حقوق الإنسان في السويد

حقوق الإنسان في السويد هي حقوق محمية إلى حد كبير في دستورها والقانون الدولي الذي أقرّته.[1] تجسدت القوانين الدستورية الثلاثة المتعلقة بحقوق الإنسان بالفصل الثاني من صك الحكومة وقانون حرية الصحافة لعام 1949 والقانون الأساسي لحرية التعبير لعام 1991. دُمجت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أيضًا في القانون المحلي السويدي منذ عام 1995.[2]

النائب العام للأمم المتحدة داغ همرشولد (1953) خارج مبنى الأمم المتحدة.

تعتبر السويد نفسها رائدة على مستوى العالم في حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها.[3] تعترف وزارة الخارجية السويدية عن ارتباط موقفها من حقوق الإنسان ارتباطًا وثيقًا بالديمقراطية وسيادة القانون.[4] أشاد الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أوبيورا سي. أوكافور في شهر مايو في عام 2018 بمساهمة السويد في حقوق الإنسان على الصعيد الدولي تبعًا لدعمها المالي للمنظمات الدولية وتعزيز حقوق الإنسان.[5] عُرفت السويد بدبلوماسيتها القوية الإقناع في تعزيز معايير حقوق الإنسان الجديدة وتحدي الوضع الدولي.[6]

لم تُعفى السويد من انتهاكات حقوق الإنسان المحلية، وتضمنت المجالات الرئيسية للاهتمامات البارزة المساواة أمام القانون والتمييز والعرق والقضايا الاجتماعية والتمتع السلمي بالممتلكات وحماية طالبي اللجوء.

تاريخ حقوق الإنسان عدل

يعود تاريخ خطة الحماية الأولى لحقوق الإنسان في السويد إلى منتصف القرن الرابع عشر مع فصل الملك الموجود في القانون العام للمملكة. كان فصل الملك أول دستور مكتوب للسويد، وتضمن القَسَم أمام جميع الحكومات الملكية الناجحة في السويد على الدفاع عن العدالة والحقيقة وإخماد الظلم والباطل والجنوح عن القانون والحفاظ على الإيمان بعلاقات المملكة المشتركة الداخلية، وعدم إلحاق الأذى بحياة الأغنياء والفقراء أو أجسادهم إلا بعد المحاكمة وفقًا لقانون المملكة، وعدم حرمان أي رجل من بضائعه إلا وفقًا للإجراءات القانونية الواجبة. أعرب القَسَم الملكي عن نيته في الالتزام بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان مثل الحق في المحاكمة وحماية الحياة والأطراف.[7]

شكل هذا التعبير أساس المادة السادسة عشر من صك الحكومة لعام 1809. كانت المادة السادسة عشر هي البند الوحيد المتعلق بحقوق الإنسان في الدستور القديم. تنص المادة على ما يلي:

«يحافظ الملك على العدالة والحقيقة ويزيدها ويمنع ويحظر عدم العدالة والظلم، ولا يحرُم أي شخص أو يسمح بحرمان أي شخص من الحياة أو الشرف أو الحرية الشخصية أو الرعاية دون محاكمة وعقوبة قانونية، ولا يجوز له حرمان أي شخص أو السماح بحرمان أي شخص من الممتلكات الحقيقية أو الشخصية دون محاكمة عادلة وإصدار حكم. لا يجوز له تقييد أو السماح بتقييد إدراك أي شخص وحماية الجميع أثناء ممارستهم لتعاليم دينهم».[8]

تُظهر هذه المادة اعتراف السويد المبكر بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان على الرغم من أنها تمثّل إعلانًا عامًا للمبدأ.

طُبقت عقوبة الإعدام، التي غالبًا ما كانت تُلغي حقوق الإنسان بشكل أساسي، في السويد لفترة طويلة. نُفِذت 68 جريمة أدت إلى حدوث العديد من حالات الإعدام خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر بما في ذلك جرائم السرقة والزنى والجرائم الدينية المعادية لله.[8] ألغى البرلمان رسميًا عقوبة الإعدام على الجرائم المرتكبة في أوقات السلم في عام 1921، إذ حصلت آخر حالة إعدام في عام 1910.

