التضخيم القطبي هو ظاهرة تشير إلى أن أي تغيير في توازن صافي الإشعاع (على سبيل المثال ازدياد الدفيئة) يميل إلى إحداث تغيير أكبر في درجة الحرارة بالقرب من القطبين مقارنًة بالمتوسط الكوكبي. وعلى كوكبنا ذي الغلاف الجوي القادر على حد انبعاث إشعاع الموجات الطويلة إلى الفضاء (تأثير البيت الزجاجي)، تكون درجات حرارة السطح أكثر دفئًا مما تتنبأ به حسابات درجة حرارة التوازن الكوكبي البسيطة. عندما يكون الغلاف الجوي أو المحيط الممتد قادرين على نقل الحرارة باتجاه الأقطاب، ستكون الأقطاب أكثر دفئًا والمناطق الاستوائية أكثر برودة مما تتوقعه توازنات صافي الإشعاع المحلية.[1][2]

يُعتقد أن كوكب الزهرة خبر زيادة كبيرة جدًا في تأثير البيت الزجاجي خلال فترة حياته، لدرجة أن أقطابه قد ارتفعت درجة حرارتها بدرجة كافية لجعل درجة حرارة سطحها متساوية الحرارة (لا يوجد فرق بين القطبين وخط الاستواء). أما على الأرض، فيوفر بخار الماء والغازات النزرة تأثيرًا أقل للبيت الزجاجي، ويوفر الغلاف الجوي والمحيطات الواسعة نقلًا حراريًا فعالًا باتجاه الأقطاب. وقد أظهر كلٌ من التغيرات المناخية القديمة والتغيرات الحديثة في ظاهرة الاحتباس الحراري تضخيمًا قطبيًا قويًا، مثل ما هو موضح في الأدنى.[3][4][5]

التضخيم في القطب الشمالي هو التضخيم القطبي في القطب الشمالي للأرض فقط؛ والتضخيم في القطب الجنوبي هو التضخيم القطبي في القطب الجنوبي.

التاريخ

عدل

نشرت دراسة قائمة على الملاحظة تتعلق بتضخيم القطب الشمالي في عام 1969 من قبل ميخائيل بوديكو، وكان ملخص استنتاج الدراسة أن «فقدان الجليد البحري يؤثر على درجات الحرارة في القطب الشمالي من خلال ارتجاع الوضاءة (ألبيدو) السطحي». وقد نشر ويليام دي سيلرز نموذجًا مماثلًا في نفس العام. جذبت كلتا الدراستين اهتمامًا كبيرًا لأنها ألمحت إلى إمكانية الحصول على ارتجاع إيجابي كبير ضمن نظام المناخ العالمي. وفي عام 1975، نشر مانابي وويذرالد أول نموذج تداول عام معقول إلى حد ما نظر في آثار زيادة غازات الدفيئة. وعلى الرغم من أنه يقتصر على أقل من ثلث الكرة الأرضية، مع وجود محيط «مستنقع» وأسطح أرضية فقط على خطوط العرض العليا، وقد أظهر ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بشكل أسرع من المناطق المدارية (كما هو الحال مع جميع النماذج اللاحقة).[6][7][8][9][10][11]

التضخيم

عدل

آليات التضخيم

عدل

تعتبر الارتجاعات المرتبطة بالجليد البحري والغطاء الثلجي السبب الرئيسي للتضخيم القطبي الأرضي الأخير. ولكن مع ذلك، فقد لوحظ التضخيم أيضًا في عوالم النماذج التي لا تحتوي الجليد أو الثلج. لذا يبدو أنه ينشأ على حد سواء من تكثيف (ربما عابر) للانتقال الحراري باتجاه الأقطاب وبشكل مباشر أكثر من التغيرات في توازن صافي الإشعاع المحلي (إذ يؤدي الانخفاض الكلي في الإشعاع الخارجي إلى زيادة نسبية أكبر في صافي الإشعاع بالقرب من القطبين مقارنةً بخط الاستواء).[12][13][14][15]

