لتفادي الحرارة لان الكهرباء لم يكن موجودة آنذاك في ألقوش, وكم أتذكر أنشودة مائدة نزهت والتي ترن في آذاني إلى اليوم وهي تنشد من الراديو الكبير الموضوع في الكازينو وتقول:هو أبو هو أبونا, ياكريم يا كريم، وهي تنشد بالزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم. +لقد بدأت الدوام في مدرسة متوسطة وثانوية ألقوش في الصف الأول المتوسط، الشعبة (ج) في الملحق التابع للمدرسة والمكون من أربع شعب (جمع شعبه) وكان المرحوم الأستاذ منصور مديرا للمدرسة يدرسنا مادة الحساب. كانت شعبتنا ممزوجة من الآشوريين والأيزيديين، أهالي القرى المجاورة, والكلـدان (أهالي ألقوش وهم الأكثر) وكان هناك تسابق بيننا، وكان الأستاذ منصور في الحقيقة يحترمنا نحن أهالي القرى من المسيحيين والايزيديين لكوننا ضيوفا على أهالي ألقوش, ولم يكن يمسنا لا بالكلام ولا بالضرب إلا عندما نجبره نحن على ذلك، ولكنه كان أحيانا بنهال بالضرب على الإخوة الألقوشيين الذين كانوا يعبرون كثيرا الأصوليات والضوابط في المدرسة. وأتذكر جيدا وكل الطلاب عندما كان يمسهم بالكلام ويقول بالكلدانية:عقرت كلبا اذيا يموخ كامرا ابتلى برونا بمدرسة لا هية ؟ أو كان دائما يردد: ولوخ قيميت وقلبيت ومقلبزيت. وفي الكثير من الأحيان كان الفراش يدخل الصفوف ويناول المدرس ورقة مكتوب فيها: قرر مجلس الانضباط فصل الطالب فلان ابن فلان لمدة عشرة أيام، وخصم عشرة درجات من سلوكه.... الخ. لقد كان الأستاذ منصور مدرسا مثاليا ومديرا نموذجيا، وكان دائما يحث الطلاب على الاجتهاد والدرس وفي الكثير من الأحيان كان يتكلم باللغة الكلدانية ونشعر عند ذاك بحنانه كأب يربيهما ويتحنن علينا, وليس كمدير أو مدرس يؤدبنا. ولشدة حرصه على سلامة وصحة الطلاب كان يجن جنونه عندما يشاهد طالبا يدخن السكائر, فكان يصدر أوامر ويضع عقوبات صارمة على الطلاب الذين يدخنون حتى في السوق. ولست أتذكر فيما إذا كان المرحوم يدخن أم لا. +كنا نعاني من الفاقه والعوز، وأتذكر عندما توجهت إلى ألقوش للدراسة أعطاني أبي دينارا واحدا وكان للدينار آنذاك قيمة عالية, فصرفت الدينار خلال خمسة عشرة يوما, ثم تنزل تعييني إلى النصف دينار ثم إلى الربع وأحيانا إلى بضع دراهم, كان أصدقائي الذين لايزالون في الابتدائية يحسدونني للدراسة في ألقوش حيث كل شيء كان متوفرا مقارنة بالقرى. +وفي احد أيام الصيف الحار من عام 1962 توجهنا بدراجتي الهوائية إنا وابن أختي ( نويا كوريال عوديشو الذي يعيش معنا ألان في نيوزلندة) إلى ألقوش وكان في جيبي عشرون فلسا وفي جيب نويا عشرة فلوس. اشترينا صمونة لكل واحد منا من الفرن المقابل للسوق آنذاك ودخلنا كازينو (عما متيكا) وطلبت إنا ستكان شاي ورحت أكل الصمونة واشرب الشاي, وأما نويا فراح يأكل صمونته جافةً لعدم امتلاكه حق الشاي، فنظر العم متيكا. رحمه الله، إلى نويا وهو يلحس الصمونة الجافة فرق له قلبه فجلب له استكان شاي قائلا بالكلدانية (شتي بروني اهاستكان على حسابي) فشكرنا شعوره وحنانه. هكذا كانت الحياة صعبة آنذاك, ولهذا السبب كان الأستاذ منصور عودة يشعر بتعب الأهل في تدريس أبنائهم وصرف ما تجود به يدهم من دريهمات من اجلهم وهم يصومون من لقمة الخبز ليصرفوها لأبناهم, فكان نعم الأب والمربي والمدرس والمدير. لاننسى شعوره مهما باعد الزمان والمكان بيننا، واليوم وهو مضى إلى ربه محافظا على الأمانة التي في جعبته، وقد تاجر بوزنته فأضاف إليها وزنات أخرى ليقول له الرب يسوع المسيح: تعال وادخل النعيم الذي اعد لكل من حافظ على الأمانة. +وكم يراودني الأسى والحزن وانأ في زيارتي للوطن, وزيارتي لألقوش عدة مرات في أواخر الصيف الماضي وهذا الخريف والتقائي بالعوائل والإخوة هناك. سالت عن الأستاذ منصور. فقالوا لي: انه حي وموجود لحد ألان في ألقوش ولكنه عاجز كثيرا, كم أتأسف لعدم قيامي بزيارته. رحمك الله يا أستاذ منصور. وأسكنك فسيح جناته، ولأهلك وذويك ولنا جميعا الصبر والسلوان. سنقوم بإذن الله يوم الأحد القادم 19 تشرين الثاني 2006 بذكر المرحوم الأستاذ منصور سورو في إل (خوشابا) وفي تراتيل المزمورين في خدمة الإسرار الإلهية المقدسة لجسد ودم المخلص يسوع المسيح في كنيسة مار كوركيس الشهيد، الكنيسة الشرقية القديمة في نيوزيلندة. صلوا من اجله أيها الطلاب ويا أهالي ألقوش الكرام. ونقول: إن ألقوش (يما دمشيخايوثا) أم المسيحية وقلعة الأشوريين والكلدان القومية، نقول: سيرو على خطوات ذلك المعلم والمدرس والمربي والأب الحنون لخدمة كنيستنا وامتنا العريقة لنصل معا إلى المستقبل المنشود. ولكم جيل الشكر أمين. + +'''12- الدكتور حبيب يوسف تومي''' +مواليد القوش 1943 أنهى الدراسة الأبتدائية والمتوسطة في القوش وانقطع عن اكمال الدراسة الثانوية الفرع العلمي لانخراطه في العمل السياسي مشاركاً في قوات الأنصار البيشمركة الا انه رجع واكملها عام 1969 في ثم اكمل دراسته الجامعية في الأتحاد السوفياتي ونال بكالوريوس هندسة بحرية في سنة 1982 واشترك في دورات عديدة في فرنسا والنرويج حيث هاجر واستقر بعد ان استقال سنة 1986. وقد منح لقب سفير السلام من قبل منظمة السلام العالمي في عام 2010 و منح شهادة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية من قبل الجامعة العربية المفتوحة لشمال امريكا وكندا عن اطروحته الموسومة (البارزانيون ودورهم السياسي في المسألة الكوردية) وله ثلاثة كتب مطبوعة وعشرات المقالات في شتى المواضيع التراثية والأدبية والتاريخية والسياسية والأجتماعية منشورة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية. وقد كان مؤخرا مرشحا للبرلمان العراقي في قائمة البابليون. +أعتبر المرحوم الأستاذ منصور اودا سورو شخصية القوشية متميزة، نحن طلابه ندين له بإحاطتنا بالرياضيات. لقد كان له طريقة خاصة بتوصيل الرياضيات الى ذهن الطالب بأسلوب بسيط وسلس رغم ما تتميز به مادة الرياضيات من جمود وتعقيد. كان يشرح الدرس باللغة الكلدانية (السورث) وكانت تحضره دائماً الأمثال والطرائف والتعليقات الألقوشية القديمة. أيام الدراسة غنية بالمواقف والحوادث والمفارقات، لا سيما في القوش حيث انت بين اهلك وأصدقائك وتتكلم بلغتك وكان الأستاذ منصور يراعي هذه الخاصية وهو الألقوشي الأصيل. ولا شك ان مصلحة المدينة ومصلحة الطلبة كانتا تستقطبان معظم اهتمامه. إن الكتابة عن هذه المفارقات يأخذ مساحة كبيرة، وفي مناسبة وفاة استاذنا الكبير منصور أودا نحاول تسجيل قبس من هذه الذكريات.<ref>http://www.alqosh.net/mod_albums.php?mod=news&modfile=item&itemid=39653 القوش نت</ref> +في أحد الأيام كان الصديق الطالب (ك) يحل سؤالاً في الجبر على السبورة وللسؤال طريقة يمكن حله بخطوات قليلة لا تعدو الى خمس او ست خطوات، لكن زميلنا اراد ان يحله بطريقته الخاصة وأخذ يضرب ويقسم ويطرح. وبعد امتلاء لوحة السبورة بالأرقام أخذ يمسح ويعيد الكتابة وهكذا، كل هذا الوقت واستاذ منصور ينتظر النتيجة وهو ساكت، لكن أخيراً بعد ان نفذ صبره، أوقفه وخاطبه بالسورث قائلاً : أراد أحدهم ان يثبت لأصدقائه بأن ثمة طريقة لشجّ رأسه لا يعرفها أحد سواه، فالطريقة الأعتيادية بسيطة هي ان يتناول حجراً ويضربه على رأسه. لكن الذي فعله انه ثبّت الحجر في حائط ورجع الى الوراء ويأتي بقوة ليضرب رأسه بالحجر المثبت وهكذا، وأنت تقوم بنفس العملية يا شاطر. ثم قام الأستاذ بحل السؤال ببضع خطوات لا غيرها. +في يوم من الأيام استلمت إدارة المدرسة في القوش أمراً من تربية تربية الموصل بأن يكون يوم الأحد من ايام الدراسة كبقية أيام الأسبوع، في حين كان لنا عطلة يومي الجمعة والأحد، وهنا اجتمع عقلاء المدرسة من الطلبة وقرروا الأضراب عن الدراسة، وتعزيزاً للأحتجاج خرجنا بمظاهرة حاشدة للطلبة في الأماكن القريبة من المدرسة وكان هتاف المظاهرة :لا دوام يوم الأحد من الآن الى الأبد لكن أخيراً اتفقت إدارة المدرسة مع التربية في الموصل على توزيع حصص يوم الأحد الى بقية أيام الأسبوع، وهكذا انتهت المعضلة. لكن الأستاذ منصور لم يسكت على هذا الخرق وجاء الى الصف يخاطبنا قائلاً :إن إدارة المدرسة تسير وفق تعليمات وأنظمة ولا يمكنها الأخلال في هذا النظام، لكن بوسعنا ان نخاطب التربية فيما نريد بالطرق الأصولية، وبينما كان يخاطبنا دخل قائد المظاهرة المرحوم (ب) الى الصف متأخراً بعض الشئ ودلف الى الصف وينوي الجلوس في رحلته. فأوقفه الأستاذ منصور قائلاً : ألا يجدر بك ان تطرق الباب اولاً قبل الدخول ؟ لقد وصلت متأخراً فهل تعتقد ان المدرسة هي خان تأتي اليه وقتما تشاء؟ ثم أردف الأستاذ سؤالاً: لماذا تغيبت يوم أمس عن الدراسة؟ فأجابه الطالب : لأنه كان يوم الأحد. فقال له الأستاذ: اسمع ! هنا لدينا مدرسة وليس لنا رحى لطحن الحبوب وكل يأتي بحمله متى يشاء، للمدرسة قوانين وأنظمة، أما إن أردت التمسك بالأعياد فعليك الجلوس في البيت وتستطيع ان تعيّد في كل الأعياد والمناسبات والتذكارات حتى يوم تذكار (دوخرانا د قيبو)، وهي الدجاجة الحاضنة للبيض. +لقد كان المرحوم يحاول مسايرة وموازنة مطاليب السلطة وكان ذلك في عهد المرحوم عبد الكريم قاسم، ومن جهة نحن الطلبة كنا نريد ان تكون الساحة مفرغة لنا ولأفكارنا اليسارية في تلك الفترة. للتاريخ أقول: ان الأستاذ منصور كان حريصاً على مصلحة طلابه وبأفق الأنسان المجرب، ولكن بثوريتنا واندفاعنا لا يمكن ان نعترف باعتدال مهما كان نوعه. لقد كان الأستاذ يختلط مع الطلاب في الساحة ويدخل معهم في نقاشات وبلغة السورث وكانه صديق او أخ كبير لهم. لقد كان الأستاذ منصور سورو يسعى الى الأتصال بأولياء أمور الطلبة لكي تتعاون الإدارة مع أسرة الطالب لتحسين وضعه الدراسي، كان متأكداً أن معظمنا من عوائل فقيرة، وهي تنتظر تخرج ابنها للحصول على وظيفة حكومية، وكانت هذه الوظيفة تضمن دخلاً شهرياً ثابتاً وكما يقولون في القوش (يوما خاثا وباري خاثي) ومع هذا كان الأستاذ يقول اننا سعداء لأننا ندرس في نفس مدينتنا القوش. ويقول كنا ندرس في الموصل، ونشتري رغيف خبز ونأتي بجوار مطعم للكباب ونشم ريحة اللحم ونأكل الخبز، وكأننا نأكل الكباب مع الخبز. نعم كانت الحياة المعاشية صعبة للأكثرية. سنة 2003 وأثناء تواجدي في بغداد تعرفت على ابنه منهل في محلهم للألكترونيات في شارع فلسطين، وطلبت منه رؤية الوالد وفعلاً جلست مع الأستاذ منصور في بيتهم المجاور للمحل ومع العائلة الكريمة وتحدثنا عن أيام الدراسة، وكان يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً. لقد كان الأستاذ منصور مثالاً للألقوشي العراقي الأصيل لقد تفوق في تدريسه وأدار ثانوية القوش بحكمة ودراية. وستبقى الذكريات الطيبة عن الأستاذ منصور قائمة في قلوبنا. + +'''13- الدكتور عزيز رحيم صادق''' +احد علماء الفلك في العراق ولادة مدينة القوش عام 1946 وقد دخل الى مدارس القوش عام 1951 واكمل الثانوية عام 1962 واختار الفرع العلمي في مرحلة الثانوية ونبغ في دروس الفيزياء والرياضيات وكان قدوته العليا الاستاذ منصور سورو كونه كان يُدّرس كلا المادتين في ثانوية القوش ولكونه من المتفوقين فقد رشح لبعثة دراسية تكللت بحصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة مانشستر عام 1979 في فيزياء الفلك وهو العلم الذي يختص بالتحليلات العلمية في دراسة النجوم والاجرام السماوية كما نال شهادة الماجستير في علم الفلك من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة. عمل في البحث العلمي وفي وزارة التعليم العالي وعدة مشاريع ستراتيجية كمشروع المرصد الفلكي العراقي كما ان له عدة بحوث منشورة في مجلات علمية عالمية رصينة ونشر العديد من الكتب والمقالات العلمية ويعمل حاليا في مشروع كبير يتناول نشر الوسائل التعليمية في مجال الفيزياء والرياضيات والعلوم العامة لمختلف المراحل الدراسية الأساسية على شكل عروض فيديو بالصورة والصوت بالإضافة الى كونه عضو لجنة التحضير والإعداد للمؤتمر الشعبي الكلداني الآشوري السرياني ويشغل منصب مدير مركز اكد للطباعة والاعلان. +كان الأستاذ منصور سورو متميزا في أسلوبه وقد أحببت مادة الفيزياء والرياضيات بالذات لأنه كان يطلب منا في كل تمرين إيجاد حل المعادلات و اشراك اكبر عدد من الطلبة واستخدام الجانب التطبيقي مع توضيح وتقريب الأسئلة الى الحياة العملية ولازلت أتذكر بعض تلك الدروس خصوصا المتعلقة بشرح قانون الفعل ورد الفعل وتفسير بعض الظواهر الفيزيائية. ولا يفوتني ان الأستاذ منصور كانت له دائما تلك التعليقات المفرحة المبهجة التي تضفي الجو المرح في مادة جافة مثل الفيزياء مما كان يساعد الطلبة في فهم المادة العلمية ولا يخفى على الجميع كم كانت تلك المرحلة صعبة ففيها الحركات المسلحة والوضع الأمني الهش والدراسة كانت على المحك لكن الأستاذ منصور استطاع بحنكته وادارته ان يثبت ويدفع التعليم الثانوي الى الامام. وهنا تحضرني حادثة فقد كنت دوما ضمن الطلبة المتميزين واحضر دائما الى المدرسة في الوقت المحدد واجد الأستاذ منصور يستقبل الطلبة والأساتذة في باب المدرسة ويعاين بنفسه المتأخرين والمتكاسلين.<ref>https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/14701-2015-01-28-18-15-15.html الكاردينيا</ref> +كان الاستاذ منصور سورو يتمتع بسرعة البديهة ولذلك تجد رده في محله وكثيرا ما كان الطلبة يحرجون من عدم اكمالهم الواجب البيتي وعندما يحاولون حل مسالة رياضية كانوا يخفقون وهنا يتدخل الاستاذ منصور باسلوبه المتميز ويوصل الطالب الى الحل الصحيح وكنت من الطلبة الذين يتمتعون بحضوة عند الاستاذ منصور وهو دوما يصرح بانه لا يمكن ان ينسى اثنين: الطالب المثالي المتوقد المتوهج الذي يحضر الى مقاعد الدراسة ليتعلم ويصنع مستقبله، وطالب ثاني في اخر السلم يحضر فقط للتسلية وعمل المتاعب لنفسه اولا ولأهله ثانيا. +مرت السنون واثناء عملي في مجلس البحث العلمي بدرجة باحث في علوم الفضاء والفلك شاءت الصدف ان التقي منهل ابن الأستاذ منصور سورو وقد عين في نفس القسم الذي اترأسه وقد اثمر عملنا معا عدة مشاركات في مؤتمرات وبحوث وتأليف كتاب عن مذنب هالي عام 1986. + +'''14- قرص من شعاع الشمس''' + '''14-1 - صبري اسحق اسطيفانا''' تحدث الأستاذ صبري اسطيفانا في حلقة مشوقة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي عن ثانوية القوش وخص بالذكر الأستاذ منصور سورو فقد كان الأستاذ صبري اسطيفان طالبا في ثانوية القوش للبنين وهو من مواليد ناحية القوش 1948 تخرج واكمل الدراسة الجامعية وحصل على بكالريوس من كلية التربية جامعة بغداد عام 1972 وشغل منصب مدير ثانوية القوش نفس المدرسة التي تخرج منها ونفس المدرسة التي كان الأستاذ منصور سورو مديرا فيها. بالاضافة الى انه يشغل رئيس الهيئة الثقافية في جمعية القوش الثقافية.<ref>https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية </ref> +كان الأستاذ الفاضل منصور سورو يملئ المكان الذي يكون فيه لحضوره المتميز وهيبته العلمية وقاره وطريقة تدريسه لانه كان مدرس ومدير في ان واحد. ومن خلال السجلات في مدرستنا كان اول تعيين له عام 1949 وقد قدم الى القوش في تشرين الاول 1957 عندما اقيمت اول ثانوية رسمية في القوش لان قبل ذلك الوقت كانت ثانوية اهلية ولسنة واحدة وكانت صف واحد. +المجتمع في ذلك الوقت كانوا يجلون التقدير والاحترام للهيئة التدريسية والتعليمية ويكنون لها مكانة في المجتمع وخصوصا عند طبقة المثقفين، والطلبة لا يثمنون قدر اساتذتهم الا بعد تخرجهم ليدركوا مقدار التضحيات التي كانوا يبذلونها من اجلهم، وانا كنت احد طلبة الأستاذ منصور ولم نكن ندرك الامور بشكل جيد ولكن الان استطيع القول ان الأستاذ منصور مربي فاضل خرّج اجيالا وحصلوا على شهادات مختلفة وهو بحق نعم المدرس ونعم الاداري. كان الأستاذ منصور يدّرس الرياضيات والجبر والمثلثات وكان يحب عمله ومتمكن علميا واداريا فاذا تاخر مدرس مثلا كان يستدعيه من اصف وينبهه ويحاسبه. واخيرا اقول نم قرير العين يا استاذنا لانه يوجد شباب في مدينتنا كانها الشجرة الباسقة التي زرعتها وامل ان تكبر ويكثر ثمرها وتخضر دوما لان لا يوجد مثل العملية التربوية مهمة للشعب الكلداني الاشوري السرياني كونه وريث علم وحضارة ومدرسة مار ميخا لا زالت قائمة منذ القرن الخامس ولحد يومنا هذا واطلب من طلبتنا ان يقتدوا باساتذتهم فهم الآباء والاخوة التي تسهر على تعليمهم. + +'''14 -2- كريم يوسف يلدكو''' +في حلقة مميزة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي تناولت بالتفصيل حياة المربي الفاضل منصور سورو وكان للبرنامج لقاء شيق وممتع مع الأستاذ كريم يوسف يلدكو وهو من طلبة القوش النجباء والمتفوقين ولد في القوش عام 1946 وكان الاول دوما في جميع مراحل الدراسة ودخل المتوسطة في القوش عام 1960وتخرج من ثانوية القوش للعام الدراسي 1964-1965 وكان الاول على دفعته وقد انخرط في السلك التربوي وحصل على الشهادة الجامعية و عين في محافظة نينوى واختار نفس اختصاص منصور سورو فكان يدرس مادة الفيزياء لجميع المراحل ومن زملائه في التعليم جرجس جما، حنا بابانا، حميد يوسف زرا، يوسف ميا ولكفاءة استاذ كريم فقد تم ترقيته وعين مشرفا تربويا في مديرية تربية نينوى يقيم في القوش مسقط رأسه ولازال نشيطا في الشوًون الادارية والثقافية ويشغل رئيس الهيئة الادارية في جمعية القوش الثقافية. <ref>https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية </ref> +كنت طالبا لدى الأستاذ منصور سورو لمدة خمس سنوات من الصف الاول المتوسط عام 1960 وتخرجت من الخامس العلمي 1965 وكنت الاول على الدفعة، منصور سورو اب رحيم و مربي فاضل وكادر علمي ممتاز مخلص بعمله مقتدر من المادة العلمية عطائه فائق اداريا قائد ناجح وفي احلك الظروف فترة الستينات وكان قائد محنك، ربان شجاع و ماهر قاد ثانوية القوش الى بر الامان بكل اقتدار ورغم حقد الحاقدين على القوش وأولاد القوش، وفي زمانه كانت ثانوية القوش تنافس ثانويات العراق اجمع من حيث النتائج الوزارية فقد تخرج في تلك الحقبة طلاب نجباء ممتازين تقدموا للجامعات ونالوا شهادات في مختلف الاختصاصات وفي جميع المجالات واطلب من جميع العاملين في المجال التربوي الان ومستقبلا ان يتذكروه دائما لان مستوى التدريس قد تاخر في مختلف ارجاء العراق ليس في القوش وحسب. كما لا يفوتني شيء اخر اننا كنا ننافس بين الاقضية الاولى في العراق وكان قضاء عانة من بين الاقضية ذات النسبة العالية من الخريجين مقارنة مع القوش. لدينا في أولادنا الذين يكبرون الان ان يعيدوا امجاد الآباء ومنهم منصور سورو وانا افتخر كونه استاذي فقد درسني الرياضيات والاخلاق، صاحب نكتة، سريع البديهة، ذكي جدا وشجاع جدا. كان بالاضافة الى ذلك مرحا لا تخلوا مواقفه من دعابة فمثلا في احد الايام قام طالب على السبورة لحل مسألة في الجبر لاكنه لم يوفق واخذ يتأمل لبرهة فبادره الأستاذ منصور لماذا انت في اللعب جيد ولكن سؤال لا تستطيع حله مما اضفى جو من المرح في الصف. ومثال اخر في مادة الدين في الصف الخامس العلمي كان يدرسنا الواقع والحياة والاخلاق فقد كنا في مرحلة الثانوية مراهقين لكن استاذ منصور كان يكلمنا كأب وباخلاق عالية وتعامله لطيف للغاية وسهل التعامل أحيانا كان صديق الطالب فقد يقول أحيانا لي انا متخاصم معك فقط ليشعر الطالب باخطائه. طلبي من الاجيال الحالية ان تحذوا حذوه لانه كان مستقيم وناجح ومتميز في عمله وخدم العراق وخدم مدننا بكل تفاني. + +'''15- قالوا في منصور سورو''' +وتمر الأيام في ذكرى رحيل الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو وكأنها البارحة لم يغب عن بالنا يوم واحد وكأنه يعيش معنا. كان للأستاذ منصور فضل كبير على التعليم المدرسي الحكومي في القوش، فقد عُرف بغيرته العالية وفكرهِ السخي وخطواتهِ الراسخة، كان الرجل مثابراً لامعا في مجال مهنتهِ التي تميزت بنكهة فريدة وأسلوب متميز وممتع نالت محبة الجميع اساتذة وطلابا واولياء امور، ربى وعلٌم اجيالاً عديدة، ستبقى ذكراه خالدة في اذهانهم على مر الزمن كأثمار شجرة طيبة تجذرت عميقا في الأرض. لقد كنت أيها الأستاذ لنا دوماً ذلك الصديق الذي لانمل من احاديثه الحلوة الشيقة وكنت ذلك الاب الحكيم الذي نجد عنده الحكمة والفطنة عند المشورة وكنت ذلك الصدر الرحب الحنون الذي يكفي ليمد العالم كله بالحب والدفيء عندما تضيق بنا السبل وكنت معلمنا واستاذنا المفضل يأيها البارع وكيف لا وقد ربيت اجيالا وتخرج على يدك العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين واعضاء نافعين للمجتمع، أيها الزارع الصالح الذي بذر في من حوله الطيبة والصدق والتواضع وحب العلم وحب الوطن وحب الناس وتركت بصمات خالدة لا تنسى. +تَذكر القوش نت انه لا زال الكثيرون من الأطباء والمحامون والأساتذة يفتخرون بكونهم من طلبته ودائما ما يرددون أنهم أحبوا العلم تأثرا بأستاذهم الفاضل. وهذا ما كان يزيده زهوا وفخرا كيف لا وهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وما كان الا ليفرح بإنجازات أبناء بلدته خصوصا على مستوى محافظة نينوى. ويذكره الشماس جوزيف سورو بانه مثل حبة الحنطة تعطي حياة جديدة وحبات كثيرة وكأنه سفينة مرساها كبيرة ابحرت واوصلت من معها الى بر الأمان. ويذكره الأستاذ الكبير مايكل سيبي باننا كنا طلاب أستاذنا القـدير نشهـد بإخـلاصه وتفانيه وحـرصه عـلى أبناء جـلدته، ولا يمكنـني أن أصفه بأكـثر مما كتبتُ عـنه الصفـحات الإلكـترونية تحـت عـنوان (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت) وعندما سأل من في ذاكرتكم الان قال مديري الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو. يستطرد انور صادق العوصجي ان ما قدمه الراحل الكبير لابناء القوش لاكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لالقوش حيث دخل اسمه التاريخ من اوسع ابوابه، وستذكره الاجيال القادمة باجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال القوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان القوش معروف عنها انها مصنع الرجال الابطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير الذي ترجلت عن صهوة جوادك الاصيل بعد مسيرة حياتك المثمرة الطويلة لتسعد روحك الطاهرة في عليائها. والشماس فرات ميـــا يشيد فيذكر ها قد رحلت ايهـا العزيز بعد مسيرة طويلة في العطـاء وتربية الأجيال، ورحيلك قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة وفي قلوبهم غصة. و يشارك الشماس حناني ميا بالاسف لرحيل علم من إعلام العلم في العراق، ووجيه من وجهاء ألقوش مصنع الرجال المربي الكبير الأستاذ الفاضل منصور الذي خدم العلم والمعرفة أكثر من نصف قرن من الزمن في وطنه الحبيب بلد الحضارة الأول في العالم. كان الأستاذ منصور سورو مدرسة بحد ذاته تعلمت فيها وتخرجت منها أجيال عديدة ومنهم أولاده النجباء الذين خدموا المجتمع خير خدمة، إن ذكراك أيها الراحل الكبير ستبقى خالدة في أذهان الكثيرين على مر الزمن لأنها كالشجرة الطيبة أصبح لها جذور عميقة في الأرض التي زرعت فيها. اما أنور صادُق العوصجي في ألمانيا فيقول إن ما قدمه الراحل الكبير لأبناء ألقوش لأكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لألقوش حيث دخل اسمه التاريخ من أوسع أبوابه، وستذكره الأجيال القادمة بإجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال ألقوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان ألقوش معروف عنها أنها مصنع الرجال الإبطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير. +السيد كمال يلدو الكاتب المرموق ومقدم برنامج اضواء على العراق وفي احدى مقالاته المشوقة عن المربي الراحل عابد بتي حنا صفار المولود في مدينة القوش عام ١٩٢٩ اذ يستطرد رغم ان سنين طوال تفصلنا عن هذا الجيل، وعالم آخر نعيشـه دونهم، لكن الحديث عنهم يكتسب أهمية خاصة لأبنائهم وعوائلهم الكريمة، ولكل من يقرأ ويدرس هذه السير المباركة والمفعمة بالتجربة والحياة. ومهما تغيرت الظروف والمستجدات، يبقى الأنسان هو سيد الموقف وحامل كل مفاتيح التغيير، يسـمو و يضئ ظلمة هذا الكون، ويمنحه طعمه الزكي الحلو. إن تجربة هؤلاء المربين مفعمة بالأمل والعمل والصبر، على إن أروع درس هو ذاك الذي تشي به تجربتهم الجميلة والملخصة بإن العمل المبدع لا يأتي إلا من عقل وروح مبدعة، إلا من إنسان عاشق للحياة ويقدسها، إنسان يفرح لتقدم الناس وتطورهم. تحية لذكراهم الطيبة، بأمل ان نأخذ من رحلتهم تلك وقودا لرحلتنا في هذه الحياة، من أجل البناء وخير الأنسان. ويضيف في معرض سرده للاساتذة في القوش ان اول من تقلد منصب مدير مدرسة في بلدة القوش كان الأستاذ (منصور اوده). +يتذكره السيد عوديشو زورا بِدِي العم العزيز الذي يأسر الجميع بكياسته وحكمته وأدبه الجم منذ ان كانا معا في مدرسة مار ميخا حيث انه من مواليد 1925 أيضا فيسهب القول انه في العشرينات لم يكن هناك الكثير من المتعلمين يعرفون القراءة والكتابة وكان هناك ستة مدرسين الياس بابا و إيسف باخوخا اللذين درسا في المعهد الكهنوتي السمنير ومتيكا حجي وكان هناك قساوسة لتدريس اللغة الكلدانية قراءة وكتابة وتدريس باقي العلوم والدين ثم اضيفت اللغة العربية بعد ان جاء امر مديرية المعارف باضافتها الى مناهج الدراسة. +ان منصور سورو كان له ولع شديد في الدراسة والمواظبة والحضور والمناقشة وربما هذة البداية والاستمرارية جعلت منه مدرس ناجح واداري ممتاز وهنا يتذكر مواقف كثيرة لا تعد ولاتحصى منها ان كانا زميلا الدراسة في نفس الرحلة وشاءت الظروف ان والده زورا بدي كان بحاجة لعون أولاده في الزراعة وخصوصا ان القوش تعتمد على الزراعة الديمية معتمدين على موسم الامطار مما اضطر على ترك الدراسة وممارسة العمل بأناة وتواصل، تارة مع والده واخيه عيسى وتارة اجيراً عند الاخرين في اعمال الزراعة او في معصارة الراشي (الطحينية) التي كانت تعود لهم ولكونه ذو عقلية تجارية فذة فقد قام العم عوديشو بفتح دكانا في السوق، ومرت الايام وعين منصور مدير ثانوية القوش واحتاج الى سلاح شخصي وقالوا له الوحيد الذي يمكن ان تثق به هو عوديشو زورا بدي. بعد التقاعد اراد منصور سورو ان يقوم بعمل تجاري او اي مشروع يقضي وقته بعمل مفيد فلم يجد غير زميل الدراسة عوديشو زورا يشير عليه بالاعمال التجارية فقد اصبح من كبار تجار بغداد وله مكاتب جملة ومفرد واستيراد وتصدير ولا ننسى ابدا حين اذرف الدموع لحظة سماعه بفقدان منصور سورو وانتقاله الى الحياة الابدية. +كان منصور سورو يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً ولذا ستبقى دائما وابدا في قلوب الأولاد والاحفاد والاقارب والاصدقاء وكل من يتذكرك وستكون دائما في صلواتنا وفى افئدة محبيك الكثيرون للابد. +الأستاذ يوسف زرا وفي كتاباته عن مشاهير ألقوش في القرن العشرين اقتبس هذا المقال الجميل كان جورج جبوري شغوفا بكل الفنون، محبا للتمثيل ويعتبر أبو المسرح والتمثيل في القوش، اذ كان قد أسس فرقة جوالة في بداية الاربعينيات تحيي المسرحيات التراثية والكوميدية ذات الطابع الرومانسي والتراجيدي، ولازال المسرحيون المتتبعون لهذا الفن يذكرونه كمدرسة لهم في التعبير عن محتوى التاريخ بأسلوب درامي مشوق. ومن ابرز أعضاء تلك الفرقة والتي واصلت حمل عبئ العمل الى أواخر الاربعينيات، منهم المرحوم عابد بتي كعكلا والمرحوم جرجيس اسحق زرا والأستاذ منصور اودا سورو والمعلم اسطيفان هرمز رئيس والشماس حنا شيشا والمحاسب يوسف حنا سيبي. ومن الجدير بالذكر ان الاستاذ منصور سورو كان يحب اقتناء الكتب والمجلات فقد كان مولعا بالادب بالاضافة الى براعته في الجوانب العلمية وكان شغوفا باقتناء الاعداد الجديدة التي كانت تصدر شهريا مثل (تراثنا الشعبي)، (مجلة العربي)، (آفاق عربية)و(ألأقلام) وغيرها كثير وكان يترقب بداية كل شهر لاقتناء نسخته وقراءتها بتمعن وقد اهديت مكتبته العامرة بعد وفاته الى مكتبة مار ميخا في القوش. <ref>http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=25090:aa&catid=72:b&Itemid=45 تلسقف كوم</ref> +يعتبر حبيب القس يوسف عبيا احد اصدقاء الطفولة وقد تخرج من كلية الحقوق واصبح من كبار كتاب العدول في الموصل ثم بغداد الكرخ وقد دون في التواصل الاجتماعي ان منصور سورو هو الصديق والرفيق منذ الطفولة والى حيث أغابه الموت. يقول التقيت منصور على مقاعد الدراسة في مدرسة القوش الابتدائية (مار ميخا) في الصف الأول الأبتدائي عام 1934 مع المرحومين الخوري هرمز صنا وحنا حجي وتخرجنا فيها سوية عام 1939 بعد أن التقينا بركب المرحوم حبيب جمعة في الصف الرابع الاعدادي وأستمرت علاقتنا الأخوية ما حيينا. كان منصور من الطلبة اللامعين طيلة المراحل الدراسية وجدياً ومخلصاً في عمله طيله فترة عمله سواءاً في أدارة مدرسة القوش الإعدادية أو فترة التدريس في مختلف متوسطات وأعداديات بغداد وتخرج على يديه خلال ثلث قرن التي قضاها في التدريس نخبة مميزة من الشباب النابغين هذا بالاضافة الى النهوض بأولاده الستة الى أعلى مستويات الثقافة (دكاترة وأطباء ومهندسين). كان الراحل الغالي مدافعاً عنيداً عن طلابه سيما في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها بلدتنا العزيزة القوش آنذاك. ومن الذكريات الجميلة عن مدرسي ثانوية القوش كما ترويها السيدة جوليت نعيم جبرائيل گولا والتي درست في مدرسة راهبات القوش مار ميخا وبعد تخرجها تزوجت من السيد بطرس لاسو مدير مدرسة القوش الابتدائية والذي كانت تربطه بالاستاذ منصور سورو علاقة جيرة و صداقة متينة وعمل حثيث من اجل مدينتا القوش وتعود بها الذاكرة ايام مدينة السليمانية عندما كانوا اربعة زملاء في التدرج الوظيفي هم بطرس لاسو وجرجيس حميكا ويونس رزوقي وسعيد شامايا وبعد ان أصبح منصور سورو مدير ثانوية القوش استعان بزملاء الدراسة لبناء مدرسة نموذجية اذهلت دائرة المعارف انذالك رغم قساوة الظروف وضمت الهيئة التدريسية جرجيس حميكا، متي عبد الاحد، حكمت يعقوب، بهنام عفاص، بدري فرج، مظفر اليوزبكي، شاكر نعمة و مزاحم الشماع. + +'''16- الشماس صادق برنو''' +ولد صادق ياقو ميخا برنو كوريال برنو في القوش عام 1917، وفي بيت يقع مباشرة خلف كنيسة ماركوركيس الفخمة بمحلة قاشا، وكان عماذه بعد فترة من قبل القسيس يوسف منصور سمعان كادو، شق صادق طريقه في الحياة وكان يتلقى دروسه الاولى في مدرسة مار ميخا النوهدري المقابلة لبيته، ومن المعلمين الذين درس على ايديهم كل من سعيد ججاوي الياموري كوركيس عواد لا كنه ترك الدراسة ليساعد والده في العمل ولكنه لم يبقى أسير نمط واحد من العمل، فسرعان ما غيره ليصبح سائق صهاريج النفط، ومدة اخرى في باصات نقل طلبة المدارس الاهلية في بغداد، مما منحته فرصة للتعرف على المدينة والاستفادة من معطياتها ويذوب فيها فتعلق بالكنيسه، وواظب على تعلم واتقان لغته السريانية، بل تفوق فيها ليصبح خطاطاً وشاعراً ومرنماً، ثم شماساً قديراً، حيث نال درجتها عام 1942 في القوش على يد المطران مار حنا قريو يقوندا، ونظرا لحسه الوطني والطبقي المتنامي فقد تعاطف مع الأفكار السياسية السائدة آنذاك، لفترة من الزمن مع شباب من عائلته، اعتقل في سجون الموصل الرهيبة، ونال قسطا من المعاناة والشدائد في تلك الايام الحالكة. وبعد فترة وجيزة سافر الى الولايات المتحدة الامريكية واستقر فيها منذ عام 1967، وعندما وصل الى هذه ديار الغربة شمر عن ساعديه للعمل والتأقلم مع الحياة الجديدة، دون ان يقطع صلته بالوطن الأم لا بل لعب صادق برنو وعائلته دوراً، في استقبال ومساعدة سيل المهاجرين منذ اوائل سبعينات القرن الماضي، وعمل مع ابنائه في تسهيل معاملات الهجرة حتى اصبحوا روادا فيها . وهو كاتب ومؤلف وله العديد من الكتب والمقالات والمطبوعات في شتى المجالات اغلبها من طقسنا الكلداني. ورغم سنونه التي زادت عن المائة الا انه لازال غزيرا بعطائه فلا زال يولف ويطبع ويوزع الكتب والنشرات بالعربية والسريانية الى جميع محبيه ومعارفه.<ref>https://www.alqosh.net/mod.php?mod=news&modfile=item&itemid</ref> +نظم الشماس صادق برنو قصيدة في رثاء الأستاذ منصور سورو لحبه واعتزازه بابن بلدته حيث كان ثلاثة من أولاد الشماس وهم نوئيل، جبرائيل و ريمون طلابا في ثانوية القوش وكان دوما متابع لهم وحريصا على اكمالهم تعليمهم وتختزن ذاكرتهم جميعا لقصص ونوادر تلك الحقبة وكيفية تعامل الأستاذ منصور في تلك المواقف وقد اصبحوا شبابا يافعين محترمين لهم ادوارهم في المجتمع والقصيدة باللغة السريانية: +حزن ورثاء +للاستاذ منصور سورو +اكتب واقدم احترامي لهذا المربي +استاذ منصور سورو عالي في التعليم +الذي انتقل ورحل من هذا العالم +الى الحياة الابدية في سلام وسكينة +استاذ منصور مبارك ومتواضع +عملت كثيرا بحب ودون كلل +لهذه المدرسة ليلا ونهارا +بقلب مملوء بالفرح ويفيض بالمحبة +بقلب كبير وسعه التفاني +لهذه المدرسة عملت باجتهاد +ومشاعرك مملوءة بالحب العامر +لهذه الخدمة نذرت كل حياتك +خدمت ثانويتك بكل اخلاص +في ذلك الزمان مملوء بالصعاب +مسلحين يطوفون شوارع المدينة +وصوت المدافع تصم الاذان +كل تلك السنين واجهت المصاعب +لم تتضايق او تتوان في كل الاوقات +بل عملت وساعدت اكثر +لتسع سنوات من ذلك الزمان +لك يا استاذ منصور وفي كل الاوقات +يشكرون جهودك أولاد بلدتك +ربيتهم بعقلك وانرتهم بحكمتك +رفعت من علمهم ونعموا بالمناصب +ربيتهم كانهم أولادك +كنت دائما بهم فرحانا +لا يمكن ان ينسوك مهما حصل +سيتذكرونك دائما وابدا +انت دوما في ذكراهم بالمحبة والاحترام +لا تغيب عن فكرهم صغيرهم وكبيرهم +لأنك كنت لهم الصديق والمعلم +ومحبتك لهم راسخة وكبيرة +مرحى لك لهذه الخدمة +رفعت اسمك في هذه الدنيا +نرجو من الرب ان لك يمن +مكانا في الفردوس معه بالمسرة + +'''17- القس منصور سورو''' +الذي لا يعرف أصل الأستاذ منصور سورو ربما يراوده ذلك السؤال، ولكنه قد سُمّي على أسم جدّه القس منصور سورو، الذي كان من كهنة القوش المعروفين، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الاب الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الأصليين. +[[ملف:Three grand sons.jpg|تصغير]] +ولد القس منصور او الاب سوريشوع والتي كانت كنيته أحيانا في القوش عام 1830. تثقف وتعلم في المدارس الكهنوتية في ذلك الوقت ورسم كاهنا لخدمة رعية القوش وضواحيها، وكان متزوجا وله أربعة أولاد (متي، أبلحد، يوسف و نوح). وبالاضافة الى واجباته الدينية لخدمة الرعية في كنيسة ماركوركيس كان معروفا بغيرته وشجاعته النادرة بحيث كان يحل جميع المشاكل مع الحكومة او مع الاغوات او المتنفذين في المنطقة بالاضافة الى كونه كان الرجل السباق في رفع السلاح والوقوف بوجه الاعتداءات اثناء الغزوات على منطقته رغم كونه رجل دين الا انه قاد رجال القوش الغيارة الشجعان ضد اعدائهم في المنطقة. +اتقن القس منصور الحياكة وعمل الملابس المحلية ليعيل اسرته الكبيرة دون الاعتماد على اي مصدر اخر وقد ورث بعض احفادة هذه المهنة عنه بالاضافة الى كونهم شمامسة في الكنيسة. +كان يقضي الكثير من وقته في القراءة والكتابة وله العديد من المخطوطات بخط يده محفوظة في مكتبة الكنيسة وقسم منها في مكتبات عالمية فله كتاب بعنوان (بعض الحكايات والقصص المختصرة باللغة الكلدانية الدارجة لطلاب المدارس ومتعلمي اللغة السوادية بيسر) المنشور سنة 1880 والمحفوظ في مخطوطات برلين صفحة 430 رقم 128. وكتاب اخر نشر عام 1882 باللغة الكلدانية الدارجة. كانت القوش تفتخر بشجاعته فقد روي انه عندما يذكرون القسس في القوش يقولون لدينا تسعة قسس والقس منصور لتفانيه في خدمة الجماعة مع انه ذو شخصية مرحة يحب سرد الفكاهات والنوادر وكان مجلسه يعج بالمؤمنين وخصوصا في زمن الشدائد عندما كانوا يطلبون منه النصح والتدبير. توفي الاب منصور سورو في القوش سنة 1907 وقد وارى جثمانه الثرى في باحة كنيسة مار كوركيس في مكان قريب من المذبح ونقش على الجدار تذكار يليق به. '
