أمين الفتوى [1] هو بمثابة مساعد للمفتي.[2]

أمين الفتوى
معلومات شخصية

الوظيفة والمهام عدل

هو المسؤول عن مقابلة المستفتين، وكتابة المسائل التي يقدمونها، وكثير من المستفتين لا يحسن الكتابة، وإن أحسن الكتابة لم يحسن صياغة السؤال. فمهمة أمين الفتوى أن يناقش السائل في سؤاله؛ لكي يصل إلى الصياغة السليمة للسؤال حتى لا يحتمل إجابات مختلفة أو تأويلات متعددة. وبعد أن يكتب المسائل يقدمها للمفتي، فيكتب المفتي الجواب عليها بنفسه، أو يملي الجواب على أمين الفتوى، وسُمي أمينًا لأن المفتي ائتمنه على ما يمليه، فلا يكتب غيرَ ما سمع، وإن كان من الواجب على المفتي أن يُراجع ما كُتب، ويوقعه بإمضائه بعد أن يتأكد من صحته. كما يُسمى أحيانًا «كاتب الفتوى». وقد يكون كاتب الفتوى أو أمينها تلميذًا للمفتي تلقى العلم على يديه، ورأى فيه المفتي من الأمانة والعلم ما يؤهله للعمل في تلك الوظيفة المهمة. وقد جاء في (الفتاوى الهندية) أن: «بعض المفتين كان لا يأخذ الرقعة من يد امرأة ولا صبي، وكان له تلميذ يأخذ منهم ويجمعها ويرفعها، فيكتبها تعظيمًا للعلم، والأحسن أخذ المفتي من كل واحدٍ تواضعًا».[3] ولعل المقصود هنا بالتلميذ أمين الفتوى، ولعل الخلط راجع إلى أن معظم أمناء الفتوى كانوا من تلاميذ المفتين. وقد تتسع مهمة بعض أمناء الفتوى فيقوم بجمع فتاوى المفتي ويصنفها في مصنف خاص. وقد اشتهر بعض أمناء الفتوى بما قاموا به من جمعٍ للفتاوى، ومن هؤلاء صاحب كتاب (واقعات المفتين) الذي ذكر أنه كان أمين الفتوى لأكثر من مفت. [4] ومن أمناء الفتوى الذين اشتهروا بجمع فتاوى أساتذتهم: أحمد بن مصطفى الشهير بلالي، يذكر حاجي خليفة أنه جمع صور ما أفتاه أستاذه المولى سعدي من سنة أربعين وتسعمئة، وكان كاتب فتواه.[5] ومنهم أيضًا برهان الدين إبراهيم بن سليمان، الذي جمع فتاوى أمين الدين محمد بن عبد العال الحنفي المصري، المتوفى سنة إحدى وسبعين وتسعمئة، وقد كان تلميذه وأمين فتواه، وقد جمعها في كتاب أسماه (العِقْد النفيس لما يحتاج إليه للفتاوى والتدريس).[6]

أمانة الفتوى في مصر عدل

وفي مصر لم تكن أمانةُ الفتوى وظيفةً ثابتةً، فتظهر تارة وتختفي أخرى، وذلك راجع إلى أن وظيفة المفتي نفسها لم تكن مستقرة، فبالرغم من أن الإفتاء قد استمر في مصر منذ دخلها الإسلام إلى اليوم؛ إلا أن وظيفة الإفتاء في أغلب الأحيان كانت وظيفة تطوعية يتصدر لها المفتي احتسابًا، ومن ثم لم يكن المفتي في حاجةٍ إلى أمينٍ للفتوى، اللهم إلا إذا كان أحدُ تلاميذه يقوم بها تطوعًا؛ مثلما قام أستاذه بالإفتاء تطوعًا. وعندما استقرت وظيفة الإفتاء في مصر في أواخر القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي، استقرت معها وظيفة أمين الفتوى، وقد عاشت دار الإفتاء المصرية ردحًا طويلا من الزمن لا تضم من الموظفين أحدًا سوى: المفتي، وأمين الفتوى، وساعٍ، وحارسٍ. وإن كان الوضع قد اختلف الآن، فأمانة الفتوى في «دار الإفتاء المصرية» قد أصبحت إدارةً عامةً تضم عشرات الموظفين، ولها مهام متعددةٌ سوف نشرحها عند حديثنا عن دار الإفتاء المصرية ونظام الفتوى بها. وفي مصر - كما في باقي العالم الإسلامي - كان العمل في أمانة الفتوى بداية سلم الترقي في مناصب الإفتاء، حيث وصل بعض من عمل في أمانة الفتوى إلى منصب مفتي الديار المصرية، ومنهم على سبيل المثال فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق مفتي الديار المصرية وشيخ الأزهر الأسبق الذي بدأ حياته العملية أمينًا للفتوى. كما بلغ بعضُ أمناء الفتوى درجةً كبيرة من الشهرة، حتى فاقت شهرة بعضهم شهرة المفتي الذي يعمل له، ومنهم على سبيل المثال الشيخ خليل الرشيدي الذي عمل أمينًا للفتوى للشيخ محمد المهدي العباسي، عندما تولى إفتاء الديار المصرية وهو حَدَثٌ لم يتجاوز عمره الحادية والعشرين، ولقلة خبرته في التعامل مع الناس؛ اختار أستاذه ومعلمه الشيخ خليل الرشيدي أمينًا للفتوى، فكان نعم المعين له، حيث نراه لا يكتفي بكتابة الأسئلة وتقديمها للمفتي، بل يقدم له النصائح، ويرافقه في اجتماعاته الحكومية وفي المجالس القضائية التي كان المهدي يحضرها بصفته مفتي الحنفية في مصر.