بعض الأمثلة على ردود الفعل لتغير المناخ التي يُعتقد أنها تُسهم في التضخيم القطبي الحديث تشمل تناقص الغطاء الثلجي والجليد البحري، والتغيرات في دوران الغلاف الجوي والمحيطات، ووجود سناج بشري المنشأ في بيئة القطب الشمالي، والزيادات في الغطاء السحابي وبخار الماء. وتربط معظم الدراسات تغيرات الجليد البحري بالتضخيم القطبي. وتُظهر بعض نماذج المناخ الحديث تضخيمًا في القطب الشمالي دون حدوث تغيرات في الغطاء الثلجي والجليدي. وهذه العمليات الفردية التي تساهم في الاحترار القطبي ضرورية لفهم حساسية المناخ.[16][17]

دوران المحيط

عدل

تشير التقديرات إلى أن 70% من طاقة الرياح العالمية تُنقل إلى المحيط وتحدث ضمن تيار القطب الجنوبي (إيه سي سي). في النهاية، ينقل التيار الصاعد بسبب ضغط الريح مياه القطب الجنوبي الباردة عبر التيار السطحي للمحيط الأطلسي، والتي تزيد حرارتها خلال عبور خط الاستواء، وفي بيئة القطب الشمالي. وبالتالي، فإن الاحترار في القطب الشمالي يعتمد على كفاءة النقل العالمي للمحيطات ويلعب دورًا في تأثير التأرجح القطبي. انخفاض الأكسجين وانخفاض درجة الحموضة أثناء ظاهرة النينا هما عمليتان ترتبطان بانخفاض الإنتاج الأولي والتدفق الأكثر وضوحًا باتجاه القطب لتيارات المحيط. وقد اقترح أن آلية زيادة الشذوذ في درجة حرارة الهواء السطحي في القطب الشمالي خلال فترات النينا لـ (إي إن إس أو – ظاهرة إل نينو) يمكن أن تُعزى إلى آلية الاحترار القطبية المثار مداريًا (تي إي إيه إم)، حين تنتشر أمواج روسبي باتجاه الأقطاب، فذلك يؤدي إلى موجات ديناميكية وزيادة الأشعة تحت الحمراء النازلة.[18][19][20]

