المرأة في الزرادشتية

إن معرفة وضع ودور المرأة في الديانة الزرادشتية تعتبر عملية معقدة وصعبة، نظرا لأن البحث يكون ضمن مصادر قليلة.[1]

قد يؤكد بعض الباحثون في تاريخ الزرادشتية على سبيل المثال الباحثة ماري بويس فكرة أن المرأة تتمتع بالاحترام والمكانة العالية لقادة الزردشتية في العصر الحديث، ولا سيما في إيران التي سيطر عليها الإسلام، مؤشر الفجوة لتحقيق المساواة بين الجنسين في دينهم أمر بالغ الأهمية كما أنه يتناقض مع الثقافة الإسلامية بعض الشيء.[1]

نظرة عامة

عدل

أكد بعض العلماء والباحثين أن القادة الإيرانيين من الزرادشت يتبنون ثقافة المساواة بين الرجل والمرأة، ومصدر هذا التفسير هو التقاليد المتفق عليها في الآفاستا[2]، على الرغم من أن في الواقع دور المرأة الزرادشتية قد تغير على مر القرون، وعلى سبيل المثال في الفترة الساسانية كان على المرأة أن تعتمد على موقف زوجها وأن تكون خاضعة لأوامره.[3]

يعتبر الرأي القائل بأن المرأة طوال تاريخ الزرادشتية تمتعت بمركز رفيع قد تم ابطاله منذ عدة سنوات من قبل الكاتب تشوكسى جمشيد في كتاب الشر والخير وبين الجنسين، حيث عرض الجوانب الاجتماعية للأنثى في تاريخ الأديان وخاصة الزرادشتية، حيث صرح أن الزرادشتية نظرت إلى المرأة كأحرف الفوضى وكونها شيء شيطاني وتحتل موقعا بعيداً عن النظام الإلهي، وهي تجسد من قبل الألوهية السفلى الشيطانية (أهرمين).[3]

لقد أصبحت المرأة أكثر نشاطا وفعالية في أواخر عهد المملكة الساسانية وفي مواجهة أسلمة البلاد الفارسية فقد أصبحت أكثر انخراطاً في الحفاظ على تراثهم الثقافي والديني، عدد الوظائف العامة التي شغلتها المرأة كان دائماً مقيد بسبب تصور المرأة أثناء الحيض والولادة نجسة حسب التقاليد التي كانت متعارف عليها، وقد كان ينظر إلى الدم الذي يخرج من جسمها نتيجة لهجوم شيطاني على إنسان يعتبر إنشاء الكمال لأهورامازدا.[3]

حتى منتصف القرن العشرين في المجتمعات التقليدية الزردشتية في إيران كان من الشائع أنه على الحائض قضاء ثلاثة أيام في عزلة، عادة في غرفة مصممة خصيصا لتقع بالقرب من الباب الأمامي للمنزل، حيث الفراش والملابس تبقى لتلك المناسبة.[3]

في المجتمع الساساني

عدل

تم اعتبار المرأة في المجتمع الساساني قدوة على حسب عرضها وما تقدمه من حسن سير وسلوك، وكان يحفو بالمرأة البارزة في المجتمع الكثير من الألفة كالبنات والزوجات والأمهات، بدلاً من السعي إلى الاعتراف العلني، على الرغم من أن المرأة يجب عليها أن تكون مطيعة تماما للرجل (سواء الزوج أو الأب أو الأخ)، كما سمح لهن ببعض الحقوق القانونية والزامهم ببعض الواجبات والمسؤوليات. وكان للمراة في بلاد فارس مقام سام في أيام زرادشت كما هي عادة القدماء؛ فقد كانت تسير بين الناس بكامل حريتها سافرة الوجه، وكانت تمتلك العقار وتصرف شؤونه، وكان في وسعها ان تدير شؤون زوجها باسمه أو بتوكيل منه.[بحاجة لمصدر] بالإضافة إلى ذلك فقد سمح للنساء بالمعاملات التجارية، والحصول على الإرث، وغيرها من المعاملات المالية. ثم انحطت منزلتها بعد دارا، وخاصة بين الاغنياء، فاما المراءة الفقيرة فقد احتفظت بحريتها في التنقل لاضطرارها إلى العمل، واما غير الفقيرات فقد كانت العزلة المفروضة عليهن في أيام حيضهن على الدوام تمتد حتى تشمل جميع حياتهن الاجتماعية. ولم تكن نساء الطبقات العليا يجرؤن على الخروج من بيوتهن الا في هوادج مسجفة، ولم يكن يسمح لهن بالاختلاط بالرجال علنا. وحرم على المتزوجات منهن ان يرين احدا من الرجال ولو كانوا اقرب الناس اليهن كابائهن أو اخوانهن. اما السراري فكن أكثر من غيرهن حرية، اذ كان للنساء في جميع الاوقات سلطان قوي في بلاط الملوك حتى في العهود الاخيرة. وكان الحمل سفاحا سواء ممن لم يتزوجن من البنات أو ممن تزوجن منهن يغتفر احيانا إذا لم تجهض الحامل، ذلك ان الإجهاض كان في تقديرهم اشد جرما من سائر الجرائم، وكان عقابه الإعدام. وقد ورد في أحد الشروح القديمة المسماة بالبندهش وصف لجملة وسائل لمنع الحمل، ولكنها تحذر الناس من الالتجاء اليها. ومما جاء فيها: وفيما يختص بالتناسل قيل في الكتاب المنزل ان المراة إذا خرجت من الحيض تظل عشر ليال وعشرة أيام عرضة للحمل إذا اقترب منها الرجال. وكان الوليد يبقى في احضان امه حتى السنة الخامسة من عمره ثم يحتضنه ابوه حتى السابعة، وفي هذه السنة يدخل المدرسة.[بحاجة لمصدر]