شروط أمين الفتوى وصفاته عدل

وقد اشترط العلماء لأمين الفتوى شروطًا، يجب أن تتوفر فيه؛ ليستحق هذا المنصب، منها: حُسن الخط، وحُسن صياغة السؤال، والإلمامُ بعلم الفقه وأصوله. قال ابن الصلاح في فتاواه: وينبغي أن يكون كاتب الاستفتاء ممن يحسن السؤال ويضعه على الغرض مع إبانة الخط واللفظ وصيانتهما عما يتعرض للتصحيف، كنحو ما حُكي أن مستفتيًا استفتى ببغداد في رقعة عمن قال: أنت طالق إن.. ثم أمسك عن ذكر الشرط لأمرٍ لحقه، وكتب سؤاله هكذا: «ما تقول السادة الفقهاء في رجلٍ قال لامرأته أنت طالق إن ثم وقف عند إن» يعني ثم أمسك ووقف عند كلمة «إن»؛ فتصحف ذلك على الفقهاء لكون السؤال عاريًا عن الضبط والإعجام[7]، وقرؤوا السؤال هكذا: «ما تقول السادة الفقهاء في رجلٍ قال لامرأته: أنت طالق إن تمَّ وقفُ عبدان». واعتقدوه تعليقًا للطلاق على تمامِ وقفِ رجلٍ اسمه عبدان؛ فقالوا: إن تم وقف عبدان؛ طُلِّقَتْ، وإن لم يتم الوقف فلا طلاق. حتى حُمِلت إلى أبي الحسن الكرخي الحنفي، وقيل: إلى أبي مجالد الضرير، فتنبه لحقيقة الأمر فيها، فأجاب على ذلك فاسْتُحسن منه.[8] قال الصيمري: «ويحرص أن يكون كاتبها من أهل العلم، وقد كان بعض الفقهاء ممن له رئاسة لا يفتي إلا في رقعة كتبها رجل بعينه من أهل العلم ببلده».[9] وإذا كنا نتحدث عن أمانة الفتوى؛ فلا شك أن الأمانة صفةٌ يجب أن تتوفر في أمين الفتوى، فيكتب بأمانة ما فهمه من سؤال المستفتين، كما يكتب بأمانة ما أملاه عليه المفتي من إجابات على المسائل.

من أمناء الفتوى حاليًا في دار الإفتاء المصرية عدل

المراجع عدل

  1. ^ المقال منقول من كتاب: د. عماد أحمد هلال: الإفتاء المصري من الصحابي عقبة بن عامر إلى الدكتور علي جمعة (الكتاب بتمويل ورعاية وتوزيع دار الإفتاء المصرية)، طبعة دار الكتب المصرية ودار الإفتاء المصرية، القاهرة، 2010، ج1، ص91- 95 (التمويل المالي للكتاب من دار الإفتاء المصرية والكاتب يأخذ أجر على الكتاب).
  2. ^ "أمين الفتوى - المنصب والوظيفة". مؤرشف من الأصل في 2018-10-12. اطلع عليه بتاريخ 2016-11-16.
  3. ^ الفتاوى الهندية: 3/ 297.
  4. ^ إدوارد فنديك: اكتفاء القنوع بما هو مطبوع، ص 23.
  5. ^ حاجي خليفة: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، طبعة دار الطباعة المصرية، القاهرة، 1274هـ، 2/ 63.
  6. ^ حاجي خليفة: كشف الظنون ، 2/ 32، 63.
  7. ^ الإعجام: وضع النقط فوق الحروف المتشابهة مثل الدال والذال، أو الطاء والظاء؛ ومنع اللبس في أثناء القراءة، حيث كانت الكتابة العربية في بدايتها تُكتب بلا تنقيط إلى أن قام نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني بتنقيط (إعجام) حروف القرآن الكريم. لمزيد من التفاصيل انظر: د. عماد هلال: المخطوط العربي، صناعته ومناهج تحقيقه، ناس للطباعة، القاهرة، 2009م، ص 28 – 32. 
  8. ^ ابن الصلاح: فتاوى ابن الصلاح، 1/90- 91.
  9. ^ ابن الصلاح : الفتاوى، 1/91.

انظر أيضا عدل

مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة
مرصد الإسلاموفوبيا
الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم
مرصد الجاليات المسلمة في العالم

وصلات خارجية عدل