حجم الصفحة الجديد (new_size)
114557
حجم الصفحة القديم (old_size)
0
الحجم المتغير في التعديل (edit_delta)
114557
السطور المضافة في التعديل (added_lines)
[ 0 => ''''1- المقدمة'''', 1 => 'يسعدني أن أقدم للقراء الأفاضل هذه النخبة المختارة من المثقفين المعنيين بتراث بلدنا الحبيب العراق واثار رموزنا ومبدعينا الذين رفدوا مسيرة التعليم وخصوصا في بلدتنا القوش العزيزة على قلوبنا، هذا العمل المتواضع من مجموعة مقـالات وتعليقات وتعقيبات عن مربي فاضل كانت له بصمه في تاريخ القوش في فترة صعبة مليئة بالأحداث الهامة الا وهو الأستاذ منصور اودا سورو مدير ثانوية القوش للفترة (1957 – 1966) والذي استطاع بحنكته واسلوبه وتفانيه من إيصال السفينة الى بر الأمان بعد ان كانت تتلاطمها الأمواج و الرياح العاتية والعواصف الشديدة.', 2 => '[[ملف:Mansour soro the memo and biography.jpg|تصغير]]', 3 => 'آمل أن يجد القارئ الكريم في هذا الكتاب القدوة الحسنة والفائدة المرجوة مع المتعة في استذكار حقبة مهمة عصفت ببلدنا والتي حرصتُ أن أجعل منها باقات لمختلف الكٌتاب المعنيين بالأدب والسياسية والتاريخ والتراث وتعتبر مقالاتهم أثيرة، تفوح منها كلمات بشذا عطر أساليبهم الجميلة، وعبق تراثنا العراقي الأصيل، متأملا إلى أن نجد ناشئتنا واجيالنا القادمة تحذو حذو من سبقونا ويستفيدوا من دروس ابائنا فهم النبراس والهداية وقد بذلوا جل امكاناتهم في تقويم اجيالا نامل ان يتبعوا خطاهم، وصولاً إلى ما كان عليه أولئك السلف الصالح من نفوس أبية طيبة، وقلوب مؤمنة صافية، وعقول فذّة ذكية، وعلوم ثرية مفيـدة، وآراء حكيمـة سديدة، وحكم قويم سليم.<ref>http://kaldany.ahlamontada.com/t9781-topic (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت)</ref>', 4 => ''''2- التربية والنشأ'''', 5 => 'ولد المربي الفاضل الأستاذ منصور اودا يوسف القس منصور سورو في الأول من تموز سنة الف وتسعمائة وخمسة وعشرين للميلاد 1925 في ناحية القوش التابعة لقائمقامية الشيخان في محافظة نينوى التي تقع شمال جُمْهُوريَّة العِرَاق وتعتبر ثاني أكبر المدن العراقية، وتبعد عن بغداد حوالي 402 كيلومتر، وهي أقدم مدن الإمبراطورية الآشورية القديمة وأعرقها، وتتميز بموقعها الاستراتيجي فهي تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة لذلك فهي تتميز بخصوبة أراضيها الزراعية والرعوية.', 6 => 'نشا منصور سورو في كنف عائلة كريمة تمتهن التجارة والده أودا يوسف القس منصور (1904-1972) ووالدته أنو كوريال منصور عطايا من مواليد القوش (1914-1997)، اخوته حازم ويوسف وسالم واخواته هيلين و جميلة وخيرية وسلمى. كان منصور الولد البكر ومنذ نعومة أضفاره كان متوهج الذكاء لامعا بين اقرانه قيادي بارع وارتأت العائلة ان لا تقف حجر عثرة امام مستقبله الزاهر لذا أُدخِل الدراسة الابتدائية في مدرسة القوش (مار ميخا النوهدري) عام 1933، وكانت من المدارس المعدودة في كل المنطقة ومن اقدم الصروح العمرانية والحضارية الشامخة بهيكلها منذ بنائها عام 414 ولحد الان في بلدة القوش القديمة، وكانت للمدرسة كنيسة تعود لدير سابق ولذلك كان الطلبة يرتوون من العلم والثقافة بالإضافة الى التعاليم الدينية والطقس الكلداني وتشمل الكنيسة ثلاثة هياكل، ازيل اثنان منهما بسبب تهدمهما وعدم التمكن من ترميميهما. وآخر تاريخ لتجديد هذه الكنيسة كان عام 1876 وهو مثبت على لوح حجري فوق كوة ضريح مار ميخا والتي تقع الى الجانب الأيمن من مذبح الكنيسة وترتبط المدرسة بشمال الهيكل مباشرة، وقد شيدت هذه المدرسة عام 1923. وهي امتداد تاريخي لمدرسة مار ميخا النوهدري والذي أسسها منذ استقراره في هذه القرية. وظلت كمركز اشعاع وفكر لكافة صنوف العلوم والمعرفة الى جانب علوم الدين المسيحي واللغة السريانية، وقد تخرج من هذه المدرسة القديمة عمالقة في اللغة والأدب السرياني الى جانب كبار رجال الدين الكنيسة الشرقية سابقا، والكنيسة الغربية لاحقا. وكانت نبراسا للأجيال وللثقافة الدينية منذ الطفولة أمثال القس إسرائيل شكوانا، والقس دميانوس كونديرا والمطران طيماثيوس مقدسي والمطران توما اودو وغيرهم ممن تضلع في اللغة والأدب والفلسفة، الى جانب كبار خطاطين اللغة السريانية والذين تركوا ثروة كبيرة من المخطوطات المنتشرة في جميع القارات ومنهم الشماس بولس قاشا ومتيكا حجي حداد الذي اصبح معلما فيها. وكان من بين رفقاء الدراسة البطل المناضل توما صادق توماس، حنا حداد، حبيب جمعة، رحيم قلو، عوديشو زورا بدي، حبيب القس يوسف عبيا، بطرس اودو و الخوري هرمز صنا والذين اصبحوا فيما بعد أصدقاء ورفقاء لسنوات طويلة.', 7 => '', 8 => ''''3- المتوسطة والثانوية''' ', 9 => 'اكمل منصور سورو الدراسة الابتدائية سنة 1939 وكان واحدا من أولئك الطلبة، الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، وبلا تعثر والتحق في المدرسة المتوسطة الغربية في مدينة الموصل والتي كانت وما زالت من المدارس الاولى لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل انذلك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز أعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة أظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذويهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم، حتى اجتاز المرحلة الثانوية في الموصل بتفوق. وقد اكمل الدراسة الإعدادية والثانوية بتقديرات جيدة، مما شجعه لزيادة تحصيله العلمي وشجع عائلته لدعمه في حصوله على شهادة عالية رغم ان معظم سكنة القرى لا يميلون الى ارسال أولادهم الى الجامعات، المعاهد و الكليات في ذلك الزمان للظروف الاقتصادية التي كانت تعاني منها العوائل وحاجتهم الى قيام أولادهم باعانتهم و مساعدتهم وخصوصا في المجتمع الزراعي السائد في القوش.', 10 => '', 11 => ''''4- ليسانس دار المعلمين العالية'''', 12 => 'انتقل الأستاذ منصور الى بغداد في منطقة الوزيرية وشاءت الصدف ان يلتقي باصدقاء سبقوه وشجعوه للتقديم إلى دار المعلمين العالية سنة 1945. وقد ثابر ليلحق بالركب وخصوصا ان الكلية كانت حديثة وتعتمد التدريس بالطرق الغربية وتستخدم المصادر الاجنبية باللغة الانكليزية مما ضاعف من الجهود في مواصلة الدراسة. فدار المعلمين كانت مؤسسة تربوية أسست في بغداد عام 1923 وكانت تقع مبانيها المتعددة في منطقة الوزيرية بمحاذاة السدة، وتعرف الآن بكلية التربية وتعود في يومنا هذا الى جامعة بغداد و كان على من يريد الالتحاق بها دفع رسوم دراسية كانت في بدأ الامر (15) روبيه شهريا أي ما يعادل (دينار و125 فلسا)، كما وتقرر أن لا يقبل فيها إلا الذين يرغبون في إعداد أنفسهم للتعليم في المدارس الثانوية ومفتشين ومدراء للمدارس ومن الطريف إن يدرس في الدار طلبة صينيون وبلغار وبريطانيين فضلا عن الطلبة البحارنة والسوريين والتونسيين والمغاربة والأردنيين والفلسطينيين. لقد كانت تلك الدار (أم المدارس) و(من أمهات معاهد الثقافة والمعرفة) كما وصفها أحد طلبتها د. حسين علي محفوظ، كنواة الطبقة الوسطى وأداة التغيير. في سنة 1927 أصبحت (دار المعلمين العالية) معهدا قائما بذاته بمنهج نهاري كامل (علمي وأدبي) مع (قسم داخلي) ملحق بها وفي العام الدراسي 1937 - 1938 استقبلت الدار أول وجبة من الفتيات العراقيات وذلك في عهد عميدها د. متي عقراوي وكن 8 فتيات وفي العام 1939 أصبحت مدة الدراسة أربعة سنوات يمنح الطالب بعد إنهائها شهادة البكالوريوس في العلوم أو الآداب أو التربية وتخرج اساتذة للعمل في الثانويات. ومن بين الخريجين من تلك الدار بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، كامل ادهم الدباغ (مقدم برنامج العلم للجميع)، عاتكة الخزرجي، عبد الوهاب البياتي واحمد عبد الستار الجواري (والذي أصبح وزيرا للتربة فيما بعد)، لميعة عباس عمارة (الشاعرة)، مصطفى جواد وعبد الجبار عبد الله (العالم الفيزياوي والفلكي خريج أمريكا وأحد الأفذاذ القلائل في العالم من شراح نظرية آينشتاين وتقلد منصب رئاسة جامعة بغداد في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات) وغيرهم. ومن التدريسيين في هذه الدار الأستاذ معروف الرصافي لتدريس آداب اللغة العربية والأستاذ جلال رزيق لتدريس الرياضيات. وقد امضى الأستاذ منصور سورو في دار المعلمين العالية أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء عام 1949 فقد كان في الفرع العلمي والذي كان ينقسم الى البيولوجيا او فيزياء والرياضيات اما فرع الآداب فانه كان يشمل مواد اللغة العربية والانكليزيه والجغرافيه والتاريخ وقد ادخلت دروس الدين في مناهج دار المعلمين العالية لاحقا، مما أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يُعَدون على أصابع اليد الواحدة. ', 13 => 'كان الطالب المقبول يوقع عقداً، يتعهد فيه ان يخدم في وزارة المعارف بالوظيفة التي تكلفه بها الوزارة، مدة تعادل المدة التي يقضيها في الدراسة، وهنا تنسب الأستاذ منصور للخدمة في محافظة السليمانية للتدريس في ثانوية السليمانية هذه المدينة التي تأسست في العام 1784 من قبل ابراهيم سليمان باشا وهو أحد أفراد أسرة امراء بابان المعروفة والعريقة، حيث تقول القصة: لقد خرج الباشا ذات يوم في رحلة صيد متوجها نحو منطقة شهرزور القديمة التي كانت تمتد مساحتها لتشمل مدينة السليمانية الحالية، فلما رأى الباشا المنطقة وقع في حبها فورا وقرر أن يبني عليها مدينة، فبناها وأطلق عليها اسم والده سليمان باشا بابان.', 14 => 'من الجدير بالذكر ان إحصاء أجرته سلطات الانتداب البريطاني عام 1920 أن مجموع سكان لواء السليمانية (محافظة السليمانية حالياً) كان 155 ألف منهم 5000 نسمة من المسيحيين. ويصفها سكانها وعشاقها (مدينتي حياتي) وبالكردية (سليماني شاره‌ حه‌ياته‌كه‌)، حيث يكسوها الثلج في الشتاء والخضار في الربيع وتنتشر ازهار النرجس في الحقول مع الهواء العليل، مدينة تحضنها الجبال وتسكن قلب سلسلة جبلية متصلة بعضها ببعض، تقع شمال شرق العراق ضمن إقليم كردستان. خدم الأستاذ منصور في مدينة السليمانية خمسة سنوات لحين وجود شاغر في محافظة نينوى حيث انتقل الى مدينة الموصل ليدرّس في المتوسطة الغربية وهي نفس المدرسة التي دَرَسَ فيها لثلاث سنوات. وعندما قررت وزارة المعارف افتتاح اول ثانوية رسمية في القوش عام 1957 لم يجدوا اكفأ واقدر وانسب من الأستاذ منصور سورو لتعيينه كأول مديرا لها لعدة أسباب مثل كفاءته وكونها الناحية التي ولد فيها ولما يعرف عنه من حسن الإدارة. عمل بكل إخلاص وتفاني لمدة تسع سنوات كمدير للثانوية بالإضافة الى تدريس مادتي الرياضيات والفيزياء عدا عن تدريس ماة الدين المسيحي لفترة وجيزة. وانتقل للعمل في بغداد سنة 1966 وبعد مضي سنتان أوفد الى المملكة العربية السعودية للتدريس في الطائف وجدة حيث كان العراق في تلك الحقبة منارة اشعاع الى جميع الدول العربية وكانت خبراته تتبادل في نظام الاعارة مقابل اضعاف الرواتب مما كان المدرسون يتسابقون للحصول على هذه الفرصة وكانت التضحيات كبيرة فهم يتركون عوائلهم ويتغربون في البلاد وخصوصا الخليجية او بلاد المغرب العربي لسنوات على امل ان يرجعوا وينعموا بحياة افضل حيث ان الحكومة العراقية لم تكن تثمن هذه الطبقة الوسطى من الموظفين. تحلى الأستاذ منصور بكثير من الشجاعة ليستطيع التأقلم في مدينة إسلامية تطبق الشريعة وهو شماس في كنيسة يحب طقوسها حتى العظم وكان يتندر بالقصص الكثيرة التي كان فيها شاهد عيان خصوصا ان المجتمع السعودي بدوي يجب التعامل معه بحذر وخصوصا أولاد الامراء والوجهاء والطبقة الحاكمة فأي هفوه قد تكلف حياة او مستقبل أي كان. وبحنكة واقتدار اذاب كل الصعاب وعمل لمدة سنتان ليعود الى بغداد للعمل في سلك التدريس في ثانوية عقبة بن نافع للبنين الواقعة في شارع فلسطين، حي المهندسين حتى سنة 1982 واحالته على التقاعد. ولقد كان التقاعد بالنسبة له كالعجلة التي توقفت فجأة بعد ان كانت في حركة دائمة وعطاء لمدة ثلاثة وثلاثون سنة متواصلة . ', 15 => 'تزوج سنة 1957 من ابنة عمه صبيحة صادق ابلحد القس منصور سورو وله ثلاث أولاد وثلاث بنات. أولاده منهل دكتوراه هندسة ورائد ماجستير معماري وعدي بكالوريوس بحوث حاسبات وبناته مناهل دكتوراه هندسة وثغر طبيبة وبان بكالوريوس ادارة واقتصاد. وله من الاحفاد أربعة عشر و أولاد الاحفاد ثلاثة.', 16 => '', 17 => ''''5- مدير ثانوية واكثر''' ', 18 => 'لم يكن الأستاذ منصور سورو مدير ثانوية فحسب بل كان بشهادة الاساتذة والطلاب على حد سواء وكل أهالي ناحية القوش الشجعان الابطال كان مدرسا جيدا ناجحا محبوبا من قبل الجميع وكان له اسلوبه المتميز الذي لازال في ذاكرة الجميع فهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وعاش بينهم وكان قريبا منهم يعامل الطلبة كأب واولياء الامور كأخ ولا يتوانى عن مساعدتهم ونصحهم وما وصول اغلب الطلاب وحصولهم على الشهادة الثانوية في ذلك الظرف الصعب الا دليلا لحسن ادارته وتعليمه لا بل هناك الكثير منهم يفتخرون كونهم طلبته فقد اصبحوا اطباء ومحامين واساتذة لا بل ان بعضهم اكمل دراساته العليا وحصلوا على شهادة الماجستير والدكتوراه ودائما ما كانوا يقولون انهم احبوا العلم تأثرا بالأستاذ منصور سورو ومنهم سيادة المطران مار ميخائيل مقدسي (راعي ابرشية القوش حاليا)، الدكتور عزيز رحيم صادق (عالم فيزياء و فلك)، يوسف شميكا (ماجستير هندسة كهربائية من المملكة المتحدة)، الدكتور حبيب تومي، عابد بوداغ (مهندس مدني و انشاءات)، إسماعيل يوسف عوديش (اصبح قاضيا في محكمة نينوى)، الدكتورة سلمى عودة، الاستاذ موفق حكيم، الخور اسقف أبرم أوراها بثيو (خور اسقف مدينة ولنكتون نيوزيلندا)، الست مريم شبلا ( اصبحت المدرسة بتول)، الاستاذ نوري حبيب سورو، نبيل يونس دمان (المهندس والكاتب والمؤلف والناشط السياسي) وغيرهم كثير والقائمة تطول منهم من انتهج سلك التدريس اقتداءا به ومنهم مدراء اكفاء شغلوا مواقع هامة يعتبرون مفاتيح في مواقعهم العلمية و الادارية. ولان منصور سورو في طبيعته كان اجتماعيا يحب اللقاء بالجميع فقد دأب على إقامة المهرجانات سواء الرياضية او العلمية او الفنية وقد كان يستخدم المتوفر من ساحات وقاعات الناحية وجميع هذه الانشطة كانت عامة والجميع مدعو للحضور ليفتخر بإنجازات أولاده الطلبة خصوصا عندما كان يتم اختيار الافضل لتمثيل الناحية في مستوى محافظة نينوى (الموصل). <ref>https://ankawa.com/forum/index.php/topic,362886.msg4281615.html#msg4281615 عنكاوا كوم </ref>', 19 => '', 20 => ''''6- المربي والإداري الفذ'''', 21 => 'كتب الأستاذ بهنام سليمان متي القطا وهو من مدينة كرمليس بلواء الموصل محافظة نينوى ولد عام 1917 من عائلة مسيحية كلدانية، واجاد الى جانب لغته الأم السريانية اللغة العربية اجادة تامة، بل كان، ولم يزل ضليعاً فيها، فعمل مصححاً لغوياً في العديد من الصحف والمجلات. ويعد مرجعا للعديد من الأدباء والكتاب في النحو العربي، كما بات مصححاً لبعض المطابع العربية في المهجر، درس وتخرج وتبوأ مدير مدرسة كرمليس في الستينات من القرن المنصرم وقد كرمّ برسالة شكر وتقدير من المرحوم عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي العراقي بمناسبة الكلمة التي ألقاها في الحفل الذي أقيم بمناسبة اربعينية الملكة عالية ويعتبرها أعز الهدايا، أثمن "الجوائز" لديه، بدليل أنه لم يزل محتفظاً بها رغم مرور كل هذه السنين وبحكم قرب اختصاصهما نشأت علاقة عمل كمدراء يجتمعون في دائرة المعارف سوية وقد كان ناجحا في عمله وكتب هذه المقالة في ذكرى وداعه.', 22 => 'بين الشروق والغروب في رحلة الإنسان على هذه الأرض، سفر طويل زاخر بالإحداث والمهمات قد يكون شاقا مريرا، فيعرف المرء كيف يتفاعل معه تفاعلا ايجابيا متفتحا، إذا ملك من القابليات والمؤهلات ما يعينه على النجاح والتفوق. وقد ياتي سلبيا لان ذلك الفرد لم ينل حظه من التوجيه والإرشاد، فتعيق قابلياته المتدنية عن تذليل ما يتصدى حياته من صعاب، فيرحل نسيا منسيا دون إن يترك بصمات واضحة في مجرى الإحداث ولكن الأستاذ منصور استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة إظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذوهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم. وكان الأستاذ منصور واحدا من أولئك الطلبة الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، حتى اجتاز المرحلة المتوسطة في الغربية في الموصل ثم الثانوية بتفوق وبلا تعثر، هيأته بعدها للانتقال إلى دار المعلمين العالية في بغداد، ليمضي فيها أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء، أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يعدون على أصابع اليد الواحدة وقد نسب للتدريس في ثانوية مدينة السليمانية فعمل فيها خمس سنوات كانت كافية لتمنحه الكثير من الخبرة والتجربة في حقل التربية والتدريس، وها هو يعود بعد هذه السنين الخمس يتولى مقعدا تدريسيا في نفس المتوسطة الغربية في الموصل والتي جاءها من ألقوش عام 1939فتى صغيرا خجولا يضع قدميه لأول مرة على أعتاب المدينة الصاخبة الزاخرة بالنشاط وألحيوية، بينما هو اليوم في عنفوان شبابه، وافر التجربة، غزير المادة، يدخل الصف فيملك زمام طلبته، ويشدهم إليه بشخصيته الجذابة، وطريقته المثلى في التدريس، وقد استطاع بأسلوبه الجميل. إن يخلب ألبابهم ويكسب محبتهم واحترامهم مما ساعده كثيرا على نجاحه في مهمته، لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل يوم ذاك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز اعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد امضي أبو منهل طيب الله ذكراه. ثلاثة أعوام في الغربية المتوسطة التي أظن إن مديرها يوم ذاك كان الأستاذ عبد العزيز توفيق، أو الأستاذ نزار محمد المختار، وكلاهما كانا من خيرة التربويين والإداريين. الذين لابد وان أبا منهل اكتسب من خبراتهما في الإدارة ما ساعده فيما بعد على إدارة ثانوية ألقوش التي افتتحت حديثا عام 1957 فعيّن فيها كأول مدير، وكنت خلال عمله في الموصل ومن ثم في ألقوش مديرا لمدرسة كرمليس الابتدائية وعلى ما أتذكر إنني تعرفت إليه منذ إن كان في الموصل، وتوطدت معرفتي له أكثر عندما عمل في بلدته ألقوش، فقد كنا نحن مدراء مدارس القرى الكلدانية نلتقي أيام الآحاد (وهي عطلة مدارسنا إلى جانب يوم الجمعة) في مديرية معارف الموصل، وكان هو والمرحوم الأستاذ الياس مدالو(بابا) مدير مدرسة ألقوش الابتدائية يوفدان معا إلى الموصل لإنجاز إعمال مدرستيهما، فكنا نجتمع في مقهى صغير جوار المعارف نشرب قدحا من الشاي ونتجاذب الحديث في أمور مدارسنا، وكانت إخباره من ألقوش تصلني وتفرحني، منوهة به ومشيدة بقابلياته وخلقه وطريقته المثلى في إدارة الثانوية وجهوده القصوى للارتقاء بها رغم حداثتها والعمل على رفع مستوى طلابه الدراسي، فكان المرحوم يتولى تدريس الرياضيات في الصفوف وهو الذي يخوله نظام المدارس الثانوية التفرغ التام للإدارة، لكنه كالربان الماهر كان يريد إن يكون إلى جانب بحارته، وكان يود إن يكون متواصلا مع الطلبة عن قرب يستطيع بتماسه معهم إن يدرك مدى قابليتهم، ويتعرف على نقاط الضعف لديهم ليعالجها بحنكته ويقوّم ما اِعوجّ من سيرتهم وهذه كلها صفات المدير الناجح المقتدر التي لم يكن بعيدا عنها، وقد مَرّت على أبي منهل رحمه الله ظروف صعبة مُرّة في ستينات القرن المنصرم، حين سيطر التيار القومي المتعصب على مناحي البلد، وعلى تربية الموصل بالذات، فاختلت الموازين وضاعت القيم واستنسر البغاث من الناس، وقد حدثني الصديق المرحوم جرجيس زورا ججيكا وكان مدرسا للرياضيات بزمالته، كيف كان المرحوم يوازن بين القوى المتصارعة آنذاك، يسارية كانت أم يمينية أم رجعية، وكيف كان بذكائه وحكمته وخلقه الرفيع يتجنب المواجهات ويبعد المدرسة عن الصراعات بين أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة، ليستقيم الجو الدراسي ولا يختل النظام، محافظا على كرامة مدرسيه وطلبته بنفس الوقت، وقد تمكن بفكره الثاقب وعلاقاته الاجتماعية الطيبة، إن يصمد إمام الإعصار الدموي الذي هَبً على العراق عموما في شباط 1963، وقاست من جرائه ألقوش وثانوياتها كسائر القرى المسيحية، فاعتقل العديد من مدرسيه، ولوحق الكثير من طلابه وكادت مؤسسته إن تصاب بالشلل ويتهدم كيانها الذي بذل عصارة جهده في بنائه وتمكين أسسه طوال تلك السنوات، لولا تعامله العقلاني مع الإحداث وابتعاده عن الانحياز إلى هذه الجهة أو تلك، وهكذا سار بالمدرسة نحو شاطئ الأمان، وظل الدوام متواصلا، والتدريس قائما، رغم قلة الإمكانيات، موجها إلى ألقوش وثانويتها كل اهتمامه مانحا إياها :قلبه وحبه وعقله، وبقدر ما أحب ألقوش وفداها بروحه، بادلته هي الأخرى حبا بحب وظلت دائما تذكره بالخير كابن بار وتشير إليه بالبنان كرائد فذ من روادها ا لأوائل ما كبا ولا سقط عن جوداه رغم ضراوة الأعداء وقساوة المعارك والطرق الوعرة. لقد شاءت ظروف العمل إن ينتقل الأستاذ منصور إلى بغداد عام 1966 ليتفرغ هناك إلى جانب التدريس إلى شان عائلته وأولاده الذين أراد لهم شانا كبيرا في الحياة، فانصرف إلى توجيههم للدراسات العليا ونيل المعالي، ومن اجلهم تغرب عن العراق عامين دراسيين أمضاهما في السعودية التي أوفد إليها لتدريس الرياضيات، فقد كان في قرارة نفسه يتذكر كيف وقف والداه إلى جانبه يوم كان الزمان عليهم صعبا، وقترا على نفسيهما ليوفرا له فرص التعلم، فرأى من واجبه إن يهيئ لأبنائه أفضل مما كسب، لا سيما وان الله من عليه بظروف أفضل من ظروف أولئك الفلاحين الفقراء أهله. فظل يتابعهم ويتواصل معهم حتى ابلغهم أعلى المراتب، وفيهم اليوم من يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة والطب والبكالوريوس في علوم الحاسبات والادارة والاقتصاد، حملتهم رياح الهجرة إلى بلاد الله الواسعة، وحين عاد الفقيد إلى ألقوش في عام 2006 كان قد أصبح شيخا طاعنا في السن يحمل على منكبيه ثقل الأعوام الثمانين، في فمه مرارة فراق الأحبة وتشتتهم في بقاع الأرض، وهو الذي كان يتمنى إن يكونوا إلى جواره معتزا بهم مفتخرا بالشجرة التي رعاها وسقاها حتى أينعت وأثمرت ثمرا كثيرا. لكن عزاءه كان في انه قد أدى دوره بأمانة وإخلاص. وتفاعل مع الحياة خير تفاعل، ولم يكن نسيا منسيا فيها، بل كان يحمد الله كونه رائدا من روادها وواحدا من مربيها، خلف أجيالا من المثقفين والمتعلمين هو بهم فخور، وبقابليتهم مشيد. وكفاه من الحياة كل ذلك الجهد الجهيد الذي صرفه طوال أيام عمره ففضل إن يرقد رقاده الأبدي إلى جوار أهله وأحبائه الذين سبقوه إلى دار الخلود، واسلم روحه إلى باريها فجر يوم 4/11/2006، مخلفا الحسرة واللوعة في نفوس كل من عرفه ومن بلدته ألقوش بشيبها وشبابها، وحمل أبناؤه وطلابه نعشه إلى مثواه الأخير على أكتافهم وتناقلت نعيه وسائل البريد الالكتروني إلى كافة إنحاء العالم. ورثاه الأقربون والأبعدون رحم الله أبا منهل الرجل الصالح وأثابه على إتعابه خير الثواب. فقد كان عظيما في حياته، شامخا في مماته، والرجال الكبار وان رحلوا عن هذه الدنيا، إلا إن ذكراهم لا تفنى، فهم خالدون بما قدموه من خدمة وجهد لمجتمعهم وبلدهم، وما تركوه من اثر صالح لبني قومهم، وما خلفوه من ذرية نافعة تحمل المشعل من بعدهم، رحم الله الأستاذ منصور واسكنه فسيح جناته التي وعد بها أبناؤه الذين حفظوا عهده، ذكرى لصالحين تدوم إلى الأبد.<ref>الحوار المتمدن - العدد: 1744 - 2006 / 11 / 24 </ref>', 23 => '', 24 => ''''7- سيادة المطران ميخا مقدسي'''', 25 => 'ولد المطران ميخا بولا اوراها مقدسي في ناحية القوش سنة 1949 و درست في مدارسها حتى دخل معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان في الموصل عام 1964 وفي عام 1976 رسم كاهنا على يد سيادة المطران المثلث الرحمة مار عبدالاحد صنا الذي كان حينها راعيا لأبرشية القوش منذ تاسيسها بقرار السينودس البطريركي في شهر حزيران سنة 1960 وقد تمت تلك المراسيم بحضور السفير البابوي المثلث الرحمة جان ريب وجموع غفيرة من الكهنة و الشمامسة وجميع أهالي القوش الذين كثيرا ما يفرحهم ان يكون أحد ابنائهم في الايمان قد سيم في مرتبة دينية عليا. وقد رسم اسقفا في عام 1998 بعد خدمة 26 سنة في بيت الرب واجريت المراسيم في العاصمة بغداد في الدير الكهنوتي في الدورة حي الميكانيك مع اثنين من زملائه في الخدمة الكهنوتية هما سيادة المطران بطرس الهربولي وسيادة المطران مار ربان القس. واليوم يرعى أبرشية ألقوش ابن القوش البار المطران مار ميخا مقدسي منذ تقاعد المطران ابلحد صنا في 7 ايلول عام 2002 بعد خدم الابرشية لمدة اربعون عاما ويبلغ عدد نفوس القوش اليوم حوالي 7000 نسمة جلهم من المؤمنين الكلدان . ومن إنجازاته الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى : إقامة مراكز ثقافية في القوش وتلسقف و باطنايا و باقوفا و تشييد وبناء المطرانية و دار خاص للعجزة في القوش.', 26 => 'لم تمر مناسبة الا وقد جاء ذكر الأستاذ منصور سورو وخدماته لهذه الناحية في وقت كان العوز والفاقة بالاضافة الى الاحتقان السياسي وكان القدوة الحسنة واثره لا يمكن ان يكون في غياهب النسيان كهباءً منثوراً وهنا تجدر الاشارة الى حادثة لا يمكن ان تنسى حيث كان لسيادة المطران طموحات كبيرة بانشاء البطريركية ودار للكهنة وانشاءات كنسية كثيرة ومتعددة الاغراض وصادف زيارتنا (انا واخي رائد منصور) له في مكتبه في (القونخ) بجاني كنيسة مار كوركيس في القوش في 2006 وبادر بشرح قسم من المشاريع واراد ان يطلع عليها رائد كونه حاصل على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية وله عدة تصاميم كنسية منفذة في بغداد والموصل واثناء الحديث سال عن منصور سورو "اين الأستاذ منصور سورو الان " فقلنا له انه حاليا في القوش في داره في محلة سينا ولكنه لايستطيع المشي كونه متعب من عملية اجريت له مؤخرا والا فانه متشوق للقائكم فهو لا ينسى طلبته المجدين وهنا نهض وبادرنا حالا اريد ان اراه والتقي به شخصيا فهو أستاذنا ونحن من يجب ان نقوم بزيارته والاطمئنان عليه وهذا اقل شيء نصنعه لهذه الاجيال التي ربت وانشأت اجيال نفتخر بها، فنعم رد الجميل وما هي الا بضع دقائق وفاجأ سيادة المطران مار ميخا مقدسي استاذ الاجيال منصور سورو بزيارة لم تكن على البال او الخاطر وتجاذبا اطراف الحديث والايام وماحملت السنون من ذكريات عن القوش واهل القوش الشجعان. وكم كانت فرحة الاستاذ منصور سورو بلقائه سيادة المطران فقد رجعت به السنوات الى تلك الايام وما كانت تحمله من مفاجآة لاسيما ان طلبته قد خط كل واحد له دربه في هذه الحياة بنجاح ومثابرة حاملا نبراسا من الاجتهاد ومتسلحا بالتعليم والثقافة فهي زاد الحياة.', 27 => '', 28 => ''''8- سيادة المطران مثلث الرحمة أبلحد صنا''' ', 29 => 'ولد سيادة المطران أبلحد صنا في قرية أرادن التابعة لأبرشية العمادية شمال العراق في 10/12/1922 و تلقى دروسه اللاهوتية في معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل وارتسم كاهناً في 15/5/1947. ثم انتخب اسقفاً على ابرشية ألقوش الكلدانية في 20/ 12/1960 وتمت رسامته اسقفاً بتاريخ 19/3/1961 على يد غبطة أبينا البطريرك المثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو. خدم الكنيسة وأبرشية ألقوش العريقة بأعماله و خدمته الروحية لمدة أكثر من أربعون عاماً وتتميز القوش بوجد دير تم بنائه في القرن الخامس الميلادي والمعروف بدير الربان هرمز، كما توجد العديد من الكنائس والأماكن المسيحية المقدسة فيها. رَسَمَ المطران أبلحد صنا العديد من القساوسة لرفد الابرشية بالأعلام كما تقبل الرسامة على يده بدرجة الشمامسة المقرئين العديد من أبناء بلداتنا الحبيبة ومن اعماله ترميم كنيسة مار كوركيس وبناء كـنيسة في مزار مار قـرداغ سنة 1990 واليوم أصبحت هذه الكـنيسة مهمة لسكان حي مار قـرداغ حيث يصلون و يأدون جميع الطقوس الكنسية. انتقل المطران المثلث الرحمة مار عبد الأحد صنا الى الأخدار السماوية يوم الأربعاء الموافق 28/2/2007 في عمان أثر مرض عضال وتمت مراسيم الجناز بحسب الطقس الكلداني في كنيسة يسوع الملك يوم الخميس المصادف 1/3/2007 ونقل جثمانه فيما بعد الى مقر الأبرشيه في القوش واجري له مراسيم الدفن لتليق بأحد احبار الكنيسة الكلدانية القديسين واحد اعمدتها الاساسيين.', 30 => 'للمطران ابلحد صنا مواقف بطولية في القوش وقد كان للاستاذ منصور سورو حظوة كبيرة لديه وكان كثيرا ما يتشاورون مع اعيان البلدة وعليّة القوم وحكمائها في تسيير الأمور العامة لان الظرف كان صعبا والحركات اليمينية واليسارية على اشدها وفي تلك الفترة كان يدير ناحية القوش سيروان الجاف وكان العين والاذن واليد الطولى للحكومة وقد تزايدت شكاوي المواطنين من تصرفاته في الوشاية بأبناء البلدة وايداعهم المعتقلات فيما كان المطران وباقي الاخيار يدفعون بعجلة الحياة الى الامام ومن أبناء القوش الغيارى سادونا بولا المختار، ياقو شكوانا، بطرس لاسو، حبيب شدا، الخوري ابلحد عوديش، القس يوحنا جولاخ. وهنا تحضرني حادثة فقد كان الأستاذ منصور سورو يدّرس مادة الدين عند تأسيس ثانوية القوش لعدم وجود مدرس لمادة الدين على ملاك المدرسة وقد طلب من سيادة المطران المساعدة وفعلا تم تعيين الاب الخوري أبلحد عوديش لتدريس المادة ثم عين الاب يوحنا جولاخ على ملاك ثانوية القوش. وكان سيادة المطران لا يدخر فرصة الا وقد قام بزيارة الأستاذ منصور في بغداد حين قيامه بمهامه الرعوية فقد امتدت صداقتهما لسنين طويلة كانت اخرها في صيف عام 2006 في القوش وقد اخذ منهما الدهر نصيبه ليسترجعا ذكرياتهما الجميلة الحزينة وما آلت اليه امور مدينتنا القوش بعد الاخيرة والتحولات "الديموقراطية"في عراقنا الحبيب.', 31 => '', 32 => ''''9- وداعا ً أستاذي منصور سورو'''', 33 => 'كتب المهندس نبيل يونس دمان، وهو من مواليد مدينة القوش عام 1951 درس في ثانوية القوش متوقد الذكاء اهلته درجاته للدخول الى كلية الهندسة في جامعة الموصل من احسن جامعات العراق في قسم الهندسة الميكانيكية، تخرج في عام 1976 بدرجة بكالوريوس هندسة ميكانيكية وذو المام عالي بالجوانب العلمية والعملية بالاضافة الى كونه متعددٌ المواهبِ، منها نُظمُ الشعرِ وإتقان لغةَ آبائه وأجداده، الى جانب اللغة العربية والانكليزية كما انه كاتب ناشط في الامور التراثية والتاريخية مؤلف وله عدة كتب منشورة وله الاف المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي عمل بدأبٍ ونشاطٍ في شؤون الجالية، والوطن الحبيب، وأولى إهتماماً أكبرَ في قضية قومِه تنسب للعمل عند تخرجه في مديرية الطرق والجسور في نينوى ودهوك وعمل كمهندس ثم انخرط بسلك ألتدريس في جمهورية اليمن الشعبية لمدة سبع سنوات ولحق بركب المغتربين ليستقر منذ عام 1990 في الولايات المتحدة الامريكية.', 34 => ' أبى إبنُ القوشَ المعروف منصور أودا سورو، ان يغادر هذه الدنيا، إلا من على تلك الارض الطيبة التي ولد فيها قبل اكثر من ثمانين عاما ً، ومنها انطلق الى رحاب الحياة، بكنز من الطاقة والحيوية، ليكسب العلم والأدب، وليعود الى بلدته مديراً لثانويتها الحديثة التأسيس. لن ابالغ القول بانه افضل مدير أدارة تلك المدرسة (للفترة من 1957- 1966)، أشبهه بالربان الماهر الذي قاد السفينة في ظل العواصف والرياح العاتية. ذلك ما حدث عام 1963، الذي شهدت فيه البلاد، المد الشوفيني الرجعي، والذي اعقب سنوات الأفراح والمباهج، غداة ثورة الشعب الخالدة 14 تموز. لا يمكن تخيل رجلا غيره، يستطيع ان يسيطر على الأمور، ويدع المدرسة تستمر في ظل عبث كاتب المدرسة المندس عدنان، وحقد الدوائر الأعلى في الموصل، لقد أودع أكثر مدرسي الثانوية في السجون، وتخلى الكثير من الطلبة عن المواصلة، واختفوا عن الانظار، والباقون منهم ظلـّوا فزعين، تنتابهم الهواجس، بإنتظار مرور الإعصار. كان الراحل يوازن الأمور بعقل راجح وضمير حي، محاولا ً إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتخفيف الحيف الملحق بالطلبة، ظل الدوام مستمرا ً في ظل تناقص كبير للمدرسين، وتنسيب عدد غير قليل من معلمي الابتدائية، كملحقين في التدريس.', 35 => 'كان يعامل الطلبة كأبنائه فيغمرهم بالحب ما أمكن، ويعاقبهم اذا اساؤوا التصرف بعقوبات سريعة، منها اللجوء الى الضرب الذي ساد آنذاك. كان موجها ً فريدا، ومربيا ً فذا، طرائقه في حل مشاكل الطلبة هي نادرة التكرار، تتخللها في اكثر الأحيان النكتة البارعة، والشدة المناسبة، وأحيانا السخرية اللاذعة بالمقصرين في واجباتهم، او المخلين باللوائح المدرسية، كان لا يفرق بين قريب له او صديق او من ملة اخرى، الذين تحتضنهم الثانوية، بل جميعهم عنده سواسية، وحتى المدرسين الذين غالبيتهم من خارج البلدة، فكان يعاملهم بالاحترام وفي الحزم عند الضرورة.', 36 => ' كان الأستاذ منصور مديري لسنتين فقط (1964- 1966) وفيها أيضا اتخذ مسكنه قريبا من بيتنا في محلة التحتاني (منزل اسحق جولاغ) لهذا كان دائما ً امام أنظاري في المدرسة، وبعد الدوام يشق طريقه عاقدا ً يديه خلف ظهره الى السوق او الى نادي الموظفين، بوجهه الصارم وجسمه الممتلئ وسيكارته التي لا تفارق شفتيه، في بعض الأعْصُر يتخذ مجلسه، في بيدَر قريب، بين رجال محلتنا الذين غالبيتهم رحلوا الى رحمة الله (منهم : نونو ايسف جولاغ، أيسف جبرائيل توسا، كريم يونس تيزي، غريبو جبو لاوو، ياقو اسرايي تومكا، شابا توما كولا، الياس جيقا، اسو اورها حنونا، ميخا زراكه، سليمن جاورو) فكان خير متحدث في امور الحياة والدنيا، كما كان ينقل لنا والدي العزيز يونس ياقو دمان، بإعتباره أحد الجُلاس. ورغم حياته المنظمة والجدّية، فقد كان يرفه عن نفسه، في تبادل الزيارات العائلية، او القيام بالسفرات الى المناطق السياحية، فكان مثال الانشراح والانطلاق، وراوي الطرائف المتقنة، والتي تثير طويلا المستمع اليها، وقد كان من أوائل من امتلكوا السيارة (في البلدة آنذاك اربع سيارات خصوصية فقط تعود الى المدير الراحل جرجيس حميكا، والمضمد الراحل شابا توما كولا، والمضمد الراحل اسطيفان ابونا). اضافة الى مسؤوليته الادارية، كان يدرس مادة الرياضيات للصفوف المتوسطة، وكانت له طريقة فريدة في اللجوء الى الامثلة من البيئة المحيطة، ومن موجودات السوق، من المكاييل والأوزان وغيرها، فيقرب الموضوع الرياضي الى أذهاننا، ويجعله يترسخ الى الأبد. يا لقساوة الايام ويا لصروف الدهر، فالرجل الذي اثار جيلنا، لم ألتق به إلا في سني ادارته، وقد حالت هيبته وقوة شخصيته، دون ان امعن النظر في تلك الملامح الصارمة، او أتمكن التكلم معه في أي موضوع، و بحكم العلاقة التي كانت تربط الطالب مع الأستاذ، والمبنية على الاحترام الفائق، بل وعدم التواجد مطلقا في اماكن إلتقاء المدرسين، كم كنت في شوق ان أجلس معه وأسمعه ولو لمرة واحدة، ولكن تلك الفرصة تبخرت في رحيله يوم 4 – تشرين الثاني- 2006. الذي لا يعرف اصل الأستاذ ربما يراوده ذلك السؤال، فاقول انه قد سُمّي على إسم جدّه القس منصور سورو (المتوفي سنة 1907)، الذي كان رئيس كهنة البلدة، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الكاهن المذكور الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات.', 37 => ' ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الاصليين، عرف منهم أيضا ً الشخصية التقدمية، والمعلم المحبوب، المرحوم موسى نوح القس منصور، الذي لا يكاد حديث مثقفي البلدة يتوقف عن الاشادة به وابراز خِصاله الحميدة، وقد كان الاول على دورته في العام الدراسي الابتدائي (1935- 1936). وتبقى شجرة بيت سورو ترفد البلدة بالمتميزين في الحاضر والمستقبل، لعل الدكتور منهل ابن الفقيد أحد هؤلاء، وبهذه المناسبة الأليمة أنشد له ولإخوانه ووالدته وأعمامه وكل فرد في اسرته، الصبر والسلوان، كما وأمد يدي اليه أينما يتواجد الآن مواسياً، ومقدراً فداحة خسارته، أخاله سيواصل طريق والده في حياته الزاخرة. قبل فترة قصيرة سمعت بتواجد الأستاذ منصور في القوش، وانه قد ترك جبهة الخطر في بغداد، ففرحت ومنيت نفسي بالقول: لقد اقترب اللقاء، حالما تنفرج ظروفي الخاصة بالعمل، فتطأ أقدامي أرض بلدتي التي فارقتها قرابة ربع قرن. القدر لم يـَلِن لرغبتي، والحياة لم تمهله، ففارقها مع بالغ الأسف، وراح يودعه عوضا عني في موطن الآباء والأجداد، وربما سار نعشه محمولا على اكتافهم. لتكن كلماتي القصيرة هذه، خير وفاء لذكراه المتجددة. ورودٌ نضرة، وأغصانٌ طرية، أنثرها فوق قبره.