حقوق الإنسان في تايلاند

كانت تايلاند من أوائل الدول التي وقعت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة[1] لعام 1948 وبدت أنها ملتزمة بحماية حقوق الإنسان في تايلاند. في الممارسة العملية على أرض الواقع، كان باستطاعة النافذين انتهاك حقوق الإنسان لمواطنيهم بلا عقاب. من عام 1977 إلى عام 1988، أفادت منظمة العفو الدولية أن «هناك. 1436 حالة مزعومة من الاحتجاز التعسفي، و58 حالة اختفاء قسري، و148 حالة تعذيب، و345 عملية قتل خارج نطاق القضاء في تايلاند. حقّقت السلطات وبيّنت كل حالة».  تشير منظمة العفو الدولية في تقريرها 2017/18 «حالة حقوق الإنسان في العالم» أنه لم يتغير الكثير في هذه الأثناء.[2][3]

عندما تولّت حكومة رئيس الوزراء برايوت تشان-أو-تشا المنتخبة حديثًا السلطة في منتصف عام 2019، لم يُظهر سجل حقوق الإنسان في تايلاند أي مؤشرات على التغيير وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.[4]

الضمانات الدستورية

عدل

أُبطِل العمل بدستور عام 1997 في سبتمبر 2006 في أعقاب الانقلاب العسكري. فرض النظام العسكري دستوراً مؤقتاً عُمِل به إلى حين الموافقة على نسخة 2007 بعد عام على الاستفتاء. ألغى النظام العسكري الذي تولى السلطة في مايو 2014 العمل بدستور 2007 جزئيًا واستعاض عنه بدستور مؤقت يُعمل به إلى حين المصادقة على الدستور الجديد في عام 2016.

أُدخِلت العديد من الحقوق الجديدة على دستور 1997. ومن بين هذه الحقوق: حق الحصول على التعليم المجاني، وحقوق المجتمعات التقليدية، والحق في الاحتجاج السلمي على الانقلابات وعلى غيرها من الوسائل غير الدستورية للاستيلاء على السلطة. بالإضافة لإدخال حقوق الأطفال والمسنين وحقوق المعوقين، والمساواة بين الجنسين. واعترف دستور 1997 بحرية المعلومات والحق في الصحة العامة والتعليم وحقوق المستهلك. اعترف  دستور عام 1997 بما مجموعه 40 حقًا، مقارنة بتسعة حقوق فقط منصوص عليها في دستور عام 1932.[5]

ينصّ الدستور الحالي (دستور 2016)، الذي صاغته هيئة عينها المجلس العسكري (المجلس الوطني للسلام والحفاظ على النظام NCPO)، في البند 4 على ما يلي: «يجب حماية كرامة الإنسان وحقوقه وحريته وضمان المساواة». ولا يتنافى هذا عما جاء به دستور 2007. فيما تذكر البنود من 26 إلى 63 مجموعة واسعة من الحقوق المحددة في مجالات كالعدالة الجنائية والتعليم وعدم التمييز والدين وحرية التعبير.[6]

أعاد دستور 2007 الكثير من الحقوق المعترف بوضوح من مجموعة شاملة في «دستور الشعب لعام 1997». بيّن هذا الدستور الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التجمع السلمي وحرية تأسيس الجمعيات والحرية الدينية وحرية التنقل داخل البلاد وخارجها.

انتهاكات حقوق الإنسان

عدل

أعربت وزارة الخارجية الأمريكية[7] وجهات أخرى[8] عن قلقها إزاء مجالات عدة:

الاتجار بالبشر

عدل

تعد قضية الاتجار بالبشر من القضايا الرئيسية في تايلاند. وهذا يشمل خداع وخطف رجال من كمبوديا وبيعهم في قوارب الصيد غير المشروع التي تجوب خليج تايلاند وبحر الصين الجنوبي. وُعِد هؤلاء الرجال بوظائف ذات أجور أفضل، لكن بدلاً من ذلك أجبروا على العمل كعبيد بحريين لثلاث سنوات. غطّت العديد من المنظمات الإخبارية الدولية بما في ذلك الغارديان وأسوشيتد برس ونيويورك تايمز الموضوع على نطاق واسع. وفازت وكالة أسوشيتد برس بالتحديد بجوائز مهمة لتغطيتها للحدث (على الرغم من أنه لا يخلو من الجدل بسبب المبالغة في تقدير دورها في مكافحة الاتجار). الاتجار بالأطفال هو أيضًا قضية رئيسية أخرى في تايلاند. يُجبَر الأطفال المخطوفون الذين لا تتجاوز أعمارهم أربعة أعوام على العمل رقيقًا للجنس في المدن الكبرى كبانكوك وفوكيت. هذه الأنشطة منتشرة في المناطق الريفية على في تايلاند على وجه الخصوص.[9]

ما زالت حالات العمالة القسرية في صناعة الأسماك والجمبري وكذلك عمالة الأطفال في صناعة المواد الإباحية موجودة في تايلاند وأُبلِغ عنها في تقرير أعدته وزارة العمل الأمريكية لعام 2013 عن أسوأ أشكال عمالة الأطفال وفي «قائمة السلع لعام 2014 التي تنتجها عمالة الأطفال أو العمل القسري».[10]

حرية الصحافة وحق التجمع

عدل

في أعقاب انقلاب عامي 2006 و2014، تدهور الحق في حرية التعبير وتأسيس الجمعيات وحرية التنقل تدهورًا خطيرًا. فرضت الحكومات العسكرية حظرًا على الاجتماعات السياسية وحظرت انتقادات وسائل الإعلام. وحظرت الحكومة أيضاً جميع أنواع الأنشطة السياسية.[11]

لاحظ تحالف الصحافة في جنوب شرق آسيا أن البيئة الإعلامية في تايلاند -التي كانت قبل الانقلاب تُعتبر أحد أكثر الدول حريةً في آسيا وأكثرها حيوية- قد تدهورت سريعًا بعد الإطاحة العسكرية بثاكسين شيناواترا. وأشار إلى إغلاق محطات الإذاعة المجتمعية في المقاطعات التايلاندية، والحظر المتقطع للقنوات الإخبارية وتعليق بعض المواقع التايلندية المخصصة لمناقشة تداعيات التدخل العسكري على الديمقراطية التايلاندية. أشار تحالف الصحافة في جنوب شرق آسيا إلى أنه على الرغم من عدم ظهور حملة قمع ضد الصحفيين وأن المراسلين الأجانب والمحليين بدوا أحرارًا في التجوال وإجراء المقابلات وإعداد التقارير حول الانقلاب كما يرون مناسبًا، فإن الرقابة الذاتية كانت قضية بحد ذاتها في غرف الأخبار التايلاندية.[12][13]

قدّمت الصحفية البريطانية سوزان بوكانان تقريرًا عن سلسلة الوفيات الأخيرة من الضحايا السياح والاعتداءات الجنسية في كو تاو. رغم أنها لم تزر تايلاند منذ أكثر من عامين، فقد أصبحت مطلوبة لدى الشرطة التي تقول إنها تروِّج أخبارًا كاذبة.[14]

احتُجز الصحفي الفيتنامي ترونج دوي نهات في هانوي (كما اعترفت السلطات الفيتنامية) بعد اعتقاله في 26 يناير 2019 في بانكوك مباشرة بعد تقديمه طلب لجوء إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين (UNHCR). وفقاً لمنظمة العفو الدولية غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، تتعرض السلطات التايلاندية الآن لضغوط للتحقيق في تورط الشرطة التايلندية في اختطاف واحتجاز نهات.

