الخلافات حول عيد الميلاد

عيد الميلاد هو الاحتفال المسيحي بميلاد يسوع المسيح، والذي يقام في الكنائس المسيحية الغربية بشكل سنوي في 25 ديسمبر. بقي عيد الميلاد موضوع العديد من الإصلاحات الدينية والعلمانية لعدة قرون.

كان لدى أتباع المذهب التطهيري قوانين تمنع الاحتفال الكنسي بعيد الميلاد في القرن السابع عشر؛ وذلك على عكس الكنيسة الكاثوليكية أو الكنيسة الأنجليكانية التي انفصلوا عنها.[1] حُظِرت الخدمات الدينية المسيحية في عيد الميلاد، مع وجود عبادة العقل الإلحادية في السلطة خلال عصر الثورة الفرنسية، وأعيدت تسمية كعكة عيد الغطاس (كعكة الملك) بالقوة لتصبح «كعكة المساواة» بموجب سياسات الحكومة المناهضة لرجال الدين (المقاومة للإكليروسية).[2][3][4] مُنِعت احتفالات عيد الميلاد في القرن العشرين بموجب عقيدة إلحاد الدولة في الاتحاد السوفيتي.[5][6][7] تعرض الدين المنظم للهجوم الكلي في ألمانيا النازية باعتباره عدوًا للدولة، وأُفسِدت احتفالات عيد الميلاد لخدمة أيديولوجية الحزب العنصرية.[8]

يحدث الخلاف الحديث بشكل رئيسي في الصين، والولايات المتحدة وبدرجة أقل في المملكة المتحدة.[9] شجب بعض المعارضين المصطلح العام «الأعياد»، وتجنبوا استخدام مصطلح «عيد الميلاد»، باعتباره محققًا للصوابية السياسية. يتضمن ذلك أحيانًا اعتراضات على جهود الحكومة أو الشركات للاعتراف بعيد الميلاد بطريقة حساسة تجاه تعدد الثقافات.[10]

تاريخ عدل

المملكة المتحدة عدل

ما يزال الترويج المؤقت لعبارة وينترفال لموسم كامل من الأحداث في المملكة المتحدة (أولًا منذ 20 نوفمبر حتى 31 ديسمبر 1997، ثم منذ عيد الهالوين حتى رأس السنة الصينية الجديدة في يناير)، من قبل مجلس مدينة برمنغهام في أواخر تسعينات القرن الماضي، مثالًا مثيرًا للجدل على «الخلافات حول عيد الميلاد». هاجم النقاد استخدام كلمة «وينترفال» على أنها «جنون سياسي»، واتهموا المسؤولين في المجلس بمحاولة إقصاء المسيح من عيد الميلاد. رد المجلس على الانتقادات بالقول إن الكلمات والرموز المتعلقة بعيد الميلاد كانت بارزة في مواده الدعائية: «كانت هناك لافتة تقول عيد ميلاد مجيد أمام منزل المجلس، وأضواء عيد الميلاد، وأشجار عيد الميلاد في الساحات المدنية الرئيسية، وجلسات غناء الترانيم بشكل منتظم من قبل جوقات المدرسة، وإرسال رئيس البلدية بطاقة عيد الميلاد مع مشهد تقليدي لعيد الميلاد متمنيًا للجميع عيد ميلاد سعيد».[11]

اتُهم مجلس مدينة دندي في نوفمبر 2009 بحظر عيد الميلاد لأنه روج لاحتفالاته على أنه مهرجان ضوء الليل الشتوي، وذلك مع عدم وجود إشارات محددة إلى المسيحية في البداية. دُعي قادة الكنيسة المحلية للمشاركة في الحدث، ولبوا الدعوة بالفعل.[12]

جنوب أفريقيا عدل

ظلت الأعياد المسيحية كيوم عيد الميلاد والجمعة العظيمة في تقويم العطلات الرسمية في جنوب إفريقيا بعد الفصل العنصري. عقدت لجنة تعزيز وحماية حقوق الجماعات الثقافية والدينية واللغوية، وهي مؤسسة تابعة للفصل التاسع تأسست في عام 2004، جلسات استماع استشارية عامة على مستوى البلاد في يونيو ويوليو 2012 لتقييم الحاجة إلى مراجعة عامة للأعياد بعد تلقي شكاوى من الأقليات بشأن التمييز غير العادل. صرحت اللجنة بأنها ستقدم توصياتها إلى وزارة الداخلية، ووزارة العمل، ولجان المحافظ المختلفة ومكتب الرئاسة بحلول أكتوبر 2012. نشرت اللجنة توصياتها في 17 أبريل 2013، بما في ذلك إلغاء بعض أيام العطل الرسمية حينها لتوفير أيام لبعض الأعياد الدينية غير المسيحية.[13][14]