<ref>http://bakhdida.ca/NabilDamman/FrYousifAbia.html موقع بخديدا </ref>', 38 => '', 39 => ''''10- يوسف عودة سورو'''', 40 => 'من مواليد القوش 1945 ويعتبر الموظف الاصغر سنا في القوش حيث دخل الابتدائية سنة 1950 بعمر خمس سنوات واكملها بتفوق سنة 1956 مما شجع عائلته لادخاله الثانوية بعد ان وسمت فيه حب المدرسة والتفوق ليتبوأ مركزا مرموقا وقد اكملها في خمس سنوات وكان مولعا بالتخصصات الطبية كونها من المهن الانسانية ولاختزال الوقت فقد التحق بمعهد المهن الطبية العالي في بغداد واكملها في سنتين ولكونه من المتميزين فقد قدم لوظيفة في وزارة الصحة وتم تعينه وهو بعمر 18 سنة فقط. ويوسف عودة كاتب ومؤلف وشاعر له عدة كتب منها المبسط في تعلم اللغة السريانية 2001 وكتاب في الذاكرة المنسي وفي طريق النسيان 2018 وهو صاحب ملتقى القوش الثقافي صاحب اكثر مشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي. ', 41 => 'كان اخي ومعلمي ومدرسي في نفس الوقت فقد كنا معا في مدينة السليمانية سنة 1953 عندما كنت في الابتدائية ثم كنا أيضا معا في مدينة الموصل 1956 عندما كنت في المتوسط الشرقية وكان استاذي لخمس سنوات في ثانوية القوش (1957-1962) كان يدرسنا مادة الرياضيات بالاضافة الى كونه مدير المدرسة ولكن ذلك لم يكن ليعطيني امتياز او فرق عن الاخرين فكلنا كنا سواسية لا بل كان يحاسبنا بشدة ففي احد السنين وعند الامتحانات لم استطع الدراسة بشكل جيد ولذلك فقد وجدت نفسي مكملا في نفس المادة التي يدرّسها اخي مما اضطرني لمضاعفة الجهود والدراسة في العطلة الصيفية والتقديم للامتحان مرة ثانية وقد نجحت بتقدير 100/100. احببت فيه الاخ والأب وحنوه علينا جميعا فقد كان قدوتنا الحسنة وبه اقتدينا وكنا نستشيره في جميع الامور حتى العائلية منها. واتذكر في في احد الايام قدم نقل الى الموصل لكون الامور في القوش كانت متوترة فبعض الطلبة كانت لهم انتماءات للحزب الشيوعي والبعض الاخر الحزب البارطي الكردستاني بينما هو كان يقدر الطلبة أمثالنا الذين جاءوا للمدرسة لتلقي العلم فقط مما كان يصطدم احياناً بطلاب مشاكسين يثيرون المشاكل والفوضى بهدف اقصاء الاساتذة. ومن المدرسين في تلك الحقبة للغة العربية استاذ شاكر نعمة الله والانكليزية الأستاذ ميخا بجوري والدين خوري ابلحد عوديش وطبعا الرياضيات والجبر والهندسة والحساب الأستاذ منصور سورو. ', 42 => '', 43 => ''''11- الخور اسقف أبرم أوراها بثيو''' ', 44 => 'ولد الاب ابرم اوراها بثيو في قرية كرنجوك التي تقع في وسط المسافة بين ناحية ألقوش وقضاء الشيخان (عين سفني) على بعد يقارب العشر كيلومترات بين القوش. يحدها من الشرق قرية بيروزاوا ومن الغرب قرية عين بقره ومن الشمال قريتي النصيريه والجراحيه ومن الجنوب قرية داشقوتان. وقد كان مولعا بالتعليم فلا يمانع من قطع المسافة بين الثانوية ومسكنه والتي تبلغ اكثر من ستة اميال مشيا على الاقدام وفي احسن الاحوال بالدراجة الهوائية رغم قساوة الاحوال الجوية وخصوصا في الشتاء. وكان الاب من المتفوقين ويعشق العلوم والفيزياء والدروس الدينية واللغة وقد رسم كاهنا وعين في مدينة ولكتنون في نيوزيلاندا وقد اقام غبطة المطران يعقوب دانيل يوم الأحد 23 تشرين الأول 2011 قداسا في كنيسة مار كوركيس الشهيد في ولنغتون قام خلاله بترقية الأب أبرم بثيو إلى درجة الخور أسقف وبالاضافة الى التزاماته في خدمة الرعية فانه كاتب مثقف منحته الملكة إليزابيث الثانية في حزيران 2013 وسام الملكة الرفيع المستوى للخدمات الجليلة التي قدمها إلى أبناء امتنا بصورة عامة. ', 45 => 'في نهاية شهر أب من عام 1961 ركبت الدراجة الهوائية التي كان يسوقها أخي المرحوم جندو أوراها بثيو وتوجهنا صباحا من قريتنا العزيزة كرنجوك إلى ناحية ألقوش لتسجيلي في مدرسة متوسطة ألقوش, وكنت في الرابعة عشرة من عمري, ولكن دراجتنا الهوائية. والتي كان أصدقاؤنا يحسدوننا عليها. أوصلتنا ألقوش في منتصف النهار لثقب حصل في إطارها الخلفي في وادي نهر قرية النصيرية الممتلئ بالأشواك فلم نستطيع معالجة هذا الثقب اللعين الذي جعلنا نئن تحت حرارة أب. وصلنا ألقوش وبعد إن انهينا التسجيل في المدرسة, دخلنا كازينو المرحوم (عما متيكا) وكانت أرضيتها مرشوشة بالماء لتفادي الحرارة لان الكهرباء لم يكن موجودة آنذاك في ألقوش, وكم أتذكر أنشودة مائدة نزهت والتي ترن في آذاني إلى اليوم وهي تنشد من الراديو الكبير الموضوع في الكازينو وتقول:هو أبو هو أبونا, ياكريم يا كريم، وهي تنشد بالزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم.', 46 => 'لقد بدأت الدوام في مدرسة متوسطة وثانوية ألقوش في الصف الأول المتوسط، الشعبة (ج) في الملحق التابع للمدرسة والمكون من أربع شعب (جمع شعبه) وكان المرحوم الأستاذ منصور مديرا للمدرسة يدرسنا مادة الحساب. كانت شعبتنا ممزوجة من الآشوريين والأيزيديين، أهالي القرى المجاورة, والكلـدان (أهالي ألقوش وهم الأكثر) وكان هناك تسابق بيننا، وكان الأستاذ منصور في الحقيقة يحترمنا نحن أهالي القرى من المسيحيين والايزيديين لكوننا ضيوفا على أهالي ألقوش, ولم يكن يمسنا لا بالكلام ولا بالضرب إلا عندما نجبره نحن على ذلك، ولكنه كان أحيانا بنهال بالضرب على الإخوة الألقوشيين الذين كانوا يعبرون كثيرا الأصوليات والضوابط في المدرسة. وأتذكر جيدا وكل الطلاب عندما كان يمسهم بالكلام ويقول بالكلدانية:عقرت كلبا اذيا يموخ كامرا ابتلى برونا بمدرسة لا هية ؟ أو كان دائما يردد: ولوخ قيميت وقلبيت ومقلبزيت. وفي الكثير من الأحيان كان الفراش يدخل الصفوف ويناول المدرس ورقة مكتوب فيها: قرر مجلس الانضباط فصل الطالب فلان ابن فلان لمدة عشرة أيام، وخصم عشرة درجات من سلوكه.... الخ. لقد كان الأستاذ منصور مدرسا مثاليا ومديرا نموذجيا، وكان دائما يحث الطلاب على الاجتهاد والدرس وفي الكثير من الأحيان كان يتكلم باللغة الكلدانية ونشعر عند ذاك بحنانه كأب يربيهما ويتحنن علينا, وليس كمدير أو مدرس يؤدبنا. ولشدة حرصه على سلامة وصحة الطلاب كان يجن جنونه عندما يشاهد طالبا يدخن السكائر, فكان يصدر أوامر ويضع عقوبات صارمة على الطلاب الذين يدخنون حتى في السوق. ولست أتذكر فيما إذا كان المرحوم يدخن أم لا.', 47 => 'كنا نعاني من الفاقه والعوز، وأتذكر عندما توجهت إلى ألقوش للدراسة أعطاني أبي دينارا واحدا وكان للدينار آنذاك قيمة عالية, فصرفت الدينار خلال خمسة عشرة يوما, ثم تنزل تعييني إلى النصف دينار ثم إلى الربع وأحيانا إلى بضع دراهم, كان أصدقائي الذين لايزالون في الابتدائية يحسدونني للدراسة في ألقوش حيث كل شيء كان متوفرا مقارنة بالقرى. ', 48 => 'وفي احد أيام الصيف الحار من عام 1962 توجهنا بدراجتي الهوائية إنا وابن أختي ( نويا كوريال عوديشو الذي يعيش معنا ألان في نيوزلندة) إلى ألقوش وكان في جيبي عشرون فلسا وفي جيب نويا عشرة فلوس. اشترينا صمونة لكل واحد منا من الفرن المقابل للسوق آنذاك ودخلنا كازينو (عما متيكا) وطلبت إنا ستكان شاي ورحت أكل الصمونة واشرب الشاي, وأما نويا فراح يأكل صمونته جافةً لعدم امتلاكه حق الشاي، فنظر العم متيكا. رحمه الله، إلى نويا وهو يلحس الصمونة الجافة فرق له قلبه فجلب له استكان شاي قائلا بالكلدانية (شتي بروني اهاستكان على حسابي) فشكرنا شعوره وحنانه. هكذا كانت الحياة صعبة آنذاك, ولهذا السبب كان الأستاذ منصور عودة يشعر بتعب الأهل في تدريس أبنائهم وصرف ما تجود به يدهم من دريهمات من اجلهم وهم يصومون من لقمة الخبز ليصرفوها لأبناهم, فكان نعم الأب والمربي والمدرس والمدير. لاننسى شعوره مهما باعد الزمان والمكان بيننا، واليوم وهو مضى إلى ربه محافظا على الأمانة التي في جعبته، وقد تاجر بوزنته فأضاف إليها وزنات أخرى ليقول له الرب يسوع المسيح: تعال وادخل النعيم الذي اعد لكل من حافظ على الأمانة.', 49 => 'وكم يراودني الأسى والحزن وانأ في زيارتي للوطن, وزيارتي لألقوش عدة مرات في أواخر الصيف الماضي وهذا الخريف والتقائي بالعوائل والإخوة هناك. سالت عن الأستاذ منصور. فقالوا لي: انه حي وموجود لحد ألان في ألقوش ولكنه عاجز كثيرا, كم أتأسف لعدم قيامي بزيارته. رحمك الله يا أستاذ منصور. وأسكنك فسيح جناته، ولأهلك وذويك ولنا جميعا الصبر والسلوان. سنقوم بإذن الله يوم الأحد القادم 19 تشرين الثاني 2006 بذكر المرحوم الأستاذ منصور سورو في إل (خوشابا) وفي تراتيل المزمورين في خدمة الإسرار الإلهية المقدسة لجسد ودم المخلص يسوع المسيح في كنيسة مار كوركيس الشهيد، الكنيسة الشرقية القديمة في نيوزيلندة. صلوا من اجله أيها الطلاب ويا أهالي ألقوش الكرام. ونقول: إن ألقوش (يما دمشيخايوثا) أم المسيحية وقلعة الأشوريين والكلدان القومية، نقول: سيرو على خطوات ذلك المعلم والمدرس والمربي والأب الحنون لخدمة كنيستنا وامتنا العريقة لنصل معا إلى المستقبل المنشود. ولكم جيل الشكر أمين.', 50 => '', 51 => ''''12- الدكتور حبيب يوسف تومي'''', 52 => 'مواليد القوش 1943 أنهى الدراسة الأبتدائية والمتوسطة في القوش وانقطع عن اكمال الدراسة الثانوية الفرع العلمي لانخراطه في العمل السياسي مشاركاً في قوات الأنصار البيشمركة الا انه رجع واكملها عام 1969 في ثم اكمل دراسته الجامعية في الأتحاد السوفياتي ونال بكالوريوس هندسة بحرية في سنة 1982 واشترك في دورات عديدة في فرنسا والنرويج حيث هاجر واستقر بعد ان استقال سنة 1986. وقد منح لقب سفير السلام من قبل منظمة السلام العالمي في عام 2010 و منح شهادة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية من قبل الجامعة العربية المفتوحة لشمال امريكا وكندا عن اطروحته الموسومة (البارزانيون ودورهم السياسي في المسألة الكوردية) وله ثلاثة كتب مطبوعة وعشرات المقالات في شتى المواضيع التراثية والأدبية والتاريخية والسياسية والأجتماعية منشورة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية. وقد كان مؤخرا مرشحا للبرلمان العراقي في قائمة البابليون.', 53 => 'أعتبر المرحوم الأستاذ منصور اودا سورو شخصية القوشية متميزة، نحن طلابه ندين له بإحاطتنا بالرياضيات. لقد كان له طريقة خاصة بتوصيل الرياضيات الى ذهن الطالب بأسلوب بسيط وسلس رغم ما تتميز به مادة الرياضيات من جمود وتعقيد. كان يشرح الدرس باللغة الكلدانية (السورث) وكانت تحضره دائماً الأمثال والطرائف والتعليقات الألقوشية القديمة. أيام الدراسة غنية بالمواقف والحوادث والمفارقات، لا سيما في القوش حيث انت بين اهلك وأصدقائك وتتكلم بلغتك وكان الأستاذ منصور يراعي هذه الخاصية وهو الألقوشي الأصيل. ولا شك ان مصلحة المدينة ومصلحة الطلبة كانتا تستقطبان معظم اهتمامه. إن الكتابة عن هذه المفارقات يأخذ مساحة كبيرة، وفي مناسبة وفاة استاذنا الكبير منصور أودا نحاول تسجيل قبس من هذه الذكريات.<ref>http://www.alqosh.net/mod_albums.php?mod=news&modfile=item&itemid=39653 القوش نت</ref>', 54 => 'في أحد الأيام كان الصديق الطالب (ك) يحل سؤالاً في الجبر على السبورة وللسؤال طريقة يمكن حله بخطوات قليلة لا تعدو الى خمس او ست خطوات، لكن زميلنا اراد ان يحله بطريقته الخاصة وأخذ يضرب ويقسم ويطرح. وبعد امتلاء لوحة السبورة بالأرقام أخذ يمسح ويعيد الكتابة وهكذا، كل هذا الوقت واستاذ منصور ينتظر النتيجة وهو ساكت، لكن أخيراً بعد ان نفذ صبره، أوقفه وخاطبه بالسورث قائلاً : أراد أحدهم ان يثبت لأصدقائه بأن ثمة طريقة لشجّ رأسه لا يعرفها أحد سواه، فالطريقة الأعتيادية بسيطة هي ان يتناول حجراً ويضربه على رأسه. لكن الذي فعله انه ثبّت الحجر في حائط ورجع الى الوراء ويأتي بقوة ليضرب رأسه بالحجر المثبت وهكذا، وأنت تقوم بنفس العملية يا شاطر. ثم قام الأستاذ بحل السؤال ببضع خطوات لا غيرها. ', 55 => 'في يوم من الأيام استلمت إدارة المدرسة في القوش أمراً من تربية تربية الموصل بأن يكون يوم الأحد من ايام الدراسة كبقية أيام الأسبوع، في حين كان لنا عطلة يومي الجمعة والأحد، وهنا اجتمع عقلاء المدرسة من الطلبة وقرروا الأضراب عن الدراسة، وتعزيزاً للأحتجاج خرجنا بمظاهرة حاشدة للطلبة في الأماكن القريبة من المدرسة وكان هتاف المظاهرة :لا دوام يوم الأحد من الآن الى الأبد لكن أخيراً اتفقت إدارة المدرسة مع التربية في الموصل على توزيع حصص يوم الأحد الى بقية أيام الأسبوع، وهكذا انتهت المعضلة. لكن الأستاذ منصور لم يسكت على هذا الخرق وجاء الى الصف يخاطبنا قائلاً :إن إدارة المدرسة تسير وفق تعليمات وأنظمة ولا يمكنها الأخلال في هذا النظام، لكن بوسعنا ان نخاطب التربية فيما نريد بالطرق الأصولية، وبينما كان يخاطبنا دخل قائد المظاهرة المرحوم (ب) الى الصف متأخراً بعض الشئ ودلف الى الصف وينوي الجلوس في رحلته. فأوقفه الأستاذ منصور قائلاً : ألا يجدر بك ان تطرق الباب اولاً قبل الدخول ؟ لقد وصلت متأخراً فهل تعتقد ان المدرسة هي خان تأتي اليه وقتما تشاء؟ ثم أردف الأستاذ سؤالاً: لماذا تغيبت يوم أمس عن الدراسة؟ فأجابه الطالب : لأنه كان يوم الأحد. فقال له الأستاذ: اسمع ! هنا لدينا مدرسة وليس لنا رحى لطحن الحبوب وكل يأتي بحمله متى يشاء، للمدرسة قوانين وأنظمة، أما إن أردت التمسك بالأعياد فعليك الجلوس في البيت وتستطيع ان تعيّد في كل الأعياد والمناسبات والتذكارات حتى يوم تذكار (دوخرانا د قيبو)، وهي الدجاجة الحاضنة للبيض. ', 56 => 'لقد كان المرحوم يحاول مسايرة وموازنة مطاليب السلطة وكان ذلك في عهد المرحوم عبد الكريم قاسم، ومن جهة نحن الطلبة كنا نريد ان تكون الساحة مفرغة لنا ولأفكارنا اليسارية في تلك الفترة. للتاريخ أقول: ان الأستاذ منصور كان حريصاً على مصلحة طلابه وبأفق الأنسان المجرب، ولكن بثوريتنا واندفاعنا لا يمكن ان نعترف باعتدال مهما كان نوعه. لقد كان الأستاذ يختلط مع الطلاب في الساحة ويدخل معهم في نقاشات وبلغة السورث وكانه صديق او أخ كبير لهم. لقد كان الأستاذ منصور سورو يسعى الى الأتصال بأولياء أمور الطلبة لكي تتعاون الإدارة مع أسرة الطالب لتحسين وضعه الدراسي، كان متأكداً أن معظمنا من عوائل فقيرة، وهي تنتظر تخرج ابنها للحصول على وظيفة حكومية، وكانت هذه الوظيفة تضمن دخلاً شهرياً ثابتاً وكما يقولون في القوش (يوما خاثا وباري خاثي) ومع هذا كان الأستاذ يقول اننا سعداء لأننا ندرس في نفس مدينتنا القوش. ويقول كنا ندرس في الموصل، ونشتري رغيف خبز ونأتي بجوار مطعم للكباب ونشم ريحة اللحم ونأكل الخبز، وكأننا نأكل الكباب مع الخبز. نعم كانت الحياة المعاشية صعبة للأكثرية. سنة 2003 وأثناء تواجدي في بغداد تعرفت على ابنه منهل في محلهم للألكترونيات في شارع فلسطين، وطلبت منه رؤية الوالد وفعلاً جلست مع الأستاذ منصور في بيتهم المجاور للمحل ومع العائلة الكريمة وتحدثنا عن أيام الدراسة، وكان يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً. لقد كان الأستاذ منصور مثالاً للألقوشي العراقي الأصيل لقد تفوق في تدريسه وأدار ثانوية القوش بحكمة ودراية. وستبقى الذكريات الطيبة عن الأستاذ منصور قائمة في قلوبنا. ', 57 => '', 58 => ''''13- الدكتور عزيز رحيم صادق'''', 59 => 'احد علماء الفلك في العراق ولادة مدينة القوش عام 1946 وقد دخل الى مدارس القوش عام 1951 واكمل الثانوية عام 1962 واختار الفرع العلمي في مرحلة الثانوية ونبغ في دروس الفيزياء والرياضيات وكان قدوته العليا الاستاذ منصور سورو كونه كان يُدّرس كلا المادتين في ثانوية القوش ولكونه من المتفوقين فقد رشح لبعثة دراسية تكللت بحصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة مانشستر عام 1979 في فيزياء الفلك وهو العلم الذي يختص بالتحليلات العلمية في دراسة النجوم والاجرام السماوية كما نال شهادة الماجستير في علم الفلك من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة. عمل في البحث العلمي وفي وزارة التعليم العالي وعدة مشاريع ستراتيجية كمشروع المرصد الفلكي العراقي كما ان له عدة بحوث منشورة في مجلات علمية عالمية رصينة ونشر العديد من الكتب والمقالات العلمية ويعمل حاليا في مشروع كبير يتناول نشر الوسائل التعليمية في مجال الفيزياء والرياضيات والعلوم العامة لمختلف المراحل الدراسية الأساسية على شكل عروض فيديو بالصورة والصوت بالإضافة الى كونه عضو لجنة التحضير والإعداد للمؤتمر الشعبي الكلداني الآشوري السرياني ويشغل منصب مدير مركز اكد للطباعة والاعلان. ', 60 => 'كان الأستاذ منصور سورو متميزا في أسلوبه وقد أحببت مادة الفيزياء والرياضيات بالذات لأنه كان يطلب منا في كل تمرين إيجاد حل المعادلات و اشراك اكبر عدد من الطلبة واستخدام الجانب التطبيقي مع توضيح وتقريب الأسئلة الى الحياة العملية ولازلت أتذكر بعض تلك الدروس خصوصا المتعلقة بشرح قانون الفعل ورد الفعل وتفسير بعض الظواهر الفيزيائية. ولا يفوتني ان الأستاذ منصور كانت له دائما تلك التعليقات المفرحة المبهجة التي تضفي الجو المرح في مادة جافة مثل الفيزياء مما كان يساعد الطلبة في فهم المادة العلمية ولا يخفى على الجميع كم كانت تلك المرحلة صعبة ففيها الحركات المسلحة والوضع الأمني الهش والدراسة كانت على المحك لكن الأستاذ منصور استطاع بحنكته وادارته ان يثبت ويدفع التعليم الثانوي الى الامام. وهنا تحضرني حادثة فقد كنت دوما ضمن الطلبة المتميزين واحضر دائما الى المدرسة في الوقت المحدد واجد الأستاذ منصور يستقبل الطلبة والأساتذة في باب المدرسة ويعاين بنفسه المتأخرين والمتكاسلين.<ref>https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/14701-2015-01-28-18-15-15.html الكاردينيا</ref>', 61 => 'كان الاستاذ منصور سورو يتمتع بسرعة البديهة ولذلك تجد رده في محله وكثيرا ما كان الطلبة يحرجون من عدم اكمالهم الواجب البيتي وعندما يحاولون حل مسالة رياضية كانوا يخفقون وهنا يتدخل الاستاذ منصور باسلوبه المتميز ويوصل الطالب الى الحل الصحيح وكنت من الطلبة الذين يتمتعون بحضوة عند الاستاذ منصور وهو دوما يصرح بانه لا يمكن ان ينسى اثنين: الطالب المثالي المتوقد المتوهج الذي يحضر الى مقاعد الدراسة ليتعلم ويصنع مستقبله، وطالب ثاني في اخر السلم يحضر فقط للتسلية وعمل المتاعب لنفسه اولا ولأهله ثانيا. ', 62 => 'مرت السنون واثناء عملي في مجلس البحث العلمي بدرجة باحث في علوم الفضاء والفلك شاءت الصدف ان التقي منهل ابن الأستاذ منصور سورو وقد عين في نفس القسم الذي اترأسه وقد اثمر عملنا معا عدة مشاركات في مؤتمرات وبحوث وتأليف كتاب عن مذنب هالي عام 1986.', 63 => ' ', 64 => ''''14- قرص من شعاع الشمس'''', 65 => ' '''14-1 - صبري اسحق اسطيفانا''' تحدث الأستاذ صبري اسطيفانا في حلقة مشوقة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي عن ثانوية القوش وخص بالذكر الأستاذ منصور سورو فقد كان الأستاذ صبري اسطيفان طالبا في ثانوية القوش للبنين وهو من مواليد ناحية القوش 1948 تخرج واكمل الدراسة الجامعية وحصل على بكالريوس من كلية التربية جامعة بغداد عام 1972 وشغل منصب مدير ثانوية القوش نفس المدرسة التي تخرج منها ونفس المدرسة التي كان الأستاذ منصور سورو مديرا فيها. بالاضافة الى انه يشغل رئيس الهيئة الثقافية في جمعية القوش الثقافية.<ref>https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية </ref>', 66 => 'كان الأستاذ الفاضل منصور سورو يملئ المكان الذي يكون فيه لحضوره المتميز وهيبته العلمية وقاره وطريقة تدريسه لانه كان مدرس ومدير في ان واحد. ومن خلال السجلات في مدرستنا كان اول تعيين له عام 1949 وقد قدم الى القوش في تشرين الاول 1957 عندما اقيمت اول ثانوية رسمية في القوش لان قبل ذلك الوقت كانت ثانوية اهلية ولسنة واحدة وكانت صف واحد. ', 67 => 'المجتمع في ذلك الوقت كانوا يجلون التقدير والاحترام للهيئة التدريسية والتعليمية ويكنون لها مكانة في المجتمع وخصوصا عند طبقة المثقفين، والطلبة لا يثمنون قدر اساتذتهم الا بعد تخرجهم ليدركوا مقدار التضحيات التي كانوا يبذلونها من اجلهم، وانا كنت احد طلبة الأستاذ منصور ولم نكن ندرك الامور بشكل جيد ولكن الان استطيع القول ان الأستاذ منصور مربي فاضل خرّج اجيالا وحصلوا على شهادات مختلفة وهو بحق نعم المدرس ونعم الاداري. كان الأستاذ منصور يدّرس الرياضيات والجبر والمثلثات وكان يحب عمله ومتمكن علميا واداريا فاذا تاخر مدرس مثلا كان يستدعيه من اصف وينبهه ويحاسبه. واخيرا اقول نم قرير العين يا استاذنا لانه يوجد شباب في مدينتنا كانها الشجرة الباسقة التي زرعتها وامل ان تكبر ويكثر ثمرها وتخضر دوما لان لا يوجد مثل العملية التربوية مهمة للشعب الكلداني الاشوري السرياني كونه وريث علم وحضارة ومدرسة مار ميخا لا زالت قائمة منذ القرن الخامس ولحد يومنا هذا واطلب من طلبتنا ان يقتدوا باساتذتهم فهم الآباء والاخوة التي تسهر على تعليمهم. ', 68 => '', 69 => ''''14 -2- كريم يوسف يلدكو'''', 70 => 'في حلقة مميزة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي تناولت بالتفصيل حياة المربي الفاضل منصور سورو وكان للبرنامج لقاء شيق وممتع مع الأستاذ كريم يوسف يلدكو وهو من طلبة القوش النجباء والمتفوقين ولد في القوش عام 1946 وكان الاول دوما في جميع مراحل الدراسة ودخل المتوسطة في القوش عام 1960وتخرج من ثانوية القوش للعام الدراسي 1964-1965 وكان الاول على دفعته وقد انخرط في السلك التربوي وحصل على الشهادة الجامعية و عين في محافظة نينوى واختار نفس اختصاص منصور سورو فكان يدرس مادة الفيزياء لجميع المراحل ومن زملائه في التعليم جرجس جما، حنا بابانا، حميد يوسف زرا، يوسف ميا ولكفاءة استاذ كريم فقد تم ترقيته وعين مشرفا تربويا في مديرية تربية نينوى يقيم في القوش مسقط رأسه ولازال نشيطا في الشوًون الادارية والثقافية ويشغل رئيس الهيئة الادارية في جمعية القوش الثقافية. <ref>https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية </ref>', 71 => 'كنت طالبا لدى الأستاذ منصور سورو لمدة خمس سنوات من الصف الاول المتوسط عام 1960 وتخرجت من الخامس العلمي 1965 وكنت الاول على الدفعة، منصور سورو اب رحيم و مربي فاضل وكادر علمي ممتاز مخلص بعمله مقتدر من المادة العلمية عطائه فائق اداريا قائد ناجح وفي احلك الظروف فترة الستينات وكان قائد محنك، ربان شجاع و ماهر قاد ثانوية القوش الى بر الامان بكل اقتدار ورغم حقد الحاقدين على القوش وأولاد القوش، وفي زمانه كانت ثانوية القوش تنافس ثانويات العراق اجمع من حيث النتائج الوزارية فقد تخرج في تلك الحقبة طلاب نجباء ممتازين تقدموا للجامعات ونالوا شهادات في مختلف الاختصاصات وفي جميع المجالات واطلب من جميع العاملين في المجال التربوي الان ومستقبلا ان يتذكروه دائما لان مستوى التدريس قد تاخر في مختلف ارجاء العراق ليس في القوش وحسب. كما لا يفوتني شيء اخر اننا كنا ننافس بين الاقضية الاولى في العراق وكان قضاء عانة من بين الاقضية ذات النسبة العالية من الخريجين مقارنة مع القوش. لدينا في أولادنا الذين يكبرون الان ان يعيدوا امجاد الآباء ومنهم منصور سورو وانا افتخر كونه استاذي فقد درسني الرياضيات والاخلاق، صاحب نكتة، سريع البديهة، ذكي جدا وشجاع جدا. كان بالاضافة الى ذلك مرحا لا تخلوا مواقفه من دعابة فمثلا في احد الايام قام طالب على السبورة لحل مسألة في الجبر لاكنه لم يوفق واخذ يتأمل لبرهة فبادره الأستاذ منصور لماذا انت في اللعب جيد ولكن سؤال لا تستطيع حله مما اضفى جو من المرح في الصف. ومثال اخر في مادة الدين في الصف الخامس العلمي كان يدرسنا الواقع والحياة والاخلاق فقد كنا في مرحلة الثانوية مراهقين لكن استاذ منصور كان يكلمنا كأب وباخلاق عالية وتعامله لطيف للغاية وسهل التعامل أحيانا كان صديق الطالب فقد يقول أحيانا لي انا متخاصم معك فقط ليشعر الطالب باخطائه. طلبي من الاجيال الحالية ان تحذوا حذوه لانه كان مستقيم وناجح ومتميز في عمله وخدم العراق وخدم مدننا بكل تفاني.', 72 => '', 73 => ''''15- قالوا في منصور سورو'''', 74 => 'وتمر الأيام في ذكرى رحيل الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو وكأنها البارحة لم يغب عن بالنا يوم واحد وكأنه يعيش معنا. كان للأستاذ منصور فضل كبير على التعليم المدرسي الحكومي في القوش، فقد عُرف بغيرته العالية وفكرهِ السخي وخطواتهِ الراسخة، كان الرجل مثابراً لامعا في مجال مهنتهِ التي تميزت بنكهة فريدة وأسلوب متميز وممتع نالت محبة الجميع اساتذة وطلابا واولياء امور، ربى وعلٌم اجيالاً عديدة، ستبقى ذكراه خالدة في اذهانهم على مر الزمن كأثمار شجرة طيبة تجذرت عميقا في الأرض. لقد كنت أيها الأستاذ لنا دوماً ذلك الصديق الذي لانمل من احاديثه الحلوة الشيقة وكنت ذلك الاب الحكيم الذي نجد عنده الحكمة والفطنة عند المشورة وكنت ذلك الصدر الرحب الحنون الذي يكفي ليمد العالم كله بالحب والدفيء عندما تضيق بنا السبل وكنت معلمنا واستاذنا المفضل يأيها البارع وكيف لا وقد ربيت اجيالا وتخرج على يدك العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين واعضاء نافعين للمجتمع، أيها الزارع الصالح الذي بذر في من حوله الطيبة والصدق والتواضع وحب العلم وحب الوطن وحب الناس وتركت بصمات خالدة لا تنسى.', 75 => 'تَذكر القوش نت انه لا زال الكثيرون من الأطباء والمحامون والأساتذة يفتخرون بكونهم من طلبته ودائما ما يرددون أنهم أحبوا العلم تأثرا بأستاذهم الفاضل. وهذا ما كان يزيده زهوا وفخرا كيف لا وهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وما كان الا ليفرح بإنجازات أبناء بلدته خصوصا على مستوى محافظة نينوى. ويذكره الشماس جوزيف سورو بانه مثل حبة الحنطة تعطي حياة جديدة وحبات كثيرة وكأنه سفينة مرساها كبيرة ابحرت واوصلت من معها الى بر الأمان. ويذكره الأستاذ الكبير مايكل سيبي باننا كنا طلاب أستاذنا القـدير نشهـد بإخـلاصه وتفانيه وحـرصه عـلى أبناء جـلدته، ولا يمكنـني أن أصفه بأكـثر مما كتبتُ عـنه الصفـحات الإلكـترونية تحـت عـنوان (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت) وعندما سأل من في ذاكرتكم الان قال مديري الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو. يستطرد انور صادق العوصجي ان ما قدمه الراحل الكبير لابناء القوش لاكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لالقوش حيث دخل اسمه التاريخ من اوسع ابوابه، وستذكره الاجيال القادمة باجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال القوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان القوش معروف عنها انها مصنع الرجال الابطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير الذي ترجلت عن صهوة جوادك الاصيل بعد مسيرة حياتك المثمرة الطويلة لتسعد روحك الطاهرة في عليائها. والشماس فرات ميـــا يشيد فيذكر ها قد رحلت ايهـا العزيز بعد مسيرة طويلة في العطـاء وتربية الأجيال، ورحيلك قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة وفي قلوبهم غصة. و يشارك الشماس حناني ميا بالاسف لرحيل علم من إعلام العلم في العراق، ووجيه من وجهاء ألقوش مصنع الرجال المربي الكبير الأستاذ الفاضل منصور الذي خدم العلم والمعرفة أكثر من نصف قرن من الزمن في وطنه الحبيب بلد الحضارة الأول في العالم. كان الأستاذ منصور سورو مدرسة بحد ذاته تعلمت فيها وتخرجت منها أجيال عديدة ومنهم أولاده النجباء الذين خدموا المجتمع خير خدمة، إن ذكراك أيها الراحل الكبير ستبقى خالدة في أذهان الكثيرين على مر الزمن لأنها كالشجرة الطيبة أصبح لها جذور عميقة في الأرض التي زرعت فيها. اما أنور صادُق العوصجي في ألمانيا فيقول إن ما قدمه الراحل الكبير لأبناء ألقوش لأكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لألقوش حيث دخل اسمه التاريخ من أوسع أبوابه، وستذكره الأجيال القادمة بإجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال ألقوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان ألقوش معروف عنها أنها مصنع الرجال الإبطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير.', 76 => 'السيد كمال يلدو الكاتب المرموق ومقدم برنامج اضواء على العراق وفي احدى مقالاته المشوقة عن المربي الراحل عابد بتي حنا صفار المولود في مدينة القوش عام ١٩٢٩ اذ يستطرد رغم ان سنين طوال تفصلنا عن هذا الجيل، وعالم آخر نعيشـه دونهم، لكن الحديث عنهم يكتسب أهمية خاصة لأبنائهم وعوائلهم الكريمة، ولكل من يقرأ ويدرس هذه السير المباركة والمفعمة بالتجربة والحياة. ومهما تغيرت الظروف والمستجدات، يبقى الأنسان هو سيد الموقف وحامل كل مفاتيح التغيير، يسـمو و يضئ ظلمة هذا الكون، ويمنحه طعمه الزكي الحلو. إن تجربة هؤلاء المربين مفعمة بالأمل والعمل والصبر، على إن أروع درس هو ذاك الذي تشي به تجربتهم الجميلة والملخصة بإن العمل المبدع لا يأتي إلا من عقل وروح مبدعة، إلا من إنسان عاشق للحياة ويقدسها، إنسان يفرح لتقدم الناس وتطورهم. تحية لذكراهم الطيبة، بأمل ان نأخذ من رحلتهم تلك وقودا لرحلتنا في هذه الحياة، من أجل البناء وخير الأنسان. ويضيف في معرض سرده للاساتذة في القوش ان اول من تقلد منصب مدير مدرسة في بلدة القوش كان الأستاذ (منصور اوده). ', 77 => 'يتذكره السيد عوديشو زورا بِدِي العم العزيز الذي يأسر الجميع بكياسته وحكمته وأدبه الجم منذ ان كانا معا في مدرسة مار ميخا حيث انه من مواليد 1925 أيضا فيسهب القول انه في العشرينات لم يكن هناك الكثير من المتعلمين يعرفون القراءة والكتابة وكان هناك ستة مدرسين