تمرد جنوب تايلاند

عدل

أُبلِغ عن مشاكل في المقاطعات الجنوبية ذات الصلة بتمرد جنوب تايلاند. وتفيد التقارير أن نحو 180 شخصًا قد توفوا هناك أثناء احتجازهم في عام 2004. في قضية بارزة على وجه الخصوص، قيل إن محامي حقوق الإنسان المسلم سومشاي نيلافايجيت تعرّض للمضايقة والتهديد والاختفاء القسري في نهاية الأمر في مارس 2004 بعد مزاعم بتعذيبه على أيدي قوات أمن الدولة. في عام 2006 صرّح رئيس الوزراء ثاكسين شيناواترا أنه يعتقد أن سومشاي قد مات وأن قوات أمن الدولة متورطة في ملابسات وفاته. وفي نهاية المطاف، وُجهت تهمة قتل سومتشاي إلى خمسة من رجال الشرطة،[15] على الرغم من أن المحاكمة أسفرت فقط عن إدانة واحدة أُسقِطت في الاستئناف في مارس 2011. وقد ندّدت اللجنة الآسيوية لحقوق الإنسان بهذا الحكم، وأعلنت أنجخانا زوجة سومتشاي عزمها على مواصلة استئناف القضية أمام المحكمة العليا في تايلاند. منذ عام 2007 توفي عدد من المتمردين المشتبه بهم وهم رهن الاحتجاز وأصيب بعضهم بجروح مثيرة للريبة.[16]

اللاجئين البورميين

عدل

يمكن للاجئين البورميين في تايلاند الإقامة في أحد مخيمات اللاجئين على طول الحدود مع بورما، والتي تحميهم من الاعتقال والإبعاد بإجراءات موجزة إلى بورما، لكنهم يفتقرون إلى حرية التنقل أو العمل. أو يمكنهم العيش والعمل خارج المخيمات، ولكن عادةً دون وجود صفة قانونية معترف بها من أي نوع، ما يجعلهم عرضة للاعتقال والترحيل. منذ عام 2005 حتى عام 2011، أُعيد توطين أكثر من 76000 لاجئ بورمي من المخيمات الحدودية إلى بلدان ثالثة، على الرغم من أن العدد الإجمالي لسكان المخيم بقي نحو 140.000. [17][18][19][20][21]

تعتبر الحكومة التايلاندية لاجئي المخيم الذين يغامرون بالخروج من المخيمات من الأجانب غير الشرعيين وتعمد على اعتقالهم. تقبض الشرطة أو القوات شبه العسكرية التايلندية بانتظام على سكان المخيم وتُعيدهم إلى المخيم إذا دفعوا رشاوى كافية، أو ترسلهم إلى أحد مراكز احتجاز المهاجرين في تايلاند، ثم يرحلونهم إلى بورما. يجد اللاجئون في المخيمات أنفسهم عرضة للإيذاء والاستغلال على أيدي اللاجئين الآخرين. يتمتع اللاجئون الذين يعملون بصفتهم رجال أمن للمخيم بالإضافة إلى قادة المخيمات وسكان المخيم الذين لهم صلات خفية بالجماعات العرقية المسلحة داخل بورما بالسلطة في المخيمات.

