جريب فروت- تداخلات الدوائية

تتداخل بعض الفواكه وعصائرها مع العديد من الأدوية، وتسبب في كثير من الحالات تأثيرات ضارة.[1] اكتشف التأثير لأول مرة صدفةً عندما استخدم عصير الجريب فروت لإخفاء طعم الإيثانول أثناء دراسة التداخلات الدوائية مع الكحول.[2]

ركزت الدراسات على تداخلات الجريب فروت -كفاكهة وعصير- مع الأدوية،[1] ولكن لوحظت تأثيرات مماثلة مع بعض الفواكه الحمضية الأخرى.[1][3][4][5] نصحت مراجعة طبية في عام 2005 المرضى بتجنب شرب عصائر الحمضيات عامةً مع الأدوية إلى أن توضح الأبحاث المخاطر المتعلقة بذلك.[6] سجلت آثار مماثلة لعصير التفاح في عام 2008.[5][7][8]

قد تسبب حبة جريب فروت كاملة أو كوب صغير (200 مل أو 6.8 أونصة سائلة) من عصير الجريب فروت تسمم دوائي ناجم عن جرعة مفرطة.[1] قد يؤدي تناول الفاكهة قبل ثلاثة أيام من الدواء إلى بعض التأثيرات الجانبية أيضًا. لم تخضع أنواع الحمضيات الأخرى ومخاطرها النسبية للدراسة بشكل منهجي لغاية الآن.[1] تحمل عبوات الأدوية المعنية عادةً ملصق إضافي يحوي عبارة «لا تتناوله مع الجريب فروت» للتحذير من تداخل الدواء مع الفاكهة، ويوضح التداخل بشكل أكبر في نشرة العبوة.[9] وبشكل عام، ينصح الأشخاص أيضًا بسؤال الطبيب أو الصيدلي عن التداخلات الدوائية لأخذ الحيطة والحذر.[9]

تنجم التأثيرات الضارة عن مركبات الفورانوكومارين (وبدرجة أقل مركبات الفلافونيد).[10] تمنع هذه المواد الكيميائية إنزيمات استقلاب الدواء الرئيسية كالسيتوكروم 3A4. يستخدم السيتوكروم 3A4 في استقلاب نحو 50% من الأدوية، ويتواجد بشكل عام في الكبد وخلايا الأمعاء الدقيقة.[11] نتيجةً لذلك، تتأثر العديد من الأدوية. يؤدي تثبيط الإنزيمات لتأثيرين مختلفين، وذلك يعتمد على تأثيرها على الدواء؛ فقد تسبب هذه الإنزيمات تحويل الدواء من شكله الفعال إلى مستقلبات غير فعالة، وقد تؤدي إلى تنشيطه ليصبح بالشكل الفعال.

في الحالة الأولى، يؤدي تثبيط إنزيمات استقلاب الدواء إلى ارتفاع تركيز الشكل الفعال منه في الجسم، وهذا قد يؤدي إلى إحداث آثار جانبية. على العكس من ذلك، إذا كان الدواء دواءً أوليًا، فيجب استقلابه ليتحول إلى الشكل الفعال. يؤدي تثبيط تلك الإنزيمات إلى انخفاض تركيز الشكل الفعال للدواء، وهذا سيقلل تأثيره العلاجي وبالتالي فشل العلاج.

قد تعمل الفاكهة على خفض تركيز الدواء في الجسم عبر إعاقة امتصاصه في الأمعاء، وهي آلية أخرى تؤثر فيها الفواكه على الأدوية.[12]

نبذة تاريخية

عدل

اكتشف تأثير عصير الجريب فروت على امتصاص الأدوية لأول مرة في عام 1989. نشر أول تقرير سريري عن التداخلات الدوائية مع الجريب فروت في عام 1991 في دورية ذا لانسيت بعنوان «تداخل عصائر الحمضيات مع الفيلوديبين والنيفيديبين».[13] ومع ذلك، لم يحظَ التداخل بالشهرة إلا بعد تسببه بالعديد من الآثار الجانبية مع العديد من الأدوية.[14]

المكونات الفعالة

عدل

قد تحتوي ثمار الحمضيات على مركبات متعددة الفينول كفلافونيد النارينجين ومركبات الفورانوكومارين (كالبرغموتين وثنائي هيدروكسيد البيرغموتين والبيرغابتين والبيرغابتول). توجد هذه المركبات الكيميائية الطبيعية في جميع أشكال الفاكهة كالعصائر الطازجة والمركزة المجمدة والفاكهة الكاملة.[15]

يحتوي الجريب فروت والنارنج والبرغموت -وربما الحمضيات الأخرى أيضًا- على كميات كبيرة من النارينجين.[16] قد تستغرق تأثيرات النارينجين على إنزيم السيتوكروم 3A4 نحو 72 ساعة. يعتبر ذلك مشكلة هامة بسبب احتواء 4 أونصات (110 غ) من الجريب فروت على ما يكفي من النارينجين لتثبيط استقلاب السيتوكروم 3A4. يعطي فلافونيد النارينجين نكهة المرارة للجريب فروت. تحمل بعض الحمضيات في لبها على تركيزات قليلة من النارينجين المر، ولكنها تعوض ذلك في قشرها الذي يحتوي عادةً على تركيزات عالية منه؛ وهذا –القشر- قد يكون قابل للاستهلاك في بعض الأحيان. يعمل المركب الموجود بتركيز عالي في القشر كمبيد للحشرات.