الياس بابا و إيسف باخوخا اللذين درسا في المعهد الكهنوتي السمنير ومتيكا حجي وكان هناك قساوسة لتدريس اللغة الكلدانية قراءة وكتابة وتدريس باقي العلوم والدين ثم اضيفت اللغة العربية بعد ان جاء امر مديرية المعارف باضافتها الى مناهج الدراسة. ', 78 => 'ان منصور سورو كان له ولع شديد في الدراسة والمواظبة والحضور والمناقشة وربما هذة البداية والاستمرارية جعلت منه مدرس ناجح واداري ممتاز وهنا يتذكر مواقف كثيرة لا تعد ولاتحصى منها ان كانا زميلا الدراسة في نفس الرحلة وشاءت الظروف ان والده زورا بدي كان بحاجة لعون أولاده في الزراعة وخصوصا ان القوش تعتمد على الزراعة الديمية معتمدين على موسم الامطار مما اضطر على ترك الدراسة وممارسة العمل بأناة وتواصل، تارة مع والده واخيه عيسى وتارة اجيراً عند الاخرين في اعمال الزراعة او في معصارة الراشي (الطحينية) التي كانت تعود لهم ولكونه ذو عقلية تجارية فذة فقد قام العم عوديشو بفتح دكانا في السوق، ومرت الايام وعين منصور مدير ثانوية القوش واحتاج الى سلاح شخصي وقالوا له الوحيد الذي يمكن ان تثق به هو عوديشو زورا بدي. بعد التقاعد اراد منصور سورو ان يقوم بعمل تجاري او اي مشروع يقضي وقته بعمل مفيد فلم يجد غير زميل الدراسة عوديشو زورا يشير عليه بالاعمال التجارية فقد اصبح من كبار تجار بغداد وله مكاتب جملة ومفرد واستيراد وتصدير ولا ننسى ابدا حين اذرف الدموع لحظة سماعه بفقدان منصور سورو وانتقاله الى الحياة الابدية. ', 79 => 'كان منصور سورو يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً ولذا ستبقى دائما وابدا في قلوب الأولاد والاحفاد والاقارب والاصدقاء وكل من يتذكرك وستكون دائما في صلواتنا وفى افئدة محبيك الكثيرون للابد. ', 80 => 'الأستاذ يوسف زرا وفي كتاباته عن مشاهير ألقوش في القرن العشرين اقتبس هذا المقال الجميل كان جورج جبوري شغوفا بكل الفنون، محبا للتمثيل ويعتبر أبو المسرح والتمثيل في القوش، اذ كان قد أسس فرقة جوالة في بداية الاربعينيات تحيي المسرحيات التراثية والكوميدية ذات الطابع الرومانسي والتراجيدي، ولازال المسرحيون المتتبعون لهذا الفن يذكرونه كمدرسة لهم في التعبير عن محتوى التاريخ بأسلوب درامي مشوق. ومن ابرز أعضاء تلك الفرقة والتي واصلت حمل عبئ العمل الى أواخر الاربعينيات، منهم المرحوم عابد بتي كعكلا والمرحوم جرجيس اسحق زرا والأستاذ منصور اودا سورو والمعلم اسطيفان هرمز رئيس والشماس حنا شيشا والمحاسب يوسف حنا سيبي. ومن الجدير بالذكر ان الاستاذ منصور سورو كان يحب اقتناء الكتب والمجلات فقد كان مولعا بالادب بالاضافة الى براعته في الجوانب العلمية وكان شغوفا باقتناء الاعداد الجديدة التي كانت تصدر شهريا مثل (تراثنا الشعبي)، (مجلة العربي)، (آفاق عربية)و(ألأقلام) وغيرها كثير وكان يترقب بداية كل شهر لاقتناء نسخته وقراءتها بتمعن وقد اهديت مكتبته العامرة بعد وفاته الى مكتبة مار ميخا في القوش. <ref>http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=25090:aa&catid=72:b&Itemid=45 تلسقف كوم</ref>', 81 => 'يعتبر حبيب القس يوسف عبيا احد اصدقاء الطفولة وقد تخرج من كلية الحقوق واصبح من كبار كتاب العدول في الموصل ثم بغداد الكرخ وقد دون في التواصل الاجتماعي ان منصور سورو هو الصديق والرفيق منذ الطفولة والى حيث أغابه الموت. يقول التقيت منصور على مقاعد الدراسة في مدرسة القوش الابتدائية (مار ميخا) في الصف الأول الأبتدائي عام 1934 مع المرحومين الخوري هرمز صنا وحنا حجي وتخرجنا فيها سوية عام 1939 بعد أن التقينا بركب المرحوم حبيب جمعة في الصف الرابع الاعدادي وأستمرت علاقتنا الأخوية ما حيينا. كان منصور من الطلبة اللامعين طيلة المراحل الدراسية وجدياً ومخلصاً في عمله طيله فترة عمله سواءاً في أدارة مدرسة القوش الإعدادية أو فترة التدريس في مختلف متوسطات وأعداديات بغداد وتخرج على يديه خلال ثلث قرن التي قضاها في التدريس نخبة مميزة من الشباب النابغين هذا بالاضافة الى النهوض بأولاده الستة الى أعلى مستويات الثقافة (دكاترة وأطباء ومهندسين). كان الراحل الغالي مدافعاً عنيداً عن طلابه سيما في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها بلدتنا العزيزة القوش آنذاك. ومن الذكريات الجميلة عن مدرسي ثانوية القوش كما ترويها السيدة جوليت نعيم جبرائيل گولا والتي درست في مدرسة راهبات القوش مار ميخا وبعد تخرجها تزوجت من السيد بطرس لاسو مدير مدرسة القوش الابتدائية والذي كانت تربطه بالاستاذ منصور سورو علاقة جيرة و صداقة متينة وعمل حثيث من اجل مدينتا القوش وتعود بها الذاكرة ايام مدينة السليمانية عندما كانوا اربعة زملاء في التدرج الوظيفي هم بطرس لاسو وجرجيس حميكا ويونس رزوقي وسعيد شامايا وبعد ان أصبح منصور سورو مدير ثانوية القوش استعان بزملاء الدراسة لبناء مدرسة نموذجية اذهلت دائرة المعارف انذالك رغم قساوة الظروف وضمت الهيئة التدريسية جرجيس حميكا، متي عبد الاحد، حكمت يعقوب، بهنام عفاص، بدري فرج، مظفر اليوزبكي، شاكر نعمة و مزاحم الشماع.', 82 => '', 83 => ''''16- الشماس صادق برنو'''', 84 => 'ولد صادق ياقو ميخا برنو كوريال برنو في القوش عام 1917، وفي بيت يقع مباشرة خلف كنيسة ماركوركيس الفخمة بمحلة قاشا، وكان عماذه بعد فترة من قبل القسيس يوسف منصور سمعان كادو، شق صادق طريقه في الحياة وكان يتلقى دروسه الاولى في مدرسة مار ميخا النوهدري المقابلة لبيته، ومن المعلمين الذين درس على ايديهم كل من سعيد ججاوي الياموري كوركيس عواد لا كنه ترك الدراسة ليساعد والده في العمل ولكنه لم يبقى أسير نمط واحد من العمل، فسرعان ما غيره ليصبح سائق صهاريج النفط، ومدة اخرى في باصات نقل طلبة المدارس الاهلية في بغداد، مما منحته فرصة للتعرف على المدينة والاستفادة من معطياتها ويذوب فيها فتعلق بالكنيسه، وواظب على تعلم واتقان لغته السريانية، بل تفوق فيها ليصبح خطاطاً وشاعراً ومرنماً، ثم شماساً قديراً، حيث نال درجتها عام 1942 في القوش على يد المطران مار حنا قريو يقوندا، ونظرا لحسه الوطني والطبقي المتنامي فقد تعاطف مع الأفكار السياسية السائدة آنذاك، لفترة من الزمن مع شباب من عائلته، اعتقل في سجون الموصل الرهيبة، ونال قسطا من المعاناة والشدائد في تلك الايام الحالكة. وبعد فترة وجيزة سافر الى الولايات المتحدة الامريكية واستقر فيها منذ عام 1967، وعندما وصل الى هذه ديار الغربة شمر عن ساعديه للعمل والتأقلم مع الحياة الجديدة، دون ان يقطع صلته بالوطن الأم لا بل لعب صادق برنو وعائلته دوراً، في استقبال ومساعدة سيل المهاجرين منذ اوائل سبعينات القرن الماضي، وعمل مع ابنائه في تسهيل معاملات الهجرة حتى اصبحوا روادا فيها . وهو كاتب ومؤلف وله العديد من الكتب والمقالات والمطبوعات في شتى المجالات اغلبها من طقسنا الكلداني. ورغم سنونه التي زادت عن المائة الا انه لازال غزيرا بعطائه فلا زال يولف ويطبع ويوزع الكتب والنشرات بالعربية والسريانية الى جميع محبيه ومعارفه.<ref>https://www.alqosh.net/mod.php?mod=news&modfile=item&itemid</ref>', 85 => 'نظم الشماس صادق برنو قصيدة في رثاء الأستاذ منصور سورو لحبه واعتزازه بابن بلدته حيث كان ثلاثة من أولاد الشماس وهم نوئيل، جبرائيل و ريمون طلابا في ثانوية القوش وكان دوما متابع لهم وحريصا على اكمالهم تعليمهم وتختزن ذاكرتهم جميعا لقصص ونوادر تلك الحقبة وكيفية تعامل الأستاذ منصور في تلك المواقف وقد اصبحوا شبابا يافعين محترمين لهم ادوارهم في المجتمع والقصيدة باللغة السريانية: ', 86 => 'حزن ورثاء', 87 => 'للاستاذ منصور سورو', 88 => 'اكتب واقدم احترامي لهذا المربي', 89 => 'استاذ منصور سورو عالي في التعليم', 90 => 'الذي انتقل ورحل من هذا العالم', 91 => 'الى الحياة الابدية في سلام وسكينة', 92 => 'استاذ منصور مبارك ومتواضع', 93 => 'عملت كثيرا بحب ودون كلل', 94 => 'لهذه المدرسة ليلا ونهارا', 95 => 'بقلب مملوء بالفرح ويفيض بالمحبة', 96 => 'بقلب كبير وسعه التفاني', 97 => 'لهذه المدرسة عملت باجتهاد', 98 => 'ومشاعرك مملوءة بالحب العامر', 99 => 'لهذه الخدمة نذرت كل حياتك ', 100 => 'خدمت ثانويتك بكل اخلاص', 101 => 'في ذلك الزمان مملوء بالصعاب', 102 => 'مسلحين يطوفون شوارع المدينة', 103 => 'وصوت المدافع تصم الاذان', 104 => 'كل تلك السنين واجهت المصاعب ', 105 => 'لم تتضايق او تتوان في كل الاوقات', 106 => 'بل عملت وساعدت اكثر', 107 => 'لتسع سنوات من ذلك الزمان', 108 => 'لك يا استاذ منصور وفي كل الاوقات', 109 => 'يشكرون جهودك أولاد بلدتك', 110 => 'ربيتهم بعقلك وانرتهم بحكمتك', 111 => 'رفعت من علمهم ونعموا بالمناصب', 112 => 'ربيتهم كانهم أولادك', 113 => 'كنت دائما بهم فرحانا', 114 => 'لا يمكن ان ينسوك مهما حصل', 115 => 'سيتذكرونك دائما وابدا', 116 => 'انت دوما في ذكراهم بالمحبة والاحترام', 117 => 'لا تغيب عن فكرهم صغيرهم وكبيرهم', 118 => 'لأنك كنت لهم الصديق والمعلم', 119 => 'ومحبتك لهم راسخة وكبيرة', 120 => 'مرحى لك لهذه الخدمة', 121 => 'رفعت اسمك في هذه الدنيا', 122 => 'نرجو من الرب ان لك يمن', 123 => 'مكانا في الفردوس معه بالمسرة', 124 => '', 125 => ''''17- القس منصور سورو''' ', 126 => 'الذي لا يعرف أصل الأستاذ منصور سورو ربما يراوده ذلك السؤال، ولكنه قد سُمّي على أسم جدّه القس منصور سورو، الذي كان من كهنة القوش المعروفين، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الاب الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الأصليين. ', 127 => '[[ملف:Three grand sons.jpg|تصغير]]', 128 => 'ولد القس منصور او الاب سوريشوع والتي كانت كنيته أحيانا في القوش عام 1830. تثقف وتعلم في المدارس الكهنوتية في ذلك الوقت ورسم كاهنا لخدمة رعية القوش وضواحيها، وكان متزوجا وله أربعة أولاد (متي، أبلحد، يوسف و نوح). وبالاضافة الى واجباته الدينية لخدمة الرعية في كنيسة ماركوركيس كان معروفا بغيرته وشجاعته النادرة بحيث كان يحل جميع المشاكل مع الحكومة او مع الاغوات او المتنفذين في المنطقة بالاضافة الى كونه كان الرجل السباق في رفع السلاح والوقوف بوجه الاعتداءات اثناء الغزوات على منطقته رغم كونه رجل دين الا انه قاد رجال القوش الغيارة الشجعان ضد اعدائهم في المنطقة.', 129 => 'اتقن القس منصور الحياكة وعمل الملابس المحلية ليعيل اسرته الكبيرة دون الاعتماد على اي مصدر اخر وقد ورث بعض احفادة هذه المهنة عنه بالاضافة الى كونهم شمامسة في الكنيسة.', 130 => 'كان يقضي الكثير من وقته في القراءة والكتابة وله العديد من المخطوطات بخط يده محفوظة في مكتبة الكنيسة وقسم منها في مكتبات عالمية فله كتاب بعنوان (بعض الحكايات والقصص المختصرة باللغة الكلدانية الدارجة لطلاب المدارس ومتعلمي اللغة السوادية بيسر) المنشور سنة 1880 والمحفوظ في مخطوطات برلين صفحة 430 رقم 128. وكتاب اخر نشر عام 1882 باللغة الكلدانية الدارجة. كانت القوش تفتخر بشجاعته فقد روي انه عندما يذكرون القسس في القوش يقولون لدينا تسعة قسس والقس منصور لتفانيه في خدمة الجماعة مع انه ذو شخصية مرحة يحب سرد الفكاهات والنوادر وكان مجلسه يعج بالمؤمنين وخصوصا في زمن الشدائد عندما كانوا يطلبون منه النصح والتدبير. توفي الاب منصور سورو في القوش سنة 1907 وقد وارى جثمانه الثرى في باحة كنيسة مار كوركيس في مكان قريب من المذبح ونقش على الجدار تذكار يليق به.' ]
السطور المزالة في التعديل (removed_lines)
[]
نص الصفحة الجديد، مجردا من أية تهيئة (new_text)
'1- المقدمة يسعدني أن أقدم للقراء الأفاضل هذه النخبة المختارة من المثقفين المعنيين بتراث بلدنا الحبيب العراق واثار رموزنا ومبدعينا الذين رفدوا مسيرة التعليم وخصوصا في بلدتنا القوش العزيزة على قلوبنا، هذا العمل المتواضع من مجموعة مقـالات وتعليقات وتعقيبات عن مربي فاضل كانت له بصمه في تاريخ القوش في فترة صعبة مليئة بالأحداث الهامة الا وهو الأستاذ منصور اودا سورو مدير ثانوية القوش للفترة (1957 – 1966) والذي استطاع بحنكته واسلوبه وتفانيه من إيصال السفينة الى بر الأمان بعد ان كانت تتلاطمها الأمواج و الرياح العاتية والعواصف الشديدة. آمل أن يجد القارئ الكريم في هذا الكتاب القدوة الحسنة والفائدة المرجوة مع المتعة في استذكار حقبة مهمة عصفت ببلدنا والتي حرصتُ أن أجعل منها باقات لمختلف الكٌتاب المعنيين بالأدب والسياسية والتاريخ والتراث وتعتبر مقالاتهم أثيرة، تفوح منها كلمات بشذا عطر أساليبهم الجميلة، وعبق تراثنا العراقي الأصيل، متأملا إلى أن نجد ناشئتنا واجيالنا القادمة تحذو حذو من سبقونا ويستفيدوا من دروس ابائنا فهم النبراس والهداية وقد بذلوا جل امكاناتهم في تقويم اجيالا نامل ان يتبعوا خطاهم، وصولاً إلى ما كان عليه أولئك السلف الصالح من نفوس أبية طيبة، وقلوب مؤمنة صافية، وعقول فذّة ذكية، وعلوم ثرية مفيـدة، وآراء حكيمـة سديدة، وحكم قويم سليم.&#91;1&#93; 2- التربية والنشأ ولد المربي الفاضل الأستاذ منصور اودا يوسف القس منصور سورو في الأول من تموز سنة الف وتسعمائة وخمسة وعشرين للميلاد 1925 في ناحية القوش التابعة لقائمقامية الشيخان في محافظة نينوى التي تقع شمال جُمْهُوريَّة العِرَاق وتعتبر ثاني أكبر المدن العراقية، وتبعد عن بغداد حوالي 402 كيلومتر، وهي أقدم مدن الإمبراطورية الآشورية القديمة وأعرقها، وتتميز بموقعها الاستراتيجي فهي تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة لذلك فهي تتميز بخصوبة أراضيها الزراعية والرعوية. نشا منصور سورو في كنف عائلة كريمة تمتهن التجارة والده أودا يوسف القس منصور (1904-1972) ووالدته أنو كوريال منصور عطايا من مواليد القوش (1914-1997)، اخوته حازم ويوسف وسالم واخواته هيلين و جميلة وخيرية وسلمى. كان منصور الولد البكر ومنذ نعومة أضفاره كان متوهج الذكاء لامعا بين اقرانه قيادي بارع وارتأت العائلة ان لا تقف حجر عثرة امام مستقبله الزاهر لذا أُدخِل الدراسة الابتدائية في مدرسة القوش (مار ميخا النوهدري) عام 1933، وكانت من المدارس المعدودة في كل المنطقة ومن اقدم الصروح العمرانية والحضارية الشامخة بهيكلها منذ بنائها عام 414 ولحد الان في بلدة القوش القديمة، وكانت للمدرسة كنيسة تعود لدير سابق ولذلك كان الطلبة يرتوون من العلم والثقافة بالإضافة الى التعاليم الدينية والطقس الكلداني وتشمل الكنيسة ثلاثة هياكل، ازيل اثنان منهما بسبب تهدمهما وعدم التمكن من ترميميهما. وآخر تاريخ لتجديد هذه الكنيسة كان عام 1876 وهو مثبت على لوح حجري فوق كوة ضريح مار ميخا والتي تقع الى الجانب الأيمن من مذبح الكنيسة وترتبط المدرسة بشمال الهيكل مباشرة، وقد شيدت هذه المدرسة عام 1923. وهي امتداد تاريخي لمدرسة مار ميخا النوهدري والذي أسسها منذ استقراره في هذه القرية. وظلت كمركز اشعاع وفكر لكافة صنوف العلوم والمعرفة الى جانب علوم الدين المسيحي واللغة السريانية، وقد تخرج من هذه المدرسة القديمة عمالقة في اللغة والأدب السرياني الى جانب كبار رجال الدين الكنيسة الشرقية سابقا، والكنيسة الغربية لاحقا. وكانت نبراسا للأجيال وللثقافة الدينية منذ الطفولة أمثال القس إسرائيل شكوانا، والقس دميانوس كونديرا والمطران طيماثيوس مقدسي والمطران توما اودو وغيرهم ممن تضلع في اللغة والأدب والفلسفة، الى جانب كبار خطاطين اللغة السريانية والذين تركوا ثروة كبيرة من المخطوطات المنتشرة في جميع القارات ومنهم الشماس بولس قاشا ومتيكا حجي حداد الذي اصبح معلما فيها. وكان من بين رفقاء الدراسة البطل المناضل توما صادق توماس، حنا حداد، حبيب جمعة، رحيم قلو، عوديشو زورا بدي، حبيب القس يوسف عبيا، بطرس اودو و الخوري هرمز صنا والذين اصبحوا فيما بعد أصدقاء ورفقاء لسنوات طويلة. 3- المتوسطة والثانوية اكمل منصور سورو الدراسة الابتدائية سنة 1939 وكان واحدا من أولئك الطلبة، الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، وبلا تعثر والتحق في المدرسة المتوسطة الغربية في مدينة الموصل والتي كانت وما زالت من المدارس الاولى لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل انذلك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز أعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة أظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذويهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم، حتى اجتاز المرحلة الثانوية في الموصل بتفوق. وقد اكمل الدراسة الإعدادية والثانوية بتقديرات جيدة، مما شجعه لزيادة تحصيله العلمي وشجع عائلته لدعمه في حصوله على شهادة عالية رغم ان معظم سكنة القرى لا يميلون الى ارسال أولادهم الى الجامعات، المعاهد و الكليات في ذلك الزمان للظروف الاقتصادية التي كانت تعاني منها العوائل وحاجتهم الى قيام أولادهم باعانتهم و مساعدتهم وخصوصا في المجتمع الزراعي السائد في القوش. 4- ليسانس دار المعلمين العالية انتقل الأستاذ منصور الى بغداد في منطقة الوزيرية وشاءت الصدف ان يلتقي باصدقاء سبقوه وشجعوه للتقديم إلى دار المعلمين العالية سنة 1945. وقد ثابر ليلحق بالركب وخصوصا ان الكلية كانت حديثة وتعتمد التدريس بالطرق الغربية وتستخدم المصادر الاجنبية باللغة الانكليزية مما ضاعف من الجهود في مواصلة الدراسة. فدار المعلمين كانت مؤسسة تربوية أسست في بغداد عام 1923 وكانت تقع مبانيها المتعددة في منطقة الوزيرية بمحاذاة السدة، وتعرف الآن بكلية التربية وتعود في يومنا هذا الى جامعة بغداد و كان على من يريد الالتحاق بها دفع رسوم دراسية كانت في بدأ الامر (15) روبيه شهريا أي ما يعادل (دينار و125 فلسا)، كما وتقرر أن لا يقبل فيها إلا الذين يرغبون في إعداد أنفسهم للتعليم في المدارس الثانوية ومفتشين ومدراء للمدارس ومن الطريف إن يدرس في الدار طلبة صينيون وبلغار وبريطانيين فضلا عن الطلبة البحارنة والسوريين والتونسيين والمغاربة والأردنيين والفلسطينيين. لقد كانت تلك الدار (أم المدارس) و(من أمهات معاهد الثقافة والمعرفة) كما وصفها أحد طلبتها د. حسين علي محفوظ، كنواة الطبقة الوسطى وأداة التغيير. في سنة 1927 أصبحت (دار المعلمين العالية) معهدا قائما بذاته بمنهج نهاري كامل (علمي وأدبي) مع (قسم داخلي) ملحق بها وفي العام الدراسي 1937 - 1938 استقبلت الدار أول وجبة من الفتيات العراقيات وذلك في عهد عميدها د. متي عقراوي وكن 8 فتيات وفي العام 1939 أصبحت مدة الدراسة أربعة سنوات يمنح الطالب بعد إنهائها شهادة البكالوريوس في العلوم أو الآداب أو التربية وتخرج اساتذة للعمل في الثانويات. ومن بين الخريجين من تلك الدار بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، كامل ادهم الدباغ (مقدم برنامج العلم للجميع)، عاتكة الخزرجي، عبد الوهاب البياتي واحمد عبد الستار الجواري (والذي أصبح وزيرا للتربة فيما بعد)، لميعة عباس عمارة (الشاعرة)، مصطفى جواد وعبد الجبار عبد الله (العالم الفيزياوي والفلكي خريج أمريكا وأحد الأفذاذ القلائل في العالم من شراح نظرية آينشتاين وتقلد منصب رئاسة جامعة بغداد في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات) وغيرهم. ومن التدريسيين في هذه الدار الأستاذ معروف الرصافي لتدريس آداب اللغة العربية والأستاذ جلال رزيق لتدريس الرياضيات. وقد امضى الأستاذ منصور سورو في دار المعلمين العالية أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء عام 1949 فقد كان في الفرع العلمي والذي كان ينقسم الى البيولوجيا او فيزياء والرياضيات اما فرع الآداب فانه كان يشمل مواد اللغة العربية والانكليزيه والجغرافيه والتاريخ وقد ادخلت دروس الدين في مناهج دار المعلمين العالية لاحقا، مما أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يُعَدون على أصابع اليد الواحدة. كان الطالب المقبول يوقع عقداً، يتعهد فيه ان يخدم في وزارة المعارف بالوظيفة التي تكلفه بها الوزارة، مدة تعادل المدة التي يقضيها في الدراسة، وهنا تنسب الأستاذ منصور للخدمة في محافظة السليمانية للتدريس في ثانوية السليمانية هذه المدينة التي تأسست في العام 1784 من قبل ابراهيم سليمان باشا وهو أحد أفراد أسرة امراء بابان المعروفة والعريقة، حيث تقول القصة: لقد خرج الباشا ذات يوم في رحلة صيد متوجها نحو منطقة شهرزور القديمة التي كانت تمتد مساحتها لتشمل مدينة السليمانية الحالية، فلما رأى الباشا المنطقة وقع في حبها فورا وقرر أن يبني عليها مدينة، فبناها وأطلق عليها اسم والده سليمان باشا بابان. من الجدير بالذكر ان إحصاء أجرته سلطات الانتداب البريطاني عام 1920 أن مجموع سكان لواء السليمانية (محافظة السليمانية حالياً) كان 155 ألف منهم 5000 نسمة من المسيحيين. ويصفها سكانها وعشاقها (مدينتي حياتي) وبالكردية (سليماني شاره‌ حه‌ياته‌كه‌)، حيث يكسوها الثلج في الشتاء والخضار في الربيع وتنتشر ازهار النرجس في الحقول مع الهواء العليل، مدينة تحضنها الجبال وتسكن قلب سلسلة جبلية متصلة بعضها ببعض، تقع شمال شرق العراق ضمن إقليم كردستان. خدم الأستاذ منصور في مدينة السليمانية خمسة سنوات لحين وجود شاغر في محافظة نينوى حيث انتقل الى مدينة الموصل ليدرّس في المتوسطة الغربية وهي نفس المدرسة التي دَرَسَ فيها لثلاث سنوات. وعندما قررت وزارة المعارف افتتاح اول ثانوية رسمية في القوش عام 1957 لم يجدوا اكفأ واقدر وانسب من الأستاذ منصور سورو لتعيينه كأول مديرا لها لعدة أسباب مثل كفاءته وكونها الناحية التي ولد فيها ولما يعرف عنه من حسن الإدارة. عمل بكل إخلاص وتفاني لمدة تسع سنوات كمدير للثانوية بالإضافة الى تدريس مادتي الرياضيات والفيزياء عدا عن تدريس ماة الدين المسيحي لفترة وجيزة. وانتقل للعمل في بغداد سنة 1966 وبعد مضي سنتان أوفد الى المملكة العربية السعودية للتدريس في الطائف وجدة حيث كان العراق في تلك الحقبة منارة اشعاع الى جميع الدول العربية وكانت خبراته تتبادل في نظام الاعارة مقابل اضعاف الرواتب مما كان المدرسون يتسابقون للحصول على هذه الفرصة وكانت التضحيات كبيرة فهم يتركون عوائلهم ويتغربون في البلاد وخصوصا الخليجية او بلاد المغرب العربي لسنوات على امل ان يرجعوا وينعموا بحياة افضل حيث ان الحكومة العراقية لم تكن تثمن هذه الطبقة الوسطى من الموظفين. تحلى الأستاذ منصور بكثير من الشجاعة ليستطيع التأقلم في مدينة إسلامية تطبق الشريعة وهو شماس في كنيسة يحب طقوسها حتى العظم وكان يتندر بالقصص الكثيرة التي كان فيها شاهد عيان خصوصا ان المجتمع السعودي بدوي يجب التعامل معه بحذر وخصوصا أولاد الامراء والوجهاء والطبقة الحاكمة فأي هفوه قد تكلف حياة او مستقبل أي كان. وبحنكة واقتدار اذاب كل الصعاب وعمل لمدة سنتان ليعود الى بغداد للعمل في سلك التدريس في ثانوية عقبة بن نافع للبنين الواقعة في شارع فلسطين، حي المهندسين حتى سنة 1982 واحالته على التقاعد. ولقد كان التقاعد بالنسبة له كالعجلة التي توقفت فجأة بعد ان كانت في حركة دائمة وعطاء لمدة ثلاثة وثلاثون سنة متواصلة . تزوج سنة 1957 من ابنة عمه صبيحة صادق ابلحد القس منصور سورو وله ثلاث أولاد وثلاث بنات. أولاده منهل دكتوراه هندسة ورائد ماجستير معماري وعدي بكالوريوس بحوث حاسبات وبناته مناهل دكتوراه هندسة وثغر طبيبة وبان بكالوريوس ادارة واقتصاد. وله من الاحفاد أربعة عشر و أولاد الاحفاد ثلاثة. 5- مدير ثانوية واكثر لم يكن الأستاذ منصور سورو مدير ثانوية فحسب بل كان بشهادة الاساتذة والطلاب على حد سواء وكل أهالي ناحية القوش الشجعان الابطال كان مدرسا جيدا ناجحا محبوبا من قبل الجميع وكان له اسلوبه المتميز الذي لازال في ذاكرة الجميع فهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وعاش بينهم وكان قريبا منهم يعامل الطلبة كأب واولياء الامور كأخ ولا يتوانى عن مساعدتهم ونصحهم وما وصول اغلب الطلاب وحصولهم على الشهادة الثانوية في ذلك الظرف الصعب الا دليلا لحسن ادارته وتعليمه لا بل هناك الكثير منهم يفتخرون كونهم طلبته فقد اصبحوا اطباء ومحامين واساتذة لا بل ان بعضهم اكمل دراساته العليا وحصلوا على شهادة الماجستير والدكتوراه ودائما ما كانوا يقولون انهم احبوا العلم تأثرا بالأستاذ منصور سورو ومنهم سيادة المطران مار ميخائيل مقدسي (راعي ابرشية القوش حاليا)، الدكتور عزيز رحيم صادق (عالم فيزياء و فلك)، يوسف شميكا (ماجستير هندسة كهربائية من المملكة المتحدة)، الدكتور حبيب تومي، عابد بوداغ (مهندس مدني و انشاءات)، إسماعيل يوسف عوديش (اصبح قاضيا في محكمة نينوى)، الدكتورة سلمى عودة، الاستاذ موفق حكيم، الخور اسقف أبرم أوراها بثيو (خور اسقف مدينة ولنكتون نيوزيلندا)، الست مريم شبلا ( اصبحت المدرسة بتول)، الاستاذ نوري حبيب سورو، نبيل يونس دمان (المهندس والكاتب والمؤلف والناشط السياسي) وغيرهم كثير والقائمة تطول منهم من انتهج سلك التدريس اقتداءا به ومنهم مدراء اكفاء شغلوا مواقع هامة يعتبرون مفاتيح في مواقعهم العلمية و الادارية. ولان منصور سورو في طبيعته كان اجتماعيا يحب اللقاء بالجميع فقد دأب على إقامة المهرجانات سواء الرياضية او العلمية او الفنية وقد كان يستخدم المتوفر من ساحات وقاعات الناحية وجميع هذه الانشطة كانت عامة والجميع مدعو للحضور ليفتخر بإنجازات أولاده الطلبة خصوصا عندما كان يتم اختيار الافضل لتمثيل الناحية في مستوى محافظة نينوى (الموصل). &#91;2&#93; 6- المربي والإداري الفذ كتب الأستاذ بهنام سليمان متي القطا وهو من مدينة كرمليس بلواء الموصل محافظة نينوى ولد عام 1917 من عائلة مسيحية كلدانية، واجاد الى جانب لغته الأم السريانية اللغة العربية اجادة تامة، بل كان، ولم يزل ضليعاً فيها، فعمل مصححاً لغوياً في العديد من الصحف والمجلات. ويعد مرجعا للعديد من الأدباء والكتاب في النحو العربي، كما بات مصححاً لبعض المطابع العربية في المهجر، درس وتخرج وتبوأ مدير مدرسة كرمليس في الستينات من القرن المنصرم وقد كرمّ برسالة شكر وتقدير من المرحوم عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي العراقي بمناسبة الكلمة التي ألقاها في الحفل الذي أقيم بمناسبة اربعينية الملكة عالية ويعتبرها أعز الهدايا، أثمن "الجوائز" لديه، بدليل أنه لم يزل محتفظاً بها رغم مرور كل هذه السنين وبحكم قرب اختصاصهما نشأت علاقة عمل كمدراء يجتمعون في دائرة المعارف سوية وقد كان ناجحا في عمله وكتب هذه المقالة في ذكرى وداعه. بين الشروق والغروب في رحلة الإنسان على هذه الأرض، سفر طويل زاخر بالإحداث والمهمات قد يكون شاقا مريرا، فيعرف المرء كيف يتفاعل معه تفاعلا ايجابيا متفتحا، إذا ملك من القابليات والمؤهلات ما يعينه على النجاح والتفوق. وقد ياتي سلبيا لان ذلك الفرد لم ينل حظه من التوجيه والإرشاد، فتعيق قابلياته المتدنية عن تذليل ما يتصدى حياته من صعاب، فيرحل نسيا منسيا دون إن يترك بصمات واضحة في مجرى الإحداث ولكن الأستاذ منصور استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة إظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذوهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم. وكان الأستاذ منصور واحدا من أولئك الطلبة الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، حتى اجتاز المرحلة المتوسطة في الغربية في الموصل ثم الثانوية بتفوق وبلا تعثر، هيأته بعدها للانتقال إلى دار المعلمين العالية في بغداد، ليمضي فيها أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء، أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يعدون على أصابع اليد الواحدة وقد نسب للتدريس في ثانوية مدينة السليمانية فعمل فيها خمس سنوات كانت كافية لتمنحه الكثير من الخبرة والتجربة في حقل التربية والتدريس، وها هو يعود بعد هذه السنين الخمس يتولى مقعدا تدريسيا في نفس المتوسطة الغربية في الموصل والتي جاءها من ألقوش عام 1939فتى صغيرا خجولا يضع قدميه لأول مرة على أعتاب المدينة الصاخبة الزاخرة بالنشاط وألحيوية، بينما هو اليوم في عنفوان شبابه، وافر التجربة، غزير المادة، يدخل الصف فيملك زمام طلبته، ويشدهم إليه بشخصيته الجذابة، وطريقته المثلى في التدريس، وقد استطاع بأسلوبه الجميل. إن يخلب ألبابهم ويكسب محبتهم واحترامهم مما ساعده كثيرا على نجاحه في مهمته، لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل يوم ذاك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز اعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد امضي أبو منهل طيب الله ذكراه. ثلاثة أعوام في الغربية المتوسطة التي أظن إن مديرها يوم ذاك كان الأستاذ عبد العزيز توفيق، أو الأستاذ نزار محمد المختار، وكلاهما كانا من خيرة التربويين والإداريين. الذين لابد وان أبا منهل اكتسب من خبراتهما في الإدارة ما ساعده فيما بعد على إدارة ثانوية ألقوش التي افتتحت حديثا عام 1957 فعيّن فيها كأول مدير، وكنت خلال عمله في الموصل ومن ثم في ألقوش مديرا لمدرسة كرمليس الابتدائية وعلى ما أتذكر إنني تعرفت إليه منذ إن كان في الموصل، وتوطدت معرفتي له أكثر عندما عمل في بلدته ألقوش، فقد كنا نحن مدراء مدارس القرى الكلدانية نلتقي أيام الآحاد (وهي عطلة مدارسنا إلى جانب يوم الجمعة) في مديرية معارف الموصل، وكان هو والمرحوم الأستاذ الياس مدالو(بابا) مدير مدرسة ألقوش الابتدائية يوفدان معا إلى الموصل لإنجاز إعمال مدرستيهما، فكنا نجتمع في مقهى صغير جوار المعارف نشرب قدحا من الشاي ونتجاذب الحديث في أمور مدارسنا، وكانت إخباره من ألقوش تصلني وتفرحني، منوهة به ومشيدة بقابلياته وخلقه وطريقته المثلى في إدارة الثانوية وجهوده القصوى للارتقاء بها رغم حداثتها والعمل على رفع مستوى طلابه الدراسي، فكان المرحوم يتولى تدريس الرياضيات في الصفوف وهو الذي يخوله نظام المدارس الثانوية التفرغ التام للإدارة، لكنه كالربان الماهر كان يريد إن يكون إلى جانب بحارته، وكان يود إن يكون متواصلا مع الطلبة عن قرب يستطيع بتماسه معهم إن يدرك مدى قابليتهم، ويتعرف على نقاط الضعف لديهم ليعالجها بحنكته ويقوّم ما اِعوجّ من سيرتهم وهذه كلها صفات المدير الناجح المقتدر التي لم يكن بعيدا عنها، وقد مَرّت على أبي منهل رحمه الله ظروف صعبة مُرّة في ستينات القرن المنصرم، حين سيطر التيار القومي المتعصب على مناحي البلد، وعلى تربية الموصل بالذات، فاختلت الموازين وضاعت القيم واستنسر البغاث من الناس، وقد حدثني الصديق المرحوم جرجيس زورا ججيكا وكان مدرسا للرياضيات بزمالته، كيف كان المرحوم يوازن بين القوى المتصارعة آنذاك، يسارية كانت أم يمينية أم رجعية، وكيف كان بذكائه وحكمته وخلقه الرفيع يتجنب المواجهات ويبعد المدرسة عن الصراعات بين أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة، ليستقيم الجو الدراسي ولا يختل النظام، محافظا على كرامة مدرسيه وطلبته بنفس الوقت، وقد تمكن بفكره الثاقب وعلاقاته الاجتماعية الطيبة، إن يصمد إمام الإعصار الدموي الذي هَبً على العراق عموما في شباط 1963، وقاست من جرائه ألقوش وثانوياتها كسائر القرى المسيحية، فاعتقل العديد من مدرسيه، ولوحق الكثير من طلابه وكادت مؤسسته إن تصاب بالشلل ويتهدم كيانها الذي بذل عصارة جهده في بنائه وتمكين أسسه طوال تلك السنوات، لولا تعامله العقلاني مع الإحداث وابتعاده عن الانحياز إلى هذه الجهة أو تلك، وهكذا سار بالمدرسة نحو شاطئ الأمان، وظل الدوام متواصلا، والتدريس قائما، رغم قلة الإمكانيات، موجها إلى ألقوش وثانويتها كل اهتمامه مانحا إياها :قلبه وحبه وعقله، وبقدر ما أحب ألقوش وفداها بروحه، بادلته هي الأخرى حبا بحب وظلت دائما تذكره بالخير كابن بار وتشير إليه بالبنان كرائد فذ من روادها ا لأوائل ما كبا ولا سقط عن جوداه رغم ضراوة الأعداء وقساوة المعارك والطرق الوعرة. لقد شاءت ظروف العمل إن ينتقل الأستاذ منصور إلى بغداد عام 1966 ليتفرغ هناك إلى جانب التدريس إلى شان عائلته وأولاده الذين أراد لهم شانا كبيرا في الحياة، فانصرف إلى توجيههم للدراسات العليا ونيل المعالي، ومن اجلهم تغرب عن العراق عامين دراسيين أمضاهما في السعودية التي أوفد إليها لتدريس الرياضيات، فقد كان في قرارة نفسه يتذكر كيف وقف والداه إلى جانبه يوم كان الزمان عليهم صعبا، وقترا على نفسيهما ليوفرا له فرص التعلم، فرأى من واجبه إن يهيئ لأبنائه أفضل مما كسب، لا سيما وان الله من عليه بظروف أفضل من ظروف أولئك الفلاحين الفقراء أهله. فظل يتابعهم ويتواصل معهم حتى ابلغهم أعلى المراتب، وفيهم اليوم من يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة والطب والبكالوريوس في علوم الحاسبات والادارة والاقتصاد، حملتهم رياح الهجرة إلى بلاد الله الواسعة، وحين عاد الفقيد إلى ألقوش في عام 2006 كان قد أصبح شيخا طاعنا في السن يحمل على منكبيه ثقل الأعوام الثمانين، في فمه مرارة فراق الأحبة وتشتتهم في بقاع الأرض، وهو الذي كان يتمنى إن يكونوا إلى جواره معتزا بهم مفتخرا بالشجرة التي رعاها وسقاها حتى أينعت وأثمرت ثمرا كثيرا. لكن عزاءه كان في انه قد أدى دوره بأمانة وإخلاص. وتفاعل مع الحياة خير تفاعل، ولم يكن نسيا منسيا فيها، بل كان يحمد الله كونه رائدا من روادها وواحدا من مربيها، خلف أجيالا من المثقفين والمتعلمين هو بهم فخور، وبقابليتهم مشيد. وكفاه من الحياة كل ذلك الجهد الجهيد الذي صرفه طوال أيام عمره ففضل إن يرقد رقاده الأبدي إلى جوار أهله وأحبائه الذين سبقوه إلى دار الخلود، واسلم روحه إلى باريها فجر يوم 4/11/2006، مخلفا الحسرة واللوعة في نفوس كل من عرفه ومن بلدته ألقوش بشيبها وشبابها، وحمل أبناؤه وطلابه نعشه إلى مثواه الأخير على أكتافهم وتناقلت نعيه وسائل البريد الالكتروني إلى كافة إنحاء العالم. ورثاه الأقربون والأبعدون رحم الله أبا منهل الرجل الصالح وأثابه على إتعابه خير الثواب. فقد كان عظيما في حياته، شامخا في مماته، والرجال الكبار وان رحلوا عن هذه الدنيا، إلا إن ذكراهم لا تفنى، فهم خالدون بما قدموه من خدمة وجهد لمجتمعهم وبلدهم، وما تركوه من اثر صالح لبني قومهم، وما خلفوه من ذرية نافعة تحمل المشعل من بعدهم، رحم الله الأستاذ منصور واسكنه فسيح جناته التي وعد بها أبناؤه الذين حفظوا عهده، ذكرى لصالحين تدوم إلى الأبد.