المراجع

عدل
  1. ^ Pierrehumbert, R. T. (2010). Principles of Planetary Climate. Cambridge University Press. ISBN:978-0521865562.
  2. ^ Lee، Sukyoung (يناير 2014). "A theory for polar amplification from a general circulation perspective" (PDF). Asia-Pacific Journal of the Atmospheric Sciences. ج. 50 ع. 1: 31–43. Bibcode:2014APJAS..50...31L. DOI:10.1007/s13143-014-0024-7. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2016-03-04.
  3. ^ Kasting، J. F. (1988). "Runaway and moist greenhouse atmospheres and the evolution of Earth and Venus". Icarus. ج. 74 ع. 3: 472–94. Bibcode:1988Icar...74..472K. DOI:10.1016/0019-1035(88)90116-9. PMID:11538226. مؤرشف من الأصل في 2020-01-23.
  4. ^ Williams، David R. (15 أبريل 2005). "Venus Fact Sheet". NASA. مؤرشف من الأصل في 2020-02-07. اطلع عليه بتاريخ 2007-10-12.
  5. ^ Lorenz, Ralph D.؛ Lunine, Jonathan I.؛ Withers, Paul G.؛ McKay, Christopher P. (2001). "Titan, Mars and Earth: Entropy Production by Latitudinal Heat Transport" (PDF). مركز أميس للأبحاث, University of Arizona Lunar and Planetary Laboratory. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2019-10-09. اطلع عليه بتاريخ 2007-08-21.
  6. ^ Budyko، M.I. (1969). "The effect of solar radiation variations on the climate of the Earth". Tellus. ج. 21 ع. 5: 611–9. DOI:10.3402/tellusa.v21i5.10109. مؤرشف من الأصل في 2020-02-25.
  7. ^ Cvijanovic، Ivana؛ Caldeira، Ken (2015). "Atmospheric impacts of sea ice decline in CO2 induced global warming" (PDF). Climate Dynamics. ج. 44 ع. 5–6: 1173–86. DOI:10.1007/s00382-015-2489-1. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2018-10-30.
  8. ^ "Ice in Action: Sea ice at the North Pole has something to say about climate change". YaleScientific. 2016. مؤرشف من الأصل في 2020-01-16.
  9. ^ Manabe، Syukoro؛ Wetherald، Richard T. (1975). "The Effects of Doubling the CO2 Concentration on the Climate of a General Circulation Model". Journal of the Atmospheric Sciences. ج. 32: 3–15. DOI:10.1175/1520-0469(1975)032<0003:TEODTC>2.0.CO;2.
  10. ^ Oldfield، Jonathan D. (2016). "Mikhail Budyko's (1920–2001) contributions to Global Climate Science: from heat balances to climate change and global ecology". Advanced Review. ج. 7 ع. 5: 682–692. DOI:10.1002/wcc.412.
  11. ^ Sellers، William D. (1969). "A Global Climatic Model Based on the Energy Balance of the Earth-Atmosphere System". Journal of Applied Meteorology. ج. 8 ع. 3: 392–400. Bibcode:1969JApMe...8..392S. DOI:10.1175/1520-0450(1969)008<0392:AGCMBO>2.0.CO;2.
  12. ^ Alexeev V. A., Langen P. L., Bates J. R. (2005). "Polar amplification of surface warming on an aquaplanet in "ghost forcing" experiments without sea ice feedbacks". Climate Dynamics. ج. 24 ع. 7–8: 655–666. Bibcode:2005ClDy...24..655A. DOI:10.1007/s00382-005-0018-3.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  13. ^ Pistone, Kristina; Eisenman, Ian; Ramanathan, Veerabhadran (2019). "Radiative Heating of an Ice-Free Arctic Ocean". Geophysical Research Letters (بالإنجليزية). 46 (13): 7474–7480. Bibcode:2019GeoRL..46.7474P. DOI:10.1029/2019GL082914. Archived from the original on 2020-02-25.
  14. ^ "IPCC AR5 – Near-term Climate Change: Projections and Predictability (Chapter 11 / page 983 )" (PDF). 2013. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2019-12-20. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (مساعدة)
  15. ^ Hansen J., Sato M., Ruedy R. (1997). "Radiative forcing and climate response". Journal of Geophysical Research: Atmospheres. ج. 102 ع. D6: 6831–64. Bibcode:1997JGR...102.6831H. DOI:10.1029/96jd03436.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  16. ^ Pithan، Felix؛ Mauritsen، Thorsten (2 فبراير 2014). "Arctic amplification dominated by temperature feedbacks in contemporary climate models". Nature Geoscience. ج. 7 ع. 3: 181–4. Bibcode:2014NatGe...7..181P. DOI:10.1038/ngeo2071. مؤرشف من الأصل في 2020-02-25.
  17. ^ Taylor, Patrick C., Ming Cai, Aixue Hu, Jerry Meehl, Warren Washington, Guang J. Zhang (23 سبتمبر 2013). "A Decomposition of Feedback Contributions to Polar Warming Amplification". Journal of Climate. ج. 23 ع. 18: 7023–43. Bibcode:2013JCli...26.7023T. DOI:10.1175/JCLI-D-12-00696.1. مؤرشف من الأصل في 2020-02-25.
  18. ^ Sukyoung Lee (يونيو 2012). "Testing of the Tropically Excited Arctic Warming Mechanism (TEAM) with Traditional El Niño and La Niña". Journal of Climate. ج. 25 ع. 12: 4015–22. Bibcode:2012JCli...25.4015L. DOI:10.1175/JCLI-D-12-00055.1. مؤرشف من الأصل في 2020-02-25.
  19. ^ Sung Hyun Nam, Hey-Jin Kim and Uwe Send (23 نوفمبر 2011). "Amplification of hypoxic and acidic events by La Niña conditions on the continental shelf off California". Geophysical Research Letters. ج. 83 ع. 22: L22602. Bibcode:2011GeoRL..3822602N. DOI:10.1029/2011GL049549. مؤرشف من الأصل في 2020-02-25.
  20. ^ Petr Chylek, Chris K. Folland, Glen Lesins, and Manvendra K. Dubey (February 3, 2010). "Twentieth century bipolar seesaw of the Arctic and Antarctic surface air temperatures" (PDF). Geophysical Research Letters. ج. 12 ع. 8: 4015–22. Bibcode:2010GeoRL..37.8703C. DOI:10.1029/2010GL042793. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2016-08-09. اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)