مصادر حقوق الإنسان في القانون الدولي عدل

يوفر القانون الدولي والاتفاقيات إطارًا رئيسيًا لحماية حقوق الإنسان في السويد. تلتزم السويد بصفتها موقّعة على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. تؤثر المعايير الدولية لحقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية جميعها على سياسة حقوق الإنسان المحلية والأجنبية في السويد. يُعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة هو الوثيقة الأساسية لحقوق الإنسان الحديثة، إذ أثر إلى حد كبير في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت السويد عليها.[9]

تشكل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي دُمجت في القانون المحلي السويدي في 1 يناير في عام 1995 جزءًا من خطة حماية السويد للحقوق والحريات. تُعرف السويد بأنها دولة مزدوجة في اعتمادها للقانون الدولي مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وبالتالي فهي تتطلب إصدار قانون خاص من قبل الحكومة السويدية لتفعيل المعاهدات والاتفاقيات محليًا. لم يكن هناك قانون أو علم يدعم هذا الأمر، ولكن وُجد ما يُدعى بفقه القضاء السياسي في المحكمة العليا السويدية. تجسدت الأهمية العملية لهذا الفقه الأقدم برفض الحكومة السويدية لقبول الأحكام التي ترتكز على معاهدات غير مطبقة في القانون، ويفسر هذا اضطرار المحكمة العليا إلى تشكيل وجهات نظر خاصة بها بعد وصاية الحكومة التي حددت في ذلك الوقت عمومًا تباين مناهضة الحقوق أو حقوق الآراء العدمية.[10]

أدى إقرار السويد للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عمليًا إلى التزام المحكمة السويدية بتفسير القضايا المتعلقة بمواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. تضمنت الاتفاقية حقوقًا وحريات محددة، وحظرت الحريات السلبية والممارسات غير العادلة. تشمل بعض الحقوق: الحق في الحياة والتحرر من التعذيب والحق في محاكمة عادلة وحرية التعبير والحق في التعليم.[11]

حقوق الإنسان التي تؤثر على السياسة الخارجية عدل

أثر موقف السويد من حقوق الإنسان على سياستها الخارجية والعلاقات الثنائية مع البلدان الأخرى. عدّلت السويد علاقاتها مع الدول الأخرى في الآونة الأخيرة بعد إلغاء تلك الدول المحلي لحقوق الإنسان.

المملكة العربية السعودية عدل

توترت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والسويد في عام 2015، وذلك بعد أن ألقت وزيرة خارجية السويد مارغوت والستروم خطابًا أمام البرلمان السويدي تكلمت فيه عن انتهاك حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية ونيتها في تتبع سياسة خارجية نسوية.[12] استدعت المملكة العربية السعودية سفيرها من السويد وذكرت توقفها عن إصدار تأشيرات عمل للمواطنين السويديين.[13] أسفرت القضية الدبلوماسية عن إنهاء صفقة أسلحة طويلة الأمد بين المملكة العربية السعودية والسويد. كانت المملكة العربية السعودية ثالث أكبر مشترٍ غير غربي للأسلحة السويدية، واشترت نحو 37 مليون يورو من الأسلحة في عام 2014.[14] أعطت السويد الأولوية لسياسة حقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة في علاقاتها مع المملكة العربية السعودية.