&#91;3&#93; 7- سيادة المطران ميخا مقدسي ولد المطران ميخا بولا اوراها مقدسي في ناحية القوش سنة 1949 و درست في مدارسها حتى دخل معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان في الموصل عام 1964 وفي عام 1976 رسم كاهنا على يد سيادة المطران المثلث الرحمة مار عبدالاحد صنا الذي كان حينها راعيا لأبرشية القوش منذ تاسيسها بقرار السينودس البطريركي في شهر حزيران سنة 1960 وقد تمت تلك المراسيم بحضور السفير البابوي المثلث الرحمة جان ريب وجموع غفيرة من الكهنة و الشمامسة وجميع أهالي القوش الذين كثيرا ما يفرحهم ان يكون أحد ابنائهم في الايمان قد سيم في مرتبة دينية عليا. وقد رسم اسقفا في عام 1998 بعد خدمة 26 سنة في بيت الرب واجريت المراسيم في العاصمة بغداد في الدير الكهنوتي في الدورة حي الميكانيك مع اثنين من زملائه في الخدمة الكهنوتية هما سيادة المطران بطرس الهربولي وسيادة المطران مار ربان القس. واليوم يرعى أبرشية ألقوش ابن القوش البار المطران مار ميخا مقدسي منذ تقاعد المطران ابلحد صنا في 7 ايلول عام 2002 بعد خدم الابرشية لمدة اربعون عاما ويبلغ عدد نفوس القوش اليوم حوالي 7000 نسمة جلهم من المؤمنين الكلدان . ومن إنجازاته الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى&#160;: إقامة مراكز ثقافية في القوش وتلسقف و باطنايا و باقوفا و تشييد وبناء المطرانية و دار خاص للعجزة في القوش. لم تمر مناسبة الا وقد جاء ذكر الأستاذ منصور سورو وخدماته لهذه الناحية في وقت كان العوز والفاقة بالاضافة الى الاحتقان السياسي وكان القدوة الحسنة واثره لا يمكن ان يكون في غياهب النسيان كهباءً منثوراً وهنا تجدر الاشارة الى حادثة لا يمكن ان تنسى حيث كان لسيادة المطران طموحات كبيرة بانشاء البطريركية ودار للكهنة وانشاءات كنسية كثيرة ومتعددة الاغراض وصادف زيارتنا (انا واخي رائد منصور) له في مكتبه في (القونخ) بجاني كنيسة مار كوركيس في القوش في 2006 وبادر بشرح قسم من المشاريع واراد ان يطلع عليها رائد كونه حاصل على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية وله عدة تصاميم كنسية منفذة في بغداد والموصل واثناء الحديث سال عن منصور سورو "اين الأستاذ منصور سورو الان " فقلنا له انه حاليا في القوش في داره في محلة سينا ولكنه لايستطيع المشي كونه متعب من عملية اجريت له مؤخرا والا فانه متشوق للقائكم فهو لا ينسى طلبته المجدين وهنا نهض وبادرنا حالا اريد ان اراه والتقي به شخصيا فهو أستاذنا ونحن من يجب ان نقوم بزيارته والاطمئنان عليه وهذا اقل شيء نصنعه لهذه الاجيال التي ربت وانشأت اجيال نفتخر بها، فنعم رد الجميل وما هي الا بضع دقائق وفاجأ سيادة المطران مار ميخا مقدسي استاذ الاجيال منصور سورو بزيارة لم تكن على البال او الخاطر وتجاذبا اطراف الحديث والايام وماحملت السنون من ذكريات عن القوش واهل القوش الشجعان. وكم كانت فرحة الاستاذ منصور سورو بلقائه سيادة المطران فقد رجعت به السنوات الى تلك الايام وما كانت تحمله من مفاجآة لاسيما ان طلبته قد خط كل واحد له دربه في هذه الحياة بنجاح ومثابرة حاملا نبراسا من الاجتهاد ومتسلحا بالتعليم والثقافة فهي زاد الحياة. 8- سيادة المطران مثلث الرحمة أبلحد صنا ولد سيادة المطران أبلحد صنا في قرية أرادن التابعة لأبرشية العمادية شمال العراق في 10/12/1922 و تلقى دروسه اللاهوتية في معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل وارتسم كاهناً في 15/5/1947. ثم انتخب اسقفاً على ابرشية ألقوش الكلدانية في 20/ 12/1960 وتمت رسامته اسقفاً بتاريخ 19/3/1961 على يد غبطة أبينا البطريرك المثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو. خدم الكنيسة وأبرشية ألقوش العريقة بأعماله و خدمته الروحية لمدة أكثر من أربعون عاماً وتتميز القوش بوجد دير تم بنائه في القرن الخامس الميلادي والمعروف بدير الربان هرمز، كما توجد العديد من الكنائس والأماكن المسيحية المقدسة فيها. رَسَمَ المطران أبلحد صنا العديد من القساوسة لرفد الابرشية بالأعلام كما تقبل الرسامة على يده بدرجة الشمامسة المقرئين العديد من أبناء بلداتنا الحبيبة ومن اعماله ترميم كنيسة مار كوركيس وبناء كـنيسة في مزار مار قـرداغ سنة 1990 واليوم أصبحت هذه الكـنيسة مهمة لسكان حي مار قـرداغ حيث يصلون و يأدون جميع الطقوس الكنسية. انتقل المطران المثلث الرحمة مار عبد الأحد صنا الى الأخدار السماوية يوم الأربعاء الموافق 28/2/2007 في عمان أثر مرض عضال وتمت مراسيم الجناز بحسب الطقس الكلداني في كنيسة يسوع الملك يوم الخميس المصادف 1/3/2007 ونقل جثمانه فيما بعد الى مقر الأبرشيه في القوش واجري له مراسيم الدفن لتليق بأحد احبار الكنيسة الكلدانية القديسين واحد اعمدتها الاساسيين. للمطران ابلحد صنا مواقف بطولية في القوش وقد كان للاستاذ منصور سورو حظوة كبيرة لديه وكان كثيرا ما يتشاورون مع اعيان البلدة وعليّة القوم وحكمائها في تسيير الأمور العامة لان الظرف كان صعبا والحركات اليمينية واليسارية على اشدها وفي تلك الفترة كان يدير ناحية القوش سيروان الجاف وكان العين والاذن واليد الطولى للحكومة وقد تزايدت شكاوي المواطنين من تصرفاته في الوشاية بأبناء البلدة وايداعهم المعتقلات فيما كان المطران وباقي الاخيار يدفعون بعجلة الحياة الى الامام ومن أبناء القوش الغيارى سادونا بولا المختار، ياقو شكوانا، بطرس لاسو، حبيب شدا، الخوري ابلحد عوديش، القس يوحنا جولاخ. وهنا تحضرني حادثة فقد كان الأستاذ منصور سورو يدّرس مادة الدين عند تأسيس ثانوية القوش لعدم وجود مدرس لمادة الدين على ملاك المدرسة وقد طلب من سيادة المطران المساعدة وفعلا تم تعيين الاب الخوري أبلحد عوديش لتدريس المادة ثم عين الاب يوحنا جولاخ على ملاك ثانوية القوش. وكان سيادة المطران لا يدخر فرصة الا وقد قام بزيارة الأستاذ منصور في بغداد حين قيامه بمهامه الرعوية فقد امتدت صداقتهما لسنين طويلة كانت اخرها في صيف عام 2006 في القوش وقد اخذ منهما الدهر نصيبه ليسترجعا ذكرياتهما الجميلة الحزينة وما آلت اليه امور مدينتنا القوش بعد الاخيرة والتحولات "الديموقراطية"في عراقنا الحبيب. 9- وداعا ً أستاذي منصور سورو كتب المهندس نبيل يونس دمان، وهو من مواليد مدينة القوش عام 1951 درس في ثانوية القوش متوقد الذكاء اهلته درجاته للدخول الى كلية الهندسة في جامعة الموصل من احسن جامعات العراق في قسم الهندسة الميكانيكية، تخرج في عام 1976 بدرجة بكالوريوس هندسة ميكانيكية وذو المام عالي بالجوانب العلمية والعملية بالاضافة الى كونه متعددٌ المواهبِ، منها نُظمُ الشعرِ وإتقان لغةَ آبائه وأجداده، الى جانب اللغة العربية والانكليزية كما انه كاتب ناشط في الامور التراثية والتاريخية مؤلف وله عدة كتب منشورة وله الاف المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي عمل بدأبٍ ونشاطٍ في شؤون الجالية، والوطن الحبيب، وأولى إهتماماً أكبرَ في قضية قومِه تنسب للعمل عند تخرجه في مديرية الطرق والجسور في نينوى ودهوك وعمل كمهندس ثم انخرط بسلك ألتدريس في جمهورية اليمن الشعبية لمدة سبع سنوات ولحق بركب المغتربين ليستقر منذ عام 1990 في الولايات المتحدة الامريكية. أبى إبنُ القوشَ المعروف منصور أودا سورو، ان يغادر هذه الدنيا، إلا من على تلك الارض الطيبة التي ولد فيها قبل اكثر من ثمانين عاما ً، ومنها انطلق الى رحاب الحياة، بكنز من الطاقة والحيوية، ليكسب العلم والأدب، وليعود الى بلدته مديراً لثانويتها الحديثة التأسيس. لن ابالغ القول بانه افضل مدير أدارة تلك المدرسة (للفترة من 1957- 1966)، أشبهه بالربان الماهر الذي قاد السفينة في ظل العواصف والرياح العاتية. ذلك ما حدث عام 1963، الذي شهدت فيه البلاد، المد الشوفيني الرجعي، والذي اعقب سنوات الأفراح والمباهج، غداة ثورة الشعب الخالدة 14 تموز. لا يمكن تخيل رجلا غيره، يستطيع ان يسيطر على الأمور، ويدع المدرسة تستمر في ظل عبث كاتب المدرسة المندس عدنان، وحقد الدوائر الأعلى في الموصل، لقد أودع أكثر مدرسي الثانوية في السجون، وتخلى الكثير من الطلبة عن المواصلة، واختفوا عن الانظار، والباقون منهم ظلـّوا فزعين، تنتابهم الهواجس، بإنتظار مرور الإعصار. كان الراحل يوازن الأمور بعقل راجح وضمير حي، محاولا ً إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتخفيف الحيف الملحق بالطلبة، ظل الدوام مستمرا ً في ظل تناقص كبير للمدرسين، وتنسيب عدد غير قليل من معلمي الابتدائية، كملحقين في التدريس. كان يعامل الطلبة كأبنائه فيغمرهم بالحب ما أمكن، ويعاقبهم اذا اساؤوا التصرف بعقوبات سريعة، منها اللجوء الى الضرب الذي ساد آنذاك. كان موجها ً فريدا، ومربيا ً فذا، طرائقه في حل مشاكل الطلبة هي نادرة التكرار، تتخللها في اكثر الأحيان النكتة البارعة، والشدة المناسبة، وأحيانا السخرية اللاذعة بالمقصرين في واجباتهم، او المخلين باللوائح المدرسية، كان لا يفرق بين قريب له او صديق او من ملة اخرى، الذين تحتضنهم الثانوية، بل جميعهم عنده سواسية، وحتى المدرسين الذين غالبيتهم من خارج البلدة، فكان يعاملهم بالاحترام وفي الحزم عند الضرورة. كان الأستاذ منصور مديري لسنتين فقط (1964- 1966) وفيها أيضا اتخذ مسكنه قريبا من بيتنا في محلة التحتاني (منزل اسحق جولاغ) لهذا كان دائما ً امام أنظاري في المدرسة، وبعد الدوام يشق طريقه عاقدا ً يديه خلف ظهره الى السوق او الى نادي الموظفين، بوجهه الصارم وجسمه الممتلئ وسيكارته التي لا تفارق شفتيه، في بعض الأعْصُر يتخذ مجلسه، في بيدَر قريب، بين رجال محلتنا الذين غالبيتهم رحلوا الى رحمة الله (منهم&#160;: نونو ايسف جولاغ، أيسف جبرائيل توسا، كريم يونس تيزي، غريبو جبو لاوو، ياقو اسرايي تومكا، شابا توما كولا، الياس جيقا، اسو اورها حنونا، ميخا زراكه، سليمن جاورو) فكان خير متحدث في امور الحياة والدنيا، كما كان ينقل لنا والدي العزيز يونس ياقو دمان، بإعتباره أحد الجُلاس. ورغم حياته المنظمة والجدّية، فقد كان يرفه عن نفسه، في تبادل الزيارات العائلية، او القيام بالسفرات الى المناطق السياحية، فكان مثال الانشراح والانطلاق، وراوي الطرائف المتقنة، والتي تثير طويلا المستمع اليها، وقد كان من أوائل من امتلكوا السيارة (في البلدة آنذاك اربع سيارات خصوصية فقط تعود الى المدير الراحل جرجيس حميكا، والمضمد الراحل شابا توما كولا، والمضمد الراحل اسطيفان ابونا). اضافة الى مسؤوليته الادارية، كان يدرس مادة الرياضيات للصفوف المتوسطة، وكانت له طريقة فريدة في اللجوء الى الامثلة من البيئة المحيطة، ومن موجودات السوق، من المكاييل والأوزان وغيرها، فيقرب الموضوع الرياضي الى أذهاننا، ويجعله يترسخ الى الأبد. يا لقساوة الايام ويا لصروف الدهر، فالرجل الذي اثار جيلنا، لم ألتق به إلا في سني ادارته، وقد حالت هيبته وقوة شخصيته، دون ان امعن النظر في تلك الملامح الصارمة، او أتمكن التكلم معه في أي موضوع، و بحكم العلاقة التي كانت تربط الطالب مع الأستاذ، والمبنية على الاحترام الفائق، بل وعدم التواجد مطلقا في اماكن إلتقاء المدرسين، كم كنت في شوق ان أجلس معه وأسمعه ولو لمرة واحدة، ولكن تلك الفرصة تبخرت في رحيله يوم 4 – تشرين الثاني- 2006. الذي لا يعرف اصل الأستاذ ربما يراوده ذلك السؤال، فاقول انه قد سُمّي على إسم جدّه القس منصور سورو (المتوفي سنة 1907)، الذي كان رئيس كهنة البلدة، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الكاهن المذكور الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الاصليين، عرف منهم أيضا ً الشخصية التقدمية، والمعلم المحبوب، المرحوم موسى نوح القس منصور، الذي لا يكاد حديث مثقفي البلدة يتوقف عن الاشادة به وابراز خِصاله الحميدة، وقد كان الاول على دورته في العام الدراسي الابتدائي (1935- 1936). وتبقى شجرة بيت سورو ترفد البلدة بالمتميزين في الحاضر والمستقبل، لعل الدكتور منهل ابن الفقيد أحد هؤلاء، وبهذه المناسبة الأليمة أنشد له ولإخوانه ووالدته وأعمامه وكل فرد في اسرته، الصبر والسلوان، كما وأمد يدي اليه أينما يتواجد الآن مواسياً، ومقدراً فداحة خسارته، أخاله سيواصل طريق والده في حياته الزاخرة. قبل فترة قصيرة سمعت بتواجد الأستاذ منصور في القوش، وانه قد ترك جبهة الخطر في بغداد، ففرحت ومنيت نفسي بالقول: لقد اقترب اللقاء، حالما تنفرج ظروفي الخاصة بالعمل، فتطأ أقدامي أرض بلدتي التي فارقتها قرابة ربع قرن. القدر لم يـَلِن لرغبتي، والحياة لم تمهله، ففارقها مع بالغ الأسف، وراح يودعه عوضا عني في موطن الآباء والأجداد، وربما سار نعشه محمولا على اكتافهم. لتكن كلماتي القصيرة هذه، خير وفاء لذكراه المتجددة. ورودٌ نضرة، وأغصانٌ طرية، أنثرها فوق قبره.&#91;4&#93; 10- يوسف عودة سورو من مواليد القوش 1945 ويعتبر الموظف الاصغر سنا في القوش حيث دخل الابتدائية سنة 1950 بعمر خمس سنوات واكملها بتفوق سنة 1956 مما شجع عائلته لادخاله الثانوية بعد ان وسمت فيه حب المدرسة والتفوق ليتبوأ مركزا مرموقا وقد اكملها في خمس سنوات وكان مولعا بالتخصصات الطبية كونها من المهن الانسانية ولاختزال الوقت فقد التحق بمعهد المهن الطبية العالي في بغداد واكملها في سنتين ولكونه من المتميزين فقد قدم لوظيفة في وزارة الصحة وتم تعينه وهو بعمر 18 سنة فقط. ويوسف عودة كاتب ومؤلف وشاعر له عدة كتب منها المبسط في تعلم اللغة السريانية 2001 وكتاب في الذاكرة المنسي وفي طريق النسيان 2018 وهو صاحب ملتقى القوش الثقافي صاحب اكثر مشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي. كان اخي ومعلمي ومدرسي في نفس الوقت فقد كنا معا في مدينة السليمانية سنة 1953 عندما كنت في الابتدائية ثم كنا أيضا معا في مدينة الموصل 1956 عندما كنت في المتوسط الشرقية وكان استاذي لخمس سنوات في ثانوية القوش (1957-1962) كان يدرسنا مادة الرياضيات بالاضافة الى كونه مدير المدرسة ولكن ذلك لم يكن ليعطيني امتياز او فرق عن الاخرين فكلنا كنا سواسية لا بل كان يحاسبنا بشدة ففي احد السنين وعند الامتحانات لم استطع الدراسة بشكل جيد ولذلك فقد وجدت نفسي مكملا في نفس المادة التي يدرّسها اخي مما اضطرني لمضاعفة الجهود والدراسة في العطلة الصيفية والتقديم للامتحان مرة ثانية وقد نجحت بتقدير 100/100. احببت فيه الاخ والأب وحنوه علينا جميعا فقد كان قدوتنا الحسنة وبه اقتدينا وكنا نستشيره في جميع الامور حتى العائلية منها. واتذكر في في احد الايام قدم نقل الى الموصل لكون الامور في القوش كانت متوترة فبعض الطلبة كانت لهم انتماءات للحزب الشيوعي والبعض الاخر الحزب البارطي الكردستاني بينما هو كان يقدر الطلبة أمثالنا الذين جاءوا للمدرسة لتلقي العلم فقط مما كان يصطدم احياناً بطلاب مشاكسين يثيرون المشاكل والفوضى بهدف اقصاء الاساتذة. ومن المدرسين في تلك الحقبة للغة العربية استاذ شاكر نعمة الله والانكليزية الأستاذ ميخا بجوري والدين خوري ابلحد عوديش وطبعا الرياضيات والجبر والهندسة والحساب الأستاذ منصور سورو. 11- الخور اسقف أبرم أوراها بثيو ولد الاب ابرم اوراها بثيو في قرية كرنجوك التي تقع في وسط المسافة بين ناحية ألقوش وقضاء الشيخان (عين سفني) على بعد يقارب العشر كيلومترات بين القوش. يحدها من الشرق قرية بيروزاوا ومن الغرب قرية عين بقره ومن الشمال قريتي النصيريه والجراحيه ومن الجنوب قرية داشقوتان. وقد كان مولعا بالتعليم فلا يمانع من قطع المسافة بين الثانوية ومسكنه والتي تبلغ اكثر من ستة اميال مشيا على الاقدام وفي احسن الاحوال بالدراجة الهوائية رغم قساوة الاحوال الجوية وخصوصا في الشتاء. وكان الاب من المتفوقين ويعشق العلوم والفيزياء والدروس الدينية واللغة وقد رسم كاهنا وعين في مدينة ولكتنون في نيوزيلاندا وقد اقام غبطة المطران يعقوب دانيل يوم الأحد 23 تشرين الأول 2011 قداسا في كنيسة مار كوركيس الشهيد في ولنغتون قام خلاله بترقية الأب أبرم بثيو إلى درجة الخور أسقف وبالاضافة الى التزاماته في خدمة الرعية فانه كاتب مثقف منحته الملكة إليزابيث الثانية في حزيران 2013 وسام الملكة الرفيع المستوى للخدمات الجليلة التي قدمها إلى أبناء امتنا بصورة عامة. في نهاية شهر أب من عام 1961 ركبت الدراجة الهوائية التي كان يسوقها أخي المرحوم جندو أوراها بثيو وتوجهنا صباحا من قريتنا العزيزة كرنجوك إلى ناحية ألقوش لتسجيلي في مدرسة متوسطة ألقوش, وكنت في الرابعة عشرة من عمري, ولكن دراجتنا الهوائية. والتي كان أصدقاؤنا يحسدوننا عليها. أوصلتنا ألقوش في منتصف النهار لثقب حصل في إطارها الخلفي في وادي نهر قرية النصيرية الممتلئ بالأشواك فلم نستطيع معالجة هذا الثقب اللعين الذي جعلنا نئن تحت حرارة أب. وصلنا ألقوش وبعد إن انهينا التسجيل في المدرسة, دخلنا كازينو المرحوم (عما متيكا) وكانت أرضيتها مرشوشة بالماء لتفادي الحرارة لان الكهرباء لم يكن موجودة آنذاك في ألقوش, وكم أتذكر أنشودة مائدة نزهت والتي ترن في آذاني إلى اليوم وهي تنشد من الراديو الكبير الموضوع في الكازينو وتقول:هو أبو هو أبونا, ياكريم يا كريم، وهي تنشد بالزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم. لقد بدأت الدوام في مدرسة متوسطة وثانوية ألقوش في الصف الأول المتوسط، الشعبة (ج) في الملحق التابع للمدرسة والمكون من أربع شعب (جمع شعبه) وكان المرحوم الأستاذ منصور مديرا للمدرسة يدرسنا مادة الحساب. كانت شعبتنا ممزوجة من الآشوريين والأيزيديين، أهالي القرى المجاورة, والكلـدان (أهالي ألقوش وهم الأكثر) وكان هناك تسابق بيننا، وكان الأستاذ منصور في الحقيقة يحترمنا نحن أهالي القرى من المسيحيين والايزيديين لكوننا ضيوفا على أهالي ألقوش, ولم يكن يمسنا لا بالكلام ولا بالضرب إلا عندما نجبره نحن على ذلك، ولكنه كان أحيانا بنهال بالضرب على الإخوة الألقوشيين الذين كانوا يعبرون كثيرا الأصوليات والضوابط في المدرسة. وأتذكر جيدا وكل الطلاب عندما كان يمسهم بالكلام ويقول بالكلدانية:عقرت كلبا اذيا يموخ كامرا ابتلى برونا بمدرسة لا هية ؟ أو كان دائما يردد: ولوخ قيميت وقلبيت ومقلبزيت. وفي الكثير من الأحيان كان الفراش يدخل الصفوف ويناول المدرس ورقة مكتوب فيها: قرر مجلس الانضباط فصل الطالب فلان ابن فلان لمدة عشرة أيام، وخصم عشرة درجات من سلوكه.... الخ. لقد كان الأستاذ منصور مدرسا مثاليا ومديرا نموذجيا، وكان دائما يحث الطلاب على الاجتهاد والدرس وفي الكثير من الأحيان كان يتكلم باللغة الكلدانية ونشعر عند ذاك بحنانه كأب يربيهما ويتحنن علينا, وليس كمدير أو مدرس يؤدبنا. ولشدة حرصه على سلامة وصحة الطلاب كان يجن جنونه عندما يشاهد طالبا يدخن السكائر, فكان يصدر أوامر ويضع عقوبات صارمة على الطلاب الذين يدخنون حتى في السوق. ولست أتذكر فيما إذا كان المرحوم يدخن أم لا. كنا نعاني من الفاقه والعوز، وأتذكر عندما توجهت إلى ألقوش للدراسة أعطاني أبي دينارا واحدا وكان للدينار آنذاك قيمة عالية, فصرفت الدينار خلال خمسة عشرة يوما, ثم تنزل تعييني إلى النصف دينار ثم إلى الربع وأحيانا إلى بضع دراهم, كان أصدقائي الذين لايزالون في الابتدائية يحسدونني للدراسة في ألقوش حيث كل شيء كان متوفرا مقارنة بالقرى. وفي احد أيام الصيف الحار من عام 1962 توجهنا بدراجتي الهوائية إنا وابن أختي ( نويا كوريال عوديشو الذي يعيش معنا ألان في نيوزلندة) إلى ألقوش وكان في جيبي عشرون فلسا وفي جيب نويا عشرة فلوس. اشترينا صمونة لكل واحد منا من الفرن المقابل للسوق آنذاك ودخلنا كازينو (عما متيكا) وطلبت إنا ستكان شاي ورحت أكل الصمونة واشرب الشاي, وأما نويا فراح يأكل صمونته جافةً لعدم امتلاكه حق الشاي، فنظر العم متيكا. رحمه الله، إلى نويا وهو يلحس الصمونة الجافة فرق له قلبه فجلب له استكان شاي قائلا بالكلدانية (شتي بروني اهاستكان على حسابي) فشكرنا شعوره وحنانه. هكذا كانت الحياة صعبة آنذاك, ولهذا السبب كان الأستاذ منصور عودة يشعر بتعب الأهل في تدريس أبنائهم وصرف ما تجود به يدهم من دريهمات من اجلهم وهم يصومون من لقمة الخبز ليصرفوها لأبناهم, فكان نعم الأب والمربي والمدرس والمدير. لاننسى شعوره مهما باعد الزمان والمكان بيننا، واليوم وهو مضى إلى ربه محافظا على الأمانة التي في جعبته، وقد تاجر بوزنته فأضاف إليها وزنات أخرى ليقول له الرب يسوع المسيح: تعال وادخل النعيم الذي اعد لكل من حافظ على الأمانة. وكم يراودني الأسى والحزن وانأ في زيارتي للوطن, وزيارتي لألقوش عدة مرات في أواخر الصيف الماضي وهذا الخريف والتقائي بالعوائل والإخوة هناك. سالت عن الأستاذ منصور. فقالوا لي: انه حي وموجود لحد ألان في ألقوش ولكنه عاجز كثيرا, كم أتأسف لعدم قيامي بزيارته. رحمك الله يا أستاذ منصور. وأسكنك فسيح جناته، ولأهلك وذويك ولنا جميعا الصبر والسلوان. سنقوم بإذن الله يوم الأحد القادم 19 تشرين الثاني 2006 بذكر المرحوم الأستاذ منصور سورو في إل (خوشابا) وفي تراتيل المزمورين في خدمة الإسرار الإلهية المقدسة لجسد ودم المخلص يسوع المسيح في كنيسة مار كوركيس الشهيد، الكنيسة الشرقية القديمة في نيوزيلندة. صلوا من اجله أيها الطلاب ويا أهالي ألقوش الكرام. ونقول: إن ألقوش (يما دمشيخايوثا) أم المسيحية وقلعة الأشوريين والكلدان القومية، نقول: سيرو على خطوات ذلك المعلم والمدرس والمربي والأب الحنون لخدمة كنيستنا وامتنا العريقة لنصل معا إلى المستقبل المنشود. ولكم جيل الشكر أمين. 12- الدكتور حبيب يوسف تومي مواليد القوش 1943 أنهى الدراسة الأبتدائية والمتوسطة في القوش وانقطع عن اكمال الدراسة الثانوية الفرع العلمي لانخراطه في العمل السياسي مشاركاً في قوات الأنصار البيشمركة الا انه رجع واكملها عام 1969 في ثم اكمل دراسته الجامعية في الأتحاد السوفياتي ونال بكالوريوس هندسة بحرية في سنة 1982 واشترك في دورات عديدة في فرنسا والنرويج حيث هاجر واستقر بعد ان استقال سنة 1986. وقد منح لقب سفير السلام من قبل منظمة السلام العالمي في عام 2010 و منح شهادة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية من قبل الجامعة العربية المفتوحة لشمال امريكا وكندا عن اطروحته الموسومة (البارزانيون ودورهم السياسي في المسألة الكوردية) وله ثلاثة كتب مطبوعة وعشرات المقالات في شتى المواضيع التراثية والأدبية والتاريخية والسياسية والأجتماعية منشورة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية. وقد كان مؤخرا مرشحا للبرلمان العراقي في قائمة البابليون. أعتبر المرحوم الأستاذ منصور اودا سورو شخصية القوشية متميزة، نحن طلابه ندين له بإحاطتنا بالرياضيات. لقد كان له طريقة خاصة بتوصيل الرياضيات الى ذهن الطالب بأسلوب بسيط وسلس رغم ما تتميز به مادة الرياضيات من جمود وتعقيد. كان يشرح الدرس باللغة الكلدانية (السورث) وكانت تحضره دائماً الأمثال والطرائف والتعليقات الألقوشية القديمة. أيام الدراسة غنية بالمواقف والحوادث والمفارقات، لا سيما في القوش حيث انت بين اهلك وأصدقائك وتتكلم بلغتك وكان الأستاذ منصور يراعي هذه الخاصية وهو الألقوشي الأصيل. ولا شك ان مصلحة المدينة ومصلحة الطلبة كانتا تستقطبان معظم اهتمامه. إن الكتابة عن هذه المفارقات يأخذ مساحة كبيرة، وفي مناسبة وفاة استاذنا الكبير منصور أودا نحاول تسجيل قبس من هذه الذكريات.&#91;5&#93; في أحد الأيام كان الصديق الطالب (ك) يحل سؤالاً في الجبر على السبورة وللسؤال طريقة يمكن حله بخطوات قليلة لا تعدو الى خمس او ست خطوات، لكن زميلنا اراد ان يحله بطريقته الخاصة وأخذ يضرب ويقسم ويطرح. وبعد امتلاء لوحة السبورة بالأرقام أخذ يمسح ويعيد الكتابة وهكذا، كل هذا الوقت واستاذ منصور ينتظر النتيجة وهو ساكت، لكن أخيراً بعد ان نفذ صبره، أوقفه وخاطبه بالسورث قائلاً&#160;: أراد أحدهم ان يثبت لأصدقائه بأن ثمة طريقة لشجّ رأسه لا يعرفها أحد سواه، فالطريقة الأعتيادية بسيطة هي ان يتناول حجراً ويضربه على رأسه. لكن الذي فعله انه ثبّت الحجر في حائط ورجع الى الوراء ويأتي بقوة ليضرب رأسه بالحجر المثبت وهكذا، وأنت تقوم بنفس العملية يا شاطر. ثم قام الأستاذ بحل السؤال ببضع خطوات لا غيرها. في يوم من الأيام استلمت إدارة المدرسة في القوش أمراً من تربية تربية الموصل بأن يكون يوم الأحد من ايام الدراسة كبقية أيام الأسبوع، في حين كان لنا عطلة يومي الجمعة والأحد، وهنا اجتمع عقلاء المدرسة من الطلبة وقرروا الأضراب عن الدراسة، وتعزيزاً للأحتجاج خرجنا بمظاهرة حاشدة للطلبة في الأماكن القريبة من المدرسة وكان هتاف المظاهرة :لا دوام يوم الأحد من الآن الى الأبد لكن أخيراً اتفقت إدارة المدرسة مع التربية في الموصل على توزيع حصص يوم الأحد الى بقية أيام الأسبوع، وهكذا انتهت المعضلة. لكن الأستاذ منصور لم يسكت على هذا الخرق وجاء الى الصف يخاطبنا قائلاً :إن إدارة المدرسة تسير وفق تعليمات وأنظمة ولا يمكنها الأخلال في هذا النظام، لكن بوسعنا ان نخاطب التربية فيما نريد بالطرق الأصولية، وبينما كان يخاطبنا دخل قائد المظاهرة المرحوم (ب) الى الصف متأخراً بعض الشئ ودلف الى الصف وينوي الجلوس في رحلته. فأوقفه الأستاذ منصور قائلاً&#160;: ألا يجدر بك ان تطرق الباب اولاً قبل الدخول ؟ لقد وصلت متأخراً فهل تعتقد ان المدرسة هي خان تأتي اليه وقتما تشاء؟ ثم أردف الأستاذ سؤالاً: لماذا تغيبت يوم أمس عن الدراسة؟ فأجابه الطالب&#160;: لأنه كان يوم الأحد. فقال له الأستاذ: اسمع&#160;! هنا لدينا مدرسة وليس لنا رحى لطحن الحبوب وكل يأتي بحمله متى يشاء، للمدرسة قوانين وأنظمة، أما إن أردت التمسك بالأعياد فعليك الجلوس في البيت وتستطيع ان تعيّد في كل الأعياد والمناسبات والتذكارات حتى يوم تذكار (دوخرانا د قيبو)، وهي الدجاجة الحاضنة للبيض. لقد كان المرحوم يحاول مسايرة وموازنة مطاليب السلطة وكان ذلك في عهد المرحوم عبد الكريم قاسم، ومن جهة نحن الطلبة كنا نريد ان تكون الساحة مفرغة لنا ولأفكارنا اليسارية في تلك الفترة. للتاريخ أقول: ان الأستاذ منصور كان حريصاً على مصلحة طلابه وبأفق الأنسان المجرب، ولكن بثوريتنا واندفاعنا لا يمكن ان نعترف باعتدال مهما كان نوعه. لقد كان الأستاذ يختلط مع الطلاب في الساحة ويدخل معهم في نقاشات وبلغة السورث وكانه صديق او أخ كبير لهم. لقد كان الأستاذ منصور سورو يسعى الى الأتصال بأولياء أمور الطلبة لكي تتعاون الإدارة مع أسرة الطالب لتحسين وضعه الدراسي، كان متأكداً أن معظمنا من عوائل فقيرة، وهي تنتظر تخرج ابنها للحصول على وظيفة حكومية، وكانت هذه الوظيفة تضمن دخلاً شهرياً ثابتاً وكما يقولون في القوش (يوما خاثا وباري خاثي) ومع هذا كان الأستاذ يقول اننا سعداء لأننا ندرس في نفس مدينتنا القوش. ويقول كنا ندرس في الموصل، ونشتري رغيف خبز ونأتي بجوار مطعم للكباب ونشم ريحة اللحم ونأكل الخبز، وكأننا نأكل الكباب مع الخبز. نعم كانت الحياة المعاشية صعبة للأكثرية. سنة 2003 وأثناء تواجدي في بغداد تعرفت على ابنه منهل في محلهم للألكترونيات في شارع فلسطين، وطلبت منه رؤية الوالد وفعلاً جلست مع الأستاذ منصور في بيتهم المجاور للمحل ومع العائلة الكريمة وتحدثنا عن أيام الدراسة، وكان يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً. لقد كان الأستاذ منصور مثالاً للألقوشي العراقي الأصيل لقد تفوق في تدريسه وأدار ثانوية القوش بحكمة ودراية. وستبقى الذكريات الطيبة عن الأستاذ منصور قائمة في قلوبنا. 13- الدكتور عزيز رحيم صادق احد علماء الفلك في العراق ولادة مدينة القوش عام 1946 وقد دخل الى مدارس القوش عام 1951 واكمل الثانوية عام 1962 واختار الفرع العلمي في مرحلة الثانوية ونبغ في دروس الفيزياء والرياضيات وكان قدوته العليا الاستاذ منصور سورو كونه كان يُدّرس كلا المادتين في ثانوية القوش ولكونه من المتفوقين فقد رشح لبعثة دراسية تكللت بحصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة مانشستر عام 1979 في فيزياء الفلك وهو العلم الذي يختص بالتحليلات العلمية في دراسة النجوم والاجرام السماوية كما نال شهادة الماجستير في علم الفلك من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة. عمل في البحث العلمي وفي وزارة التعليم العالي وعدة مشاريع ستراتيجية كمشروع المرصد الفلكي العراقي كما ان له عدة بحوث منشورة في مجلات علمية عالمية رصينة ونشر العديد من الكتب والمقالات العلمية ويعمل حاليا في مشروع كبير يتناول نشر الوسائل التعليمية في مجال الفيزياء والرياضيات والعلوم العامة لمختلف المراحل الدراسية الأساسية على شكل عروض فيديو بالصورة والصوت بالإضافة الى كونه عضو لجنة التحضير والإعداد للمؤتمر الشعبي الكلداني الآشوري السرياني ويشغل منصب مدير مركز اكد للطباعة والاعلان. كان الأستاذ منصور سورو متميزا في أسلوبه وقد أحببت مادة الفيزياء والرياضيات بالذات لأنه كان يطلب منا في كل تمرين إيجاد حل المعادلات و اشراك اكبر عدد من الطلبة واستخدام الجانب التطبيقي مع توضيح وتقريب الأسئلة الى الحياة العملية ولازلت أتذكر بعض تلك الدروس خصوصا المتعلقة بشرح قانون الفعل ورد الفعل وتفسير بعض الظواهر الفيزيائية. ولا يفوتني ان الأستاذ منصور كانت له دائما تلك التعليقات المفرحة المبهجة التي تضفي الجو المرح في مادة جافة مثل الفيزياء مما كان يساعد الطلبة في فهم المادة العلمية ولا يخفى على الجميع كم كانت تلك المرحلة صعبة ففيها الحركات المسلحة والوضع الأمني الهش والدراسة كانت على المحك لكن الأستاذ منصور استطاع بحنكته وادارته ان يثبت ويدفع التعليم الثانوي الى الامام. وهنا تحضرني حادثة فقد كنت دوما ضمن الطلبة المتميزين واحضر دائما الى المدرسة في الوقت المحدد واجد الأستاذ منصور يستقبل الطلبة والأساتذة في باب المدرسة ويعاين بنفسه المتأخرين والمتكاسلين.&#91;6&#93; كان الاستاذ منصور سورو يتمتع بسرعة البديهة ولذلك تجد رده في محله وكثيرا ما كان الطلبة يحرجون من عدم اكمالهم الواجب البيتي وعندما يحاولون حل مسالة رياضية كانوا يخفقون وهنا يتدخل الاستاذ منصور باسلوبه المتميز ويوصل الطالب الى الحل الصحيح وكنت من الطلبة الذين يتمتعون بحضوة عند الاستاذ منصور وهو دوما يصرح بانه لا يمكن ان ينسى اثنين: الطالب المثالي المتوقد المتوهج الذي يحضر الى مقاعد الدراسة ليتعلم ويصنع مستقبله، وطالب ثاني في اخر السلم يحضر فقط للتسلية وعمل المتاعب لنفسه اولا ولأهله ثانيا. مرت السنون واثناء عملي في مجلس البحث العلمي بدرجة باحث في علوم الفضاء والفلك شاءت الصدف ان التقي منهل ابن الأستاذ منصور سورو وقد عين في نفس القسم الذي اترأسه وقد اثمر عملنا معا عدة مشاركات في مؤتمرات وبحوث وتأليف كتاب عن مذنب هالي عام 1986. 14- قرص من شعاع الشمس 14-1 - صبري اسحق اسطيفانا تحدث الأستاذ صبري اسطيفانا في حلقة مشوقة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي عن ثانوية القوش وخص بالذكر الأستاذ منصور سورو فقد كان الأستاذ صبري اسطيفان طالبا في ثانوية القوش للبنين وهو من مواليد ناحية القوش 1948 تخرج واكمل الدراسة الجامعية وحصل على بكالريوس من كلية التربية جامعة بغداد عام 1972 وشغل منصب مدير ثانوية القوش نفس المدرسة التي تخرج منها ونفس المدرسة التي كان الأستاذ منصور سورو مديرا فيها. بالاضافة الى انه يشغل رئيس الهيئة الثقافية في جمعية القوش الثقافية.&#91;7&#93; كان الأستاذ الفاضل منصور سورو يملئ المكان الذي يكون فيه لحضوره المتميز وهيبته العلمية وقاره وطريقة تدريسه لانه كان مدرس ومدير في ان واحد. ومن خلال السجلات في مدرستنا كان اول تعيين له عام 1949 وقد قدم الى القوش في تشرين الاول 1957 عندما اقيمت اول ثانوية رسمية في القوش لان قبل ذلك الوقت كانت ثانوية اهلية ولسنة واحدة وكانت صف واحد. المجتمع في ذلك الوقت كانوا يجلون التقدير والاحترام للهيئة التدريسية والتعليمية ويكنون لها مكانة في المجتمع وخصوصا عند طبقة المثقفين، والطلبة لا يثمنون قدر اساتذتهم الا بعد تخرجهم ليدركوا مقدار التضحيات التي كانوا يبذلونها من اجلهم، وانا كنت احد طلبة الأستاذ منصور ولم نكن ندرك الامور بشكل جيد ولكن الان استطيع القول ان الأستاذ منصور مربي فاضل خرّج اجيالا وحصلوا على شهادات مختلفة وهو بحق نعم المدرس ونعم الاداري. كان الأستاذ منصور يدّرس الرياضيات والجبر والمثلثات وكان يحب عمله ومتمكن علميا واداريا فاذا تاخر مدرس مثلا كان يستدعيه من اصف وينبهه ويحاسبه. واخيرا اقول نم قرير العين يا استاذنا لانه يوجد شباب في مدينتنا كانها الشجرة الباسقة التي زرعتها وامل ان تكبر ويكثر ثمرها وتخضر دوما لان لا يوجد مثل العملية التربوية مهمة للشعب الكلداني الاشوري السرياني كونه وريث علم وحضارة ومدرسة مار ميخا لا زالت قائمة منذ القرن الخامس ولحد يومنا هذا واطلب من طلبتنا ان يقتدوا باساتذتهم فهم الآباء والاخوة التي تسهر على تعليمهم. 