الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى

خاض الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى الحرب الأكبر والأكثر كلفة في تاريخه الطويل. على عكس الجيوش الفرنسية والألمانية، تكوّن الجيش البريطاني حصريًا من متطوعين -عكس المجندين- في بداية النزاع. علاوةً على ذلك، كان الجيش البريطاني أصغر بكثير من نظيريه الفرنسي والألماني.[1]

خلال الحرب العالمية الأولى، كانت هناك أربعة جيوش بريطانية مختلفة. ضم الأول نحو 247000 جندي من الجيش النظامي، نُشر أكثر من نصفهم في الخارج في حاميات الإمبراطورية البريطانية، مدعومًا بنحو 210000 جندي احتياطي و 60000 جندي احتياطي إضافي محتمل. شكلت هذه القوة العمود الفقري لقوات الحملة البريطانية (بي إي إف) التي تشكلت للخدمة في فرنسا وكانت تُعرف باسم القوة الخسيسة السابقة. تشكل الجيش الثاني من قوة إقليمية قوامها نحو 246000 جندي، خُصصت في البداية للدفاع عن الوطن ولكنها استُخدمت لتعزيز قوات الحملة البريطانية بعد أن تكبد الجيش النظامي خسائر فادحة في المعارك الافتتاحية للحرب. كان الجيش الثالث هو جيش كتشنر، ويتألف من الرجال الذين استجابوا لدعوة اللورد كتشنر للتطوع في عامي 1914-1915 والذي دخل الحرب في معركة السوم في عام 1916. تألف الجيش الرابع من تعزيز التشكيلات الموجودة من المجندين بعد إدخال الخدمة الإلزامية في يناير 1916. بحلول نهاية عام 1918، بلغ الجيش البريطاني قوته القصوى البالغة 3820000 رجل مع إمكانية ضم أكثر من 70 فرقة. قاتلت الغالبية العظمى من الجيش البريطاني في المسرح الرئيسي للحرب على الجبهة الغربية في فرنسا وبلجيكا ضد الإمبراطورية الألمانية. اشتبكت بعض الوحدات في إيطاليا وسلانيك ضد الإمبراطورية النمساوية المجرية والجيش البلغاري، في حين قاتلت وحدات أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا وبلاد الرافدين -ضد الإمبراطورية العثمانية بشكل رئيسي- وقاتلت كتيبة واحدة إلى جانب الجيش الياباني في الصين خلال حصار تسينغتاو.

خلقت الحرب مشاكل لقادة الجيش، بالنظر إلى أنه قبل عام 1914، كان أكبر تشكيل يترأسه أي جنرال يخدم في قوات الحملة البريطانية في العمليات هو فرقة. شهد توسع الجيش البريطاني ترقية بعض الضباط من رتبة لواء إلى قائد فيلق في أقل من عام. وجب على قادة الجيش أيضًا التعامل مع التكتيكات والأسلحة الجديدة التي طُورت. مع الانتقال من تكتيك المناورة إلى حرب الخنادق، كان على كل من المشاة والمدفعية تعلم كيفية العمل معًا. في أثناء الهجوم، وعند الدفاع، تعلموا كيفية الجمع بين القوات للدفاع عن خط الجبهة. في وقت لاحق من الحرب، حين أُضيف فيلق الأسلحة الرشاشة وفيلق الدبابات إلى تشكيل المعركة، فقد أُضيفوا أيضًا في التعاليم التكتيكية الجديدة.

كان على الرجال في الجبهة أن يواجهوا مشاكل الإمداد، إذ كان هناك نقص في الغذاء، وانتشرت الأمراض في الظروف الرطبة الموبوءة بالفئران. إضافة إلى هجمات العدو، كان على العديد من الجنود أن يتعاملوا مع أمراض جديدة، مثل: قدم الخندق وحمى الخنادق والتهاب الكلى. عندما انتهت الحرب في نوفمبر 1918، سُجل عدد ضحايا الجيش البريطاني، نتيجة لهجمات العدو والأمراض، إذ بلغ عدد القتلى والمفقودين 673375، مع إصابة 1643469 آخرين. أدى الاندفاع إلى التسريح في نهاية الصراع إلى انخفاض جوهري في قوة الجيش البريطاني، من ذروة قوته التي بلغت 3820000 رجل في عام 1918 إلى 370000 رجل بحلول عام 1920.