لم يكن للإناث الزرادشت مشاركة رجال الدين في الأمور الدينية، فكانت المرأة يجب عليها أن تكون تحت وصية الأب أو الوزج أو الاخ، بالإضافة إلى ذلك عندما يحين الوقت لاختيار زعيم جديد، من النبلاء والكهنة لن تقبل كملك شخص لم يكن عضوا في العائلة المالكة فيجب اختيار رجل للملك أو الكهنوت الزردشتي.

الزواج

عدل

على حسب التقاليد الزردشتية قديما وفي المجتمع الساساني بالأخص أدى إلى ظهور الزواج من أقارب [4] فقد سمح للرجال بالزواج من بناتهم، وأخواتهم وأمهاتهم، وكان هذا الأمر ليس لمجرد الإباحة، لكن على حسب التقليد الزرادشتي فيعتبر مثل هذا من أعمال التقوى وميزة كبيرة، وأشياء مضادة للقوى الشيطانية.[5] لم يكن القانون يشجع البنات على ان يظللن عذارى ولا العزاب على ان يبقوا بلا زواج، ولكنه كان يبيح التسري وتعدد الزوجات، ذلك بان المجتمعات الحربية في حاجة ماسة إلى كثرة الأبناء. وفي ذلك تقول الابستاق: ان الرجل الذي له زوجة يفضل كثيرا من لا زوجة له، والرجل الذي يعول اسرة يفضل كثيرا من لا اسرة له، والذي له أبناء يفضل من لا أبناء له، والرجل ذو الثراء فضل كثيرا ممن لا ثروة له. وكانت الاسرة لديهم اقدس النظم الاجتماعية وكان من الاسئلة التي القاها زرادشت على اهورامزدا: أي الهي خالق العالم المادي- الهي القدوس! ما هو المكان الثاني الذي تحس الأرض فيه انها اسعد ما تكون؟. ويجيبه اهورامزدا عن سؤاله هذا بقوله: انه المكان الذي يشيد فيه أحد المؤمنين بيتا في داخله كاهن، وفيه ماشية، وفيه زوجة، وفيه أطفال، وفيه انعام طيبة، والذي تكثر فيه الماشية بعدئذ من النتاج، وتكثر فيه الزوجة من الأبناء، وينمو فيه الطفل، وتشتعل فيه النار، وتزداد فيه جميع نعم الحياة.[بحاجة لمصدر]

كان الزعماء الدينيين في هذا الوقت يشجعوا على الزواج من داخل الأسرة، مدعين أنه تقليد ديني الزامي، وعلاوة على ذلك ادعى الكهنة أن الزواج بين المحارم ينتج أقوى الذكور، واناث ذات خصال حميدة، ويأتي بأكبر عدد من الأطفال، وأنه محمية لنقاء الجنس.[6]

هذا الأمر قوبل بمقاومة كبيرة أدت إلى المزيد من تحولات الزرادشتيين إلى الديانة المسيحية ومن ثم الإسلام بعد ظهوره، ويعتقد أن هذا الأمر هو الذي أدى إلى سقوط الديانة الزردشتية.[6]

المصادر

عدل
  1. ^ ا ب بحث للباحثة الاجتماعية بولينا نيتشال نسخة محفوظة 03 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ المساواة بين الجنسين في الزرادشتية - موقع هندو ويبسايت نسخة محفوظة 06 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ ا ب ج د دور المرأة في الزرادشتية - بحث محايد مقدم لجامعة ترونتو (مترجم من الانجليزية) نسخة محفوظة 23 ديسمبر 2011 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ (خيفتوك- كتاب الافستا).
  5. ^ المرأة في الأفستا - الموسوعة الإيرانية نسخة محفوظة 17 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ ا ب Khan، Rahim (July 2009). "Kushano-Sassanian Rule in Gandhara: Numismatic Evidence from Gangudher". Journal of Asian Civilizations. 4. ج. 32 ع. 1: 39–54. مؤرشف من الأصل في 26 أبريل 2020. اطلع عليه بتاريخ Nov 2011. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)

[1]

  1. ^ زرادشت الذي حير العالم. مجدي كامل . دار الكتاب العربي ٢٠١١ الترقيم الدولى : 2-594-376-977-978