14 -2- كريم يوسف يلدكو في حلقة مميزة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي تناولت بالتفصيل حياة المربي الفاضل منصور سورو وكان للبرنامج لقاء شيق وممتع مع الأستاذ كريم يوسف يلدكو وهو من طلبة القوش النجباء والمتفوقين ولد في القوش عام 1946 وكان الاول دوما في جميع مراحل الدراسة ودخل المتوسطة في القوش عام 1960وتخرج من ثانوية القوش للعام الدراسي 1964-1965 وكان الاول على دفعته وقد انخرط في السلك التربوي وحصل على الشهادة الجامعية و عين في محافظة نينوى واختار نفس اختصاص منصور سورو فكان يدرس مادة الفيزياء لجميع المراحل ومن زملائه في التعليم جرجس جما، حنا بابانا، حميد يوسف زرا، يوسف ميا ولكفاءة استاذ كريم فقد تم ترقيته وعين مشرفا تربويا في مديرية تربية نينوى يقيم في القوش مسقط رأسه ولازال نشيطا في الشوًون الادارية والثقافية ويشغل رئيس الهيئة الادارية في جمعية القوش الثقافية. &#91;8&#93; كنت طالبا لدى الأستاذ منصور سورو لمدة خمس سنوات من الصف الاول المتوسط عام 1960 وتخرجت من الخامس العلمي 1965 وكنت الاول على الدفعة، منصور سورو اب رحيم و مربي فاضل وكادر علمي ممتاز مخلص بعمله مقتدر من المادة العلمية عطائه فائق اداريا قائد ناجح وفي احلك الظروف فترة الستينات وكان قائد محنك، ربان شجاع و ماهر قاد ثانوية القوش الى بر الامان بكل اقتدار ورغم حقد الحاقدين على القوش وأولاد القوش، وفي زمانه كانت ثانوية القوش تنافس ثانويات العراق اجمع من حيث النتائج الوزارية فقد تخرج في تلك الحقبة طلاب نجباء ممتازين تقدموا للجامعات ونالوا شهادات في مختلف الاختصاصات وفي جميع المجالات واطلب من جميع العاملين في المجال التربوي الان ومستقبلا ان يتذكروه دائما لان مستوى التدريس قد تاخر في مختلف ارجاء العراق ليس في القوش وحسب. كما لا يفوتني شيء اخر اننا كنا ننافس بين الاقضية الاولى في العراق وكان قضاء عانة من بين الاقضية ذات النسبة العالية من الخريجين مقارنة مع القوش. لدينا في أولادنا الذين يكبرون الان ان يعيدوا امجاد الآباء ومنهم منصور سورو وانا افتخر كونه استاذي فقد درسني الرياضيات والاخلاق، صاحب نكتة، سريع البديهة، ذكي جدا وشجاع جدا. كان بالاضافة الى ذلك مرحا لا تخلوا مواقفه من دعابة فمثلا في احد الايام قام طالب على السبورة لحل مسألة في الجبر لاكنه لم يوفق واخذ يتأمل لبرهة فبادره الأستاذ منصور لماذا انت في اللعب جيد ولكن سؤال لا تستطيع حله مما اضفى جو من المرح في الصف. ومثال اخر في مادة الدين في الصف الخامس العلمي كان يدرسنا الواقع والحياة والاخلاق فقد كنا في مرحلة الثانوية مراهقين لكن استاذ منصور كان يكلمنا كأب وباخلاق عالية وتعامله لطيف للغاية وسهل التعامل أحيانا كان صديق الطالب فقد يقول أحيانا لي انا متخاصم معك فقط ليشعر الطالب باخطائه. طلبي من الاجيال الحالية ان تحذوا حذوه لانه كان مستقيم وناجح ومتميز في عمله وخدم العراق وخدم مدننا بكل تفاني. 15- قالوا في منصور سورو وتمر الأيام في ذكرى رحيل الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو وكأنها البارحة لم يغب عن بالنا يوم واحد وكأنه يعيش معنا. كان للأستاذ منصور فضل كبير على التعليم المدرسي الحكومي في القوش، فقد عُرف بغيرته العالية وفكرهِ السخي وخطواتهِ الراسخة، كان الرجل مثابراً لامعا في مجال مهنتهِ التي تميزت بنكهة فريدة وأسلوب متميز وممتع نالت محبة الجميع اساتذة وطلابا واولياء امور، ربى وعلٌم اجيالاً عديدة، ستبقى ذكراه خالدة في اذهانهم على مر الزمن كأثمار شجرة طيبة تجذرت عميقا في الأرض. لقد كنت أيها الأستاذ لنا دوماً ذلك الصديق الذي لانمل من احاديثه الحلوة الشيقة وكنت ذلك الاب الحكيم الذي نجد عنده الحكمة والفطنة عند المشورة وكنت ذلك الصدر الرحب الحنون الذي يكفي ليمد العالم كله بالحب والدفيء عندما تضيق بنا السبل وكنت معلمنا واستاذنا المفضل يأيها البارع وكيف لا وقد ربيت اجيالا وتخرج على يدك العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين واعضاء نافعين للمجتمع، أيها الزارع الصالح الذي بذر في من حوله الطيبة والصدق والتواضع وحب العلم وحب الوطن وحب الناس وتركت بصمات خالدة لا تنسى. تَذكر القوش نت انه لا زال الكثيرون من الأطباء والمحامون والأساتذة يفتخرون بكونهم من طلبته ودائما ما يرددون أنهم أحبوا العلم تأثرا بأستاذهم الفاضل. وهذا ما كان يزيده زهوا وفخرا كيف لا وهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وما كان الا ليفرح بإنجازات أبناء بلدته خصوصا على مستوى محافظة نينوى. ويذكره الشماس جوزيف سورو بانه مثل حبة الحنطة تعطي حياة جديدة وحبات كثيرة وكأنه سفينة مرساها كبيرة ابحرت واوصلت من معها الى بر الأمان. ويذكره الأستاذ الكبير مايكل سيبي باننا كنا طلاب أستاذنا القـدير نشهـد بإخـلاصه وتفانيه وحـرصه عـلى أبناء جـلدته، ولا يمكنـني أن أصفه بأكـثر مما كتبتُ عـنه الصفـحات الإلكـترونية تحـت عـنوان (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت) وعندما سأل من في ذاكرتكم الان قال مديري الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو. يستطرد انور صادق العوصجي ان ما قدمه الراحل الكبير لابناء القوش لاكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لالقوش حيث دخل اسمه التاريخ من اوسع ابوابه، وستذكره الاجيال القادمة باجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال القوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان القوش معروف عنها انها مصنع الرجال الابطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير الذي ترجلت عن صهوة جوادك الاصيل بعد مسيرة حياتك المثمرة الطويلة لتسعد روحك الطاهرة في عليائها. والشماس فرات ميـــا يشيد فيذكر ها قد رحلت ايهـا العزيز بعد مسيرة طويلة في العطـاء وتربية الأجيال، ورحيلك قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة وفي قلوبهم غصة. و يشارك الشماس حناني ميا بالاسف لرحيل علم من إعلام العلم في العراق، ووجيه من وجهاء ألقوش مصنع الرجال المربي الكبير الأستاذ الفاضل منصور الذي خدم العلم والمعرفة أكثر من نصف قرن من الزمن في وطنه الحبيب بلد الحضارة الأول في العالم. كان الأستاذ منصور سورو مدرسة بحد ذاته تعلمت فيها وتخرجت منها أجيال عديدة ومنهم أولاده النجباء الذين خدموا المجتمع خير خدمة، إن ذكراك أيها الراحل الكبير ستبقى خالدة في أذهان الكثيرين على مر الزمن لأنها كالشجرة الطيبة أصبح لها جذور عميقة في الأرض التي زرعت فيها. اما أنور صادُق العوصجي في ألمانيا فيقول إن ما قدمه الراحل الكبير لأبناء ألقوش لأكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لألقوش حيث دخل اسمه التاريخ من أوسع أبوابه، وستذكره الأجيال القادمة بإجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال ألقوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان ألقوش معروف عنها أنها مصنع الرجال الإبطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير. السيد كمال يلدو الكاتب المرموق ومقدم برنامج اضواء على العراق وفي احدى مقالاته المشوقة عن المربي الراحل عابد بتي حنا صفار المولود في مدينة القوش عام ١٩٢٩ اذ يستطرد رغم ان سنين طوال تفصلنا عن هذا الجيل، وعالم آخر نعيشـه دونهم، لكن الحديث عنهم يكتسب أهمية خاصة لأبنائهم وعوائلهم الكريمة، ولكل من يقرأ ويدرس هذه السير المباركة والمفعمة بالتجربة والحياة. ومهما تغيرت الظروف والمستجدات، يبقى الأنسان هو سيد الموقف وحامل كل مفاتيح التغيير، يسـمو و يضئ ظلمة هذا الكون، ويمنحه طعمه الزكي الحلو. إن تجربة هؤلاء المربين مفعمة بالأمل والعمل والصبر، على إن أروع درس هو ذاك الذي تشي به تجربتهم الجميلة والملخصة بإن العمل المبدع لا يأتي إلا من عقل وروح مبدعة، إلا من إنسان عاشق للحياة ويقدسها، إنسان يفرح لتقدم الناس وتطورهم. تحية لذكراهم الطيبة، بأمل ان نأخذ من رحلتهم تلك وقودا لرحلتنا في هذه الحياة، من أجل البناء وخير الأنسان. ويضيف في معرض سرده للاساتذة في القوش ان اول من تقلد منصب مدير مدرسة في بلدة القوش كان الأستاذ (منصور اوده). يتذكره السيد عوديشو زورا بِدِي العم العزيز الذي يأسر الجميع بكياسته وحكمته وأدبه الجم منذ ان كانا معا في مدرسة مار ميخا حيث انه من مواليد 1925 أيضا فيسهب القول انه في العشرينات لم يكن هناك الكثير من المتعلمين يعرفون القراءة والكتابة وكان هناك ستة مدرسين الياس بابا و إيسف باخوخا اللذين درسا في المعهد الكهنوتي السمنير ومتيكا حجي وكان هناك قساوسة لتدريس اللغة الكلدانية قراءة وكتابة وتدريس باقي العلوم والدين ثم اضيفت اللغة العربية بعد ان جاء امر مديرية المعارف باضافتها الى مناهج الدراسة. ان منصور سورو كان له ولع شديد في الدراسة والمواظبة والحضور والمناقشة وربما هذة البداية والاستمرارية جعلت منه مدرس ناجح واداري ممتاز وهنا يتذكر مواقف كثيرة لا تعد ولاتحصى منها ان كانا زميلا الدراسة في نفس الرحلة وشاءت الظروف ان والده زورا بدي كان بحاجة لعون أولاده في الزراعة وخصوصا ان القوش تعتمد على الزراعة الديمية معتمدين على موسم الامطار مما اضطر على ترك الدراسة وممارسة العمل بأناة وتواصل، تارة مع والده واخيه عيسى وتارة اجيراً عند الاخرين في اعمال الزراعة او في معصارة الراشي (الطحينية) التي كانت تعود لهم ولكونه ذو عقلية تجارية فذة فقد قام العم عوديشو بفتح دكانا في السوق، ومرت الايام وعين منصور مدير ثانوية القوش واحتاج الى سلاح شخصي وقالوا له الوحيد الذي يمكن ان تثق به هو عوديشو زورا بدي. بعد التقاعد اراد منصور سورو ان يقوم بعمل تجاري او اي مشروع يقضي وقته بعمل مفيد فلم يجد غير زميل الدراسة عوديشو زورا يشير عليه بالاعمال التجارية فقد اصبح من كبار تجار بغداد وله مكاتب جملة ومفرد واستيراد وتصدير ولا ننسى ابدا حين اذرف الدموع لحظة سماعه بفقدان منصور سورو وانتقاله الى الحياة الابدية. كان منصور سورو يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً ولذا ستبقى دائما وابدا في قلوب الأولاد والاحفاد والاقارب والاصدقاء وكل من يتذكرك وستكون دائما في صلواتنا وفى افئدة محبيك الكثيرون للابد. الأستاذ يوسف زرا وفي كتاباته عن مشاهير ألقوش في القرن العشرين اقتبس هذا المقال الجميل كان جورج جبوري شغوفا بكل الفنون، محبا للتمثيل ويعتبر أبو المسرح والتمثيل في القوش، اذ كان قد أسس فرقة جوالة في بداية الاربعينيات تحيي المسرحيات التراثية والكوميدية ذات الطابع الرومانسي والتراجيدي، ولازال المسرحيون المتتبعون لهذا الفن يذكرونه كمدرسة لهم في التعبير عن محتوى التاريخ بأسلوب درامي مشوق. ومن ابرز أعضاء تلك الفرقة والتي واصلت حمل عبئ العمل الى أواخر الاربعينيات، منهم المرحوم عابد بتي كعكلا والمرحوم جرجيس اسحق زرا والأستاذ منصور اودا سورو والمعلم اسطيفان هرمز رئيس والشماس حنا شيشا والمحاسب يوسف حنا سيبي. ومن الجدير بالذكر ان الاستاذ منصور سورو كان يحب اقتناء الكتب والمجلات فقد كان مولعا بالادب بالاضافة الى براعته في الجوانب العلمية وكان شغوفا باقتناء الاعداد الجديدة التي كانت تصدر شهريا مثل (تراثنا الشعبي)، (مجلة العربي)، (آفاق عربية)و(ألأقلام) وغيرها كثير وكان يترقب بداية كل شهر لاقتناء نسخته وقراءتها بتمعن وقد اهديت مكتبته العامرة بعد وفاته الى مكتبة مار ميخا في القوش. &#91;9&#93; يعتبر حبيب القس يوسف عبيا احد اصدقاء الطفولة وقد تخرج من كلية الحقوق واصبح من كبار كتاب العدول في الموصل ثم بغداد الكرخ وقد دون في التواصل الاجتماعي ان منصور سورو هو الصديق والرفيق منذ الطفولة والى حيث أغابه الموت. يقول التقيت منصور على مقاعد الدراسة في مدرسة القوش الابتدائية (مار ميخا) في الصف الأول الأبتدائي عام 1934 مع المرحومين الخوري هرمز صنا وحنا حجي وتخرجنا فيها سوية عام 1939 بعد أن التقينا بركب المرحوم حبيب جمعة في الصف الرابع الاعدادي وأستمرت علاقتنا الأخوية ما حيينا. كان منصور من الطلبة اللامعين طيلة المراحل الدراسية وجدياً ومخلصاً في عمله طيله فترة عمله سواءاً في أدارة مدرسة القوش الإعدادية أو فترة التدريس في مختلف متوسطات وأعداديات بغداد وتخرج على يديه خلال ثلث قرن التي قضاها في التدريس نخبة مميزة من الشباب النابغين هذا بالاضافة الى النهوض بأولاده الستة الى أعلى مستويات الثقافة (دكاترة وأطباء ومهندسين). كان الراحل الغالي مدافعاً عنيداً عن طلابه سيما في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها بلدتنا العزيزة القوش آنذاك. ومن الذكريات الجميلة عن مدرسي ثانوية القوش كما ترويها السيدة جوليت نعيم جبرائيل گولا والتي درست في مدرسة راهبات القوش مار ميخا وبعد تخرجها تزوجت من السيد بطرس لاسو مدير مدرسة القوش الابتدائية والذي كانت تربطه بالاستاذ منصور سورو علاقة جيرة و صداقة متينة وعمل حثيث من اجل مدينتا القوش وتعود بها الذاكرة ايام مدينة السليمانية عندما كانوا اربعة زملاء في التدرج الوظيفي هم بطرس لاسو وجرجيس حميكا ويونس رزوقي وسعيد شامايا وبعد ان أصبح منصور سورو مدير ثانوية القوش استعان بزملاء الدراسة لبناء مدرسة نموذجية اذهلت دائرة المعارف انذالك رغم قساوة الظروف وضمت الهيئة التدريسية جرجيس حميكا، متي عبد الاحد، حكمت يعقوب، بهنام عفاص، بدري فرج، مظفر اليوزبكي، شاكر نعمة و مزاحم الشماع. 16- الشماس صادق برنو ولد صادق ياقو ميخا برنو كوريال برنو في القوش عام 1917، وفي بيت يقع مباشرة خلف كنيسة ماركوركيس الفخمة بمحلة قاشا، وكان عماذه بعد فترة من قبل القسيس يوسف منصور سمعان كادو، شق صادق طريقه في الحياة وكان يتلقى دروسه الاولى في مدرسة مار ميخا النوهدري المقابلة لبيته، ومن المعلمين الذين درس على ايديهم كل من سعيد ججاوي الياموري كوركيس عواد لا كنه ترك الدراسة ليساعد والده في العمل ولكنه لم يبقى أسير نمط واحد من العمل، فسرعان ما غيره ليصبح سائق صهاريج النفط، ومدة اخرى في باصات نقل طلبة المدارس الاهلية في بغداد، مما منحته فرصة للتعرف على المدينة والاستفادة من معطياتها ويذوب فيها فتعلق بالكنيسه، وواظب على تعلم واتقان لغته السريانية، بل تفوق فيها ليصبح خطاطاً وشاعراً ومرنماً، ثم شماساً قديراً، حيث نال درجتها عام 1942 في القوش على يد المطران مار حنا قريو يقوندا، ونظرا لحسه الوطني والطبقي المتنامي فقد تعاطف مع الأفكار السياسية السائدة آنذاك، لفترة من الزمن مع شباب من عائلته، اعتقل في سجون الموصل الرهيبة، ونال قسطا من المعاناة والشدائد في تلك الايام الحالكة. وبعد فترة وجيزة سافر الى الولايات المتحدة الامريكية واستقر فيها منذ عام 1967، وعندما وصل الى هذه ديار الغربة شمر عن ساعديه للعمل والتأقلم مع الحياة الجديدة، دون ان يقطع صلته بالوطن الأم لا بل لعب صادق برنو وعائلته دوراً، في استقبال ومساعدة سيل المهاجرين منذ اوائل سبعينات القرن الماضي، وعمل مع ابنائه في تسهيل معاملات الهجرة حتى اصبحوا روادا فيها . وهو كاتب ومؤلف وله العديد من الكتب والمقالات والمطبوعات في شتى المجالات اغلبها من طقسنا الكلداني. ورغم سنونه التي زادت عن المائة الا انه لازال غزيرا بعطائه فلا زال يولف ويطبع ويوزع الكتب والنشرات بالعربية والسريانية الى جميع محبيه ومعارفه.&#91;10&#93; نظم الشماس صادق برنو قصيدة في رثاء الأستاذ منصور سورو لحبه واعتزازه بابن بلدته حيث كان ثلاثة من أولاد الشماس وهم نوئيل، جبرائيل و ريمون طلابا في ثانوية القوش وكان دوما متابع لهم وحريصا على اكمالهم تعليمهم وتختزن ذاكرتهم جميعا لقصص ونوادر تلك الحقبة وكيفية تعامل الأستاذ منصور في تلك المواقف وقد اصبحوا شبابا يافعين محترمين لهم ادوارهم في المجتمع والقصيدة باللغة السريانية: حزن ورثاء للاستاذ منصور سورو اكتب واقدم احترامي لهذا المربي استاذ منصور سورو عالي في التعليم الذي انتقل ورحل من هذا العالم الى الحياة الابدية في سلام وسكينة استاذ منصور مبارك ومتواضع عملت كثيرا بحب ودون كلل لهذه المدرسة ليلا ونهارا بقلب مملوء بالفرح ويفيض بالمحبة بقلب كبير وسعه التفاني لهذه المدرسة عملت باجتهاد ومشاعرك مملوءة بالحب العامر لهذه الخدمة نذرت كل حياتك خدمت ثانويتك بكل اخلاص في ذلك الزمان مملوء بالصعاب مسلحين يطوفون شوارع المدينة وصوت المدافع تصم الاذان كل تلك السنين واجهت المصاعب لم تتضايق او تتوان في كل الاوقات بل عملت وساعدت اكثر لتسع سنوات من ذلك الزمان لك يا استاذ منصور وفي كل الاوقات يشكرون جهودك أولاد بلدتك ربيتهم بعقلك وانرتهم بحكمتك رفعت من علمهم ونعموا بالمناصب ربيتهم كانهم أولادك كنت دائما بهم فرحانا لا يمكن ان ينسوك مهما حصل سيتذكرونك دائما وابدا انت دوما في ذكراهم بالمحبة والاحترام لا تغيب عن فكرهم صغيرهم وكبيرهم لأنك كنت لهم الصديق والمعلم ومحبتك لهم راسخة وكبيرة مرحى لك لهذه الخدمة رفعت اسمك في هذه الدنيا نرجو من الرب ان لك يمن مكانا في الفردوس معه بالمسرة 17- القس منصور سورو الذي لا يعرف أصل الأستاذ منصور سورو ربما يراوده ذلك السؤال، ولكنه قد سُمّي على أسم جدّه القس منصور سورو، الذي كان من كهنة القوش المعروفين، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الاب الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الأصليين. ولد القس منصور او الاب سوريشوع والتي كانت كنيته أحيانا في القوش عام 1830. تثقف وتعلم في المدارس الكهنوتية في ذلك الوقت ورسم كاهنا لخدمة رعية القوش وضواحيها، وكان متزوجا وله أربعة أولاد (متي، أبلحد، يوسف و نوح). وبالاضافة الى واجباته الدينية لخدمة الرعية في كنيسة ماركوركيس كان معروفا بغيرته وشجاعته النادرة بحيث كان يحل جميع المشاكل مع الحكومة او مع الاغوات او المتنفذين في المنطقة بالاضافة الى كونه كان الرجل السباق في رفع السلاح والوقوف بوجه الاعتداءات اثناء الغزوات على منطقته رغم كونه رجل دين الا انه قاد رجال القوش الغيارة الشجعان ضد اعدائهم في المنطقة. اتقن القس منصور الحياكة وعمل الملابس المحلية ليعيل اسرته الكبيرة دون الاعتماد على اي مصدر اخر وقد ورث بعض احفادة هذه المهنة عنه بالاضافة الى كونهم شمامسة في الكنيسة. كان يقضي الكثير من وقته في القراءة والكتابة وله العديد من المخطوطات بخط يده محفوظة في مكتبة الكنيسة وقسم منها في مكتبات عالمية فله كتاب بعنوان (بعض الحكايات والقصص المختصرة باللغة الكلدانية الدارجة لطلاب المدارس ومتعلمي اللغة السوادية بيسر) المنشور سنة 1880 والمحفوظ في مخطوطات برلين صفحة 430 رقم 128. وكتاب اخر نشر عام 1882 باللغة الكلدانية الدارجة. كانت القوش تفتخر بشجاعته فقد روي انه عندما يذكرون القسس في القوش يقولون لدينا تسعة قسس والقس منصور لتفانيه في خدمة الجماعة مع انه ذو شخصية مرحة يحب سرد الفكاهات والنوادر وكان مجلسه يعج بالمؤمنين وخصوصا في زمن الشدائد عندما كانوا يطلبون منه النصح والتدبير. توفي الاب منصور سورو في القوش سنة 1907 وقد وارى جثمانه الثرى في باحة كنيسة مار كوركيس في مكان قريب من المذبح ونقش على الجدار تذكار يليق به. ^ http://kaldany.ahlamontada.com/t9781-topic (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت) ^ https://ankawa.com/forum/index.php/topic,362886.msg4281615.html#msg4281615 عنكاوا كوم ^ الحوار المتمدن - العدد: 1744 - 2006 / 11 / 24 ^ http://bakhdida.ca/NabilDamman/FrYousifAbia.html موقع بخديدا ^ http://www.alqosh.net/mod_albums.php?mod=news&amp;modfile=item&amp;itemid=39653 القوش نت ^ https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/14701-2015-01-28-18-15-15.html الكاردينيا ^ https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية ^ https://www.ishtartv.com/ قناة عشتار الفضائية ^ http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&amp;view=article&amp;id=25090:aa&amp;catid=72:b&amp;Itemid=45 تلسقف كوم ^ https://www.alqosh.net/mod.php?mod=news&amp;modfile=item&amp;itemid'
مصدر HTML المعروض للمراجعة الجديدة (new_html)
'<div class="mw-parser-output"><p><b>1- المقدمة</b> يسعدني أن أقدم للقراء الأفاضل هذه النخبة المختارة من المثقفين المعنيين بتراث بلدنا الحبيب العراق واثار رموزنا ومبدعينا الذين رفدوا مسيرة التعليم وخصوصا في بلدتنا القوش العزيزة على قلوبنا، هذا العمل المتواضع من مجموعة مقـالات وتعليقات وتعقيبات عن مربي فاضل كانت له بصمه في تاريخ القوش في فترة صعبة مليئة بالأحداث الهامة الا وهو الأستاذ منصور اودا سورو مدير ثانوية القوش للفترة (1957 – 1966) والذي استطاع بحنكته واسلوبه وتفانيه من إيصال السفينة الى بر الأمان بعد ان كانت تتلاطمها الأمواج و الرياح العاتية والعواصف الشديدة. </p> <div class="thumb tleft"><div class="thumbinner" style="width:222px;"><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Mansour_soro_the_memo_and_biography.jpg" class="image"><img alt="Mansour soro the memo and biography.jpg" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/8/8c/Mansour_soro_the_memo_and_biography.jpg/220px-Mansour_soro_the_memo_and_biography.jpg" decoding="async" width="220" height="333" class="thumbimage" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/8/8c/Mansour_soro_the_memo_and_biography.jpg/330px-Mansour_soro_the_memo_and_biography.jpg 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/8/8c/Mansour_soro_the_memo_and_biography.jpg/440px-Mansour_soro_the_memo_and_biography.jpg 2x" data-file-width="2541" data-file-height="3851" /></a> <div class="thumbcaption"><div class="magnify"><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Mansour_soro_the_memo_and_biography.jpg" class="internal" title="كبّر"></a></div></div></div></div> <p>آمل أن يجد القارئ الكريم في هذا الكتاب القدوة الحسنة والفائدة المرجوة مع المتعة في استذكار حقبة مهمة عصفت ببلدنا والتي حرصتُ أن أجعل منها باقات لمختلف الكٌتاب المعنيين بالأدب والسياسية والتاريخ والتراث وتعتبر مقالاتهم أثيرة، تفوح منها كلمات بشذا عطر أساليبهم الجميلة، وعبق تراثنا العراقي الأصيل، متأملا إلى أن نجد ناشئتنا واجيالنا القادمة تحذو حذو من سبقونا ويستفيدوا من دروس ابائنا فهم النبراس والهداية وقد بذلوا جل امكاناتهم في تقويم اجيالا نامل ان يتبعوا خطاهم، وصولاً إلى ما كان عليه أولئك السلف الصالح من نفوس أبية طيبة، وقلوب مؤمنة صافية، وعقول فذّة ذكية، وعلوم ثرية مفيـدة، وآراء حكيمـة سديدة، وحكم قويم سليم.<sup id="cite_ref-1" class="reference"><a href="#cite_note-1">&#91;1&#93;</a></sup> <b>2- التربية والنشأ</b> ولد المربي الفاضل الأستاذ منصور اودا يوسف القس منصور سورو في الأول من تموز سنة الف وتسعمائة وخمسة وعشرين للميلاد 1925 في ناحية القوش التابعة لقائمقامية الشيخان في محافظة نينوى التي تقع شمال جُمْهُوريَّة العِرَاق وتعتبر ثاني أكبر المدن العراقية، وتبعد عن بغداد حوالي 402 كيلومتر، وهي أقدم مدن الإمبراطورية الآشورية القديمة وأعرقها، وتتميز بموقعها الاستراتيجي فهي تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة لذلك فهي تتميز بخصوبة أراضيها الزراعية والرعوية. نشا منصور سورو في كنف عائلة كريمة تمتهن التجارة والده أودا يوسف القس منصور (1904-1972) ووالدته أنو كوريال منصور عطايا من مواليد القوش (1914-1997)، اخوته حازم ويوسف وسالم واخواته هيلين و جميلة وخيرية وسلمى. كان منصور الولد البكر ومنذ نعومة أضفاره كان متوهج الذكاء لامعا بين اقرانه قيادي بارع وارتأت العائلة ان لا تقف حجر عثرة امام مستقبله الزاهر لذا أُدخِل الدراسة الابتدائية في مدرسة القوش (مار ميخا النوهدري) عام 1933، وكانت من المدارس المعدودة في كل المنطقة ومن اقدم الصروح العمرانية والحضارية الشامخة بهيكلها منذ بنائها عام 414 ولحد الان في بلدة القوش القديمة، وكانت للمدرسة كنيسة تعود لدير سابق ولذلك كان الطلبة يرتوون من العلم والثقافة بالإضافة الى التعاليم الدينية والطقس الكلداني وتشمل الكنيسة ثلاثة هياكل، ازيل اثنان منهما بسبب تهدمهما وعدم التمكن من ترميميهما. وآخر تاريخ لتجديد هذه الكنيسة كان عام 1876 وهو مثبت على لوح حجري فوق كوة ضريح مار ميخا والتي تقع الى الجانب الأيمن من مذبح الكنيسة وترتبط المدرسة بشمال الهيكل مباشرة، وقد شيدت هذه المدرسة عام 1923. وهي امتداد تاريخي لمدرسة مار ميخا النوهدري والذي أسسها منذ استقراره في هذه القرية. وظلت كمركز اشعاع وفكر لكافة صنوف العلوم والمعرفة الى جانب علوم الدين المسيحي واللغة السريانية، وقد تخرج من هذه المدرسة القديمة عمالقة في اللغة والأدب السرياني الى جانب كبار رجال الدين الكنيسة الشرقية سابقا، والكنيسة الغربية لاحقا. وكانت نبراسا للأجيال وللثقافة الدينية منذ الطفولة أمثال القس إسرائيل شكوانا، والقس دميانوس كونديرا والمطران طيماثيوس مقدسي والمطران توما اودو وغيرهم ممن تضلع في اللغة والأدب والفلسفة، الى جانب كبار خطاطين اللغة السريانية والذين تركوا ثروة كبيرة من المخطوطات المنتشرة في جميع القارات ومنهم الشماس بولس قاشا ومتيكا حجي حداد الذي اصبح معلما فيها. وكان من بين رفقاء الدراسة البطل المناضل توما صادق توماس، حنا حداد، حبيب جمعة، رحيم قلو، عوديشو زورا بدي، حبيب القس يوسف عبيا، بطرس اودو و الخوري هرمز صنا والذين اصبحوا فيما بعد أصدقاء ورفقاء لسنوات طويلة. </p><p><b>3- المتوسطة والثانوية</b> اكمل منصور سورو الدراسة الابتدائية سنة 1939 وكان واحدا من أولئك الطلبة، الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، وبلا تعثر والتحق في المدرسة المتوسطة الغربية في مدينة الموصل والتي كانت وما زالت من المدارس الاولى لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل انذلك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز أعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة أظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذويهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم، حتى اجتاز المرحلة الثانوية في الموصل بتفوق. وقد اكمل الدراسة الإعدادية والثانوية بتقديرات جيدة، مما شجعه لزيادة تحصيله العلمي وشجع عائلته لدعمه في حصوله على شهادة عالية رغم ان معظم سكنة القرى لا يميلون الى ارسال أولادهم الى الجامعات، المعاهد و الكليات في ذلك الزمان للظروف الاقتصادية التي كانت تعاني منها العوائل وحاجتهم الى قيام أولادهم باعانتهم و مساعدتهم وخصوصا في المجتمع الزراعي السائد في القوش. </p><p><b>4- ليسانس دار المعلمين العالية</b> انتقل الأستاذ منصور الى بغداد في منطقة الوزيرية وشاءت الصدف ان يلتقي باصدقاء سبقوه وشجعوه للتقديم إلى دار المعلمين العالية سنة 1945. وقد ثابر ليلحق بالركب وخصوصا ان الكلية كانت حديثة وتعتمد التدريس بالطرق الغربية وتستخدم المصادر الاجنبية باللغة الانكليزية مما ضاعف من الجهود في مواصلة الدراسة. فدار المعلمين كانت مؤسسة تربوية أسست في بغداد عام 1923 وكانت تقع مبانيها المتعددة في منطقة الوزيرية بمحاذاة السدة، وتعرف الآن بكلية التربية وتعود في يومنا هذا الى جامعة بغداد و كان على من يريد الالتحاق بها دفع رسوم دراسية كانت في بدأ الامر (15) روبيه شهريا أي ما يعادل (دينار و125 فلسا)، كما وتقرر أن لا يقبل فيها إلا الذين يرغبون في إعداد أنفسهم للتعليم في المدارس الثانوية ومفتشين ومدراء للمدارس ومن الطريف إن يدرس في الدار طلبة صينيون وبلغار وبريطانيين فضلا عن الطلبة البحارنة والسوريين والتونسيين والمغاربة والأردنيين والفلسطينيين. لقد كانت تلك الدار (أم المدارس) و(من أمهات معاهد الثقافة والمعرفة) كما وصفها أحد طلبتها د. حسين علي محفوظ، كنواة الطبقة الوسطى وأداة التغيير. في سنة 1927 أصبحت (دار المعلمين العالية) معهدا قائما بذاته بمنهج نهاري كامل (علمي وأدبي) مع (قسم داخلي) ملحق بها وفي العام الدراسي 1937 - 1938 استقبلت الدار أول وجبة من الفتيات العراقيات وذلك في عهد عميدها د. متي عقراوي وكن 8 فتيات وفي العام 1939 أصبحت مدة الدراسة أربعة سنوات يمنح الطالب بعد إنهائها شهادة البكالوريوس في العلوم أو الآداب أو التربية وتخرج اساتذة للعمل في الثانويات. ومن بين الخريجين من تلك الدار بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، كامل ادهم الدباغ (مقدم برنامج العلم للجميع)، عاتكة الخزرجي، عبد الوهاب البياتي واحمد عبد الستار الجواري (والذي أصبح وزيرا للتربة فيما بعد)، لميعة عباس عمارة (الشاعرة)، مصطفى جواد وعبد الجبار عبد الله (العالم الفيزياوي والفلكي خريج أمريكا وأحد الأفذاذ القلائل في العالم من شراح نظرية آينشتاين وتقلد منصب رئاسة جامعة بغداد في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات) وغيرهم. ومن التدريسيين في هذه الدار الأستاذ معروف الرصافي لتدريس آداب اللغة العربية والأستاذ جلال رزيق لتدريس الرياضيات. وقد امضى الأستاذ منصور سورو في دار المعلمين العالية أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء عام 1949 فقد كان في الفرع العلمي والذي كان ينقسم الى البيولوجيا او فيزياء والرياضيات اما فرع الآداب فانه كان يشمل مواد اللغة العربية والانكليزيه والجغرافيه والتاريخ وقد ادخلت دروس الدين في مناهج دار المعلمين العالية لاحقا، مما أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يُعَدون على أصابع اليد الواحدة. كان الطالب المقبول يوقع عقداً، يتعهد فيه ان يخدم في وزارة المعارف بالوظيفة التي تكلفه بها الوزارة، مدة تعادل المدة التي يقضيها في الدراسة، وهنا تنسب الأستاذ منصور للخدمة في محافظة السليمانية للتدريس في ثانوية السليمانية هذه المدينة التي تأسست في العام 1784 من قبل ابراهيم سليمان باشا وهو أحد أفراد أسرة امراء بابان المعروفة والعريقة، حيث تقول القصة: لقد خرج الباشا ذات يوم في رحلة صيد متوجها نحو منطقة شهرزور القديمة التي كانت تمتد مساحتها لتشمل مدينة السليمانية الحالية، فلما رأى الباشا المنطقة وقع في حبها فورا وقرر أن يبني عليها مدينة، فبناها وأطلق عليها اسم والده سليمان باشا بابان. من الجدير بالذكر ان إحصاء أجرته سلطات الانتداب البريطاني عام 1920 أن مجموع سكان لواء السليمانية (محافظة السليمانية حالياً) كان 155 ألف منهم 5000 نسمة من المسيحيين. ويصفها سكانها وعشاقها (مدينتي حياتي) وبالكردية (سليماني شاره‌ حه‌ياته‌كه‌)، حيث يكسوها الثلج في الشتاء والخضار في الربيع وتنتشر ازهار النرجس في الحقول مع الهواء العليل، مدينة تحضنها الجبال وتسكن قلب سلسلة جبلية متصلة بعضها ببعض، تقع شمال شرق العراق ضمن إقليم كردستان. خدم الأستاذ منصور في مدينة السليمانية خمسة سنوات لحين وجود شاغر في محافظة نينوى حيث انتقل الى مدينة الموصل ليدرّس في المتوسطة الغربية وهي نفس المدرسة التي دَرَسَ فيها لثلاث سنوات. وعندما قررت وزارة المعارف افتتاح اول ثانوية رسمية في القوش عام 1957 لم يجدوا اكفأ واقدر وانسب من الأستاذ منصور سورو لتعيينه كأول مديرا لها لعدة أسباب مثل كفاءته وكونها الناحية التي ولد فيها ولما يعرف عنه من حسن الإدارة. عمل بكل إخلاص وتفاني لمدة تسع سنوات كمدير للثانوية بالإضافة الى تدريس مادتي الرياضيات والفيزياء عدا عن تدريس ماة الدين المسيحي لفترة وجيزة. وانتقل للعمل في بغداد سنة 1966 وبعد مضي سنتان أوفد الى المملكة العربية السعودية للتدريس في الطائف وجدة حيث كان العراق في تلك الحقبة منارة اشعاع الى جميع الدول العربية وكانت خبراته تتبادل في نظام الاعارة مقابل اضعاف الرواتب مما كان المدرسون يتسابقون للحصول على هذه الفرصة وكانت التضحيات كبيرة فهم يتركون عوائلهم ويتغربون في البلاد وخصوصا الخليجية او بلاد المغرب العربي لسنوات على امل ان يرجعوا وينعموا بحياة افضل حيث ان الحكومة العراقية لم تكن تثمن هذه الطبقة الوسطى من الموظفين. تحلى الأستاذ منصور بكثير من الشجاعة ليستطيع التأقلم في مدينة إسلامية تطبق الشريعة وهو شماس في كنيسة يحب طقوسها حتى العظم وكان يتندر بالقصص الكثيرة التي كان فيها شاهد عيان خصوصا ان المجتمع السعودي بدوي يجب التعامل معه بحذر وخصوصا أولاد الامراء والوجهاء والطبقة الحاكمة فأي هفوه قد تكلف حياة او مستقبل أي كان. وبحنكة واقتدار اذاب كل الصعاب وعمل لمدة سنتان ليعود الى بغداد للعمل في سلك التدريس في ثانوية عقبة بن نافع للبنين الواقعة في شارع فلسطين، حي المهندسين حتى سنة 1982 واحالته على التقاعد. ولقد كان التقاعد بالنسبة له كالعجلة التي توقفت فجأة بعد ان كانت في حركة دائمة وعطاء لمدة ثلاثة وثلاثون سنة متواصلة . تزوج سنة 1957 من ابنة عمه صبيحة صادق ابلحد القس منصور سورو وله ثلاث أولاد وثلاث بنات. أولاده منهل دكتوراه هندسة ورائد ماجستير معماري وعدي بكالوريوس بحوث حاسبات وبناته مناهل دكتوراه هندسة وثغر طبيبة وبان بكالوريوس ادارة واقتصاد. وله من الاحفاد أربعة عشر و أولاد الاحفاد ثلاثة. </p><p><b>5- مدير ثانوية واكثر</b> لم يكن الأستاذ منصور سورو مدير ثانوية فحسب بل كان بشهادة الاساتذة والطلاب على حد سواء وكل أهالي ناحية القوش الشجعان الابطال كان مدرسا جيدا ناجحا محبوبا من قبل الجميع وكان له اسلوبه المتميز الذي لازال في ذاكرة الجميع فهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وعاش بينهم وكان قريبا منهم يعامل الطلبة كأب واولياء الامور كأخ ولا يتوانى عن مساعدتهم ونصحهم وما وصول اغلب الطلاب وحصولهم على الشهادة الثانوية في ذلك الظرف الصعب الا دليلا لحسن ادارته وتعليمه لا بل هناك الكثير منهم يفتخرون كونهم طلبته فقد اصبحوا اطباء ومحامين واساتذة لا بل ان بعضهم اكمل دراساته العليا وحصلوا على شهادة الماجستير والدكتوراه ودائما ما كانوا يقولون انهم احبوا العلم تأثرا بالأستاذ منصور سورو ومنهم سيادة المطران مار ميخائيل مقدسي (راعي ابرشية القوش حاليا)، الدكتور عزيز رحيم صادق (عالم فيزياء و فلك)، يوسف شميكا (ماجستير هندسة كهربائية من المملكة المتحدة)، الدكتور حبيب تومي، عابد بوداغ (مهندس مدني و انشاءات)، إسماعيل يوسف عوديش (اصبح قاضيا في محكمة نينوى)، الدكتورة سلمى عودة، الاستاذ موفق حكيم، الخور اسقف أبرم أوراها بثيو (خور اسقف مدينة ولنكتون نيوزيلندا)، الست مريم شبلا ( اصبحت المدرسة بتول)، الاستاذ نوري حبيب سورو، نبيل يونس دمان (المهندس والكاتب