تثمين الفن، هو مجموعة فرعية خاصة بالفن من التثمين المالي، وهو عملية تقدير الأعمال الفنية في السوق، وبالتالي فهو شأن مالي وليس جمالي. مع ذلك، فإن الآراء الذاتية للقيمة الثقافية تلعب دورًا أيضًا. يتضمن تثمين الأعمال الفنية مقارنة البيانات من مصادر متعددة مثل دور المزايدات الفنية وهواة جمع الأعمال الفنية الخاصة والقائمين أو الأوصياء وأنشطة تجار الأعمال الفنية وصالات العرض (مالكو صالات العرض) والمستشارون ذوو الخبرة ومحللو السوق المتخصصون، للوصول إلى القيمة.[1][2][3] يجري التثمين الفني ليس فقط لأغراض الجمع والاستثمار وتصفية الاستثمارات والتمويل، بل كجزء من تثمين العقارات من أجل المساهمات الخيرية ولأغراض التخطيط الضريبي والتأمين وضمانات القروض. تتناول هذه المقالة تثمين أعمال الفنون الجميلة، وخاصة الفن المعاصر في أعلى نهاية السوق الدولية، ولكن تُطبق مبادئ مماثلة على تثمين الأعمال الفنية والتحف الأقل تكلفة.

التثمين التاريخي والفن المعاصر عدل

لطالما نوقش مصدر الكاريزما الفنية للعمل بين الفنانين الذين يخلقون العمل والرعاة الذين يمكنون ذلك، لكن تأثير القوة الكاريزمية للأعمال الفنية على أولئك الذين سيمتلكونها كانت المحرك الأولي للقيمة عبر التاريخ.[4][5] بدأت القوة الكاريزمية في الستينيات من القرن العشرين تتقدم لاستيعاب الثقافة التجارية وصناعة جديدة للفن، في الوقت الذي تراجعت فيه القيمة الجمالية من الشهرة إلى التعادل في القيمة مع فن البوب وفكرة آندي وارهول عن فن الأعمال، اعترافًا بأن الفن أصبح عملًا تجاريًا وأن كسب المال في العمل هو فن.[6][7] كان جيف كونز واحدًا من بين العديد من الفنانين الذين حاولوا تقليد وارهول، وهو سمسار بورصة تحول إلى فنان واستعار صورًا من الثقافة الشعبية فكسب الملايين.[8][9]

يخلق الارتباط العاطفي تجاه عمل أو مجموعة ما قيمة شخصية ذاتية بالنسبة لهواة جمع القطع الفنية.[10] قد يكون الثقل الذي يوليه هاوي جمع الأعمال لهذا المعيار الذاتي باعتباره جزءًا من القيمة المالية الإجمالية للعمل، أكبر من ذلك الذي يعطيه مضارب فني لا يشارك الجامع في استثماره العاطفي، ومع ذلك، فإن معايير القيمة غير الاقتصادية مثل «هل يعجبني ذلك؟» أو «هل يخاطبني؟» ما يزال لها تأثير اقتصادي، لأن مثل هذه المعايير يمكن أن تشكل عوامل حاسمة في عملية الشراء.[11]

في المقابل، تقترح جمعية تجار الفن الأمريكية (إيه دي إيه إيه) أن القضايا الرئيسية هي الأصالة والجودة والندرة والحالة والمصدر والقيمة. [12]

تثمين الفن عدل

يهتم نشاط تثمين الأعمال الفنية بتقدير طلب السوق وتقدير قدرة السيولة على القطع والأعمال والفنانين وحالة الأعمال ومصدرها واتجاهات التثمين، مثل متوسط سعر البيع والتقديرات المتوسطة.[13] يستخدم سوق الأعمال الفنية مصطلحاته الفنية أو مفرداته الخاصة بالمجال مثلما هو الحال مع الأسواق الأخرى. على سبيل المثال، «الشراء» الذي يصف الموقف غير المؤات الذي يحدث عندما يُعاد العمل أو المجموعة في المزاد العلني إلى مالكه بعد تجاوزه أو سحبه أو عدم بيعه. يُعد تثمين الفن ضروريًا أيضًا عند استخدام القطعة كرهن.[14] توسع سوق الإقراض الفني إلى ما يُقد بنحو 15 مليار دولار من القروض غير المسددة في الولايات المتحدة.[15] كان التحول في آسيا نحو الاستثمار في الفن الغربي عاملًا سمح لشركات الإقراض الفني بإطلاق مكاتب في آسيا، إذ غالبًا ما تكون الأعمال الغربية أسهل في استخدامها كرهن.[16]

طلب السوق عدل

تُستخدم «العناصر القابلة للمقارنة» لتحديد مستوى الطلب على العناصر المماثلة في السوق الحالية، مثلما هو الحال في سوق الإسكان. يُعد تحديث المقارنات أمرًا مهمًا لأن سوق الفن يتسم بالمرونة، والمقارنات التي لا معنى لها ستؤدي إلى تقديرات قد لا يكون لها علاقة تُذكر بالقيمة الحالية للعمل. يؤثر موضوع وبيئة العمل وندرته أيضًا على طلب السوق.