النرويج عدل

عارضت الجمعية الإنسانية النرويجية، وديوان مظالم الأطفال، واتحاد التعليم، الممارسة الشائعة المتمثلة في زيارة تلاميذ المدارس للكنائس المحلية لحضور قداس عيد الميلاد في ديسمبر. كان هناك العديد من الخلافات المحلية حول هذه القضية. أيدت الأحزاب السياسية في الغالب اتخاذ هذا القرار من قبل المدارس نفسها، ولكن الحكومة أكدت أن المدارس التي تشارك في خدمات عيد الميلاد يجب أن تقدم بديلًا للتلاميذ الذين لا يرغبون في الحضور؛ وأن هذه الخدمات يجب ألا تُقدّم في اليوم الذي يصادف إغلاق المدارس قبل عطلة عيد الميلاد. قالت حكومة سولبرغ في إعلانها الحكومي إنها تنظر بإيجابية إلى المدارس التي تشارك في الخدمات في الكنائس قبل الأعياد الدينية. [15]

أظهر استطلاع أجرته شركة نورستات في عام 2013 لصالح مجلة فارت لاند النرويجية أن 68% من النرويجيين يؤيدون الحصول على خدمات عيد الميلاد التي تنظمها المدرسة، بينما يعارض 14% ذلك، ولم يبد 17% منهم أي رأي في الموضوع.[16]

شجرة عيد الميلاد[17] عدل

حظر الاتحاد السوفيتي، وبعض الأنظمة الشيوعية الأخرى، احتفالات عيد الميلاد وفقًا للمذهب الماركسي اللينيني عن إلحاد الدولة. شجعت رابطة الملحدين العسكرية في عشرينات القرن الماضي تلاميذ المدارس على شن حملة ضد تقاليد عيد الميلاد مثل شجرة عيد الميلاد؛ وأعادت البلاد تسمية شجرة عيد الميلاد لتصبح شجرة رأس السنة الجديدة، مجردة إياها من جمعياتها المسيحية.[18]

كانت هناك حالات في الولايات المتحدة وكندا استخدم خلالها المسؤولون مصطلح «شجرة العيد» للإشارة إلى ما يُسمى عمومًا «شجرة عيد الميلاد» منذ ثمانينات القرن العشرين، إذ تباين رد الفعل على هذه التسمية.

قال مزارع الأشجار في نوفا سكوشا الذي تبرع بشجرة مدينة بوسطن الرسمية المزخرفة، التي وُصِفت في عام 2005 بأنها شجرة العيد، إنه يفضل وضع الشجرة في آلة تقطيع الخشب بدلًا من تسميتها تلك التسمية.[19]

وزع لوبي القيم اليهودية في عام 2009 في القدس الغربية، وبدعم من حاخامية القدس، منشورات تدين عيد الميلاد، ودعا إلى مقاطعة «المطاعم والفنادق التي تضع أو تبيع أشجار عيد الميلاد وغيرها من الرموز المسيحية «الغبية». أثارت شجرة عيد الميلاد في بروكسل في العاصمة البلجيكية جدلًا في ديسمبر 2012؛ إذ كانت جزءًا من إعادة تسمية سوق عيد الميلاد باسم «ملذات الشتاء». اعتبرت المعارضة المحلية ذلك بمثابة إرضاء للأقلية المسلمة في المدينة. [20]

بُذلت جهود لإعادة تسمية أشجار العيد باسم «أشجار عيد الميلاد». قُدِّم مشروع قانون في مجلس الشيوخ في عام 2002 في ولاية كاليفورنيا لإعادة تسمية شجرة عيد الميلاد في ولاية كاليفورنيا؛ لم يُمرر هذا الإجراء، في الإضاءة الرسمية للشجرة في 4 ديسمبر 2007، فأشار حاكم كاليفورنيا أرنولد شوارزنيجر إلى الشجرة كشجرة عيد الميلاد في تصريحاته وفي البيان الصحفي الصادر عن مكتبه بعد الحفل. كان شوارزنيجر قد أنهى سابقًا الممارسة العلمانية المتمثلة في تسميتها «شجرة العيد» في عام 2004 خلال الإضاءة السنوية الثالثة والسبعين. غُيِّر الاسم تكريمًا للسيناتور الراحل ويليام «بيت» نايت. قال شوارزنيجر في جنازة نايت إنه سيغير الاسم مرة أخرى إلى شجرة عيد الميلاد. كان نايت قد ضغط دون جدوى لتغيير الاسم بعد أن قرر الحاكم ديفيس تسميتها بشجرة العيد.[21]