والمؤلف والناشط السياسي) وغيرهم كثير والقائمة تطول منهم من انتهج سلك التدريس اقتداءا به ومنهم مدراء اكفاء شغلوا مواقع هامة يعتبرون مفاتيح في مواقعهم العلمية و الادارية. ولان منصور سورو في طبيعته كان اجتماعيا يحب اللقاء بالجميع فقد دأب على إقامة المهرجانات سواء الرياضية او العلمية او الفنية وقد كان يستخدم المتوفر من ساحات وقاعات الناحية وجميع هذه الانشطة كانت عامة والجميع مدعو للحضور ليفتخر بإنجازات أولاده الطلبة خصوصا عندما كان يتم اختيار الافضل لتمثيل الناحية في مستوى محافظة نينوى (الموصل). <sup id="cite_ref-2" class="reference"><a href="#cite_note-2">&#91;2&#93;</a></sup> </p><p><b>6- المربي والإداري الفذ</b> كتب الأستاذ بهنام سليمان متي القطا وهو من مدينة كرمليس بلواء الموصل محافظة نينوى ولد عام 1917 من عائلة مسيحية كلدانية، واجاد الى جانب لغته الأم السريانية اللغة العربية اجادة تامة، بل كان، ولم يزل ضليعاً فيها، فعمل مصححاً لغوياً في العديد من الصحف والمجلات. ويعد مرجعا للعديد من الأدباء والكتاب في النحو العربي، كما بات مصححاً لبعض المطابع العربية في المهجر، درس وتخرج وتبوأ مدير مدرسة كرمليس في الستينات من القرن المنصرم وقد كرمّ برسالة شكر وتقدير من المرحوم عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي العراقي بمناسبة الكلمة التي ألقاها في الحفل الذي أقيم بمناسبة اربعينية الملكة عالية ويعتبرها أعز الهدايا، أثمن "الجوائز" لديه، بدليل أنه لم يزل محتفظاً بها رغم مرور كل هذه السنين وبحكم قرب اختصاصهما نشأت علاقة عمل كمدراء يجتمعون في دائرة المعارف سوية وقد كان ناجحا في عمله وكتب هذه المقالة في ذكرى وداعه. بين الشروق والغروب في رحلة الإنسان على هذه الأرض، سفر طويل زاخر بالإحداث والمهمات قد يكون شاقا مريرا، فيعرف المرء كيف يتفاعل معه تفاعلا ايجابيا متفتحا، إذا ملك من القابليات والمؤهلات ما يعينه على النجاح والتفوق. وقد ياتي سلبيا لان ذلك الفرد لم ينل حظه من التوجيه والإرشاد، فتعيق قابلياته المتدنية عن تذليل ما يتصدى حياته من صعاب، فيرحل نسيا منسيا دون إن يترك بصمات واضحة في مجرى الإحداث ولكن الأستاذ منصور استطاع إن يلين قناة الزمن، وان يطوع ويذلل العقبات بما قيض له منذ نعومة إظفاره من فرص أهلته وقادته إلى مقاعد الدرس لينال حظه من التعليم وبما مَنّ الله عليه من نعم الموهبة والذكاء، استطاع وهو الفتى الصغير إن يواصل دراسته الثانوية بعيدا عن أهله، يوم كان الطلاب الغرباء يتركون قراهم ويقصدون الموصل لمتابعة دراستهم ويسكنون وحيدين في غرف متواضعة خالية من وسائل الرفاه ولا يحصلون الا على مبالغ نقدية ضئيلة يستقطعها ذوهم من أفواههم ليهيئوا لهم فرص التعلم التي لم تكن متاحة ضمن قراهم في أربعينات القرن المنصرم. وكان الأستاذ منصور واحدا من أولئك الطلبة الذين شدوا رحالهم من ألقوش إلى الموصل لهذا الغرض ومنذ صغره أدرك كم كانت تضحية أهله كبيرة من اجله، وكم كانت ثقتهم عالية به فشّمر عن ساعد من الجد وثابر على الدرس والاجتهاد ليل نهار، حتى اجتاز المرحلة المتوسطة في الغربية في الموصل ثم الثانوية بتفوق وبلا تعثر، هيأته بعدها للانتقال إلى دار المعلمين العالية في بغداد، ليمضي فيها أربع سنوات حاز بعدها على ليسانس علوم الرياضيات والفيزياء، أتاحت له إن يتعين مدرسا في ثانويات العراق، يوم كان المتخرجون من أبناء قرانا الكلدانية كمدرسين يعدون على أصابع اليد الواحدة وقد نسب للتدريس في ثانوية مدينة السليمانية فعمل فيها خمس سنوات كانت كافية لتمنحه الكثير من الخبرة والتجربة في حقل التربية والتدريس، وها هو يعود بعد هذه السنين الخمس يتولى مقعدا تدريسيا في نفس المتوسطة الغربية في الموصل والتي جاءها من ألقوش عام 1939فتى صغيرا خجولا يضع قدميه لأول مرة على أعتاب المدينة الصاخبة الزاخرة بالنشاط وألحيوية، بينما هو اليوم في عنفوان شبابه، وافر التجربة، غزير المادة، يدخل الصف فيملك زمام طلبته، ويشدهم إليه بشخصيته الجذابة، وطريقته المثلى في التدريس، وقد استطاع بأسلوبه الجميل. إن يخلب ألبابهم ويكسب محبتهم واحترامهم مما ساعده كثيرا على نجاحه في مهمته، لاسيما وان التدريس في مدارس الموصل يوم ذاك، ابتدائية كانت أم ثانوية لم يكن بتلك الدرجة من السهولة واليسر، فإدارات المدارس كانت تتبارى فيما بينها في إحراز اعلى النتائج في الامتحانات الوزارية العامة، وما كانت تتهاون مع المدرسين الضعفاء مطلقا، ولهذا السبب كنت تجد خيرة المدرسين في متوسطاتها وثانوياتها التي كانت على درجات علمية متقدمة. وقد امضي أبو منهل طيب الله ذكراه. ثلاثة أعوام في الغربية المتوسطة التي أظن إن مديرها يوم ذاك كان الأستاذ عبد العزيز توفيق، أو الأستاذ نزار محمد المختار، وكلاهما كانا من خيرة التربويين والإداريين. الذين لابد وان أبا منهل اكتسب من خبراتهما في الإدارة ما ساعده فيما بعد على إدارة ثانوية ألقوش التي افتتحت حديثا عام 1957 فعيّن فيها كأول مدير، وكنت خلال عمله في الموصل ومن ثم في ألقوش مديرا لمدرسة كرمليس الابتدائية وعلى ما أتذكر إنني تعرفت إليه منذ إن كان في الموصل، وتوطدت معرفتي له أكثر عندما عمل في بلدته ألقوش، فقد كنا نحن مدراء مدارس القرى الكلدانية نلتقي أيام الآحاد (وهي عطلة مدارسنا إلى جانب يوم الجمعة) في مديرية معارف الموصل، وكان هو والمرحوم الأستاذ الياس مدالو(بابا) مدير مدرسة ألقوش الابتدائية يوفدان معا إلى الموصل لإنجاز إعمال مدرستيهما، فكنا نجتمع في مقهى صغير جوار المعارف نشرب قدحا من الشاي ونتجاذب الحديث في أمور مدارسنا، وكانت إخباره من ألقوش تصلني وتفرحني، منوهة به ومشيدة بقابلياته وخلقه وطريقته المثلى في إدارة الثانوية وجهوده القصوى للارتقاء بها رغم حداثتها والعمل على رفع مستوى طلابه الدراسي، فكان المرحوم يتولى تدريس الرياضيات في الصفوف وهو الذي يخوله نظام المدارس الثانوية التفرغ التام للإدارة، لكنه كالربان الماهر كان يريد إن يكون إلى جانب بحارته، وكان يود إن يكون متواصلا مع الطلبة عن قرب يستطيع بتماسه معهم إن يدرك مدى قابليتهم، ويتعرف على نقاط الضعف لديهم ليعالجها بحنكته ويقوّم ما اِعوجّ من سيرتهم وهذه كلها صفات المدير الناجح المقتدر التي لم يكن بعيدا عنها، وقد مَرّت على أبي منهل رحمه الله ظروف صعبة مُرّة في ستينات القرن المنصرم، حين سيطر التيار القومي المتعصب على مناحي البلد، وعلى تربية الموصل بالذات، فاختلت الموازين وضاعت القيم واستنسر البغاث من الناس، وقد حدثني الصديق المرحوم جرجيس زورا ججيكا وكان مدرسا للرياضيات بزمالته، كيف كان المرحوم يوازن بين القوى المتصارعة آنذاك، يسارية كانت أم يمينية أم رجعية، وكيف كان بذكائه وحكمته وخلقه الرفيع يتجنب المواجهات ويبعد المدرسة عن الصراعات بين أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة، ليستقيم الجو الدراسي ولا يختل النظام، محافظا على كرامة مدرسيه وطلبته بنفس الوقت، وقد تمكن بفكره الثاقب وعلاقاته الاجتماعية الطيبة، إن يصمد إمام الإعصار الدموي الذي هَبً على العراق عموما في شباط 1963، وقاست من جرائه ألقوش وثانوياتها كسائر القرى المسيحية، فاعتقل العديد من مدرسيه، ولوحق الكثير من طلابه وكادت مؤسسته إن تصاب بالشلل ويتهدم كيانها الذي بذل عصارة جهده في بنائه وتمكين أسسه طوال تلك السنوات، لولا تعامله العقلاني مع الإحداث وابتعاده عن الانحياز إلى هذه الجهة أو تلك، وهكذا سار بالمدرسة نحو شاطئ الأمان، وظل الدوام متواصلا، والتدريس قائما، رغم قلة الإمكانيات، موجها إلى ألقوش وثانويتها كل اهتمامه مانحا إياها :قلبه وحبه وعقله، وبقدر ما أحب ألقوش وفداها بروحه، بادلته هي الأخرى حبا بحب وظلت دائما تذكره بالخير كابن بار وتشير إليه بالبنان كرائد فذ من روادها ا لأوائل ما كبا ولا سقط عن جوداه رغم ضراوة الأعداء وقساوة المعارك والطرق الوعرة. لقد شاءت ظروف العمل إن ينتقل الأستاذ منصور إلى بغداد عام 1966 ليتفرغ هناك إلى جانب التدريس إلى شان عائلته وأولاده الذين أراد لهم شانا كبيرا في الحياة، فانصرف إلى توجيههم للدراسات العليا ونيل المعالي، ومن اجلهم تغرب عن العراق عامين دراسيين أمضاهما في السعودية التي أوفد إليها لتدريس الرياضيات، فقد كان في قرارة نفسه يتذكر كيف وقف والداه إلى جانبه يوم كان الزمان عليهم صعبا، وقترا على نفسيهما ليوفرا له فرص التعلم، فرأى من واجبه إن يهيئ لأبنائه أفضل مما كسب، لا سيما وان الله من عليه بظروف أفضل من ظروف أولئك الفلاحين الفقراء أهله. فظل يتابعهم ويتواصل معهم حتى ابلغهم أعلى المراتب، وفيهم اليوم من يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة والطب والبكالوريوس في علوم الحاسبات والادارة والاقتصاد، حملتهم رياح الهجرة إلى بلاد الله الواسعة، وحين عاد الفقيد إلى ألقوش في عام 2006 كان قد أصبح شيخا طاعنا في السن يحمل على منكبيه ثقل الأعوام الثمانين، في فمه مرارة فراق الأحبة وتشتتهم في بقاع الأرض، وهو الذي كان يتمنى إن يكونوا إلى جواره معتزا بهم مفتخرا بالشجرة التي رعاها وسقاها حتى أينعت وأثمرت ثمرا كثيرا. لكن عزاءه كان في انه قد أدى دوره بأمانة وإخلاص. وتفاعل مع الحياة خير تفاعل، ولم يكن نسيا منسيا فيها، بل كان يحمد الله كونه رائدا من روادها وواحدا من مربيها، خلف أجيالا من المثقفين والمتعلمين هو بهم فخور، وبقابليتهم مشيد. وكفاه من الحياة كل ذلك الجهد الجهيد الذي صرفه طوال أيام عمره ففضل إن يرقد رقاده الأبدي إلى جوار أهله وأحبائه الذين سبقوه إلى دار الخلود، واسلم روحه إلى باريها فجر يوم 4/11/2006، مخلفا الحسرة واللوعة في نفوس كل من عرفه ومن بلدته ألقوش بشيبها وشبابها، وحمل أبناؤه وطلابه نعشه إلى مثواه الأخير على أكتافهم وتناقلت نعيه وسائل البريد الالكتروني إلى كافة إنحاء العالم. ورثاه الأقربون والأبعدون رحم الله أبا منهل الرجل الصالح وأثابه على إتعابه خير الثواب. فقد كان عظيما في حياته، شامخا في مماته، والرجال الكبار وان رحلوا عن هذه الدنيا، إلا إن ذكراهم لا تفنى، فهم خالدون بما قدموه من خدمة وجهد لمجتمعهم وبلدهم، وما تركوه من اثر صالح لبني قومهم، وما خلفوه من ذرية نافعة تحمل المشعل من بعدهم، رحم الله الأستاذ منصور واسكنه فسيح جناته التي وعد بها أبناؤه الذين حفظوا عهده، ذكرى لصالحين تدوم إلى الأبد.<sup id="cite_ref-3" class="reference"><a href="#cite_note-3">&#91;3&#93;</a></sup> </p><p><b>7- سيادة المطران ميخا مقدسي</b> ولد المطران ميخا بولا اوراها مقدسي في ناحية القوش سنة 1949 و درست في مدارسها حتى دخل معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان في الموصل عام 1964 وفي عام 1976 رسم كاهنا على يد سيادة المطران المثلث الرحمة مار عبدالاحد صنا الذي كان حينها راعيا لأبرشية القوش منذ تاسيسها بقرار السينودس البطريركي في شهر حزيران سنة 1960 وقد تمت تلك المراسيم بحضور السفير البابوي المثلث الرحمة جان ريب وجموع غفيرة من الكهنة و الشمامسة وجميع أهالي القوش الذين كثيرا ما يفرحهم ان يكون أحد ابنائهم في الايمان قد سيم في مرتبة دينية عليا. وقد رسم اسقفا في عام 1998 بعد خدمة 26 سنة في بيت الرب واجريت المراسيم في العاصمة بغداد في الدير الكهنوتي في الدورة حي الميكانيك مع اثنين من زملائه في الخدمة الكهنوتية هما سيادة المطران بطرس الهربولي وسيادة المطران مار ربان القس. واليوم يرعى أبرشية ألقوش ابن القوش البار المطران مار ميخا مقدسي منذ تقاعد المطران ابلحد صنا في 7 ايلول عام 2002 بعد خدم الابرشية لمدة اربعون عاما ويبلغ عدد نفوس القوش اليوم حوالي 7000 نسمة جلهم من المؤمنين الكلدان . ومن إنجازاته الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى&#160;: إقامة مراكز ثقافية في القوش وتلسقف و باطنايا و باقوفا و تشييد وبناء المطرانية و دار خاص للعجزة في القوش. لم تمر مناسبة الا وقد جاء ذكر الأستاذ منصور سورو وخدماته لهذه الناحية في وقت كان العوز والفاقة بالاضافة الى الاحتقان السياسي وكان القدوة الحسنة واثره لا يمكن ان يكون في غياهب النسيان كهباءً منثوراً وهنا تجدر الاشارة الى حادثة لا يمكن ان تنسى حيث كان لسيادة المطران طموحات كبيرة بانشاء البطريركية ودار للكهنة وانشاءات كنسية كثيرة ومتعددة الاغراض وصادف زيارتنا (انا واخي رائد منصور) له في مكتبه في (القونخ) بجاني كنيسة مار كوركيس في القوش في 2006 وبادر بشرح قسم من المشاريع واراد ان يطلع عليها رائد كونه حاصل على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية وله عدة تصاميم كنسية منفذة في بغداد والموصل واثناء الحديث سال عن منصور سورو "اين الأستاذ منصور سورو الان " فقلنا له انه حاليا في القوش في داره في محلة سينا ولكنه لايستطيع المشي كونه متعب من عملية اجريت له مؤخرا والا فانه متشوق للقائكم فهو لا ينسى طلبته المجدين وهنا نهض وبادرنا حالا اريد ان اراه والتقي به شخصيا فهو أستاذنا ونحن من يجب ان نقوم بزيارته والاطمئنان عليه وهذا اقل شيء نصنعه لهذه الاجيال التي ربت وانشأت اجيال نفتخر بها، فنعم رد الجميل وما هي الا بضع دقائق وفاجأ سيادة المطران مار ميخا مقدسي استاذ الاجيال منصور سورو بزيارة لم تكن على البال او الخاطر وتجاذبا اطراف الحديث والايام وماحملت السنون من ذكريات عن القوش واهل القوش الشجعان. وكم كانت فرحة الاستاذ منصور سورو بلقائه سيادة المطران فقد رجعت به السنوات الى تلك الايام وما كانت تحمله من مفاجآة لاسيما ان طلبته قد خط كل واحد له دربه في هذه الحياة بنجاح ومثابرة حاملا نبراسا من الاجتهاد ومتسلحا بالتعليم والثقافة فهي زاد الحياة. </p><p><b>8- سيادة المطران مثلث الرحمة أبلحد صنا</b> ولد سيادة المطران أبلحد صنا في قرية أرادن التابعة لأبرشية العمادية شمال العراق في 10/12/1922 و تلقى دروسه اللاهوتية في معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل وارتسم كاهناً في 15/5/1947. ثم انتخب اسقفاً على ابرشية ألقوش الكلدانية في 20/ 12/1960 وتمت رسامته اسقفاً بتاريخ 19/3/1961 على يد غبطة أبينا البطريرك المثلث الرحمة مار بولس الثاني شيخو. خدم الكنيسة وأبرشية ألقوش العريقة بأعماله و خدمته الروحية لمدة أكثر من أربعون عاماً وتتميز القوش بوجد دير تم بنائه في القرن الخامس الميلادي والمعروف بدير الربان هرمز، كما توجد العديد من الكنائس والأماكن المسيحية المقدسة فيها. رَسَمَ المطران أبلحد صنا العديد من القساوسة لرفد الابرشية بالأعلام كما تقبل الرسامة على يده بدرجة الشمامسة المقرئين العديد من أبناء بلداتنا الحبيبة ومن اعماله ترميم كنيسة مار كوركيس وبناء كـنيسة في مزار مار قـرداغ سنة 1990 واليوم أصبحت هذه الكـنيسة مهمة لسكان حي مار قـرداغ حيث يصلون و يأدون جميع الطقوس الكنسية. انتقل المطران المثلث الرحمة مار عبد الأحد صنا الى الأخدار السماوية يوم الأربعاء الموافق 28/2/2007 في عمان أثر مرض عضال وتمت مراسيم الجناز بحسب الطقس الكلداني في كنيسة يسوع الملك يوم الخميس المصادف 1/3/2007 ونقل جثمانه فيما بعد الى مقر الأبرشيه في القوش واجري له مراسيم الدفن لتليق بأحد احبار الكنيسة الكلدانية القديسين واحد اعمدتها الاساسيين. للمطران ابلحد صنا مواقف بطولية في القوش وقد كان للاستاذ منصور سورو حظوة كبيرة لديه وكان كثيرا ما يتشاورون مع اعيان البلدة وعليّة القوم وحكمائها في تسيير الأمور العامة لان الظرف كان صعبا والحركات اليمينية واليسارية على اشدها وفي تلك الفترة كان يدير ناحية القوش سيروان الجاف وكان العين والاذن واليد الطولى للحكومة وقد تزايدت شكاوي المواطنين من تصرفاته في الوشاية بأبناء البلدة وايداعهم المعتقلات فيما كان المطران وباقي الاخيار يدفعون بعجلة الحياة الى الامام ومن أبناء القوش الغيارى سادونا بولا المختار، ياقو شكوانا، بطرس لاسو، حبيب شدا، الخوري ابلحد عوديش، القس يوحنا جولاخ. وهنا تحضرني حادثة فقد كان الأستاذ منصور سورو يدّرس مادة الدين عند تأسيس ثانوية القوش لعدم وجود مدرس لمادة الدين على ملاك المدرسة وقد طلب من سيادة المطران المساعدة وفعلا تم تعيين الاب الخوري أبلحد عوديش لتدريس المادة ثم عين الاب يوحنا جولاخ على ملاك ثانوية القوش. وكان سيادة المطران لا يدخر فرصة الا وقد قام بزيارة الأستاذ منصور في بغداد حين قيامه بمهامه الرعوية فقد امتدت صداقتهما لسنين طويلة كانت اخرها في صيف عام 2006 في القوش وقد اخذ منهما الدهر نصيبه ليسترجعا ذكرياتهما الجميلة الحزينة وما آلت اليه امور مدينتنا القوش بعد الاخيرة والتحولات "الديموقراطية"في عراقنا الحبيب. </p><p><b>9- وداعا ً أستاذي منصور سورو</b> كتب المهندس نبيل يونس دمان، وهو من مواليد مدينة القوش عام 1951 درس في ثانوية القوش متوقد الذكاء اهلته درجاته للدخول الى كلية الهندسة في جامعة الموصل من احسن جامعات العراق في قسم الهندسة الميكانيكية، تخرج في عام 1976 بدرجة بكالوريوس هندسة ميكانيكية وذو المام عالي بالجوانب العلمية والعملية بالاضافة الى كونه متعددٌ المواهبِ، منها نُظمُ الشعرِ وإتقان لغةَ آبائه وأجداده، الى جانب اللغة العربية والانكليزية كما انه كاتب ناشط في الامور التراثية والتاريخية مؤلف وله عدة كتب منشورة وله الاف المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي عمل بدأبٍ ونشاطٍ في شؤون الجالية، والوطن الحبيب، وأولى إهتماماً أكبرَ في قضية قومِه تنسب للعمل عند تخرجه في مديرية الطرق والجسور في نينوى ودهوك وعمل كمهندس ثم انخرط بسلك ألتدريس في جمهورية اليمن الشعبية لمدة سبع سنوات ولحق بركب المغتربين ليستقر منذ عام 1990 في الولايات المتحدة الامريكية. </p> <pre>أبى إبنُ القوشَ المعروف منصور أودا سورو، ان يغادر هذه الدنيا، إلا من على تلك الارض الطيبة التي ولد فيها قبل اكثر من ثمانين عاما ً، ومنها انطلق الى رحاب الحياة، بكنز من الطاقة والحيوية، ليكسب العلم والأدب، وليعود الى بلدته مديراً لثانويتها الحديثة التأسيس. لن ابالغ القول بانه افضل مدير أدارة تلك المدرسة (للفترة من 1957- 1966)، أشبهه بالربان الماهر الذي قاد السفينة في ظل العواصف والرياح العاتية. ذلك ما حدث عام 1963، الذي شهدت فيه البلاد، المد الشوفيني الرجعي، والذي اعقب سنوات الأفراح والمباهج، غداة ثورة الشعب الخالدة 14 تموز. لا يمكن تخيل رجلا غيره، يستطيع ان يسيطر على الأمور، ويدع المدرسة تستمر في ظل عبث كاتب المدرسة المندس عدنان، وحقد الدوائر الأعلى في الموصل، لقد أودع أكثر مدرسي الثانوية في السجون، وتخلى الكثير من الطلبة عن المواصلة، واختفوا عن الانظار، والباقون منهم ظلـّوا فزعين، تنتابهم الهواجس، بإنتظار مرور الإعصار. كان الراحل يوازن الأمور بعقل راجح وضمير حي، محاولا ً إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتخفيف الحيف الملحق بالطلبة، ظل الدوام مستمرا ً في ظل تناقص كبير للمدرسين، وتنسيب عدد غير قليل من معلمي الابتدائية، كملحقين في التدريس. </pre> <p>كان يعامل الطلبة كأبنائه فيغمرهم بالحب ما أمكن، ويعاقبهم اذا اساؤوا التصرف بعقوبات سريعة، منها اللجوء الى الضرب الذي ساد آنذاك. كان موجها ً فريدا، ومربيا ً فذا، طرائقه في حل مشاكل الطلبة هي نادرة التكرار، تتخللها في اكثر الأحيان النكتة البارعة، والشدة المناسبة، وأحيانا السخرية اللاذعة بالمقصرين في واجباتهم، او المخلين باللوائح المدرسية، كان لا يفرق بين قريب له او صديق او من ملة اخرى، الذين تحتضنهم الثانوية، بل جميعهم عنده سواسية، وحتى المدرسين الذين غالبيتهم من خارج البلدة، فكان يعاملهم بالاحترام وفي الحزم عند الضرورة. </p> <pre> كان الأستاذ منصور مديري لسنتين فقط (1964- 1966) وفيها أيضا اتخذ مسكنه قريبا من بيتنا في محلة التحتاني (منزل اسحق جولاغ) لهذا كان دائما ً امام أنظاري في المدرسة، وبعد الدوام يشق طريقه عاقدا ً يديه خلف ظهره الى السوق او الى نادي الموظفين، بوجهه الصارم وجسمه الممتلئ وسيكارته التي لا تفارق شفتيه، في بعض الأعْصُر يتخذ مجلسه، في بيدَر قريب، بين رجال محلتنا الذين غالبيتهم رحلوا الى رحمة الله (منهم&#160;: نونو ايسف جولاغ، أيسف جبرائيل توسا، كريم يونس تيزي، غريبو جبو لاوو، ياقو اسرايي تومكا، شابا توما كولا، الياس جيقا، اسو اورها حنونا، ميخا زراكه، سليمن جاورو) فكان خير متحدث في امور الحياة والدنيا، كما كان ينقل لنا والدي العزيز يونس ياقو دمان، بإعتباره أحد الجُلاس. ورغم حياته المنظمة والجدّية، فقد كان يرفه عن نفسه، في تبادل الزيارات العائلية، او القيام بالسفرات الى المناطق السياحية، فكان مثال الانشراح والانطلاق، وراوي الطرائف المتقنة، والتي تثير طويلا المستمع اليها، وقد كان من أوائل من امتلكوا السيارة (في البلدة آنذاك اربع سيارات خصوصية فقط تعود الى المدير الراحل جرجيس حميكا، والمضمد الراحل شابا توما كولا، والمضمد الراحل اسطيفان ابونا). اضافة الى مسؤوليته الادارية، كان يدرس مادة الرياضيات للصفوف المتوسطة، وكانت له طريقة فريدة في اللجوء الى الامثلة من البيئة المحيطة، ومن موجودات السوق، من المكاييل والأوزان وغيرها، فيقرب الموضوع الرياضي الى أذهاننا، ويجعله يترسخ الى الأبد. يا لقساوة الايام ويا لصروف الدهر، فالرجل الذي اثار جيلنا، لم ألتق به إلا في سني ادارته، وقد حالت هيبته وقوة شخصيته، دون ان امعن النظر في تلك الملامح الصارمة، او أتمكن التكلم معه في أي موضوع، و بحكم العلاقة التي كانت تربط الطالب مع الأستاذ، والمبنية على الاحترام الفائق، بل وعدم التواجد مطلقا في اماكن إلتقاء المدرسين، كم كنت في شوق ان أجلس معه وأسمعه ولو لمرة واحدة، ولكن تلك الفرصة تبخرت في رحيله يوم 4 – تشرين الثاني- 2006. الذي لا يعرف اصل الأستاذ ربما يراوده ذلك السؤال، فاقول انه قد سُمّي على إسم جدّه القس منصور سورو (المتوفي سنة 1907)، الذي كان رئيس كهنة البلدة، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الكاهن المذكور الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الاصليين، عرف منهم أيضا ً الشخصية التقدمية، والمعلم المحبوب، المرحوم موسى نوح القس منصور، الذي لا يكاد حديث مثقفي البلدة يتوقف عن الاشادة به وابراز خِصاله الحميدة، وقد كان الاول على دورته في العام الدراسي الابتدائي (1935- 1936). وتبقى شجرة بيت سورو ترفد البلدة بالمتميزين في الحاضر والمستقبل، لعل الدكتور منهل ابن الفقيد أحد هؤلاء، وبهذه المناسبة الأليمة أنشد له ولإخوانه ووالدته وأعمامه وكل فرد في اسرته، الصبر والسلوان، كما وأمد يدي اليه أينما يتواجد الآن مواسياً، ومقدراً فداحة خسارته، أخاله سيواصل طريق والده في حياته الزاخرة. قبل فترة قصيرة سمعت بتواجد الأستاذ منصور في القوش، وانه قد ترك جبهة الخطر في بغداد، ففرحت ومنيت نفسي بالقول: لقد اقترب اللقاء، حالما تنفرج ظروفي الخاصة بالعمل، فتطأ أقدامي أرض بلدتي التي فارقتها قرابة ربع قرن. القدر لم يـَلِن لرغبتي، والحياة لم تمهله، ففارقها مع بالغ الأسف، وراح يودعه عوضا عني في موطن الآباء والأجداد، وربما سار نعشه محمولا على اكتافهم. لتكن كلماتي القصيرة هذه، خير وفاء لذكراه المتجددة. ورودٌ نضرة، وأغصانٌ طرية، أنثرها فوق قبره.<sup id="cite_ref-4" class="reference"><a href="#cite_note-4">&#91;4&#93;</a></sup> </pre> <p><b>10- يوسف عودة سورو</b> من مواليد القوش 1945 ويعتبر الموظف الاصغر سنا في القوش حيث دخل الابتدائية سنة 1950 بعمر خمس سنوات واكملها بتفوق سنة 1956 مما شجع عائلته لادخاله الثانوية بعد ان وسمت فيه حب المدرسة والتفوق ليتبوأ مركزا مرموقا وقد اكملها في خمس سنوات وكان مولعا بالتخصصات الطبية كونها من المهن الانسانية ولاختزال الوقت فقد التحق بمعهد المهن الطبية العالي في بغداد واكملها في سنتين ولكونه من المتميزين فقد قدم لوظيفة في وزارة الصحة وتم تعينه وهو بعمر 18 سنة فقط. ويوسف عودة كاتب ومؤلف وشاعر له عدة كتب منها المبسط في تعلم اللغة السريانية 2001 وكتاب في الذاكرة المنسي وفي طريق النسيان 2018 وهو صاحب ملتقى القوش الثقافي صاحب اكثر مشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي. كان اخي ومعلمي ومدرسي في نفس الوقت فقد كنا معا في مدينة السليمانية سنة 1953 عندما كنت في الابتدائية ثم كنا أيضا معا في مدينة الموصل 1956 عندما كنت في المتوسط الشرقية وكان استاذي لخمس سنوات في ثانوية القوش (1957-1962) كان يدرسنا مادة الرياضيات بالاضافة الى كونه مدير المدرسة ولكن ذلك لم يكن ليعطيني امتياز او فرق عن الاخرين فكلنا كنا سواسية لا بل كان يحاسبنا بشدة ففي احد السنين وعند الامتحانات لم استطع الدراسة بشكل جيد ولذلك فقد وجدت نفسي مكملا في نفس المادة التي يدرّسها اخي مما اضطرني لمضاعفة الجهود والدراسة في العطلة الصيفية والتقديم للامتحان مرة ثانية وقد نجحت بتقدير 100/100. احببت فيه الاخ والأب وحنوه علينا جميعا فقد كان قدوتنا الحسنة وبه اقتدينا وكنا نستشيره في جميع الامور حتى العائلية منها. واتذكر في في احد الايام قدم نقل الى الموصل لكون الامور في القوش كانت متوترة فبعض الطلبة كانت لهم انتماءات للحزب الشيوعي والبعض الاخر الحزب البارطي الكردستاني بينما هو كان يقدر الطلبة أمثالنا الذين جاءوا للمدرسة لتلقي العلم فقط مما كان يصطدم احياناً بطلاب مشاكسين يثيرون المشاكل والفوضى بهدف اقصاء الاساتذة. ومن المدرسين في تلك الحقبة للغة العربية استاذ شاكر نعمة الله والانكليزية الأستاذ ميخا بجوري والدين خوري ابلحد عوديش وطبعا الرياضيات والجبر والهندسة والحساب الأستاذ منصور سورو. </p><p><b>11- الخور اسقف أبرم أوراها بثيو</b> ولد الاب ابرم اوراها بثيو في قرية كرنجوك التي تقع في وسط المسافة بين ناحية ألقوش وقضاء الشيخان (عين سفني) على بعد يقارب العشر كيلومترات بين القوش. يحدها من الشرق قرية بيروزاوا ومن الغرب قرية عين بقره ومن الشمال قريتي النصيريه والجراحيه ومن الجنوب قرية داشقوتان. وقد كان مولعا بالتعليم فلا يمانع من قطع المسافة بين الثانوية ومسكنه والتي تبلغ اكثر من ستة اميال مشيا على الاقدام وفي احسن الاحوال بالدراجة الهوائية رغم قساوة الاحوال الجوية وخصوصا في الشتاء. وكان الاب من المتفوقين ويعشق العلوم والفيزياء والدروس الدينية واللغة وقد رسم كاهنا وعين في مدينة ولكتنون في نيوزيلاندا وقد اقام غبطة المطران يعقوب دانيل يوم الأحد 23 تشرين الأول 2011 قداسا في كنيسة مار كوركيس الشهيد في ولنغتون قام خلاله بترقية الأب أبرم بثيو إلى درجة الخور أسقف وبالاضافة الى التزاماته في خدمة الرعية فانه كاتب مثقف منحته الملكة إليزابيث الثانية في حزيران 2013 وسام الملكة الرفيع المستوى للخدمات الجليلة التي قدمها إلى أبناء امتنا بصورة عامة. في نهاية شهر أب من عام 1961 ركبت الدراجة الهوائية التي كان يسوقها أخي المرحوم جندو أوراها بثيو وتوجهنا صباحا من قريتنا العزيزة كرنجوك إلى ناحية ألقوش لتسجيلي في مدرسة متوسطة ألقوش, وكنت في الرابعة عشرة من عمري, ولكن دراجتنا الهوائية. والتي كان أصدقاؤنا يحسدوننا عليها. أوصلتنا ألقوش في منتصف النهار لثقب حصل في إطارها الخلفي في وادي نهر قرية النصيرية الممتلئ بالأشواك فلم نستطيع معالجة هذا الثقب اللعين الذي جعلنا نئن تحت حرارة أب. وصلنا ألقوش وبعد إن انهينا التسجيل في المدرسة, دخلنا كازينو المرحوم (عما متيكا) وكانت أرضيتها مرشوشة بالماء لتفادي الحرارة لان الكهرباء لم يكن موجودة آنذاك في ألقوش, وكم أتذكر أنشودة مائدة نزهت والتي ترن في آذاني إلى اليوم وهي تنشد من الراديو الكبير الموضوع في الكازينو وتقول:هو أبو هو أبونا, ياكريم يا كريم، وهي تنشد بالزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم. لقد بدأت الدوام في مدرسة متوسطة وثانوية ألقوش في الصف الأول المتوسط، الشعبة (ج) في الملحق التابع للمدرسة والمكون من أربع شعب (جمع شعبه) وكان المرحوم الأستاذ منصور مديرا للمدرسة يدرسنا مادة الحساب. كانت شعبتنا ممزوجة من الآشوريين والأيزيديين، أهالي القرى المجاورة, والكلـدان (أهالي ألقوش وهم الأكثر) وكان هناك تسابق بيننا، وكان الأستاذ منصور في الحقيقة يحترمنا نحن أهالي القرى من المسيحيين والايزيديين لكوننا ضيوفا على أهالي ألقوش, ولم يكن يمسنا لا بالكلام ولا بالضرب إلا عندما نجبره نحن على ذلك، ولكنه كان أحيانا بنهال بالضرب على الإخوة الألقوشيين الذين كانوا يعبرون كثيرا الأصوليات والضوابط في المدرسة. وأتذكر جيدا وكل الطلاب عندما كان يمسهم بالكلام ويقول بالكلدانية:عقرت كلبا اذيا يموخ كامرا ابتلى برونا بمدرسة لا هية ؟ أو كان دائما يردد: ولوخ قيميت وقلبيت ومقلبزيت. وفي الكثير من الأحيان كان الفراش يدخل الصفوف ويناول المدرس ورقة مكتوب فيها: قرر مجلس الانضباط فصل الطالب فلان ابن فلان لمدة عشرة أيام، وخصم عشرة درجات من سلوكه.... الخ. لقد كان الأستاذ منصور مدرسا مثاليا ومديرا نموذجيا، وكان دائما يحث الطلاب على الاجتهاد والدرس وفي الكثير من الأحيان كان يتكلم باللغة الكلدانية ونشعر عند ذاك بحنانه كأب يربيهما ويتحنن علينا, وليس كمدير أو مدرس يؤدبنا. ولشدة حرصه على سلامة وصحة الطلاب كان يجن جنونه عندما يشاهد طالبا يدخن السكائر, فكان يصدر أوامر ويضع عقوبات صارمة على الطلاب الذين يدخنون حتى في السوق. ولست أتذكر فيما إذا كان المرحوم يدخن أم لا. كنا نعاني من الفاقه والعوز، وأتذكر عندما توجهت إلى ألقوش للدراسة أعطاني أبي دينارا واحدا وكان للدينار آنذاك قيمة عالية, فصرفت الدينار خلال خمسة عشرة يوما, ثم تنزل تعييني إلى النصف دينار ثم إلى الربع وأحيانا إلى بضع دراهم, كان أصدقائي الذين لايزالون في الابتدائية يحسدونني للدراسة في ألقوش حيث كل شيء كان متوفرا مقارنة بالقرى. وفي احد أيام الصيف الحار من عام 1962 توجهنا بدراجتي الهوائية إنا وابن أختي ( نويا كوريال عوديشو الذي يعيش معنا ألان في نيوزلندة) إلى ألقوش وكان في جيبي عشرون فلسا وفي جيب نويا عشرة فلوس. اشترينا صمونة لكل واحد منا من الفرن المقابل للسوق آنذاك ودخلنا كازينو (عما متيكا) وطلبت إنا ستكان شاي ورحت أكل الصمونة واشرب الشاي, وأما نويا فراح يأكل صمونته جافةً لعدم امتلاكه حق الشاي، فنظر العم متيكا. رحمه الله، إلى نويا وهو يلحس الصمونة الجافة فرق له قلبه فجلب له استكان شاي قائلا بالكلدانية (شتي بروني اهاستكان على حسابي) فشكرنا شعوره وحنانه. هكذا كانت الحياة صعبة آنذاك, ولهذا السبب كان الأستاذ منصور عودة يشعر بتعب الأهل في تدريس أبنائهم وصرف ما تجود به يدهم من دريهمات من اجلهم وهم يصومون من لقمة الخبز ليصرفوها لأبناهم, فكان نعم الأب والمربي والمدرس والمدير. لاننسى شعوره مهما باعد الزمان والمكان بيننا، واليوم وهو مضى إلى ربه محافظا على الأمانة التي في جعبته، وقد تاجر بوزنته فأضاف إليها وزنات أخرى ليقول له الرب يسوع المسيح: تعال وادخل النعيم الذي اعد لكل من حافظ على الأمانة. وكم يراودني الأسى والحزن وانأ في زيارتي للوطن, وزيارتي لألقوش عدة مرات في أواخر الصيف الماضي وهذا الخريف والتقائي بالعوائل والإخوة هناك. سالت عن الأستاذ منصور. فقالوا لي: انه حي وموجود لحد ألان في ألقوش ولكنه عاجز كثيرا, كم أتأسف لعدم قيامي بزيارته. رحمك الله يا أستاذ منصور. وأسكنك فسيح جناته، ولأهلك وذويك ولنا جميعا الصبر والسلوان. سنقوم بإذن الله يوم الأحد القادم 19 تشرين الثاني 2006 بذكر المرحوم الأستاذ منصور سورو في إل (خوشابا) وفي تراتيل المزمورين في خدمة الإسرار الإلهية المقدسة لجسد ودم المخلص يسوع المسيح في كنيسة مار كوركيس الشهيد، الكنيسة الشرقية القديمة في نيوزيلندة. صلوا من اجله أيها الطلاب ويا أهالي ألقوش الكرام. ونقول: إن ألقوش (يما دمشيخايوثا) أم المسيحية وقلعة الأشوريين والكلدان القومية، نقول: سيرو على خطوات ذلك المعلم والمدرس والمربي والأب الحنون لخدمة كنيستنا وامتنا العريقة لنصل معا إلى المستقبل المنشود. ولكم جيل الشكر أمين. </p><p><b>12- الدكتور حبيب يوسف تومي</b> مواليد القوش 1943 أنهى الدراسة الأبتدائية والمتوسطة في القوش وانقطع عن اكمال الدراسة الثانوية الفرع العلمي لانخراطه في العمل السياسي مشاركاً في قوات الأنصار البيشمركة الا انه رجع واكملها عام 1969 في ثم اكمل دراسته الجامعية في الأتحاد السوفياتي ونال بكالوريوس هندسة بحرية في سنة 1982 واشترك في دورات عديدة في فرنسا والنرويج حيث هاجر واستقر بعد ان استقال سنة 1986. وقد منح لقب سفير السلام من قبل منظمة السلام العالمي في عام 2010 و منح شهادة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية من قبل الجامعة العربية المفتوحة لشمال امريكا وكندا عن اطروحته الموسومة (البارزانيون ودورهم السياسي في المسألة الكوردية) وله ثلاثة كتب مطبوعة وعشرات المقالات في شتى المواضيع التراثية والأدبية والتاريخية والسياسية والأجتماعية منشورة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية. وقد كان مؤخرا مرشحا للبرلمان العراقي في قائمة البابليون. أعتبر المرحوم الأستاذ منصور اودا سورو شخصية القوشية متميزة، نحن طلابه ندين له بإحاطتنا بالرياضيات. لقد كان له طريقة خاصة بتوصيل الرياضيات الى ذهن الطالب بأسلوب بسيط وسلس رغم ما تتميز به مادة الرياضيات من جمود وتعقيد. كان يشرح الدرس باللغة الكلدانية (السورث) وكانت تحضره دائماً الأمثال والطرائف والتعليقات الألقوشية القديمة. أيام الدراسة غنية بالمواقف والحوادث والمفارقات، لا سيما في القوش حيث انت بين اهلك وأصدقائك وتتكلم بلغتك وكان الأستاذ منصور يراعي هذه الخاصية وهو الألقوشي الأصيل. ولا شك ان مصلحة المدينة ومصلحة الطلبة كانتا تستقطبان معظم اهتمامه. إن الكتابة عن هذه المفارقات يأخذ مساحة كبيرة، وفي مناسبة وفاة استاذنا الكبير منصور أودا نحاول تسجيل قبس من هذه الذكريات.