بوابة:أعلام/أديان/45

الإمام الحافظ إمام بيروت وسائر الشَّام والمغرب والأندلُس أبو عمرو عبدُ الرحمٰن بن عمرو بن يُحمد الأوزاعي، فقيه ومُحدّث وأحد تابعي التابعين وإمام أهل الشام في زمانه. أُضيف إلى ألقابه لقب إمام العيش المُشترك في لُبنان في العصر الحديث، لِما مثَّلته مواقفه في عصره من تسامح مع المسيحيين واليهود من أهل الشَّام، ولُقِّب بِشفيع النصارى لِموقفه الحازم في مُواجهة والي الشَّام والخليفة العبَّاسي أبو جعفر المنصور، اللذان عزما على إجلاء أهالي جبل لبنان المسيحيين بعد أن ثارت جماعة منهم وتمرَّدت على العبَّاسيين وشقَّت عصا الطاعة، فرفض الأوزاعي إجلاء هؤلاء كُلُّهم طالما أنَّ فئةً منهم فقط كانت من ثارت، ووقف بوجه الخِلافة بِعناد مُذكرًا أهل السُلطة بالعدل بين الناس وأنَّ خطأ فئة لا يستوجب مُعاقبة الجماعة، فأُبطل هذا القرار، وسلم أهالي جبل لُبنان من تعسُّف السُلطة، وحفظوا لِلأوزاعي جميله. على الأرجح وُلد الأوزاعي في بعلبك، وعاش فترة من صباه في قرية الكرك البقاعيَّة يتيمًا فقيرًا، ثُمَّ انتقل مع أُمِّه إلى بيروت. وكان قبل ذلك قد عاش مع عائلته في دمشق، وتنقَّل بين حلب وحماة وقنسرين وسواها. أُطلق عليه اسم «الأوزاعي» نسبةً إلى «الأوزاع» وهي قبيلة يمنيَّة حميريَّة من بطن ذي الكلاع من قحطان. نزل أفرادٌ منها في دمشق قرب باب الفراديس، وقد أُطلق على المنطقة التي نزلوا فيها اسم قرية «الأوزاع». لم يذكر المُؤرخون والفُقهاء والعُلماء شيئًا عن والد الإمام الأوزاعي باستثناء ما أشار إليه الإمام نفسه، ولا عن والدته أو أخواله، غير أنَّهم أشاروا إلى أنَّ كان له عمٌّ واحد، والثَّابت أنَّهُ تزوَّج أكثر من مرَّة، ورُزق بِثلاث بنات وصبيٍّ واحد، وكان له حفيدين من بناته بِحسب الظاهر. كان الأوزاعي من كبار الأئمَّة المُدافعين عن الإسلام والسُنَّة النبويَّة، لا سيَّما في فترة تزايد البدع والجدل والانحراف عن القُرآن والسُنَّة، كما كان حريصًا على الجهاد والرباط والدفاع عن المظلومين وعن الحق، وكان استقراره في ثغر بيروت بدافع الرباط ورد الاعتداءات عن ديار الإسلام، وكانت الفترة التي قضاها في بيروت أكثر سني حياته المُنتجة والغزيرة، ففيها طوَّر مذهبه، وانتشر في كافَّة أنحاء الشَّام وانتقل إلى المغرب والأندلُس، لِيكون خامس مذاهب أهل السنة والجماعة.

تابع القراءة