أجرى مجلس الشيوخ في ميشيغن نقاشًا في عام 2005 حول ما إذا كانوا سيستمرون في تسمية الشجرة المزينة أمام مبنى كابيتول ولاية ميشيغان بشجرة العيد (كما كانت منذ أوائل تسعينات القرن الماضي) أو تسميتها شجرة عيد الميلاد. أُعيد النظر في السؤال في عام 2006، عندما صوتت لجنة ميشيغن كابيتول المكونة من الحزبين بالإجماع على استخدام مصطلح شجرة عيد الميلاد. نظر المشرعون في ولاية ويسكونسن وفي عام 2007 فيما إذا كانوا سيعيدون تسمية الشجرة في روطن كابيتول ولاية ويسكونسن، والتي سُميت بشجرة العيد منذ عام 1985، بشجرة عيد الميلاد بولاية ويسكنسن.[22]

المراجع عدل

  1. ^ Lowe، Scott C. (2011). Christmas. John Wiley & Sons. ISBN:978-1444341454. On the mainland, seventeenth-century Puritan New England had laws forbidding the observance of Christmas. The Christian groups who broke with the Catholic Church and the Church of England deemphasized Christmas in the early colonial period.
  2. ^ Christmas in France (بالإنجليزية). World Book Encyclopedia. 1996. p. 35. ISBN:9780716608769. Carols were altered by substituting names of prominent political leaders for royal characters in the lyrics, such as the Three Kings. Church bells were melted down for their bronze to increase the national treasury, and religious services were banned on Christmas Day. The cake of kings, too, came under attack as a symbol of royalty. It survived, however, for a while with a new name—the cake of equality.
  3. ^ Flood, Gavin (2012). The Importance of Religion: Meaning and Action in our Strange World (بالإنجليزية). John Wiley & Sons. ISBN:978-1-4051-8971-2. During the French Revolution in 1793 the Gothic Cathedral of Notre Dame de Paris was rededicated to the Cult of Reason, an atheistic doctrine intended to replace Christianity.
  4. ^ Mason, Julia (21 Dec 2015). "Why Was Christmas Renamed 'Dog Day' During the French Revolution?" (بالإنجليزية). HistoryBuff. Archived from the original on 2016-11-01. Retrieved 2016-10-31. How did people celebrate the Christmas during the French Revolution? In white-knuckled terror behind closed doors. Anti-clericalism reached its apex on 10 November 1793, when a Fête de la Raison was held in honor of the Cult of Reason. Churches across France were renamed "Temples of Reason" and the Notre Dame was "de-baptized" for the occasion. The Commune spared no expense: "The first festival of reason, which took place in Notre Dame, featured a fabricated mountain, with a temple of philosophy at its summit and a script borrowed from an opera libretto. At the sound of Marie-Joseph Chénier's Hymne à la Liberté, two rows of young women, dressed in white, descended the mountain, crossing each other before the 'altar of reason' before ascending once more to greet the goddess of Liberty." As you can probably gather from the above description, 1793 was not a great time to celebrate Christmas in the capital.
  5. ^ Connelly، Mark (2000). Christmas at the Movies: Images of Christmas in American, British and European Cinema. I.B.Tauris. ص. 186. ISBN:9781860643972. A chapter on representations of Christmas in Soviet cinema could, in fact be the shortest in this collection: suffice it to say that there were, at least officially, no Christmas celebrations in the atheist socialist state after its foundation in 1917.
  6. ^ Goldberg، Carey (7 يناير 1991). "A Russian Christmas—Better Late Than Never: Soviet Union: Orthodox Church Celebration Is the First Under Communists. But, as with Most of Yeltsin's Pronouncements, the Holiday Stirs a Controversy". لوس أنجلوس تايمز. مؤرشف من الأصل في 2022-11-14. اطلع عليه بتاريخ 2015-12-14. For the first time in more than seven decades, Christmas—celebrated today by Russian Orthodox Christians—is a full state holiday across Russia's vast and snowy expanse. As part of Russian Federation President Boris N. Yeltsin's ambitious plan to revive the traditions of Old Russia, the republic's legislature declared last month that Christmas, long ignored under atheist Communist ideology, should be written back into the public calendar. 'The Bolsheviks replaced crosses with hammers and sickles,' said Vyacheslav S. Polosin, head of the Russian legislature's committee on religion. 'Now they are being changed back.'