لوحظ امتلاك مركبات الفورانوكومارين تأثير أقوى من النارينجين في بعض الحالات.[15][17]

المراجع

عدل
  1. ^ ا ب ج د ه Bailey، D. G.؛ Dresser، G.؛ Arnold، J. M. O. (2013). "Grapefruit-medication interactions: Forbidden fruit or avoidable consequences?". Canadian Medical Association Journal. ج. 185 ع. 4: 309–316. DOI:10.1503/cmaj.120951. PMC:3589309. PMID:23184849.
  2. ^ Bailey، David G.؛ Malcolm، J.؛ Arnold، O.؛ David Spence، J. (4 يناير 2002). "Grapefruit juice–drug interactions". British Journal of Clinical Pharmacology. ج. 46 ع. 2: 101–110. DOI:10.1046/j.1365-2125.1998.00764.x. PMC:1873672. PMID:9723817.
  3. ^ Chen، M.؛ Zhou، S. Y.؛ Fabriaga، E.؛ Zhang، P. H.؛ Zhou، Q. (أبريل 2018). "Food–drug interactions precipitated by fruit juices other than grapefruit juice: An update review". J Food Drug Anal. ج. 26 ع. 2S: S61–S71. DOI:10.1016/j.jfda.2018.01.009. PMID:29703387.
  4. ^ Gallagher، James (26 نوفمبر 2012). "Grapefruit and pills mix warning". BBC News. مؤرشف من الأصل في 2021-02-13.
  5. ^ ا ب Bailey، D.G.؛ Dresser، G.K.؛ Bend، J.R. (يونيو 2003). "Bergamottin, lime juice, and red wine as inhibitors of cytochrome P450 3a4 activity: comparison with grapefruit juice". Clinical Pharmacology & Therapeutics. ج. 73 ع. 6: 529–537. DOI:10.1016/S0009-9236(03)00051-1. PMID:12811362. S2CID:45359353.
  6. ^ Saito، Mitsuo؛ Hirata-Koizumi، Mutsuko؛ Matsumoto، Mariko؛ Urano، Tsutomu؛ Hasegawa، Ryuichi (2005). "Undesirable effects of citrus juice on the pharmacokinetics of drugs: focus on recent studies". Drug Safety. ج. 28 ع. 8: 677–694. DOI:10.2165/00002018-200528080-00003. PMID:16048354. S2CID:23222717.
  7. ^ "Dr. David Bailey finds new reason to avoid fruit juices when taking drugs". Western University, Canada. 20 أغسطس 2008. مؤرشف من الأصل في 2012-12-03.
  8. ^ "Fruit juice 'could affect drugs'". BBC News. 20 أغسطس 2008. مؤرشف من الأصل في 2021-03-14.
  9. ^ ا ب Mitchell، Steve (19 فبراير 2016). "Why Grapefruit and Medication Can Be a Dangerous Mix". Consumer Reports. مؤرشف من الأصل في 2021-01-21. اطلع عليه بتاريخ 2016-05-04.
  10. ^ Fuhr, Uwe (1998). "Drug Interactions with Grapefruit Juice: Extent, Probable Mechanism and Clinical Relevance". Drug Safety (بالإنجليزية). 18 (4): 251–272. DOI:10.2165/00002018-199818040-00002. ISSN:0114-5916. PMID:9565737. S2CID:24331721.
  11. ^ Pirmohamed، Munir (12 يناير 2013). "Drug-grapefruit juice interactions: Two mechanisms are clear but individual responses vary". BMJ. ج. 346 ع. 7890: 9. DOI:10.1136/bmj.f1. PMID:23297175. S2CID:5581600.
  12. ^ FDA Consumer update نسخة محفوظة 2019-04-23 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ Bailey، D. G.؛ Spence، J. D.؛ Munoz، C.؛ Arnold، J. M. (1991). "Interaction of citrus juices with felodipine and nifedipine". ذا لانسيت. ج. 337 ع. 8736: 268–269. DOI:10.1016/0140-6736(91)90872-m. PMID:1671113. S2CID:37137655.
  14. ^ Bakalar, Nicholas (21 مارس 2006). "Experts Reveal the Secret Powers of Grapefruit Juice". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2019-08-28.
  15. ^ ا ب Edwards، D. J.؛ Bernier، S. M. (1996). "Naringin and naringenin are not the primary CYP3A inhibitors in grapefruit juice". Life Sciences. ج. 59 ع. 13: 1025–1030. DOI:10.1016/0024-3205(96)00417-1. PMID:8809221.
  16. ^ Calvarano M، Postorino E، Gionfriddo F، Calvarano I، Bovalo F، Calabro G (1 سبتمبر 1996). "Naringin Extraction from Exhausted Bergamot Peels". Perfumer & Flavourist. مؤرشف من الأصل في 2021-01-16. اطلع عليه بتاريخ 2017-08-19.
  17. ^ Paine، M.F.؛ Widmer، W.W.؛ Hart، H.L.؛ Pusek، S.N.؛ Beavers، K.L.؛ Criss، A.B.؛ Brown، S.S.؛ Thomas، B.F.؛ Watkins، P.B. (مايو 2006). "A furanocoumarin-free grapefruit juice establishes furanocoumarins as the mediators of the grapefruit juice-felodipine interaction" (PDF). The American Journal of Clinical Nutrition. ج. 83 ع. 5: 1097–105. DOI:10.1093/ajcn/83.5.1097. PMID:16685052. مؤرشف من الأصل في 2018-12-03.