التنظيم

عدل

استطاع الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى أن يعزي تنظيمه إلى المطالب المتزايدة للتوسع الإمبراطوري. كان إطار العمل هو النظام الطوعي للتجنيد والنظام الفوجي، الذي عُرّف بواسطة إصلاحات كرادويل وإصلاحات تشايلدرس وفي أواخر القرن التاسع عشر. أُعدّ الجيش البريطاني واستدعي في المقام الأول لخدمة القضايا الإمبراطورية والحروب الاستعمارية التي تلت ذلك. في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، شارك الجيش في صراع كبير، وهو حرب البوير الثانية (1899-1902)، والتي سلطت الضوء على أوجه القصور في تكتيكاته وقيادته وإدارته. أوصى تقرير إيشر في عام 1904 بالقيام بإصلاح جذري، مثل إنشاء مجلس للجيش، وهيئة أركان عامة، وإلغاء مكتب القائد العام للقوات، وإنشاء رئيس لهيئة الأركان العامة. أنشأت إصلاحات هالدين لعام 1907 رسميًا قوات حملة مكونة من سبعة فرق (سلاح فرسان واحد وستة مشاة)، وأعادت تنظيم المتطوعين في قوة إقليمية جديدة مكونة من أربعة عشر لواءً لسلاح الفرسان وأربعة عشر فرقة مشاة، وحُوّلت المليشيا القديمة إلى القوات الاحتياطية الخاصة لتعزيز قوات الحملة.[2]

عند اندلاع الحرب في أغسطس 1914، كان الجيش النظامي البريطاني عبارة عن قوة صغيرة ذات خبرة. كان يتألف من 247432 جنديًا نظاميًا نُظموا في أربعة أفواج من الحرس (فوج رماة من ثلاث كتائب؛ فوج حرس إسكتلندي من كتيبتين؛ فوج إيرلندي من كتيبة واحدة)، مع وجود 86 فوجًا في الميدان ولواء بندقية (على الرغم من اسمه، فقد كان فوج مشاة)، و31 فوجًا لسلاح الفرسان والمدفعية وأسلحة الدعم الأخرى. كان لدى معظم أفواج المشاة في الميدان كتيبتين نظاميتين، خدمت واحدة منهما في الوطن وقدمت مسودات وبدلاء للكتيبة الأخرى التي كانت تتمركز في الخارج، في حين أُعدّت الأخرى أيضًا لتكون جزءًا من قوات الحملة. كان لدى فوج التذكار الملكي وفوج رسيستيرشاير وفوج مايدلسكس وفيلق الملك الملكي للبندقية وفيلق البندقية أربعة كتائب نظامية لكل منها، خدمت اثنتان منها في الخارج.  تمركز ما يقارب نصف الجيش النظامي (74 من كتائب المشاة البالغ عددها 157 و12 فوجًا من أفوج الفرسان البالغ عددها 31) في الخارج في حاميات في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية. كان الفليق الجوي الملكي جزءًا من الجيش البريطاني حتى عام 1918. عند اندلاع الحرب، كان يتكون من 84 طائرة.[3]

قوات الحملة البريطانية

عدل

وفقًا لشروط  الاتفاق الودي، كان دور الجيش البريطاني في الحرب الأوروبية إدخال جنود من قوات الحملة البريطانية، التي كانت تتكون من ستة فرق مشاة وخمسة ألوية لسلاح الفرسان التي رُتّبت ضمن فيلقين تابعين للجيش، هما: فيلق القوات الأولى تحت قيادة دوغلاس هيج، وفيلق القوات الثانية تحت قيادة هوراس سميث دورين. في بداية الصراع، استُدعي جيش الهند البريطاني للمؤازرة. في أغسطس 1914، كان 20% من 9610 من الضباط البريطانيين الذين أُرسلوا إلى فرنسا في البداية من جيش الهند، في حين أن 16% من 76450 من الرتب الأخرى جاؤوا من جيش الهند البريطاني. بحلول نهاية عام 1914 (بعد معارك مونس ولو كاتو وأيسن ويبريس)، دُحر الجيش البريطاني النظامي القديم تقريبًا؛ على الرغم أنه تمكن من إيقاف التقدم الألماني.[4]

في أكتوبر 1914، وصلت الفرقة السابعة إلى فرنسا لتشكل أساس الفيلق الثالث البريطاني. نما سلاح الفرسان إلى فيلقه الخاص المكون من ثلاث فرق. بحلول ديسمبر 1914، توسعت قوات الحملة البريطانية، إذ وُزّعت خمس من فرق الجيش بين الجيشين الأول والثاني. ومع انخفاض قوة الجيش النظامي، بدأت الأعداد تتشكل، أولاً بوساطة القوة الإقليمية، ثم من قِبل المتطوعين في الجيش الجديد للقائد الأعلى كتشنر.  بحلول نهاية أغسطس 1914، كان قد أنشأ ست فرق جديدة. بحلول مارس 1915، زاد عدد الفرق إلى 29. وُسّعت القوة الإقليمية أيضًا، وأُنشئت الكتيبتين الثانية والثالثة وشكلت ثماني فرق جديدة، والتي استكملت قوتها في وقت السلم لتصبح 14 فرقة. تشكل الجيش الثالث في يوليو 1915 وبسبب تدفق القوات من متطوعي كتشنر والمزيد من عمليات إعادة التنظيم، تشكل الجيش الرابع والجيش الاحتياطي، الذي أصبح الجيش الخامس في عام 1916.

المراجع

عدل
  1. ^ Chappell (2003), p. 3
  2. ^ Cassidy (2006), p. 79
  3. ^ Cassidy (2006), p. 78
  4. ^ Chandler (2003), p. 211

قراءة معمقة

عدل