السيولة عدل

تعني السيولة في سوق الفن ارتفاع الطلب على الأعمال الفنية والقدرة على بيع تلك الأعمال دون عوائق. تتباطأ مبيعات الأعمال الفنية خلال فترات الانكماش مما يؤدي إلى زيادة السيولة في السوق. هناك درجة أكبر من مخاطر السيولة التي تواجه المستثمر الفني مقارنة بالأصول المالية الأخرى، نظرًا لوجود مجموعة محدودة من المشترين المحتملين، ولأن الأعمال الفنية لا تصل إلى أسعارها الاحتياطية ولا تُباع، وبالتالي فإن هذا سيؤثر على أسعار المزاد. سعى زوجان في دعوى طلاقهما إلى تقسيم مجموعة تبلغ قيمتها 102 مليون دولار بينهما، فقررا أن البيع سيكون مشكلة لأن بيع المجموعة بأكملها وتقسيم الربح سيشبع السوق ويؤدي إلى انخفاض الأسعار. وصفت صحيفة سياتل تايمز في تقرير عن القضية، أن هذا يمثل دراسة حول كيفية قياس الناس لقيمة الفن وما هو المهم، البراغماتية أم المشاعر. ذكرت الصحيفة أنه كان لدى أحد المتقاضين وجهة نظر أكثر عملية وأراد التوازن والتنويع. [11][17]

حاولت الصحيفة حساب قيمة العديد من الأعمال الفنية المعنية في القضية بتحديد سعر لكل بوصة مربعة بناء على قيمة كل قطعة مقسومة على أبعادها، لينتهي الأمر بتطبيق سعر كل بوصة مربعة على مقدار مساحة الجدار الذي أراد المتقاضي التجاري تغطيته بالقطع الفنية. استنتجت التايمز في نهاية المطاف أنه باستخدام هذه الصيغة بين المتقاضين، بلغت قيمة لوحة جون سنغر سارغنت بين أشجار زيتون كابري، 26.666.67 دولارًا للبوصة المربعة، وأن المتقاضي العاطفي تلقي 3082 دولارًا من القيمة المقدرة لكل بوصة مربعة، بينما تلقى المتقاضي التجاري 1942 دولارًا لكل بوصة مربعة ولكنه تمكن من تغطية مساحة أكبر من الجدار.

اتجاهات التثمين عدل

تُقارن اتجاهات التثمين من أكبر دور المزادات في العالم لدراسة اتجاه السوق وكيفية تأثير هذا الاتجاه على الفنانين والأعمال المحددة.[18] تمتلك عملية تثمين القطع الفنية المباعة في أفضل منازل السوق قيمة أكبر من عمليات التثمين للقطع في المنازل الأقل قيمة، وذلك لامتلاك معظم المنازل الكبرى على خبرة تُقدر بمئات السنين.[19][20]

يمكن أن يكون للاتجاهات الاقتصادية طويلة الأمد تأثير كبير على تثمين أنواع معينة من العمل. استفادت قيمة الفن التاريخي الروسي والصيني بشكل كبير من زيادة الثروة في تلك البلدان خلال العقود الأخيرة، مما أدى إلى إنشاء جامعين جدد وأثرياء للغاية، إذ تعززت قيمة الفن الاستشراقي والفن الإسلامي في وقت سابق بسبب الثروة النفطية في العالم العربي.

نشاط المشارك عدل

يُعد عقد تاجر مع فنان أحد العوامل العديدة في سعر السوق الأساسي لعمل فنان على قيد الحياة، إذ يوافق العديد من التجار بصفتهم أصحاب مصلحة في نجاح فنانيهم على شراء مجموعة أعمال الفنانين الخاصة بهم في المزاد من أجل منع السعر من الانخفاض وللحفاظ على استقرار الأسعار أو لزيادة القيمة المتصورة أو من أجل الأسباب الثلاثة السابقة معًا، وبالتالي فإن التجار الذين يزايدون على فنانيهم في المزاد يؤثرون بشكل مباشر على سعر بيع أعمال هؤلاء الفنانين وبالمثل على قيمة تلك الأعمال.[21]