<sup id="cite_ref-5" class="reference"><a href="#cite_note-5">&#91;5&#93;</a></sup> في أحد الأيام كان الصديق الطالب (ك) يحل سؤالاً في الجبر على السبورة وللسؤال طريقة يمكن حله بخطوات قليلة لا تعدو الى خمس او ست خطوات، لكن زميلنا اراد ان يحله بطريقته الخاصة وأخذ يضرب ويقسم ويطرح. وبعد امتلاء لوحة السبورة بالأرقام أخذ يمسح ويعيد الكتابة وهكذا، كل هذا الوقت واستاذ منصور ينتظر النتيجة وهو ساكت، لكن أخيراً بعد ان نفذ صبره، أوقفه وخاطبه بالسورث قائلاً&#160;: أراد أحدهم ان يثبت لأصدقائه بأن ثمة طريقة لشجّ رأسه لا يعرفها أحد سواه، فالطريقة الأعتيادية بسيطة هي ان يتناول حجراً ويضربه على رأسه. لكن الذي فعله انه ثبّت الحجر في حائط ورجع الى الوراء ويأتي بقوة ليضرب رأسه بالحجر المثبت وهكذا، وأنت تقوم بنفس العملية يا شاطر. ثم قام الأستاذ بحل السؤال ببضع خطوات لا غيرها. في يوم من الأيام استلمت إدارة المدرسة في القوش أمراً من تربية تربية الموصل بأن يكون يوم الأحد من ايام الدراسة كبقية أيام الأسبوع، في حين كان لنا عطلة يومي الجمعة والأحد، وهنا اجتمع عقلاء المدرسة من الطلبة وقرروا الأضراب عن الدراسة، وتعزيزاً للأحتجاج خرجنا بمظاهرة حاشدة للطلبة في الأماكن القريبة من المدرسة وكان هتاف المظاهرة :لا دوام يوم الأحد من الآن الى الأبد لكن أخيراً اتفقت إدارة المدرسة مع التربية في الموصل على توزيع حصص يوم الأحد الى بقية أيام الأسبوع، وهكذا انتهت المعضلة. لكن الأستاذ منصور لم يسكت على هذا الخرق وجاء الى الصف يخاطبنا قائلاً :إن إدارة المدرسة تسير وفق تعليمات وأنظمة ولا يمكنها الأخلال في هذا النظام، لكن بوسعنا ان نخاطب التربية فيما نريد بالطرق الأصولية، وبينما كان يخاطبنا دخل قائد المظاهرة المرحوم (ب) الى الصف متأخراً بعض الشئ ودلف الى الصف وينوي الجلوس في رحلته. فأوقفه الأستاذ منصور قائلاً&#160;: ألا يجدر بك ان تطرق الباب اولاً قبل الدخول ؟ لقد وصلت متأخراً فهل تعتقد ان المدرسة هي خان تأتي اليه وقتما تشاء؟ ثم أردف الأستاذ سؤالاً: لماذا تغيبت يوم أمس عن الدراسة؟ فأجابه الطالب&#160;: لأنه كان يوم الأحد. فقال له الأستاذ: اسمع&#160;! هنا لدينا مدرسة وليس لنا رحى لطحن الحبوب وكل يأتي بحمله متى يشاء، للمدرسة قوانين وأنظمة، أما إن أردت التمسك بالأعياد فعليك الجلوس في البيت وتستطيع ان تعيّد في كل الأعياد والمناسبات والتذكارات حتى يوم تذكار (دوخرانا د قيبو)، وهي الدجاجة الحاضنة للبيض. لقد كان المرحوم يحاول مسايرة وموازنة مطاليب السلطة وكان ذلك في عهد المرحوم عبد الكريم قاسم، ومن جهة نحن الطلبة كنا نريد ان تكون الساحة مفرغة لنا ولأفكارنا اليسارية في تلك الفترة. للتاريخ أقول: ان الأستاذ منصور كان حريصاً على مصلحة طلابه وبأفق الأنسان المجرب، ولكن بثوريتنا واندفاعنا لا يمكن ان نعترف باعتدال مهما كان نوعه. لقد كان الأستاذ يختلط مع الطلاب في الساحة ويدخل معهم في نقاشات وبلغة السورث وكانه صديق او أخ كبير لهم. لقد كان الأستاذ منصور سورو يسعى الى الأتصال بأولياء أمور الطلبة لكي تتعاون الإدارة مع أسرة الطالب لتحسين وضعه الدراسي، كان متأكداً أن معظمنا من عوائل فقيرة، وهي تنتظر تخرج ابنها للحصول على وظيفة حكومية، وكانت هذه الوظيفة تضمن دخلاً شهرياً ثابتاً وكما يقولون في القوش (يوما خاثا وباري خاثي) ومع هذا كان الأستاذ يقول اننا سعداء لأننا ندرس في نفس مدينتنا القوش. ويقول كنا ندرس في الموصل، ونشتري رغيف خبز ونأتي بجوار مطعم للكباب ونشم ريحة اللحم ونأكل الخبز، وكأننا نأكل الكباب مع الخبز. نعم كانت الحياة المعاشية صعبة للأكثرية. سنة 2003 وأثناء تواجدي في بغداد تعرفت على ابنه منهل في محلهم للألكترونيات في شارع فلسطين، وطلبت منه رؤية الوالد وفعلاً جلست مع الأستاذ منصور في بيتهم المجاور للمحل ومع العائلة الكريمة وتحدثنا عن أيام الدراسة، وكان يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً. لقد كان الأستاذ منصور مثالاً للألقوشي العراقي الأصيل لقد تفوق في تدريسه وأدار ثانوية القوش بحكمة ودراية. وستبقى الذكريات الطيبة عن الأستاذ منصور قائمة في قلوبنا. </p><p><b>13- الدكتور عزيز رحيم صادق</b> احد علماء الفلك في العراق ولادة مدينة القوش عام 1946 وقد دخل الى مدارس القوش عام 1951 واكمل الثانوية عام 1962 واختار الفرع العلمي في مرحلة الثانوية ونبغ في دروس الفيزياء والرياضيات وكان قدوته العليا الاستاذ منصور سورو كونه كان يُدّرس كلا المادتين في ثانوية القوش ولكونه من المتفوقين فقد رشح لبعثة دراسية تكللت بحصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة مانشستر عام 1979 في فيزياء الفلك وهو العلم الذي يختص بالتحليلات العلمية في دراسة النجوم والاجرام السماوية كما نال شهادة الماجستير في علم الفلك من جامعة مانشستر في المملكة المتحدة. عمل في البحث العلمي وفي وزارة التعليم العالي وعدة مشاريع ستراتيجية كمشروع المرصد الفلكي العراقي كما ان له عدة بحوث منشورة في مجلات علمية عالمية رصينة ونشر العديد من الكتب والمقالات العلمية ويعمل حاليا في مشروع كبير يتناول نشر الوسائل التعليمية في مجال الفيزياء والرياضيات والعلوم العامة لمختلف المراحل الدراسية الأساسية على شكل عروض فيديو بالصورة والصوت بالإضافة الى كونه عضو لجنة التحضير والإعداد للمؤتمر الشعبي الكلداني الآشوري السرياني ويشغل منصب مدير مركز اكد للطباعة والاعلان. كان الأستاذ منصور سورو متميزا في أسلوبه وقد أحببت مادة الفيزياء والرياضيات بالذات لأنه كان يطلب منا في كل تمرين إيجاد حل المعادلات و اشراك اكبر عدد من الطلبة واستخدام الجانب التطبيقي مع توضيح وتقريب الأسئلة الى الحياة العملية ولازلت أتذكر بعض تلك الدروس خصوصا المتعلقة بشرح قانون الفعل ورد الفعل وتفسير بعض الظواهر الفيزيائية. ولا يفوتني ان الأستاذ منصور كانت له دائما تلك التعليقات المفرحة المبهجة التي تضفي الجو المرح في مادة جافة مثل الفيزياء مما كان يساعد الطلبة في فهم المادة العلمية ولا يخفى على الجميع كم كانت تلك المرحلة صعبة ففيها الحركات المسلحة والوضع الأمني الهش والدراسة كانت على المحك لكن الأستاذ منصور استطاع بحنكته وادارته ان يثبت ويدفع التعليم الثانوي الى الامام. وهنا تحضرني حادثة فقد كنت دوما ضمن الطلبة المتميزين واحضر دائما الى المدرسة في الوقت المحدد واجد الأستاذ منصور يستقبل الطلبة والأساتذة في باب المدرسة ويعاين بنفسه المتأخرين والمتكاسلين.<sup id="cite_ref-6" class="reference"><a href="#cite_note-6">&#91;6&#93;</a></sup> كان الاستاذ منصور سورو يتمتع بسرعة البديهة ولذلك تجد رده في محله وكثيرا ما كان الطلبة يحرجون من عدم اكمالهم الواجب البيتي وعندما يحاولون حل مسالة رياضية كانوا يخفقون وهنا يتدخل الاستاذ منصور باسلوبه المتميز ويوصل الطالب الى الحل الصحيح وكنت من الطلبة الذين يتمتعون بحضوة عند الاستاذ منصور وهو دوما يصرح بانه لا يمكن ان ينسى اثنين: الطالب المثالي المتوقد المتوهج الذي يحضر الى مقاعد الدراسة ليتعلم ويصنع مستقبله، وطالب ثاني في اخر السلم يحضر فقط للتسلية وعمل المتاعب لنفسه اولا ولأهله ثانيا. مرت السنون واثناء عملي في مجلس البحث العلمي بدرجة باحث في علوم الفضاء والفلك شاءت الصدف ان التقي منهل ابن الأستاذ منصور سورو وقد عين في نفس القسم الذي اترأسه وقد اثمر عملنا معا عدة مشاركات في مؤتمرات وبحوث وتأليف كتاب عن مذنب هالي عام 1986. </p><p><b>14- قرص من شعاع الشمس</b> </p> <pre><b>14-1 - صبري اسحق اسطيفانا</b> تحدث الأستاذ صبري اسطيفانا في حلقة مشوقة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي عن ثانوية القوش وخص بالذكر الأستاذ منصور سورو فقد كان الأستاذ صبري اسطيفان طالبا في ثانوية القوش للبنين وهو من مواليد ناحية القوش 1948 تخرج واكمل الدراسة الجامعية وحصل على بكالريوس من كلية التربية جامعة بغداد عام 1972 وشغل منصب مدير ثانوية القوش نفس المدرسة التي تخرج منها ونفس المدرسة التي كان الأستاذ منصور سورو مديرا فيها. بالاضافة الى انه يشغل رئيس الهيئة الثقافية في جمعية القوش الثقافية.<sup id="cite_ref-7" class="reference"><a href="#cite_note-7">&#91;7&#93;</a></sup> </pre> <p>كان الأستاذ الفاضل منصور سورو يملئ المكان الذي يكون فيه لحضوره المتميز وهيبته العلمية وقاره وطريقة تدريسه لانه كان مدرس ومدير في ان واحد. ومن خلال السجلات في مدرستنا كان اول تعيين له عام 1949 وقد قدم الى القوش في تشرين الاول 1957 عندما اقيمت اول ثانوية رسمية في القوش لان قبل ذلك الوقت كانت ثانوية اهلية ولسنة واحدة وكانت صف واحد. المجتمع في ذلك الوقت كانوا يجلون التقدير والاحترام للهيئة التدريسية والتعليمية ويكنون لها مكانة في المجتمع وخصوصا عند طبقة المثقفين، والطلبة لا يثمنون قدر اساتذتهم الا بعد تخرجهم ليدركوا مقدار التضحيات التي كانوا يبذلونها من اجلهم، وانا كنت احد طلبة الأستاذ منصور ولم نكن ندرك الامور بشكل جيد ولكن الان استطيع القول ان الأستاذ منصور مربي فاضل خرّج اجيالا وحصلوا على شهادات مختلفة وهو بحق نعم المدرس ونعم الاداري. كان الأستاذ منصور يدّرس الرياضيات والجبر والمثلثات وكان يحب عمله ومتمكن علميا واداريا فاذا تاخر مدرس مثلا كان يستدعيه من اصف وينبهه ويحاسبه. واخيرا اقول نم قرير العين يا استاذنا لانه يوجد شباب في مدينتنا كانها الشجرة الباسقة التي زرعتها وامل ان تكبر ويكثر ثمرها وتخضر دوما لان لا يوجد مثل العملية التربوية مهمة للشعب الكلداني الاشوري السرياني كونه وريث علم وحضارة ومدرسة مار ميخا لا زالت قائمة منذ القرن الخامس ولحد يومنا هذا واطلب من طلبتنا ان يقتدوا باساتذتهم فهم الآباء والاخوة التي تسهر على تعليمهم. </p><p><b>14 -2- كريم يوسف يلدكو</b> في حلقة مميزة من البرنامج الوثائقي قرص من شعاع الشمس انتاج قناة عشتار الفضائية سنة 2008 ومن اخراج طاهر سعيد متي تناولت بالتفصيل حياة المربي الفاضل منصور سورو وكان للبرنامج لقاء شيق وممتع مع الأستاذ كريم يوسف يلدكو وهو من طلبة القوش النجباء والمتفوقين ولد في القوش عام 1946 وكان الاول دوما في جميع مراحل الدراسة ودخل المتوسطة في القوش عام 1960وتخرج من ثانوية القوش للعام الدراسي 1964-1965 وكان الاول على دفعته وقد انخرط في السلك التربوي وحصل على الشهادة الجامعية و عين في محافظة نينوى واختار نفس اختصاص منصور سورو فكان يدرس مادة الفيزياء لجميع المراحل ومن زملائه في التعليم جرجس جما، حنا بابانا، حميد يوسف زرا، يوسف ميا ولكفاءة استاذ كريم فقد تم ترقيته وعين مشرفا تربويا في مديرية تربية نينوى يقيم في القوش مسقط رأسه ولازال نشيطا في الشوًون الادارية والثقافية ويشغل رئيس الهيئة الادارية في جمعية القوش الثقافية. <sup id="cite_ref-8" class="reference"><a href="#cite_note-8">&#91;8&#93;</a></sup> كنت طالبا لدى الأستاذ منصور سورو لمدة خمس سنوات من الصف الاول المتوسط عام 1960 وتخرجت من الخامس العلمي 1965 وكنت الاول على الدفعة، منصور سورو اب رحيم و مربي فاضل وكادر علمي ممتاز مخلص بعمله مقتدر من المادة العلمية عطائه فائق اداريا قائد ناجح وفي احلك الظروف فترة الستينات وكان قائد محنك، ربان شجاع و ماهر قاد ثانوية القوش الى بر الامان بكل اقتدار ورغم حقد الحاقدين على القوش وأولاد القوش، وفي زمانه كانت ثانوية القوش تنافس ثانويات العراق اجمع من حيث النتائج الوزارية فقد تخرج في تلك الحقبة طلاب نجباء ممتازين تقدموا للجامعات ونالوا شهادات في مختلف الاختصاصات وفي جميع المجالات واطلب من جميع العاملين في المجال التربوي الان ومستقبلا ان يتذكروه دائما لان مستوى التدريس قد تاخر في مختلف ارجاء العراق ليس في القوش وحسب. كما لا يفوتني شيء اخر اننا كنا ننافس بين الاقضية الاولى في العراق وكان قضاء عانة من بين الاقضية ذات النسبة العالية من الخريجين مقارنة مع القوش. لدينا في أولادنا الذين يكبرون الان ان يعيدوا امجاد الآباء ومنهم منصور سورو وانا افتخر كونه استاذي فقد درسني الرياضيات والاخلاق، صاحب نكتة، سريع البديهة، ذكي جدا وشجاع جدا. كان بالاضافة الى ذلك مرحا لا تخلوا مواقفه من دعابة فمثلا في احد الايام قام طالب على السبورة لحل مسألة في الجبر لاكنه لم يوفق واخذ يتأمل لبرهة فبادره الأستاذ منصور لماذا انت في اللعب جيد ولكن سؤال لا تستطيع حله مما اضفى جو من المرح في الصف. ومثال اخر في مادة الدين في الصف الخامس العلمي كان يدرسنا الواقع والحياة والاخلاق فقد كنا في مرحلة الثانوية مراهقين لكن استاذ منصور كان يكلمنا كأب وباخلاق عالية وتعامله لطيف للغاية وسهل التعامل أحيانا كان صديق الطالب فقد يقول أحيانا لي انا متخاصم معك فقط ليشعر الطالب باخطائه. طلبي من الاجيال الحالية ان تحذوا حذوه لانه كان مستقيم وناجح ومتميز في عمله وخدم العراق وخدم مدننا بكل تفاني. </p><p><b>15- قالوا في منصور سورو</b> وتمر الأيام في ذكرى رحيل الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو وكأنها البارحة لم يغب عن بالنا يوم واحد وكأنه يعيش معنا. كان للأستاذ منصور فضل كبير على التعليم المدرسي الحكومي في القوش، فقد عُرف بغيرته العالية وفكرهِ السخي وخطواتهِ الراسخة، كان الرجل مثابراً لامعا في مجال مهنتهِ التي تميزت بنكهة فريدة وأسلوب متميز وممتع نالت محبة الجميع اساتذة وطلابا واولياء امور، ربى وعلٌم اجيالاً عديدة، ستبقى ذكراه خالدة في اذهانهم على مر الزمن كأثمار شجرة طيبة تجذرت عميقا في الأرض. لقد كنت أيها الأستاذ لنا دوماً ذلك الصديق الذي لانمل من احاديثه الحلوة الشيقة وكنت ذلك الاب الحكيم الذي نجد عنده الحكمة والفطنة عند المشورة وكنت ذلك الصدر الرحب الحنون الذي يكفي ليمد العالم كله بالحب والدفيء عندما تضيق بنا السبل وكنت معلمنا واستاذنا المفضل يأيها البارع وكيف لا وقد ربيت اجيالا وتخرج على يدك العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين واعضاء نافعين للمجتمع، أيها الزارع الصالح الذي بذر في من حوله الطيبة والصدق والتواضع وحب العلم وحب الوطن وحب الناس وتركت بصمات خالدة لا تنسى. تَذكر القوش نت انه لا زال الكثيرون من الأطباء والمحامون والأساتذة يفتخرون بكونهم من طلبته ودائما ما يرددون أنهم أحبوا العلم تأثرا بأستاذهم الفاضل. وهذا ما كان يزيده زهوا وفخرا كيف لا وهو ابن بلدتهم نشأ وترعرع معهم وما كان الا ليفرح بإنجازات أبناء بلدته خصوصا على مستوى محافظة نينوى. ويذكره الشماس جوزيف سورو بانه مثل حبة الحنطة تعطي حياة جديدة وحبات كثيرة وكأنه سفينة مرساها كبيرة ابحرت واوصلت من معها الى بر الأمان. ويذكره الأستاذ الكبير مايكل سيبي باننا كنا طلاب أستاذنا القـدير نشهـد بإخـلاصه وتفانيه وحـرصه عـلى أبناء جـلدته، ولا يمكنـني أن أصفه بأكـثر مما كتبتُ عـنه الصفـحات الإلكـترونية تحـت عـنوان (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت) وعندما سأل من في ذاكرتكم الان قال مديري الأستاذ الفاضل منصور اودا سورو. يستطرد انور صادق العوصجي ان ما قدمه الراحل الكبير لابناء القوش لاكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لالقوش حيث دخل اسمه التاريخ من اوسع ابوابه، وستذكره الاجيال القادمة باجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال القوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان القوش معروف عنها انها مصنع الرجال الابطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير الذي ترجلت عن صهوة جوادك الاصيل بعد مسيرة حياتك المثمرة الطويلة لتسعد روحك الطاهرة في عليائها. والشماس فرات ميـــا يشيد فيذكر ها قد رحلت ايهـا العزيز بعد مسيرة طويلة في العطـاء وتربية الأجيال، ورحيلك قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة وفي قلوبهم غصة. و يشارك الشماس حناني ميا بالاسف لرحيل علم من إعلام العلم في العراق، ووجيه من وجهاء ألقوش مصنع الرجال المربي الكبير الأستاذ الفاضل منصور الذي خدم العلم والمعرفة أكثر من نصف قرن من الزمن في وطنه الحبيب بلد الحضارة الأول في العالم. كان الأستاذ منصور سورو مدرسة بحد ذاته تعلمت فيها وتخرجت منها أجيال عديدة ومنهم أولاده النجباء الذين خدموا المجتمع خير خدمة، إن ذكراك أيها الراحل الكبير ستبقى خالدة في أذهان الكثيرين على مر الزمن لأنها كالشجرة الطيبة أصبح لها جذور عميقة في الأرض التي زرعت فيها. اما أنور صادُق العوصجي في ألمانيا فيقول إن ما قدمه الراحل الكبير لأبناء ألقوش لأكثر من نصف قرن يعتبر مفخرة لألقوش حيث دخل اسمه التاريخ من أوسع أبوابه، وستذكره الأجيال القادمة بإجلال، وبجدارة فقد تبوأ المرحوم مكانة كبيرة بين رجال ألقوش المعروفين في كل مجالات الحياة، لان ألقوش معروف عنها أنها مصنع الرجال الإبطال، فنم قرير العين يا فارسنا الكبير. السيد كمال يلدو الكاتب المرموق ومقدم برنامج اضواء على العراق وفي احدى مقالاته المشوقة عن المربي الراحل عابد بتي حنا صفار المولود في مدينة القوش عام ١٩٢٩ اذ يستطرد رغم ان سنين طوال تفصلنا عن هذا الجيل، وعالم آخر نعيشـه دونهم، لكن الحديث عنهم يكتسب أهمية خاصة لأبنائهم وعوائلهم الكريمة، ولكل من يقرأ ويدرس هذه السير المباركة والمفعمة بالتجربة والحياة. ومهما تغيرت الظروف والمستجدات، يبقى الأنسان هو سيد الموقف وحامل كل مفاتيح التغيير، يسـمو و يضئ ظلمة هذا الكون، ويمنحه طعمه الزكي الحلو. إن تجربة هؤلاء المربين مفعمة بالأمل والعمل والصبر، على إن أروع درس هو ذاك الذي تشي به تجربتهم الجميلة والملخصة بإن العمل المبدع لا يأتي إلا من عقل وروح مبدعة، إلا من إنسان عاشق للحياة ويقدسها، إنسان يفرح لتقدم الناس وتطورهم. تحية لذكراهم الطيبة، بأمل ان نأخذ من رحلتهم تلك وقودا لرحلتنا في هذه الحياة، من أجل البناء وخير الأنسان. ويضيف في معرض سرده للاساتذة في القوش ان اول من تقلد منصب مدير مدرسة في بلدة القوش كان الأستاذ (منصور اوده). يتذكره السيد عوديشو زورا بِدِي العم العزيز الذي يأسر الجميع بكياسته وحكمته وأدبه الجم منذ ان كانا معا في مدرسة مار ميخا حيث انه من مواليد 1925 أيضا فيسهب القول انه في العشرينات لم يكن هناك الكثير من المتعلمين يعرفون القراءة والكتابة وكان هناك ستة مدرسين الياس بابا و إيسف باخوخا اللذين درسا في المعهد الكهنوتي السمنير ومتيكا حجي وكان هناك قساوسة لتدريس اللغة الكلدانية قراءة وكتابة وتدريس باقي العلوم والدين ثم اضيفت اللغة العربية بعد ان جاء امر مديرية المعارف باضافتها الى مناهج الدراسة. ان منصور سورو كان له ولع شديد في الدراسة والمواظبة والحضور والمناقشة وربما هذة البداية والاستمرارية جعلت منه مدرس ناجح واداري ممتاز وهنا يتذكر مواقف كثيرة لا تعد ولاتحصى منها ان كانا زميلا الدراسة في نفس الرحلة وشاءت الظروف ان والده زورا بدي كان بحاجة لعون أولاده في الزراعة وخصوصا ان القوش تعتمد على الزراعة الديمية معتمدين على موسم الامطار مما اضطر على ترك الدراسة وممارسة العمل بأناة وتواصل، تارة مع والده واخيه عيسى وتارة اجيراً عند الاخرين في اعمال الزراعة او في معصارة الراشي (الطحينية) التي كانت تعود لهم ولكونه ذو عقلية تجارية فذة فقد قام العم عوديشو بفتح دكانا في السوق، ومرت الايام وعين منصور مدير ثانوية القوش واحتاج الى سلاح شخصي وقالوا له الوحيد الذي يمكن ان تثق به هو عوديشو زورا بدي. بعد التقاعد اراد منصور سورو ان يقوم بعمل تجاري او اي مشروع يقضي وقته بعمل مفيد فلم يجد غير زميل الدراسة عوديشو زورا يشير عليه بالاعمال التجارية فقد اصبح من كبار تجار بغداد وله مكاتب جملة ومفرد واستيراد وتصدير ولا ننسى ابدا حين اذرف الدموع لحظة سماعه بفقدان منصور سورو وانتقاله الى الحياة الابدية. كان منصور سورو يسعده ان يلتقي بطلابه ويفتخر حينما يرى ان هؤلاء الطلبة قد تقدموا في معارج الحياة إن كان وظيفياً او علمياً او اقتصادياً ولذا ستبقى دائما وابدا في قلوب الأولاد والاحفاد والاقارب والاصدقاء وكل من يتذكرك وستكون دائما في صلواتنا وفى افئدة محبيك الكثيرون للابد. الأستاذ يوسف زرا وفي كتاباته عن مشاهير ألقوش في القرن العشرين اقتبس هذا المقال الجميل كان جورج جبوري شغوفا بكل الفنون، محبا للتمثيل ويعتبر أبو المسرح والتمثيل في القوش، اذ كان قد أسس فرقة جوالة في بداية الاربعينيات تحيي المسرحيات التراثية والكوميدية ذات الطابع الرومانسي والتراجيدي، ولازال المسرحيون المتتبعون لهذا الفن يذكرونه كمدرسة لهم في التعبير عن محتوى التاريخ بأسلوب درامي مشوق. ومن ابرز أعضاء تلك الفرقة والتي واصلت حمل عبئ العمل الى أواخر الاربعينيات، منهم المرحوم عابد بتي كعكلا والمرحوم جرجيس اسحق زرا والأستاذ منصور اودا سورو والمعلم اسطيفان هرمز رئيس والشماس حنا شيشا والمحاسب يوسف حنا سيبي. ومن الجدير بالذكر ان الاستاذ منصور سورو كان يحب اقتناء الكتب والمجلات فقد كان مولعا بالادب بالاضافة الى براعته في الجوانب العلمية وكان شغوفا باقتناء الاعداد الجديدة التي كانت تصدر شهريا مثل (تراثنا الشعبي)، (مجلة العربي)، (آفاق عربية)و(ألأقلام) وغيرها كثير وكان يترقب بداية كل شهر لاقتناء نسخته وقراءتها بتمعن وقد اهديت مكتبته العامرة بعد وفاته الى مكتبة مار ميخا في القوش. <sup id="cite_ref-9" class="reference"><a href="#cite_note-9">&#91;9&#93;</a></sup> يعتبر حبيب القس يوسف عبيا احد اصدقاء الطفولة وقد تخرج من كلية الحقوق واصبح من كبار كتاب العدول في الموصل ثم بغداد الكرخ وقد دون في التواصل الاجتماعي ان منصور سورو هو الصديق والرفيق منذ الطفولة والى حيث أغابه الموت. يقول التقيت منصور على مقاعد الدراسة في مدرسة القوش الابتدائية (مار ميخا) في الصف الأول الأبتدائي عام 1934 مع المرحومين الخوري هرمز صنا وحنا حجي وتخرجنا فيها سوية عام 1939 بعد أن التقينا بركب المرحوم حبيب جمعة في الصف الرابع الاعدادي وأستمرت علاقتنا الأخوية ما حيينا. كان منصور من الطلبة اللامعين طيلة المراحل الدراسية وجدياً ومخلصاً في عمله طيله فترة عمله سواءاً في أدارة مدرسة القوش الإعدادية أو فترة التدريس في مختلف متوسطات وأعداديات بغداد وتخرج على يديه خلال ثلث قرن التي قضاها في التدريس نخبة مميزة من الشباب النابغين هذا بالاضافة الى النهوض بأولاده الستة الى أعلى مستويات الثقافة (دكاترة وأطباء ومهندسين). كان الراحل الغالي مدافعاً عنيداً عن طلابه سيما في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها بلدتنا العزيزة القوش آنذاك. ومن الذكريات الجميلة عن مدرسي ثانوية القوش كما ترويها السيدة جوليت نعيم جبرائيل گولا والتي درست في مدرسة راهبات القوش مار ميخا وبعد تخرجها تزوجت من السيد بطرس لاسو مدير مدرسة القوش الابتدائية والذي كانت تربطه بالاستاذ منصور سورو علاقة جيرة و صداقة متينة وعمل حثيث من اجل مدينتا القوش وتعود بها الذاكرة ايام مدينة السليمانية عندما كانوا اربعة زملاء في التدرج الوظيفي هم بطرس لاسو وجرجيس حميكا ويونس رزوقي وسعيد شامايا وبعد ان أصبح منصور سورو مدير ثانوية القوش استعان بزملاء الدراسة لبناء مدرسة نموذجية اذهلت دائرة المعارف انذالك رغم قساوة الظروف وضمت الهيئة التدريسية جرجيس حميكا، متي عبد الاحد، حكمت يعقوب، بهنام عفاص، بدري فرج، مظفر اليوزبكي، شاكر نعمة و مزاحم الشماع. </p><p><b>16- الشماس صادق برنو</b> ولد صادق ياقو ميخا برنو كوريال برنو في القوش عام 1917، وفي بيت يقع مباشرة خلف كنيسة ماركوركيس الفخمة بمحلة قاشا، وكان عماذه بعد فترة من قبل القسيس يوسف منصور سمعان كادو، شق صادق طريقه في الحياة وكان يتلقى دروسه الاولى في مدرسة مار ميخا النوهدري المقابلة لبيته، ومن المعلمين الذين درس على ايديهم كل من سعيد ججاوي الياموري كوركيس عواد لا كنه ترك الدراسة ليساعد والده في العمل ولكنه لم يبقى أسير نمط واحد من العمل، فسرعان ما غيره ليصبح سائق صهاريج النفط، ومدة اخرى في باصات نقل طلبة المدارس الاهلية في بغداد، مما منحته فرصة للتعرف على المدينة والاستفادة من معطياتها ويذوب فيها فتعلق بالكنيسه، وواظب على تعلم واتقان لغته السريانية، بل تفوق فيها ليصبح خطاطاً وشاعراً ومرنماً، ثم شماساً قديراً، حيث نال درجتها عام 1942 في القوش على يد المطران مار حنا قريو يقوندا، ونظرا لحسه الوطني والطبقي المتنامي فقد تعاطف مع الأفكار السياسية السائدة آنذاك، لفترة من الزمن مع شباب من عائلته، اعتقل في سجون الموصل الرهيبة، ونال قسطا من المعاناة والشدائد في تلك الايام الحالكة. وبعد فترة وجيزة سافر الى الولايات المتحدة الامريكية واستقر فيها منذ عام 1967، وعندما وصل الى هذه ديار الغربة شمر عن ساعديه للعمل والتأقلم مع الحياة الجديدة، دون ان يقطع صلته بالوطن الأم لا بل لعب صادق برنو وعائلته دوراً، في استقبال ومساعدة سيل المهاجرين منذ اوائل سبعينات القرن الماضي، وعمل مع ابنائه في تسهيل معاملات الهجرة حتى اصبحوا روادا فيها . وهو كاتب ومؤلف وله العديد من الكتب والمقالات والمطبوعات في شتى المجالات اغلبها من طقسنا الكلداني. ورغم سنونه التي زادت عن المائة الا انه لازال غزيرا بعطائه فلا زال يولف ويطبع ويوزع الكتب والنشرات بالعربية والسريانية الى جميع محبيه ومعارفه.<sup id="cite_ref-10" class="reference"><a href="#cite_note-10">&#91;10&#93;</a></sup> نظم الشماس صادق برنو قصيدة في رثاء الأستاذ منصور سورو لحبه واعتزازه بابن بلدته حيث كان ثلاثة من أولاد الشماس وهم نوئيل، جبرائيل و ريمون طلابا في ثانوية القوش وكان دوما متابع لهم وحريصا على اكمالهم تعليمهم وتختزن ذاكرتهم جميعا لقصص ونوادر تلك الحقبة وكيفية تعامل الأستاذ منصور في تلك المواقف وقد اصبحوا شبابا يافعين محترمين لهم ادوارهم في المجتمع والقصيدة باللغة السريانية: حزن ورثاء للاستاذ منصور سورو اكتب واقدم احترامي لهذا المربي استاذ منصور سورو عالي في التعليم الذي انتقل ورحل من هذا العالم الى الحياة الابدية في سلام وسكينة استاذ منصور مبارك ومتواضع عملت كثيرا بحب ودون كلل لهذه المدرسة ليلا ونهارا بقلب مملوء بالفرح ويفيض بالمحبة بقلب كبير وسعه التفاني لهذه المدرسة عملت باجتهاد ومشاعرك مملوءة بالحب العامر لهذه الخدمة نذرت كل حياتك خدمت ثانويتك بكل اخلاص في ذلك الزمان مملوء بالصعاب مسلحين يطوفون شوارع المدينة وصوت المدافع تصم الاذان كل تلك السنين واجهت المصاعب لم تتضايق او تتوان في كل الاوقات بل عملت وساعدت اكثر لتسع سنوات من ذلك الزمان لك يا استاذ منصور وفي كل الاوقات يشكرون جهودك أولاد بلدتك ربيتهم بعقلك وانرتهم بحكمتك رفعت من علمهم ونعموا بالمناصب ربيتهم كانهم أولادك كنت دائما بهم فرحانا لا يمكن ان ينسوك مهما حصل سيتذكرونك دائما وابدا انت دوما في ذكراهم بالمحبة والاحترام لا تغيب عن فكرهم صغيرهم وكبيرهم لأنك كنت لهم الصديق والمعلم ومحبتك لهم راسخة وكبيرة مرحى لك لهذه الخدمة رفعت اسمك في هذه الدنيا نرجو من الرب ان لك يمن مكانا في الفردوس معه بالمسرة </p><p><b>17- القس منصور سورو</b> الذي لا يعرف أصل الأستاذ منصور سورو ربما يراوده ذلك السؤال، ولكنه قد سُمّي على أسم جدّه القس منصور سورو، الذي كان من كهنة القوش المعروفين، عرف بسداد رأيه، وحبه للفكاهة والحكايات الشعبية، وبشجاعته، فالحملات التي تطال البلدة بين زمن وآخر كانت توقظ في الاب الغيرة، فيحمل السلاح ويكون في مقدمة من يهب للدفاع عن الأعراض والممتلكات والمقدسات. ومعروف بيت سورو العريق ومن سكان البلدة الأصليين. </p> <div class="thumb tleft"><div class="thumbinner" style="width:222px;"><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Three_grand_sons.jpg" class="image"><img alt="Three grand sons.jpg" src="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/96/Three_grand_sons.jpg/220px-Three_grand_sons.jpg" decoding="async" width="220" height="166" class="thumbimage" srcset="//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/96/Three_grand_sons.jpg/330px-Three_grand_sons.jpg 1.5x, //upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/96/Three_grand_sons.jpg/440px-Three_grand_sons.jpg 2x" data-file-width="3162" data-file-height="2380" /></a> <div class="thumbcaption"><div class="magnify"><a href="/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Three_grand_sons.jpg" class="internal" title="كبّر"></a></div></div></div></div> <p>ولد القس منصور او الاب سوريشوع والتي كانت كنيته أحيانا في القوش عام 1830. تثقف وتعلم في المدارس الكهنوتية في ذلك الوقت ورسم كاهنا لخدمة رعية القوش وضواحيها، وكان متزوجا وله أربعة أولاد (متي، أبلحد، يوسف و نوح). وبالاضافة الى واجباته الدينية لخدمة الرعية في كنيسة ماركوركيس كان معروفا بغيرته وشجاعته النادرة بحيث كان يحل جميع المشاكل مع الحكومة او مع الاغوات او المتنفذين في المنطقة بالاضافة الى كونه كان الرجل السباق في رفع السلاح والوقوف بوجه الاعتداءات اثناء الغزوات على منطقته رغم كونه رجل دين الا انه قاد رجال القوش الغيارة الشجعان ضد اعدائهم في المنطقة. اتقن القس منصور الحياكة وعمل الملابس المحلية ليعيل اسرته الكبيرة دون الاعتماد على اي مصدر اخر وقد ورث بعض احفادة هذه المهنة عنه بالاضافة الى كونهم شمامسة في الكنيسة. كان يقضي الكثير من وقته في القراءة والكتابة وله العديد من المخطوطات بخط يده محفوظة في مكتبة الكنيسة وقسم منها في مكتبات عالمية فله كتاب بعنوان (بعض الحكايات والقصص المختصرة باللغة الكلدانية الدارجة لطلاب المدارس ومتعلمي اللغة السوادية بيسر) المنشور سنة 1880 والمحفوظ في مخطوطات برلين صفحة 430 رقم 128. وكتاب اخر نشر عام 1882 باللغة الكلدانية الدارجة. كانت القوش تفتخر بشجاعته فقد روي انه عندما يذكرون القسس في القوش يقولون لدينا تسعة قسس والقس منصور لتفانيه في خدمة الجماعة مع انه ذو شخصية مرحة يحب سرد الفكاهات والنوادر وكان مجلسه يعج بالمؤمنين وخصوصا في زمن الشدائد عندما كانوا يطلبون منه النصح والتدبير. توفي الاب منصور سورو في القوش سنة 1907 وقد وارى جثمانه الثرى في باحة كنيسة مار كوركيس في مكان قريب من المذبح ونقش على الجدار تذكار يليق به. </p> <ol class="references"> <li id="cite_note-1"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-1">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="http://kaldany.ahlamontada.com/t9781-topic">http://kaldany.ahlamontada.com/t9781-topic</a> (نجـوم ألقـوشية سطعـتْ ثم غابت)</span> </li> <li id="cite_note-2"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-2">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="https://ankawa.com/forum/index.php/topic,362886.msg4281615.html#msg4281615">https://ankawa.com/forum/index.php/topic,362886.msg4281615.html#msg4281615</a> عنكاوا كوم </span> </li> <li id="cite_note-3"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-3">^</a></b></span> <span class="reference-text">الحوار المتمدن - العدد: 1744 - 2006 / 11 / 24 </span> </li> <li id="cite_note-4"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-4">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="http://bakhdida.ca/NabilDamman/FrYousifAbia.html">http://bakhdida.ca/NabilDamman/FrYousifAbia.html</a> موقع بخديدا </span> </li> <li id="cite_note-5"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-5">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="http://www.alqosh.net/mod_albums.php?mod=news&amp;modfile=item&amp;itemid=39653">http://www.alqosh.net/mod_albums.php?mod=news&amp;modfile=item&amp;itemid=39653</a> القوش نت</span> </li> <li id="cite_note-6"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-6">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/14701-2015-01-28-18-15-15.html">https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/14701-2015-01-28-18-15-15.html</a> الكاردينيا</span> </li> <li id="cite_note-7"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-7">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="https://www.ishtartv.com/">https://www.ishtartv.com/</a> قناة عشتار الفضائية </span> </li> <li id="cite_note-8"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-8">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="https://www.ishtartv.com/">https://www.ishtartv.com/</a> قناة عشتار الفضائية </span> </li> <li id="cite_note-9"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-9">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&amp;view=article&amp;id=25090:aa&amp;catid=72:b&amp;Itemid=45">http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&amp;view=article&amp;id=25090:aa&amp;catid=72:b&amp;Itemid=45</a> تلسقف كوم</span> </li> <li id="cite_note-10"><span class="mw-cite-backlink"><b><a href="#cite_ref-10">^</a></b></span> <span class="reference-text"><a rel="nofollow" class="external free" href="https://www.alqosh.net/mod.php?mod=news&amp;modfile=item&amp;itemid">https://www.alqosh.net/mod.php?mod=news&amp;modfile=item&amp;itemid</a></span> </li> </ol> '
ما إذا كان التعديل قد تم عمله من خلال عقدة خروج تور (tor_exit_node)
false
طابع زمن التغيير ليونكس (timestamp)
1618002990