أوغندا عدل

كانت علاقة السويد بأوغندا من الحالات الأخرى التي فضّلت فيها السويد التزامات حقوق الإنسان على العلاقات الثنائية في أوائل العقد الأول من القرن العشرين؛ وذلك عندما اقترحت أوغندا مشروع قانون ينص على عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب المثلية الجنسية. أدانت السويد التشريع وعدّلت مساعداتها الخارجية لأوغندا بسبب القانون المروع لمكافحة المثليين. حجبت السويد، إلى جانب الجهات المانحة مثل البنك الدولي والنرويج والدنمارك، المساعدات التي تبلغ قيمتها نحو 110 مليون دولار عن أوغندا بسبب هذا القانون.[15]

روسيا عدل

لطالما كانت السويد صريحة في انتقاد انتهاكات روسيا لحقوق الإنسان. وُصفت العلاقة بين السويد وروسيا بأنها «علاقة جيران هادئة» خصوصًا بعد النزاعات الماضية والأيديولوجيات والآراء المتباينة. تنتقد السويد بعض سياسات روسيا على الرغم من استقرار العلاقات بين الدولتين نسبيًا. قال سفير السويد لدى روسيا بيتر إريكسون: «تملك السويد الكثير لتعليم روسيا عن حرية التعبير».[16]

القضايا الحالية عدل

تشمل بعض المجالات التي تثير قلق حقوق الإنسان في السويد التمييز والاغتصاب والعنف الجنسي وحماية طالبي اللجوء وفقاً لمنظمة العفو الدولية. [17]

العرق عدل

ألغت قوانين السويد الحالية المناهضة للتمييز مصطلح العرق، واستعاضت عنه بمصطلح «الإثنية» للدلالة على الأصل القومي أو الإثني ولون البشرة أو حالات أخرى مماثلة. يرى مايكل ماكيكرين في دراسة أجريت في عام 2018 أن استبعاد المصطلح العرقي يعني عدم قدرة السويد على الاعتراف أو مراقبة أو مخاطبة التمييز العنصري الهيكلي حتى كقضية حقوق إنسان عالمية محتملة. يحدد ماكيكرين طبيعة التمييز العنصري المتعلق بالسويد مع الفصل بين الإسكان والخلفيات غير الأوروبية مثل أفريقيا أو الشرق الأوسط الذين يعيشون في أحياء منخفضة الدخل.[18]

أبرز تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في مايو في عام 2018 انتشار خطاب الكراهية العنصرية ضد السويديين من أصل أفريقي واليهود والمسلمين والغجر بشكل خاص خلال الحملات الانتخابية وكذلك في وسائل الإعلام وعلى شبكة الإنترنت. ذكر التقرير أيضًا شعور اللجنة بالقلق بشكل خاص مع وصول تقارير عن هجمات الحرق المتعمد ضد المساجد ومراكز الاستقبال طالبي اللجوء.[19]

التمييز عدل

انتُقدت السويد مؤخرًا في تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري بسبب خطاب الكراهية العنصرية ضد السويديين من أصل أفريقي واليهود والمسلمين والغجر. وجد التقرير أن جرائم الكراهية لا تزال مرتفعة مع زيادة بنسبة 11% في جرائم الكراهية المبلّغ عنها من عام 2014 إلى عام 2015. أُبلغ في عام 2016 عن ارتكاب نحو 440 جريمة كراهية ذات دوافع معادية للدين وخاصة للدين الإسلامي.[20]

المهاجرون وطالبو اللجوء عدل

اعتُبرت خطة حماية السويد لطالبي اللجوء واللاجئين تاريخيًا خطة تقدمية وطموحة. استقبلت السويد أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء الفردي في عام 2013 بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. تغير موقف العديد من الدول الأوروبية مع أزمة اللاجئين السوريين بعد عام 2015، إذ اعتمدت السويد ضوابط حدودية جديدة وخفضت المزايا التي تمتع بها اللاجئين في السابق. أدخلت السويد تعديلاً على سياسات طالبي اللجوء التي منعت الحق في الإقامة وبدل الإقامة والمساعدة الخاصة لطالبي اللجوء البالغين الذين ليس لديهم أطفال والذين رُفضت طلباتهم في اللجوء. اخترقت تدابير الطوارئ هذه الحقوق الأساسية لطالبي اللجوء مثل الحق في لم شمل الأسرة.[21]

