اختبار كارولين

اختبار كارولين عبارة عن صياغة للقانون الدولي العرفي تعود للقرن التاسع عشر، والذي أعادت محكمة نورمبرج التأكيد عليه عقب الحرب العالمية الثانية، وينص الاختبار على وجوب أن تكون الضرورة إلى القيام بالدفاع الاستباقي عن النفس «عاجلة وقاهرة بحيث لا تترك فرصة لاختيار الوسيلة أو وقتا للتشاور والتداول»، ويأخذ الاختبار اسمه من قضية كارولين.

الخلفية التاريخية

عدل

في عام 1837، ثار مستوطنون في كندا العليا ضد حكومة الاحتلال البريطانية، واتخذت الولايات المتحدة موقفا محايدا من التمرد، إلا أن المتعاطفين من الأمريكيين ساعدوا الثوار بإمداد الرجال والمؤن التي كان يتم نقلها على متن باخرة تدعى كارولين. وفي رد فعل على هذا، تسللت قوة بريطانية ليلا من كندا إلى أراضي الولايات المتحدة، وقبضت على كارولين وأضرمت فيها النار وأسقطتها من فوق شلالات نياجرا، ولقي أمريكي واحد على الأقل مصرعه.[1] وادعت بريطانيا أن هذا الهجوم كان دفاعا عن النفس، وفي خطابه إلى السفير البريطاني، قال وزير الخارجية الأمريكي دانيال وبستر أن مدعي الدفاع عن النفس يجب أن يظهر:

لقد كانت الحاجة إلى الدفاع عن النفس فورية وقهرية، بحيث لم تدع مجالا للاختيار ولم ترد بها لحظة من التعمد...، كما أن القوات البريطانية، بافتراض ضرورة أن اللحظة كانت تخول لهم اقتحام مناطق من الولايات المتحدة على الإطلاق، لم تفعل شيئا غير منطقي أو زائد عن الحد؛ حيث إن الفعل الذي تبرره ضرورة الدفاع عن النفس كان يجب أن يكون محدودا بهذه الضرورة.[2]


المتطلبات

عدل

تشير المصطلحات «الدفاع الوقائي عن النفس» و«الدفاع الاستباقي عن النفس» و«الاستباقية» في العادة إلى حق الدولة في الهجوم أولا دفاعا عن النفس عندما تواجه هجوما وشيكا،[3] ولتبرير هذا العمل، يقتضي اختبار كارولين متطلبين بارزين:

  1. تتعين ضرورة استخدام القوة بسبب تهديد وشيك وبالتالي فإن السعي وراء بدائل سلمية لم يعد خيارا. (الضرورة
  2. يتعين التناسب بين الرد والتهديد المواجه (التناسب).[4]

في صياغة وبستر الأصلية، يصف معيار الضرورة بأنها «عاجلة وقاهرة بحيث لا تترك فرصة لاختيار الوسيلة أو وقتا للتشاور والتداول»، وأصبح يشار فيما بعد إلى هذا بأنها «الضرورة العاجلة والقاهرة».[5][6]

الأهمية

عدل

كان مبدأ الدفاع عن النفس معترفا به قبل اختبار كارولين إلا أن أهمية الاختبار ترجع إلى أنه وضع معايير واضحة يتم على أساسها تحديد ما إذا كان هذا استخداما شرعيا لهذا الحق أم لا.[7] وحاز الاختبار على قبول المملكة المتحدة ثم تم اعتماده كجزء من القانون الدولي العرفي.[7]

يمنع القانون الدولي العرفي وميثاق الأمم المتحدة استخدام القوة أو التهديد بها عندما تأتي في إطار حرب وقائية تشن على أراضي أية دولة. وفي قضية لوتس، قررت محكمة العدل الدولية «أن القيد الأول والرئيسي الذي يفرضه القانون الدولي على الدولة - مسقطا وجود قاعدة الأسبقية لما هو عكس ذلك - هو عدم جواز ممارستها قوتها بأي شكل من الأشكال في أراضي دولة أخرى.»[8] لقى اختبار كارولين الاعتراف والتصديق من قبل محكمة نورمبرج الذي تبنى نفس الكلمات المستخدمة في الاختبار عند الحكم في عزو ألمانيا للنرويج والدانمارك خلال الحرب العالمية الثانية.[9]

يسمح باستخدام حق الدفاع عن النفس عند استيفاء الشروط التي أوردها القانون الدولي العرفي بخصوص الضرورة والتناسب. وتقر المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بـ «الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن النفس إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين.» لذا يطبق اختبار كارولين في الحالات التي لا تكون فيها المادة 51 قاعدة مجيزة نظرا لاتخاذ العمل الدفاعي قبل وقوع الهجوم المسلح.[6]

يعد اختبار كاورلين حتى يومنا هذا معيار القانون العرفي في تحديد شرعية التحرك دفاعا عن النفس.[10] وفي عام 2008، كتب توماس نيكولز (Thomas Nichols):

  Thus the destruction of an insignificant ship in what one scholar has called a 'comic opera affair' in the early 19th century nonetheless led to the establishment of a principle of international life that would govern, at least in theory, the use of force for over 250 years.[1]  

مراجع

عدل
  1. ^ ا ب Nichols, Thomas (2008). The Coming Age of Preventive War. University of Pennsylvania Press. p. 2. (ردمك 978-0-8122-4066-5)
  2. ^ Webster, Daniel. 'Letter to Henry Stephen Fox', in K.E Shewmaker (ed.). The Papers of Daniel Webster: Diplomatic Papers, vol. 1. 1841-1843 (1983) 62. Dartmouth College Press. (ردمك 978-0-87451-245-8)
  3. ^ Charles Pierson (2004). "Preemptive Self-Defense in an Age of Weapons of Mass Destruction: Operation Iraqi Freedom". Denver Journal of International Law and Policy. University of Denver. ج. 33 ع. 1. مؤرشف من الأصل في 2012-07-08.
  4. ^ The Legal War: A Justification for Military Action in Iraq، Gonzaga Journal of International Law، مؤرشف من الأصل في 2012-02-27، اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020 {{استشهاد}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة) واستعمال الخط المائل أو الغليظ غير مسموح: |ناشر= (مساعدة)
  5. ^ May, Larry (2007). War Crimes and Just War. Cambridge University Press. p. 206. (ردمك 978-0-521-69153-6)
  6. ^ ا ب Kirgis، Frederic L. "Pre-emptive Action to Forestall Terrorism". American Society of International Law. مؤرشف من الأصل في 2013-05-30. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-17. {{استشهاد ويب}}: الوسيط غير المعروف |شهر= تم تجاهله يقترح استخدام |تاريخ= (مساعدة)
  7. ^ ا ب O'Brien, John (2002). International law. Cavendish Publishing Limited. p. 682. (ردمك 978-1-85941-630-3) Extract نسخة محفوظة 14 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ Case of the S.S. "Lotus" (France v. Turkey), PCIJ Series A, No. 10, at p. 18 (1927) [1] نسخة محفوظة 17 مارس 2017 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  9. ^ Olaoluwa, Olusanya (2006). Identifying the Aggressor Under International Law: A Principles Approach. Peter Lang Pub Inc. p. 105. (ردمك 978-3-03910-741-4)
  10. ^ Duffy, Helen (2005). The 'War on Terror' and the Framework of International Law. Cambridge University Press. p. 157. (ردمك 978-0-521-54735-2)