المراجع عدل

  1. ^ Coslor، Erica (أبريل 2016). "Transparency in an opaque market: Evaluative frictions between "thick" valuation and "thin" price data in the art market". Accounting, Organizations and Society. ج. 50: 13–26. DOI:10.1016/j.aos.2016.03.001. hdl:11343/113919.
  2. ^ "Talking Prices". Princeton University Press. مؤرشف من الأصل في 2017-11-19. اطلع عليه بتاريخ 2017-06-09.
  3. ^ Ertug, Gokhan; Yogev, Tamar; Lee, Yonghoon G.; Hedström, Peter (1 Feb 2016). "The Art of Representation: How Audience-specific Reputations Affect Success in the Contemporary Art Field". Academy of Management Journal (بالإنجليزية). 59 (1): 113–134. DOI:10.5465/amj.2013.0621. ISSN:0001-4273. Archived from the original on 2020-06-12.
  4. ^ Balfe, Judith, Ed., Paying the piper: causes and consequences of art patronage, Univ. of Illinois Press, 1993, p.307. (ردمك 978-0-252-06310-7).
  5. ^ Jeffri, Joan, Philanthropy and the American artist: A historical overview, The European Journal of Cultural Policy, 3(2), 2009, pp. 207-233.
  6. ^ Kuspit, Donald, Art Values or Money Values?, ARTnet.com, 6 March 2007. نسخة محفوظة 24 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ Jeffri, Joan, Managing Uncertainty, The visual art market for contemporary art in the United States, in Robertson, Iain, Understanding international art markets and management, Routledge, 2005, p. 127. (ردمك 978-0-415-33956-8).
  8. ^ Littlejohn, David, Who is Jeff Koons and Why Are People Saying Such Terrible Things About Him? Artnews, April 1993, p. 94.
  9. ^ Inflatable investments, The volatile art of Jeff Koons, ذي إيكونوميست, 28 November 2009. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2018-02-27. اطلع عليه بتاريخ 2020-10-25.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  10. ^ How to Value Art, artnet.com, retrieved 21 November 2011. نسخة محفوظة 26 فبراير 2019 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ أ ب Campbell, R.A.J., Art as a Financial Investment, Erasmus Univ., Rotterdam, Maastricht Univ., 2007. نسخة محفوظة 24 نوفمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ http://artdealers.org/sites/default/files/adaa_guide.pdf نسخة محفوظة 2022-03-20 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ See artnet.com's Market Trends FAQ. نسخة محفوظة 16 أكتوبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ Kendzulak, Susan, definition of "Bought-In", about.com. See also: Buying in نسخة محفوظة 2012-05-04 على موقع واي باك مشين., teachmefinance.com. Accessed 20 June 2012.
  15. ^ "Art & Finance Report 2016". Deloitte. Deloitte & ArtTactic. مؤرشف من الأصل في 2020-10-25.
  16. ^ "London-based art fund targets $1bn lending in Asia". The Financial Times. مؤرشف من الأصل في 2020-08-10.
  17. ^ Armstrong, Ken, The art of divorce: She gets the Monet, he gets the Renoir نسخة محفوظة 31 July 2012 على موقع واي باك مشين., Local News | The Seattle Times, seattletimes.nwsource.com, 28 July 2012. Accessed 2012-7-30.
  18. ^ Higgs, H. and Worthington, A., Financial Returns and Price Determinants in the Australian Art Market, 1973–2003, Economic Record, 81:113–123, 2005-06. دُوِي:10.1111/j.1475-4932.2005.00237.x نسخة محفوظة 30 أبريل 2019 على موقع واي باك مشين.
  19. ^ Worthington, AC and Higgs, H, A Note on Financial Risk, Return and Asset Pricing in Australian Modern and Contemporary Art, Journal of Cultural Economics, 30(3), March 2006, 73-84. نسخة محفوظة 20 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.
  20. ^ Kendzulak, Susan, Top 11 Fine Art Auction Houses, About.com lists the top houses (as of April 2014, and this list is volatile) as:
    1 & 2. Bonhams, and Bonhams & Butterfields (London, New York, Los Angeles, Sydney, Hong Kong, Dubai, and San Francisco)
    3. Christie's (London, Paris, Milan, New York, Hong Kong and Dubai)
    4. Dorotheum (Vienna, Brussels, Düsseldorf, Munich, Milan and Rome)
    5. Heritage Auctions (Dallas, Beverly Hills and New York)
    6. Phillips de Pury & Company (New York and London)
    7. Sotheby's (London, Hong Kong, Geneva, Milan, Paris, Zürich, New York, Toronto, Doha)
    8. Stockholms Auktionsverk (Stockholm)
    9. Tajan (Paris and Monaco)
    10. Villa Grisebach Auktionen (Berlin)
    11. Waddington's (Toronto)
  21. ^ Thornton, Sarah, The reinvention of artist Damien Hirst, The Sunday Times, 2009-10-04, Retrieved 23 November 2011.