  7. ^ Luzer، Daniel (26 نوفمبر 2013). "What a Real War on Christmas Looks Like". Pacific Standard. مؤرشف من الأصل في 2022-11-14. In 1925, Christmas was effectively banned under the officially atheist Soviets, and was not to return to Russian lands until 1992. ... The state prohibited people from selling Christmas trees. There were even festivals, organized by the League of Militant Atheists, specifically to denigrate religious holidays. Their carnivals were inspired by similar events staged by activists after the French Revolution. From 1923 to 1924 and then again from 1929 to 1930 the "Komsomol Christmases" and Easters were basically holiday celebrations of atheism.
  8. ^ Perry, Joseph (24 Dec 2015). "How the Nazis co-opted Christmas: A history of propaganda". The Washington Post (بالإنجليزية).
  9. ^ "The Brits Have It Right: Forget Happy Holidays, Just Wish People Merry Christmas". الغارديان. London. 16 يونيو 2015. مؤرشف من الأصل في 2022-11-14.
  10. ^ Vyhnak، Carola (14 ديسمبر 2017). "The war on Christmas past and how the holiday tree came to be". the تورونتو ستار. مؤرشف من الأصل في 2022-11-14. اطلع عليه بتاريخ 2018-03-09.
  11. ^ Crump, William D. (2013). The Christmas Encyclopedia, 3d ed (بالإنجليزية). مكفارلاند وشركاه. p. 95. ISBN:9781476605739.
  12. ^ Kelly, Joseph F. (2014). The Origins of Christmas (بالإنجليزية). Liturgical Press. p. 76. ISBN:9780814648858.
  13. ^ Wainwright, Geoffrey (2006). The Oxford History of Christian Worship (بالإنجليزية). دار نشر جامعة أكسفورد. p. 65. ISBN:9780195138863.
  14. ^ Talley، Thomas J. (1991). The Origins of the Liturgical Year. Liturgical Press. ص. 88–91. ISBN:978-0-8146-6075-1. مؤرشف من الأصل في 2022-11-14. اطلع عليه بتاريخ 2016-12-27.
  15. ^ "Why Did Cromwell Abolish Christmas?". Oliver Cromwell. The Cromwell Association. 2001. مؤرشف من الأصل في 2022-09-20. اطلع عليه بتاريخ 2006-12-28.
  16. ^ Hoogs, Frank L.; Langton, William M. (1923). Paradise of the Pacific (بالإنجليزية). F. L. Hoogs. p. 92. Christmas was abolished by the Puritans when in power, because it had largely become an orgy of dissipation.
  17. ^ Zugger، Christopher Lawrence (2001). Catholics of the Soviet Empire from Lenin Through Stalin. Syracuse University Press. ص. 210. ISBN:9780815606796. As observed by Nicholas Brianchaninov, writing in 1929–1930, after the NEP and just as the worst of collectivization was beginning, the Soviets deemed it necessary to drive into the heads of the people the axiom that religion was the synthesis of everything most harmful to humanity. It must be presented as the enemy of man and society, of life and learning, of progress. ... In caricatures, articles, Bezbozhnik, Antireligioznik, League of Militant Atheists propaganda and films. School courses were given on conducting the struggle against religion (how to profane a church, break windows, objects of piety). The young, always eager to be with the latest trend, often responded to such propaganda. In Moscow in 1929 children were brought to spit on the crucifixes at Christmas. Priests in Tiraspol diocese were sometimes betrayed by their own young parishioners, leading to their imprisonment and even death, and tearing their families apart.
  18. ^ Ramet، Sabrina Petra (2005). Religious Policy in the Soviet Union. مطبعة جامعة كامبريدج. ص. 138. ISBN:9780521022309. The League sallied forth to save the day from this putative religious revival. Antireligioznik obliged with so many articles that it devoted an entire section of its annual index for 1928 to anti-religious training in the schools. More such material followed in 1929, and a flood of it the next year. It recommended what Lenin and others earlier had explicitly condemned—carnivals, farces, and games to intimidate and purge the youth of religious belief. It suggested that pupils campaign against customs associated with Christmas (including Christmas trees) and Easter. Some schools, the League approvingly reported, staged an anti-religious day on the 31st of each month. Not teachers but the League's local set the programme for this special occasion.
  19. ^ Wisconsin Lawmaker Seeks to Ax State's 'Holiday' Tree نسخة محفوظة 25 July 2008 at wayback.archive-it.org—Associated Press article
  20. ^ Berthelsen، Morten (17 ديسمبر 2009). "Rabbis Versus Christmas: Religious Rivalry in Jerusalem Benefits No One". Haaretz. مؤرشف من الأصل في 2017-08-15. اطلع عليه بتاريخ 2012-12-25.
  21. ^ "Abstract Christmas Tree Sparks Protests in Brussels". BBC News. 1 ديسمبر 2012. مؤرشف من الأصل في 2022-11-14.
  22. ^ Kong، Dave (18 يونيو 2002). "Letter to the Committee on Governmental Organization RE: SB 1577 Redesignation of State Holiday Tree as a Christmas Tree". sfatheists.blogspot.com. مؤرشف من الأصل في 2022-11-14. اطلع عليه بتاريخ 2012-12-25.[مصادر ذاتية النشر]