المراجع عدل

  1. ^ "The Constitution of Sweden" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2019-05-15.
  2. ^ Nergelius، Joakim (2011). Constitutional Law in Sweden. The Netherlands: Kluwer Law International. ص. 99–105. ISBN:978-90-411-3435-6.
  3. ^ "Openness shapes Swedish society". sweden.se (بالإنجليزية البريطانية). 2 Apr 2015. Archived from the original on 2019-09-03. Retrieved 2018-10-03.
  4. ^ Wallström، Margot (8 ديسمبر 2016). Human rights, democracy and the principles of the rule of law in Swedish foreign policy (PDF) (Report). Ministry of Foreign Affairs. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2019-08-31. اطلع عليه بتاريخ 2018-11-01.
  5. ^ "OHCHR | UN human rights expert to assess Sweden's international solidarity and development agenda". www.ohchr.org (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2019-04-10. Retrieved 2018-10-03.
  6. ^ Carlson-Rainer، Elise (Winter 2017). "SWEDEN IS A WORLD LEADER IN PEACE, SECURITY, AND HUMAN RIGHTS". World Affairs. ج. 180 ع. 4: 79–85. DOI:10.1177/0043820018759714. قالب:GALE.
  7. ^ Danelius، Hans (1973). Human Rights in Sweden. Stockholm: The Swedish Institute. ص. 7–8. ISBN:978-91-520-0033-5.
  8. ^ أ ب Franck, Hans Göran; Nyman, Klas (1 Jan 2003). The Barbaric Punishment: Abolishing the Death Penalty (بالإنجليزية). Martinus Nijhoff Publishers. ISBN:978-9041121516. Archived from the original on 2020-01-26.
  9. ^ Riksdagsförvaltningen. "The Constitution". www.riksdagen.se (بالإنجليزية). Archived from the original on 2019-11-03. Retrieved 2018-10-04.
  10. ^ "The Instrument of Government" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2018-08-27.
  11. ^ "Openness shapes Swedish society". sweden.se (بالإنجليزية البريطانية). 2 Apr 2015. Archived from the original on 2019-09-03. Retrieved 2018-10-04.
  12. ^ "Who's Afraid of a Feminist Foreign Policy?". The New Yorker (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2019-04-14. Retrieved 2018-10-16.
  13. ^ Adam, Taylor. "Sweden stood up for human rights in Saudi Arabia. This is how Saudi Arabia is punishing Sweden". Washington Post (بالإنجليزية). Archived from the original on 2019-04-27. Retrieved 2018-10-16.
  14. ^ (www.dw.com), Deutsche Welle. "Sweden cancels Saudi arms deal after human rights row | DW | 10.03.2015". DW.COM (بالإنجليزية). Archived from the original on 2019-06-23. Retrieved 2018-10-31.
  15. ^ Croome, Philippa. "Sweden suspends some aid to Uganda over anti-gay law". U.S. (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2018-11-06. Retrieved 2018-10-16.
  16. ^ "I believe we have a lot to teach Russia in terms of free speech" (بالإنجليزية). 31 Aug 2018. Archived from the original on 2019-10-14. Retrieved 2018-10-16.
  17. ^ "Sweden 2017/2018". www.amnesty.org (بالإنجليزية). Archived from the original on 2019-04-04. Retrieved 2018-09-06.
  18. ^ McEachrane، Michael (أبريل 2018). "Universal Human Rights and the Coloniality of Race in Sweden". Human Rights Review. ج. 19 ع. 4: 471–493. DOI:10.1007/s12142-018-0510-x.
  19. ^ "UN 'concerned' about level of racism in Sweden". مؤرشف من الأصل في 2019-10-04. اطلع عليه بتاريخ 2018-05-11.
  20. ^ "Alternative Report to Sweden's 22nd and 23rd Periodical Reports to the Committee on the Elimination of Racial Discrimination" (PDF). UNA Sweden. United Nations Association of Sweden. مارس 2018. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-01-10.
  21. ^ "Sweden 2017/2018". www.amnesty.org (بالإنجليزية). Archived from the original on 2019-04-04. Retrieved 2018-10-15.