المراجع

عدل
  1. ^ "Human Rights: UDHR: Universal Declaration of Human Rights". Concordian International School. مؤرشف من الأصل في 2018-11-24. اطلع عليه بتاريخ 2018-11-24.
  2. ^ Fenn، Mark (22 يناير 2015). "Thailand's Culture of Impunity". The Diplomat. مؤرشف من الأصل في 2019-08-19. اطلع عليه بتاريخ 2019-08-19.
  3. ^ "Culture of impunity and the Thai ruling class: Interview with Puangthong Pawakapan". Prachatai English. 3 أكتوبر 2016. مؤرشف من الأصل في 2019-08-19. اطلع عليه بتاريخ 2019-08-19.
  4. ^ Amnesty International Report 2017/18; The State of the World's Human Rights (PDF). London: Amnesty International. 2018. ISBN:9780862104993. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-05-26. اطلع عليه بتاريخ 2018-11-24.
  5. ^ Thanet Aphornsuvan, The Search for Order: Constitutions and Human Rights in Thai Political History نسخة محفوظة February 26, 2008, على موقع واي باك مشين., 2001 Symposium: Constitutions and Human Rights in a Global Age: An Asia Pacific perspective
  6. ^ "Archived copy". مؤرشف من الأصل في 2012-05-15. اطلع عليه بتاريخ 2013-01-23.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: الأرشيف كعنوان (link) 2007 Constitution (unofficial translation)
  7. ^ "Archived copy". مؤرشف من الأصل في 2019-07-10. اطلع عليه بتاريخ 2012-12-05.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: الأرشيف كعنوان (link)
  8. ^ de Leon، Syme (2019). "Defending in Numbers; Resistance in the Face of Oppression 2017–2018" (PDF). Asian Forum for Human Rights and Development (FORUM-ASIA). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2019-07-25. اطلع عليه بتاريخ 2019-06-01.
  9. ^ "Forced to Fish: Cambodia's sea slaves" نسخة محفوظة November 18, 2007, على موقع واي باك مشين.. The Guardian Weekly, Jan. 30, 2009.
  10. ^ Thailand, 2013 Findings on the Worst Forms of Child Labor نسخة محفوظة April 5, 2016, على موقع واي باك مشين.
  11. ^ McDonald، Taylor (25 يوليو 2019). "Thailand fails to address rights abuse: HRW". ASEAN Economist. مؤرشف من الأصل في 2019-07-25. اطلع عليه بتاريخ 2019-07-25.
  12. ^ "Martial law must be lifted to address impunity". Southeast Asian Press Alliance. 22 نوفمبر 2014. مؤرشف من الأصل في 2019-06-23. اطلع عليه بتاريخ 2019-06-23.
  13. ^ Tunsarawuth، Sinfah (3 مايو 2019). "[Thailand] Some Good News, But Mostly Bad". Southeast Asian Press Alliance. مؤرشف من الأصل في 2019-09-13. اطلع عليه بتاريخ 2019-06-23.
  14. ^ "Thai Paradise Gains Reputation as 'Death Island'". New York Times. مؤرشف من الأصل في 2019-06-16. اطلع عليه بتاريخ 2018-11-04.
  15. ^ "THAILAND: Verdict on Somchai's case--his wife, daughter could not be plaintiffs; not enough evidence to convict accused". Asian Human Rights Commission. 17 مارس 2011. مؤرشف من الأصل في 2017-10-16. اطلع عليه بتاريخ 2011-04-24.
  16. ^ "Suspected insurgent dies after 35 days in ICU". Prachatai English. 26 أغسطس 2019. مؤرشف من الأصل في 2019-08-27. اطلع عليه بتاريخ 2019-08-27.
  17. ^ "Thailand War on Drugs Turns Murderous, 600 Killed This Month -- Human Rights Groups Denounce Death Squads, Executions" نسخة محفوظة August 24, 2006, على موقع واي باك مشين.. Drug War Chronicle, 21 Feb 2003.
  18. ^ "A Wave of Drug Killings Is Linked to Thai Police". By Seth Mydans. April 8, 2003. نيويورك تايمز. "Archived copy". مؤرشف من الأصل في 2016-03-03. اطلع عليه بتاريخ 2008-04-10.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: الأرشيف كعنوان (link)
  19. ^ منظمة العفو الدولية report: Thailand: Grave developments - Killings and other abuses نسخة محفوظة July 26, 2011, على موقع واي باك مشين.
  20. ^ Human Rights Watch. Detailed report: Thailand: Not Enough Graves: IV. Human Rights Abuses and the War on Drugs نسخة محفوظة November 4, 2016, على موقع واي باك مشين.
  21. ^ "Thailand: Not Smiling on Rights" نسخة محفوظة July 25, 2011, على موقع واي باك مشين.. July 18, 2005. Asian Centre for Human Rights. See page 24, the section called "Killings in the war against drugs". [وصلة مكسورة]